الجزء السابع - الباب الرابع عشر أمثال ونوادر على لسان البهائم

الباب الرابع عشر أمثال ونوادر على لسان البهائم

قالوا : عيّر ثعلب لبؤةً بأنها إنما تلد في عمرها جرواً واحداً . فقالت : نعم ، إلا أنه أسد . قالوا : يقول الأرنب : أنا أسرع عدواً من كل كلب ، ولولا أني ألتفت - فأرى اللحي التي تركض أصحابها خلفي ، وأسمع صياحهم ، وأرى اجتهادهم ، فيقع عليّ الضحك تعجباً من عقولهم ، فأسترخي - لما لحقني قط كلب . قالوا : صحب ذئب وثعلب أسداً، فاصطادوا عيراً وظبياً وأرنبا ، فقال الأسد للذئب : اقسم هذا بيننا . فقال : العير لك ، والظبي لي ، والأرنب للثعلب. فغضب الأسد ، وأخذ الذئب حتى قطع رأسه ، وقال للثعلب : اقسمه أنت . فقال : العير لغدائك ، والظبي لعشائك ، والأرنب تتفكّه به في الليل . فقال : من علّمك هذه القسمة العادلة ؟ فقال : رأس الذئب الذي بين يديك . قالوا : وجد بعير وأرنب وثعلب جبنة ، فاصطلحوا على أن تكون لأكبرهم سنّاً ، فقال الأرنب : أنا ولدت قبل أن خلق الله السماوات والأرض . فقال الثعلب : صدق فإن حضرت وقت ولادته ، فأخذ البعير الجبنة بفيه ، ورفع رأسه وقال : من رآني يعلم أني لم أولد البارحة . قيل للثعلب : تحمل كتاباً إلى الكلب وتأخذ مائة دينار ؟ فقال : أما الكراء فوافر ، ولكن الطريق مخوف . وقع في شرك صياد ثعلبان ، فقال أحدهما لصاحبه : يا أخي ، أين نلتقي ؟ قال : في الفرّائين بعد ثلاثة أيام .

دخل كلب مسجداً خرابا ، فبال على المحراب ، وفي المسجد قرد نائم ، فقال للكلب : أما تخاف الله ؟ تبول في المحراب قال الكلب : ما أحسن ما صورك حتى تتعصب له . قالوا : إن جدياً وقف على سطح يشتم ذئباً في الأرض. فقال له الذئب : لست الذي يشتمني ، ولكن مكانك يفعل ذلك . وقالوا : إن ثعلباً تعلّق بعوسجة ليصعد حائطاً ، فعقرته، فأقبل يلومها . فقالت : يا هذا ، لم تفسك في التعلق بما يتعلق بكل شيء . كان رجل من بني أسد يساير عاملاً للبند نيجين ، فمرّا بدار خربة عليها بومتان تصفران ، فقال العامل : ليت شعري ما يقولان ؟ فقال الأسدي : إن أمّنتني أخبرتك . قال : فأنت آمن . قال : خطب أحدهما ، وهو الذكر ، الأخرى ، وهي الأنثى ، على ابنه . فقالت: قد زوجتك على مائتي خربة . قال : ومن أين لي مائتا خربة ؟ فقالت : إن بقي هذا العامل علينا إلى آخر السنة فأنا أُعطيك خمسة آلاف خربة . فغضب العامل لذلك ، وقال : لولا الأمان لقتلتك . عدا كلب خلف ظبي ، فقال له الظبي : إنك لا تلحقني . قال : لم ؟ قال : لأني أعدو لنفسي ، وأنت تعدو لصاحبك . قالوا : قالت الخنفساء لأمها : ما أمرّ بأحد إلا بزق عليّ . قالت : من حُسنك تُعوّذين . قالوا : قبض كلب على أرنب ، فقال الأرنب : والله ما فعلت بي هذا لقوتك ، ولكن لضعفي . وقالوا : صاد رجل قُنبرةً ، فلما صارت في يده قالت : ما تريد أن تصنع بي ؟ قال : أريد أن أذبحك وآكلك . قالت : فإني لا أُشفي من قرم ، ولا أُشبع من جوع ، وإن تركتني علّمتك ثلاث كلمات هي خير لك من أكلي ، أما الأولى فأُعلّمك وأنا في يدك ، وأما الثانية فأعلمك وأنا على الشجرة ، والثالثة إذا صرت على الجبل . فقال : هاتي . فقالت : لا تلهفنّ على ما فاتك . فتركها وصارت على الشجرة ، ثم قالت : لا تُصدقنّ بما لا يكون ، ثم قالت : يا شقيّ ، لو ذبحتني لأخرجت من حوصلتي درّتين هما خير لك من كنز . فعضّ على شفتيه متلهفاً ، ثم قال : علميني الثالثة . فقالت : أنت قد أُنسبت الثنتين ، فكيف أعلّمك الثالثة ؟ ألم أقل لك : لا تتلهفنّ على ما فاتك ، ولا تُصدقنّ بما لا يكون ؟ أنا وريشي ولحمي لا أكون زنة درّتين ، فكيف يكون في حوصلتي ذاك ؟ ثم طارت فذهبت . كان أبو أيوب الموريانيّ وزير المنصور إذا دعاه المنصور يُصفرّ ويرعد مع مكانه منه ، ومحلّه عنده - فقيل له في ذلك . فقال : - مثلي ومثلكم في هذا مثل باز وديك تناظرا ، فقال البازي : ما أعرف أقل وفاء منك . قال : وكيف ؟ قال : تؤخذ بيضةً ، فيحضنك أهلك وتخرج على أيديهم ، فيطعمونك بأكفهم ، ويحسنون إليك ، حتى إذا وجدت منهم غفلة طرت ، وصحت وعلوت الحيطان ، وفارقت الدار التي كبرت فيها إلى غيرها ، وأنا أوخذ من الجبال ، فأوثق ، وتُحاط عينيّ ، وأُطعم الشيء اليسير ، وأؤنس يوماً أو يومين ، ثم أُطلق على الصيد ، فأطير وحدي ، وآخذه لصاحبي ، وأُمسكه عليه ، وأعود إلى مكاني . فقال له الديك : ذهب عليك الصواب ، أنت والله لو رأيت على السفافيد من البزاة اليسير من الكثير الذي أراه من الديكة ، ما عدت عليهم قط - ولكن لو عرفتم من المنصور ما أعرفه لكنتم أسوأ حالاً مني عند طلبه لكم . وقال الثعلب : إذا كان البخت مُقبلاً كان الكرم حاملاً ، وحافظ الكرم نائماً ، والنهر مادّا ، والقمر زاهرا . وقالوا : لو كان عنب الثعلب حُلواً ما تركته الثعالب في الصحارى.