ذكر القاضي محمد بن علي الجزولي ابن الحاج

ومن القضاة بحضرة فاس، محمد بن علي بن عبد الزراق الجزولي، المعروف بابن الحاج؛ يكنى أبا عبد الله. وهو أحد أعلام المغرب تفنناً في المعارف، وفضلاً، وعقلاً. وكان محافظاً على الزتبة، مقيماً للأبهة، جميل الهيئة، حمولاً لمكاره السلطنة، صبوراً على الرحلة، خطيباً بليغاً مفلقاً، كاتباً بارعاً مرسلاً، ريان من الأدب، سريع القلب، منقاد البديهة، مهما تناول القرطاس وكتب، أتى على الفور بعجب. رحل إلى المشرق، ولقي أعلامها. ودخل الأندلس، وأقام منها بمالقة زماناً، وروى عن أشياخها. وصحب بها الخطيب المدرس أبا عثمان بن عيسى الحميري. ثم عاد إلى وطنه؛ فتولى خطة القضاء بفاس. وتقلد أزمتها مع الخطابة مدة طويلة، إلى أن انتزعت منه، وأضعف قواه الهرم؛ فاستبدل بالفقيه المتفنن الحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد المقري بفتح الميم، منسوب إلى مقرة موضع من عمله إطرابلس ولزم هو منزله، تحت عناية ورفد جراية، إلى وفاته رحمه الله وغفر لنا وله!