الباب الخامس عشر نوادر اللاطةِ
روادَ إنسانٌ متقر على الفُجور ، فقَال : ما تعُطيني ؟ فقال ، أستغفرُ لك وأقرأ لك كل يوم آيات أعوذكُ بها ، فقال الغلامُ اليوم عاجلاً " وردّ للهُ الذين كفروا بغيظِهمْ " رؤي بعضُ اللاطة مع غلام أسودَ ، فقيل له في ذلك ، قالَ : الأسودُ طيبُ النَكْهةِ ليِّنُ الأفْخاذِ ، مُلْتهبُ الجوف ، رخيص الجذر سريع الإجابة لأنك تدعوه لتنيكه فيظن أنك دعوتَه لينكيك . قيل لبعض المتصوفةِ : أنت لُوطي . فقال : ما تقولُ في لص لا يسرق ، هل يلزمه القطعُ ؟ قال بعضهم : رأيت شيخاً يطاف به ، وينادي عليْه : هذا جزاءُ من يلَوطُ ، والشيخُ يقول : بخ بخ لِواطٌ محضٌ ، لا زنى ، ولا سرَقٌ. قل لشيخ لاطَ : ألا تستحي ؟ فقال : أستحي وأشتهي . قال بعضهم : الغُلام استطاعةُ المعتزلةِ ، لأنه يصلُح للضدين ، يَفْعلُ ويُفْعُل به . والمرأة استطاعة المُجبرةِ : لا تصلح إلا لعمل واحد . قيل لأعرابي : ما تقولُ في نيك الغِلمان ؟ فقال : اعُزبْ ، قبَّحك اللهُ . والله إني لأعافُ الخَار أن أمر به ، فكيفَ ألجُ عليه في وَكره ؟
وجُد شيخٌ في مسجد ، وتحتَه صبي ، فلما هجمَ عليه عدَا الصبي ، وقام الشيخُ متأسفاً وجعل ينظر إلى متَاعِهِ ويقولُ . كان ببغدادَ لوطي مُوسِرٌ ، فكان إذا جاءَ وقتُ الزكاة وزنَ زكاة ماله ، ووضعهُ . فإذا حصَل عنده مؤاجرٌ وزَنَ جذْره منهُ ، وقال : ألكَ أمُّ أوْ أختٌ تستحق الزكاة ؟ فيدْفَعهُ إليه ، ويقولُ : خذها مِن زَكاة مَالي ، وأعْطني ما أريده منْك تفضُّلاً . وكان بعض المؤاجِرين يتحرجُ فكان إذا أعطاهُ إنسانٌ جذْرَهُ أخْرج تُفاحةٌ أو ما يشبهُهَا ، وقال للرجل : قد اشتريتَ مني هذا بهذه الدَّرَاهم . فيقول اللوطيُ : نعم . فيقول : فأما الآن فَأُعطيك ما تريدُ من غَيْر جذْر . قيل لوحد : لم فَضَّلتَ الغلام على الجاريةِ ؟ قال : لأنهُ في الطريق صاحب ومع الإخوان نديمٌ ، وفي الخلْوة أهلٌ . قال ابنُ قريعة القاضي : مررت بشِيخ قد خَرج من خَربة ، وبيده أيرُه وهو يقول : ما أعجبَ أسبابَ النّيك ؟ فقلتُ له : يا هذا ، إنما يقالُ : ما أعجبَ أسبابَ الرَزق ؟ ؟ قال : خُذْ حديثي ، ودخلتُ هذا الخرابَ لأبولَ ، فأنعظتُ فهممتُ أن اجْلِد عميرةَ . فدخل صبيان كالقمرين ، فلم يرياني ، وأخذا يتبادلان فقمت إلى هذا فنكته ، وإلى هذا فنكته . وخرجتُ كما تراني متعجباً بالله ، ما هذا بعجب ؟ ؟ قلت - بلى والله - وانصرف لا حَفِظك الله . جاءُوا إلى أبي نُواسٍ بغلام ملِيح ، إلا أنه أعُرجُ . فقال : ما أصنعُ به وهو أعرجُ ؟ فقال الغلامُ : إنْ أردَتني لأن تضربَ علي بالصوالجةِ فلا أصلحُ لذلك وإن أردتَني للنيك فقُم . كتب رجلٌ إلى غلام كان يعشقُه : وضعتُ على الثرى خدي لترضَى . فكتب إليه الغلام : زنْ عشرة دَراهم ، وضَعْ خدَّك على خدي .
