الحُوَّةُ: سواد إِلى الخُضْرة، وقيل: حُمْرةٌ تَضْرب إِلى السَّواد، وقد حَوِيَ حَوىً واحْوَاوَى واحْوَوَّى، مشدّد، واحْوَوى فهو أَحْوَى، والنسب إِليه أَحْوِيٌّ؛ قال ابن سيده: قال سيبويه إِنما ثبتت الواو في احْوَوَيْت واحْوَاوَيْت حيث كانتا وسطاً، كما أَنَّ التضعيف وسطاً أَقوى نحو اقْتَتل فيكون على الأَصل، وإِذا كان مثل هذا طرفاً اعتلّ، وتقول في تصغير يَحْيَى يُحَيٌّ، وكل اسم اجتمعت فيه ثلاث ياءَات أَولهن ياء التصغير فإِنك تحذف منهن واحدة، فإِن لم يكن أَولهن ياء التصغير أَثْبَتَّهُنَّ ثَلاثَتَهُنَّ، تقول في تصغير حَيَّة حُيَيَّة، وفي تصغير أَيُّوب أُيَيِّيبٌ بأَربع ياءَات، واحْتَملَت ذلك لأَنها في وسط الاسم ولو كانت طرفاً لم يجمع بينهن، قال ابن سيده: ومن قال احْواوَيْت فالمصدر احْوِيَّاءٌ لأَن الياء تقلبها كما قَلَبت واوَ أيَّام، ومن قال احْوَوَيْت فالمصدر احْوِوَاء لأَنه ليس هنالك ما يقلبها كما كان ذلك في احْوِيَّاء، ومن قال قِتَّال قال حِوَّاء، وقالوا حَوَيْت فصَحَّت الواو بسكون الياء بعدها. الجوهري: الحُوَّة لون يخالطه الكُمْتَة مثل صَدَإ الحديد، والحُوَّة سُمْرة الشفة. يقال: رجل أَحْوَى وامرأَة حَوَّاءُ وقد حَوِيَتْ. ابن سيده: شَفَة حَوَّاءُ حَمْراء تَضْرِب إلى السواد، وكثر في كلامهم حتى سَمَّوْا كل أَسود أَحْوَى؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
كما رَكَدَتْ حَوَّاءُ، أُعْطي حُكْمَه |
|
بها القَيْنُ، من عُودٍ تَعَلَّلَ جاذِبُهْ |
يعني بالحَوَّاءِ بكَرَة صنعت من عود أَحْوَى أَي أَسود، ورَكَدَتْ:دارت، ويكون وقفت، والقين: الصانع. التهذيب: والحُوَّةُ في الشِّفاهِ شَبيه باللَّعَسِ واللَّمَى؛ قال ذو الرمة:
لَمْياءُ في شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَـسٌ، |
|
وفي اللِّثاتِ وفي أَنيابِها شَنَبُ |
وفي حديث أَبي عمرو النخعي: ولَدَتْ جَدْياً أَسْفَعَ أَحْوَى أَي أَسود ليس بشديد السواد. واحْواوَتِ الأَرض: اخْضَرَّت. قال ابن جني: وتقديره افْعالَت كاحْمارَتْ، والكوفيون يُصَحِّحون ويُدغمون ولا يُعِلُّون فيقولون احْوَاوَّت الأَرض واحْوَوَّت؛ قال ابن سيده: والدليل على فساد مذهبهم قول العرب احْوَوَى على مثال ارْعَوَى ولم يقولوا احْوَوَّ. وجَمِيمٌ أَحْوَى: يضرب إلى السواد من شدة خُضْرته، وهو أَنعم ما يكون من النبات.
قال ابن الأَعرابي: هو مما يبالغون به. الفراء في قوله تعالى: والذي أَخْرج المَرْععى فجعله غُثاءً أَحْوى، قال: إذا صار النبت يبيساً فهو غُثاءٌ، والأَحْوَى الذي قد اسودَّ من القِدَمِ والعِتْقِ، وقد يكون معناه أَيضاً أخرج المَرْعَى أَحْوى أَي أَخضر فجعله غُثاءً بعد خُضْرته فيكون مؤخراً معناه التقديم. والأَحْوَى: الأَسود من الخُضْرة، كما قال:مُدْهامَّتانِ. النضر: الأَحْوى من الخيل هو الأَحْمر السَّرَاة. وفي الحديث: خَيْرُ الخَيْلِ الحُوُّ؛ جمع أَحْوَى وهو الكُمَيت الذي يعلوه سواد. والحُوَّة:الكُمْتة. أَبو عبيدة: الأَحْوَى هو أَصْفَى من الأَحَمِّ، وهما يَتَدانَيانِ حتى يكون الأَحْوَى مُحْلِفاً يُحْلَفُ عليه أَنه أَحَمُّ. ويقال:احْواوَى يَحْواوي احْوِيواءً. الجوهري: احْوَوى الفرس يَحْوَوِي احْوِوَاءً، قال: وبعض العرب يقول حَوِيَ يَحْوَى حُوَّة؛ حكاه عن الأَصمعي في كتاب الفرس. قال ابن بري في بعض النسخ: احْوَوَّى، بالتشديد، وهو غلط، قال: وقد أَجمعوا على أَنه لم يجئ في كلامهم فِعْل في آخره ثلاثة أَحرف من جنس واحد إلا حرف واحد وهو ابْيَضَضَّ؛ وأَنشدوا:
فالْزَمي الخُصَّ واخْفِضي تَبْيَضِضِّي |
أَبو خيرة: الحُوُّ من النَّمْلِ نَمْلٌ حُمْرٌ يقال لها نَمْلُ سليمان.والأَحْوى: فرس قُتَيْبَة بنِ ضِرار.
والحُوَّاء: نَبْتٌ يشبه لون الذِّئبِ، واحدته حُوَّاءَةٌ. وقال أَبو حنيفة: الحُوَّاءَةُ بقلة لازقة بالأَرض، وهي سُهْلِيَّة ويسمو من وسطها قضيب عليه ورق أَدق من ورق الأَصل، وفي رأْسه بُرْعُومة طويلة فيها بزرها.
والحُوَّاءة: الرجل اللازم بيته، شبّه بهذه النبتة. ابن شميل: هما حُوَّاءانِ أَحدهما حُوَّاء الذَّعاليق وهو حُوَّاءُ البَقَر وهو من أَحْرار البقول، والآخر حُوَّاء الكلاب وهو من الذكور ينبت في الرِّمْثِ خَشِناً؛ وقال:
كما تَبَسَّم للحُوَّاءةِ الجَمَل |
وذلك لأَنه لا يقدر على قَلْعها حتى يَكْشِرَ عن أَنيابه للزوقها بالأَرض. الجوهري: وبعير أَحْوَى إذا خالط خُضْرتَه سوادٌ وصفرة. قال: وتصغير أَحْوَى أُحَيْوٍ في لغة من قال أُسَيْود، واختلفوا في لغة من أَدغم فقال عيسى بن عمر أُحَيِّيٌ فصَرَف، وقال سيبويه: هذا خطأٌ، ولو جاز هذا لصرف أَصَمُّ لأَنه أَخف من أَحْوى ولقالوا أُصَيْمٌ فصرفوا، وقال أَبو عمرو بن العلاء فيه أحَيْوٍ؛ قال سيبويه: ولو جاز هذا لقلت في عَطَاءٍ عُطَيٌّ، وقيل: أُحَيٌّ وهو القياس والصواب. وحُوّة الوادي: جانبه.وحَوَّاءُ: زوج آدم، عليهما السلام، والحَوَّاء: اسم فرس علقمة بن شهاب.
وحُوْ: زجر للمعز، وقد حَوْحَى بها. والحَوُّ والحَيُّ: الحق. واللَّوُّ واللَّيُّ: الباطل. ولا يعرف الحَوَّ منَ اللَّوِّ أَي لا يعرف الكلام البَيِّن من الخَفِيِّ، وقيل: لا يعرف الحق من الباطل. أَبو عمرو: الحَوّة الكلمة من الحق.والحُوَّة: موضع ببلاد كلب؛ قال ابن الرقاع:
أَوْ ظَبْية من ظِباءِ الحُوَّةِ ابْتَقَلَتْ |
|
مَذانِباً، فَجَرَتْ نَبْتآً وحُجْرَانـا |
قال ابن بري: الذي في شعر ابن الرقاع فُجِرَتْ، والحُجْران جمع حاجر مثل حائِر وحُوران، وهو مثل الغدير يمسك الماء. والحُوَّاء، مثل المُكَّاء:نبت يشبه لون الذئب، الواحِدة حُوّاءَةٌ؛ قال ابن بري شاهده قوله الشاعر:
وكأنَّما شَجَر الأَراك لِمَهْرَةٍ |
|
حُوَّاءَةٌ نَبَتَتْ بِدارِ قَـرارِ |
وحُوَيُّ خَبْتٍ: طائر؛ وأَنشد:
حُوَيَّ خَبْتٍ أَينَ بِتَّ اللَّيلَهْ؟ |
|
بِتُّ قَرِيباً أَحْتَذِي نُعَيْلَـهْ |
وقال آخر:
كأنَّك في الرجال حُوَيُّ خَبْتٍ |
|
يُزَقّي في حُوَيّاتٍ بِـقَـاعِ |
وحَوَى الشيءَ يحوِيه حَيّاً وحَوَايَةً واحْتَواه واحْتَوى عليه:جمَعَه وأَحرزه. واحْتَوَى على الشيء: أَلْمَأَ عليه. وفي الحديث: أَن امرأَة قالت إنَّ ابْنِي هذا كان بَطْني لَهُ حِواءً؛ الحِوَاءُ: اسم المكان الذي يَحْوِي الشيء أَي يجمعه ويضمه. وفي الحديث: أَن رجلاً قال يا رسول الله هل عَلَيَّ في مالي شيءٌ إذا أَدّيْت زَكاتَه؟ قال: فأَينَ ما تَحَاوتْ عليكَ الفُضُول؟ هي تفاعَلَت من حَوَيْت الشيء إذا جمعته؛ يقول: لا تَدَ ع المُواساة من فضل مالك، والفُضُول جمع فَضْل المالِ عن الحوائج.، ويروى: تَحَاوَأتْ، بالهمز، وهو شاذ مثل لَبَّأتُ بالحَجِّ.
والحَيَّة: من الهوامّ معروفة، تكون للذكر والأُنثى بلفظ واحد، وسنذكرها في ترجمة حَيَا، وهو رأْي الفارسي؛ قال ابن سيده: وذكرتها هنا لأَن أَبا حاتم ذهب إلى أَنها من حَوَى قال لتَحَويِّها في لِوَائِها. ورجل حَوَّاءٌ وحاوٍ: يجمع الحَيَّات، قال: وهذا يعضد قول أَبي حاتم أَيضاً. وحَوى الحَيَّةِ: انطواؤها؛ وأَنشد ابن بري لأبَي عنقاء الفزاري:
طَوَى نفْسَه طَيَّ الحَرير، كأَنـه |
|
حَوَى حَيَّةٍ في رَبْوَةٍ، فهْو هاجِعُ |
وأَرضٌ مَحْواة: كثيرة الحَيَّاتِ. قال الأَزهري: اجتمعوا على ذلك.
والحَوِيَّةُ: كساء يُحَوَّى حَوْلَ سنامِ البعير ثم يركب. الجوهري:الحَوِيّة كساء مَحْشُوٌّ حول سنام البعير وهي السَّويَّة. قال عمير بن وهب الجُمَحِي يم بدر وحُنَينٍ لما نظر إلى أَصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، وحَزَرَهُم وأَخْبر عنهم: رأَيت الحَوايا عليها المَنايا نَواضِحُ يثربَ تَحْمِل الموتَ النَّاقِعَ. والحَوِيَّةُ لا تكون إلا للجِمال، والسَّوِيَّة قد تكون لغيرها، وهي الحَوايا. ابن الأَعرابي: العرب تَقول المَنايا على الحَوايا أَي قد تأْتي المنيةُ الشجاعَ وهو على سَرْجه. وفي حديث صَفيَّة: كانت تُحْوِّي وراءَه بعباءة أَو كساء؛ التَّحْوِيةُ: أَن تُدير كساءً حولَ سَنام البعير ثم تَرْكَبَه، والاسم الحَوِيّةُ. والحَوِيّةُ:مَرْكَبٌ يُهَيَّأ للمرأَة لتركبه، وحَوَّى حَوِيَّة عَمِلَها. والحَوِيَّةُ: اسْتدارة كل شيء. وتَحَوَّى الشيءُ: استدارَ. الأَزهري: الحَوِيُّ استدارة كل شيء كَحَوِيِّ الحَيَّة وكَحَوِيِّ بعض النجوم إذا رأَيتها على نَسَقٍ واحدٍ مُستديرة. ابن الأَعرابي: الحَوِيُّ المالك بعد استحقاق، والحَوِيُّ العَلِيلُ، والدَّوِيُّ الأَحمق، مشددات كلها. الأَزهري: والحَوِيُّ أَيضاً الحوض الصغير يُسَوِّيه الرجلُ لبعيره يسقيه فيه، وهو المَرْكُوُّ يقال: قد احتَوَيْتُ حَوِّياً. والحَوايا:التي تكون في القِيعانِ فهي حفائر مُلْتوية يَمْلَؤها ماءُ السماء فيقى فيها دهراً طويلاً، لأَن طين أَسفلها عَلِكٌ صُلْبٌ يُمْسِكُ الماءَ، واحدتها حَوِيَّة، وتسميها العرب الأَمْعاء تشبيهاً بحَوايا البطن يَسْتَنْقِعُ فيها الماء. وقال أَبو عمرو: الحَوايا المَساطِحُ، وهو أَن يَعْمِدوا إلى الصَّفا فيحوون له تراباً وحجارة تَحْبِسُ عليهم الماءَ، واحدتها حَوِيَّة. قال ابن بري: الحَوايا آبار تحفر ببلاد كَلْب في أَرض صُلْبة يُحْبس فيها ماء السيول يشربونه طُولَ سنتهم؛ عن ابن خالويه. قال ابن سيده:والحَوِيَّة صفاة يُحاط عليها بالحجارة أَو التراب فيجتمع فيها الماء.
والحَوِيَّة والحاوِيَةُ والحاوِيَاء: ما تَحَوَّى من الأَمعاء، وهي بَناتُ اللَّبَن، وقيل: هي الدُّوَّارة منها، والجمع حَوايا، تكون فَعَائل إن كانت جمع حَويَّة، وفَواعل إن كانت جمع حاوِيَةٍ أَو حاوِياءَ. الفراء في قوله تعالى: أَو الحَوايا أَو ما اخْتَلَط بعَظْم؛ هي المَباعِرُ وبناتُ اللبن. ابن الأَعرابي: الحَوِيَّة والحاوِيَةُ واحد، وهي الدُّوَّارة التي في بطن الشاة. ابن السكيت: الحاوِياتُ بَنات اللبن، يقال حاوِيَةٌ وحاوِياتٌ وحاوِيَاء، ممدود. أَبو الهيثم: حاوِيَةٌ وحَوايا مثل زاوية وزَوايا، ومنهم من يقول حَوِيَّة وحَوايا مثل الحَوِيَّة التي توضع على ظهر البعير ويركب فوقها، ومنهم من يقول لواحدتها حاوِياءُ، وجمعها حَوايا؛ قال جرير:
تَضْغُو الخَنانِيصُ، والغُولُ التي أَكَلَتْ |
|
في حاوِياءَ دَرُومِ الليلِ مِـجْـعـار |
الجوهري: حَوِيَّة البطن وحاوِية البَطْنِ وحاوِياءُ البطن كله بمعنى؛ قال جرير:
كأنَّ نَقيقَ الحَبِّ فـي حـاوِيائِه |
|
نقِيقُ الأَفاعي، أَو نقِيقُ العَقارِبِ |
وأَنشد ابن بري لعليّ، كرم الله وجهه:
أضْرِبُهم ولا أَرى مُـعـاويَهْ |
|
الجاحِظَ العَينِ، العَظيمَ الحاوِيَهْ |
وقال آخر:
ومِلْحُ الوَشِيقَةِ في الحاويَهْ |
يعني اللبن. وجمع الحَويَّةِ حَوايا وهي الأَمعاء، وجمع الحاوِياءِ حَوَاوٍ على فَوَاعِلَ، وكذلك جمع الحاوِية؛ قال ابن بري: حَوَاوٍ لا يجوز عند سيبويه لأَنه يجب قلب الواو التي بعد أَلف الجمع همزة، لكون الأَلف قد اكتنفها واوان، وعلى هذا قالوا في جمع شاوِيَة شَوَايا ولم يقولوا شَوَاوٍ، والصحيح أَن يقال في جمع حاوِية وحاوِياءَ حَوَايا، ويكون وزنها فَواعِلَ، ومن قال في الواحدة حَوِيَّة فوزن حَوَايا فَعائِل كصَفِيّة وصَفايا، والله أَعلم.
الليث: الحِواءُ أَخْبِيَةٌ يُدَانَى بعضُها من بعض، تقول: هم أَهل حِوَاءٍ واحد، والعرب تقول المُجتمَعِ بيوت الحَيِّ مُحْتَوىً ومَحْوىً وحِوَاء، والجمع أَحْوِيَةٌ ومَحاوٍ؛ وقال:
ودَهْماء تستَوْفي الجَزُورَ كأَنَّها، |
|
بأَفْنِيَةِ المَحوَى، حِصانٌ مُقَـيَّد |
ابن سيده: والحِوَاءُ والمُحَوَّى كلاهما جماعة بيوت الناس إذا تدانت، والجمع الأَحوية، وهي من الوَبَر. وفي حديث قَيْلَة: فوَأَلْنا إلى حِوَاءٍ ضَخْمٍ، الحِوَاءُ: بيوت مجتمعة من الناس على ماءٍ، ووَأَلْنا أَي لَجَأْنا؛ ومنه الحديث الآخر: ويُطلَبُ في الحِواء العظيمِ الكاتِبُ فما يُوجَدُ.
والتَّحْوِيَة: الانْقِباض؛ قال ابن سيده: هذه عبارة اللحياني، قال:وقيل للكلبة ما تَصْنَعِينَ معَ الليلةِ المَطِيرَة؟ فقالت: أُحَوِّي نفسي وأَجْعَلُ نفَسي عِندَ اسْتي. قال: وعندي أَنَّ التَّحَوِّيَ الانقباضُ، والتَّحْوِيَةُ القَبْض.والحَوِيَّةُ: طائر صغير؛ عن كراع.وتَحَوَّى أَي تَجَمَّع واستدارَ. يقال: تَحَوَّت الحَيَّة.والحَواةُ: الصوتُ كالخَوَاةِ، والخاء أَعلى.وحُوَيٌّ: اسمٌ؛ أَنشد ثعلب لبعض اللصوص:
تقولُ، وقد نَكَّبْتُها عن بلادِهـا: |
|
أَتَفْعَلُ هذا يا حُوَيُّ على عَمْدِ؟ |
وفي حديث أنَس: شفاعتي لأَهلِ الكَبائِر من أُمَّتي حتى حَكَمٍ وحاءٍ؛ هما حيان من اليمن من وراء رمْل يَبْرينَ؛ قال أَبو موسى: يجوز أن يكون حا من الحُوَّة، وقد حُذِفت لامُه، ويجوز أَن يكون من حَوَى يَحْوي، ويجوز أَن يكون مقصوراً لا ممدوداً. قال ابن سيده: والحاءُ حرف هجاء، قال: وحكى صاحب العين حَيَّيْتُ حاءً، فإذا كان هذا فهو من باب عييت، قال: وهذا عندي من صاحب العين صنعة لا عربية، قال: وإنما قضيت على الألف أنها واو لأَن هذه الحروف وإن كانت صوتاً في موضوعاتها فقد لَحِقَتْ مَلْحَقَ الأَسماء وصارت كمالٍ، وإبدال الأَلف من الواو عيناً أَكثر من إبدالها من الياء، قال: هذا مذهب سيويه، وإذا كانت العين واواً كانت الهمزة ياء لأَن باب لوَيْتُ أَكثر من باب قُوَّة، أَعني أَنه أَن تكون الكلمة من حروف مختلفة أَوْلى من أَن تكون من حروف مثفقه، لأَن باب ضَرَب أَكثر من باب رَدَدْتُ، قال: ولم أَقض أَنها همزة لأَن حا وهمزةً على النسق معدوم. وحكى ثعلب عن معاذٍ الهَرَّاء أَنه سمع العرب تقول: هذه قصيدة حاوِيَّة أَي على الحاء، ومنهم من يقول حائيّة، فهذا يقوّي أن الألف الأَخيرة همزة وَضْعَّية، وقد قدَّمنا عدم حا وهمزةٍ على نَسَقٍ.
