الجزء الخامس - الباب الرابع عشر نوادر المخنثين

الباب الرابع عشر نوادر المخنثين

قال بعضُهم : شهدتُ مجْلسا فِيهِ قينةٌ تغني ، فذهبت تتكلف صيحة شديدة فانقطعت . فصاحت من الخجل : اللصوصَ اللصوصَ . فقال لَهَا مُخنَّثاً كَانَ فِي المجلس : والله يَا زانيةُ مَا سُرق من البيت شيءُ غيرُ حَلقِك . استوهب رجلٌ من مخنَّث فِي الحمَّام خطمياً ، فمنعَه . فقال : سُبحان الله تمنعني الخطمي وقفيزٌ منه بدرهم ؟ ؟ فقال المخنُّثُ : فاحسبُ حِسابك أنت عَلَى أربعة أقفزة بدرهم ، كم يصيبك بلا شيء ؟ قال جَحْظةُ : فاخرني بعضُ المخنّثين فقال : يَا أبا الحسن ، وَفِي الدُّنيا مثلُ المخنثين ؟ قلتُ : كَيْفَ ؟ قال : إن حدَّثوا ضحكتُم ، وإن غنُّوا أطرِبتم ، وإن ناموا نكتُم . قال المتوكل لعبادة : مَا تقول فِي تطبيل سَلمان المخنَّث ؟ قال : هو حسنٌ ، ولكنَّه مثلُ الهيْضة يأتي بأكثرَ مما يُحتاجُ إليه. سمع مخنثُ أن صومُ عَرفَة كفارةُ سنة ، فصام إلى الظهر ، ثُمَّ أفطرَ ، وقال : يكْفيني ستةُ أشهر .

قيل لآخرَ : تُناك فِي الأسْت ؟ فقال : أو لي موضعٌ آخرُ ؟ وقل لآخر : أما تٌُستحي من أن تُناكَ ؟ فقال : ذوقوا ، ثُمَّ لُومُوا . ودخل مخنثٌ الحمَّام ، فنظرَ إلى رجل طويلِ الخُصيتين ، قصير الأير ، فقال سخنتْ عيْنُك . الغِلالة أطْولُ من القميص . وسمع آخر قوماً يقولون : إن من كَثْرة الحِجامة يعرضُ الأرتعاش . وأخذ شَعره يوماً وارتعش فقال يَا رب أخذتُ شَعري . لَمْ أحتجم . مر عيسى بنُ موسى بعد أن خلعهُ المنصورُ - وَكَانَ ولي عهدٍ بعدَه وقدَّم المهدي عَلَيْهِ - بمخنَّثٍ . فقال : إنسانُ مَنْ هَذَا ؟ قال المخّنثُ : هَذَا الَّذِي كَانَ غداً فصار بعدْ غد . قيل لعبادة : منْ يضربُ علي ابن أبي العَلاء ؟ قال : ضِرْسه . مرتْ امرأة بمخنّث حسن الوجْه - ومعها ابنةٌ لَهَا - فقالت : ليت لابنتي حسن وجْهك . قال : وطلاقي . قالتْ : تَعِستَ . قال : فتأْخذين مَا صَفا وتتركين مَا كَدر ؟ وصف مخّنثٌ امرأةً فقال : كَأَنَّ رَكَبَها دارةُ القمر ، وكأن شفْريها أير حمار فَلوى . سمع آخر رجلا يقولُ : دعَا أبي أربعةَ أنفسِ ، وأنْفَق عَلَيْهِم أرْبعمائة دينار ، فقال : يَا بنَ البَغِيضةِ لعلَّة ذَبحَ لهم مغنيتين ، وزامرةً ، وإلا فأربعمائة فِي أيش أنفقها ؟ قال شيخٌ لقرقر المخنثِ : أبُو مَنْ أنت ؟ قال : أم أحمد فديتُك سمع شاهِكُ المخنَّثُ رجلاً يصفُ الكَرفْس ، وأنَّه جيد لفتْح السَّدد . فقال : لا كَانَ الله لَكَ . أنا إلى سدِّ الفتح أحوج . تاب مخنثٌ ، فلقيه مخنّث آخرُ ، فقال : يَا أبا فلان : أيش حَالك ؟ قال : قَدْ تُبتُ .

