الجزء السابع - الباب التاسع الأسماء الحسنة والقبيحة

الباب التاسع الأسماء الحسنة والقبيحة

تقدّم رجلان إلى شريح فقال أحدهما : ادع أبا الكويفر ليشهد ، فردّه شريح ولم يسأل عنه وقال : لو كنت عدلاً لم ترضها . سأل عمر رجلاً - أراد أن يستعين به على أمر - عن اسمه ، فقال : ظالم بن سرّاق ، فقال : تظلم أنت ويسرق أبوك ولم يستعن به . وسمع عمر بن عبد العزيز رجلاً ينادي آخر : يا أبا العقلين ، فقال : لو كان عاقلاً لكفاه أحدهما . قيل لبعضهم : قد رُزقت ابناً فاختر له كنيةً ، فقال : كنّوه أبا عبد رب السموات السبع ورب العرش العظيم . نادى منادي معاوية وهو يعرض الجند : أين فيشلة بن الرّهاز ؟ فأقبل فتى شاب ، فقال معاوية : ويلك ما هذا الاسم ؟ قال : سماني به أبي ، قال : فهلاّ غيّرت بالكنية ؟ قال : قد فعلت ، قال : ما الكنية ؟ قال : أبو اليقّاط ، فنفاه . قال هشام : خرج عمر إلى حرّة واقم ، فلقي رجلاً من جهينة فقال له : ما اسمك ؟ قال : شهاب ، قال : ابن من ؟ قال : ابن جمرة ، قال : وممن أنت ؟ قال : من الحرقة ، قال : ثم ممن ؟ قال : من بني ضرام ، قال : وأين منزلك ؟ قال : بحرّة ليلى ، قال : فأين تريد ؟ قال : لظي - وهو موضع - فقال عمر : أدرك أهلك فما أراك تدركهم إلا وقد احترقوا ، قال : فأدركهم وقد أحاطت بهم النار . سأل رجل أبا عبيدة عن اسم رجل ، فقال : ما أعرف اسمه. فقال حسان : أنا أعرف الناس به ، وهو خراش أو خداش أو رياش أوشيء آخر ، فقال أبو عبيدة : ما أحسن ما عرفته ، فقال : إي والله هو من قريش أيضاً ، قال : وما يدريك ؟ قال : أما ترى احتواءه على الشين من كل جانب؟. كان لأبو العتاهية ابن يسمّى عتاهية ، وابن آخر اسمه عبد إلهي ، يعني الله ، وبنت اسمها بهاء الله ، وكان له أختان: اسم إحداهما سر الله ، والأخرى حسبها الله . استعرض المعلّى بن أيوب الجند ، فقال لواحد : مااسمك ؟ قال : برادة، قال : ابن من ؟ قال : بريد ، قال : وممن أنت ؟ قال : من البردان ، قال : وأين منزلك ؟ قال : في درب الثلج ، فصاح المعلّى يا غلام دواج وبرجد ، والله كُززنا . وشبيه بهذه الحكاية قولهم : لقي المبرد برد الخيار في سوق الثلج، في كانون الثاني فسأله عن قولهم : ثلج صدره ، أو ثلج . لقي واحداً أعرابياً فقال له : ما اسمك ؟ قال : قوّاد ، قال : قبّح الله أباك ، ضُيّقت عليه الأسامي حتى سماك قواداً ؟ فقال : إن كان ضيّق الاسم فقد وسّع الكنية ، قال : أبو من ؟ قال : أبو الصحاري . وسمّى رجل جاريته مائة ألف أو يزيدون . وقف أعرابيّ على قوم فسألهم عن أسمائهم ، فقال أحدهم : اسمي محرز ، وقال آخر : اسمي وثيق ، وقال آخر : منيع ، وقال آخر : ثابت ، وقال آخر : شديد ، فقال الأعرابي : قبحكم الله ما أظن الأقفال عُملت إلا من أسمائكم . كنى بعضهم ابنه أبا عبد رب السموات السبع ورب العرش العظيم . وُلد لبعضهم ابن ، فقال : سمّوه عمر بن عبد العزيز ؛ فإنه بلغني أنه كان رجلاً صالحاً . قيل لرجل : أبو من ؟ فقال : أبو عبد الملك الكريم الذي يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، فقال : مرحباً بك يا نصف القرآن ، ارتفع .