وحم، قال ثعلب: معناه لا يُنْصَرون، قال: والمعنى يا مَنْصور اقْصِدْ بهذا لهم أو يا الله. قال سيبويه: حم لا ينصرف، جعلته اسماً للسورة أَو أَضَفْتَ إليه، لأَنهم أَنزلوه بمنزلة اسم أَعجمي نحو هابيل وقابيل؛ وأنشد:
وجَدْنا لكم، في آلِ حميمَ، آيةً |
|
تأوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُـعْـرِبُ |
قال ابن سيده: هكذا أَنشده سيبويه، ولم يجعل هنا حا مع ميم كاسمين ضم أَحدهما إلى صاحبه، إذ لو جعلهما كذلك لمدّ حا، فقال حاءْ ميم ليصيرَ كحَضْرَمَوْتَ.
وحَيْوَةُ: اسم رجل، قال ابن سيده: وإنما ذكرتها ههنا لأَنه ليس في الكلام ح ي و، وإنما هي عندي مقلوبة من ح و ي، إما مصدر حَوَيْتُ حَيَّةً مقلوب، وإما مقلوب عن الحَيَّة التي هي الهامّة فيمن جعل الحَيّة من ح و ي، وإنما صحت الواو لنقلها إلى العلمية، وسَهَّل لهم ذلك القلبُ، إذ لو أَعَلُّوا بعد القلب والقلبُ علة لَتَوالَى إعلالان، وقد تكون فَيْعلة من حَوَى يَحْوي ثم قلبت الواو ياء للكسرة فاجتمعت ثلاث ياءات، فحذفت الأَخيرة فبقي حية، ثم أُخرجت على الأَصل فقيل حَيْوة.
الحَوْبُ والحَوْبَةُ: الأَبَوانِ والأُخْتُ والبِنْتُ. وقيل: لِي فيهم حَوْبَةٌ وحُوبَةٌ وحِيبَةٌ أَي قرابة من قِبَلِ الأُمِّ، وكذلك كلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ. وإن لِي حَوْبَةً أَعُولُها أَي ضَعَفَة وعِيالاً. ابن السكيت: لي في بَني فُلان حَوْبَةٌ، وبعضُهم يقول حِيبَةٌ، فتذهب الواوُ إذا انْكَسَر ما قَبْلَها، وهي كلُّ حُرْمةٍ تَضِيع من أُمٍّ أَو أُخْت أَو بِنتٍ، أَو غير ذلك من كل ذاتِ رَحِمٍ. وقال أَبو زيد: لي فيهم حَوْبَة إذا كانت قرابةً من قِبَلِ الأُمّ، وكذلك كلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ.
وفي الحديث: اتَّقُوا اللّهَ في الحَوْبَاتِ؛ يريدُ النِّساءَ المُحْتاجات، اللاَّتي لا يَسْتَغْنِينَ عَمَّنْ يقومُ عليهِنَّ، ويَتَعَهَّدُهُنَّ؛ ولا بُدَّ في الكلامِ من حذفِ مُضافٍ تَقْدِيرُه ذات حَوْبَةٍ، وذات حَوْباتٍ.
والحَوْبَةُ: الحاجَة. وفي حديث الدعاءِ: إليك أَرْفَعُ حَوْبَتي أَي حاجَتي. وفي رواية: نَرْفَعُ حَوْبَتَنا إليك أَي حاجَتَنا. والحَوْبَة رقة فُؤَادِ الأُمِّ؛ قال الفرزدق:
فهَبْ لِي خُنَيْساً، واحْتَسِبْ فيه مِنَّةً |
|
لحَوْبَةِ أُمٍّ، ما يَسُوغُ شَـرَابُـهـا |
قال الشيخ ابن بري: والسبب في قول الفرزدق هذا البيت، أَن امرأَةً عاذتْ بقبر أَبيه غالبٍ، فقال لها: ما الذي دَعاكِ إلى هذا؟ فقالت: إن لِي ابْناً بالسِّنْدِ، في اعْتِقالِ تميم بن زيد القَيْنيِّ، وكان عامِلَ خالدٍ القَسْرِيِّ على السِّنْدِ؛ فكتَبَ من ساعتِه إليه:
كَتَبْتُ وعَجَّلْتُ البِرَادَةَ إنَّـنِـي، |
|
إذا حاجَة حاوَلْتُ، عَجَّتْ رِكابُها |
||
ولِي، بِبِلادِ السِّنْدِ، عند أَميرِهـا، |
|
حَوائِجُ جَمَّاتٌ، وعندِي ثوابُهـا |
||
أَتتْنِي، فعاذَتْ ذاتُ شَكْوَى بغالِـبٍ، |
|
وبالحرَّةِ، السَّافِي عليه تُـرابُـهـا |
||
فقُلْتُ لَها: إيهِ؛ اطْلُبِي كُـلَّ حـاجةٍ |
|
لَدَيَّ، فخَفَّتْ حـاجةٌ وطِـلاَبُـهـا |
||
فقالَتْ بِحُزْنٍ: حاجَتِـي أَنَّ واحِـدِي |
|
خُنَيْساً، بأَرْضِ السِّنْدِ، خَوَّى سَحابُها |
||
فَهَبْ لِي خُنَيْساً، واحْتَسِبْ فِيهِ مِـنَّةً |
|
لِحَوْبَةِ أُمٍّ، ما يَسُـوغُ شَـرابُـهَـا |
||
تَمِيمَ بنَ زَيْدٍ، لا تَكُونَنَّ حـاجَـتِـي، |
|
بِظَهْرٍ، ولا يَعيا، عَلَيْكَ، جَوابُـهـا |
||
ولا تَقْلِبَنْ، ظَهْراً لِبَطْنٍ، صَحِيفَتِـي، |
|
فَشَاهِدُهَا، فِيها، عَلَيْكَ كِـتـابُـهـا |
||
فلما ورد الكِتابُ على تَميمٍ، قال لكاتبه: أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ فقال: كَيفَ أَعْرِفُ مَنْ لَمْ يُنْسَبْ إلى أبٍ ولا قَبِيلَةٍ، ولا تحَقَّقْت اسْمَه أَهُو خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ؟ فقال: أَحْضِرْ كلّ مَن اسْمُه خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ؛ فأَحْضَرَهم، فوجَدَ عِدَّتَهُم أَرْبَعِين رجُلاً، فأَعْطَى كلَّ واحِدٍ منهُم ما يَتَسَفَّرُ بهِ، وقال: اقْفُلُوا إلى حَضْرة أَبي فِراسٍ. والحَوْبَة والحِيبَة: الهَمُّ والحاجَة؛ قال أَبو كَبِير الهُذلي:
ثُمَّ انْصَرَفْتُ، ولا أَبُثُّـكَ حِـيبَـتِـي، |
|
رَعِشَ البَنانِ، أَطِيشُ، مَشْيَ الأَصْورِ |
وفي الدعاءِ على الإنْسانِ: أَلْحَقَ اللّهُ به الحَوْبَة أَي الحاجَةَ والمَسْكَنَة والفَقْرَ.
والحَوْبُ: الجَهْدُ والحاجَة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وصُفَّاحَة مِثْل الفَنِيقِ، مَنَحْتهـا |
|
عِيالَ ابنِ حَوْبٍ، جَنَّبَتعه أَقارِبُهْ |
وقال مرَّة: ابنُ حَوْبِ رجلٌ مَجْهودٌ مُحْتاجُ، لا يَعْنِي في كلِّ ذلك رجُلاً بعَيْنِه، إنما يريدُ هذا النوعَ. ابن الأَعرابي: الحُوبُ: الغَمُّ والهَمُّ والبَلاءُ. ويقال: هَؤُلاءِ عيالُ ابنِ حَوْبٍ. قال: والحَوْبُ: الجَهْدُ والشِّدَّة. الأَزهري: والحُوبُ: الهَلاكُ؛ وقال الهذلي:
وكُلُّ حِصْنٍ، وإنْ طَالَتْ سَلامَتُه، |
|
يَوماً، ستُدْرِكُه النَّكْراءُ والحُوبُ |
أَي يَهْلِكُ. والحَوْبُ والحُوبُ: الحُزنُ؛ وقيل: الوَحْشة؛ قال الشاعر:
إنَّ طَريقَ مِثْقَبٍ لَحُوبُ |
أَي وَعْثٌ صَعْبٌ. وقيل في قول أَبي دُوَاد الإيادي:
يوماً سَتُدْرِكه النَّكْراءُ والحُوبُ |
أَي الوَحْشَة؛ وبه فسر الهَرَوِيُّ قوله، صلى اللّه عليه وسلم، لأَبي أَيُّوب الأَنصاري، وقد ذهب إلى طَلاق أُمِّ أَيُّوبَ: إنَّ طَلاقَ أُمِّ أَيُّوبَ لَحُوبٌ. التفسير عن شمر، قال ابن الأَثير: أَي لَوَحْشَة أَو إثْمٌ. وإنما أَثَّمهَ بطلاقِها لأَنها كانت مُصْلِحةً له في دِينِهِ. والحَوْبُ: الوجع.
والتَّحَوُّبُ: التَّوَجُّعُ، والشَّكْوَى، والتَّحَزُّنُ. ويقال: فلان يَتَحَوَّب من كذا أَي يَتَغَيَّظُ منه، ويَتَوَجَّعُ.
وحَوْبَةُ الأُمِّ عَلى وَلَدِها وتَحَوُّبُها: رِقَّتُها وتَوَجُّعُها.
وفيه: ما زَالَ صَفْوانُ يَتَحَوَّبُ رِحَالَنَا مُنْذ اللَيْلَة؛ التَّحَوُّبُ: صَوْتٌ مع تَوَجعٍ، أَراد به شدَّةَ صِياحِهِ بالدُّعاءِ؛ ورِحَالَنَا مصوبٌ على الظُّرْفِ.
والحَوْبَةُ والحِيبَة: الهَمُّ والحُزْنُ. وفي حديث عُرْوَة لمَّا ماتَ أَبُو لَهَبٍ: أُرِيَه بعضُ أَهْلِه بشَرِّ حِيبَةٍ أَي بشَرِّ حالٍ.
والحِيبَةُ والحَوْبَة: الهَمُّ والحُزْنُ. والحِيبَة أَيضاً: الحاجَةُ والمَسْكَنة؛ قال طُّفَيْل الغَنَوي:
فَذُوقُوا كما ذُقْنا، غَداةَ مُحَجَّـرٍ، |
|
مِنَ الغَيْظِ، في أَكْبادِنا، والتَّحَوُّبِ |
وقال أَبو عبيد: التَّحَوُّبُ في غير هذا التَّأَثُّم من الشيءِ، وهو من الأَوَّلِ، وبعضُه قريبٌ من بعض.
ويقال لابنِ لآوَى: هو يَتَحَوَّبُ، لأَنَّ صَوْتَه كذلك، كأَنه يَتَضَوَّرُ. وتحَوَّبَ في دعائه: تَضَرَّعَ. والتَّحَوُّب أَيضاً: البكاءُ في جَزَعٍ وصِياحٍ، ورُبَّما عَمَّ به الصِّياحَ؛ قال العجاج:
وصَرَّحَتْ عنه، إذا تـحـوَّبـا، |
|
رواجبُ الجوفِ السحيلَ الصُّلَّبا |
ويقال: تحَوَّبَ إذا تَعَبَّد، كأَنه يُلْقِي الحُوبَ عن نَفسِه، كما يقال: تَأَثَّمَ وتحَنَّثَ إذا أَلْقَى الحَنْثَ عن نَفْسِه بالعِبادةِ؛ وقال الكُمَيْت يذكر ذِئْباً سَقاهُ وأَطْعَمَه:
وصُبَّ له شَوْلٌ، مِن الماءِ، غائرٌ |
|
به كَفَّ عنه، الحِيبةَ، المُتَحَوِّبُ |
والحِيبة: ما يُتَأَثَّم منه.
وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: اللهم اقْبَلْ تَوْبَتِي، وارْحَمْ حَوْبَتِي؛ فحَوْبَتِي، يجوز أَن تكون هنا توَجُّعِي، وأَن تكونَ تَخَشُّعِي وتَمَسْكُنِي لَكَ. وفي التهذيب: رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي واغْسِلْ حَوْبَتِي. قال أَبو عبيد: حَوْبَتِي يَعْنِي المَأْثمَ، وتُفْتَح الحاء وتُضَم، وهو من قوله عز وجل: إنه كان حُوباً كَبيراً. قال: وكل مَأْثَمٍ حُوبٌ وحَوْبٌ، والواحدة حَوْبةٌ؛ ومنه الحديث الآخر: أَن رجُلاً أَتَى النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إني أَتيتُك لأُجاهِدَ مَعَكَ؛ فقال: أَلَكَ حَوْبةٌ؟ قال: نعم. قال: فَفِيها فجاهِدْ. قال أَبو عبيد: يعني ما يَأْثَمُ به إنْ ضَيَّعه من حُرْمةٍ. قال: وبعضُ أَهلِ العِلْمِ يَتَأَوّلُه على الأُمِّ خاصَّةٌ. قال: وهي عندي كلُّ حُرْمةٍ تَضِيعُ إن تَركَها، مَن أُمٍّ أَو أُخْتٍ أَو ابْنةٍ أَو غيرها. وقولهم: إنما فلانٌ حَوْبةٌ أَي ليس عنده خيرٌ ولا شرٌّ.
ويقال: سمعتُ من هذا حَوْبَيْنِ، ورأَيتُ منه حَوْبَيْن أَي فَنَّيْن وضَرْبَيْن؛ وقال ذو الرمة:
تَسْمَعُ، من تَيْهائهِ الأَفْلالِ، |
|
حَوْبَينِ من هَماهِمِ الأَغْوالِ |
أَي فنَّيْن وضَرْبَين، وقد رُوِيَ بيتُ ذي الرُّمَّة بفتح الحاء.
والحَوْبَة والحُوبة: الرجُلُ الضَّعيفُ، والجمع حُوَب، وكذلك المرأَة إذا كانت ضعِيفة زَمِنة. وبات فلانٌ بِحيبةُ سوءٍ وحَوبةِ سوءٍ أَي بحالِ سُوءٍ؛وقيل: إذا باتَ بِشِدَّةٍ وحالٍ سَيِّئةٍ لا يقال إلا في الشَّر؛ وقد استُعمل منه فعْلٌ قال:
وإن قَلُّوا وحابُوا |
ونزَلنا بِحيبةٍ من الأَرض وحُوبةٍ أَي بأَرض سوءٍ.
أَبو زيد: الحُوبُ: النَّفْسُ، والحَوْباءُ: النفس، ممدودةٌ ساكنةُ الواو، والجمع حَوْباواتٌ؛ قال رؤْبة:
وقاتِلٍ حَوْباءَهُ من أَجْلـي، |
|
ليس له مِثْلي، وأَينَ مِثْلي؟ |
وقيل: الحَوْباءُ رُوعُ القَلْبِ؛ قال:
ونَفْسٍ تَجُودُ بحَوْبائها |
وفي حديث ابنِ العاص: فَعَرَفَ أَنه يريدُ حَوْباءَ نَفْسه.
والحَوْبُ والحُوبُ والحابُ: الإِثْمُ، فالحَوْبُ، بالفتح، لأَهْلِ الحجاز، والحُوبُ، بالضم، لتَميمٍ، والحَوْبةُ: المَرَّة الواحدة منه؛ قال المخبل:
فَلا يَدْخُلَنَّ، الدَّهْرَ، قَبرَكَ، حَوْبَةٌ |
|
يَقُومُ، بها، يَوماً، عَليْكَ حَسيبُ |
وقد حَابَ حَوباً وحِيبَةً. قال الزجاج: الحُوبُ الإثْمُ، والحَوْبُ فِعْلُ الرَّجُلِ؛ تقولُ: حابَ حَوْباً، كقولك: قد خانَ خَوناً. وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، أَنّ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: الرِّبا سَبْعُونَ حَوباً، أَيْسَرُها مِثْلُ وُقُوعِ الرجُلِ على أُمِّهِ، وأَرْبَى الرِّبا عِرْض المُسْلِمِ. قال شمر: قوله سَبْعون حَوْباً، كأَنه سبعون ضرباً من الإثْمِ. الفرَّاءُ في قوله تعالى إنه كان حُوباً: الحُوبُ الإثم العظيم. وقرأَ الحسن: انه كان حَوْباً؛ وروى سعد عن قَتادة أَنه قال: انه كان حُوباً أَي ظُلْماً.
وفلان يَتَحوَّب من كذَا أَي يتَأَثَّم. وتَحَوَّب الرجُل: تَأَثَّمَ.
قال ابن جني: تَحَوَّبَ تَرَكَ الحُوبَ، من باب السَّلْبِ، ونَظِيرُه تأَثَّمَ أَي تَرَكَ الإثْمَ، وإن كانَ تَفَعَّل لِلإثباتِ أَكْثرَ منه، للسلب، وكذلك نحو تَقَدَّم وتأَخَّر، وتعَجَّل وتأَجَّل. وفي الحديث: كان إذا دَخَلَ إلى أَهْلِه قال: تَوْباً تَوْباً، لا يُغادِرُ عَلَيْنا حَوْباً. ومنه الحديث: إنَّ الجَفاءَ والحَوْبَ في أَهْلِ الوبرِ والصُّوفِ.
وتَحَوَّب من الإثمِ إذا تَوَقَّاه، وأَلقى الحَوْبَ عن نفسِه.
ويقال: حُبْتَ بكذا أَي أَثِمْتَ، تَحوبُ حَوْباً وحَوْبَة وحِيابَةً؛ قال النابغة:
صَبْراً، بَغِيض بنَ رَيْثٍ؛ انها رَحِمٌ |
|
حُبْتُمْ بها، فأَناخَتْكُمْ بجَـعْـجَـاعِ |
وفلانٌ أَعَقُّ وأَحْوَبُ. قال الأَزهري: وبنو أَسد يقولون: الحائِبُ للقاتِل، وقد حَاب يحُوبُ.
والمُحَوِّب والمُتَحَوِّبُ الذي يَذْهَب مالُه ثم يَعودُ. الليث: الحَوْبُ الضَّخمُ من الجِمالِ؛ وأَنشد:
ولا شَرِبَتْ في جِلْدِ حَوْب مُعَلَّبِ |
قال: وسُّمِّيَ الجَمَلُ حَوْباً بزَجْره، كما سُمِّيَ البَغْلُ عَدَساً بزَجْرِه، وسُمِّيَ الغُراب غاقاً بصَوْتِهِ. غيره: الحَوْبُ الجَمَلُ، ثم كَثُر حتى صارَ زجْراً له. قال الليث: الحَوْبُ زَجْرُ البَعير ليَمْضِيَ، وللنَّاقةِ: حَلْ، جَزْمٌ، وحَلٍ وحَلي. يقال للبَعير إذا زُجِرَ: حَوْبَ، وحوبِ، وحَوْبُ، وحابِ.
وحَوَّبَ بالإبِلِ: قال لها حَوْب، والعَرَبُ تَجُرُّ ذلك، ولو رُفِعَ أَو نُصِبَ، لكان جائِزاً، لأَنَّ الزَّجْرَ والحِكاياتِ تُحَرَّك أَواخِرُها، على غيرِ إعرابٍ لازمٍ، وكذلك الأَدواتُ التي لا تَتَمَكَّن في التَّصْريفِ، فإذا حُوِّلَ من ذلك شيءٌ إلى الأَسماءِ، حُمِلَ عليه الأَلف واللام، فأُجْريَ مُجْرَى الأَسْماءِ، كقوله:
والحَوْبُ لمَّا يُقَلْ والحَلُ |
وحَوَّبْت بالإبل: من الحوب. وحَكَى بعضهم: حَبْ لا مَشَيْتَ، وحَبٍ لا مَشَيْتَ، وحَابِ لا مَشَيْت، وحَابٍ لا مَشَيْتَ. وفي الحديث: أَنه كان إذا قَدِمَ من سَفَرٍ قال: آيِبُون تائِبُون، لرَبِّنا حامدُون، حَوْباً حَوْباً. قال: كأَنه لما فَرَغَ من كلامه، زَجَر بَعِيرَه. والحَوْبُ: زَجْرٌ لذكُور الإبِلِ. ابن الأَثير: حَوْبُ زَجْرٌ لِذُكُورة الإبل، مثلُ حَلْ لإناثِها، وتضمّ الباء وتفتح وتكسر، وإذا نُكِّر دَخَلَهُ التنوين، فقوله: حَوْباً، بمنزلةِ قولك: سيراً سيراً؛ فأَما قوله:
هَيَ ابْنَةُ حَوْبٍ، أُمُّ تِسْعينَ، آزَرَتْ |
|
أَخا ثِقَةٍ، تَمْري، جَباها، ذَوائِبُـهْ |
فإنه عَنى كِنانَةً عُمِلَت من جِلْدِ بعيرٍ، وفيها تِسْعونَ سَهْماً، فجعلها أُمّاً للسهام، لأَنها قد جمعتها، وقوله: أَخَا ثِقَةٍ، يعني سَيْفاً، وجَباها: حَرْفُها، وَذَوائِبُه: حمائله أَي إنه تَقَلَّد السَّيْفَ، ثم تَقَلَّدَ بعده الكِنانةَ تمري حَرْفَها، يريد حرفَ الكِنانَة. وقال بعضهم في كلام له: حَوْبُ حَوْبِ، إنه يومُ دَعْقٍ وشَوْب، لا لعاً لبَني الصَّوبِ. الدَّعْق: الوَطْءُ الشدِيدُ، وذكر الجوهري الحوأَب هنا. قال ابن بري: وحقه أَن يُذْكر في حأَب، وقد ذكرناه هناك.
