الجزء الرابع - الباب التاسع نوادر القصاص

الباب التاسع نوادر القصاص

نوادر أبي القطوف القاص

قيل لأبي القطوف وكان يفتي ويحدث ويقص وهو قاضي حران : ما ترى في السماع ؟ فقال : أما على الخسف فلا . وقيل له : ما تقول في نبيذ العسل ؟ قال : لا تشربه . قيل : ولم ؟ أحرام هو ؟ قال : بل هو نعمة لا تقوم بشكرها . وقيل لطربال : ما تقول في الإبط يمس ، أيتوضأ منه ؟ قال : يا بن أخ ، كما يكون الإبط يغتسل منه .

نوادر أبي سنان السدوسي

وكان أبو سنان السدوسي يقول : فلان عندي أكفر من رامهر مز وبكى حوله ولده وهو يريد مكة فقال : لا تبكوا ، بأبي أنتم ، فأني أريد أن أضحي عندكم . وقال : تزوجت امرأة مخزومية عمها الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة .

من عاش خمسين سنة لم يعش شيئا

قال أبو عثمان : وكان عندنا قاص يقال له : أبو موسى كوش فأخذ يوماً في ذكر قصر أيام الدنيا وطول أيام الآخرة ، وتصغير شأن الدنيا وتعظيم شأن الآخرة ، فقال : هذا الذي عاش خمسين سنة لم يعش شيئاً وعليه فضل سنتين قالوا: وكيف ذاك ؟ قال : خمس وعشرون سنة ليل هو نائم فيها ، لا يعقل قليلا ولا كثيراً ، وخمس سنين قائلة ، وعشرون سنة إما أن يكون صبياً ، وإما أن يكون معه سكر الشباب وهو لا يعقل ؛ ولا بد من صبحة بالغداة ، ونعسة بين المغرب والعشاء ، ويناله فيها كالغشي الذي يصيب الإنسان مراراً في دهره ؛ فإذا حصلنا ذلك فقد صح أن الذي عاش خمسين سنة لم يعش شيئاً وعليه فضل سنتين . قرأ سيفويه القاص : " ثم في سلسلة ذراعها تسعون ذراعاً ، فقيل له : فإن الله يقول : " سبعون ذراعاً " ، وقد زدت أنت عشرين ذراعاً فقال : نعم هذه عملت لبغاً ووصيف ، فأما أنتم فيكفيكم شريط بدانق ونصف . قال جاحظ : كان عبد الأعلى القاص لغلبة السلامة عليه يتوهم عليه الغفلة ، وهو الذي ذكر الفقير في قصصه مرة فقال : الفقير مرقته سلقة ، ورداؤه علقة ، وسمكته شلقة . قال ثم ذكر الخصي فقال: إذا قطعت خصيته قويت شهوته ، وسخنت معدته ، ولانت جلدته ، وانجردت شعرته . واتسعت فقحته ، وكثرت دمعته . قال أبو أحمد التمار في قصصه : ولقد عظم رسول الله صلى الله عليه حق الجار ، وقال فيه قولاً أستحي من ذكره

اسم الذئب الذي أكل يوسف

قال أبو علقمة : كان اسم الذئب الذي أكل يوسف كذا . قالوا له : فإن يوسف لم يأكله الذئب ، وإنما كذبوا على الذئب. قال : فهذا اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف . وقرأ في حلقة سيفويه : " كأنهن الياقوت والمرجان " . فقال سيفويه : هؤلاء خلاف نسائكم القحاب . وقرأ آخر : " كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً " . فقال سيفويه : فإذا القوم من أجل صلاتهم بالليل كذا . استفتي بعضهم في إتيان النساء في أدبارهن فقال : مالك يبيحه وغيره من

الفقهاء يقول : إنه إذا استكرهت 453 المرأة عليه وجب على الزوج أن يزيد في صداقها عشرة دراهم ، وإن كان برضاً منها نقص منه عشرة . والتفت إلى ابن له حاضر وأشار إليه فقال : تزوجت أم هذا على اثنى عشر ألف درهم عقدت على نفسي بها وقد حصل الآن لي عليها أربعمائة وخمسون درهماً . كان أبو سالم القاص البصري ينادي : اللهم ، اجعلنا صعيداً زلقاً فيقول الغوغاء : آمين آمين . وقص بعضهم فلما ابتدأ يسأل أقيمت الصلاة ، وخاف أن يتفرق الناس . فقال : يا فتيان ، العجائب بعد الصلاة .

