النصوص الواردة في شذا العرف في فن الصرف

الشيخ أحمد الحملاوي

ولد سنة "1273 هجرية - 1856م و أدركته الوفاة فى شهر ربيع الأول سنة 1351 هـ = 26 من يوليه سنة 1932م

النصوص الواردة في شذا العرف في فن الصرف / أحمد ضمن الموضوع ( خطبة الكتاب )

اللهمَّ إنا نحمدُك يا مصرِّف القلوب على مَزيد نعمك، ومترادِف جودك وكرمك، غمرتَنَا بإحسانك، الذى مَصدرُه مجرَّد فضلك، وشملتنا بمُضاعَف نعَمِك وطَوْلك، فسبحانَك تعالتْ صفاتك عن الشبيه والمثال، وتنزهت أفعالك عن النقص والإعلال؛ لا رادَّ لماضى أمرك، ولا وُصول لقدْرِك حقَّ قدرك، ونستمطرك غيثَ صلواتك الهامِية، وتسليماتك الباهرة الباهية، على نبيك إنسان عين الوجود، المشتقّ من ساطع نوره كلُّ موجود، "محمد" المصطفى من خير العالمين نسبًا، وأرفعهم قَدْرًا، وأشرفهم حسبًا، الذى صغَّر بصحيح عزمه جيشَ الجهالة، ومزّق بسالم حَزمه شمْلَ الضلالةِ، وعلى آله مَظاهر الحِكَمِ، وصَحْبهِ مَصادرِ الهِممِ، الذين مَهَّدوا بلفيف جمعهم المقرون بالسّداد، سبيلَ الهُدى ومعالمَ الرَّشادَ.

وبعدُ، فما انتظم عِقدُ علمٍ إلاَّ والصَّرْفُ واسطتُه، ولا ارتفع مَنارُه، إلا وهو قاعدته، إذ هو إحدى دعائم الأدب، وبه تُعرَف سَعة كلام العرب، وتنجلى فرائد مفردات الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وهما الواسطة فى الوصول إلى السعادة الدينية والدنيوية، وكان ممن تطلع لرشف أفاويقه وتَطلَّبَ جمع تفاريقه، طلبة مدرسة "دار العلوم"، فإنهم أحدقوا بى من كل جانب، وكان المطلاب فيهم أكثر من الطالب، فما وَسِعنى إلا أن أحفظ العلم ببذله، وألا أضنَّ به على أهله، فسرَّحت نواظر البحث فى فِجاجِ الكواغد، وبعثتها فى طلب الشوارد، فاقتفت الأثرَ، حتى أتت بالمبتدأ والخبر، ثم جعلتُ أميز الصحيح من العليل. وَأوْدِع ما أقتطفه من ثمار الكثير فى السهل القليل، فجاء بحمد الله كتابًا تروق معانيه، وتطيب مَجانيه، عباراته شافية، وشواهده كافية، فأمعن نظرك فيه، وقل: "ذلكْ فضل الله يؤتيه"، وإن رأيت هفوة فقل طغى القلم، فإن ذلك من دواعى الكرم، وحاشاك أن تكون ممن قيل فيهم:

فإِنْ رَأَوْا هَفْوة طارُوا بها فَرَحاً

***

منّى وما علمِوا من صالح دَفَنُوا

وقد سميته: "شذا العرف، فى فن الصرف".

واللهَ أسأل أن يُلبسه ثوبَ القَبول، وأن ينفع به، إنه أكرم مسئول.

وقد جعلته مرتبًا على مقدمة وثلاثة أبواب:

فالمقدمة: فيما لا بد منه فيه.

والباب الأول: فى الفعل. والثانى: فى الاسم. والثالث: فى أحكام تَعُمُّهما.

النصوص الواردة في ( شذا العرف في فن الصرف / أحمد ) ضمن الموضوع ( مقدمة فى بيان مبادئ علم الصرف )

الصَّرْفُ، ويُقال له: التصريفُ.

هو لغةً: التغييرُ، ومنه {تصريفُ الرياحِ}؛ أى تغييرها.

واصطلاحًا بالمعنى العَمَلىّ: تحويلُ الأَصلِ الواحدِ إلى أمثلةٍ مختلفةٍ، لِمعانٍ مقصودة، لا تحصُل إلا بها، كاسمَىْ الفاعلِ والمفعولِ، واسمِ التفضيلِ، والتثنيةِ والجمعِ، إلى غير ذلك.

وبالمعنى العِلْمِىّ: علمٌ بأصول يُعْرَف بها أحوالُ أبنيةِ الكلمةِ، التى ليست بإعرابٍ ولا بناءٍ.

وموضوعُه: الألفاظُ العربيةُ من حيثُ تلك الأحوالِ، كالصحَّة والإعلالِ، والأصالةِ والزيادةِ، ونحوِها.

ويختصُّ بالأسماءِ المتمكنةِ، والأفعالِ المتصرّفة.

وما ورد من تثنية بعض الأسماء الموصولة وأسماء الإشارة، وجمعها وتصغيرها، فصُورِىّ لا حقيقىّ.

وواضعُه: مُعاذ بن مُسْلِم الهَرَّاء، بتشديد الراء، وقيل سيدنا علىّ كرَّم الله وجهه.