الحُوتُ: السمكة، يوفي المحكم: الحُوتُ: السمك، معروف؛ وقيل: هو ما عظُمَ منه، والجمع أَحْواتٌ، وحِيتانٌ؛ وقوله:
وصاحِبٍ، لا خَيرَ في شَبابـه، |
|
أَصْبَحَ سَوْمُ العِيسِ قدْ رَمى به |
على سَبَنْدىً، طالَ ما اغْتَلى به |
|
حُوتاً، إذا زادَنا حِـئْنـا بـه |
إِنما أَراد مِثْلَ حُوتٍ لا يكفيه ما يَلْتَهِمُه ويَلْتَقِمُه، فنَصَبه على الحال، كقولك مررت بزيدٍ أَسَداً شِدَّةً، ولا يكون إِلاّ على تقدير مثل ونحوها، لأَنَّ الحُوتَ اسم جنس لا صفةٌ، فلا بد، إذا كان حالاً، من أَن، يُقَدَّرَ فيه هذا، وما أَشبهه. والحُوتُ: بُرْجٌ في السماء.
وحاوتَك فلانٌ إذا راوَغَك. والمُحاوَتةُ: المُراوَغَة. وهو يُحاوِتُني أَي يُراوغُني؛ وأَنشد ثعلب:
ظَلَّتْ تُحاوِتُنـي رَمْـداءُ داهـيةٌ، |
|
يومَ الثَّوِيَّةِ، عن أَهْلي، وعن مالي |
وحاتَ الطائرُ على الشيء يَحُوتُ أَي حامَ حَوْله. والحَوْتُ والحَوَتانُ: حَوَمانُ الطائر حَولَ الماء، والوَحْشِيِّ حَوْلَ الشيء، وقد حاتَ به يَحُوت؛ قال طَرَفَة بن العَبْد:
ما كنتُ مَجْدُوداً، إذا غَدَوتُ، |
وما لَقِيتُ مِثْلَ ما لَـقِـيتُ، |
كطائرٍ ظَلَّ بـنـا يَحُـوتُ، |
يَنْصَبُّ في اللُّوحِ فما يَفُوتُ، |
يَكادُ مِن رَهْبَتِـنـا يَمُـوتُ |
والحَوتاءُ من النساء: الضَّخْمة الخاصرتين، المُستَرْخيةُ اللحم.
وبَنُو حُوتٍ: بطنٌ. وفي الحديث، قال أَنس: جئت إِلى النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، وعليه خَمِيصة حُوتِيَّة؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في بعض نسخ مسلم؛ قال: والمحفوظ جَوْنِيَّة أَي سوداء، وأَما بالحاء فلا أَعرفها، قال: وطالما بحثت عنها، فلم أَقف لها على معنى، وجاءَت في رواية حَوْتَكِيَّة، لعلها منسوبة إِلى القِصَر، لأَن الحَوْتَكِيَّ الرجلُ القصير الخَطْوِ، أَو هي منسوبة إِلى رجل اسمه حَوْتَكٌ.
والحائِتُ: الكثير العَذْلِ.
حَوْثُ: لغة في حَيْثُ، إِما لغة طَيِّئ وإِما لغة تميم؛ وقال اللحياني: هي لغى طَيِّئ فقط، يقولون حَوْثُ عبدُ اللهِ زيدٌ؛ قال ابن سيده: وقد أَعلمتك أَن أَصل حيث؛ إِنما هو حَوْثُ، على ما سنذكره في ترجمة حيث؛ ومن العرب من يقول حَوْثَ فيفتح، رواه اللحياني عن الكسائي، كما أَن منهم من يقول: حَيْثَ. روى الأَزهري بإِسناده عن الأَسود قال: سأَل رجل ابنَ عمر: كيف أَضَعُ يَدَيَّ إذا سَجَدْتُ؟ قال: ارْمِ بهما حَوْثُ وقَعَتا؛ قال الأَزهري: كذا رواه لنا، وهي لغة صحيحة. حَيْثُ وحَوْثُ: لغتان جيدتان، والقرآن نزل بالياء، وهي أَفصح اللغتين.
والحَوْثاءُ: الكَبِدُ، وقيل: الكَبِدُ وما يليها؛ وقال الراجز:
إِنَّا وجَدْنا لَحْمهـا طَـرِيَّا: |
|
الكِرْشَ، والحَوْثاء، والمَرِيَّا |
وامرأَة حَوْثاء: سمينة تارَّة.
وأَحاثَهُ: حَرَّكَه وفَرَّقه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقوله أَنشده ابن دريد:
بحيثُ ناصَى اللِّمَمَ الكِثاثـا، |
|
مَوْرُ الكَثِيبِ، فَجَرى وحاثا |
قال ابن سيده: لم يفسره، قال: وعندي أَنه أَراد وأَحاثا أَي فَرَّقَ وحَرَّكَ، فاحتاج إِلى حذف الهمزة حذفها؛ قال: وقد يجوز أَن يريد وحَثَا، فقَلَبَ. وأَوقع بهم فلانٌ فَتركهم حَوْثاً بَوثاً أَي فَرَّقهم؛ وتركهم حَوْثاً بَوْثاً أَي مختلفين. وحاثِ باثِ، مبنيان على الكسر: قُماشُ الناس.
وقال اللحياني: تركتُه حاثِ باثِ، ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وإِنما قضينا على أَلف حاثِ أَنها منقلبة عن الواو، وإِن لم يكن هنالك ما اشْتُقَّتْ منه، لأَن انقلاب الأَلف إذا كانت عيناً عن الواو، أَكثر من انقلابها عن الياء. الجوهري: يقال تركتُهم حَوْثاً بَوْثاً، وحَوْثَ بَوْثَ، وحَيْثَ بَيْثَ، وحاثِ باثِ، حاثَ باثَ إذا فَرَّقهم وبَدَّدهم؛ وروى الأَزهري عن الفراء قال: معنى هذه الكلمات إذا أَذْلَلْتَهم ودقَقْتَهم؛ وقال اللحياني: معناها إذا تَرَكْتَه مُخْتَلِطَ الأَمرِ؛ فأَما حاثِ باثِ فإِنه خَرَجَ مَخْرَجَ قَطَامِ وحَذَامِ، وأَما حِيثَ بِيثَ فإِنه خَرَجَ مَخْرَجَ حِيصَ بِيصَ. ابن الأَعرابي: يقال تركتُهم حاثِ باثِ إذا تفَرَّقوا؛ قال: ومثلهما في الكلام مُزْدَوِجاً: خاقِ باقِ، وهو صوتُ حركةِ أَبي عُمَيْر في زَرْنَبِ الفَلْهم، قال: وخاشِ ماشِ: قماشُ البيت، وخازِ بازِ: ورَمٌ، وهو أَيضاً صوتُ الذباب. وتركتُ الأَرضَ حاثِ باثِ إذا دَقَّتْها الخيلُ، وقد أَحاثَتْها الخيلُ.
وأَحَثْتُ الأَرضَ وأَبَثْتُها. الفراس: أَحثَيْتُ الأَرضَ وأَبْثَيْتُها، فهي مُحْثاةٌ ومُبْثاة. وقال غيره: أَحَثْتُ الأَرضَ وأَبَثْتُها، فهي مُحَاثة ومُبَاثةٌ. والإِحاثةُ، والاسْتِحاثةُ، والإِباثةُ، والاستِباثة، واحدٌ. الفراء: تركتُ البلادَ حَوْثاَ بَوْثاً، وحاثِ باثِ، وحَيْثَ بَيْثَ، لا يُجْرَيانِ إذا دَقَّقُوها.
والاسْتِحاثةُ مثلُ الاسْتِباثة: وهي الاستخراج. تقول: استَحَثْتُ الشيءَ إذا ضاعَ في التراب فَطلبْتَه.
الحاجَةُ والحائِجَةُ: المَأْرَبَةُ، معروفة. وقوله تعالى: ولِتَبْلُغُوا عليها حاجةً في صدوركم؛ قال ثعلب: يعني الأَسْفارَ، وجمعُ الحاجة حاجٌ وحِوَجٌ؛ قال الشاعر:
لَقَدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابَتي، |
|
وعَنْ حِوَجٍ، قَضَاؤُها مِنْ شِفَائِيَا |
وهي الحَوْجاءُ، وجمع الحائِجَة حوائجُ. قال الأَزهري: الحاجُ جمعُ الحاجَةِ، وكذلك الحوائج والحاجات؛ وأَنشد شمر:
والشَّحْطُ قَطَّاعٌ رَجاءَ مَنْ رَجا، |
|
إِلاَّ احْتِضارَ الحاجِ مَنْ تَحَوَّجا |
قال شمر: يقول إذا بعد من تحب انقطع الرجاء إِلاَّ أَن تكون حاضراً لحاجتك قريباً منها. قال: وقال رجاء من رجاء، ثم استثنى، فقال: إِلا احتضار الحاج، أَن يحضره. والحاج: جمع حاجة؛ قال الشاعر:
وأُرْضِعُ حاجَةً بِلِبانِ أُخْرى، |
|
كذاك الحاجُ تُرْضَعُ باللِّبانِ |
وتَحَوَّجَ: طلب الحاجَةَ؛ وقال العجاج:
إِلاَّ احْتِضارَ الحاجِ من تَحَوَّجا |
والتَحَوُّجُ: طلب الحاجة بعد الحاجة. والتَحَوُّج: طلبُ الحاجَةِ.
غيره: الحاجَةُ في كلام العرب، الأَصل فيها حائجَةٌ، حذفوا منها الياء، فلما جمعوها ردوا إِليها ما حذفوا منها فقالوا: حاجةٌ وحوائجُ، فدل جمعهم إِياها على حوائج أَن الياء محذوفة منها. وحاجةٌ حائجةٌ، على المبالغة.
الليث: الحَوْجُ، من الحاجَة. وفي التهذيب: الحِوَجُ الحاجاتُ. وقالوا: حاجةٌ حَوْجاءُ.
ابن سيده: وحُجْتُ إِليك أَحُوجُ حَوْجاً وحِجْتُ، الأَخيرةُ عن اللحياني؛ وأَنشد للكميت بن معروف الأَسدي:
غَنِيتُ، فَلَم أَرْدُدْكُمُ عِنْدَ بُغْـيَةٍ، |
|
وحُجْتُ، فَلَمْ أَكْدُدْكُمُ بِالأَصابِع |
قال: ويروى وحِجْتُ؛ قال: وإِنما ذكرتها هنا لأَنها من الواو، قال: وسنذكرها أَيضا في الياء لقولهم حِجْتُ حَيْجاً. واحْتَجْتُ وأَحْوَجْتُ كَحُجْتُ. اللحياني: حاجَ الرجلُ يَحُوجُ ويَحِيجُ، وقد حُجْتُ وحِجْتُ أَي احْتَجْتُ.
والحَوْجُ: الطَّلَبُ. والحُوجُ: الفَقْرُ؛ وأَحْوَجَه الله.
والمُحْوِجُ: المُعْدِمُ من قوم مَحاويجَ. قال ابن سيده: وعندي أَن مَحاويجَ إِنما هو جمع مِحْواجٍ، إِن كان قيل، وإِلاَّ فلا وجه للواو.
وتَحَوَّجَ إِلى الشيء: احتاج إِليه وأَراده.
غيره: وجمع الحاجةِ حاجٌ وحاجاتٌ وحَوائِجُ على غير قياس، كأَنهم جمعوا حائِجَةً، وكان الأَصمعي ينكره ويقول هو مولَّد؛ قال الجوهري: وإِنما أَنكره لخروجه عن القياس، وإِلاَ فهو كثير في كلام العرب؛ وينشد:
نَهارُ المَرْءِ أَمْثَلُ، حِينَ تُقْضَى |
|
حَوائِجُهُ، مِنَ اللَّيْلِ الطَّـويلِ |
قال ابن بري: إِنما أَنكره الأَصمعي لخروجه عن قياس جمع حاجة؛ قال: والنحويون يزعمون أَنه جمع لواحد لم ينطق به، وهو حائجة. قال: وذكر بعضهم أَنه سُمِعَ حائِجَةٌ لغة في الحاجةِ. قال: وأَما قوله إِنه مولد فإِنه خطأٌ منه لأَنه قد جاء ذلك في حديث سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفي أَشعار العرب الفصحاء، فمما جاء في الحديث ما روي عن ابن عمر: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: إِن لله عباداً خلقهم لحوائج الناس، يَفْزَعُ الناسُ إِليهم في حوائجهم، أُولئك الآمنون يوم القيامة. وفي الحديث أَيضاً: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: اطْلُبُوا الحوائجَ إِلى حِسانِ الوجوه. وقال صلى الله عليه وسلم: استعينوا على نَجاحِ الحوائج بالكِتْمانِ لها؛ ومما جاء في أَشعار الفصحاء قول أَبي سلمة المحاربي:
ثَمَمْتُ حَوائِجِي ووَذَأْتُ بِشْـراً، |
|
فبِئْسَ مُعَرِّسُ الرَّكْبِ السِّغابُ، |
قال ابن بري: ثممت أَصلحت؛ وفي هذا البيت شاهد على أَن حوائج جمع حاجة، قال: ومنهم من يقول جمع حائجة لغة في الحاجةِ؛ وقال الشماخ:
تَقَطَّعُ بيننا الحـاجـاتُ إِلاَّ |
|
حوائجَ يَعْتَسِفْنَ مَعَ الجَريء |
وقال الأَعشى:
الناسُ حَولَ قِبـابِـهِ: |
|
أَهلُ الحوائج والمَسائلْ |
وقال الفرزدق:
ولي ببلادِ السِّنْدِ، عندَ أَميرِها، |
|
حوائجُ جمَّاتٌ، وعِندي ثوابُها |
وقال هِمْيانُ بنُ قحافة:
حتى إذا ما قَضَتِ الحوائِجَا، |
|
ومَلأَتْ حُلاَّبُها الخَلانِجَـا |
قال ابن بري: وكنت قد سئلت عن قول الشيخ الرئيس أَبي محمد القاسم بن علي الحريري في كتابه دُرَّة الغَوَّاص: إِن لفظة حوائج مما توهَّم في استعمالها الخواص؛ وقال الحريري: لم أَسمع شاهداً على تصحيح لفظة حوائج إِلا بيتاً واحداً لبديع الزمان، وقد غلط فيه؛ وهو قوله:
فَسِيَّانِ بَيْتُ العَنْكَبُوتِ وجَوْسَـقٌ |
|
رَفِيعٌ، إذا لم تُقْضَ فيه الحوائجُ |
فأَكثرت الاستشهاد بشعر العرب والحديث؛ وقد أَنشد أَبو عمرو بن العلاء أَيضاً:
صَرِيعَيْ مُدامٍ، ما يُفَرِّقُ بَيْنَنـا |
|
حوائجُ من إِلقاحِ مالٍ، ولا نَخْلِ |
وأَنشد ابن الأَعرابي أَيضاً:
مَنْ عَفَّ خَفَّ، على الوُجُوهِ، لِقاؤُهُ، |
|
وأَخُو الحَوائِجِ وجْهُـه مَـبْـذُولُ |
وأَنشد أَيضاً:
فإِنْ أُصْبِحْ تُخالِجُني هُمُومٌ، |
|
ونَفْسٌ في حوائِجِها انْتِشارُ |
وأَنشد ابن خالويه:
خَلِيلَيَّ، إِنْ قامَ الهَوَى فاقْعُدا بِهِ، |
|
لَعَنَّا نُقَضِّي من حَوائِجِنا رَمّـا |
وأَنشد أَبو زيد لبعض الرُّجّاز:
يا رَبَّ، رَبَّ القُلُصِ النَّواعِجِ، |
|
مُسْتَعْجِلاتٍ بِذَوِي الحَـوائِجِ |
وقال آخر:
بَدَأْنَ بِنا لا راجِياتٍ لخُلْـصَةٍ، |
|
ولا يائِساتٍ من قَضاءِ الحَوائِجِ |
قال: ومما يزيد ذلك إِيضاحاً ماقاله العلماء؛ قال الخليل في العين في فصل راح يقال: يَوْمٌ راحٌ وكَبْشٌ ضافٌ، على التخفيف، مِن رائح وضائف، بطرح الهمزة، كما قال أَبو ذؤيب الهذلي:
وسَوَّدَ ماءُ المَرْدِ فاها، فَلَـوْنـهُ |
|
كَلَوْنِ النَّؤُورِ، وهْي أَدْماءُ سارُها |
أَي سائرها. قال: وكما خففوا الحاجة من الحائجة، أَلا تراهم جمعوها على حوائج؟ فأَثبت صحة حوائج، وأَنها من كلام العرب، وأَن حاجة محذوفة من حائجة، وإِن كان لم ينطق بها عنده. قال: وكذلك ذكرها عثمان بن جني في كتابه اللمع، وحكى المهلبي عن ابن دريد أَنه قال حاجة وحائجة، وكذلك حكى عن أَبي عمرو بن العلاء أَنه يقال: في نفسي حاجَةٌ وحائجة وحَوْجاءُ، والجمع حاجاتٌ وحوائجُ وحاجٌ وحِوَجٌ. وذكر ابن السكيت في كتابه الأَلفاظ، باب الحوائج: يقال في جمع حاجةٍ حاجاتٌ وحاجٌ وحِوَجٌ وحَوائجُ. وقال سيبويه في كتابه، فيما جاء فيه تَفَعَّلَ واسْتَفْعَلَ، بمعنى، يقال: تَنَجَّزَ فلانٌ حوائِجَهُ واسْتَنْجَزَ حوائجَهُ. وذهب قوم من أَهل اللغة إِلى أَن حوائج يجوز أَن يكون جَمْعَ حوجاء، وقياسها حَواجٍ، مثل صَحارٍ، ثم قدّمت الياء على الجيم فصار حَوائِجَ؛ والمقلوب في كلام العرب كثير. والعرب تقول: بُداءَاتُ حَوائجك، في كثير من كلامهم. وكثيراً ما يقول ابن السكيت: إِنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين والراحات، وإِنما غلط الأَصمعي في هذه اللفظة كما حكي عنه حتى جعلها مولّدة كونُها خارجةً عن القياس، لأَن ما كان على مثل الحاجة مثل غارةٍ وحارَةٍ لا يجمع على غوائر وحوائر، فقطع بذلك على أَنها مولدة غير فصيحة، على أَنه قد حكى الرقاشي والسجستاني عن عبد الرحمن عن الأَصمعي أَنه رجع عن هذا القول، وإِنما هو شيء كان عرض له من غير بحث ولا نظر، قال: وهذا الأَشبه به لأَن مثله لا يجهل ذلك إِذ كان موجوداً في كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، وكلام العرب الفصحاء؛ وكأَن الحريريّ لم يمرّ به إِلا القول الأَول عن الأَصمعي دون الثاني، والله أَعلم.
