وخلفه في خطة القضاء صاحبه أبو بكر محمد بن فتح بن أحمد الأنصاري الإشبيلي الأشبرون، بعد توليته حسبة السوق والشرطة معاً، لما كان عليه من المضاء والصرامة، والقوة، والاكتفاء. ولبث مولياً ذلك كله وناظراً فيه، إلى وفاة السلطان الغالب بالله أبي عبد لله؛ وكانت وفاته رحمه الله! آخر جمادى الثانية من عام 671! وصار الأمر إلى ولده السلطان الثاني أبي عبد الله أيضاً، المدعو بالفقيه ممهد الدولة النصرية، وبديع مآثرها، ومقيم رسوم الملك فيها فأفرد أبا بكر بالقضاء، وقصر نظره على الأحكام الشرعية؛ فذهب من الشدة في استخلاص الحقوق كل مذهب. وكان مع ذلك حسن الأخلاق، حلو الشمائل، باقياً على طبيعة بلده. ولم ينتقل على حالته، إلى أن توفي، وذلك في حدود عام 698. ذكره القاضي أبو عامر ابن محمد بن ربيع في كتابه؛ فقال فيه: كان فقيهاً عارفاً بالشروط، درياً بالأحكام. وكان يتولى الخطبة بحمراء غرناطة؛ لا أعلمه حدث، إذ لم يكن يشتغل بذلك.