الجزء الخامس - الباب العاشر نكت من كلام الشيعة

الباب العاشر نُكَتٌ مِنْ كَلام الشِّيَعة

أخُبرنَا الصاحبُ كافي الكفَاةِ رحمةُ اللهِ عليْهِ قالَ : أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ محمَّد ، قالَ : أخْبرَنَا عبْدُ الله بنُ الحسن ، قال : أخُبرَنَا سهْلُ بنُ محمد قَالَ : أخُبرنَا عبْدُ الرَّحمَن بن المثنى قال : عبد الملك فلما بلغ إِلَى العظة قام إِلَيْهِ رجل من آل صُوحانَ . فقالَ : مَهْلاً مَهْلاً . تأُمُرونَ فلا تأُتَمرونُ ، وتَنْهَوْنَ ولا تنتهُون ، وتعظُون ولا تتعظُونَ . أفَنَقْتَدي بسيرتكُمْ في أنْفُسكُم أمْ نُطيع أمُركُمْ بأَلْسنَتكُم ؟ فإنْ قُلْتُم : اقتَدُوا بسيرتنَا فإني ؟ وكَيْفَ وَمَا الحُجَّةُ ؟ ومَا النصيرُ منَ الله بإقتداء سيرَة الظَّلمَة الفسَقة ، والجَورة الخَونة الذين اتخَذُوا مال الله دُولا ، وعبيدهُ خَولاً وإن قلتم : اقبلُوا نَصيحتنَا ، وأطيعُوا أمرنا ، فكْيفَ يَنُصَحُ لغيره مَنْ يَغُش نَفْسَهَ . ؟ أمْ كيْفَ تَجبُ الطاعةُ لمنْ لمْ تَثُبتْ عنْدَ الله عدالَتُه ؟ وإنْ قلُتْم خُذوا الحكمَةَ من حُيثُ وجدتُموهَا ، وأقبلُوا العظَةَ ممَّن سَمعتُموهَا فَعلامَ وليْنَاكم أمْرَنَا ، وحَكَّمْناكُمْ في دمائنا وأمْوالنَا ؟ أمَا علمتُمْ أنَّ فينَا مَنْ هُوَ أنْطَقُ منْكُم باللغَات وأفْصَحُ بالعِظاتِ ؟ فَتحلْحلوا عنها أولاً ، فأطْلِقُوا عِقَالَها ، وَخَلُّوا سَبيلَهَا يَبتْدِرْ إليها ألُ رسُول الله صلى الله عليه وعليهم الذينَ شَرَّدْتُموهُمْ في البلادِ ، وفرَّقتُموهُمْ في كُلِّ وَاد ، وبل تثْبت في أيْديِكُمْ لانْقِضاءِ المُدَّةِ وبُلُوغ المُهْلةِ ، وعِظَم المحنةِ . إن لكُلّ قائم قَدَراً لا يعْدُوهُ ويوما لا يخُطوه ، وكتاباً معدَه يتلُوهُ " لا يُغادِرُ صغيرَةً ، ولا كبيرة إلا أحْصاها " و " سَيَعْلَمُ الذين ظلموا أيَّ مُنْقَلَب يَنْقِلبون " . قال ثُمَّ أجْلسَ الرَّجُلُ فطُلِبَ فَلَمْ يُوجَدْ .