نوادر سيفويه

سأل واحد سيفويه عن حفظه القرآن فقال : أحفظه آية آية ، قيل له : فما أول الدخان ؟ قال : الحطب الرطب . وكان أبو كعب القاص يقول في دعائه : اللهم صل على جبريل واغفر لأمنا عائشة ، وعافني من وجع البطن . استفتي واحد منهم في الخنثى وقيل : له ما للرجل وما للمرأة ؟ فقال : تزوج من حلقي يني . . . ها وتني . . ه

صفة الملك

كان أبو عقيل القاص يقول : الرعد ملك أصغر من نحلة وأعظم من زنبور . فقالوا : لعلك تريد أصغر من زنبور وأعظم من نحلة . فقال : لو كان كذا لم يكن يعجب . وسأله رجل وهو في الجامع عن مسألة في الحيض لم يعرفها فقال : ويلك . خرج هذه القاذورات من المسجد حتى نخرج . وكان بالري رجل منهم يفتي ، فجاءته امرأة وسألته عن مسألة في الحيض فأخرج لها دفتراً وجعل يتصفحه ورقة ورقة لا يهتدي منه إلى شيء ، إلى أن بلغ إلى ورقة مخرمة فقال للمرأة - وعرض عليها الخرق : أيش يمكنني أن أفعل ؟ وموضع حيضك مخرق .

دعاء

وكان بعضهم يقول : اللهم اغفر لنا كل نعمة وحسنة ، واحشرني في جملة سيدي أبي عبد الله بن حنبل ، ولا تغفر للرافضة .

كيف يموت الشيطان

كان بعضهم يقول : يا معشر الناس ؛ إن الشيطان إذا سمى الإنسان على الطعام والشراب لم يأكل معه . وإذا لم يسم أكل معه ؛ فكلوا خبز الأرز والمالح ولا تسموا ليأكل معكم ، ثم اشربوا وسموا ليموت عطشاً . حلق بعضهم لحيته وقال : إنها نبتت على المعصية . وكان بعضهم يحج عن حمزة ويقول : استشهد قبل أن حج ، ويضحى عن أبي بكر وعمر يقول أخطأ السنة في ترك الأضحية . وقيد آخر إحدى عينيه وقال : النظر بهما إسراف . وكان بعض القصاص يتشدد في خلق القرآن ، فسئل عن معاوية : هل كان مخلوقاً ؟ فقال : كان إذا كتب الوحي غير مخلوق ، وإذا لم يكتب كان مخلوقاً . قال بعض القصاص يوماً : يا قوم ، هل علمتم أن الله قد ذكر الهريسة في القرآن لفضلها؟ فقالوا : أين ذكرها ؟ فقال : اذبحوا بقرة " واضربوه ببعضها " ، " وفار التنور " : " ولتركبن طبقاً على طبق " . سأل رجل سيفويه القاص : ما الغسلين ؟ فقال : على الخبير سقطت . سألت عنه شيخاً من فقهاء الحجاز منذ أكثر من ستين سنة فقال : لا أدري . وجاءت امرأة إلى واحد منهم فقالت : يا جعفر ؛ مريم بنت عمران كانت نبية ؟ قال : لا يا فاعلة . قالت له : فإيش كانت ؟ قال : كانت ملائكة .