والحَوْجاءُ: الحاجةُ. ويقال ما في صدري به حوجاء ولا لَوْجاءُ، ولا شَكٌّ ولا مِرْيَةٌ، بمعنى واحد. ويقال: ليس في أَمرك حُوَيْجاءُ ولا لُوَيْجاءُ ولا رُوَيْغَةٌ، وما في الأَمر حَوْجاء ولا لَوْجاء أَي شك؛ عن ثعلب. وحاجَ يَحوجُ حَوْجاً أَي احتاج. وأَحْوَجَه إِلى غيره وأَحْوَجَ أَيضاً: بمعنى احتاج. اللحياني: ما لي فيه حَوْجاءُ ولا لوجاء ولا حُوَيجاء ولا لُوَيجاء؛ قال قيس بن رقاعة:
مَنْ كانَ، في نَفْسِه، حَوْجاءُ يَطْلُبُها |
|
عِندي، فَإِني له رَهْنٌ بإِصْحـارِ |
أُقِيمُ نَخْوَتَه، إِنْ كـان ذا عِـوَجٍ، |
|
كما يُقَوِّمُ، قِدْحَ النَّبْعَةِ، الـبـارِي |
قال ابن بري المشهور في الرواية:
أُقِيمُ عَوْجَتَه إِن كان ذا عوج |
وهذا الشعر تمثل به عبد الملك بعد قتل مصعب بن الزبير وهو يخطب على المنبر بالكوفة، فقال في آخر خطبته: وما أَظنكم تزدادون بعدَ المَوْعظةِ إِلاَّ شرّاً، ولن نَزْدادَ بَعد الإِعْذار إِليكم إِلاّ عُقُوبةً وذُعْراً، فمن شاء منكم أَن يعود إِليها فليعد، فإِنما مَثَلي ومَثَلكم كما قال قيس بن رفاعة:
مَنْ يَصْلَ نارِي بِلا ذَنْبٍ ولا تِرَةٍ، |
|
يَصْلي بنارِ كريمٍ، غَيْرِ غَـدَّارِ |
|||
أَنـا الـنَّـذِيرُ لـكـــم مـــنـــي مُـــجـــاهَـــرَةً، |
|
كَيْ لا أُلامَ عـــلـــى نَـــهْــــيي وإِنْـــــــذارِي |
|||
فإِنْ عَصِيْتُمْ مقالي، اليومَ، فاعْتَرِفُواأَنْ سَوْفَ تَلْقَوْنَ خِزْياً، ظاهِرَ العارِ |
|
|
|||
لَتَرْجِعُنَّ أَحادِيثاً مُلَعَّنَةً، |
|
لَهْـوَ الـمُـقِـيمِ، ولَـهْـوَ الـمُـــدْلِـــجِ الـــســـارِي |
|||
مَنْ كـانَ، فـي نَـفْـسِـه، حَـوْجـاءُ يَطْــلُـــبُـــهـــا |
|
عِنـدي، فـإِنـــي لـــه رَهْـــنٌ بـــإِصْـــحـــارِ |
|||
أُقِـــيمُ عَـــوْجَـــتَـــه، إِنْ كـــانَ ذا عِــــــوَجٍ، |
|
كمـا يُقَـوِّمُ، قِـــدْحَ الـــنَّـــبْـــعَةِ، الـــبـــارِي |
|||
وصـاحِـبُ الـوِتْـرِ لَـيْسَ، الـــدَّهْـــرَ، مُـــدْركَـــهُ |
|
عِنـــدي، وإنـــي لَـــدَرَّاكٌ بِـــــأَوْتـــــــارِي |
|||
وفي الحديث: أَنه كوى سَعْدَ بنَ زُرارَةَ وقال: لا أَدع في نفسي حَوْجاءَ مِنْ سَعْدٍ؛ الحَوْجاءُ: الحاجة، أَي لا أَدع شيئاً أَرى فيه بُرْأَة إِلاّ فعلته، وهي في الأَصل الرِّيبَةُ التي يحتاج إِلى إِزالتها؛ ومنه حديث قتادة قال في سجدة حم: أَن تَسْجُدَ بالأَخيرة منهما، أَحْرى أَنْ لا يكون في نفسك حَوْجاءُ أَي لا يكون في نفسك منه شيء، وذلك أَن موضع السجود منها مختلف فيه، هل هو في آخر الآية الُولى أَو آخر الآية الثانية، فاختار الثانية لأَنه أَحوط؛ وأَن يسجد في موضع المبتدإِ، وأَحرى خبره.
وكَلَّمه فما رَدَّ عليه حَوْجاء ولا لَوْجاء، ممدود، ومعناه: ما ردَّ عليه كلمة قبيحةً ولا حَسَنَةً، وهذا كقولهم: فما رد عليَّ سوداء ولا بيضاء أَي كلمة قبيحة ولا حسنة. وما بقي في صدره حوجاء ولا لوجاء إِلا قضاها.
والحاجة: خرزة لا ثمن لها لقلتها ونفاستها؛ قال الهذلي:
فَجاءَت كخاصِي العَيْرِ لم تَحْلَ عاجَةً، |
|
ولا حاجَةٌ منها تَلُوحُ عـلـى وَشْـمِ |
وفي الحديث: قال له رجل: يا رسول ا، ما تَرَكْتُ من حاجَةٍ ولا داجَةٍ إِلا أَتَيْتُ؛ أَي ما تركت شيئاً من المعاصي دعتني نفسي إِليه إِلا وقد ركبته؛ وداجَةٌ إِتباع لحاجة، والأَلف فيها منقلبة عن الواو.
ويقال للعاثر: حَوْجاً لك أَي سلامَةً، وحكى الفارسي عن أَبي زيد: حُجْ حُجَيَّاكَ، قال: كأَنه مقلوبٌ مَوْضِعُ اللاَّم إِلى العين.
الحُمَّى تُحاوِدُه أَي تَعَهَّدُه؛ وهو يحاودنا بالزيارة أَي يزورنا بين الأَيام. وحاوِدٌ: اسم.
حاذَ يَحُوذَ حَوْذاً كحاط حَوْطاً، والحَوْذُ: الطَّلْقُ.
والحَوْذُ والإِحْواذُ: السيرُ الشديد. وحاذ إِبله يحوذها حَوْذاً: ساقها سوقاً شديداً كحازها حوزاً؛ وروي هذا البيت:
يَحُوذُهُنَّ وَلَهُ حُوذيُّ |
فسره ثعلب بأَن معنى قوله حوذي امتناع في نفسه؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف هذا إِلا ههنا، والمعروف:
يحوزهنّ وله حوزي |
وفي حديث الصلاة: فمن فرّغ لها قلبه وحاذ عليها، فهو مؤمن أَي حافظ عليها، من حاذ الإِبل يحوذها إذا حازها وجمعها ليسوقها. وطَرَدٌ أَحْوَذُ: سريع؛ قال بَخْدَجٌ:
لاقى النخيلاتُ حِناذاً مِحْنَذا |
مني، وشلاًّ للأَعادي مِشْقَذا، |
وطَرَداً طَرْدَ النعام أَحْوَذا |
وأَحْوَذَ السيرَ: سار سيراً شديداً. والأَحْوَذِيُّ: السريع في كل ما أَخَذَ فيه، وأَصله في السفر. والحَوْذُ: السوق السريع، يقال: حُذْت الإِبل أَحُوذُها حَوْذاً وأَحْوَذْتها مثله. والأَحْوَذِيّ: الخفيف في الشيء بحذفه؛ عن أَبي عمرو، وقال يصف جناحي قطاة:
على أَحْوَذِيَّينِ اسْتَقَلّتْ عليهما، |
|
فما هي إِلا لَمْحَة فَتَـغـيب |
وقال آخر:
أَتَتْكَ عَبْسٌ تَحْمِل المَشِيَّا، |
|
ماءٍ مِنَ الطّثرة أَحْوَذيَّا |
يعني سريع الإِسهال. والأَحْوَذيّ: الذي يسير مسيرة عشر في ثلاث ليال؛ وأَنشد:
لَقَدْ أَكونُ على الحاجاتِ ذا لَبَثِ، |
|
وأَحْوَذِيّاً إذا انضمَّ الذّعـالِـيبُ |
قال: انضمامها انطواء بدنها، وهي إذا انضمت فهي أَسرع لها. قال: والذعاليب أَيضاً ذيول الثياب. ويقال: أَحْوَذَ ذاك إذا جمعه وضمه؛ ومنه يقال: استحوذ على كذا إذا حواه. وأَحْوَذ ثوبه: ضمه إِليه؛ قال لبيد يصف حماراً وأُتناً:
إِذا اجْتَمَعَتْ وأَحْوَذَ جانِبَيْها |
|
وأَوردَهَا على عُوجٍ طِوال |
قال: يعني ضمها ولم يفته منها شيء، وعنى بالعُوج القوائم. وأَمر مَحُوذ: مضموم محكم كَمَحُوز، وجادَ ما أَحْوَذ قصيدتَه أَي أَحكمها. ويقال: أَحوذ الصانع القِدْح إذا أَخفه؛ ومن هذا أُخِذَ الأَحْوذيّ المنكمش الحادّ الخفيف في أُموره؛ قال لبيد:
فهو كَقِدْحِ المَنِيح أَحْوَذَه الصَّا |
|
نعُ، يَنْفِي عن مَتْنِه القُـوَبَـا |
والأَحْوَذِيُّ: المشمر في الأُمور القاهر لها الذي لا يشذ عليه منها شيء.
والحَويذُ من الرجال: المشمر؛ قال عمران بن حَطَّان:
ثَقْفٌ حَويذٌ مُبِينُ الكَفِّ ناصِعُه، |
|
لا طَائِشُ الكفّ وَقّاف ولا كَفِلُ |
يريد بالكَفِلِ الكِفْلَ. والأَحْوَذِيّ: الذي يَغْلِب. واستَحْوَذ: غلب. وفي حديث عائشة تصف عمر، رضي الله عنهما: كان والله أَحْوَذيّاً نَسِيجَ وحْدِه. الأَحْوذِيّ: الحادّ المنكمش في أُموره الحسن لسياق الأُمور.
وحاذه يَحُوذه حوذاً: غلبه. واستَحْوذ عليه الشيطان واستحاذ أَي غلب، جاء بالواو على أَصله، كما جاء اسْتَرْوحَ واستوصب، وهذا الباب كله يجوز أَن يُتَكَلَّم به على الأَصل. تقول العرب: اسْتَصاب واسْتَصْوَب واستَجاب واسْتَجْوب، وهو قياس مطرد عندهم. وقوله تعالى: أَلم نستحوذ عليكم؛ أَي أَلم نغلب على أُموركم ونستول على مودّتكم. وفي الحديث: ما من ثلاثة في قرية ولا بَدْوٍ لا تقام فيهم الصلاة إِلا وقد اسْتَحْوَذ عليهم الشيطان أَي استولى عليهم وحواهم إِليه؛ قال: وهذه اللفظة أَحد ما جاء على الأَصل من غير إِعلال خارِجَةً عن أَخواتها نحو استقال واستقام. قال ابن جني: امتنعوا من استعمال استحوذ معتلاًّ وإِن كان القياس داعياً إِلى ذلك مؤذناً به، لكن عارض فيه إِجماعهم على إِخراجه مصححاً ليكون ذلك على أُصول ما غُيّر من نحوه كاستقام واستعان. وقد فسر ثعلب قوله تعالى: استحوذ عليهم الشيطان، فقال: غلب على قلوبهم. وقال الله عز وجل، حكاية عن المنافقين يخاطبون به الكفار: أَلم نستَحْوذ عليكم ونَمْنَعْكم من المؤمنين؛ وقال أَبو إِسحق: معنى أَلم نستحوذ عليكم: أَلم نستول عليكم بالموالاة لكم. وحاذَ الحمارُ أُتُنَه إذا استولى عليها وجمعها وكذلك حازها؛ وأَنشد:
يَحُوذُهُنَّ وله حُوذِيُّ |
قال وقال النحويون: استحوذ خرج على أَصله، فمن قال حاذ يَحُوذ لم يقل إِلا استحاذ، ومن قال أَحْوذَ فأَخرجه على الأَصل قال استحوذ.
والحاذُ: الحال؛ ومنه قوله في الحديث: أَغبط الناس المؤمنُ الخفيفُ الحاذِ أَي خفيف الظهر. والحاذانِ: ما وقع عليه الذنَب من أَدبار الفخذين، وقيل: خفيف الحال من المال؛ وأَصل الحاذِ طريقة المتن من الإِنسان؛ وفي الحديث: ليأْتين على الناس زمان يُغْبَط الرجل فيه لخفة الحاذِ كما يُغْبَطُ اليومَ أَبو العَشَرة؛ ضربه مثلاً لقلة المال والعيال. شمر: يقال كيف حالُك وحاذُك؟ ابن سيده: والحاذُ طريقة المتن، واللام أَعلى من الذال، يقال: حالَ مَتْنُه وحاذَ مَتْنُه، وهو موضع اللبد من ظهر الفرس. قال: والحاذان ما استقبلك من فخذي الدابة إذا استدبرتها؛ قال:
وتَلُفُّ حاذَيْها بذي خُصَل |
|
رَيّانَ، مِثْلَ قَوادِمِ النَّسْر |
قال: والحاذانِ لحمتانِ في ظاهر الفخذين تكونان في الإِنسان وغيره؛ قال:
خَفِيفُ الحاذِ نَسّالُ الفَيافي، |
|
وعَبْدٌ لِلصّحابَةِ غَيْرُ عَبْد |
الرياشي قال: الحاذُ الذي يقع عليه الذنَب من الفخذين من ذا الجانب وذا الجانب؛ وأَنشد:
وتَلُفّ حاذَيْها بذي خُصَل |
|
قِمَتْ، فَنِعْمَ بُنَيّةُ العُقْـم |
أَبو زيد: الحاذ ما وقع عليه الذنب من أَدبار الفخذين، وجمع الحاذ أَحْواذ. والحاذُ والحالُ معاً: ما وقع عليه اللبد من ظهر الفرس؛ وضرب النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله مؤمنٌ خَفِيفُ الحاذِ قلةَ اللحم، مثلاً لقلة ماله وقلة عياله كما يقال خفيف الظهر. ورجل خفيف الحاذ أَي قليل المال، ويكون أَيضاً القليل العيال. أَبو زيد: العرب تقول: أَنفع اللبن ما وَليَ حاذَيِ الناقة أَي ساعة تحلب من غير أَن يكون رضعها حِوار قبل ذلك. والحاذُ: نبت، وقيل: شجر عظام يَنْبُت نِبْتَة الرِّمْثِ لها غِصَنَةٌ كثيرة الشوك. وقال أَبو حنيفة: الحاذ من شجر الحَمْض يعظم ومنابته السهل والرمل، وهو ناجع في الإِبل تُخصِب عليه رطباً ويابساً؛ قال الراعي ووصف إِبله:
إِذا أَخْلَفَتْ صَوْبَ الربيعِ وَصَالها |
|
عَرادٌ وحاذٌ مُلْبِسٌ كُلَّ أَجْرَعـا |
قال ابن سيده: وأَلف الحاذ واو، لأَن العين واواً أَكثر منها ياء. قال أَبو عبيد: الحاذ شجر، الواحدة حاذة من شجر الجنَبَة؛ وأَنشد:
ذواتِ أَمْطِيٍّ وذاتِ الحاذ |
والأَمطيّ: شجرة لها صمغ يمضغه صبيان الأَعراب، وقيل: الحاذة شجرة يأْلفها بقَرُ الوحش؛ قال ابن مقبل:
وهُنَّ جُنُوحٌ لِـذِي حـاذَة، |
|
ضَوارِبُ غِزْلانِها بالجُرن |
وقال مزاحم:
دَعاهُنّ ذِكْرُ الحاذِ من رَمْل خَطْمة |
|
فَمارِدُ في جَرْدائِهِـنَّ الأَبـارِقُ |
والحَوْذانُ: نبت يرتفع قدر الذراع له زهرة حمراء في أَصلها صفرة وورقته مدوّرة والحافر يسمن عليه، وهو من نبات السهل حلو طيب الطعم؛ ولذلك قال الشاعر:
آكُلُ من حَوْذانِه وأَنْسَلْ |
والحوْذانُ: نبات مثل الهِنْدِبا ينبت مسطحاً في جَلَد الأَرض وليانها لازقاً بها، وقلما ينبت في السهل، ولها زهرة صفراء. وفي حديث قس عمير حَوْذان: الحوذان نبت له ورق وقصب ونَور أَصفر. وقال في ترجمة هوذ: والهاذة شجرة لها أَغصان سَبْطَةٌ لا ورق لها، وجمعها الهاذ؛ قال الأَزهري: روى هذا النضر والمحفوظ في باب الأَشجار الحاذ.
وحَوْذان وأَبو حَوْذان: أَسماء رجال؛ ومنه قول عبد الرحمن بن عبد الله بن الجراح:
أَتتك قَوافٍ من كريم هَجَـوْتَـهُ، |
|
أَبا الحَوْذِ، فانظر كيف عنك تَذودُ |
إِنما أَراد أَبا حوذان فحذف وغير بدخول الأَلف واللام؛ ومثل هذا التغيير كثير في أَشعار العرب كقول الحطيئة:
جَدْلاء مُحْكَمَة من صُنْع سَلاَّم |
يريد سليمان فغير مع أَنه غلط فنسب الدروع إِلى سليمان وإِنما هي لداود؛ وكقول النابغة:
ونَسْج سُلَيْمٍ كُلَّ قَضَّاءَ ذائل |
يعني سليمان أَيضاً، وقد غلط كما غلط الحطيئة؛ ومثله في أَشعار العرب الجفاة كثير، واحدتها حَوْذانة وبها سمي الرجل؛ أَنشد يعقوب لرجل من بني الهمّاز:
لو كان حَوْذانةُ بالبلادِ، |
قام بها بالدّلْو والمِقَاطِ، |
أَيّامَ أَدْعُو يا بني زياد |
أَزْرَقَ بَوّالاً على البساط |
مُنْجَحِراً مُنْجَحَرَ الصُّدَّادِ |
الصُّدَّادُ: الوزَغُ؛ ورواه غيره: بأَبي زياد؛ وروي: أَوْرَقَ بوّالاً على البساط وهذا هو الأَكفأُ.
الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه؛ وقول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ |
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى وحذفها لسكونها وسكون الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: ولا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رجع. وفي الحديث: من دعا رجلاً بالكفر وليس كذلك حارَ عليه؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ ومنه حديث عائشة: فَغَسلْتها ثم أَجْفقتها ثم أَحَرْتها إِليه؛ ومنه حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ رجلاً بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ، |
|
يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِـعُ |
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها، وأَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى |
|
يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِـيرُهـا |
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها |
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعدما كارَ. والحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض، وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ يقول إِنه كان على حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: وقيل معناه نعوذ بالله من الرُّجُوعِ والخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إذا لَفَّها، وحارَ عِمامَتَهُ إذا نَقَضَها. وفي المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان في نقصان ورجوع في رجوع، يضرب للرجل إذا كان أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ:المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا |
|
سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُـورْ |
وقال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، وكان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لولا الإِلــهُ ولـــولا مَـــجْــدُ طـالِـــبِـــهـــا، |
|
لَلَـهْـوَجُـوهـا كـمــا نـــالـــوا مِـــن الْـــعِـــيرِ |
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ في حُورِ |
|
|
اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل أَن ينضج وابتلعوه؛ وقوله:
والذم يبقى وزاد القوم في حور |
يريد: الأَكْلُ يذهب والذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلاً للشيء الذي لا يصلح أَو كان صالحاً ففسد. والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. والباطل في حُورٍ أَي في نقص ورجوع. وإِنك لفي حُورٍ وبُورٍ أَي في غير صنعة ولا إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما يَحُور فلان وما يَبُورُ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، بفتح الأَول، وذهب في الحُورِ والبُورِ أَي في النقصان والفساد. ورجل حائر بائر، وقد حارَ وبارَ، والحُورُ الهلاك وكل ذلك في النقصان والرجوع. والحَوْرُ: ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ وكلَّمته فما رَجَعَ إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بضم الحاء، بوزن مَشُورَة أَي جواباً.
وأَحارَ عليه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلمة، والاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: المجاوبة. والتَّحاوُرُ: التجاوب؛ وتقول: كلَّمته فما أَحار إِليَّ جواباً وما رجع إِليَّ خَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَحُورَةً ولا حِوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستحاره أَي استنطقه. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: يرجع إِليكما ابنا كما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه أَي بجواب ذلك؛ يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ وقيل: أَراد به الخيبة والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ ومنه حديث عُبادة:يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان محمد، صلى الله عليه وسلم، فأَعاده وأَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما يَحُور صاحبُ الحمار الميت أَي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. وفي حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ جواباً أَي لم يرجع ولم يَرُدَّ. وهم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام.
والمُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره.
والمَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛ وأَنشد:
لِحاجَةِ ذي بَتٍّ ومَحْوَرَةٍ لـه، |
|
كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ |
وما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر. وإِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وقوله:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَـوارَهُ |
|
على النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ |
ويروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره وحويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي نظرت الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ الذي هو الرجوع؛ عن ابن الأَعرابي.
أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، وما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ ونسبه ابن سيده لابن أَحمر:
وما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها |
|
لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْـوَرَا |
أَراد: من الأَشياء. وحكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت فيه.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَوادُ سَوادِها وتستدير حدقتها وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ الجَسَدِ؛ قال الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، لـلـسَّـاعِـيَيْ |
|
ن في المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا |
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وبالاحورار بياضَ الإِهالة والشحم؛ وقيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء والبقر، وليس في بني آدم حَوَرٌ، وإِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء والبقر.
وقال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالسواد كله وإِنما يكون هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس؛ وهذا إِنما حكاه أَبو عبيد في البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء والبقر. وقال الأَصمعي: لا أَدري ما الحَوَرُ في العين وقد حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وهو أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، والجمع حُورٌ، ويقال:احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير |
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها.
والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ، |
|
إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ |
يعني النساء؛ وقال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْـكِـينَ غَـيْرَنـا، |
|
ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِـلابُ الـنَّـوابِـحُ |
بكَيْنَ إِلينا خـفـيةً أَنْ تُـبِـيحَـهـا |
|
رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ |
جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم وهي بلادها. والحَوارِيَّاتُ من النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان والجلود لبياضهن، ومن هذا قيل لصاحب الحُوَّارَى:مُحَوَّرٌ؛ وقول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ |
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات سواد الحَدَقِ.
وفي حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التببيض. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ لتبييضهم لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصر وكل حميم حَوارِيّاً. وقال بعضهم:الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ وقال الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، وصفوتهم. قال: والدليل على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي وحَوارِيَّ من أُمَّتِي؛ أَي خاصتي من أَصحابي وناصري. قال: وأَصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، حواريون، وتأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا ونُقُّوا من كل عيب؛ وكذلك الحُواَّرَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من لُباب البُرِّ؛ قال: وتأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: وأَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ يَحُورُ، وهو الرجوع. والتَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، والله أَعلم. ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، وخص بعضهم به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، وقوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ، |
|
ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ |
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني الحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وعنى بابنه عَبْدَ اللهِو بْنَ الزبير. وقيل لأَصحاب عيسى، عليه السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ: البَيَّاضُ، وهذا أَصل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الزبير: حَوارِيَّ من أُمَّتي، وهذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى وأَنصاره، وأَصله من التحوير التبييض، وإِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي يُحَوِّرُونَها، وهو التبييض؛ ومنه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ ومنه قولهم: امرأَة حَوارِيَّةٌ إذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه السلام، نصره هؤلاء الحواريون وكانوا أَنصاره دون الناس قيل لناصر نبيه حَوارِيُّ إذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. والحَوارِيُّونَ:الأَنصار وهم خاصة أَصحابه. وروى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الناصح وأَصله الشيء الخالص، وكل شيء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ:الأَبيض الناعم؛ وقول الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا |
يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. والمرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ، وهي الحجارة المحماة بالنار. ولم تؤْن أَي لم تحبس. والاحْوِرَارُ:الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش الأَسدي:
يا وَرْدُ، إِنِّي سَأَمُوتُ مَـرَّهْ، |
|
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟ |
يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: وورد ترخيم وَرْدَة، وهي امرأَته، وكانت تنهاه عن إِضاعة ماله ونحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي:الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض حروفها. والحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، وهو لباب الدقيق وأَجوده وأَخلصه.
الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم وتشديد الواو والراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام أَي بُيّصَ. وهذا دقيق حُوَّارَى، وقد حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِشْـفَـرٍ |
|
خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ |
والحَوْرُ: البَقَرُ لبياضها، وجمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنـازِل، |
|
إِنَّا بُلِينَ بها ولا الأَحْوارُ |
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، وقيل:السُّلْفَةُ، وقيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بحمرة. وقال أَبو حنيفة: هي الجلود الحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، والجمع أَحْوَارٌ؛ وقد حَوَّرَهُ. وخُفَّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍّ؛ وقال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ، |
|
كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَـوَرُ |
الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛ قال العجاج يصف مخالف البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُـهَـرْ، |
|
كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ |
وفي كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ والنَّابُ والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى الحَوَرِ، وهي جلود تتخذ من جلود الضأْن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير القَرَظِ، وهو أَحد ما جاء على أَصله ولم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين يوضع إِلى أَن يفطم ويفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، وقيل: هو حُوَارٌ ساعةَ تضعه أُمه خاصة، والجمع أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فيهما. قال سيبويه:وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ وفَعِيلٍ، قال: وقد قالوا حُورَانٌ، وله نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. وفي التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج.
وقال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛ وقوله:
أَلا تَخافُونَ يوماً، قَـدْ أَظَـلَّـكُـمُ |
|
فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟ |
فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة ثمود على ثمود.
والمِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وهي أَيضاً الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، وقيل: إِنما قيل له مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. ويقال للرجل إذا اضطرب أَمره: قد قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ، ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي، |
|
وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟ |
يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. والحديدة التي تدور عليها البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه البكرة وربما كان من حديد. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ والحديدة التي يدور فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ وغيرها. والمِحْوَرُ: عُودُ الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً بمحور البكرة واستدارته.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها ليضعها في المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجِّرَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يصيبها، والكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ ويقال: حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجَّرْ حولها بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عين البعير: أَدار حولها مِيسَماً. وفي الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على عاتقه حَوْراءَ؛ وفي رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، بحديدة؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وهي من حارَ يَحُورُ إذا رجع. وحَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. وفي الحديث: أَنه لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به وفي ركبتيه حَوْراءُ فانظروا ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها.
وإِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة ومُضَادَّةٍ؛ عن كراع. وبعض العرب يسمي النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، وقيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق بالنعش.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو نحوها من العظم، والجمع مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النِّخَّـامِ، لَـمَّـا |
|
تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلاً، مَحارُ |
أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شيء؛ وذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في باب محر، وسنذكرها أَيضاً هناك. والمَحارَةُ: مرجع الكتف. ومَحَارَةُ الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: باطن الحنك.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التهذيب: المَحارَةُ النقصان، والمَحارَةُ: الرجوع، والمَحارَةُ:الصَّدَفة. والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ. والحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ |
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، ولا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ:هذا قد يكون من الهلاك ومن الكَسادِ. والحائر: الراجع من حال كان عليها إِلى حال دونها، والبائر: الهالك؛ ويقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه ورَجَعَهُ إِلى النقص.
والحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع ولم يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بالفتح:موضع بالشام. وما أَصبت منه حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شيئاً.
وحَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ، |
|
تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُـلُـوجُ |
وحَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال: أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: وما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، وصَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: وأَقرب ما ينسب إِليه أَن يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موجود.
الحَوْزُ السير الشديد والرُّوَيْد، وقيل: الحَوْز والحَيْزُ السوق اللين. وحازَ الإِبلَ يَحُوزُها ويَحِيزها حَوْزاً وحَيْزاً وحَوَّزَها: ساقها سوقاً رُوَيْداً. وسَوْقٌ حَوْزٌ، وصف بالمصدر، قال الأَصمعي: وهو الحوز؛ وأَنشد:
وقد نَظَرْتُـكُـمُ إِينَـاء صـادِرَةٍ |
|
للوِرْدِ، طال بها حَوْزِي وتَنْساسِي |
ويقال: حُزْها أَي سُقْها سوقاً شديداً.
وليلة الحَوْز: أَول ليلة تُوَجَّه فيها الإِبل إِلى الماء إذا كانت بعيدة منه، سميت بذلك لأَنه يُرْفَقُ بها تلك الليلة فَيُسار بها رُوَيْداً. وحَوَّزَ الإِبلَ: ساقها إِلى الماء؛ قال:
حَوَّزَها، من بُرَقِ الغَمِيمِ |
أَهْدَأُ يَمْشِي مِشْيَةَ الظَّلِيمِ |
بالحَوْز والرِّفْق وبالطَّمِيمِ |
وقول الشاعر:
ولم تُحَوَّز في رِكابي العيرُ |
عَنى أَنه لم يشتدّ عليها في السَّوْق؛ وقال ثعلب: معناه لم يُحْمَل عليها.
والأَحْوَزِيّ والحُوزِي: الحَسَن السِّياقة وفيه مع ذلك بعض النِّفار؛ قال العجاج يصف ثوراً وكلاباً:
يَحُوزُهُنَّ، وله حُوزِيّ |
|
كما يَحُوزُ الفِئَةَ الكَمِيّ |
والأَحْوَزِيُّ والحُوزِيّ: الجادْ في أَمره. وقالت عائشة في عمر، رضي الله عنهما: كان واللهِ أَحْوَزِيّاً نَسِيجَ وَحْدِه؛ قال ابن الأَثير: هو الحَسَن السِّياق للأُمور وفيه بعض النِّفار. وكان أَبو عمرو يقول: الأَحْوَزِيّ الخفيف، ورواه بعضهم: كان الله أَحْوَذِيّاً، بالذال، وهو قريب من الأَحْوَزِيّ، وهو السائق الخفيف. وكان أَبو عبيدة يروي رجز العجاج حُوذِيّ، بالذال، والمعنى واحد، يعني به الثورَ أَنه يَطْرد الكلابَ وله طارِدٌ من نفسه يَطْرده من نشاطه وحَدّه. وقول العجاج: وله حُوزِيّ أَي مَذْخُور سَيْرٍ لم يَبْتذله، أَي يغلبهن بالهُوَيْنا. والحُوزِيّ: المُتَنَزِّه في المَحِل الذي يحتمل ويَحُلُّ وحده ولا يخالط البيوت بنفسه ولا ماله.
وانْحازَ القومُ: تركوا مَرْكَزهم ومَعْركة قتالهم ومالوا إِلى موضع آخر. وتَحَوَّز عنه وتَحَيَّزَ إذا تَنَحَّى، وهي تَفَيْعَل، أَصلها تَحَيْوَز فقلبت الواو ياء لمجاورة الياء وأُدغمت فيها. وتَحَوَّزَ له عن فراشه: تَنَحَّى. وفي الحديث: كما تَحَوَّز له عن فِراشه. قال أَبو عبيدة: التَّحَوُّز هو التنحي، وفيه لغتان: التَّحَوّز والتَّحَيّز. قال الله عز وجل: أَو مُتَحَيِّزاً إِلى فئة؛ فالتَّحَوّز التَّفَعُّل، والتَّحَيُّز التَّفَيْعُل، وقال القطامي يصف عجوزاً استضافها فجعلت تَرُوغ عنه فقال:
تَحَوَّزُ عَنِّي خِـيفَةً أَن أَضِـيفَـهـا |
|
كما انْحازَت الأَفْعَى مَخافَة ضارِبِ |
يقول: تَتَنَحَّى هذه العجوز وتتأَخر خوفاً أَن أَنزل عليها ضيفاً، ويروى: تَحَيَّزُ مني، وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى: أَو مُتَحَيِّزاً إِلى فئة، نصب مُتَحَيِّزاً ومُتَحَرِّفاً على الحال أَي إِلا أَن يتحرف لأَن يقاتل أَو أَن يَنْحاز أَي ينفرد ليكون مع المُقاتِلة، قال: وأَصل مُتَحَيِّز مُتَحَيْوِز فأُدغمت الواو في الياء. وقال الليث: يقال ما لك تَتَحَوَّز إذا لم يستقر على الأَرض، والاسم منه التَّحَوُّز.
والحَوْزاءُ: الحَرب تَحُوز القوم، حكاها أَبو رياش في شرح أَشعار الحماسة في وقول جابر بن الثعلب:
فَهَلاَّ على أَخْلاق نَعْلَيْ مُعَصِّـبٍ |
|
شَغَبْتَ، وذُو الحَوْزاءِ يَحْفِزُه الوِتْر |
الوِتْر ههنا: الغضب. والتَّحَوُّز: التَّلبُّث والتَّمَكُّث. والتَّحَيُّز والتَّحَوُّز: التَّلَوّي والتقلُّب، وخص بعضهم به الحية. يقال: تَحَوَّزَت الحية وتَحَيَّزت أَي تَلَوَّت. ومن كلامه: ما لك تَحَوَّزُ كما تَحَيَّزُ الحية؟ وتَحَوَّزُ تَحَيُّز الحية، وتَحَوُّزَ الحية، وهو بُطْءُ القيام إذا أَراد أَن يقوم؛ قال غيره: والتَّحَوُّس مثله، وقال سيبويه: هو تَفَيْعل من حُزْت الشيء، والحَوْز من الأَرض أَن يتخذها رجلٌ ويبين حدودها فيستحقها فلا يكون لأَحد فيها حق معه، فذلك الحَوْز. تَحَوَّز الرجل وتَحَيَّز إذا أَراد القيام فأَبطأَ ذلك عليه. والحَوْز: الجمع.
وكل من ضَمَّ شيئاً إِلى نفسه من مال أَو غير ذلك، فقد حازَه حَوْزاً وحِيازَة وحازَه إِليه واحْتازَهُ إِليه؛ وقول الأَعشى يصف إِبلاً:
حُوزِيَّة طُوِيَتْ على زَفَراتِها |
|
طَيَّ القَناطِرِ قد نَزَلْنَ نُزُولا |
قال: الحُوزِيَّة النُّوق التي لها خَلِفة انقطعت عن الإِبل في خَلِفَتها وفَراهتها، كما تقول: مُنْقَطِعُ القَرِينِ، وقيل: ناقة حُوزِيَّة أَي مُنْحازة عن الإِبل لا تخالطها، وقيل: بل الحُوزِيَّة التي عندها سير مذخور من سيرها مَصُون لا يُدْرك، وكذلك الرجل الحُوزِيُّ الذي له إِبْداءٌ من رأْيه وعقله مذخور. وقال في قول العجاج: وله حُوزِيّ، أَي يغلبهن بالهُوَيْنا وعنده مذخور لم يَبْتَذِله. وقولهم حكاه ابن الأَعرابي: إذا طَلَعَتِ الشِّعْرَيانِ يَحُوزُهما النهار فهناك لا يجد الحَرُّ مَزِيداً، وإِذا طلعتا يَحُوزُهما الليل فهناك لا يجد القُرّ مَزيداً، لم يفسره؛ قال ابن سيده: وهو يحتمل عندي أَن يكون يضمُّهما وأَن يكون يسوقهما. وفي الحديث: أَن رجلاً من المشركين جَميعَ اللأْمَةِ كان يحوز المسلمين أَي يجمعهم؛ حازَه يَجُوزه إذا قبضه ومَلَكه واسْتَبَدَّ به. قال شمر: حُزْت الشيء جَمَعْتُه أَو نَحَّيته؛ قال: والحُوزِيّ المُتَوَحِّد في قول الطرماح:
يَطُفْن بِحُوزيِّ المَراتِع، لم تَـرُعْ |
|
بوَادِيه من قَرْعِ القِسِيِّ، والكَنَائِن |
قال: الحُوزِيُّ المتوحد وهو الفحل منا، وهو من حُزْتُ الشيء إذا جمعته أَو نَحَّيته؛ ومنه حديث معاذ، رضي الله عنه: فَتَحَوَّز كلٌّ منهم فَصَلَّى صلاة خفيفة أَي تَنَحَّى وانفرد، ويروى بالجيم، من السرعة والتسهل؛ ومنه حديث يأْجوج: فَحَوِّزْ عبادي إِلى الطُّور أَي ضُمَّهم إِليه، والرواية فَحَرِّزْ، بالراء، وفي حديث عمر، رضي الله عنه، قال لعائشة، رضي الله عنها، يوم الخَنْدَقِ: ما يُؤَمِّنُك أَن يكون بَلاء أَو تَحَوُّزٌ؟ وهو من قوله تعالى: أَو مُتَحَيِّزاً إِلى فئة، أَي مُنْضمّاً إِليها.
والتَّحَوُّزُ والتَّحَيُّز والانْحِياز بمعنى. وفي حديث أَبي عبيدة: وقد انْحازَ على حَلْقَة نَشِبَت في جراحة النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم أُحُدٍ أَي أَكَبَّ عليها وجمع نفسه وضَمَّ بعضها إِلى بعض. قال عبيد بن حرٍّ كنت مع أَبي نَضْرَة من الفُسْطاط إِلى الإِسْكنْدَرِيَّة في سفينة، فلما دَفَعْنا من مَرْسانا أَمر بِسُفْرته فَقُرِّبت ودعانا إِلى الغداء، وذلك في رمضان، فقلت: ما تَغَيَّبَتْ عنا منازلُنا؛ فقال: أَترغب عن سنة النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فلم نزل مفطرين حتى بلغنا ماحُوزَنا؛ قال شمر في قوله ماحُوزَنا: هو موضعهم الذي أَرادوه، وأَهل الشام يسمون المكان الذي بينهم وبين العدوّ الذي فيه أَساميهِم ومَكاتِبُهُم الماحُوزَ، وقال بعضهم: هو من قولك حُزْتُ الشيء إذا أَحْرَزْتَه، قال أَبو منصور: لو كان منه لقيل مَحازنا أَو مَحُوزنا.
وحُزت الأَرض إذا أَعلَمتها وأَحييت حدودها. وهو يُحاوِزُه أَي يخالطه ويجامعه؛ قال: وأَحسب قوله ماحُوزَنا بِلُغَةٍ غير عربية، وكذلك الماحُوز لغة غير عربية، وكأَنه فاعُول، والميم أَصلية، مثل الفاخُور لنبت، والرَّاجُول للرَّجل. ويقال للرجل إذا تَحَبَّسَ في الأَمر: دعني من حَوْزك وطِلْقك. ويقال: طَوّل علينا فلانٌ بالحَوْزِ والطِّلْق، والطِّلق: أَن يخلي وجوه الإِبل إِلى الماء ويتركها في ذلك ترعى لَيْلَتَئِذٍ فهي ليلة الطِّلْق؛ وأَنشد ابن السكيت:
قد غَرّ زَيْداً حَوْزُه وطِلْقُه |
وحَوْز الدار وحَيْزها: ما انضم إِليها من المَرافِقِ والمنافع. وكل ناحية على حِدَةٍ حَيِّز، بتشديد الياء، وأَصله من الواو. والحَيْز: تخفيف الحَيِّز مثل هَيْن وهَيِّن وليْن وليِّن، والجمع أَحْيازٌ نادر. فأَما على القياس فَحَيائِز، بالهمز، في قول سيبويه، وحَياوِزُ، بالواو، في قول أَبي الحسن. قال الأَزهري: وكان القياس أَن يكون أَحْواز بمنزلة الميت والأَموات ولكنهم فرقوا بينهما كراهة الالتباس.
وفي الحديث: فَحَمَى حَوْزَة الإِسلام أَي حدوده ونواحيه. وفلان مانع لحَوْزَته أَي لما في حَيّزه. والحَوْزة، فَعْلَةٌ، منه سميت بها الناحية.
وفي الحديث: أَنه أَتى عبدَ الله بن رَواحَةَ يعوده فما تَحَوَّز له عن فراشه أَي ما تَنَحَّى؛ التَّحَوُّز: من الحَوزة، وهي الجانب كالتَّنَحِّي من الناحية. يقال: تَحَوَّز وتَحَيَّز إِلا أَن التَّحَوُّز تَفَعُّل والتَّحَيُّز تَفَيْعُل، وإِنما لم يَتَنَحَّ له عن صدر فراشه لأَن السنَّة في ترك ذلك. والحَوْز: موضع يَحُوزه الرجل يَتَّخِذُ حواليه مُسَنَّاةً، والجمع أَحْواز، وهو يَحْمِي حَوْزته أَي ما يليه ويَحُوزه. والحَوْزة: الناحية. والمُحاوَزَةُ: المخالطة. وحَوْزَةُ المُلْكِ: بَيْضَتُه.
وانْحاز عنه: انعدل. وانحاز القومُ: تركوا مركزهم إِلى آخر. يقال للأَولياء: انحازوا عن العدوّ وحاصُوا، وللأَعداء: انهزموا ووَلَّوْا مُدْبِرين. وتَحاوَز الفريقان في الحَرْب أَي انْحاز كلُّ فريق منهم عن الآخر.
