ذكر القاضي يحيى بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري

وتقدم بعده الفقيه أبو عامر يحيى بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري، شقيق القاضي بقرطبة أبي سليمان المتقدم الذكر. وكان أبو عامر هذا صدر علماء زمانه بالأندلس، وقدوة رواته. أخذ عن أبي بكر بن الجد، وابن زرقون، وابن بشكوال، وغيرهم. وله تآليف في علم الكلام جليلة، نبيلة. واستمرت ولايته بها، إلى أن نقله أمير المؤمنين الغالب بالله أبو عبد الله بن نصر رحمه الله! إلى قضاء الجماعة بحضرته من غرناطة. وكان من أعلم القضاة عدالة، وصرامة، ونبلاً، وفضلاً. وقد تقدمت الإشارة إلى ما وقع بينه وبين القاضي أبي الوليد بن أبي القاسم بن رشد، من المنافرة والمهاجرة، بسبب إنكاره الأخذ في العلوم القديمة، والركون إلى مذاهب الفلاسفة. وكان أبو عامر ممن قرأ الفقه وأصوله، وعلم الكلام وغيره. أكثر عمره بقرطبة وإشبيلية، ومالقة، وغرناطة. وبقي متولياً خطة القضاء، ومع الأمراء، إلى أن أصابته الزمانة التي أقعدته عن ذلك؛ فعاد إلى مالقة. فلزم بها منزله، إلى أن توفي في شهر بيع الأول من عام 639. ذكره ابن الزبير.