وكان بالكوفة قاص يقول : إن أبانا آدم أخرجنا من الجنة ، فادعوا الله أن يدخلنا من حيث أخرجنا . وكان بالشام قاص يقول : اللهم أهلك أبا حسان الدقاق 454 فإنه يتربص بالمسلمين ويغلي أسعارهم ، ومنزله أول باب في الدرب على يسارك هو . قال أبو سالم القاص : لو كنت هند بنت عتبة حين لاكت كبد حمزة أجازتها إلى جوفها ما مستها النار . فقال النهرتيري : اللهم أطعمنا من كبد حمزة . جاء رجل إلى سيفويه فقال : قد عزمت على أن أتوب فكيف أعمل ؟ فقال : إما أن تحلق لحيتك أو تشتري سلماً أو تنحدر إلى واسط .

أول ما يدخل الجنة

كان بعضهم يقول : أول ما يدخل الجنة من البهائم الطنبور ؛ قيل له : وكيف ذاك ؟ قال : لأنه يضرب بطنه ، ويعصر حلقه ، وتعرك أذنه . وقف رجل على القتاد الصوفي وسأله عن المحبة . فقال القتاد : قد جاءني برأس كأنه دبة ولحية كأنها مذبه ، وقلب عليه مكبة ، يسألني عن طريق المحبة ، وهو قيمته حبة . 

فتيا القاضي أبي يونس

دخل أبو يونس وكان فقيه مصر على بعض الخلفاء فقال له : ما تقول في رجل اشترى شاة فضرطت ، فخرجت من استها بعرة ، فقأت عين رجل . على من الدية ؟ قال : على البائع : قال : ولم ؟ قال : لأنه باع شاة في استها منجنيق، ولم يبرأ من العهدة . غزا قاص فقيل له : أتحب الشهادة ؟ فقال : إي والذي أسأله أن يردني سالماً إليكم . كان أبو توبة القاص يقول : احمدوا ربكم عز وجل ؛ تشترون شاة سوداء فتحلبون منها لبناً أبيض ، وتبخرون فتعبق ثيابكم ، وتفسون فيها فلا تعبق .

فتيا طريضة

كان ابن قريعة القاضي في مجلس المهلبي جالساً ، فوردت عليه رقعة فيها : ما يقول القاضي أعزه الله في رجل الحمام ، ودخل في الأبزن لعله كانت به فخرجت منه ريح وتحول الماء زيتاً ، فتخاصم الحمامي والضارط ، وادعى كل واحد منهما أنه يستحق الزيت جميعاً بحقه فيه . فكتب القاضي في الجواب : قرأت هذه الفتيا الطريفة ، في هذه القصة السخيفة ، وأخلق بها أن تكون عنتاً باطلاً ، وكذباً ماحلاً . وإن كان ذلك كذلك ، وهو من أعاجيب الزمان ، وبدائع الحدثان فالجواب وبالله التوفيق : أن للصاقع نصف الزيت بحق رجعائه وللحمامي نصف الزيت بقسط مائه ، وعليهما أن يصدقا المبتاع منهما عن خبث أصله ، وقبح فصله ، حتى يستعمله في مسرجته ، ولا يدخله في أغذيته . قرأ رجل في مجلي سيفويه : " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه " فقال سيفويه : قد أخذنا في أحاديث القحاب وسمع رجلاً يقرأ : " فبهت الذي كفر " فقال : أتلومه وقرأ قارئ : " وحملناه على ذات ألواح ودسر " فقال سيفويه : عز علي حملانهم . يتوهم أنها جنازة . . وكان أبو أسيد يقول في قصصه : كان ابن عمر يحف شاربه حتى يرى بياض إبطه .

من نوادر عبد الأعلى

كان عبد الأعلى قاصاً : فقال يوماً : تزعمون أني مراءٍ ، وكنت والله أمس صائماً ، وقد صمت اليوم وما أخبرت بذلك أحداً .