قال : فمن أينَ معَاشُك ؟ قال : بقيتْ لي فضيلةٌ من الكَسْب القَديم فأنا أتمزَّزُ لَهَا . فقال : إِذَا كَانَتْ نفقتُك مِنْ ذَلِكَ الكَسْب فلحم الخنْزير طري خيرٌ من قَدِيد . رأى عبادة دابةً مخارق - وهي تُقرْمِط مَشْيهَا - فقال : يَا مخارقُ برذونُك هَذَا يمشي عَلَى استحياء . عُرض عَلَى عبادة خادِمٌ فقال : أنا لا أركبُ سفينةً بغير دَقَل . قُدِّم إلى عبادةَ رغيفٌ يابسٌ، فقال : هَذَا نُسِج فِي أيام بني أمية ولكن بلا طراز . ضُربَ طويسٌ فِي الشراب فقيل لَهُ : كيْفَ كَانَ جَلَدك عَلَى وقع السياطِ ؟ قال : بلغني أني كنتُ صَبُوراً . كان للمتوكل مضحكان مخنثان يقالُ لأحدهما شعرةٌ وللآخر بعْرة . فقال أحدهما لصاحبه : مَا فعل فلا نٌ فِي حاجتِك ؟ قال : مَا فتَّني ولا قَطعك ذُكِرت العراقُ لمخنّث مِنْ أهل الشَّام ، فقال : لعَن الله العِراقَ ، لا يُشربُ ماؤها أو يصْلب ، ولا يشربُ نَبيذُها أو يضرَب . قال الجماز : مات مخنّث يقال لَهُ نويفل فرآهُ إنسانٌ فِي النوم كأنه يقول لَهُ : أيش خَبرك يَا نُويْفل ؟ فقال : لا تسألْ . فيقولُ لَهُ : إلى أين صِرتَ يَا نويْفل ؟ قال: إلى النار . قال : ويْلك فمني ينيكَ فِي النَّار قال : ثمَّ يزيد بن معاوية لَيْسَ يُقصِّر فِي أمْرئ . نظر مخنَّث إلى رجل دَميم الوَجْهِ فقال : وجهُك هَذَا نموذج جهنم . اخْرج إلى الدنيا . قال عبادة لمكار : نِكني يَخْت أي يَخْتْ قال : وكيف ذَاكَ ؟ قال : تُدْخِلُه يابسا فإما أنْ ينْدقَّ أيرك ، وإما أن ينشَقَّ استي .

كان لمخنّث جاريةُ نفيسةٌ ، فقالت لَهُ يوماً : ويْلك مَنْ أبْلاني بك ؟ فقال : من أبْلاكِ بحَرك ، سوًّد وجهَهُ وشقَّ وَسطه، وقطع لسانَه ، وجعل إلى جانبه صُرَّةً لَهُ . قال ابن قريعة كَانَ لبعض المخنثُين أير عظيم . فكان يقول : اشتهي من ينيكُني بأيري . وقيل لمخنّث : لا تتنور ؟ قال : إذا كثر الدغَل أخذ الناس طريق الجادة . قال آخر : الأسْتُ مِسن الأير ، والقُبلة بريد النَيك . نَظَرَ مخنّثٌ إلى مسجد صغير لطيف ، فقال لآخر : أما تريد هَذَا المسجد ؟ مَا أملحَهُ ، لا يصلح والله إلا أن يُحُمل فِي السَّفر . نظر مخنَّث إلى رجل مِنْ ولدِ أبي موسى الأشعري يَمْشي وهُو يتبخْتر فقال : انظروا إلى مشيَةِ مَنْ خَدَعَ أباه عمرو ابن العاص . أصاب رجلاً الحُصْر . فقيل لَهُ : احتقن . قال : لو كَانَ قَدْر حُمٌّصةٍ مَا قدرتُ عَلَيْهِ ، فقال لَهُ مخنَّث كَانَ حاضِراً : لأنَّكَ ضيْعْتَ نفسَك فِي صغرك . تقرى مخّنثٌ فأتَى جبل