ومسائلُه: قضاياهُ التى تُذكَر فيه صريحا أو ضِمنًا، نحو: كلُّ واو أو ياء تحرَّكت وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا، ونحو: إذا اجتمعت الواو والياء وسُبقت إحداهما بالسكون، قلبت الواو ياء، وأدغمت فى الياء، وهكذا.

وثمرته: صَوْنُ اللسانِ عن الخطأِ فى المفرداتِ، ومراعاةُ قانونِ اللغةِ فى الكتابةِ.

واستمدادُه: من كلامِ الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلامِ العربِ.

وحكمُ الشارعِ فيه: الوجوبُ الكِفائىّ.

والأبنيةُ: جمعُ بناءٍ، وهى هيئةُ الكلمةِ الملحوظةِ، من حركةٍ وسكونٍ: وعددِ حروفٍ، وترتيبٍ.

والكلمةُ: لفظٌ مفردٌ، وضعه الواضعُ ليدلَّ على معنىً، بحيث متى ذُكر ذلك اللفظ، فُهمَ منه ذلك المعنى الموضوع هو له.

النصوص الواردة في ( شذا العرف في فن الصرف / أحمد ) ضمن الموضوع ( تقسيم لكلمة)

تنقسم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف.

فالاسم: ما وُضِع ليدلَّ على معنى مستقلّ بالفهم ليس الزمن جزءًا منه، مثل رجل وكتاب.

والفعل: ما وُضِع ليدل على معنى مستقل بالفهم، والزمن جزء منه، مثل كَتَبَ ويقرأ واحفظ.

والحرف: ما وُضع ليدل على معنى غير مستقلّ بالفهم، مثل هَلْ وفى ولم، ولا دَخْلَ له هنا كما مرّ.

ويختص الاسم بقَبول حرف الجرّ، وأل، وبلحوق التنوين له، وبالإضافة، وبالإسناد إليه، وبالنداء، نحو:

الحمدُ للهِ مُنْشِى الخَلْقَ مِنْ عَدَمِ.

ونحو: "يَا إبْراهيمُ قَدْ صَدَّقْت الرُّوْيَا".

ويختصُّ الفعلُ بقبول قَدْ، والسين، وسوف، والنواصب، والجوازم، وبلحوق تاء الفاعل، وتاء التأنيث الساكنة، ونون التوكيد، وياء المخاطبة له، نحو: "قدْ أفْلَحَ مَنْ تَزكىَّ". "سَنقْرئُك فَلا تَنْسَى". "وَلَسَوْفَ يُعْطَيكَ رَبُّكَ فَترْضَى". "لَنْ تَنالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا ممَّا تُحبُّون". "لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ". "رَبَّنَا وَسِعْت كُلَّ شَىْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً". "قاَلَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزيَكَ أجْرَ مَا سَقَيْت لَنَا". "لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرينَ". "يأَيَّتُهَا النَّفْس المُطْمَئِنَّةُ ارْجِعى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيةً مَرْضِيَّةً".

ويختص الحرف بعدم قَبول شئ من خصائصِ الاسم والفعل.

النصوص الواردة في ( شذا العرف في فن الصرف / أحمد ) ضمن الموضوع ( الميزان الصرفى )

1- لما كان أكثرُ كلماتِ اللغة العربية ثُلاثيًا، اعتبر علماءُ الصرفِ أنَّ أصولَ الكلماتِ ثلاثةُ أحرف، وقابلوها عند الوزن بالفاء والعين واللام، مصوَّرة بصورةِ الموزون، فيقولون فى وزن قَمَر مَثَلاً: فَعَل، بالتحريك، وفى حِمْل: فِعْل بسكر الفاء وسكون العين، وفى كَرُمَ: فَعُلَ، بفتح الفاء وضم العين، وَهلُمَّ جَرَّا، ويُسَمُّون الحرف الأوَّل فاء الكلمة، والثانى عين الكلمة، والثالث لام الكلمة.

2- فإذا زادت الكلمة عن ثلاثة أحرف:

فإن كانت زيادتُها ناشئة من أصل وَضْعِ الكلمة على أربعة أحرف أو خمسة، زدتَ فى الميزان لامًا أَو لامين على أحرف "ف ع ل"، فتقول فى وزن دَحْرَجَ مثلاً: فَعْلَلَ، وفى وزن جَحْمَرِش فَعْلَلِل.

وإن كانت ناشئة من تكرير حرف من أصول الكلمة كَرَّرْتَ ما يقابله فى الميزان، فتقول فى وزن قدَّم مَثلاً، بتشديد العين: فعَّلَ، وفى وزن جَلْبَبَ: فَعْلَلَ، ويقال له: مُضعَّفُ العين أو اللام.

وإن كانت الزيادة ناشئة من زيادة حرف أو أكثر من حروف "سألتمونيها" التى هى حروف الزيادة، قابلتَ الأصول بالأصول، وعَبَّرْتَ عن الزائد بلفظه، فتقول فى وزن قائم، مثَلاً: فاعِل، وفى وزن تقدَّم: تَفَعَّلَ، وفى وزن استخرج: استفْعَل، وفى وزن مجتهد: مُفْتَعِل، وهكذا.