ومر عبد الأعلى بقوم وهو يتمايل سكراً فقال إنسان : هذا عبد الأعلى القاص . فقال : ما أكثر من يشبهني بذلك الرجل الصالح قال قاص بالمدينة في قصصه : ود إبليس أن لكل رجل منكم خمسين ألف درهم يطغى بها . فقال رجل من القوم : اللهم أعط إبليس سؤله فينا . حكي عن شيخ منهم ببغداد كان يعرف بختن حمامة أنه كان يقول : خلفاء الله في الأرض ثلاثة : آدم لقوله : إني جاعلك في الأرض خليفة وداود : " إنا جعلناك خليفة في الأرض وأبو بكر ، لقول الأمة : أيا خليفة رسول الله . والأمناء ثلاثة : جبريل لأنه تحمل عن الله ، ومحمد لأنه بلغ الأمة ، ومعاوية 455 لأنه كتب الوحي . وبلغ من عقله أنه رأى عقرباً في داره فقال لها : يا مشئومة ؛ اخرجي لا تقتلك أمي . وكان مولعاً بإطعام الكلاب ويقول إذا أطعمها : هؤلاء أولى من الرافضة . قال الأصمعي : اختصمت الطفاوة وبنو راسب في صبي يدعيه كل واحد من الفريقين إلى ابن عرباض ، فقال : الحكم في هذا بين . قالوا : وما هو ؟ قال : يلقى الصبي في الماء فإن طفا فهو طفاوي ، وإن رسب فهو راسبي . كانت أم عياش تحسن إلى سيفويه وتتعهده ، فكان إذا اجتمع إليه الناس قال : يا معاشر المسلمين ، ادعوا الله لأم عياش ؛ فإنها صديقتي . فبلغ عياشاً فبعث إليه وقال : قد فضحتني بهذا القول فأمسك عنه . فقال : سبحان الله لو أنها معي في إزار واحد ما كنت تخاف علي .

 دعاء قاص

قال أبو العيناء : كان عندنا قاص جيد اللفظ من العبارة ، وكان لوطياً ، فكان إذا رأى في حلقته غلاماً يعجبه رفع يده ثم قال للجماعة : قولوا عند دعائي : آمين . ثم يقول : هذا العدو قد أقبل يريدكم : اللهم امنحنا أكتافهم . اللهم كبهم على مناخرهم ووجوههم ، اللهم ولنا أدبارهم

اللهم اكشف لنا عوراتهم ، وسلط أرماحنا على أجوافهم والقوم يبكون ويقولون آمين . سئل أبو قابوس الصوفي عن النبيذ فقال : حلال على السراة حرام على السفل .

نادرة طريفة عن محدث

انحدر بعض أصحاب الحديث من سر من رأى في سفينة ، ومعه فيها نصراني فتغديا جميعاً ثم أخرج زكرة كانت معه فيها شراب ، فصب في مشربة كانت معه ، وشرب ، ثم صب فيها وعرضها على المحدث فتناولها من غير امتناع ولا مكاس وشرب . فقال النصراني : جعلت فداك . إنما عرضت عليك كما يعرض الناس ، وإنما هي خمر . قال : ومن أين علمت أنها خمر ؟ قال : غلامي اشتراها من إنسان يهودي وذكر أنها خمر ، فشربها بالعجلة وقال : لو لم يكن إلا لضعف الإسناد لشربتها . ثم قال للنصراني : أنت أحمق . نحن أصحاب الحديث نضعف حديث سفيان بن عيينة ويزيد بن هارون ، أفنصدق نصرانياً عن غلامه عن يهودي . هذا محال . سئل الشيرجي عن أربعين رأساً من الغنم نصفها ضأن ونصفها ماعز ، ما الذي يجب فيها ؟ فقال : يجب فيها شاة نصفها ضأن ونصفها ماعز . كسر جامع الصيدلاني يوماً كوزاً ، فخرج من جوفه لوزتان فقال : سبحان الله من يصور في الأرحام ما يشاء . وجاءته يوماً فقالت : لم يبق البزر . فقال : وكيف يبقى وأنتم تقعدون حوله عشرة عشرة . ودخل يوماً ليشتري نعلاً لابنته فقالوا : كم سنها . فقال : لا أدري والله غير أنها في حم السجدة . وولد له ابن فقيل له : ما سميته ؟ فقال : سميته علي بن عاصم المحدث . قال بعضهم : رأيت سيفويه متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول : ارحم ترحم . ارحم ترحم .

