خاتمة تشتمل على عدة مسائل

الشيخ أحمد الحملاوي

ولد سنة "1273 هجرية - 1856م و أدركته الوفاة فى شهر ربيع الأول سنة 1351 هـ = 26 من يوليه سنة 1932م

خاتمة تشتمل على عدة مسائل

الأولى: يجوز تعويض ياءً قبل الطَّرف مما حذف، سواء كان المحذوف أصلاً أو زائدًا. فتقول فى سفَرْجَل وَمُنْطَلِق: سفاريج وَمَطاليق. وأجاز الكوفيون زيادتها فى مماثل مَفَاعِل. وحذفها من مماثل مفاعيل، فتقول فى جَعافر: جعافير وفى عصافير: عصافِر. ومن الأول: "وَلَوْ ألْقَى مَعَاذِيرَه" ومن الثانى: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ". وأما فَوَاعل فلا يقال فيه: فواعيل إلا شذوذًا كقول زهير بن أبى سُلمى: سَوَابِيغُ بِيضٌ لا يُخَرِّقُهَا النَّبْلُ

الثانية: كلّ ما جرى على الفعل: مِن اسَمىْ الفاعل والمفعول، وأوله ميم، فبابه التصحيح ولا يُكَسَّر، لمشابهته الفعل لفظًا ومعنى، وجاءَ شذوذًا فى اسم مفعول الثلاثى من نحو ملعون، وميمون، ومَشْئوم، ومكْسور، وَمَسلوخة: ملاعين، وميامين، ومشائيم، ومكاسير، ومَسَاليخ. وجاء أيضًا فى مُفْعِل. بضم الميمْ وكسر العين من المذكر، كمُوسِر وَمُفْطِر: مياسيرُ ومفاطِير، كما جاء فى مُفْعَل بفتح العين كمنكَر: مناكِير.

وأما إذا كان مُفْعِل بكسر العين، مختصًا بالإناث، فإنه يُكَسَّر كمُرْضِع وَمَرَاضِع.

الثالثة: قد تدعُو الحاجة إلى جَمْع الجمع، كما تدعو إلى تثنيته، فكما يقال فى جماعتين من الجمال أو البيوت جِمالان وبَيُوتان. تقول أيضًا فى جماعات منها: جمالات وبَيُوتات. ومنه "كَأنَّهُ جِمالاَتٌ صُفْر" وإذا قصِد تكسير مُكسَّر نظر إلى ما يشاكله من الآحاد، فكيسَّر بمثل تكسيره، كقولهم فى أعْبُد: أعابد، وفى أسلحة: أسالح، وفى أقوال: أقاوِيل، شَبَّهوها بأسْود وأساودِ، وأجْرِدة وأجارد، وإعصار وأعاصير، وقالوا فى مُصْران جمع مَصِير: مَصَارِينُ. وفى غِرْبان: غَرَابِينُ. تشبيهًا بسلاطين وسَراحين. وما كان على زِنة مَفاعل أو مفاعيل، فإنه لا يُكَسَّر لأنه لا نظير له فى الآحاد، حتى يُحْمَل عليه، ولكنه قد يُجْمَع تصحيحًا، كقولهم فى نَوَاكِس وأيامِن: نواكِسُون وأيامنون، وفى خرائد وصواحِب: خَرَائِدَات وَصَواحبات، ومنه "إنكُنَّ لأنتنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُف".

الرابعة: قد تلحق التاء صيغة منتهى الجموع: إما عِوّضًا عن الياء المحذوفة، كقنادِلة فى قناديل، وإما للدلالة على أن الْجمع للمنسوب لا للمنسوب إليه، كأشاعثَة وأزارقة ومَهالبة، فى جمع أشعثىّ وأزرقىّ ومُهَلَّبىّ، نسبة إلى أشعَث وازرقَ وَمُهلَّبَ، وإما لإلحاق الجمع بالمفرد، كصيارفة وصياقلة، جمع صيْرَفٍ وَصيْقَل، لإِلحاقهما بطواعية وكراهية، وبها يصير الجمع منصرفًا بعد أن كان ممنوعًا من الصرف. وربما تلحق التاءُ بعضَ صيغ الجموع لتأكيد التأنيث اللاحق له كحجارة وعُمومة وخُئولة.