لُكام عَلَى أن يتعبَّد فِيهِ ، فأخذ زادَه وصَعد ، وسار عَلَى سهل ، فنفدَ زادُه وجلس قَدْ أعيا فرفع رأسَه فإذا بينَه وبين الجبل مسافةٌ ، وتطلَّع إلى أسْفلَ ، فإذا هُوا قَدْ قطَع أكْثره ، فنظر إلى الجبل وقال : واشماتتي بكَ فِي يوم أراك كالعِهْن المنْفُوش . جلس قومٌ فِي مجْلس - ومعهُم مخنَّث - وقال رجلٌ منهم : أنا أشتهي كشكيةً حَامِضة وضرط . فقال المخنثُ : قطع الله ظهْرَ الكشْكيَّةِ ، مَا أسْرعَ مَا تَنفُخُ البطنَ قال عبادة يوماً للمتوكل : قَدْ عُمِل بي البارحة كذا وكذا دفعةً . فقال لَهُ المتوكل : ويْحكَ أما أعْييتَ ؟ قال : إنّما يعْيا البريد لا الطريق . ضُربَ مَخنَّثٌ بالسِّياط فسَلَح . فقيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ . فقال : ويَلَكُم فما ذي أدَّخِرهُ إذاً ؟ قال : إذَا أرادَ المخنَّثُ أنْ يعيبَ صاحِبهَ قال : لا - والله - بَلَى مَا أنْتَ بمَخنَّث ولا أنْتَ إلى رجلٌ جيِّدٌ . كان عبادةُ يُسمي السراويلَ مقطرة الإست . نَظرَ مُخَنَّثٌ إلى رجل يغْسِلُ اسْتَه ، ويَسْتقصِي جداً . قال : عافات الله تُريدُ : يُشْربُ بِهَا سَويقٌ ؟ كانَ بالمدينة مخنَّثٌ يُكنى أبا الخَزِّ ، وَكَانَ مليحاً ، فَدخَلَ عليْه لِصٌّ ليلةً ، فجمعَ مَا وجَدَ فِي بيته ، وأبُوا الخَزِّ ينْظُرُ إليه ، لا يجْتريءُ عَلَى أن يُكلِّمهُ ، فلما أراد اللص الخُروجَ قال لهُ : فدَيتُكَ . مَا اسمُكَ ؟ قال : نافعٌ قال : نافعٌ واللهِ لغيْري . تلَّبس مُخَنَّثٌ . واحتارَ ، فقال لَهُ رجلٌ : إلى أيْنَ يَا خرَا ؟ قال : إلى شَاربك . قال المتوكلُ يوماً لجُلَسائِه : أتعلمونَ مَا أولُ مَا عتَب المسلمون عَلَى عثمانَ ؟ فقال أحدُهم: نعم . يَا أميرَ المؤمنين ، إنه لمَّا قُبض النبيُّ عَلَيْهِ السلام قام أبو بكر عَلَى المنبر دون مَقام النبي عَلَيْهِ السلام بمْرقَاة . ثُمَّ قام عمرُ دون مَقام أبي بكر بمرْقاة . فلما وَلي عثمانُ صعد ذروة المنبر ، فأنكر المسلمون ذَلِكَ عليه ، وكانُوا أرادوا مِنْه أن ينزل عن مَقام عُمر بمَرقاة . فقال عبادةُ : يَا أمير المؤمنين . مَا أحدٌ أعْظمَ مِنةً عَلَيْكَ ، ولا أسْبَغ معروفاً من عُثمانَ . قال : وكيفَ . ويْلك قال : لأنه صعد ذِرْوة المنبر ، فلو أنه كُلما قام خليفةٌ نزل عَنْ مقام من تقدَّمهُ مرقاة كنتَ أنت تخطبُ علينا من بَيْنَ جَلْوتي . دخل مخنث ذات يوم نهراً ليغتسل ، فجاء قوم من آل أبي مُعَيط. وجعلوا يرمُونَه ، وعرَفهُم فقال : لا ترْموني فَلسْتُ بنبي .