واجتاز بباب شوكي فوطئ الشوك ، ودخلت في رجله شوكة ، فقال للشوكي : اجعلني في حل من هذه الشوكة . فإني لست أقدر على إخراجها في هذه الساعة . فكنت أردها عليك . واشترى ديكاً هندياً وشد في رجله فرد نعل سندي لئلا يخرج ، فانقطع الخيط وخرج الديك ، فخرج سيفويه في طلبه ، وجعل يسأل جيرانه ويقول : أرأيتم ديكاً هندياً في رجله نعل سندي . ألقي إلى أبي سالم القاص خاتم بلا فص . فقال أبو سالم : إن صاحب هذا الخاتم يعطى 456 يوم القيامة في الجنة غرفة بلا سقف . وقال بعضهم في حلقته : من صلى ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة كذا وكذا بنى الله له في الجنة بيتاً ، فقام إليه رجل نبطي فقال : يا فديت وجهك : إن صليت أنا فعل بي هذا ؟ قال : لا يا عاض بظر أمه . ذاك لبني هاشم والعرب وأهل خراسان ، وأما أنت فيبني لك كوخ بعكبرا . قال الجاحظ : وقفت على قاص وقد اجتمع عليه خلق كثير وفيهم جماعة من الخصيان ، فوقفت إلى جانبه وجعلت أشير إلى الناس أنه هو ذا يجود قال : وهو يفرح بذلك . فلم يعطه أحد شيئاً فالتفت إلي خفياً وقال : الساعة إن شاء الله أعمل الحيلة . ثم صاح : حدث فلان عن فلان عن النبي عليه السلام قال : قال رب العالمين عز وجل : ما أخذت كريمتي عبد من عبيدي إلا عوضته الجنة " أتدرون ما الكريمتان في هذا الموضع ؟ قال الناس : ما هما ؟ فبكى ، وقال : هما الخصيتان : وهو يتباكى ويكرر فجعل كل واحد من الخصيان يحل منديله حتى اجتمعت له دراهم كثيرة . وقال آخر في قصصه : يا بن آدم ، يا بن الزانية ، أما استحييت من الملك الجليل والملك الكريم ، يصعد إليه عنك بالعمل القبيح ، فقيل : تزني الناس ؟ قال : نعم ؛ قد كان الحسن يكثر من قول : يا لكع قال بعضهم في قصصه : رأيتم أجهل من إخوة يونس ؟ يريد يوسف ، أخذوا أخاهم . وطرحوه في الجب وكذبوا على الدب .