الخامسة: المركبات الإضافية التى جُعلت أعلامًا تُجمع أجزاؤها الأوَلُ كما تُثَّنى، فتقول: عبْدَا الله وعبْدَان لله وعِباد الله، وَذَوو القَعْدة والحِجَّة، وأذْوَاء أو ذوات. وما كان كابن عِرس وابن آوَى وابنِ لَبُون، يقال فى جمعه: بنات عِرس، وبنات آوى، وبنات لَبُون. والمركبات المَزْجِية، والمركبات الإسنادية، والمثنى، والجمع، إذا جعلت أعلامًا لا تُثَنَّى ولا تجمع، بل يُؤْتَى بذو مثناةً أو مجموعة، بحسب الحاجة، فتقول: ذَوَا بَعْلَبَكَّ أو أذْواء سِيبَوَيْه وذوو سِيبَويَه وذَوو زَيْدِين.

السادسة: مما تقدم علمتَ أن للجمع صيغًا مخصوصة، وقد يدُلُّ على معنى الجمعية سواها، ويسمى اسم الجمع، أو اسم الجنس الجمعىّ.

والفرق بين الثلاثة، مع اشتراكها فى الدلالة على ما فوق الاثنين: أن اسم الجنس الجمعىّ: هو ما يتميز عن واحده: إما بالياء فى الواحد، نحو رومىّ ورُوم، وتُرْكَىّ وتُرْك، وزَنجىّ وزَنِج، وإما بالتاء فى الواحد غالبًا، ولم يلتزم تأنيثه نحو تمرة وتمر، وكلمة وكلم، وشجرة وشجر، ويقل كونها فى غير الواحد. والمحفوظ منه جَبْأة وكَمْأة: لجنس الجَبْءِ، والكَمْءِ. وبعضهم يجعل الواحد منها ذا التاء على القياس، فإن التُزِمَ تأنيثه بأن عُومِل معاملة المؤنث فَجَمْع، كَتُخَم وتُهَم، فى تُخَمة وتُهمَة، إذ تقول: هى أو هذه تُخَمٌ وَتُهَمٌ.

وأن اسم الَجمع ما لا واحد له من لفظه، وليس على وزن خاص بالْجموع أو غالب فيها، كقوم ورهط، أوْ لهُ واحد لكنه مخالف لأوزان الْجمع، كركْب وصَحْب، جمع راكب وصاحب، وكغَزِىّ. بوزن غَنِىّ: اسم جمع غازٍ، أوْ له واحد وهو موافق لها، لكنه مساوٍ للواحد فى النسب إليه: نحو رِكاب، على وزن رِجال، اسم جمع ركوبة، تقول فى النسب إليه: رِكابىّ، والجمع كما سيأتى لا يُنْسَبُ إليه على لفظه إلا إذا جرى مجرى الأعلام، أو أُهْمِل واحده، وهذا ليس واحدًا منهما، فليس بجمع.

وأن الْجمع ما عدا ذلك، سواء كان له واحد من لفظه كرجال، أو لم يكن، وهو على وزن خاص بالْجموع، كأبابيل: لجماعات الطير، وعَباديد: للفِرَق من الناس والخيل، أو غالب فى الْجمع كأعراب، فإنه جمع واحدُهُ مُقَدَّرٌ.

وسواء توافق المفرد والْجمع فى الهيئة، كفُلْك وإمام، "وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَاماً" أوْ لا، كأفراس جَمْع فَرَس.

وعندهم اسم جنس إفرادىّ، وهو ما يصدُق على القليل والكثير، كعسل ولبن وماء وتراب.