وفيما إذا كان الزائد مبدلا من تاء الافتعال، يُنْطَقُ بها نظرًا إلى الأصل، فيقال مثلا فى وزن اضطراب: افتعل، لا افطعل، وقد أجازه الرضىّ.

3- وإن حصل حذف فى الموزون حُذِف ما يقابله فى الميزان، فتقول فى وزن قُلْ مثلاً: فُلْ: وفى وزن قاضٍ: فاعٍ، وفى وزن عِدَة: عِلَة.
4- وإن حَصَل قلبٌ فى الموزون، حصل أيضا فى الميزان، فيقال مثلاً فى وزن جاه: عَفَل، بتقديم العين على الفاء.

ويُعْرَفُ القلب بأمور خمسة:

الأول: الاشتقاق، كناءَ بالمد، فإن المصدر وهو النَّأى، دليل على أن "ناء" الممدود مقلوب نأى، فيقال: ناء على وزن فَلَعَ، وكما فى جاه، فإن ورُود وَجْه ووُجْهَة، دليل على أن جَاه مَقلوب وَجْه، فيقال: جاه على وزن عَفَل. وكما فى قِسِىّ، فإِن ورود مفرده وهو قَوْس، دليل على أنه مقلوب قُوُوْس، فَقُدِّمت اللام فى موضع العين، فصار قُسُوْوٌ على فُلُوع، فقلبت الواو الثانية ياءً لوقوعها طَرَفا، والواو الأولى؛ لاجتماعها مع الياء وَسَبْق إحداهما بالسكون، وكُسِرت السينُ لمناسبة الياء، وكسرت القافُ لعُسْر الانتقال من ضمٍّ إلى كسر... وكما فى حادِى أيضا، فإن ورود وَحْدة دليلٌ على أنه مقلوب "واحد"، فوزن "حادى": عالف.

الثانى: التصحيح مع وجود مُوجِب الإعلال، كما فى أيِسَ، فإِن تصحيحه مع وجود الموجِب، وهو تحريك الياء وانفتاح ما قبلها، دليل على أنه مقلوب يَئِسَ، فيقال: أيِسَ على وزن عَفِلَ ويُعْرَفُ القلبُ هنا أيضًا بأصله وهو اليَأس.

الثالث: نُدْرَة الاستعمال، كآرام جمع رِئم، وهو الظَّبْى، فإِنّ نُدْرَتَه وكثرة آرام، دليل على أنه مقلوب أرآم، ووزن أرآم: أفعال: فقدِّمت العينُ التى هى الهمزة الثانية، فى موضع الفاء، وسُهِّلَتْ، فصارت آرام، فوزنه: أعْفال. وكذا آراء، فإِنه على وزن أعفال، بدليل مفرده، وهو الرأى.

وقال بعضهم: إن علامة القلب هنا ورودُ الأصل، وهو رئم، ورأى.

الرابع: أن يترتَّب على عدم القلب وجود همزتين فى الطرف؛ وذلك فى كل اسم فاعل من الفعل الأجوف المهموز اللام، كجاء وشاء، فإِن اسم الفاعل منه على وزن فاعل. والقاعدة أنه متى أُعلَّ الفعل بقلب عينه ألفًا، أعِلَّ اسم الفاعل منه، بقلب عينه همزة، فلو لم نقل بتقديم اللام فى موضع العين، لزم أن ننطِق باسم الفاعل من جاء: جائئ، بهمزتين؛ ولذا لزم القول بتقديم اللام على العين، بدون أن تقلب همزة، فتقول: جائئٌ: بوزن فالع، ثم يُعَلّ إعلال قاض فيقال جاءٍ بوزن: فال.

الخامس: أن يترتب على عدم القلب منع الصرف بدون مقتض، كأشياء، فإننا لو لم نقل بقلبها، لزم منع "أفعال" من الصرف بدون مقتض، وقد ورد مصروفًا. قال تعالى: {إنْ هِىَ إلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها}، فنقول: أصل أشياءَ شَيْآء، على وزن فعْلاءَ، قُدِّمَت الهمزة التى هى اللام، فى موضع الفاء، فصار أشياء على وزن لَفْعَاءَ، فَمنعُهَا من الصرف نظرًا إلى الأصل، الذى هو فَعْلاء. ولا شك أن فعلاء من موازين ألف التأنيث الممدودة، فهو ممنوع من الصرف لذلك، وهو المختار.

النصوص الواردة في ( شذا العرف في فن الصرف / أحمد ) ضمن الموضوع ( الباب الأول - فى الفعل ) ضمن العنوان (التقسيم الأول )

التقسيم الأوَّل: إلى ماضٍ ومضارع وأمر.

ينقسم الفعل إلى ماض، ومضارع، وأمر.

فالماضى: ما دلّ على حدوث شئٍ قبل زمن التكلم، نحو: قام، وقعد، وأكل، وشرب. وعلامته أن يقبل تاء الفاعل، نحو: قرأتُ، وتاءَ التأنيث الساكنة، نحو قَرَأتْ هِنْد.