نظر عبادة إلى زُنام الزامرِ يبكي عَلَى بِنْت لَهُ ماتتْ ، فقال : قُطع ظَهْرك كأنك والله مطبخ يَكِف . وقال عبادة : كلُّ شيء للرجالِ لَهُ معنى إلا اللُّحي ، والخُصي . وقال بعض المخَنَّثين : إِذَا كَانَ المغني بارداً فصاحبُ البيْتِ عليلُ القَفَا . . أخِذ مخنثٌ فِي شيء ، وأحْضِرَ عند الوالي ، فأمر بضَربْه ، فصاح : يَا سيدي . كذَابُوا والله علي كما كَذبُوا عَلَى المُري . قال : وكيف كذبوا عَلَى المري ؟ قال : هو منِ البُر ؟ يقولون هو من الكامَخ . فضَحك الوالي ، وخلاهُ . وقيل لمخنَّث كَانَ يتجر : لَمْ لا تركبُ البحرَ فإنَّ فِيهِ الغني والتمولَ ؟ قال : يَا غافلُ . أنا أعصيه منذُ أربعين سنة ، أذهبُ فأضع يدي فِي يده ؟ اجتاز مخنث بنائحةٍ جالسة عَلَى باب دار ، فقال لَهَا ، مَا جلوسُك ها هنا ؟ قالت : خيرٌ . قال : لو كانَ خيْرا كنتُ أنا هاهُنا لا أنْت . نظر مُخنَّث إلى رجُل مُقيد قَدْ أخرج للعَرْض ، وهو ينظرُ إلى غُلام أمْردَ فقال : العصفور فِي الفَخِّ وقلُبه فِي سوقِ العلفِ . قال سمسنة المخنثُ لرجل كَانَ يكتب كتاباً إلى معرفة السمسنة : أقرئه سَلامي فِي كِتابك . قال : قد فعلتُ . قال : فأرني اسمي الَّذِي يشبهُ الدابَّة الَّتِي تدخل الآذان . ووصف مخنث الحرِ ، فقال : كأنه أنُو شروان فِي صَدْر الإيوان ، مَكورٌ كأنه سَنام ناقة صالح ، موطأ كأنه أليةُ كبش إبراهيم ، غليظ الشفتين ، كأنه شفةُ بقرة بني إسرائيل . لقى مخّنث آخر ليودِّعه ، فقال : أحمدُ الله عَلَى بُعد سفَرِك ، وانقطاع أثَرك ، و شِدة ضَررِك فقال له : أنا أسْتودِعك العمى . والضَنى ، وانقطاع الرزق من السما . وقال مخنثٌ لآخر : أراني الله وَجْهك الساطور ، وفِي عَيْنيْكَ الكافُور ، وَفِي شقَّ استك الناسور .

وقال آخر : ضَحكُ الحرُ يومَ الخِتانِ ضحكُ النعجة بَيْنَ الذئاب ، ضَحكُ الدُّب بَيْنَ الكِلابِ ، ضَحِكُ الرأس عن الرآسي ، ضحك البغاية إذا عزلْتها الدَّاية . ومرَّ آخر بقاضٍ وهو يقولُ : إنَّ إسرافيل مُلتقِم الصُّور ، ينْظُر متى يُؤمَرُ بالنَّفخ . فقال : إنا لله ، إنْ عَطَس افْتضحْنا . قال عَلانُ شدْق - وَكَانَ قبيحاً جداً : مررتُ بمخنَّث يعْزلُ عَلَى حَائِط فقال لي : مِنْ أيْن أتيْت ؟ قلتُ : مِن البَصْرَةِ . فقال . لا إله إلا اللهُ تغَّير كُلُّ شيء حَتَّى هَذَا كانتْ القُرودُ تُجلبُ مِن اليَمن . الآن تجيءُ من العِرَاق . وحجّ مخنًّثٌ فرأى إنساناً قبيحاً يرمي بالجمار ، فقال لَهُ المخنَّثُ : بأبي أنْت ، لستُ أشِيرُ عَلَيْكَ أنْ تعودَ إلى هَذَا المكان . قال : ولمَ ؟ ألستُ مسْلماً ؟ قال : بلى ، ولكن لا أرى لَكَ أن تبْخل عَلَى أهْل النار بهذا الوجْهِ . نظرَ مخنّث إلى رجل قصِير عَلَى حِمار صَغير ، فقال : هُما تؤْأمان . وقال بعضُ المخنثين : كَانَ لي أسْتاذٌ مخّنث يقالُ لَهُ زائدةُ ، فمات . فرأيتهُ فِي النَّوم فقلتُ لَهُ : مَا فعل اللهُ ربُّك بك ؟ قال : أدْخلني النار . قلت : فمَنْ توْرُك فِيهَا ؟ قال : هيهات انقلبت المسألةُ أنا تور فرعون . غمز عبادة رجُلاً فِي دْرب ، ووقف لَهُ عَلَى باب دار، وجَعل الرجلُ يدفع فِيهِ ، فأشْرفتْ عَلَيْهِ امرأة ، وصاحتْ : اللصوص . فرفع عبادةُ رأسَه إليها ، وقال لَهَا : يَا بظراءُ . النقْب فِي حائطي أوْ حائطك قيل لمخنث : مَا أقْبحَ استك قال : تراها لا تصْلُح للخرا ضرب عاملُ المدينة مخنثاً عشرَ درر ، فضرط إحدى عشرة . فقال لَهُ ويلكَ ضربتكُ عشر ، وتضرط إحْدى عشرة ؟ ؟ قال لَه : ويْلكَ أصْلحك اللهُ ، البدءُ كَانَ مني . فضحك ، وخلاهُ .

