الجزء السابع - الباب الرابع والعشرون نوادر أصحاب المذاهب والجهال من المتعصبين

الباب الرابع والعشرون نوادر أصحاب المذاهب والجُهال من المتعصبين

كان بعض ولد روح بن حاتم يتشيّع ، وكان لا يشتم من الصحابة إلا طلحة ، فقيل له يوماً : كيف وقعت على طلحة؟ أتعرفه وتعرف قدمه في الإسلام ؟ فقال : وكيف لا أعرفه ؟ طلحة امرأة الزبير . قال رجل من أهل الكوفة لهشام بن الحكم : أترى الله - جلّ ثناؤه - في فضله وعدله وكرمه كلّفنا ما لا نطيق ثم يعذّبنا عليه ؟ قال : فعل ولكن لا نستطيع أن نتكلم . قال الأخفش : سمعت أبا حية النميري يقول : أتدري ما يقول القدريون ؟ قلت : ما يقولون ؟ قال : يقولون: إن الله لم يكلّف العباد ما لا يطيقون ، وصدق - والله - القدريون ، ولكنا لا نقول كما يقولون . قال بعضهم : مررت بجماعة قد أخذوا رجلاً وضربوه ضرب التلف ، وهم يجرّونه إلى السلطان . فقلت لبعضهم : ما تريدون منه؟ قال واحد : هو زنديق ، لا يؤمن بالقيسيّ . دخل بعض العامة على جعفر بن سليمان ، يشهد على رجل ، فقال : أصلح الله الأمير هو رافضيّ قدري جهمي مرجيّ ، يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على عليّ بن أبي سفيان . قال له جعفر : ما أدري علام أحسدك على علمك بالأنساب ، أو معرفتك بالمقالات ؟ قال : والله ما خرجت من الكتّاب حتى تعلمت هذا كله . قال الجاحظ : كان عند الرستمي قوم من التجار ، فحضرت الصلاة فنهض الرستمي ليصلّي ، فنهضوا معه . فقال : مالكم ولهذا ؟ إنما فرض الله عز وجلّ هذا ليذلّ به المتكبرين مثلي ومثل فرعون وهامان ونمروذ وكسرى .

حج خراساني من أهل السنّة ، فلما حضر الموسم أخذ دليلاً يدلّه على المناسك ، فلما فرغ أعطاه شيءاً يسيراً لا يرضيه ، فأخذه منه ، ثم جاء إلى بعض الأركان فنطح الركن برأسه . فقال الخراساني : ما هذا ؟ قال : كان معاوية يأتي هذا الركن فينطحه برأسه ، وكلما كانت النطحة أشدّ كان الأجر أعظم . فشد الخراساني على الركن ونطحه نطحة سالت الدماء منها على وجهه وسقط مغشياً عليه فتركه الرجل ومر . قيل لبعضهم : ما تقول في معاوية ؟ قال: رحمه الله ورضي عنه . قيل : فما تقول في يزيد ؟ قال : لعنه الله ولعن أبويه . قال بعضهم لأبيه : يا أبة ، قد علمت أن الرمادية هم الذين يبولون في الرماد ، فما القدرية ؟ قال : الذين يخرؤون في القدور . قال بعض بني هاشم ، وقد ذكرت الصحابة عنده ، قال : أنا لا أعرف إلا الشيخين الله والنبي . تشاجر نفسان من العوام : أحدهما يتشيّع والآخر ناصبي ، فقال المتشيع : إن مولاي علياً عليه السلام يوم القيامة على الحوض يسقيني ولا يسقيك . قال الآخر : إن لم يسقني سقاني أبو بكر شربةً ، وعمر شربةً ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، حتى عدّ التسعة ، فقال له صاحبه : يا ماص بظر أمه ، أكلت كربج حتى تشرب هذا الماء كله ؟ . كان بعض الشيعة من أهل قزوين له ضيعة تسمى " شيذكين " فلحقه جور السلطان وأجحف به ثقل الخراج حتى خربت الضيعة ، وحج الرجل ، فبينا هو في الموقف إذ قام إنسان عمريّ فجعل يقول : أنا ابن الذي خرّج الخراج ، ودوّن الدواوين ، وفعل وصنع . فقال القزويني ، وقال له : اسكت يا مشئوم فإن بشؤم جدّك خربت " شيذكين " . حدّث أن ثلاثة من المشايخ حضروا الجامع . فقال واحد لآخر : جُعلت فداك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان أم عيسى بن مريم ؟ فقال : لا والله ما أدري . فقال الثالث: يا كشخان ، تقيس كاتب الوحي إلى نبيّ النصارى ؟ .

قال بعضهم : رأيت بالقادسية أيام الحجاج إنساناً يصيح ويقول : ما يبغض العيون إلا عين ، فقلت له : ما معنى قولك: العيون ؟ قال : أبو بكر ، اسمه عبد الله ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، لا يبغضهم إلا عين معناه : إلا عاضّ بظر أمه . وعظ واحد منهم آخر فقال له : الزم السُنّة ، فإنك إن لزمت السُنّة دخلت الجنة . فقال له الآخر : وما السنّة؟ قال : حب أبي بكر بن أبي طالب وعمر بن أبي قحافة ، وعثمان بن سفيان ؟ وأستاذهم كلهم معاوية بن أبي سفيان . قال : ومن معاوية هذا ؟ قال : ويلك ألا تعرفه ؟ هذا كان من حملة العرش ، فزوّجه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بنته عائشة . قال أبو العيناء : مر بنا واحد ينادي على جرّيّ ، فاستقذرناه . فقال هل شيخ كان إلى جنبي : علمت يا أبا عبد الله أني لا آكله إلا مرةً واحدةً في السنة من أجل السُنّة لا غير ؟ قلت : وأي سنّة في أكل الجرى ؟ قال : سبحان الله كان علي بن أبي طالب يكرهه .