وحاوَزَه: خالطه. والحَوْز: الملْك. وحَوْزة المرأَة: فَرْجها؛ وقالت امرأَة:
فَظَلْتُ أَحْثي التُّرْبَ في وجهِه |
|
عَني، وأَحْمِي حَوْزَةَ الغائب |
قال الأَزهري: قال المنذري يقال حَمَى حَوْزاتِه؛ وأَنشد يقول:
لها سَلَف يَعُـودُ بِـكُـلِّ رَيْع |
|
حَمَى الحَوْزاتِ واشْتَهَر الإِفالا |
قال: السلَفُ الفحل. حَمَى حوزاتِه أَي لا يَدْنو فحل سواه منها؛ وأَنشد الفراء:
حَمَى حَوْزاتِه فَتُركْنَ قَفْراً |
|
وأَحْمَى ما يَلِيه من الإِجامِ |
أَراد بحَوْزاته نواحيه من المرعى.
قال محمد بن المكرم: إِن كان للأَزهري دليل غير شعر المرأَة في قولها وأَحْمِي حَوْزَتي للغائب على أَن حَوْزة المرأَة فَرْجها سُمِعَ، واستدلالُه بهذا البيت فيه نظر لأَنها لو قالت وأَحْمي حَوْزتي للغائب صح الاستدلال، لكنها قالت وأَحمي حوزة الغائب، وهذا القول منها لا يعطي حصر المعنى في أَن الحَوْزَة فرج المرأَة لأَن كل عِضْو للإِنسان قد جعله الله تعالى في حَوْزه، وجميع أَعضاء المرأة والرجل حَوْزُه، وفرج المرأَة أَيضاً في حَوْزها ما دامت أَيِّماً لا يَحُوزُه أَحد إِلا إذا نُكِحَتْ برضاها، فإِذا نكحت صار فَرْجها في حَوْزة زوجها، فقولا وأَحْمي حَوْزَة الغائب معناه أَن فرجها مما حازه زوجُها فملكه بعُقْدَةِ نكاحها، واستحق التمتع به دون غيره فهو إذا حَوْزَته بهذه الطريق لا حَوْزَتُها بالعَلَمية، وما أَشبه هذا بِوَهْم الجوهري في استدلاله ببيت عبد الله بن عمر في محبته لابنه سالم بقوله:
وجِلْدَةُ بينِ العينِ والأَنْفِ سالِمُ |
على أَن الجلدة التي بين العين والأَنْف يقال لها سالم، وإِنما قَصَد عبدُ الله قُرْبَه منه ومحله عنده، وكذلك هذه المرأَة جَعَلَت فرجها حَوْزَة زوجها فَحَمَتْه له من غيره، لا أَن اسمه حَوْزَة، فالفرج لا يختص بهذا الاسم دون أَعضائها، وهذا الغائب بعينه لا يختص بهذا الاسم دون غيره ممن يتزوجها، إِذ لو طَلَّقها هذا الغائبُ وتزوجها غيره بعده صار هذا الفرجُ بعينه حَوْزَةً للزوج الأَخير، وارتفع عنه هذا الاسم للزوج الأَول، والله أَعلم. ابن سيده: الحَوْز النكاح. وحازَ المرأَةَ حَوْزاً: نكحها؛ قال الشاعر:
يقولُ لَمَّا حازَها حَوْزَ المَطِي |
أَي جامعها.
والحُوَّازُ: ما يَحُوزه الجُعَلُ من الدُّحْرُوج وهو الخُرْءُ الذي يُدَحْرِجُه؛ قال:
سَمِينُ المَطايا يَشْرَبُ الشِّرْبَ والحِسا |
|
قِمَطْرٌ كحُوَّاز الدَّحـارِيجِ أَبْـتَـرُ |
والحَوْزُ: الطبيعة من خير أَو شر. وحَوْز الرجل: طَبيعته من خير أَو شر. وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: الإِثْمُ حَوَّازُ القلوب؛ هكذا رواه شمر، بتشديد الواو، من حازَ يَحُوز أَي يَجْمَعُ القلوبَ، والمشهور بتشديد الزاي، وقيل: حَوَّازُ القلوب أَي يَحُوز القلبَ ويغلب عليه حتى يَرْكَبَ ما لا يُحَب، قال الأَزهري: ولكن الرواية حَزَّاز القلوب أَي ما حَزَّ في القلب وحَكَّ فيه.
وأَمر مُحَوَّزٌ: محكم. والحائِزُ: الخشبةُ التي تنصب عليها الأَجْذاع.
وبنو حُوَيْزَة: قبيلة؛ قال ابن سيده: أَظن ذلك ظنّاً. وأَحْوَزُ وحَوّازٌ: اسمان. وحَوْزَةُ: اسم موضع؛ قال صخر بن عمرو:
قَتَلْتُ الخالِدَيْن بها وعَـمْـراً |
|
وبِشْراً، يومَ حَوْزَة، وابْنَ بِشْرِ |
حاسَه حَوْساً: كحَساه. والحَوْسُ: انتشار الغارةِ والقتلُ والتحرّك في ذلك، وقيل: هو الضربُ في الحرب، والمعاني مُقْتَرِبَةٌ. وحاسَ حَوْساً: طَلَبَ. وحاسَ القومَ حَوْساً: طلبهم وداسَهُم. وقرئ: فحاسُوا خلالَ الديار، وقد قدّمنا ذكر تفسيرها في جوس. ورجل حَوَّاسٌ غَوَّاسٌ: طَلاَّب بالليل. وحاسَ القومَ حَوْساً: خالطهم ووَطِئَهم وأَهانهم؛ قال:
يَحُوسُ قبيلةً ويُبِيرُ أُخْرى |
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه، أَنه قال لأَبي العَدَبَّس: بل تَحُوسُك فِتنةٌ أَي تخالط قلبك وتَحُثُّك وتُحَرِّكك على ركوبها. وكل موضع خالطته ووطئته، فقد حُسْتَه وجُسْتَه. وفي الحديث: أَنه رأَى فلاناً وهو يخاطب امرأَة تَحُوس الرجالَ؛ أَي تخالطهم؛ والحديث الآخر: قال لحَفْصَةَ أَلم أَرَ جاريَةَ أَخيك تَحُوسُ الناسَ؟ وفي حديث آخر: فحاسُوا العَدُوَّ ضَرْباً حتى أَجْهَضُوهم عن أَثقالهم؛ أَي بالغوا في النكاية فيهم. وأَصل الحَوْس شدة الاختلاط ومداركة الضَّرْب.
ورجل أَحْوَسٌ: جريءلا يردّه شيء. الجوهري: الأَحْوَسُ الجريء الذي لا يهوله شيء؛ وأَنشد:
أَحْوسُ في الظَّلْماءِ بالرُّمْحِ الخَطِلْ |
وتركت فلاناَ يَحُوسُ بني فلان ويَجُوسُهم أَي يتخللهم ويطلب فيهم ويدوسُهم. والذئب يَحُوسُ الغنم: يتخللها ويفرِّقها وحمل فلان على القوم فحاسَهم؛ قال الحطيئة يذم رجلاً:
رَهْطُ ابنِ أَفْعَلَ في الخُـطُـوبِ أَذِلَّةٌ |
|
دُنُسُ الثيابِ قَناتُهـم لـم تُـضْـرَسِ |
بالهَمْزِ من طُولِ الثِّقافِ، وجـارُهـم |
|
يُعْطِي الظُّلامَةَ في الخُطُوبِ الحُوَّسِ |
وهي الأُمور التي تنزل بالقوم وتغشاهم وتَخَلَّلُ ديارهم. والتَحَوُّس: التشجع. والتَحَوُّسُ: الإِقامة مع إِرادة السفر كأَنه يريد سفراً ولا يتهيأُ له لاشتغاله بشيء بعد شيء؛ وأَنْشَدَ المتلمس يخاطب أَخاه طَرَفة:
سرْ، قد أَنَى لك أَيُّهما المُتَحَوِّسُ |
|
فالدار قد كادَت لعَهْدِكَ تَدْرُسُ |
وإِنه لذو حَوْسٍ وحَويس أَي عَداوة؛ عن كراع. ويقال: حاسُوهم وجاسُوهم ودَرْبَخُوهم وفَنَّخُوهم أَي ذللوهم. الفراء: حاسُوهم وجاسُوهم إذا ذهبوا وجاؤوا يقتلونهم. والأَحْوَسُ: الشديد الأَكل، وقيل: هو الذي لا يَشْبَعُ من الشيء ولا يَمَلُّه. والأَحْوِسُ والحَؤُوس، كلاهما: الشجاع الحَمِسُ عند القتال الكثيرُ القتل للرجال، وقيل: هو الذي إذا لَقِيَ لم يَبْرَحْ، ولا يقال ذلك للمرأَة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
والبَطَلُ المُسْتَلْئِم الحَؤُوسُ |
وقد حَوِسَ حَوَساً. والأَحْوَسُ أَيضاً: الذي لا يَبْرَحُ مكانه أَو يَنالَ حاجته، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر. ابن الأَعرابي: الحَوْسُ الأَكل الشديد، والحُوسُ: الشجعان.
ويقال للرجل إذا ما تَحَيَّس وأَبطأَ: ما زال يَتَحَوَّسُ. وفي حديث عمر بن عبد العزيز: دخل عليه قومٌ فجعل فَتىً منهم يَتَحَوَّسُ في كلامه، فقال: كَبِّروا كَبِّروا، التَحَّوُّس: تَفَعُّلٌ من الأَحْوَس، وهو الشجاع، أَي يَتَشَجَّعُ في كلامه ويَتَجَرَّأُ ولا يبالي، وقيل: هو يتأَهب له؛ ومنه حديث عَلْقَمة: عَرَفْتُ فيه تَحَوُّسَ القوم وهَيْئَتَهم أَي تأَهُّبَهم وتَشَجُّعَهم، ويروى بالشين.
ابن الأَعرابي: الإِبل الكثيرة يقال لها حُوسى؛ وأَنشد:
تَبَدَّلَتْ بعد أَنِـيسٍ رُعُـب |
|
وبعد حُوسى جامِلٍ وسُرُب |
وإِبل حُوسٌ: بطيئات التحرّك من مَرْعاهُنَّ؛ جملٌ أَحْوَسُ وناقة حَوْساء. والحَوْساء من الإِبل: الشديدة النَفَسِ. والحَوْساء من الإِبل: الشديدة النَّفْسِ. والحَوْساء: الناقة الكثيرة الأَكل؛ وقول الفرزدق يصف الإِبل:
حُواساتُ العِشاءِ خُبَعْثِنـاتٌ |
|
إِذا النَّكْباء راوَحَتِ الشَّمالا |
قال ابن سيده: لا أَدري ما معنى حُواسات إِلا أَن كانت الملازمةَ للعَشاءِ أَو الشديدة الأَكل، وهذا البيت أَورده الأَزهري على الذي لا يبرح مكانه حتى ينال حاجته، وأَورده الجوهري في ترجمة حيس، وسيأْتي ذكره؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف أَيضاً معنى قوله:
أَنْعَثُ غَيثاً رائحـاً عُـلْـوِيّاً |
|
صَعَّدَ في نَخْلَةَ أَحْـوَسِـيَّا |
يَجُرُّ مـن عَـفـائِهِ حَـيِيّاً |
|
جَرَّ الأَسِيفِ الرَّمَكَ المَرْعِيَّا |
إِلا أَن يريد اللزوم والمواظبة، وأَورد الأَزهري هذا الرجز شاهداً على قوله غيث أَحوسي دائم لا يُقْلِعُ. وإِبل حُوسٌ: كثيرات الأَكل.
وحاسَتِ المرأَة ذَيْلَها إذا سحبته. وامرأَة حَوساء الذيل: طويلة الذيل؛ وأَنشد شمر قوله:
تَعِيبِينَ أَمراً ثـم تـأْتِـينَ دونـه |
|
لقد حاسَ هذا الأَمرَ عندكِ حائسُ |
وذلك أَن امرأَة وجدت رجلاً على فُجور وعَيَّرَتْه فُجورَه فلم تلبث أَن وجدها الرجل على مثل ذلك. الفراء: قد حاسَ حَيْسُهم إذا دنا هلاكهم.
ومثل العرب: عاد الحَيْسُ يُحاسُ أَي عاد الفاسِدُ يُفْسَدُ؛ ومعناه أَن تقول لصاحبك إِن هذا الأَمر حَيْسٌ أَي ليس بمحكم ولا جَيِّد وهو رديء؛ ومنه البيت:
تعيبين أَمراً.... |
وامرأَة حَوْساء الذيل أَي طويلة الذيل؛ وقال:
قد عَلِمَتْ صَفْراءُ حَوْساءُ الذَّيْل |
أَي طويلة الذيل. وقد حاسَتْ ذيلها تَحُوسُه إذا وَطِئَتْهُ تَسْحَبه، كما يقال حاسَهم وداسَهم أَي وطئهم؛ وقول رؤبة:
وزَوَّلَ الدَّعْوى الخِلاط الحَوَّاسْ |
قيل في تفسيره: الحَوَّاسُ الذي ينادي في الحرب يا فلان يا فلان؛ قال ابن سيده: وأَراه من هذا كأَنه يلازم النداء ويواظبه.
وحَوْسٌ: اسم. وحَوْساء وأَحْوسُ: موضعان؛ قال مَعْنُ بن أَوْس:
وقد عَلِمَتْ نَخْلِي بأَحْوَس أَنـنـي |
|
أَقَلُّ، وإِن كانت بلادِي، اطِّلاعَها. |
الحُوشُ: بلادُ الجنّ من وراءِ رَمْلِ يَبْرين لا يمرّ بها أَحد من الناس، وقيل: هم حيّ من الجن؛ وأَنشد لرؤبة:
إِليك سارَتْ من بِلادِ الحُوشِ |
والحُوشُ والحُوشِيّةُ: إِبلُ الجنّ، وقيل: هي الإبلُ المُتَوحِّشةُ.
أَبو الهيثم: الإِبلُ الحُوشِيّةُ هي الوَحْشِيّةُ؛ ويقال: إِن فحلاً من فحولِها ضرب في إِبل لمَهْرةَ بن حَيْدانَ فنُتِجَت النجائبُ المَهْريَّةُ من تلك الفحول الحُوشِيّةِ فهي لا تكاد يدركُها التعب. قال: وذكر أَبو عمرو الشيباني أَنه رأَى أَربع قِفَرٍ من مَهْرِيّةٍ عظْماً واحداً، وقيل: إِبل حُوشِيّةٌ محرَّماتٌ بِعِزَّةِ نفوسِها. ويقال: الإِبلُ الحُوشِيّةُ منسوبة إِلى الحُوشِ، وهي فُحولُ جنٍّ تزعم العرب أَنها ضربت في نَعَمِ بعضهم فنُسِبَتْ إِليها.
ورجل حُوشِيٌّ: لا يخالط الناس ولا يأْلفهم، وفيه حُوشِيّةٌ.
والحُوشِيُّ: الوَحْشِيُّ. وحُوشِيُّ الكلامِ: وَحْشِيُّه وغريبه. ويقال: فلان يَتَتَبّعُ حُوشِيَّ الكلام ووحْشِيَّ الكلام وعُقْميَّ الكلام بمعنىً واحد.
وفي حديث عمرو: لم يَتَتَبَّعْ حُوشيَّ الكلام أَي وحْشِيَّه وعَقِدَه والغريب المُشْكِلَ منه. وليل حُوشِيٌّ: مظلم هائلٌ.
ورجل حُوشُ الفؤاد: حديدُه؛ قال أَبو كبير الهذلي:
فأَتَتْ به حُوشَ الفُؤَادِ مُبَطِّناً |
|
سُهُداً، إذا ما نامَ لَيْلُ الهَوْجَل |
وحُشْنا الصيدَ حَوْشاً وحِياشاً وأَحَشْناه وأَحْوَشْناه: أَخذناه من حَوالَيْه لنَصْرِفَه إِلى الحِبالةِ وضممناه. وحُشْتُ عليه الصيدَ والطيرَ حَوْشاً وحِياشاً وأَحَشْتُه عليه وأَحْوَشْتُه عليه وأَحْوَشْتُه إِياه؛ عن ثعلب: أَعَنْته على صيدهما. واحْتَوَشَ القومُ الصيدَ إذا نَفَّرَه بعضهم على بعضِهم، وإِنما ظهرت فيه الواو كما ظهرت في اجْتَورُوا. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنّ رجلين أَصابا صيداً قتلّه أَحدهما وأَحاشَهُ الآخرُ عليه يعني في الإِحرامِ. يقال: حُشْتُ عليه الصيدَ وأَحَشْتُهُ إذا نَفَّرْتَه نحْوَه وسُقْته إِليه وجَمَعْته عليه وفي حديث سَمُرة: فإِذا عنده وِلْدانٌ وهو يَحُوشُهم أَي يجمعهم. وفي حديث ابن عمر: أَنه دخل أَرضاً له فرأَى كلباً فقال: أَحِيشُوه عليّ. وفي حديث معاوية: قَلَّ انْحِياشُه أَي حركتُه وتصَرُّفُه في الأُمور. وحُشْتُ الإِبلَ: جَمعْتُها وسُقْتُها. الأَزهري: حَوّشَ إذا جَمَّع، وشَوّحَ إذا أَنْكَرَ، وحاشَ الذئبُ الغنم كذلك؛ قال:
يَحُوشُها الأَعْرَجُ حَوْشَ الجِلَّةِ |
|
من كُلِّ حَمْراءَ كلَوْنِ الكِلّةِ |
قال: الأَعرج ههنا ذئب معروفٌ. والتَحْوِيشُ: التَّحْوِيلُ. وتحوَّشَ القومُ عنِّي: تَنَحَّوْا. وانْحاشَ عنه أَي نَفَرَ. والحُواشةُ: ما يُسْتَحْيا منه. واحْتَوَشَ القومُ فلاناً وتَحاوَشُوه بينهم: جعلوه وسَطَهُم.
واحْتَوَشَ القومُ على فلان: جعلوه وسطهم. وفي حديث علقمةَ: فَعَرَفْتُ فيه تَحَوُّشَ القومِ وهيئَتهم أَي تأَهُّبَهُم وتَشَجُّعَهم. ابن الأَعرابي: والحُواشةُ الاستحياءُ، والحُواسةُ، بالسين، الأَكل الشديد. ويقال: الحُواشةُ من الأَمر ما فيه فَظِيعةٌ؛ يقال: لا تَغْش الحُواشةَ؛ قال الشاعر:
غَشِيتَ حُواشةً وجَهِلْتَ حَقّاً |
|
وآثَرْتَ الغِوايةَ غيَرَ راضِ |
قال أَبو عمرو في نوادره: التَحَوّشُ الاستحياءُ. والحَوْشُ: أَن تأْكل من جوانب الطّعام.
والحائشُ: جماعةُ النخلِ والطرْفاءِ، وهو في النخلِ أَشهرُ، لا واحد له من لفظه؛ قال الأَخطل:
وكأَنّ ظُعْنَ الحَيّ حائِشُ قَرْيةٍ |
|
داني الجَنَاةِ، وطَيِّبُ الأَثْمارِ |
شمر: الحائشُ جماعةُ كل شجر من الطرفاء والنخلِ وغيرهما؛ وأَنشد:
فوُجِدَ الحائِشُ فيما أَحْدَقـا |
|
قَفْراً من الرامِينَ، إِذْ تَوَدّقَا |
قال: وقال بعضهم إِنما جُعل حائشاً لأَنه لا منفذ له. الجوهري: الحائشُ جماعة النخل لا واحد لها كما يقال لجماعةِ البقرِ رَبْرَبٌ، وأَصل الحائشِ المجتمع من الشجر، نخلاً كان أَو غيرَه. يقال: حائِشٌ للطرفاء. وفي الحديث: أَنه دخل حائِشَ نخلٍ فقضى فيه حاجَتَه؛ هو النخلُ الملتفُّ المجتمِعُ كأَنه لالْتِفافِه يَحُوش بعْضَه إِلى بعض، قال: وأَصله الواو، وذكره ابنُ الأَثير في حيش واعْتَذَر أَنه ذكره هناك لأَجل لفظِه؛ ومنه الحديث: أَنه كان أَحبَّ ما استتَر به إِليه حائِشُ نخلٍ أَو حائط. وقال ابن جني: الحائشُ اسم لا صفةٌ ولا هو جارٍ على فِعْلٍ فأَعَلّوا عينه، وهي في الأَصل واو من الحوش، قال: فإِن قلت فلعله جارٍ على حاش جريانَ قائمِ على قام، قيل: لم نَرَهم أَجْرَوْه صفةً ولا أَعْملُوه عمل الفِعْلِ، وإِنما الحائِشُ البستانُ بمنزلة الصَّوْرِ، وهي الجماعة من النخلِ، وبمنزلة الحديقة، فإِن قلت: فإِنّ فيه معنى الفعْلِ لأَنه يَحُوشُ ما فيه من النخلِ وغيرِه وهذا يؤكد كونه في الأَصل صفةً وإِن كان قد استعمل استعمال الأَسماء كصاحبٍ ووارِدِ، قيل: ما فيه من معنى الفِعْلِيَّةِ لا يوجب كونَه صفةً، أَلا ترى إِلى قولهم الكاهل والغارب وهما وإِن كان فيهما معنة الاكتهالِ والغروبِ فإِنهما اسمان؟ وكذلك الحائِشُ لا يُسْتَنْكَرُ أَن يجيء مهموزاً وإِن لم يكن اسمَ فاعلٍ لا لشَيْءٍ غير مجيئه على ما يَلزم إِعْلالُ عينِه نحو قائِمِ وبائعٍ وصائمٍ. والحائِشُ: شقٌّ عند مُنْقَطَعِ صدر القدم مما يَلي الأَخْمَصَ.
