ذكر القاضي أبي عبد الله بن عسكر

وانقرضت مدة ابن هود، وظهرت الدولة النصرية، وهلك ابن زنون على الوجه الذي وقع التبيه عليه. وتقدم أيضاً بمالقة قاضياً أبو عبد الله بن عسكر، وهو محمد بن علي بن خضر بن هارون الغساني. وكان من أهل المعرفة بالأحكام، والقيام على النوازل، إلى الشعر الرائق، والكتب الفائق. وله جملة تواليف، منها المشرع الروي في الحديث؛ والتكميل والإتمام، لكتاب التعريف والإعلام، والمختصر في السلم عن ذهاب البصر، وغير ذلك. ومن شعره:  

ولما انقضت إحدى وخمسون حجة

 

كأني منها ما تذكـرت احـلـم

ترقيت أعلاها لأنظر فـوقـهـا

 

إلى الحتف مني علنـي اسـلـم

إذا هي قد أدنته منـي كـأنـمـا

 

ترقيت فيها نحوه وهـو سـلـم

وله، وقد طرقه هم:  

اصبر لما يعتريك تغنم

 

غنيمتي راحة وأجـر

فإن هم الخطوب لـيل

 

لا بد يجلوه ضوء فجر

ومن مكتوباته في معرض العزاء، مقامة سماها ب رسالة ادخار الصبر، وافتخار القصر والقبر، وهي غريبة في معناها. وبقي بمالقة قاضياً، إلى أن توفي صدر جمادى الآخرة من عام 636؛ ودفن منها بسفح جبل فاره، في روضة مستكتبه القاضي أبي عبد الله بن الحسن تجاوز الله عنهما، وغفر لنا ولهما! ذكره ابن خميس، وابن عبد الملك، وابن الزبير.