قال أبو العنبس : سمعت قاصاً بالكوفة يقول في قصصه : تحت رأس ولي الله في الجنة سبعون ألف مخدة ، والمخدة سبعون ألف حجاب ، ما بين الحجاب والحجاب سبعون ألف عام . قال : فقلت : فإن سقط من فوق تلك الفرش كيف يعمل ؟ فقال : إلى النار يا صفعان . قال بعضهم في قصصه : كان أبو جهل خوزياً ، فقيل له : بل هو قرشي مخزومي ولكنه كافر . فقال : يتكلم أحدكم بما لا يعلم ، كل كافر خوزي . قال آخر في مجلسه : زعم قوم أني لا أحسن القرآن . وهل في القرآن أشرف من : " قل هو الله أحد " . وأنا أقروه مثل الماء ، وابتدأ وقرأ فلما بلغ قوله : " ولم يكن له " أرتج عليه فقال : من أراد أن يحضر ختمة السورة فليحضر يوم الجمعة . دفع واحد قطعة إلى قاص وقال : ادع لي ولأبوي بالمغفرة ، فرفع القاص رأسه وقال : ثلاثة أنفس بقيراط ؟ وارخصاه قيل لبعضهم : في لحيتك هريسة فقال : هذه من تلك الجمعة . قال بعضهم : سمعت قاصاً بعبادان وهو يقول : اللهم ارزق الموتى الشهادة ، ويا إخوتي ادعوا ليأجوج ومأجوج بالتوبة . وسقط عن أنفه ذبابة فقال : أكثر الله القبور بكم . جاء أبو العالية القاص يشهد على رجل رآه مع غلام له ، فقال له الوالي : بم تشهد ؟ قال : أصلحك الله رأيته وقد بطحه فقلت: ينومه ، ثم كشف ثيابه فقلت : يروحه ، ثم جلس عليه فقلت يغمزه ، ثم بصق فقلت : يعوذه ، ثم أخرج شيئاً فلا إله إلا الله . شهد أبو يحيى المحدث عند قاص أنه يعرف الحائط الفلاني لفلان . فقال له : مذ كم تعرف هذا الحائط له؟ فقال : أعرفه وهو صغير لفلان . ونظر إلى الهلال فقال : ربي وربك الله ، سبحان الله من خلقك من عود يابس . ذهب إلى قوله تعالى " حتى عاد كالعرجون القديم " .

نوادر أبي سالم

ووقف على أبي سالم القاص رجل راكب 1456 حماراً يتطلع في حلقته . ويسمع قصصه ، فناداه : يا صاحب الحمار ؛ امض لسبيلك لا يدل حمارك ، فإن عندنا نساء . وقيل له : كم ولداً لإبليس ؟ فقال : أربعة ؛ ثلاثة ذكورة وبنت . قالوا : فمن أمهم ؟ قال : شاة كانت لآدم فأهداها له . وقيل : ادع لفلان أن يرده على أبيه وأعطى درهمين . فقال : وأين هو ؟ قيل : بالصين . قال : يرده من الصين بدرهمين ؟ بلى ؛ لو كان بسيراف أو بجنابة أو تستر . سرق لبعضهم منديل فقال لغلامه : أين المنديل ؟ قال : يا مولاي . لا أدري فقال : يا بن الزانية والله ما سرقه - بعد الله - غيرك .

نوادر أبي أسيد

ومات عيسى بن حماد الطلحي وقد أوصى بأكثر من ثلث ماله ، فأجاز ذلك ولده وامرأته ، فأتوا أبا أسيد ليكتب بذلك كتاباً ، فقال لهم : يا فتيان أمكم قد بلغت مبلغ النساء أم لا ؟ وكان أبو أسيد هذا يقول : كان ابن عمر يحف شاربه حتى يرى بياض إبطيه . وقال يوماً : ما بقي من حمامي نافخ نار ، ومر بقوم يصيدون السمك ، فقال : يا فتيان ؛ مالح أو طري . ودخل يوماً في الماء إلى كعبه فصاح : الغريق ، الغريق . فقيل له : ما دعاك إلى هذا ؟ فقال : أخذت بالوثيقة . قيل لبعضهم : أيسرك أن الله أدخلك الجنة وأنت شاة ؟ قال : نعم بشرط ألا يذهبوا بي إلى التياس . جاء رجل إلى واحد منهم فقال : ما تقول في شرب النبيذ ؟ قال : لا يجوز قال : فإن كان الرجل قد أكل المالح ؟ قال: قد رجعت مسألتك إلى الطب . صلى سيفويه بقوم وسلم عن يمينه ولم يسلم عن يساره ، فقيل له في ذلك فقال : كان في ذلك الجانب إنسان لا أكلمه .