التصغير

وهو لغة: التقليل، واصطلاحا: تغيير مخصوص يأتى بيانه، وقد سبق أنه من الملحق بالمشتقات؛ لأنه وصف فى المعنى.
وفوائده: تقليل ذات الشئ أو كميته، نحو: كليب ودريهمات. وتحقير شأنه، نحو: رُجَيل. وتقريب زمانه أو مكانه، نحو: قُبَيل العصر، وبُعَيد المغرب، وفُوَيق الفَرْسخ، وتُحَيْتَ البَرِيد. أو تقريب مَنزلته نحو صُدَيِّقى أو تعظيمه نحو قول أوْس بنِ حَجَر:

فَوَيْقَ جُبَيْلٍ شامخِ الرَّأس لم تكُن

***

لِتبْلُغَهُ حتَّى تَكِلَّ وَتَعْمَلاَ

وزاد بعضهم التمليح نحو: بُنَية وحُبيب، فى بنت وحبيب، وكلها ترجع للتحقير والتقليل.
وشرط المصغر:
1- أن يكون اسمًا، فلا يصغر الفعل ولا الحرف، وشذ قوله:

يا ما أميْلِحَ غِزْلانَا شَدَنَّ لنَا

***

مِن هَؤْليَّاءِ بَيْنَ الضَّالِ والسَّلَمِ

2- وألاَّ يكون متوغلا فى شبه الحرف، فلا تصغر المضْمَرات ولا المُبْهمَات، ولا مَنْ وكيْفَ ونحوهما، وتصغيرهم لبعض الموصولات وأسماء الإشارة شاذّ، كما سيأتى.
3- وأن يكون خاليًا من صيغ التصغير وشبهها فلا يصغّر نحو كُمَيت وَشُعَيب؛ لأنه على صيغته، ولا نحو مُهَيْمِن وَمُسَيْطِر؛ لأنهما على صيغة تشبهه.
4- وأن يكون قابلا للتصغير، فلا تصغر الأسماء المعظمة كأسماء الله تعالى وأنبيائه وملائكته، وعظيم وجسيم، ولا جمع الكثرة، ولا كلّ وبعض، ولا أسماء الشهور والأسبوع على رأى سيبويه.

وأبنيته ثلاثة: فُعَيل، وفُعَيْعِل، وفُعَيْعِيل، كفُلَيْس، وَدُرَيْهم، وَدُنَيْنِير، وضع هذه الأمثلة الخليل. وقال: عليها بُنِيت معاملة الناس.
والوزن بها اصطلاح خاص بهذا الباب، لأجل التقريب، وليس على الميزان الصرفىّ، ألا ترى أن نحو أحَيْمِر وَمُكَيْرم وَسُفَيرج: وزنها الصرفى أفَيْعِل، وَمُفَيْعل، وَفُعَيْلِل، وأما التصغير فهو فُعَيْعل فى الجميع.
والأصل فى تلك الأبنية "فُعَيْل" وهو خاص بالثلاثىّ، ولا بد من ضم الأوّل ولو تقديرًا، وفتح ثانيه، واجتلاب ياء ثالثة ساكنة، تسمَّى ياء التصغير.
وَيُقْتَصر فى الثلاثى على تلك الأعمال الثلاثة، فليس نحو لُغَيْرىّ: للّعز، وَزُمَّيل للجبان تصغيراً، لسكون ثانيهما، وكون الياء ليست ثالثة.

وإن كان المصغر متجاوزًا الثلاثة احتيج إلى زيادة عمل رابع، وهو كسر ما بعد ياء التصغير، وهو بناء "فُعَيْعِل" كجعيفِر فى جعفر.

ثم إن كان بعد المكسور حرف لِين قبل الآخِر: فإن كان ياء بقى كقنديل، فتقول فيه قُنَيْديِل، وإلاّ قلب إليها، كمصيبيح وعُصيفير. فى مصباح وعصفور، وهو بناء "فُعَيْعِيل".

