الجزء الخامس - الباب السادس عشر نوادر البغائين

الباب السادس عشر نوادر البغائين

قال بعضهم : قلتُ لرجل كان يتعاطى الأدبَ - وكان متهماً - : ما معنَى قولِهم : " إذا عزَّ أخُوك فَهُنْ ؟ " قال : إذا لَمْ ينم لتنيكَه فنَمْ حتى ينيكَكَ . دخل عبادة على المتوكل وهو نائمٌ ، ومعه في الفراش أسود قد ظهرت رجْلاه من اللحافِ، فقال عبادة : يا أميرَ المؤمنين . بت البارحةَ فِي خُفيكَ وكان المتوكل ممن يُرمى ويتهم بذلك ، وخبَره في أمر بشياط الهليوف معروفٌ . قيل لمأْبون : إن بنتك به أبنَة فقال : قيل لابن عوْن : إن المتوكلَ قد بنَى بناءَين سماهما الشاةَ : والعروس فقال : قد فرغ من تحميل الناس على الناس حتى صار يُنايك بينْ الأبِنيَةِ فقال وقع بينَ أحمد بن السندي وبينَ غلامه كلامٌ ، فَهجَرهُ الغلامُ أياماً فكادَ أن يُجَنَّ ، فتحمَّل عليه بغَرسَةَ المحتِسب ، فلم يُجبْه الغُلام . وكان غرسةُ أيضاً مأبوناً . فقال : يا غلامُ . لو كان أيرك مثل أير بغْل سماعةَ مَا زادَ على هذا . فقال أحمد بنُ السندي هو قريبُ منه . وتحمل عليه بإخوانه حتى صالحَهُ ، واتخذ دعوة أرْعَد فيها وأبْرق . فقيلَ للحنْظلي : عِنْدَ مَنْ كنتُم أمس ؟ قال : كنا في دَعْوة أير غلام أحمد بن السنْدي ومرَّ أحمدُ بنُ السندي ببغْل أبي كان الطَّحان - وقد أدْلىَ - فوقفَ بإزائه ثم تنفس الصُّعَداءَ ، فقالَ : هذا الأير لا ما نُعللُ به استاهنا أربعين سنةً .

قيلَ : وكان هذا البغْلُ إذا أدْلى أخذ في الأرض برأس غُرْمولِه التُّرابَ ، فإذا ضربَ به بطْنَه رأيتَ الغُبارَ يتطاير عن يَمينِه وشِمَاله . قال بعضُهم : دخْلتُ إلى رجل من كبار الناس ببغداد فُجاءةً ، وإذا غُلامٌ له فوقْه . فلما رآني استَحْيا وقالَ : زعمَ هذا الغلامُ أنه احتْلَم البارحةَ ، فأردتُ أنْ أجرِّبه . وقال أبو العيناء : دخلتُ على أبي العلاءَ المنْقَري - وغلامه على ظهْره - فقلتُ : ما الخَبر ؟ فقال : إنَّ هذا الغُلام زعَم أنَّه قد احتْلَم ، فظنْنتُ أنه يكْسَلُ عَنْ خِدْمة النِّساء، فأحُبَبْتُ أن أمتحنَه . قال : فحدثُتُ بهذا المعتصمَ فقال : لعَنهُ اللهُ تركني . قيل لرجل من وَلد بشْر بن داود - وكان مأْبُونا - : أما تَسْتحي وأبُوك كان سيفَ السُّلطان ؟ قال : فأنا جُعْبَتُه . وقال له آخر : إنَّ أبَاك كان ينيك ، وأنتَ تناك . قال : نقَضَنِي ديْنه . قال ابنُ حمدون : بات عِندي المراكبي الشطْرنْجي - وكان مأْبُوناً - فسمِعْتُه يقولُ لغُلام كان قد بَاتَ أيضاً عِنْدي : أعْطِيكَ دينَاراً وتُبادلني ، وأعطيك أنَا قبلاً . وإن صَغُرت لم أبَال ؟ ؟ قيل لبعضهم : لوطي أنت أم صاحبُ نِسَاء ؟ قال : أنَا لُوطي ، وزانٍ وأميلُ إلى المخنثين ، وأدبُّ بالليل أي دِباب ، ويعُتريني قليلُ بغَاء . أحْضِرتْ بصَليةٌ في منزل رجل كبير من أهل بغداد - وابنُ الهفتي حاضرٌ - وكان يعاتبه كثيراً ، فتسرع ابنُ الهفتي أيضاً ، فقال له : أتعِجبك بالأبنةِ قال : هي ألذُّ من طيب الطعام عنْدي . قال : خُذوهَا مِنْ بيْن أيْدينا ، فإني لا أشْتهيها. قال : هذه أيضاً فضَيلةٌ مِنْ فضائل البصليَّة لا يشتهيها البغَّاءُون . وكان الرجل مرْمياً بالأبْنة . وقال له يوماً وقد رأى له كنيفاً لا يدخُلهُ غَيْرهُ : استك عامةُ وكنيفُك خاصة .