والمضارع: ما دَّل على حدوث شئٍ فى زمن التكلّم أو بعده، نحو يقرأ ويكتب؛ فهو صالح للحال والاستقبال. ويُعَيِّنُه للحال لام الابتداء، و "لا" و ما" النافيتان، نحو" إِنِّى لَيَحْزُنُنِى أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ". "لاَ يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ". "وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً".

ويعينه للاستقبال: السينُ، وَسَوْفَ، وَلَنْ، وَأَنْ، وَإِنْ، نحو: "سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاس مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتىِ كَانُوا عَلَيْهَا". "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"}. "لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ". "وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم". "إنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ".

وعلامته: أن يصح وقوعه بعد "لم"، نحو: "لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولُدْ".

ولا بد أن يكون مبدوءًا بحرف من حروف "أنيت"، وتسمى أحرف المضارعة. فالهمزة: للمتكلم وحده، نحو أنا أقرأ. والنون: له مع غيره أو للمعظِّم نفسَه، نحو نحن نقرأ. والياء: للغائب المذكر وجمع الغائبة، نحو محمد يقرأ والنسوة يقرأن. والتاء: للمخاطب مطلقًا، ومفرد الغائبة ومثناها، نحو أنت تقرأ يا محمد، وأنتما تقرآن، وأنتم تقرءون، وأنتِ يا هند تقرئين، وفاطمة تقرأ، والهندان تقرآن.

والأمر: ما يُطْلَبُ به حصول شئ بعد زمن التكلم، نحو اجتهدْ. وعلامته أن يقبل نون التوكيد، وياء المخاطبة؛ مع دلالته على الطلب.

وأما ما يدلّ على معانى الأفعال ولا يقبل علاماتها، فيقال له اسمُ فِعل، وهو على ثلاثة أقسام:

اسم فعل ماضى: نحو هيْهات وَشَتَّانَ، بمعنى بَعُدض وافترق.

اسم فعل مضارع: كَوَىْ وَأفٌ، بمعنى: أتعجب وأتضجَّر.

اسم فعل أمر: كصَهْ بمعنى: اسكتْ، وآمينَ بمعنى: استجبْ، وهو أكثرها وجودًا.

النصوص الواردة في ( شذا العرف في فن الصرف / أحمد ) ضمن الموضوع ( الباب الأول - فى الفعل ) ضمن العنوان (التقسيم الثاني للفعل )

ينقسم الفعل إلى صحيح، ومعتلّ.

فالصحيح: ما خلت أصوله من أحرف العلّة، وهى الألف، والواو، والياء، نحو: كَتَب وجَلس.

ثم إنّ حرف العلة إن سكن وانفتح ما قبله يسمى لَيِّنا، كثَوْب وسَيْف، فإن جانسه ما قبله من الحركات يسمى مدّاً، كقال يقُول قِيلا؛ فعلى ذلك لا تنفك الألف عن كونها حرف علة، ومدٍّ، ولين؛ لسكوِنها وفتح ما قبلها دائمًا، بخلاف أختيها.

والمعتلّ: ما كان أحد أصوله حرف عِلة، نحو: وجد، وقال، وسعى.

ولكل من الصحيح والمعتل أقسام:

أقسام الصحيح

ينقسم الصحيح إلى سالم، ومضعَّف، ومهموز.

فالسالم: ما سلمت أصوله من أحرف العلة والهمزة، والتضعيف، كضرب ونصر وقعد وجلس، فإِذنْ يكون كل سالم صحيحًا. ولا عَكْس.

والمضعَّف: ويقال له الأصمّ لشدته، ينقسم إلى قسمين:

مضعّف الثلاثىّ ومزيده، ومضعف الرباعىّ. فمضعف الثلاثىّ ومزيده: ما كانت عينه ولامه من جنس واحد، نحو فرّ، ومدّ، وامتدّ، واستمدّ، وهو محل نظر الصرفىّ. ومضعف الرباعىّ: ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس، وعينه ولامه الثانية من جنس،كزلزلَ، وَعَسْعَسَ، وَقَلْقَلَ.

والمهموز: ما كان أحد أصوله همزة، نحو أخذ، وسأل، وقرأ.

أقسام المعتلّ

ينقسم المعتل إلى مثال، وأجوف، وناقص، ولفيف.

فالمثال: ما اعتلت فاؤه، نحو وَعَدَ وَيَسَر، وسُمِّى بذلك لأنه يماثل الصحيح فى عدم إعلال ماضيه.

والأجوف: ما اعتلت عينه، نحو قال وباع. وسمى بذلك لخلوّ جوفه؛ أى وسطه من الحرف الصحيح. ويسمى أيضًا ذا الثلاثة؛ لأنه عند إسناده لتاء الفاعل، يصير معها على ثلاثة أحرفٍ، كقُلتُ وبعت، فى قال وباع.

والناقص: ما اعتلّت لامه، نحو غزا ورمى. وسُمِّىَ بذلك لنقصانه، بحذف آخره فى بعض التصاريف، كغَزَتْ وَرَمَت. ويسمى أيضًا ذا الأربعة؛ لأنه عند إسناده لتاء الفاعل يصير معها على أربعة أحرف، نحو غَزَرْتُ وَرَمَيْتُ.