ويُتَوَصَّل إلى هذين البناءين بما تُوُصَّل به إلى بناء فَعالِل وفَعاليل فى التكثير من الحذف وجوبًا، أو تخييرًا، فتقول فى سفرجَل وفَرزدق، ومستخرج، وألندد، ويلندد، وحَيزبون: سُفَيْرِج، وفُريزِد أَوفُريزِق، ومُخَيْرِج، وألَيَّد، وَيُلَيِّد، وحُزيبين. وفى سرندى، وعلندى، سُريْنِد وعُليْند، أو سُرَيْد وَعُلَيْدٍ، مع إعلالهما إعلال قاضٍ.

وكما جاز فى التكسير تعويضُ ياء قبل الآخِر مما حُذِف، يجوز هنا أيضًا، فتقول: سُفِيرج وسفيريج، كما قلت فى التكسير: سَفَارِج وسفَاريج، ولا يمكن زيادتها فى تكسيرِ وتصغيرِ نحو احرنجام مصدر احرنجم؛ لاشتغال محلها بالياء المنقلبة عن الألف فى المفرد.

وما جاء فى بابى التصغير والتكسير مخالفاً لما سبق فشّاذٌ، مثاله فى التكسير جمعهم مكانًا على أمكن، ورهْطًا وكُراعًا على أراهط وأكارع، وباطلا وحديثًا على أباطيل وأحاديث، والقياس: أمْكِنة، وأرْهُط أو رُهُوط، وأكرعة، وبواطل، وأحدثة. ومثاله فى التصغير تصغيرهم مَغْرِبا وعشاء على مُغَيْرِبان وعُشَيّان، وإنسانًا وَلَيْلَة، على أنَيْسِيان ولُيَيْلِيَة، ورَجُلا على رُوَيْجل، وصِبْية وَغِلْمة وَبَنون على أصَيْبِية، وأغيلمة، وَأبَيْنون، وعَشية على عُشَيْشية، والقياس: مُغَيْرب، وعُشَىّ، وأُنَيْسين، ولُيَيْلة، وَرُجَيل، وصُبَية، وغُلَيْمة، وبَنُيُّون وَعُشَيّة. وقيل إن هذه الألفاظ مما استغنى فيها بتكسيرٍ وتصغير مهمل، عن تكسيرٍ وتصغيرٍ مستعمَل.

ويستثنى من كسر ما بعد ياء التصغير، فيما تجاوز الثلاثة: ما قبل علامة التأنيث كشجرة وحُبْلى، وما قبل المَدَّة الزائدة قبل ألف التأنيث كحمراء، وما قبل ألف أفعال، كأجمال وأفراس، وما قبل ألف فَعْلان الذى لا يُجمع على فعالين، كسكران وعثمان، فيجب فى هذه المسائل بقاء ما بعد ياء التصغير على فتحه للخفة، ولبقاء ألِفَىْ التأنيث وما يشبههما فى منع الصرف، وللمحافظة على الجمع، فتقول: شُجَيرة وحُبَيلى، وحُمَيراء، وأجيمال، وأفيراس، وسُكيران، وعُثيمان؛ لأنهم لم يجمعوها على فَعَالين كما جمعوا عليه سِرْحانا وسُلطانا، ولذا تقول فى تصغيرهما: سُرَيْحين وسُلَيْطين، لعدم منع الصرف بزيادتهما، فلم يبالوا بتغييرهما تصغيرًا وتكسيرًا.

ويستثنى من التوصل إلى بِنَاءَىْ فُعَيْعِل وفعَيْعِيل، بما يُتَوصَّل به إلى بناء مَفاعل ومفاعيل، عِدَّةُ مسائل جاءت على خلاف ذلك، لكونها مختَتَمة بشئ مقدّر انفصاله، والتصغير وارد على ما قبله. والمقدر الانفصال هو ما وقع بعد أربعة أحرف: من ألف تأنيث ممدودة كقُرفُصاء، أو تائه كحَنْضلة، أو علامة نسَب كعَبْقَرِىّ، أو ألف ونون زائدتين، كزعْفران وجُلْجُلان، أو علامتَى تثنية، كمسلِمَيْن ومُسلِمان، أو علامتى جمع تصحيح المذكر والمؤنث، كجعفَرِين وجعفرون ومسلمات، أو عَجُزَىِ المضاف والمَزْجىِّ، فهذه كلها يخالف تصغيرها تكسيرها، تقول فى التصغير: قُرَيْفِصاء، وحُنَيظلة، وعُبَيقِرىّ، وزُعَيفران، وجُلَيجِلان ومُسَيْلمَين أو مُسَيْلمان، وجُعَيْفِرينَ أو جُعَيفرون، ومُسَيْلِمات، وأُمَيْرِئ القيس وَبُعَيْلَبَكّ، وتقول فى تكسيرها: قرافِص، وحناظل، وعباقر، وزَعافر، وجلاجل؛ إذ لا لبس فى حذف زائدها تكسيرًا، بخلاف التصغير؛ للالتباس بتصغير المجرد منها. وإذا أتت ألف التأنيث المقصورة رابعة، ثبتت فى التصغير، فتقول فى حُبْلى: حُبَيْلَى، وتُحذف السادسة والسابعة كَلُغَيزَى: للغز، وبَرْدَرايا: لموضع، فتقول: لُغَيْغِيز وبُرَيْدِر، وكذا الخامسة إن لم تُسبق بمدة كقَرْقَرى: لموضع: تقول فيها قُرَيْقِر، وإن سُبِقت بمدة خُيّرْت بين حذفها وحذف ألف التأنيث، كحبارى: لطائر، وقُريْثا لِتمر، فتقول: حُبَيّر أو حُبيْرى، وقُرَيِّث أو قُرَيْثَا.

واعلم أن التصغير يردّ الأشياء إلى أصولها:

فإِن كان ثانى الاسم المصغر لينًا منقلبًا عن غيره، يُرَدّ إلى ما انقلب عنه. سواء كان واوًا منقلبة ياء أو ألفا، نحو: قيمة ماء، تقول فيهما: قُوَيْمة ومُوَية؛ وإذ أصلهما: قوْمة ومَوَه، بخلاف ثانى نحو: متَّعِدّ، فإنه غير لين، فيصغّر على مُتَيْعد، وبخلاف ثانى "آدم" فإنه منقلب عن غير لين، فيقلب واوًا كالألف الزائدة من نحو ضارب، والمجهولة من نحو صاب وعاج، فتقول فيها: أوَيْدِم، وضُوَيرب، وصُوَيب وعُوَيْج. وأما تصغيرهم عيدًا على عُيَيْد، مع أنه من العَوْد فشاذّ، دعاهم إليه خوف الالتباس بالعُود أحد الأعواد.

أو كان ياءً منقلبة واوًا أو ألفًا، كموقن وناب، تقول فيهما: مُيَيْقِن ونُييب، إذ أصلهما مُيْقِن ونَيْب. أو كان همزة منقلبة ياء كذِيب، تقول فيه: ذؤيب. أو كان أصله حرفًا صحيحًا غير همزة، نحو: دنينير فى دينار، إذ أصله دِنَّار، بتشديد النون.

ويجرى هذا الحكم فى التكسير الذى يتغير فيه شكل الحرف الأول، كموازين وأبواب وأنياب بخلاف نحو قِيَم ودِيَم.