قال السفاح للسيد الحميري : أأنت السيد ؟ قال : أنا ابن فلان وأمير المؤمنين السيد . قال ابن أبي البغل لرجل : ولد لي مولود فما اسميه ؟ فقال : لا تخرج من الإصطبل وسمّه ما شئت . قال برصوما الزامر لأبيه : لم تجد اسماً تسميني أحسن من هذا ؟ فقال : لو علمت أنك تجالس الخلفاء باسمك لسميتك يزيد من مزيد . رفع رجل قصةً إلى محمد بن عبد الله وعليها حريث ابن الفراس فصيّره خريت في الفراش ، ووقّع تحته بئس ما فعلت . كان للفرزدق عدة بنين أسماؤهم لبطة وعبطة وسبطة . وسمعت الصاحب رحمه الله يقول : كان علي بن عيسى يلّقب بسكتكت ، وله أخ بكلملم ، والآخر يلقب بعرمرم . كتب رجل كتاب عناية لابن عبد الله العاقل ، فعنون الكتاب لأبي الفياض بحر ابن الفرات فقال له : زن بي الزورق وإلا غرقت ولم أصل إليه . كان أبو العاج على جوالي البصرة فأُتي برجل من أهل الذمة فقال : ما اسمك ؟ فقال : بندار بن بندار ، فقال اسم ثلاثة وجزية واحد ؟ لا والله العظيم ، وأخذ منه ثلاث جزيات . قال أبو مسمع البصري : كنا نجالس أبا الهذيل في مجلسه ، فجاءنا شاب له رواء ومنظر وسمت، فقعد فأجللناه لظاهره ، فقال أبو الهذيل : ليس للعجم كتاب أجلّ من الكتاب المترجم بجاودان كرد ، وقد استفتح مؤلّفه بثلاث كلمات وليس لهنّ نظير ، منها أنه قال : من أخبرك أن عاقلاً لم يصبر على مضض المصيبة فلا تصدقه ، ومن أخبرك أن عاقلاً أساء إلى من أحسن إليه فلا تصدقه . ومن أخبركأن حماة أحبت كنة فلا تصدقه فانبرى الغلام وجثا و قال : حدثني أبي عن جدي بثلاث هن أحسن منهن ، فقال أبو الهذيل : مُنّ علينا بهنّ فقال : قال جدي - رحمة الله عليه - من أخبرك أن الجائع كالشبعان فلا تصدقه ، ومن أخبرك أن النائم كاليقظان فلا تصدقه، ومن أخبرك أن الراضي كالغضبان فلا تصدقه . فقلنا له : أمن العرب أنت أم من العجم ؟ قال : من بينهما ، قلنا : فمن أي بلد أنت ؟ قال : من دوين السماء وقويق الأرض فقال له الجاحظ : ما اسمك ؟ قال : لجام ، قال : فالكنية ؟ قال : أبو السرج ، فقال له : فمالك لا تنهق وأنت حمار ؟ فقام مغضباً يجر إزاره وهو يقول : ليس الذنب لكم ، إنما الذنب لي حين أجالس أمثالكم وأنتم لا تدرون ما طحاها . قال الحسن بن شهويار : قالت وصيفتي لواحد : ما اسمك ؟ قال : عبدان ، قالت : ابن من ؟ قال : عذار ، قالت : فلذلك سمي أبوك عذار ؟ . قال أبو بكر بن دريد : قلت لابن شاهين مابال الحسين بن فهم يشتمك ؟ قال : ما أدري ، غير أني سمعت أن أباه حدث عن أبيه قال : كان إذا ولد لأبي مولود فتح المصحف فقرأ أول الورقة فيسمى ذلك المولود به ، رضي أم سخط ، فولد له مولود ففتح المصحف فقرأ " فهم لا يعلمون " ففتح المصحف ثانياً فقرأ " فهم لا يبصرون " فسماه فهماً . كان محمد بن المتنبية على واسط فتقدم إليه رجل مع خصمه فقال : ادع بيّنتك ، فقال : تعال يا أبا الذئب ، تعال يا أبا زعفران ، تعال يا أبا الياسمين ، تعال يا أبا الصلابة ، فقال : انطلق ، ما هؤلاء بشهود . نزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالمدينة على كلثوم فدعا غلامية يا يسار ويا سالم ، فقال النبي عليه السلام لأبي بكر : " سلمت لنا الدار في يُسر " . كان أبو ثور الفقيه يمشي في السوق فإذا براكب خلفه يقول : الطريق الطريق فلم يتنبه له ، فقال : يا ثور ، الطريق فرفع إليه رأسه وقال : ما أقرب ما وقعت . قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " سمّوا أولادكم أسماء الأنبياء ، وأحسن الأسماء عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها الحارث وهمام ، وأقبحها حرب ومرة " . وروي عن ريطة بنت مسلم عن أبيها قال : شهدت مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حنيناً فقال : ما اسمك ؟ قلت : غراب ، قال : أنت مسلم ، كأنه كره أن يكون اسمه غراباً .

كما قال لقوم - قالوا له : نحن بنو زينة - : " أنتم بنو رشدة " ، وكما قال لحزن جد سعيد بن المسيب : " أنت سهل " . ذُكر أنه كان لمعاوية بنت اسمها أمة رب المشارق . وسمّى رجل بأذربيجان ابنه : عبد من الأرض جميعاً قبضته ، والسموات مطويات بيمينه . كانت امرأة لها زوج يقال له : موسى ، فكانت تسميه إذا خاطبته ، فكره ذلك منها ، فحلف بالطلاق إن سمّته باسمه ، فكانت بعد ذلك تقول : أبو الصبيان ، فلما كانت ذات ليلة صلّت صلاة الوتر ، فقرأت " سبح اسم ربك الأعلى " فلما انتهت إلى آخر السورة خافت إن هي قالت " صحف إبراهيم وموسى " أن تطلق، فقالت : صحف إبراهيم وأبو الصبيان ، الله أكبر . ومثل ذلك أمر عليّة بنت المهدي فإنها كانت تشبّب في شعرها بخادم لها اسمه طلّ ، فنهاها الرشيد عن ذلك وعن أن تسميه أو تذكره ، فتسمّع يوماً عليها وهي تقرأ القرآن، فلما بلغت قوله تعالى : فإن لم يصبها وابل فطل " قالت : فإن لم يصبها وابل فالذي نهانا عنه أمير المؤمنين . خاصم إلى إياس بن معاوية رجل فادّعى دعوى قال : أحضرني شهوداً ، فنادى الرجل شاهداً يا أبا الرازقي ، فقال إياس : ادع غير هذا وقل لهذا ينصرف . قال ابن المبارك : كان عندنا رجل يكنّى أبا خارجة ، فقلت له : لم كنوك أبا خارجة ؟ فقال : لأني ولدت يوم دخل سليمان بن عليّ البصرة . دخل شيخ على هشام بن عبد الملك فقيل له : ما اسمك ؟ فقال : أبو الحسن وإليها ، فقيل له : أما يكفيك واحدة ؟ فقال : إن ضاعت واحدة كانت الأخرى . قيل وكان بحمص قاض كنيته أبو العمشليق . قال رجل لابنه : يا بني ، أتدري لم سميتك معروفا ؟ قال : لا ، قال : لئلا يُنسى اسمك؟