على من حرم التختم بالذهب

قال بعضهم : رأيت بالشام قاصاً روى في مجلسه أن أبا هريرة رأى على ابنته خاتم ذهب فقال لابنته : لا تختمي بالذهب . فإنه لهب . فبينما هو يحدثهم ويقص عليهم إذ بدت يده وفي إصبعه خاتم ذهب ، فقالوا : يا عدو الله ؛ تنهى عن شيء وتلبسه أنت ؟ ووثبوا عليه . فقال : يا قوم لست أنا ابنة أبى هريرة . إنما حرم ذلك على تلك المشئومة . قال آخر : رأيت قصاصاً يقص حديث موسى وهارون ويقول : لما صار فرعون في وسط البحر وقال الله للبحر : انطبق . وعلاه الماء جعل فرعون يضرط مثل الجاموس ؛ نعوذ بالله من ذلك الضراط قال سيفويه يوماً في قصصه أتدرون من هؤلاء القدرية ؟ قالوا : من هم أكرمك الله ؟ قال : هم الذين يجلسون على الشط فيقدرون أستاه الغلمان . قال آخر : رأيت قاصاً يقص غداة يوم ، ثم رأيته عشياً في بيت نباذ ، والقدح في يده فقلت : ما هذا ؟ قال : أنا بالغداة قاص ، وبالعشي ماص . 

من نوادر ابن كعب

كان ابن كعب يقص في مسجد عتاب بالبصرة في كل يوم أربعاً ، فاحتبس عليهم في بعض الأيام ، وطال انتظارهم ، فبينما هم إذ جاء رسوله فقال : يقول لكم أبو كعب : انصرفوا راشدين فقد أصبحت اليوم مخموراً .

أبو ضمضم ينسب آدم

جلس أبو ضمضم ينسب قبائل العرب فقال له بعضهم : يا أبا ضمضم : آدم من أبوه ؟ فحمله استقباح الجهل عنده بشيء من الأنساب على أن قال : آدم بن المضاء بن الخليج وأمه ضباعة بن قرزام . فتضاحك القوم وثاب إليه عقله فقال : إنما نسبت أخا لآدم من أمه . رأى بعض أهل نيسابور جنازة فقال : ربي وربك الله لا إله إلا الله . فسمعه آخر فقال : أخطأت . قل : اللهم ألبسنا العافية ، وتشاجرا 457 فتحاكما إلى قاضٍ لهم فقال : لم يصب واحد منكما . إذا رأيتم جنازة فقولوا : سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته .

عبد الأعلى والاشتقاق

كان عبد الأعلى القاص يتكلف لكل شيء اشتقاقاً فقال : الكافر إنما سمي كافراً لأنه اكتفى وفر . قيل له : بماذا اكتفى ومن أي شيء فر ؟ قال : اكتفى بالشيطان وفر من الله . وقال : سمي الزنديق زنديقاً لأنه وزن فدقق . وسمي البلغم بلغماً لأنه بلاء وغم . وسمي الدرهم درهما لأنه داء وهم . وسمي الدينار دينارأ لأنه دين ونار . وسمي العصفور عصفوراً لأنه عصا وفر . وسمي الطفبشل طفبشلاً لأنه طفا وشال . وسمي نوحاً لأنه كان ينوح على قومه . وسمي المسيح مسيحاً لأنه مسح الأرض . جاء رجل إلى بعضهم فقال : أفطرت يوماً من شهر رمضان ساهياً ، فما علي ؟ قال : تصوم يوماً مكانه . قال : فصمت . فأتيت أهلي وقد عملوا حيساً ، فسبقتني يدي إليه فأكلت منه . قال : تقضي يوماً آخر . قال : فقضيت يوماً مكانه ، وأتيت أهلي وقد عملوا هريساً فسبقتني يدي إليه فأكلت منه فما ترى ؟ قال : أرى ألا تصوم إلا ويدك مغلولة إلى عنقك . ماتت أم عياش فأتاه سيفويه معزياً فقال : يا أبا محمد ، عظم الله مصيبتك . فتبسم ابن عياش وقال : قد فعل . فقال : يا أبا محمد ؛ هل كان لأمك ولد ؟ فقام ابن عياش عن مجلسه وضحك حتى استلقى على قفاه . قال الجاحظ : كان عبد العزيز الغزال يقول في قصصه : ليت أن الله لم يكن خلقني وأني الساعة مقطوع اليدين والرجلين . وذكر أن أبا سعيد الرفاعي سئل عن الدنيا والدائسة . فقال : أما الدنيا فهذه التي أنتم فيها وأما الدائسة فهي دار نائية من هذه الدار ، لم يسمع أهلها بهذه الدار ولا بشيء من أمرها ، وكذلك نحن نسمع بذكر تلك الدار ؛ إلا أنه قد صح عندنا أن بيوتهم من قثاء ، وسقوفهم من قثاء ، وأنعامهم من قثاء ، وأنفسهم من قثاء ، وقثائهم أيضاً من قثاء . قالوا : يا أبا سعيد ؛ زعمت أن أهل تلك الدار لم يسمعوا بأهل هذه الدار ولا بشيء من أمرها ، وكذلك نحن لهم ، وأراك تخبرنا عنهم بأخبار كثيرة : قال : فمن ثم أنا أعجب أيضاً . قال الجاحظ : كان عندنا بالبصرة قاص لا يحفظ شيئاً سوى حديث جرجيس ، فقص يوماً فبكى رجل من النظارة ، فقال القاص : أنتم لأي شيء تبكون ؟ إنما البلاء علينا معاشر العلماء .

