ذكر القاضي أبي تمام غالب بن سيد بونة الخزاعي

ومن الشيوخ السراة، المذكورين بالأندلس في القضاة، أبو تمام غالب بن حسن بن غالب بن حسن بن أحمد بن يحيى بن سيد بونة الخزاعي. تقدم ذكر جده؛ ولنذكر الآن نبذة من التنبيه على سيره، والتعريف بسلفه. فنقول: أصلهم، على ما تقرر، من بونة التي بإفريقية، وهي المسماة ببلد العناب. وانتقل جده إلى الأندلس؛ فاستوطن منها وادي آش من عمل دانية إلى أن استولى العدو على تلك الجهات؛ فخرج قومه من مدينة آش إلى غرناطة؛ فبنوا بخارجها الربض المعروف بالبيازين، ونشروا مذهبهم في الإرادة؛ وانضم إليهم من تبعهم من أهل المشرق. وتقدم الفقيه أبو تمام شيخاً لهم، وقاضياً فيهم، وخطيباً بهم؛ فقام بالأعباء، سالكاً سنن الصالحين من الإيثار والتسديد بين قومه، مكباً على العبادة والخفوق على الجهاد. وله رواية عن والده أبي علي، وعن الخطيب أبي الحسن بن فضيلة وغيرهما. وله تأليف في منع سماع اليراعة المسماة بالشبابة وعلى ذلك درج جمهورهم. مولده في ذي القعدة من عام 653؛ ووفاته في شوال من عام 733.


وأما الشيخ أبو أحمد، الصوفي الكبير، الولي الشهير، فهو جعفر بن عبد الله بن محمد بن سيد بونة. قرأ ببلنسية وغيرها. قال ابن الأبار: وكان يحفظ نصف المدونة أو أكثر، ويؤثر الحديث والفقه والتمييز على غيره من العلوم. ورحل إلى المشرق؛ فأدى فريضة الحج ولقي جلة من الفضلاء، أشهرهم وأكبرهم في باب الزهد والورع؛ وسنى الأحوال، ورفيع المقامات، الشيخ الصالح أبو مدين شعيب بن الحسين مقيم بجاية؛ فصحبة كثيراً، وانتفع به، وارتوى من ذلاله. توفي رحمه الله وأرضاه! عن غير عقب من الذكور، وذلك في شهر شوال سنة 624.