قال بعضهم لمخنّث : لقد قمتُ إليك لأدخِلنَّك مِن حيثُ خرجْتَ ، فنظر إلى نفْسه وَكَانَ عظيمَ الجثَّةِ ثُمَّ قال : يَا أخي . إنْ فعلتَ ذَاكَ إنَّك لرَفيق . قيل لمخنّث : مَنْ تَرى يرغَبُ فيك مع قُبْحكَ ؟ فقال : الحمارُ إذا جاع أكَل المِكْنَسَة . نظَر رجلٌ إلى أير ابنهِ فِي الحمام - وهو كبيرٌ - فضربهُ ، وقال : مَا طال أيركَ إلا مِنْ كثْرةِ مَا تُناك . فقال مخنثٌ كَانَ معَهُ فِي الحمَّام : لا تَفْعَلْ ، فلو كانَ هَذَا حقاً لكانَ أيرى وَبظر أمِّه قَدْ بلَغَا مكةَ . قال مخنثٌ لامرأة : لولا أنَّ الحق مُرٌّ لسألتك عن شيء . قالت : مَا يغْضَبُ من الحق إلا أحمقُ ، فسلني يَا بنَ الفاجرةِ . فقال لَهَا : لَم صار فمك بالعرضِ وحركِ بالطولِ ؟ قالت اسكت يَا بن الفَاجرة قال هَذَا مما كنا فِيهِ . ناك رجلٌ مخّنثاً فِي بيْت فِيهِ تِبْنٌ ، وَكَانَ أيره يزلِقُ من استِ المخنثِ ويتلوثُ بالتبن ، ويرده الرجلُ . فقالَ المخنثُ ، حَبيبي . هو ذا نيكُك أو تحْشوا مسورة ؟ ؟ ؟ قيل لمخنث : كَمْ سِنُوك ؟ قال : خمسٌ وتِسْعونَ . قيل : فَلِمَ لا تتزوجُ ؟ قال : ليْس فِي رجال هَذَا الزمانِ خيرٌ . قيل لآخر: مَا تحبُ من الثياب ؟ قال : التكة قيل : فمن السلاح ؟ قال العَمُود . قيل : فمن اللحم ؟ قال العصيب قيل : فمن البُقُول؟ قال : القِثَّاء . قيل : فمن البَوارِد ؟ قال : الهلْيون . قيل : فمن الفَاكهة ؟ قال : الموزُ . قيل فمن الحَلواء ؟ قال: الحلاقيم . قيل : فأي مَنازلِ مكة أفضلُ ؟ قال : ذات عِرْق . قيل فمَنْ خير الصحابة ؟ قال : الزبير . قيل : فما أُحْسنُ شيء فِي الإنسان ؟ قال الأير . قال رجل لمخنّث : صح لي بذلك المُجتاز . فقالَ : وَمَا اسمهُ ؟ قال : هِلالٌ . فجعل يناديه : يَا رأسَ الشَّهر . ضرب مخنثً يدَه إلى أير رجل ، وجعل يشغلهُ بالكلام ، ثُمَّ قال لهُ فِي كلامه : من بقي من أهل بيتك ؟ فقال : هَذَا الَّذِي فِي يدك ؟ تاب مخنّثٌ ، فلما كانَ فِي بعض الأيام لَقيهُ مخنثٌ آخر ، فقال لَهُ التائبُ : أما آن لَكَ أن تتوبَ ؟ ؟ ويل مِنْ عَاصِم . قال : ومَنْ عاصمٌ ؟ قال : خازنُ جهنم . قال : أخيي ، لو تختثت خَمسين سنة أخرى كَانَ أصلح لَكَ من أنْ ترجَفَ بالملائكة . متى غزلوا مالك ، وولوا عاصِمَ ؟ سمع مخنّث طبيباً يذكُر الطبائع الأربعَ ، فقال : الطبائعُ الأربع عندنا الأكْلُ ، والشُّربُ ، أن تنيك وتُناك . جمع مخنثٌ بَيْنَ نفْسيْن ، فأخذوا جميعاً ، أفرج عنهُما . ورُفع المخنثُ إلى السلطان فسألهُ عن قِصَّته ، فقال : هؤلاء وجدُوا طائرين فِي قفص ، فَخلُّوا الطائرين وجبسوا القَفَصَ . نظر رجلٌ قبيح الوجُه فِي المرآة ، فقال : الحمد لله الَّذِي أحسن خلقي فقال مخنثٌ حَضرهَ: أم مَنْ يبهتُ ربهُ زانيةٌ . رأى عبادة دينار بن عبد الله - وقد ولي مصر - فقال : يَا فرعونُ أرفع رأسك وانظر من نُدِب لمكانِك . واشتكى مخنثٌ ، ثُمَّ تماثل ، فقيل لَهُ : كَيْفَ أنت ؟ فقال جاءتني العلةُ باقاتٍ وتجيئني العافيةُ طاقات . سمع مخنّث قول ابنة الخس لما قيل لَهَا : ما حملك عَلَى الزنى ؟ فقالت : طولُ السوادِ وقُربُ الوسَاد . فقال المخنّث : وحبُّ السِّفاد . سمع مخنث رجلاً يقرأ قراءةً قبيحة ، فقال : أظنُ أن هَذَا القرآن هو الي يزْعم ابنُ أبي دواد أنه مخلُوقٌ . سمع مخنث رجلاً يقول : اللهم اجَعل الموتَ خيرَ غائب أنتظِرهُ فقال : إذاً غيابُك غيابُ سوء . قال المتوكل لعبادة : كَمْ سِنُّك ؟ قال : والله مَا أعْرفُ الحِسابَ ، ولكن تعرفُ أنت عفْرويه . قال : لا - والله - ومَنْ عَفرويه ؟ قال: الَّذِي يقول فِيهِ القائل . ضراط عَفرويْه بليلٍ طرقا احسب الآن كَيْفَ شِئت وتزوجتُ أم مخنّث ، فلما كَانَ ليلة الزفاف جعل يتسمعُ عليهما فلما سمعَ الحس . قال : يَا أمي . وذا تأكلين وحْدَكِ . لا هنأك اللهُ . قيل لمخنّث : كَيْفَ تَرى الدُّنيا؟ قال : مِثلنَا . نخن يوماً عند الأسخياء ، ويوماً عند البخلاء . قالت امرأة لعبادة : اشتريتُ قَفيزاً بثلاثةَ عَشرَ درهماً ، كم يصِيبني بثلاثة دَراهمَ ؟ فقال : أنت طُولُكِ وعَرضْك لا تعرفين هَذَا يصيبك قَفيزٌ إلا بعشرة دراهم . دخل عبادة الحمامَ يوماً فرأى غلاماً كبيرَ الأير ، فبادر فقبض عَلَيْهِ ، فقال الغلام : مَا هَذَا . عافَاك الله ؟ قال : أما سَمعت قول الشاعر : إذا مَا رايةٌ رِفُعت لمجدٍ . . . تلقاها عرابةُ باليمين . ألزَم المتوكلُ عبادةً في يوم من شهر رمضان أنْ يقرأ في المُصْحَف ، فقرأ وجعل يصحَّف ، ويغْلطُ . حتى بلغ إلى قوله " وبشر المخْبتين " فصحفَه ، وقال وبشِّر المخنثين فطردَه . نظر مخنث إلى إنسان وَحش الخِلْقه ، فقال : هذا نموذج جَهَّنم أخْرجَ إلى الدنيا . طلب رجل منزلاً يكتريه ، فجاء إلى باب دار ودفعهُ ، وقال : لكمْ منزلٌ للكِرَاء ؟ وإذا في الدار مخنثٌ - وفوقَه رجلٌ - فصاح مِنْ تَحتِه: أليسَ ترانَا بعْضَنا فوق بعض منْ ضِيق المكان ؟ مِنْ أين لنا مَنزلٌ يُكْرى ؟ ؟ قال مخنْث لآخَرَ : ذهبتِ الأيور الباستانية التي كنا نَعْرفُها . فقال : ما ذَهبت الأيورُ ، ولكن اتْسعنْا نحن . رأى إنسانٌ مخنثاً ينتِف لحيتَه ، فقال له : ويلكَ . لأي شيء تنْتِفُ لحيتَكَ ؟ فقال : يُسرك أنَ مِثلْها في استِكَ ؟ قال : لا . قال المخنثُ : فشيء تأنفُ لاستكَ منه، لا آنفُ لوجْهي منه ؟ ؟