وصفُوا غلاماً عِنْد بعض اللاطة ، فقيل : هو فاسدٌ . قال : في فَسادِه صَلاحي . نظر غلام في المرآة ، فرى لحيتَه قد بدتْ وقال فقال قَوَّادُه بعث المبرِّد غلامَه ، وقال بحضرة الناس : امض فإنْ رأيتَه فلا تقُلْ له ، وإن لم ترَه فقل له . فذهب الغلامُ ، ورجعَ فقال : لم أره ، فقلتُ له ، فجاءَ فلمْ يجئ فسُئِل الغلامُ بعد ذلك ، فقال : انْفذَني إلى غُلام ، فقال: إن رأيت مولاهُ فلا تقُلْ له شيئاً ، وإن لم تره فادْعُه . فذهبُ فلم أرَ مَولاهُ ، فقلتُ : فجاء الموْلى ، فلم يجئ الغلام . أدخل ابنُ سَيابةَ غلام ليفسِقَ به ، فقالَ له الغُلامٌ : أنت ابنُ سَيابة الزنديقُ ؟ قال : نعم . قال : أين الزندقةُ ؟ ونومَه ، وأدخل عليه ، ثم قال : يا بُني : قيل لأبي نواس لِمَ تُؤْثر الغُلامَ الفحل على الخصى ؟ فقال : لان الغلام معه بيْذقان في وسط الرقعة يدفع بهما الشاةَ . قيل للوطي : كيف رأيت فلاناً ؟ لغلام كان يتعاطَاهُ . فقال : يجعلُ البيذّقَ فِرْزَاناً . غَمز لوطي غلام ، فقال الغلامُ : أنا لا أصلُحُ لما تريدُ . فقال اللوطي : وأنا أجعلُك بحيثُ تصلُح . قال بعضهم سمعتُ شيْخاً قد خرف بعد شطارة يقول : نكتُ غلاماً في دهليزي أمس فأردتُ أن أدخُل عليه ، فقال لي : لا تفعلْ ، فإني مسحُتُ على خُفي ، وأكرهُ أن ينتقض وضوئي . فقلتُ : إنَّ نيك الغِلمان بين الفخذين لا ينقضُ وضُوءَهم . وقال آخر : رأيتُ شيخاً مِنْ كبار الشُّطار ، يمرُّ ومعهُ صَبي صَغيرٌ . فقلتُ : بلغنا هذه الحالَ . فقال : يا سيدي إن الأسد إذا كبر يَصيدُ الضفادع . وجدَ شيخ مع صبي خلفَ كرَب فقالوا له يا شيخُ . أما تَسْتحي وأنت رجلٌ عاقل ؟ لم لا تحصن نفْسَك ؟ فأخرج من فيه قطعة فيها قيراطٌ ، وقال : والله ما أملكُ غيره وقد رضى بها هذا الصبي . فهل فيكم مَنْ يزوجني بها حتى أتحصن ؟ سأل بعضُهم غلاما ، وإعطاء دِرْهمين ، فأراد أنْ يدخُل عليه ، فامتنع ، وقال : لا أقْوى . فقال الرجل قد خيَّرتُك في إحدى ثلاث - وكان يعْلم أن الغلام يذْهب مذهب الجَماعةِ - إما أن تردَّ الدِّرهمين ، أوْ تدعَني أدخلُه ، أو تقول : القرآن مخلوق . قال الغلام : أما ردُّ شيءٍ من الدرهمين فلا سبيل إليه ، وأما القرآنُ فلو ضربْت عنُقي ما قلتُ إنَّه مخْلوقٌ ، وأما الثَّالثةُ فأتحمّلُها فأدخل عليه ، وصاح الغلامُ وجعل يقول : صاح الصبيانُ بأبي سعيد الخرزي : يا لوطي يا لُوطي . فجعل يضحكُ فقيل له : يا شيخ . أمَا تستحي ؟ يصيح بك الصبيانُ - وأنت تضحكُ ؟ قال : فديتُك . إذا صدقُوا أيش يمكنني أنْ أقُول ؟ غضب سعيد بن وهب يوماً على غلام له ، فأمَرَ به ، فبطحَ ، وكشف الثوب عنه ليضربه ، وقال : يا بن الفاعِلة . إنَّما غرتْك استُك هذه حتى اجترأتَ على هذه الجرْأة ، وسأُريك هوانها علي . فقال الغلامُ : طالما غرتْك هذه الأستُ حتى اجترأت على اللهِ ، وسوف ترى هوانك عليْه . قال سعيدٌ : فورد على مِن حالهِ ما حيرني ، وسقط السوط . من يدي . قسَم بعضُ الولاة بالمدينة قسْماً في الزَّمني ، فأتاهُ أبو خزيْمَة ، فقال : أعطني فإني زمِنٌ . قال : ما أرى بك زمَانةً . قال : بلى قال : ما هي ؟ قال : أنا لُوطي . قال : نعم ، إنَّك لزمِنٌ من عقلك ، وأعْطاه . سئل ابنُ سيابة عن مؤاجر ، فقال وكان يقول : نيك وكان يترافق اثنان : أحدهما " يقود بالصِّبيان الصغار ، والآخر ، بالبالغين الكبار ، وكلُّ واحد يعيبُ صاحبَه ، ويعنِّفُه ، حتى أخِذ في بعض الأيّام صَاحِبُ الصِّغار مع صبي ، ورُفع إلى السُّلطان فضُرب ، وحَمل الصبي على عاتِقِه ليطاف به في البَلد، فلقيّهُ رفيقُه ، وهو على تلك الحال ، فقال : قد كنتُ أنهاك عن الصِّغار حذراً عليك من مثْل هذا ، ولو كان كبيراً لم ينكرْ كونُه معك في البيْتِ . فقال : اسكتْ يا أحمقُ . فلو قبلتُ منك وكان مكان هذا الصغير ذاك الكبير ، فكان يُدَقُّ عنقب بثقِله . وجُد آخرُ مع صبي في منارة المسْجد ، وسَراويلاتُهما محلولةٌ ، فقيل : ما هذا ؟ فقال : أريد أن أبْدل تكتهُ بتكتي . قال بعضهم : إذا كان للغلام أير ضخمٌ فهو فخذٌ ثالث . قيل لبعضهم : اللواطُ إذا استحكَ صار حُلاقاً . قال : هذا مِن أراجيف الزنُّاة . قال بعضهم : نزل بي ضيف فنومتُه في الدار ، فوجدتُه في بعض الليل معي على السرير في البيت ينيكني ، فقلتُ : ويحْك لم دَخلت البيت ؟ قال : وجدتُ البرْدَ . قلتُ : فلم صعدت السريرَ ؟ قال : من البراغيثِ . قلتُ فلمَ تنيكني ؟ قال : ليس هذا موضع المسأَلة . دب واحدٌ على غُلام ، فانتبه الغُلامُ ، وأخذ شيئاً فرمَاهُ به ، وشجه . فلما أصْبحَ ، قيل له : استعْدِ عليه . فقال : يا قوم أنيكُهم من غير أن أستأْذنَهم . ثم أْستعدى عليهم إذا ضربوني ؟ ؟ هذا لا يجُوز . كان غلامان يلعبان بالطيور ، فقال أحدهما لصاحبه : إذا كان غداً وتسابقْنا تنايكنا . قال صاحبه : وإن لم نتسابقْ لم نتنايك ؟ قال الجاحظُ : كان بعضُ المؤاجرين يعْطي في الشَّمال بأربعة دَراهم وفي الجنوب بدرهمين فقيل له في ذلك . فقال : في الشمال الريحُ علي ، وفي الجنُوب الريحُ معي . أراد رجل أن ينيك غلاماً بين فخذيه ، فصاح ، وقال : لا أنا لا أطيقُ خارج نظر رجلٌ إلى غُلام وفي وجهه وجبينه أثرٌ . فقال له الغُلام - وقد أدْمَن النظرَ إليه - : يسألُك الله عن سوء ظنِّك . قال : بل يسألُك عن سوء مصْرَعِك . نظر بعضهم إلى غلام أمْردَ وهو يتكلَّم بقِحَة ، ورقاعة . فقال : هذا وجهُ من يشمُّ التراب . أخذ رجلٌ مع غلام ، فرفع إلى صاحب الشُّرطة، فأدَّبه ، ثم وجدَ بعدَ ذلك مع امرأة وعُوقب . وبعد ذلك مع مخنّث فأدِّب ، ثم وجد في خربة ينيك أناناً . فقال له صاحبُ الشُّرطة : ويلك لم لا تعمِد أيركَ ؟ قال : يا سيدي هذا غِمْده ، ولكنْ لستم تتركونني أنْ أغْمده . فضحِك وخلاه . قيل للوطي : ويحك ؟ ؟ إن مِن الناس من يسرقُ ، ويزني ، ويعمل العظائمَ سنين كثيرةً ، وأمْره مسْتُور ، وأنت إنما لُطت منذُ شهور . وقد شُهرت وافتضحت . فقال : من يكونُ سرهُّ عند الصِّبيان ، كيف يكونُ حاله ؟ نظر بعضُهم إلى غلام وأدَمنَ النظر . قال : فقال الغلامُ : لمَ هذا النَظر ؟ فقلتُ : سيدي : أين منزلكم ؟ قال : في النار ، تطلُب أثراً بعد عين أن تؤخر اليوم لغد ، وتتبعَ مالا تأْمَنُ السائِق عليه . دخل بعضهم الحمام فرأى فيه غلاماً صبيحاً، فأرادَه على نفْسه فامتنع ، فكابر ، وأخذه وأفلت الغلامُ ، وصاحَ ، فدخل القيِّم وجماعة معه ، فقالوا للرجل : ألا تستحي سوءة لك ؟ قال : قلتُ له : صُب الماء علي فامتنع . قالوا : فما بالُ أيرك قائماً ؟ ؟ قال : قام من شدة الغَضَب . قيل للوطي : متى عهدك بالحر ؟ قال : مذ خرجتُ منْه . ذكر يونس بعضَ اللاطة فقال : يضربُ ما بين الكُركى إلى العنْدليب يقول : لا يدَعُ رجلاً ولا صبياً إلا عفَجهُ . حكى بعضهم قال : رأيتُ بعضَ اللاطة يضربُ غلاماً له ضرْب التَّلف ، ويدعى عليه فسألته عن ذنبه . قال : ليس قلبه في العمل ، نكته اليوم وكان أيره نائم .
قيل الفتيان : نيك الرجل ريبةٌ . قال : هذا مِن أراجيف الزناة . رأى يحيى بنُ أكثم غلاماً حسنَ الوجْه في دار المأْمون فقال فَرفع ذلك إلى المأْمون ، فعاتبه . فقال : يا أمير المؤمنين كان انتهى درسِي إلى ذلك الموضع ، فَضَحك. استنقَع بعضُهم في الماء متكشِّفاً ، فمر به غلامٌ عمَري كان يتعسفُ فأنكرَ ذلك على الرجل كالمحتْسب . فقال لهُ الرجلُ : بأبي أنتَ أردْتَ إماتَة منْكرٍ ، فأحييْتَ أنْكرَ منه ، وأوْمى إلى متاعه . قال بعضهم : كنتُ عند يحيى بن أكْثم عشيةً ، فدخل إليه عبد الملك بن عُثمان بن عبد الوهاب - وكان يُرمى به - فقال : أصلَح اللهُ القاضي ، إنك أدْخلتَ علينا أميناً في وقُفِنَا ، ففعلَ ، وفَعلَ . فقال له : وتدعُ أنْتَ إنساناً يدخلُ عليْك ؟ فما سمعتُها نهضتُ . فلمَّا كنتُ في صحْن الدار سمعتُه يقولُ له : حُلَّ حُلَّ . وكان يحيى يقولُ بالبصرة لي رجلان أبعثُهما ليأتياني بالغِلمان ، فأحدهما لا يأتيني بالغُلام حتى ينيكَ الغلامَ ، وهو إسماعيل بن إسحاق . والآخر لا يأْتيني حتى ينيكهُ الغلامُ وهو صلْت بن مسعود . قال العدلي الشِّطْرنجي : كنتُ غلاماً ، فضمني المأْمونُ إلى يحيى ، فإني لِعنْدَهُ يوماً إذْ جَذبَني إلى مخْدعٍ في مجلسه ، وأضْجعني الفاحشةَ ، ونظر مِن ورَاء الستر ، فرأى ابنَ العلاء بن الوضاح - وكان مفْرط الجمال فضربَ علي جَنْبي ، وقال : قُمْ .