وقص بعض العلوية بالري فسأله وهو على كرسيه والعامة حواليه رجل منهم عن معاوية فقال : أما معاوية فلحيته في إستي . قص أبو سالم يوماً وفي حلقته رجل أعور ، فجعل الأعور يهزأ به ويضحك منه ، ففطن أبو سالم فقال لأصحابه : إذا دعوت فقولوا : آمين . قالوا : نعم . فقال : اللهم من كان يسخر منا فافقأ عينه الأخرى . لقي رجل سيفويه فسأله عن حاله وعياله فقال : هو ذا نقطع الدنيا يوماً بيوم ، فيوم لا يرزقنا الله ويوم يرزقنا الله . ولقي صاحباً له فقال له : يا أخي ؛ أين تكون ؟ قد طلبتك عشرين دفعة وهذه الثانية . دعا أبو سالم على المتربصين فقال : اللهم امسخهم كلاباً وامسخنا ذئاباً حتى نقطع لحومهم . قال بعضهم : سمعت قصاصاً يقول : إني لأقص عليكم ، ووالله إني لأعلم أنه لا خبر عندي 1457 ولا عندكم . ولكن تبلغوا بي حتى تجدوا خيراً مني . 

حيلة قاص

قص واحد ومعه تعاويذ يبيعها فجعلوا يسمعون قصصه ولا يشترون التعاويذ ، فأخذ محبرته وقال : من يشتري مني كل تعويذة بدرهم ، حتى أقوم وأغوص في هذه المحبرة باسم الله الأعظم الذي كتبته في هذه التعاويذ . فاشتريت منه التعاويذ في ساعة وجمع دراهم كثيرة . وقالوا له : قم فادخل الآن في المحبرة . فنزع ثيابه وتهيأ لذلك والجهال يظنون أنه يغوص فيها . فبدرت امرأة من خلف الناس وتعلقت به ، وقالت : أنا امرأته ، من يضمن لي نفقتي حتى أتركه يدخل ، فإنه دخلها عام أول ، وبقيت ستة أشهر بلا نفقة . كان بعض القصاص يدعو فيقول : اللهم أهلك أولاد الزنى الذين أسماؤهم الكنى ، وأنسابهم القرى ، وشعورهم شعور النسا ، وههنا منهم جماعة فيما أرى . وسمع قاص كان يحض على الجهاد قارئاً يقرأ سورة يوسف . فقال : دعنا من آيات القحاب وخذ في آيات طرسوس .