ولي في بني فلان حُواشة أَي مَنْ ينصرني من قَرابةٍ أَو ذِي مودَّة؛ عن ابن الأَعرابي.
وما يَنْحاشُ لشيء أَي ما يكترث له. وفلان ما يَنْحاشُ من فلان أَي ما يكترث له. ويقال: حاشَ للَّه، تنزيهاً له، ولا يقال حاشَ لَكَ قياساً عليه، وإِنما يقال حاشاك وحاشَى لك. وفي الحديث: من خرج على أُمَّتي فقتل بَرّها وفاجِرَها ولا يَنْحاشُ لمؤمنهم أَي لايفزع لذلك ولا يكترث له ول ينْفِرُ. وفي حديث عمرو: وإِذا ببَياض يَنْحاشُ مني وأَنْحاشُ منه أَي يَنْفرُ مني وأَنفر منه، وهو مطاوع الشوْشِ النّفارِ؛ قال ابن الأَثير: وذكره الهروي في الياء وإِنما هو من الواو. وزَجَرَ الذئبَ وغيرَه فما انْحاشَ لزَجْرِه؛ قال ذو الرمة يصف بيضة نعامة:
وبَيْضاء لا تَنْحاشُ منّا وأُمُّهـا |
|
إِذا ما رَأَتْنا، زِيلَ منها زَوِيلُها |
قال ابن سيده: وحكمنا على انْحاشَ أشنها من الواو لما علم من أَنَّ العين واواً أَكثرُ منها ياءً، وسواء في ذلك الاسم والفعل. الأَزهري في حشَا: قال الليث المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ من الحَوْشِ وهم قوم لَفِيفُ أُشَابَةٌ؛ وأَنشد بيت النابغة:
جَمِّعْ مَحَاشَكَ يا يزيدُ، فَإِنَّني |
|
أَعْدَدْتُ يَرْبُوعاَ لَكُمْ وتَمِيما |
قال أَبو منصور: غلط الليث في المَحاشِ من وجهين: أَحدهما فتحُه الميمَ وجَعْلُه إِيّاه مَفْعَلاً من الحَوْشِ، والوجه الثاني ما قال في تفسيره، والصواب المِحَاشُ، بكسر الميم. وقال أَبو عُبَيْدةً فيما روى عنه أَبو عبيد وابن الأَعرابي: إِنما هو جَمِّعْ مِحَاشَك، بكسر الميم، جعلوه من مَحَشته أَي أَحْرَقته لا من الحَوْشِ، وقد فسر في الثلاثي الصحيح أَنهم يتحالفون عند النار؛ وأَما المَحَاشُ، بفتح الميم، فهو أَثاث البيت، وأَصله من الحَوْشِ وهو جمع الشيء وضمه. قال: ولا يقال لِلَفِيفِ الناس مَحَاشٌ، واللَّه أَعلم.
حاصَ الثوبَ يَحُوصُه حَوْصاً وحِياصةً: خاطَه. وفي حديث عَليّ، كرم اللّه وجهه: أَنه اشْتَرَى قَمِيصاً فقَطع ما فَضَل من الكُمَّينِ عن يَدِه ثم قال للخيَّاط: حُصْه أَي خِطْ كِفافه، ومنه قيل للعين الضَّيِّقة: حَوْصاء، كأَنما خِيطَ بجانب منها؛ وفي حديثه الآخر: كلما حِيصَتْ من جانب تهتَّكَتْ من آخَر. وحاص عينَ صَقْره يَحُوصُها حَوْصاً وحِياصةً: خاطَها، وحاصَ شُقُوقاً في رِجْله كذلك، وقيل: الحَوْصُ الخياطةُ بغير رُقْعة، ولا يكون ذلك إِلا في جلد أَو خُفِّ بَعِيرٍ.
والحَوَصُ: ضِيقٌ في مُؤْخر العين حتى كأَنها خِيطَتْ، وقيل: هو ضِيق مَشَقِّها، وقيل: هو ضيق في إِحدى العينين دون الأُخرى. وقد حَوِصَ يَحْوَص حَوَصاً وهو أَحْوَصُ وهي حَوْصاءُ، وقيل: الحَوْصاءُ من الأَعْيُنِ التي ضاقَ مَشَقُّها، غائرةً كانت أَو جاحِظةً، قال الأَزهري: الحَوَصُ عند جميعهم ضِيقٌ في العينين معاً. رجل أَحْوَصُ إذا كان في عينيه ضِيقٌ.
ابن الأَعرابي: الحَوَصُ، بفتح الحاء، الصغارُ العُيون وهم الحُوصُ. قال الأَزهري: من قال حَوَصاً أَراد أَنهم ذَوُو حَوَصٍ، والخَوَصُ، بالخاء: ضِيقٌ في مُقَدَّمِها. وقال الوزير: الأَحْيَصُ الذي إِحْدى عينيه أَصغرُ من الأُخْرى. الجوهري: الحَوْصُ الخِياطةُ والتضييقُ بين الشيئين. قال ابن بري: الحَوْصُ الخِياطةُ المتباعدة.
وقولهم: لأَطْعَنَنَّ في حَوْصِهِم أَي لأَخْرِقَنَّ ما خاطُوا وأُفسِدَنَّ ما أَصْلَحوا؛ قال أَبو زيد: لأَطْعَنَنَّ في حَوْصِك أَي لأَكِيدَنَّكَ ولأَجْهَدَنَّ في هَلاكِك. وقال النضر: من أَمثال العرب: طَعَنَ فلانٌ في حَوْصٍ ليس منه في شيءٍ إذا مارَسَ ما لا يُحْسِنُه وتَكلّف ما لا يَعْنِيه. وقال ابن بري: ما طَعَنْتَ في حوصه أَي ما أَصَبْتَ في قَصْدك.وحاصَ فلانٌ سِقاءَه إذا وَهَى ولم يكن معه سِرَاد يَخْرِزُه به فأَدخل فيه عُودين وشَدَّ الوَهْي بهما.
والحائِصُ: الناقةُ التي لا يَجوزُ فيها قضيبُ الفَحْل كأَن بها رَتَقاً؛ وقال الفراء: الحائِصُ مثلُ الرَّتْقاءِ في النساء. ابن شميل: ناقة مُحْتاصةٌ وهي التي احْتاصَتْ رحمِهَا دون الفحل فلا يَقْدِرُ عليها الفحلُ، وهو أَن تَعْقِدَ حِلَقاً على رَحمِها فلا يَقْدِر الفحلُ أَن يُجِيز عليها. يقال: قد احْتاصَت الناقةُ واحْتاصَتْ رحمَها سواء، وناقةٌ حائِصٌ ومُحْتاصةٌ، ولا يقال حاصَت الناقةُ. ابن الأَعرابي: الحَوْصاءُ الضَيِّقةُ الحَيَاءِ، قال. والمِحْياصُ الضَّيِّقةُ المَلاقي. وبئرٌ حَوْصاءُ: ضَيِّقةٌ. ويقال: هو يُحاوِصُ فلاناً أَي ينظر إِليه بمُؤْخرِ عينه ويُخْفِي ذلك.
والأَحْوَصان: من بني جعفر بن كلاب ويقال لآلهم الحُوصُ والأَحاوِصةُ والأَحاوِص. الجوهري: الأَحْوصانِ الأَحْوصُ بن جعفر بن كلاب واسمه ربيعة وكان صغيرَ العَيْنَيْن، وعمرُو بنُ الأَحْوَصِ وقد رَأَسَ؛ وقول الأَعشى:
أَتاني، وَعِيدُ الحُوصِ من آل جَعْفَرٍ، |
|
فيا عَبْدَ عَمْروٍ، لو نَهَيْتَ الأَحاوِصا |
يعني عبدَ بن عمرو بن شُرَيحِ بن الأَحْوص، وعَنَى بالأَحاوِصِ مَن وَلَدَه الأَحْوصُ، منهم عوفُ ابن الأَحْوَصِ وعَمرو بن الأَحْوَصِ وشُرَيحُ بن الأَحْوَصِ وربيعة بن الأَحْوَصِ، وكان علقمةُ بن عُلاثةَ بن عوف بن الأَحْوَصِ نافَرَ عامِرَ بنَ الطُّفَيْلِ ابن مالك بن جعفر، فهجا الأَعشى علقمة ومدح عامراً فأَوعَدُوه بالقَتْل؛ وقال ابن سيده في معنى بيت الأَعشى: إِنه جمع على فُعْل ثم جمع على أَفاعِلَ؛ قال أَبو علي: القول فيه عندي أَنه جَعَل الأَولَ على قول من قال العباس والحرث؛ وعلى هذا ما أَنشده الأَصمعي:
أَحْوَى من العُوجِ وقَاح الحافِرِ |
قال: وهذا مما يَدُلّك من مذاهبهم على صحة قول الخليل في العباس والحرث إِنهم قالوه بحرف التعريف لأَنهم جعلوه للشيء بِعَيْنِه، أَلا ترى أَنه لو لم يكن كذلك لم يُكَسِّرُوه تَكْسِيرَه؟ قال: فأَما الآخِرُ فإِنه يحتمل عندي ضَرْبين، يكون على قول من قال عباس وحرث، ويكون على النسب مثل الأَحامِرة والمهَالِبة، كأَنه جَعَل كلَّ واحدٍ حُوصيّاً. والأَحْوَصُ: اسمُ شاعر. والحَوْصاءُ: فرسُ تَوْبةَ ابن الحُمَيّر. وفي الحديث ذكر حَوْصاءَ، بفتح الحاء والمد، وهو موضع بين وادِي القُرى وتَبُوك نَزَلَه سيّدُنا رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، حيث سارَ إِلى تَبُوك، وقال ابن إِسحق: هو بالضاد المعجمة.
حاضَ الماءَ وغيرَه حَوْضاً وحَوَّضَه: حاطَه وجَمَعَه. وحُضْتُ أَحُوضُ:اتخذْتُ حَوْضاً. واسْتَحْوَض الماءُ: اجتمع. والحَوْضُ: مُجْتَمَعُ الماء معروف، والجمع أَحْواض وحِياض. وحَوْضُ الرسول، صلّى اللّه عليه وسلّم: الذي يَسْقِي منه أُمَّته يوم القيامة. حكى أَبو زيد: سَقاك اللّه بِحَوْض الرسول ومن حَوْضِه.
والتَّحْوِيضُ: عمل الحَوْض. والاحْتِياضُ: اتخاذُه؛ عن ثعلب؛ وأَنشد ابن الأَعرابي: طَمِعْنا في الثَّوابِ فكان جَوْراً، كمُحْتاضٍ على ظَهْرِ السَّرابِ واسْتَحْوَضَ الماءَ: اتخذ لنفسه حَوْضاً. وحَوْضُ المَوْتِ: مُجْتَمَعُه، على المثل، والجمع كالجمع. والمُحَوَّضُ، بالتشديد: شيءٌ يُجْعَلُ للنخلة كالحوْض يشرب منه. وفي حديث أُمّ إِسمعيل: لما ظَهر لها ماءُ زمزم جعلت تُحَوِّضُه أَي تجعله حَوْضاً يجتمع فيه الماء. ابن سيده: والمُحَوَّضُ ما يصْنَع حَوالَيِ الشجرة على شكل الشَّرَبَةِ؛ قال:
أَما تَرى، بكل عَرْضٍ مُعْرِضِ، |
|
كلِّ رَداحٍ دَوْحةِ المُحَـوَّضِ؟ |
ومنه قولهم: أَنا أُحَوِّضُ حول ذلك الأَمر أَي أَدُور حوله مثل أُحَوِّطُ. والمُحَوَّض: الموضع الذي يسمَّى حَوْضاً.
وحَوْضَى: اسم موضع؛ قال أَبو ذؤيب:
من وَحْشِ حَوْضَى يُراعِي الصَّيْدَ مُنْتَبِذاً،كأَنه كَوْكَبٌ، في الجَوِّ، مُنْحَرِدُ |
يعني بالصيد الوحش. ومُنْحَرِدٌ: منفردٌ عن الكواكب؛ قال ابن بري: ومثله لذي الرمة:
كأَنَّا رَمَتْنا بالعُيونِ، التي نَـرَى، |
|
جآذِرُ حَوْضَى من عُيونِ البَراقِع |
وأَنشد ابن سيده:
أَوْ ذي وُشومٍ بحَوْضَى باتَ مُنْكَرِساً، |
|
في لَيْلةٍ من جُمادَى، أَخْضَلَتْ زِيمَا |
وفي الحديث ذكر حَوْضاء، بفتح الحاء والمد، وهو موضع بين وادي القُرَى وتبوك نزله سيدنا رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، حين سار إِلى تبوك؛ قاله ابن إِسحق بالضاد.
الأَصمعي: إِني لأَدُورُ حولَ ذلك الأَمر وأُحَوِّضُ وأُحَوِّطُ حوله بمعنى واحد.
حاطَه يَحُوطُه حَوْطاً وحِيطةً وحِياطةً: حَفِظَه وتعَهَّده؛ وقول الهذلي:
وأَحْفَظُ مَنْصِبي وأَحُوطُ عِرْضِي، |
|
وبعضُ القومِ ليسَ بذِي حِـياطِ |
أَراد حِياطة، وحذف الهاء كقول اللّه تعالى: وإِقامِ الصلاة، يريد الإِقامة، وكذلك حَوَّطه؛ قال ساعدة ابن جُؤَيّةَ:
عليَّ وكانُوا أَهلَ عِزٍّ مُـقَـدَّمٍ |
|
ومَجْدٍ، إذا ما حُوِّطَ المَجْدُ نائل |
ويروى: حُوِّصَ، وهو مذكور في موضعه. وتَحَوَّطَه: كَحَوَّطَه.
واحْتاطَ الرجلُ: أَخذ في أُموره بالأَحْزَم. واحْتاط الرجل لنفسه أَي أَخذ بالثِّقة. والحَوْطةُ والحَيْطةُ: الاحْتِياطُ. وحاطَه اللّه حَوْطاً وحِياطةً، والاسم الحَيْطةُ والحِيطة: صانه وكَلأَه ورَعاه. وفي حديث العباس: قلت يا رسول اللّه ما أَغْنَيْتَ عن عمك، يعني أَبا طالب، فإِنه كان يَحُوطُك؟ حاطَه يَحُوطُه حَوْطاً إذا حفظه وصانه وذبَّ عنه وتَوفَّرَ على مصالحِهِ. وفي الحديث: وتُحِيطُ دَعْوَتُه من وَرائهم أَي تُحْدِقُ بهم من جميع نَواحِيهم. وحاطَه وأَحاط به، والعَيْرُ يَحُوطُ عانَتَه: يجمعها.
والحائطُ: الجِدار لأَنه يَحُوطُ ما فيه، والجمع حِيطانٌ، قال سيبويه: وكان قِياسُه حُوطاناً، وحكى ابن الأَعرابي في جمعه حِياطٌ كقائمٍ وقِامٍ، إِلا أَن حائطاً قد غلب عليه الاسم فحكمه أَن يكسّر على ما يكسر عليه فاعل إذا كان اسماً؛ قال الجوهري: صارت الواو ياء لانكسار ما قبلها؛ قال ابن جني: الحائط اسم بمنزلة السَّقْف والرُّكْنن وإن كان فيه معنى الحَوْط. وحَوْطَ حائطاً: عمله. وقال أَبو زيد: حُطْتُ قومي وأَحَطْتُ الحائطَ؛ وحَوَّطَ حائطاً: عمله. وحَوَّطَ كَرْمَه تحْويطاً أَي بنَى حوْلَه حائطاً، فهو كرم مُحَوَّط، ومنه قولهم: أَنا أُحَوِّطُ حول ذلك الأَمر أَي أدُورُ.
والحُوَّاطُ: حَظِيرة تتخذ للطّعام لأَنها تَحُوطُه. والحُوَّاطُ: حظيرة تتخذ للطعام أَو الشيء يُقْلَعُ عنه سريعاً؛ وأَنشد:
إِنّا وجَدْنا عُرُسَ الحَنّاطِ |
|
مَذْمُومةً لَئِيمةَ الحُوّاطِ |
والحُواطةُ: حظيرة تتخَذ للطعام، والحِيطةُ، بالكسر: الحِياطةُ، وهما من الواو. ومع فلان حِيطةٌ لك ولا تقل عليك أَي تَحَنُّنٌ وتعَطُّفٌ.
والمَحاطُ: المكان الذي يكون خلف المالِ والقومِ يَسْتَدِير بهم ويَحُوطُهم؛ قال العجاج:
حتى رأَى من خَمَرِ المَحاطِ |
وقيل: الأَرض المَحاط التي علَيها حائطٌ وحَديقةٌ، فإِذا لم يُحَيَّطْ عليها فهي ضاحيةٌ. وفي حديث أَبي طلحة: فإِذا هو في الحائط وعليه خَميصةٌ؛ الحائطُ ههنا البُسْتانُ من النخيل إذا كان عليه حائط، وهو الجِدارُ، وتكرَّر في الحديث، وجمعه الحوائطُ. وفي الحديث: على أَهلِ الحَوائطِ حِفْظُها بالنهار، يعني البَساتِينَ، وهو عامٌّ فيها.
وحُوَّاطُ الأَمرِ: قِوامُه. وكلُّ من بلغ أَقْصَى شيء وأَحْصَى عِلْمَه، فقد أَحاطَ به. وأَحاطَتْ به الخيلُ وحاطَتْ واحْتاطَتْ: أَحْدَقَتْ، واحتاطت بفلان وأَحاطت إذا أَحدقت به. وكلُّ من أَحْرَز شيئاً كلَّه وبلَغ عِلْمُه أَقْصاه، فقد أَحاطَ به. يقال: هذا الأَمْر ما أَحَطْتُ به عِلماً. وقوله تعالى: واللّه مُحِيطٌ بالكافرين؛ أَي جامعهم يوم القيامة.
وأَحاطَ بالأَمر إذا أَحْدَقَ به من جَوانِبِه كلِّه. وقوله تعالى: واللّه من ورائهم مُحِيطٌ؛ أَي لا يُعْجِزُه أَحَدٌ قدرته مشتملة عليهم.
وحاطَهم قَصاهُم وبِقَصاهُم: قاتَلَ عنهم. وقوله تعالى: أَحَطْتُ بما لم تُحِطْ به؛ أَي علمته من جميع جهاتِه. وأَحاطَ به: عَلِمَه وأَحاطَ به عِلْماً.
وفي الحديث: أَحَطْت به عِلماً أَي أَحْدَقَ عِلْمِي به من جميع جهاته وعَرفَه.
ابن بزرج: يقولون للدَّراهم إذا نقَصت في الفرائض أَو غيرها هَلُمَّ حِوَطَها، قال: والحِوَطُ ما تُتَمِّمُ به الدَّراهم.
وحاوَطْتُ فلاناً مُحاوَطةً إذا داورْتَه في أَمر تُريدُه منه وهو يأْباه كأَنك تَحُوطُه ويَحُوطُك؛ قال ابن مقبل:
وحاوَطْتُه حتى ثَنَيْتُ عِنانَـه، |
|
على مُدْبِرِ العِلْباء رَيَّانَ كاهِلُهْ |
وأُحِيطَ بفلان إذا دَنا هلاكُه، فهو مُحاطٌ به. قال اللّه عزّ وجلّ: وأُحِيطَ بثمره فأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كفَّيه على ما أَنفَق فيها؛ أَي أَصابَه ما أَهْلَكَه وأَفْسده. وقوله تعالى: إِلا أَن يُحاطَ بكم؛ أَي تؤْخَذُوا من جَوانِبِكم، والحائط من هذا. وأَحاطَتْ به خَطِيئته أَي مات على شِرْكِه، نعوذ باللّه من خاتمةِ السُّوء. ابن الأَعرابي: الحَوْطُ خَيْطٌ مفْتول من لَوْنين: أَحمر وأَسود، يقال له البَرِيمُ، تشدُّه المرأَة على وسَطها لئلا تُصيبها العين، فيه خَرَزات وهِلالٌ من فضَّة، يسمى ذلك الهِلالُ الحَوْطَ ويسمَّى الخَيْطُ به.