واللفيف قسمان:

مَفْروق: وهو ما اعتلت فاؤه ولامه، نحو وفى ووقى. وسُمِّى بذلك لكون الحرف الصحيح فارقًا بين حرفَىْ العلة.

ومَقْرون: وهو ما اعتلت عينُه ولامُه، نحو طَوَى وَرَوَى. وسُمِّى بذلك لاقتران حرفَى العلة بعضهما ببعض.

وهذه التقاسيم التى جرت فى الفعل، تجرى أيضا فى الاسم، نحو شْمس، ووجه، وَيُمْن، وقَوْل، وسيف، ودلو، وظَبْى، وَوَحْى، وَجَوّ، وَحَىّ، وَأمْر، وبئر، ونبأ، وَجَدّ، وبلبل.

النصوص الواردة في ( شذا العرف في فن الصرف / أحمد ) ضمن الموضوع ( الباب الأول - فى الفعل ) ضمن العنوان (التقسيم الثالث للفعل: بحسب التجرُّد والزيادة وتقسيم كلّ )

ينقسم الفعل إلى: مجرَّد ومزيد.

فالمجرد: ما كانت جميع حروفه أصلية، لا يسقط حرف منها فى تصاريف الكلمة بغير علَّة.

والمزيد: ما زِيد فيه حرف أو أكثر على حروفه الأصلية.

والمجرد قسمان: ثُلاثىّ ورباعىّ.

والمزيد قسمان: مَزيد الثلاثىّ، ومزيد الرباعىّ.

[المجرد الثلاثى]

أما الثلاثىّ المجرد: فله باعتبار ماضيه فقط ثلاثة أبواب؛ لأنه دائمًا مفتوح الفاء، وعينه إما أن تكون مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة، نحو: نصَرَ وَضَرَبَ وَفَتحَ، ونحو: كَرُم، ونحو: فَرِح وحَسِب.

وباعتبار الماضى مع المضارع له ستة أبواب؛ لأن عين المضارع إما مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة، وثلاثة فى ثلاثة بتسعة، يمتنع كسر العين فى الماضى مع ضمها فى المضارع، ويمتنع ضم العين فى الماضى مع كسرها أو فتحها فى المضارع، فإذن تكون أبواب الثلاثى ستة.

الباب الأول: فَعَل يَفْعُل

بفتح العين فى الماضى وضمها فى المضارع، كَنَصَرَ يَنْصُر، وقَعَدَ يَقْعُدُ وَأَخَذَ يَأْخُذُ، وَبَرَأَ يَبْرُؤ، وقال يقُول، وَغَزَ يَغْزُو، ومَرَّ يَمُرُّ.

الباب الثانى: فَعَل يَفْعِل

بفتح العين فى الماضى وكسرها فى المضارع، كضَرَبَ يَضْرِب، وَجَلَسَ يَجْلِسُ، وَوَعَدَ يعد، وباع يبيع، ورمَى يرمِى، ووَقى يقِى، وَطَوَى يطْوِى، وفرَّ يفِرُّ، وأتى يأتى، وجاء يجئ، وأبَر النخل يأبِره، وَهَنَأ يَهْنِئ، وَأَوَى يَأوِى، وَوَأَى يَئ، بمعنى وعد.
الباب الثالث: فَعَل يَفْعَل

بالفتح فيهما، كفتح يفتَح، وذهَب يذهَب، وَسعَى يسعَى، وَوَضَع يضَع، وَيفَع يَيْفَعُ، وَوَهَل يَوْهَل، وَأَلَهَ يألَه، وَسأَل يَسأل، وَقَرَأ يَقْرَأ.

وكل ما كانت عينه مفتوحة فى الماضى والمضارع، فهو حَلْقى العين أو اللام وليس كل ما كان حلقيًا كان مفتوحًا فيهما. وحروف الحلق ستة: الهمزة والهاء والحاء والخاء والعين والغين.

وما جاء من هذا الباب بدون حرف حَلْقىّ فشاذّ، كأَبَى يأْبَى، وَهلَكَ يهْلَك، فى إحدى لغتيه، أو مِن تداخل اللغات، كركَن يرْكَن، وَقَلَى يقْلَى: غير فصيح. وَبَقى يبقَى: لغة طِّيئ، والأصل كسر العين فى الماضى، ولكنهم قلبوه فتحة تخفيفًا، وهذا قياس عندهم.

الباب الرابع: فَعِل يَفْعَل

بكسر العين فى الماضى، وفتحها فى المضارع، كفرِحَ يفرَح، وعلِم يَعلَم، وَوَجِل يوْجَل، وَيَبِسَ يَيْبَس، وخاف يَخاف، وهاب يَهاب، وغَيِد يَغْيَد، وَعَوِر يَعْوَر، ورَضِىَ يرضىَ، وَقَوِىَ يَقْوَى، وَوَجِىَ يوْجَى، وَعَضَّ يَعَضّ وأمِنَ يأمَن، وَسَئِمَ يَسْأم، وصَدِئ يَصْدأ.