نَظَر شريفٌ إلى رءوسِ بنيِ أمية - وقد حُمِلتْ إلى أبي العبَّاسِ فقَامَ وقَالَ : هذِه رؤسٌ ربَّاهَا النِّفاقُ ، ورَّبتهُ ، وغَذَّاهَا الكُفْرُ وغَذَّتْهُ ، ودَعاهَا الجْهلُ فأجَابتْهُ . صَرفُوا الصَّدقاتِ في الشَّهواتِ ، والفيءَ في الغي والغانِمَ فيِ المحارمِ . لمَّا ماتَ الصادِقُ عليْه السلامُ قَالَ أبو حَنيْفَةَ لشَيْطان الطَّاق مَاتَ إمَامُك . قَالَ : لكن إمامَكَ لا يموتُ إلى الحشْرِ . يعْني السُّنَّةَ . قالَ مُعَاويةُ لأبي الأسود : لَوْ كُنْتَ أحَدَ الحكمَيْنِ ما كُنْتَ صانعاً ؟ قالَ : كْنْتُ أقولُ : أليْسَ أحقَّ الناسِ أنْ يُتخَيَّر منهم المهاجرُون والأنصَارُ ؟ فإنَّهُ كانَ يقالُ : بَلَى : فكنتُ أقُولُ : فاعُتزِلُوا مَنْ ليْسَ منهُمْ . قال معاويةُ الحمدُ لله الذي كفانَاكَ . جَلسَ مُعاويةُ بالكُوفة يُبَايعُ على البراءة منْ على عليْهِ السلام فجاء رجلٌ مِنْ بني تميم فأراده . عَلى ذلكَ فقالَ : يا أميرَ المُؤمنين . نُطيعُ أحُياءَكُم ولا نتبرأ من موتاكُم . فالتفت إلى المُغيرةِ ، فقال : إنَّ هذا رجلٌ . فاسْتَوْصِ به خيْراً . قال الشَعبي : مَا لقينَا منْ علي بن أبي طالب : إنْ أحَبَبْناهُ قُتِلْنَا وإنْ أبغْضَنَاه هَلكْنَا . قال عبدُ الملك بن مروانَ لعبد الله بن عبد الأعلى الشاعر : أخْبرني عَنْ أكْرَم العَرب ؟ قالَ : يا أميرَ المُؤمنين : قد سمعتَ كَما سمعت ، وعلمتَ كما علمت . قال : أقْسم عليكَ لتخبرني . قال : أكرم العَرب مَنْ يحبُّ ألا يكونَ من غَيرهَا ، ولا يحب غَيرَه أن يكونَ إلا منْهَا . وألام العَربَ مَنْ يحب أنْ يكونَ منْ غيرهَا ولا يحب غَيره أنْ يكونَ مِنْها . قَالَ ، فَوضَعَ عَبد الملكِ يدَه على منِكبه وقَالَ : لو مسَحتُكَ لتناثَر منْكَ ترابٌ . يعرِّض له بحب علي عليه السلام وبني هاشم. كان أبو الهذَيْل يقول : أوَّل سِهام مَنْ تحب آل محَّمد صلى الله عليه وعليهم التي لا يطيش عنْ أعدَائهم قولهم : الحمد لله على طيبِ المولد . قال يونس : قلت للخُليلِ : ما بال أصحَابِ رسولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كأنهم بَنو أمٍّ وإخوة ، وعلي كنه ابن عَلَّة ؟ فقال لي : منْ أين لَكَ هَذَا السؤال ؟ فقلْت : أريد أن تجيبني . قالَ عَلَي أنْ تكْتم علي ما دمتْ حياً . قلْت : أجَلْ . قالَ تقدَّمَهم إسلاماً ، وبذَّهم شَرَفاً ، وفَاقَهم علْماً ، ورَجَحَهم حلْماً ، وكانَ أكْثرَهم زهْداً ، فَخسروه والناسُ إلى أشُكَالِهم أميل . قال المتوكل لبعض العلوية : ما يقول ولُد أبيكَ في العباسِ ؟ قال : يا أميرَ المؤمنين ما يقول ولَد أبي في رَجُلٍ فَرض الله حقَّ رسُولهِ على عِبَادِهِ : وفَرضَ حقَّه عَلَى رسُوله . قال له : والفرق بينَنَا وبينَكم . قال : ذَاكَ بيِّنُ . لوْ كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسَلَّم حياً : أكانَ حَلالاً لهُ أن يكُونَ حُرَمي متكشفاتِ الروؤس ؟ قَالَ : نَعَمْ . سُئِلَ أحمدُ بنُ حنبل عَنْ قول الناسِ : على قَسِيمُ الجنَّةِ والنَّار . فقَالَ : هذا صحيحُ لأنَّ النبي عليه السلامُ قالَ لعلي : " لا يحبُّك إلا مؤمِنٌ ولا يُبغضُكَ إلا مُنَافقٌ " والمؤمن من الجنَّةِ والمُنافِقُ في النِّار . لمَّا قدِمَ طلحةُ والزبيرُ البصْرة قامَ المطرفُ بنُ عبد الله خطيباً في مَسْجدِهَا ، فقالَ : أيُّها الناسُ : إنّ هذيْن الرَّجُلين - يعني طلحَةَ والزبيرَ - لما أضَلا دينَهُمَا ببلدِهما جاءَا يطلبانِهِ في بلدِكُمْ ، ولو أصابَاه عندَكُمْ ما زَادَاكُمْ في صَلاتِكُمْ ، ولا في زَكَاتِكُمْ ، ولا في صَومْكم ولا في حجِّكُمْ ، ولا غَزْوكُم ، وما جَاءَا إلا لينَالاَ دُنْياهُمَا بدينكُمْ ، فلا تَكْونَنَّ دُنْيا قوم آثَرَ عِندكُم مِن دينكُمْ والسَّلامُ . وكان بعضُ قضاة الكُوفَةِ يذكرُ يوماً فضائلَ أمير المؤمنينَ - صلوات الله عليهِ - وحضرهُ بعَث الحشوية فقالَ للقاضي : لا أراك تذْكُرُ مِنْ فضَائِلِ أبي بكر وعُمرَ شيئاً . فقالَ القاضي : يا أحمقُ ، نحنُ نذكُرُ المُقاتِلَةَ وأنْتَ تَذَكُر النظارَةَ . لقي أبُو موسى الأشعريُّ أعرابياً ، قَدْ قِدمَ من دومة والجْنَدل ، فقال : يا أعرابيُّ ، ما عِنْدَكَ مِن خَيرَ الناس ؟ قال : تركْتُهُم يَا يلعَنُونَ ثلاثةً قال : مَنْ هُمْ ؟ قال : الأشعري ، وأبَا مُوسِى ، وعبدَ اللهِ بنَ قيس ، كان بعضُ أهل البصرة يتَشِّيعُ وكان لهُ صديقٌ يفد إليه ويوافقه في مَذْهَبه فأودَعهُ مالاً فجَحَدهُ ، فاضطْرَّ إلى أن قالَ لمُحمدِ بن سليمان ، وسأله أن يحضرهُ ، ويُحلفه بحق علي عليه السلام ، ففعل ذلك . فقال : أعزَّ اللهُ الأميرَ . هذا الرجلُ صَديقي ، وهو أعزُّ علي ، وأجلُّ عنْدي منْ أنْ أخلف لهُ بالبراءة مْن مُخْتلفٍ في ولايته وإيمانه ، ولكني أحلف له بالبَراءة منْ المتفق على إيمَانهما وولايتهما : أبي بكر وعمَرَ ، فضحك محمَّد بن سليمان ، والتزم المال ، وخلَّى عَن الرَّجل . قالَ أبو معاويةَ الضَّريرُ : بعثَ هشام بنُ عبد الملكِ إلى الأعْمش أن أكتُبْ إلى بمنَاقب عُثمانَ ومساوئ علي على فأخذَ الأعمشُ القرطاس ، فأدخلهُ في فم شاة ، فأكلتهُ . وقال : قُلْ هذا جَوابُهُ . فرجَع الرسولُ ثُم عَادَ فأتى الأعمشَ . فقالَ الرسولُ . إنَّهُ قد آلى أنْ يَقْتُلَني إنْ لمِ آتِهِ بالجواب وتحمل إليْه بإخُوانِه . فقالُوا : يا أبَا مُحمد افتِده مِن القَتْل . فلماَّ ألحُّوا قال : اكُتبْ بسم الله الرحمن الرحيم . . أما بعدُ . فلوْ كَانتْ لعثمانَ مناقبُ أهل الأرض ما نَفَعَتْكَ ، ولو كانَتْ لعلى مساوئ أهْل الأرض ما ضَرَّتكَ فعليْكَ بخُويصةِ نَفْسِكَ . والسَّلامُ . قال ابنُ الفرق : رأيْتُ المختارَم مسْتُورَ العْين . قلتُ : مَنْ فَعل بكَ هذا قطعَ الله يدهُ فقال : ابنُ الفَاعلة عبيدُ الله بنُ زياد ، والله لأقطَعَنَّ أنَامِلهُ وأباجلَهُ ، ولأقتُلن بالحسيْن عَدَدَ مَنْ قُتِلَ بيْحيى بن زكريا . ثم قال . يا بنَ الفرق ، وإن الفْتنَةَ قدْ ألقتْ خِطامَها ، وخبطتْ وشمسَت . ثم قَالَ : ورَافِعةَ ذيْلَهَا ، وقائِلة : ويلها بدجلة أو حولها قال عبيدُ الله بن زياد لبعْض بني بكر بن وائل : ما تقولُ فينا وفي الحُسَيْن وفي قَتْلنا إيَّاهُ ؟ فقالَ : ما أقُولُ ؟ يجي جدُّه يومَ القيامةِ فيشفَعُ له ويجيءُ جدك فيشفعُ لكَ . كان أبُو الأسودِ يتشيع وكان ينزلُ في بني قشير - وهُمْ عثمانيةٌ فكانوا يرمونه بالليل ، فإذا أصْبحَ شكا ذلك فشكاهُم مرةً ، فقالوا لَهُ ما نَحنْ نَرْميكَ وَلكنِ الله . فقالَ كذبتْمْ - والله - لو كَانَ اللهُ يرِميني لما أخْطَأني . كان سُفْيانُ بنُ عُييْنةَ إذا يُشِّر بمَوْلُود مِن العلّوَيةِ أعطى بشَارةً ، وإذا نُعى إليْه واحدٌ جلَسَ للتعزيةِ . فقِيلَ لهُ في ذلكَ . فقالَ : يذهبُ أمانٌ ، ويزيدُ أمانٌ ، همْ أمانُ أهْل الأرْض مِن العذاب . سمعْتُ عمْرَو بن ديِنار عن ابن عباس أنَّ رسولَ الله صلى الله عليهَ . قال : النجُومُ أمانٌ لأهْل السِّماء ، وأهلُ بيتي أمانٌ لأْمتي . قال عبد اللهِ بنُ عباس المخزومي : قلتُ : يا عمُّ ، حدثني عما كان من صفو الناس معَ علي وإنما هو غُلامٌ منْ قريش ، ولأبي بكْر مِن السابقةِ ما قدْ عَلمتَ ، قَالَ : إن علياً كانَ ما شئْتَ من ضرس قاطع ، والسلطةِ في العشيرة ، والقدم في الإسْلام ، والصِّهر لِرَسُول الله صلى الله عليه ، والعِلْم بالقُرآن ، والفقْه في السُّنَّة ، والنَّجدة في الحرْب ، والجُودِ بالماعُون . دخَلَ أبوْ الطفيْل عامرُ بنُ وائلة الكنانيُّ على معاويةَ فقالَ لهُ : أْنتَ مِنْ قَتله عُثْمانَ ؟ قالَ : لا . ولكنني مِمنْ حضَرهُ فلم يَنْصرْهُ . قالَ : ومَا منعَكَ منْ نَصْره ؟ قَالَ : لمْ ينصرْهُ المُهَاجروُنَ والأنْصارُ . قالَ معاويةُ : لقد كان حقهُ واجباً ، وكان يجبُ عليهمْ أنْ ينصروهُ . قال : فَمَا منَعَكَ منْ نُصْرتَه يَا أميرَ المؤْمنينَ ومَعكَ أهْلُ الشَّام ؟ قالَ : أومَا طَلَبي بدمِهِ نصرةٌ لهُ ؟ فضَحكَ عامِرٌ فقال : أنْتَ والله وعثمان كقولِهِ : لأعْرفنَّكَ بعْدَ الموتِ تندُوبُني وفي حياتي ما زَوَّدْتَني زادي فقال لهُ معاويةُ : دَعْ هذا عنْكَ ، وقُلْ لي : ما بقَّاهُ الدهر مِنْ ثُكْلِكَ على علي ابنْ أبي طالب فقالَ : ثُكْلُ العجوز المِقْلاتِ ، والشَّيخ الرَّقوبِ قالَ : فكيْفَ حبُّكَ لَهُ ؟ فقالَ : حُبُّ أمِّ مُوسى لموسَى ، وإلى الله أشْكُو التَّقْصيرَ .