الجزء السابع - الباب الخامس والعشرون نوادر الأطباء

الباب الخامس والعشرون نوادر الأطباء

قالوا : مر ماسروجيه الطبيب ببعضهم ، فقال : ويلك يا ماسروجيه إني أجد في حلقي بححاً . قال : هذا من عمل بلغم. فلما جاوزه قال : أنا أحسن أن أقول : بلغم ، ولكن كلّمنا بالعربية ، فكلمته بالعربية . قال الصولي : عدت بعض الرؤساء من علّة وسمعته يقول للطبيب : أكلت فراريج . فقال له : كان يكفيك فروج واحد . فقال : إن الفراريج لا تضر . فقال الطبيب : يا سيدي : إذا لبس الإنسان عشر غلائل قصب فقد لبس لُبّادةً . قال ابن ماسويه لرجل شكا إليه قصوره عن الباءة : عليك بالكباب والشراب ، وشعر أبي الخطاب ، يعني عمر بن أبي ربيعة ؛ لغزله . قال أبو علقمة للطبيب : إني أجد في بطني قرقرةً ومعمعةً . فقال : أمّا القرقرة فضراط لم ينضج . وأما المعمعة فلا أدري ما هي . قال المتوكل لبختيشوع : ما أخفّ النُّقل على الشراب ؟ قال : نقل أبي نواس . قال : وما هو ؟ قال : مالي في الناس كلّهم مثل . . . مائي خمر ، ونقلي القُبل قيل لطبيب : ما يذهب بشهوة الطين ؟ قال : زاجر من عقل . قال بعضهم : اعلم أنك تأكل ما تستمرئه ، ومالا تستمرئه ، فهو يأكلك . قال جالينوس : صاحب الجماع مقتبس من نار الحياة ، فإن شاء فليقلل ، وإن شاء فليكثر .

قيل لابن ماسويه : الباقلّي بقشره أصحّ في الجوف ؟ قال : هذا من طب الجياع . يقال : إن أردشير ومن تقدّمه من ملوك الفرس كانوا لا يثبتون في ديوانهم الطبيب إلا بعد أن يُلسعوه أفعى ، ثم يقال له : إن شفيت نفسك فأنت طبيب حقّاً ، وإن مت كانت التجربة عليك لا علينا . وكان ملوك الروم إذا اعتلّ طبيب أسقطوه من ديوانهم ، وقالوا له : أنت مثلنا . وكان بعض ملوك العرب إذا جاءه طبيب قدّم إليه مائدةً ، وأمره أن يُركّب منها غذاءً لتقوية أبدان المجاهدين ، وعلاجاً للمرضى ، وتدبيراً للناقهين ، وتفكّهاً للمترفين ، وسبباً ممرضاً ، وسمّاً قاتلاً للأعداء ، فإذا فعل ذلك أثبته ، وإلا صرفه . حكي عن بعض الأطباء أنه قال لإنسان شكا إليه علّة ، فقال : خذ من البنفسج المربّى قدر روثة ، وصبّ عليه ماء حاراً قدر محجمة ثم دوفه حتى يصير كأنه مخاط ، ثم اشربه . فقال المريض : أمّا دون أن أُضرب بالسياط فلا . قال ابن ماسويه : قال لي أخ لعبيد الله بن يحيى : أخبرني عن الطبائع الأربع ، هي من عقاقير الجبل ؟ فضحكت . فقال : مم تضحك ؟ قلت : أخو وزير لا يعرف الطبائع ؟ فقال لي : ما أنا طبيب . قال رجل لطبيب : يا سيدي ، إن أمي تجد في حلقها ضيقاً ويبساً وحرارة . قال الطبيب : ليت الذي في حلق أمك في حر امرأتك ، وأن على حلق أمك السكين . وجاء ماجن إلى طبيب فقال : أجد في أطراف شعري شبه المغص ، وفي بطني ظلمة ، وإذا أكلت الطعام تغيّر في جوفي . قال الطبيب : أما ما تجده من المغص في أطراف شعرك فاحلق رأسك ولحيتك ، فإنك لا تجد منه شيئاً ، وأما الظلمة التي في بطنك فعلّق على باب استك قنديلاً حتى لا تجدها ، وأما تغيّر الطعام في بطنك فكل خرا واربح النفقة .