كان بعضُ آل الجُنيد إذَا رأى إنساناً يُرْمي بالبغاء دعَا لفتُحته بأن عافية . فقال له عبادةُ ما صحتْ نيتُك في الدُّعاء ، لأنك بَعْد تسألُ بان . قيل لأبي سَوار : قد امْتهنَك غُلامك هذا الأسود . قال : ما امْتهنَني ، لكني أمتهنُه . عَمدتُ إلى أكرم عِلْق فيه ، واستعُملتُه في أقْذر مدْخَل فيَّ . أشرفَت امرأةٌ مِن منْظَرة لها فرأتْ فتى جميلاً أعْجبها ، فقالت لجاريتها : أدخليه فأدخلْته . فقدمتِ الطعامَ ، وأكلا ، أحضرتِ الشرابَ ، وآنَستْه ، فَلم تجد عنْده شيئاً . فقالتْ ما أحْوجَنا إلى مَنْ كان ينيكنا جميعاً . فقال : أخذتيها من فمي . أدخَل بعضُ البغائين واحد من السقائين ، وحَمَله على نفْسه ، فلما واقعه قال : أوجعتني ، لا تدخلْه كله . قال السقاء : فأُخُرجُه ؟ قال : لا . قال فما أصنَعُ ؟ قال : دعهُ مكانَه . قال السقَّاءُ : فمَنْ يحْفظُ البغْل ؟ كان الناصرُ ولي واحداً عَملَ البندرة بجرجانَ ، وكان يُرمي بالأبنْة ، فاستقصره يوماً في سَبب مال وجَبَ لمَنْ يَجْبيه . فقال : أيُّها الناصر ، إنما الصَّاحِب رحِمه الله بعضُ الكتَّاب مِن العراق مِمن كان عرَفَهُ وقْتَ مُقامه ببغداد ، وشكى سوء حاله ، فأحْسَن إليه ، وولاه عَملاً ، وأجْرى له في كل شهر خمْسَمائة درهم . وكتب صَكَّة بذلك ؟ َ ، فحسدَه بعضُ الحَاضرين وقال للصَّاحب : إنَّ هذا رجلٌ مأْبونٌ ، معروفُ الطريقة بالفَسادِ ، وجَميع ما تصلُه به ، وتُوصَّلُه إليه ينفقُه على مَنْ يرتكِبُ معه الفضيحةَ ، وأفْرطَ في ذمَّ الرَّجل ، والدَّلالةِ على قَبائحهِ حتَّى طن أنه قد أفْسدَ حاله . فلما رُدَّ الصَّكُّ إليه للتوقيع فيه لم يشُكَّ الساعي أنه يُبْطلهُ أو يمزّقُه . فلما أخذهُ ، ونظر فيه كتبَ تحْت ما كان قَدَّرَ له كلَّ شهر : ولغُلام يخدمه ويستعينُ به خمسون درهماً ، ووقع في الصَّك وردَّه إليه . كان لعبادَة غلامٌ كبير الفَقْحَة . فقيل له : أنت بغاء فَيالكَ غلام كبير الفقحة ؟ ؟ قال : يا حْمقَى : ما يدريكم : كلما ثقلتْ المرزبَّة كانَ أشدَّ لدخول الوتَر؟