وإن حذف بعض أصول الاسم، فإن بقى على ثلاثة كشاكٍ وقاض، لم يُرَدّ إليه شئ، بل تقول: شُويْكٍ وقويضٍ، بكسر آخره منوَّنا، رفعًا وجرًا، وشُوَيْكيًا وقويضيًا نصبًا، وإلا رُدّ، نحو "كُلْ وَخُذ وَعِدْ" بحذف الفاء فيها، وَمُذْ وَقُلْ وَبِعْ بحذف العين أعلامًا، ونحو: يد ودم، بحذف لامهما، ونحو: قِه وفِه وشِه، بحذف الفاء واللام، وَرَهْ بحذف العين أعلامًا أيضًا، فتقول فى تصغيرها: أكَيل، وَأخَيذ، ووعَيد، بردّ الفاء، ومُنَيذ وَقُوَيل وَبُيَيع، برد العين، ويُدَىّ وَدُمَىّ، برد اللام، وَوُقَىّ وَوُفَىّ وَوُشَىّ، برد الفاء واللام، وَرُأىّ، برد العين واللام.

أما العَلم الثُّنَائىُّ الوضع. فإن صح ثانيه كبَلْ وهلْ، ضُعِّف أو زيدت عليه ياء، فيقال: بُليْل أو بُلَىّ، وهُلَيل أو هُلَىّ، وإلا وجب تضعيفه قبل التصغير، فيقال فى لَوْ وما وكَى أعلامًا: لَوّ وكَىّ، بتشديد الأخير، وماء، بزيادة ألف للتضعيف وقلب المزيدة همزة؛ إذ لا يمكن تضعيفها بغير ذلك، وتصغر تصغير دوٍّ وحىّ وماء، فيقال: لُوىّ وكُيَىّ ومُوَىّ، كما يقال: دُوَىّ وَحُيَىّ وَمُوَيه، إلا أن هذا لامه هاء، فرُدّ إليها.

وإن صغِّر الخالى من علامة التأنيث، الثلاثىّ أصلا وحالا، كدار وسن وأُذن وعين، أو أصلاً: كيد، أو مآلا فقط كحُبْلَى وحمراء، إذا أريد تصغيرهما تصغير ترخيم كما سيأتى، وكسماء مطلقًا، أى ترخيما وغيره، لحقته التاء إن أمن اللبس، فتقول: دُوَيْرة، وسُنَينة، وعُيَيْنَة، وأذَيْنة، ويُدَية، وحُبَيلة، وحُميرة، وفى غير الترخيم حُبَيلىَ وحُميراء كما سلف، وسُمَية، وأصله سُمَيَىُّ بثلاث ياءات، الأولى للتصغير، والثانية بدل المدة، والثالثة بدل الهمزة المنقلبة عن الواو؛ لأنه من سما يسمو، حُذفت منه الثالثة لتوالى الأمثال، ولو سَمَّيت به مذكرًا حذفت التاء، فتقول: سُمىّ، لتذكير مسمَّاه، وأما نحو شجر وبقَر فلا يصغَّر بالتاء؛ لئلا يلتبس بالمفرد، وذلك عند من أنَّثهما، وأما عند من ذكرَّهما فلا إشكال، وكذا نحو زينب وسُعاد لتجاوزهما الثلاثة، فيقال فيهما: زُيَينب، وسُعيِّد بتشديد الياء.

وشذ حذف التاء فيما لا لبس فيه، كحرْب وذَوْد وَدِرْع ونَعْل ونحوها، مع ثلاثيتها، واجتلابها فيما زاد على الثلاثة، كوُرَيِّئَة وأمَيِّمة، بياءين مدغمتين، الأولى للتصغير، والثانية بدل المدة، وَقُدَيديمة، بياءين بينهما دال: الأولى للتصغير، والثانية بدل المدة، تصغير وراء، وأمام، وقُدَّام.

[تصغير الترخيم]

واعلم أن عندهم تصغيرًا يسمى تصغير الترخيم، ولا وزن له إلا فُعَيْل وَفُعَيْعِل؛ لأنه عبارة عن تصغير الاسم بعد تجريده من الزائد.