دخل رجل حماماً فسرقت ثيابه ، فخرج وهو عريان ، وعلى باب الحمّام طبيب . فقال له : ما قصتك ؟ قال : سرقوا ثيابي . قال : بادر ونفسّ الدم ، حتى يخف عنك الغم . قيل لبعض الأطباء : أي وقت للطعام أصلح ؟ فقال : أمّا لمن قدر فإذا جاع ، ولمن لم يقدر فإذا وجد . مر طبيب بابن عبد الواسع المازني ، فشكا إليه ريحاً في بطنه . فقال : خذ كف صعتر . قال : يا غلام ، الدواة والقرطاس ، ثم قال : أصلحك الله ، ما كنت قلت ؟ قال : قلت : خذ كف صعتر ، ومكوك شعير . قال : لم لم تذكر الشعير أولاً ؟ قال : ولا علمت أنك حمار إلا الساعة . مرض أحمق ، فدخل إليه الطبيب ، فساءله عن حاله . فقال : أنا اليوم صالح ، وقد قرمت إلى الثلج . فقال الطبيب : الثلج رديء يزيد في رطوبتك ، وينقص من قوتك . فقال : أنا إنما أمصه وأرمي بثفله . ذكر زرقان المتكلم قال : أقمت عند ابن ماسويه يوماً ، فقدّمت المائدة وجيء عليها بسمك ولبن ، فامتنعت من أحدهما . فقال لي : لم امتنعت ؟ فقلت : خوفاً من أن أجمع بينهما . فقال لي : أنت رجل من أهل النظر وتقول هذا القول ليس يخلو أن يكون كل واحد منهما ضدّاً لصاحبه، أو موافقاً له ؛ فإن كان ضداً له فقد أدخلنا على الشيء ضده ، وإن كان موافقاً فاعمل على أنّا وددنا سمكاً أكلناه . جاء رجل إلى بعض الأطباء ، فشكا إليه وجع بطنه . فقال له : ما أكلت ؟ قال : خبزاً محترقاً . فدعا الطبيب بذرور ليكحله . فقال الرجل : إنما أشكو بطني . قال : قد علمت ، ولكني أكحلك لتبصر الخبز المحترق فلا تأكله بعد هذا . قال شيخ من الأطباء : الحمد لله ، فلان يزاحمنا في الطب ولم يختلف إلى البيمارستان تمام خمسين سنةً . قال بعضهم لطبيب ناوله دواءً : قدر كم آخذ منه ؟ قال : تأخذ منه قدر بعرة وتدوفه بقدر محجمة ماء وتضربه .

قال بعضهم : قال لي طبيب : إياك ومجالسة الثقلاء ؛ فإنا نجد فيما تقدم من كتب الطب أن في مجالستهم تُخم الأرواح . قيل : دخل بعض الهاشميين على أبي جعفر ، فسلّم عليه . فقال له أبو جعفر : كيف المولود ؟ قال : في عافية . قال : كم له ؟ قال : سبعة أيام . قال : فقال متطبب أبي جعفر : كيف عقله ؟ قال : أما سمعتني قلت لأمير المؤمنين : إنما له سبعة أيام ؟ قال الطبيب إن المولود إذا كان حادّ النظر قليل البكاء كان عاقلاً . ترك لافس التصوير وتطبب ، فقيل له في ذلك . فقال : الخطأ في التصوير تدركه العيون ، وخطأ الطب تواريه القبور . سئل طبيب عن دواء المشي . فقال : سهم ترمي به في جوفك أخطأ أم أصاب . وسئل آخر فقال : هو كالصابون في الثوب يُنقّيه ، ولكن يخلقه ويبليه . شكا رجل إلى طبيب سوء انهضام طعامه ، فقال : كلّه مهضوماً . قال طبيب لمريض : لا تأكل السمك واللحم . فقال : لو كان عندي ما اعتللت . أصاب بعضهم صداع ، فضمّد رأسه بدار صيني ، وفلفل . فقال له الطبيب : عزمت على أن تضعه في التنور ؟ .