ويأتى من هذا الباب الأفعال الدالّة على الفرح وتوابعه، والامتلاء وَالخُلْوّ، والألوان والعيوب، والخلق الظاهرة، التى تذكر لتحلية الإنسان فى الغَزَل: كفرِح وطرِبَ، وبَطِر وَأَشِر، وَغَضِب وَحزِن، وكشبع وَرَوِىَ وَسكِر، وكعطِش وظمِئ، وصَدِىَ وَهَيِم، وكحَمِر وسَودَ، وكَعوِرَ وَعَمِشَ وجَهِرَ، وكغَيِدَ وَهَيِفَ وَلَمِىَ.

الباب الخامس: فَعُل يَفْعُلُ

بضم العين فيهما، كشَرُفَ يَشْرُفُ وحَسُنَ يَحْسُنُ، ووَسُمَ يَوْسُمُ، وَيمُنَ يَيْمُنُ، وأَسُلَ يَأْسُلُ، ولَؤُمَ يَلْؤُمُ، وجَرُؤَ يَجْرُؤُ، وسَرُوَ يَسْرُو.

ولم يرد من هذا الباب يائىَّ العين إلا لفظة هَيُؤَ: صار ذا هيئة. ولا يائىَّ اللام وهو متصرف إلا نَهُوَ، من النُّهْية بمعنى العقل، ولا مُضَعَّفًا إلا قليلاً، كشَرُرْت مُثَلَّثَ الراء، ولَبُبْت، بضم العين وكسرها، والمضارع تَلَبُّ بفتح العين لا غير.

وهذا الباب للأوصاف الخِلْقية، وهى التى لها مُكْث.

ولك أن تحوِّل كل فعل ثلاثىّ إلى هذا الباب، للدلالة على أن معناه صار كالغريزة فى صاحبه. وربما استعملت أفعال هذا الباب للتعجُّب، فتنسلخ عن الحدَث.

الباب السادس: فَعِل يَفْعِل

بالكسر فيها، كحسِب يحسِب، ونِعم ينعِم. وهو قليل فى الصحيح، كثير فى المعتلّ، كما سيأتى:

تنبيهات

الأول: كل أفعال هذه الأبواب تكون متعدية، ولازمة، إلا أفعال الباب الخامس، فلا تكون إلا لازمة. وأما "رَحُبَتْك الدارُ" فعلى التوسع، والأصل رَحُبَتْ بك الدارُ، والأبواب الثلاثة الأولى تسمى دعائم الأبواب، وهى فى الكثرة على ذلك الترتيب.

الثانى: أن فَعَل المفتوح العين، إن كان أوَّله همزة أو واوًا، فالغالب أنه من باب ضرب، كأسَر، يأسِر وأتَى، يأتِى ووعد يعِد، ووزَن يزِن. ومن غير الغالب: أخَذ وأكل ووَهَل.

وإن كان مُضاعفاً فالغالب أنه من باب نصر، إن كان متعدّيا، كمَدّه يَمُدُّه، وصدّه يصُدُّه.

ومن باب ضرب، إن كان لازما، كخَفَّ يخِفُّ، وشذّ يشِذُّ، بالذال المعجمة.

الثالث: مما تقدم من الأمثلة تعلم:

1- أن المضاعَف: يجئ من ثلاثة أبواب: من باب نَصَر، وضَرَب، وفَرِحَ، نحو سرَّه يسرُّه، وفرَّ يفِرُّ، وعضَّهُ يعَضُّه.

2- ومهموز الفاء: يجئ من خمسة أبواب: من باب نصر، وضرب، وفتح، وفرِح، وشَرُف، نحو: أخذ يأخُذ، وأسَرَ يأسِر، وأَهَب يأهَبُ، وأمِنَ يأَمَن، وأسُل يأسُل.

3- ومهموز العين: يجئ من أربعة أبواب: من باب ضرب، وفتح، وفرح، وشَرُف، نحو: وأى يَئى، وسأل يسأل، وسئِمَ يسأم، ولَؤُم يَلْؤُم.

4- ومهموز اللام: يجئ من خمسة أبواب: من باب نصر، وضرب، وفتح، وفرح، وشَرُف، نحو: بَرَأَ يبرُؤ، وهَنَأ يهنئ، وقرَأ يقرَأ، وصدئ يَصْدَأ، وجرُؤ ويجرُؤ.

5- والمثال يجئ من خمسة أبواب: من باب ضرب، وفتح، وفرح، وشَرُف، وحسِب، نحو: وعَد يعِد، ووَهِل يَوْهَل، وَوَجِل يَوْجَل، وَوَسُم يوسُم، وَوَرِث يرِث. وقد ورد من باب نصر لفظة واحدة فى لغة عامرية وهى وَجَدَ يَجُد. قال جرير:

لو شِئْتِ قد نَقَعَ الفؤادُ بشَرْبَةٍ

***

تَدَعُ الحوَائِمَ لا يَجِدْنَ غَلِيلا

رُوِىَ بضم الجيم وكسرها. يقول لمحبوبته: لو شئت قد رَوِى الفؤادُ بشرية من ريقك، تترك الحوَائِمَ، أى العِطاش، لا يَجِدن حرارة العطش.

6- والأجوف: يجئ من ثلاثة أبواب: من باب نَصَر، وضرب، وفرِح، نحو: قال يقول: وباع يبيع، وخاف يخاف، وَغَيِد يَغْيَد، وعَوِرَ يَعوَر، إلا أن شرطه أن يكون فى الباب الأول واويّا، وفى الثانى يائيًا، وفى الثالث مطلقًا، وجاء طال يطول فقط من باب شرُف.