فيصغر الثلاثىّ الأصول على فعَيْل، مجرَّدًا من التاء، إن كان مسماه مذكرًا، كحُمَيد فى جامد ومحمود ومحمد وأحمد وحمَّاد وحمدان وحَمُّودة، ولا التفات إلى اللبس ثِقةً بالقرائن، وإلا فبالتاء كحُبَيلة وسويدة فى حبلى وسوداء، إلا الوصف المختص بالنساء كحائض وطالق، فيقال فى تصغيرهما: حُيَيْض وطُلَيْق من غير تاء؛ لكونه فى الأصل وصف مذكر، أى شخص حائض أو طالق، فإن صغَّرتهما لغير ترخيم، قلت: حُويِّض بشدّ الياء، وطُويلِق، بقلب ألفهما واوًا، لأنها ثانية زائدة.

وأما الرباعىّ: فيصغر على فُعَيْعِل كقُرَيْطِس وَعُصيفر فى قِرطاس وعُصفور، ويصغر إبراهيم وإسماعيل ترخيما على بُرَيْه وسُمَيْع، ولغير ترخيم على بُرَيْهِيم وسُمَيْعِيل، أو على أبَيْرَه وأسَيْمَع، على الخلاف فى أن الهمزة أو الميم واللام أوْلى بالحذف. ولا يختص تصغير الترخيم بالأعلام، على الصحيح.

تنبيهان:

الأول: تقدم أنه لا يصغر جمع على مثال من أمثلة الكثرة، لمنافاة التصغير للكثرة، وأجاز الكوفيون تصغير ماله نظير فى الآحاد كرُغْفان، فإنه نظير عثمان، فيقال فى تصغيره: رُغَيفان. فمن أراد تصغير جمعٍ ردَّه إلى مفرده وصغَّره، ثم يجمعه جمع مذكر إن كان لمذكر عاقل، وجمع مؤنث إن كان لمؤنث أو لغير عاقل، كقولك فى غلمان وجوارٍ وَدَرَاهم: غُلَيّمون أو غُلَيِّمِين، وجُوَيْريات وَدُرَيهمات.

وأما اسم الجمع واسم الجنس الجمعى فيُصغران، لشبههما بالواحد.

الثانى: لا يُصغر إلا المتمكن كما سبق، ولا يصغر من غيره إلا أربعة:

1- أفعل فى التعجب.
2- والمزْجىّ ولو عدديا عند من بناه.
3- و "ذا" و "تا" ومثناهما وجمعهما.
4- والذى والتى كذلك.

وحكمها: أن تصغير أفعل والمزجىّ كالمتكن فى هيئته، كما تقدم، بخلاف الإشارة والموصول، فيترك أولهما على حاله: مِن فتحٍ، كذا والذى، أو ضمٍّ كأولَى، ويزاد فى آخِر غير المثنى ألف، فتقول: ذيا وتيا، ومنه قول رؤْبة الراجز:

أو تحلِفى بِرَبِّكِ الْعَلِىِّ

***

أنَّى أبُو ذَيَّالِك الصَّبِيِّ

وذَيَّان وَتَيَّان وأولَيَّا، وَاللَّذَيَا وَاللَّتَيَا وَاللَّذَيان واللَّتَيان واللَّذَيِّين مطلقًا، بفتح الياء المشددة أو كسرها، أو اللَّذَيُّون فى حالة الرفع، بضم الياء أو فتحها، على الخلاف بين سيبويه والأخفش، وَاللَّتيات جمع اللَّتيا، يغنى عن تصغير اللائى واللاتى عند سيبويه، وصغَّرهما الأخفش بقلب الألف واوًا وحذف لامهما وهى الياء الأخيرة. وتقلب الهمزة ياء فى اللائى، فيقال: اللَّويَا وَاللَّوَيْتا. وضم لام اللَّذيا واللتيا لغةٌ، كما فى التسهيل، خلافًا للحرِيرىّ فى "دُرَّة الغواص". وإنما ساغ تصغير الإشارة والموصول؛ لأنهما يوصفان ويوصف بهما، والتصغير وصف فى المعنى ولذا مُنِع عمل اسم الفاعل مصغرًا، كما مُنع موصوفًا.