ومن القضاة، عبد الله بن يحيى بن محمد بن أحمد بن زكرياء الأنصاري الأوسي، من أهل غرناطة؛ وأصله من مرسية، من بيت جود وفضل يكنى أبا محمد. كان ممن ولى القضاء وهو دون عشرين سنة، وتصرف فيه بقية عمره بالجهات الأندلسية؛ فأظهر نزاهة وعدالة، وأكثر مع ذلك من القراءة والإجتهاد، حتى صار من أهل القيام، والإحكام، والتقدم في عقد الشروط، والإمامة في علم الفرائض والعدد، وما يرجع إليه، عن الأستاذ أبي عبد الله بن الرقام. وروى عن أبي جعفر بن الزبير، والقاضي أبي عبد الله بن هشام، والخطيب أبي الحسن بن فضيلة. وكان في قضائه على طريقة حسنة من دماثه أخلاق، وسلامة أغراض، وتثبت في المشكلات، والأمور المشتبهات؛ وكثيراً ما كان يطيل الجلوس في آخر النهار، خشية أن يأتي محتاج ضعيف، أو شاك ملهوف من مكان بعيد؛ فلا يوجد. وإذا بان له وجه الحق في الحكومة، أنفذ دون استراب في شيء منه، أخذ فيه بمذهب ابن مخلد من الأستيناء، حتى يصير الفريقان إلى التصالح، احتياطاً لنفسه ولغيره. مولده منتصف شهر جمادى الآخر عام 675. وتوفي وهو قاض ببسطة، في التاسع عشر في شهر رمضان عام 745.