7- والناقص: يجئ من خمسة أبواب: من باب نصر، وضرب، وفتح، وفرح، وشرف. نحو: دعا، ورمى، وسعَى، ورضىَ، وسرُوَ. ويشترط فى الناقص من الباب الأول والثانى، ما اشترط فى الأجوف منهما.

8- واللفيف المفروق: يجئ من ثلاثة أبواب: من باب ضرب، وفرح، وحسب. نحو: وَفَى يفِى، ووجِىَ يَوْجَى، وولِىَ يَلِى.

9- واللفيف المقرون: يجئ من بابى ضرب، وفرح. نحو: روَى يرْوِى، وقوِىَ يقْوَى، ولم يرد يائىّ العين واللام إلا فى كلمتين من باب فرح، هما عَيِىَ، وَحَيِىَ.

الرابع: الفعل الأجوف، إن كان بالألف فى الماضى، وبالواو فى المضارع، فهو من باب نصر، كقال يقول، ما عدا طال يطول، فإِنه من باب شرُف. وإن كان بالألف فى الماضى وبالياء فى المضارع، فهو من باب ضرب كباع يبيع. وإن كان بالألف أو بالياء أو بالواو فيهما، فهو من باب فرح، كخاف يخاف، وغَيد يَغْيَد، وعور يَعوَر.

والناقص إن كان بالألف فى الماضى وبالواو فى المضارع، فهو من باب نصر، كدعا يدعو.

وإن كان بالألف فى الماضى وبالياء فى المضارع، فهو من باب ضرب، كرمى يرمى.

وإن كان بالألف فيهما، فهو من باب فتح، كسعَى يسعَى.

وإن كان بالواو فيهما، فهو من باب شَرُف كسَرُوَ ويسرُو.

وإن كان بالياء فيهما، فهو من باب حسِب، كولىِ يلِى.

وإن كان بالياء فى الماضى وبالأَلف فى المضارع، فهو من باب فرح، كرضِىَ يرضَى.

الخامس: لم يرد فى اللغة ما يجب كسر عينه فى الماضى والمضارع إلا ثلاثََة عَشَرَ فعلاً، وهى: وثِقَ به، ووجِد عليه؛ أى حزِن، وورِث المال، وورِع عن الشبهات، وورِك؛ أى اضطجع، وورِم الجُرح، ووَرِىَ المخ؛ أى اكتنز، ووَعِق عليه؛ أى عَجِل، ووَفِق أمرَه؛ أى صادفه موافقًا، ووقِه له؛ أى سمع، ووكِم؛ أى اغتمَّ، وولِىَ الأمرَ، ووَمِقَ؛ أى أحبّ.

وورَد أحد عشر فعلا، تُكْسَر عينها فى الماضى، ويجوز الكسر والفتح فى المضارع، وهى بَئِس، بالباء الموحدة، وحسِب، وَوَبِق؛ أى هلك، وَوَحِمتِ الحُبْلَى، ووحِرَ صدرُهُ، وَوَغِر؛ أَى اغتاظ فيهما، وولِغَ الكلب، وولِه، ووهِلَ اضطرب فيهما، ويَئِسَ منه، ويبِسَ الغصن.

السادس: كون الثلاثى على وزن معين من الأَوزان الستة المتقدمة سماعىّ، فلا يعتمد فى معرفتها على قاعدة، غير أنه يمكن تقريبه بمراعاة هذه الضوابط، ويجب فيه مراعاة صورة الماضى والمضارع معًا، لمخالفة صورة المضارع للماضى الواحد كما رأيت، وفى غيره تراعى صورة الماضى فقط؛ لأن لكل ماض مضارعًا لا تختلف صورته فيه.

السابع: ما بُنِى من الأفعال مطلقًا للدلالة على الغلبة فى المفاخرة، فقياس مضارعة ضمُّ عينُه، كَسَابَقَنِى زيد ٌفسبقتُه، فأنا أسبقُهُ، ما لم يكن وَاوِىَّ الفاء، أو يائىّ العين أو اللام، فقياس مضارعه كسر عينه، كواثبته فَوَثَبْتُه، فأنا أثِبه، وبايعته فبِعته، فأنا أبيعه، وراميته فرمَيْته، فأنا أرمِيه.

أوزان الرباعىِّ المجرَّد وملحقاته

للرباعىّ المجرَّد وزن واحد، وهو فعلل، كدحرج يدحرج، وَدَرْبَخ يدربخ. ومنه أفعال نحتتها العرب من مركبات، فتحفظ ولا يقاس عليها، كبسمَلَ: إذا قال: بسم الله، وحوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إِلا بالله، وطَلْبَق إذا قال: أطال الله بقاءك، ودَمْعَزَ إذا قال: أدام الله عزك، وجَعْفَل إذا قال: جعلنى الله فداءك.