كان المتوكل على برْكة يصيدُ السَّمكَ - وعنده عبادةُ المخنثُ - فتحرك المتوكِّل ، فضرط ، وقال لعبادة : اكتمها علي فإنَّك إن ذكرْتَها ضربتُ عُنقَك . ودخل الفتحُ : أيشْ صدْتُم مِن الغَداة ؟ م فقال له عبادةُ : ما صِدَنا شيئاً ، وما كان معنَا أيضاً أفْلتَ . ركب المتوكل يوماً زلالا ومعه جماعةٌ ، فعصفَت الريحُ ، وفزعَ الناسُ . فقال عبادة . يا أميرَ المؤمنين . أما كُنيزُ دُبَّةَ فإنه لا يخافُ الغَرق . فقال المتوكّلُ : وكيفَ ذاك ؟ قال : لأنه يسْبحُ على رَق . وكان كنيزٌ مخنَّثاً آدَر . كان بعض ولد الفضل بن الربيع يتخَنّثُ ، فوكَل به أبُوه غُلاماً يمنعُه من نتْف لحُيته ، فبات ليلة . فلما اصبح رآه منتوفَ اللحية ، فقال : أهلكْتني - والله - أين لحيتُك ؟ قال : " فطاف عليها طائِفٌ مِنْ رَبِّك وهُم نائمون . فأصْبحت كالصرِيم " . قيل لمخنث : كيف تتهجى بكمرة ؟ فقال : كاف ، ميم ، راء ، هاء قالوا : هذه كَمرة . قال : كل إنسان يتهجي ما يشْتهي . لقى الطائفُ - وكان ماجناً - جماعةً من المخنثين ، فقال : نيكُوا بني الزواني ، واضربُوا بني القُحاب . فقال مخنثٌ منهم : يا سيدي . سَبقتْ رحمتُك غضَبَك . أدْخلَ مخنثٌ على العُرْيان بن الهيثم - وهو أميرُ الكوفة - فقالوا : إنه يَفعلُ ويصَنعُ . فقال له العريان : يا عدوَّ اللهِ . لمَ تفعلُ هذا ؟ قال : كذّبوا علي - أيها الأمير - كما كذَابوا عليكَ . فغضب العريانُ ، واسْتوى جالساً ، وقال : وما قيلَ في ؟ قال : يُسمُّونك العريانَ وعليك عشرون قطعةً ثياب . فَضحِك . وخلاه . قال مخنث : رمضَانُ بين شَوالٍ وشعْبانَ مخشلبةٌ بين دُرتين .

وقيل لمخنّث : ما الذي أفدت من التخنيث ؟ قال : است مخرقة ، واسمٌ قبيحٌ . قال هيتُ المخنّثُ لُعَمر بن أم سلمةَ : إن فتح الله عليكُم الطائِف فسل رسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يهبَ لك بادنَة بنت غيلان بن سلَمة ، فإنها كحْلاءُ ، سموعٌ ، نَجْلاءُ ، خُمصَانةٌ ، هَيْفاء إنْ مشتْ تثنَّت ، وإن جلَست تدنَّتْ ، وإن تكلَّمتْ تغنَّت ، وتُقِبلُ بأربع ، وتدبرُ بثمان ، وفخذَيْها كالإناء المكْفأ . فَروِي أن كلامَه بلغ رسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فمنع المخنَّثين من الدُّخول على النساء . نظر مخنث إلى إنسان كبير الأنف ، قد أشرف على فمه . فقال : انظروا إليه كأن أنفه أير يتطلَّع في بئر الخَلا.