ومحلقاته سبعة:

الأول: فَعْلَلَ، كجلبَبَه؛ أى ألبسه الجلباب.
الثانى: فوْعل، كجوربه؛ أى ألبسه الجَوْرب.
الثالث: فعْوَل، كرَهْوَك فى مِشيته؛ أى أسرع.
الرابع: فَيْعَل، كَبَيْطرَ؛ أى أصلح الدواب.
الخامس: فعْيَلَ، كشَرْيَفَ الزرعَ. قطع شِريافه.
السادس: فعْلَى، كَسَلْقَى: إذا استلقى على ظهره.
السابع: فعنَلَ، كقلنسه: ألبسه القلنسوة.

والإلحاق: أن تزيد فى البناء زيادة، لتلحقه بآخرَ أكثر منه، فيتصرف تصرفه.

أوزان الثلاثىِّ المزيد فيه

الفعل الثلاثىّ المزيد فيه ثلاثة أقسام؛ ما زيد فيه حرف واحد، وما زيد فيه حرفان، وما زيد فيه ثلاثة أحرف. فغاية ما يبلغ الفعل بالزيادة ستة، بخلاف الاسم، فإنه يبلغ بالزيادة سبعة؛ لِثقل الفعل، وخِفة الاسم، كما سيأتى.

فالذى زيد فيه حرف واحد، يأتى على ثلاثة أوزان:

الأول: أَفْعَل، كأكرم وأولَى، وأعطى، وأقام، وآتى، وآمن، وأقرّ.
الثانى: فاعَلَ، كقاتل، وآخذ، ووالى.
الثالث: فَعَّلَ بالتضعيف، كفرَّح، وزكىَّ، وَوَلَّى، وَبرَّأ.

والذي زيد فيه حرفان يأتى على خمسة أوزان:

الأول: انفعَلَ، كانكسر، وانشقّ، وانقاد، وانمحى.
الثانى: افتعلَ، كاجتمع، واشتقّ، واختار، وادَّعَى، واتصل، واتقى، واصطبر، واضطرب.
الثالث: افْعَلَّ كاحمرَّ، واصفرَّ، واعورَّ. وهذا الوزْن يكون غالبًا فى الألوان والعيوب، وندر فى غيرهما، نحو: ارْفَضّ عَرَقا، واخضلَّ الروضُ، ومنه ارْعَوَى.
الرابع: تفعَّلَ، كتعلَّم وتزكّى، ومنه اذّكر واطَّهَّر.
الخامس: تَفاعَلَ كتباعَدَ وتَشاوَرَ، ومنه تبارك وتعالى، وكذا اثَّاقل، وادَّارك.

والذى زيد فيه ثلاثة أحرف يأتى على أربعة أوزان:

الأول: استفعلَ، كاستخرج، واستقام.
الثانى: افْعَوعَلَ، كاغدودَنَ الشعر: إذا طال، واعشوشب المكان: إذا كثر عُشْبه.
الثالث: افْعَالّ كاحمارّ واشهابّ: قَوِيَت حُمرته وشُهْبته.
الرابع: افْعَوَّلَ كاجلوَّذ: إذا أسرع، واعلَوَّطَ: أى تعلق بعنق البعير فركبه.

أوزان الرباعىِّ المَزِيد فيه وملحقاته

ينقسم الرباعىّ المزيد فيه إلى قسمين: ما زيد فيه حرف واحد، وما زيد فيه حرفان، فالذى زيد فيه حرف واحد ووزن واحد، وهو تفَعللَ كتدحرجَ.

والذى زيد فيه حرفان وزنان:

الأول: افعنلَلَ كاحرنجم.
الثانى: افعلَلَّ كاقشعرّ، واطمأنَّ.

والملحق بما زيد فيه حرف واحد يأتى على ستة أوزان:

الأول: تفعلَلَ، كتجَلببَ.
الثانى: تفعولَ، كترْهَوَك.
الثالث: تُفَيْعَل، كتشيطَنَ.
الرابع: تَفَوْعَل، كتجوْربَ.
الخامس: تَمَفْعَل، كتمسكنَ.
السادس: تَفَعْلَى، كتسلقى.

والملحق بما زيد فيه حرفان، وزنان:

الأول: افعنلَلَ، كاقعنسَسَ.
والثانى: افعنلَى، كاستلقى.

والفرق بن وزْنَىِ احرنجمَ واقعنسَس، أن اقعنسَسَ إحدى لاميه زائدة للإلحاق، بخلاف احرنجم، فإنهما فيه أصليتان.

تنبيهان:

الأول: ظهر لك مما تقدم أن الفعل باعتبار مادته أربعة أقسام: ثُلاثىّ، ورُباعىَ، وخُماسىّ، وسُداسى. وباعتبار هيئته الحاصلة من الحركات والسَّكَنات: سبعة وثلاثون بابًا.

الثانى: لا يلزم فى كل مجرَّد أن يستعمل له مَزِيد، ولا فى كل مَزِيد أن يستعمل له مُجَرَّد، ولا فيما استُعْمِل فيه بعضُ المَزيدات، أن يستعمل فيه البعضُ الرابع الآخر، بل المَدار فى كل ذلك على السَّماع. ويُسْتثنى من ذلك الثلاثىّ اللازم، فتطرد زيادة الهمزة فى أوله للتعدية، فيقال فى ذهب: أذهب، وفى خرج: أخرج.