ابن الأَعرابي: حُطْ حُطْ إذا أَمرته أَن يُحَلِّيَ صِبْيةً بالحَوْط، وهو هِلالٌ من فضَّة، وحُطْ حُطْ إذا أَمرته بصلة الرحم.
وحَوْطُ الحَظائر: رجل من النَّمِر بن قاسط وهو أَخو المُنْذِر بن امرئ القيس لأُمه جدّ النعمان بن المنذر. وتَحُوطُ وتَحِيطُ وتُحِيطُ والتَّحُوطُ والتَّحِيطُ، كله: اسم للسنة الشديدة.
الحافةُ والحَوْفُ: الناحِيةُ والجانِبُ، وسنذكر ذلك في حيف لأَن هذه الكلمة يائية وواوِية. وتَحَوَّفَ الشيءَ: أَخذ حافتَه وأَخذه من حافَتِه وتَخَوَّفَه، بالخاء، بمعناه. الجوهري: تَحَوَّفَه أَي تَنَقَّصَه.
غيره: وحافتا الوادي جانِباه. وحافَ الشيءَ حَوْفاً: كان في حافَتِه.
وحافَه: رارَه؛ قال ابن الزِّبَعْرى:
ونعْمان قد غادَرْنَ تَحْتَ لِوائِه |
|
... طير يَحُـفْـنَ وُقُـوعُ |
وحَوْفُ الوادي: حَرْفُه وناحِيَتُه؛ قال ضَمْرةُ ابن ضمرةَ:
ولو كُنْتَ حَرْباً ما طَلَعْتَ طُوَيْلِعاً |
|
ولا حَوْفَه إلا خَمِيساً عَرَمْرَمـا |
ويروى: جَوْفَه وجَوَّه. وفي الحديث: سَلِّطْ عليهم مَوْتَ طاعُونٍ يَحُوفُ القُلوبَ؛ أَي يُغَيِّرُها عن التوكل ويَدْعُوها إلى الانتقال والهَرَب منه، وهو من الحافةِ ناحيةِ الموضع وجانِبِه، ويروى يُحَوِّفُ، بضم الياء وتشديد الواو وكسرها، وقال أَبو عبيد: إنما هو بفتح الياء وسكون الواو. وفي حديث حذيفة: لما قُتِلَ عمرُ، رضي اللّه عنه، تركَ الناسُ حافةَ الإسلامِ أَي جانِبَه وطَرَفَه.
وفي الحديث: كان عُمارةُ بنُ الوَلِيدِ وعَمرو بن العاص في البحر، فجلس عمروٌ على مِيحافِ السفينة فدفعه عُمارةُ؛ أَراد بالمِيحافِ أَحَدَ جانبي السفينة، ويروى بالنون والجيم.
والحافةُ: الثَّوْرُ الذي في وسَطِ الكُدْسِ وهو أَشْقى العَوامِلِ.
والحَوْفُ بلغة أَهلِ الحوْفِ وأَهل الشَّحْرِ: كالهَوْدَجِ وليس به، تركب به المرأَةُ البعيرَ، وقيل: الحَوْفُ مَرْكَب للنساء ليس بهودج ولا رَحْل. والحَوْفُ: الثوب. والحَوف: جلد يُشَقَّقُ كهيئة الإزارِ تلْبَسُه الحائضُ والصِّبيانُ، وجمعه أَحْوافٌ، وقال ابن الأَعرابي: هو جِلْد يُقَدُّ سُيُوراً عَرْضُ السير أَربع أَصابعَ، أَو شِبْرٌ، تَلْبَسُه الجاريةُ صغيرة قبل أَن تُدْرِكَ، وتلبسُه أَيضاً وهي حائض، حجازية، وهي الرَّهْطُ، نَجْدية؛ وقال مُرَّةُ: هي كالنُّقْبةِ إلا أَنها تُقَدَّدُ قِدَداً عَرْضُ القِدَّةِ أَربع أَصابع إن كانت من أَدَم أَو خِرَقٍ؛ قال الشاعر:
جارية ذات هنٍ كالنَّوْفِ |
مُلَمْلَمٍ تَسْتُرُه بحَوْفِ |
يا لَيْتَني أَشِيمُ فيه عَوْفي |
وأَنشد ابن بري لشاعر:
جَوارٍ يُحَلَّيْنَ اللِّطاطَ، تَـزِينُـهـا |
|
شَرائِحُ أَحْوافٍ من الأَدَمِ الصِّرْف |
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: تزوَّجَني رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وعليَّ حَوْفٌ؛ الحَوْف: البَقِيرةُ تَلْبَسُه الصَّبيةُ، وهو ثوب لا كُمَّيْنِ له، وقيل: هي سُيُور تَشُدُّها الصبيان عليهم، وقيل: هو شِدَّةُ العَيْشِ. والحوْفُ: القَرْيةُ في بعض اللغات، وجمعه الأَحْوافُ.
والحَوْفُ: موضِع.
الحُوقُ والحَوْقُ: لغتان، وهو ما استدارَ بالكَمَرة مِن حُروفها؛ قال:
غَمْزَكَ بالكَبْساء ذاتِ الحُوق |
وقيل: حُوقُها حرفها؛ قال ثعلب: الحوق اسْتِدارة في الذكر؛ وبه فسر قوله:
قد وجَبَ المَهْزُ إذا غابَ الحُوق |
وليس هذا بشيء. وكَمَرةٌ حَوْقاء وفَيْشَلة حَوقاء: مُشْرِفة. وأَيْرٌ أحْوَقُ: عظيم الحُوق. وحَوْقُ الحِمار: لقب الفرزدق؛ قال جرير:
ذَكَرْتَ بناتِ الشمْسِ، والشمسُ لم تَلِدْ، |
|
وهَيْهاتَ من حَوْقِ الحِمارِ الكَواكِبُ |
وحاقَه حَوْقاً: دلَكَه. وحاق البيت يَحُوقه حَوقاً: كنَسَه.والمِحْوَقةُ: المِكْنَسةُ. والحَوْقُ: الكَنْسُ. وفي حديث أَبي بكر حين بَعث الجندَ إِلى الشام: كان في وصيته: ستجدون أَقواماً مُحَوّقةً رؤوسُهُم؛ أَراد أَنهم حَلَقوا وسط رؤوسهم فشبه إِزالة الشعر منه بالكَنْس، قال ويجوز أَن يكون من الحُوق وهو الإِطار المُحيد بالشيء المُسْتَدِير حَوله.
والحُواقةُ: الكُناسةُ. الكسائي: الحُواقة القُماش. وأَرض مَحُوقةٌ: قليلة النبت جِداًّ لقلة المطر. وحَوَّقَ عليه كلامه: عَوَّجَه. وحُوَّاقة: موضع.الأَزهري: أَبو عمرو الحَوْقةُ الجماعة المُمَخْرِقةُ. والحَوْقُ:الحَوْقلةُ. ابن الأَعرابي: الحَوْقُ الجمع الكثير، والله أَعلم.
حاكَ الثوبَ يحُوكه حَوْكاً وحِياكاً وحِياكة: نسجه. ورجل حائِك من قوم حاكَةٍ وحَوَكةٍ أَيضاً، وهو من الشاذ عن القياس المطرد في الإستعمال، صحت الواو فيه لأَنهم شبهوا حركة العين بالأَلف التابعة لها بحرف اللين، فكأن فَعَلاً فَعال، فكما يصح نحو جَواب وجَواد كذلك يصح نحو باب الحَوَكة والقَودَ والغَيَب، من حيث شبهت فتحة العين بالألف من بعدها، أَفلا ترى إلى حركة العين التي هي سبب الإعلال كيف صارت على وجه آخر سبباً للتصحيح؟ وهذه الكلمة تذكر في حيك أَيضاً لأَنها واوية ويائية. ابن بزرج:قال حَوْك وحُووُكة، والمعنى النسجات وهي الثياب بأَعيانها، تقول: ضروب من الحَوْك. الجوهري: نسوة حَوَائك والموضع مَحَاكة، وإنما قالوا حَوَكة كما قالوا خَوَنة، ثبتت الواو فيهما مع التحريك كما ثبتت فيما رُدّ إلى الأصل لتباعد الواو من الألف، ولم تجئ الياء في ناب وعار لشب الياء بالألف لأنها إليها أَقرب وبها أَحق، وقد ذكر علة غيَبَ وصَيَدَ في موضعهما؛ والشاعر يَحُوك الشعر حَوْكاً: ينسجه ويلائم بين أَجزائه. قال المبرد: حاكَ الشِّعْرَ والثوبَ يَحُوكه، كلاهما بالواو. وحاكَ الشيءُ في صدري حَوْكاً: رسخ. الأَزهري: ما حَكّ في صدري منه شيء وما حاك، كلُّ يقال، فمن قال حَكّ قال يَحُكّ، ومن قال حاك قال يَحيك. ويقال: ما حاكَ في صدري ما قُلْتَ أَي ما رسخ. قال: والحائك الراسخ في قلبك الذي يهمك، قال: وما أَحاكَ فيه السيفُ وما حاكَ، كلٌّ يقال، فمن قال أَحاكَ قال يُحِيك إِحاكَةً ومن قال حاكَ قال يَحِيك حَيْكاً وما أَحاكَتْ فيه أَسناني ولا أَحاكَتْهُ وما حاكَتْ فيه ولا حاكَتْه. وقال المبرد: يقال ما أَحاكَ فيه السيفُ وما يُحِيكُ وما حَكَّ ذلك في صدري وما حَكَى وما احْتَكى. وما أَحاكَ سيفُه أَي ما قطع. وما حَكَّ في صدري شيء منه أَي ما تخالج.والحَوْك: بقلة. قال ابن الأَعرابي: والحوْك الباذرَوُج، وقيل:البقلة الحَمْقاء، قال: والأَول أَعرف.
الرباعي من باب الحاء: الحَرْكَلة الرَّجَّالة كالحَوْكَلة.
حيل:الحيله بالفتح: جماعه الماعز، وقال الليحاني:القطيع من الغنم فلم يخص معزا من ضأن ولا ضأنا من معز.والحيله: حجارة تحدر من جوانب الجبل إلى أسفله حتى تكثر، عن ابن الأعرابي. قال: من كلامهمهم أتيته فوجدت الناس حوله كالحيلة أي محدقين كإحداق تلك الحجارة بالجبل. والحيل: الماء المستنقع في بطن واد، والجمع أحيال وحيول. وحالت الناقة تحيل حيالا: لم تحمل، والواو في ذلك أعرق، وقد تقدم، قال الشاعر:
من سراة الهجان صلبها العـض |
|
ض ورعي الحمى وطول الحيال |
مصدر حالت إذا لم تحمل.
والحيل: القوة. وما له حيل أي قوة، والواو أعلى، وقد تقدم. والحيلة، بالكسر: الاسم من الاحتيال، وهو من الواو، قد تقدم، وكذلك الحيل والحول، يقال: لا حيل ولا قوة إلا بالله لغة في لا حول ولا قوة. وفي دعاء يرويه ابن عباس عن النبي، صلى الله عليه وسلم: اللهم ذا الحيل الشديد، والمحدثون يروونه: ذا الحبل، بالباء، قال ابن الأثير: ولا معنى له والصواب ذا الحيل بالياء أي ذا القوة. ويقال: إنه لشديد الحيل أي القوة. ويقال: لا حيلة له ولا احتيال ولا محالة ولا محيلة، قال ذو الرمة:
أمن أجل دار صير البين أهلها |
|
أيادي سبا بعدي وطال احتيالها؟ |
قول طال احتيالها، يقال احتالت من أهلها أي لم ينزل بها حولا.
بوهنين تسنوها السواري وتلتقي |
|
بها الهوج شرقياتها وشمالهـا |
إذا استنصل الهيف السفا لعبت به |
|
صبا الحافة اليمنى جنوب شمالها |
ابن الأعرابي: ماله لا شد الله حيله! يريد حيلته وقوته. ويقال: هو أحيل منك وأحول منك أي أكثر حيلة. وما أحيله: لغة في ما أحوله. قال أبو زيد: يقال ما له حيلة ولا محالة ولا احتيال ولا محال ولا حول ولا حويل ولا حيل ولا أحيل بمعنى واحد. وتقول: من الحيلة ترك الحيلة، ومن الحذر ترك الحذر.
وفي الحديث: فصلى كل منا حياله أي تلقاء وجهه. الليث: الحيلان هي الحدائد بخشبها يداس بها الكدس. ابن الأعرابي عن أبي المكارم: الحيلة وعلة تخر من رأس الجبل، قال: أراه بضم الحاء إلى أسفله ثم تخر أخرى ثم أخرى، فإذا اجتمعت الوعلات فهي الحيلة، قال: والوعلات صخرات ينحدرن من رأس الجبل إلى أسفله.
الحَوْل: سَنَةٌ بأَسْرِها، والجمع أَحْوالٌ وحُوُولٌ وحُؤُولٌ؛ حكاها سيبويه. وحالَ عليه الحَوْلُ حَوْلاً وحُؤُولاً: أَتَى. وأَحال الشيءُ واحْتالَ: أَتَى عليه حَوْلٌ كامل؛ قال رؤبة:
أَوْرَقَ مُحْتالاً دَبيحاً حِمْحِمُه |
وأَحالت الدارُ وأَحْوَلَتْ وحالَتْ وحِيلَ بها: أَتَى عليها أَحْوَالٌ؛ قال:
حالَتْ وحِيلَ بها، وغَـيَّرَ آيَهـا |
|
صَرْفُ البِلى تَجْري به الرِّيحانِ |
وقال الكميت:
أَأَبْكاكَ بالعُرُف المَـنْـزِلُ |
|
وما أَنت والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟ |
الجوهري: حالَتِ الدارُ وحالَ الغلامُ أَتَى عليه حَوْلٌ. وأَحالَ عليه الحَوْلُ أَي حالَ. ودار مُحيلة: غاب عنها أَهلُها مُنْذُ حَوْلٍ، وكذلك دار مُحِيلة إذا أَتت عليها أَحوال. وأَحالَ اللهُ عليه الحَوْلَ إِحالة، وأَحْوَلْتُ أَنا بالمكان وأَحَلْت: أَقمت حَوْلاً. وأَحال الرجلُ بالمكان وأَحْوَل أَي أَقام به حَوْلاً. وأَحْوَل الصبيُّ، فهو مُحوِل: أَتَى عليه حَوْلٌ من مَوْلِده؛ قال امرؤ القيس:
فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائِمَ مُحْوِل |
وقيل: مُحْوِل صغير من غير أَن يُحَدَّ بحَوْل؛ عن ابن كيسان. وأَحْوَلَ بالمكان الحَوْل: بَلَغه؛ وأَنشد ابن الاعرابي:
أَزائدَ، لا أَحَلْتَ الحَوْل، حتى |
|
كأَنَّ عَجُوزَكم سُقِيَتْ سِمَاما |
يُحَلِّئ ذو الزوائد لِقْحـتـيه |
|
ومنْ يَغْلِب فإِنَّ له طعامـا |
أَي أَماتك الله قبل الحَوْل حتى تصير عجوزكم من الحُزن عليك كأَنها سُقِيَت سِمَاماً، وجعل لبنهما طعاماً أَي غَلَبَ على لِقْحَتيه فلم يَسْقِ أَحداً منهما. ونَبْتٌ حَوْلِيٌّ: أَتى عليه حَوْلٌ كما قالوا فيه عامِيٌّ، وجَمَل حَوْلِيٌّ كذلك. أَبو زيد: سمعت أَعرابيّاً يقول جَمَلٌ حَوْلِيٌّ إذا أَتى عليه حَوْل. وجِمال حَوَالِيُّ، بغير تنوين، وحَوَالِيَّة، ومُهْرٌ حَوْلِيٌّ ومِهارة حَوْلِيّات: أَتى عليها حَوْل، وكل ذي حافر أَوّلَ سنة حَوْلِيٌّ، والأُنثى حَوْلِيّة، والجمع حَوْلِيّات. وأَرض مُسْتَحالة: تُرِكت حَوْلاً وأَحوالاً عن الزراعة.
وقَوْس مُسْتَحالة: في قابِها أَو سِيتَها اعوجاج، وقد حالَتْ حَوْلاً أَي انقلبت عن حالها التي غُمِزَت عليها وحصل في قابها اعوجاج؛ قال أَبو ذؤيب:
وحالَتْ كحَوْل القَوْسُ طُلَّتْ وعُطِّلَت |
|
ثَلاثاً، فأَعْيا عَجْسُها وظُـهَـارُهـا |
يقول: تَغَيَّرت هذه المرأَة كالقوس التي أَصابها الطَّلُّ فندِيَتْ ونُزِعَ عنها الوَتر ثلاث سنين فَزاغَ عَجْسُها واعْوَجَّ، وقال أَبو حنيفة: حالَ وتَرُ القوس زال عند الرمي، وقد حالَتِ القوسُ وَتَرَها؛ هكذا حكاه حالت. ورجل مُسْتَحال: في طَرَفي ساقه اعوجاج، وقيل: كل شيء تغير عن الاستواء إِلى العِوَج فقد حالَ واسْتَحال، وهو مُسْتَحِيل. وفي المثل: ذاك أَحْوَل من بَوْلِ الجَمَل؛ وذلك أَن بوله لا يخرج مستقيماً يذهب في إِحدى الناحيتين. التهذيب: ورِجْلٌ مُسْتَحالة إذا كان طرفا الساقين منها مُعْوَجَّيْن. وفي حديث مجاهد في التَّوَرُّك في الأَرض المُسْتَحيلة أَي المُعْوَجَّة لاستحالتها إِلى العِوَج؛ قال: الأَرض المستحيلة هي التي ليست بمستوية لأَنها استحالت عن الاستواء إِلى العِوَج، وكذلك القوس. والحَوْل: الحِيلة والقُوَّة أَيضاً. قال ابن سيده: الحَوْل والحَيْل والحِوَل والحِيلة والحَوِيل والمَحالة والاحتيال والتَّحَوُّل والتَّحَيُّل، كل ذلك: الحِذْقُ وجَوْدَةُ النظر والقدرةُ على دِقَّة التصرُّف. والحِيَلُ والحِوَل: جمع حِيلة. ورجل حُوَلٌ وحُوَلة، مثل هُمَزَة، وحُولة وحُوَّل وحَوَالِيٌّ وحُوَاليٌّ وحوَلْوَل: مُحْتال شديد الاحتيال؛ قال:
يا زيد، أَبْشِر بأَخيك قد فَعَل |
|
حَوَلْوَلٌ، إذا وَنَى القَومُ نزَل |
ورجلُ حَوَلْوَل: مُنْكَر كَمِيش، وهو من ذلك. ابن الأَعرابي: الحُوَل والحُوَّل الدَّواهي، وهي جمع حُولة. الأَصمعي: يقال جاء بأَمر حُولة من الحُوَل أَي بأَمر مُنْكَر عجيب. ويقال للرَّجُل الداهية: إِنَّه لَحُوله من الحُوَل أَي داهِية من الدواهي، وتسمى الداهية نفسها حُولة؛ وأَنشد:
ومِنْ حُولة الأَيام، يا أُمَّ خالد |
|
لنا غَنَم مَرْعِيَّةٌ ولنا بَقَـر |
ورجل حُوَّل: ذو حِيَل، وامرأَة حُوَّلة. ويقال هو أَحْوَل منك أَي أَكثر حِيلة، وما أَحْوَله، ورجل حُوَّل، بتشديد الواو، أَي بَصِير بتحويل الأُمور، وهو حُوَّلُ قُلَّب؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
وما غَرَّهم، لا بارك اللهُ فيهـم |
|
به، وهو فيه قُلَّبُ الرَّأْي حُوَّل |
ويقال: رجل حَواليٌّ للجَيِّد الرأْي ذي الحِيلة؛ قال ابن أَحمر، ويقال للمَرَّار بن مُنْقِذ العَدَوي:
أَو تَنْسَأَنْ يومي إِلى غيره |
|
إِني حَواليٌّ وإِني حَـذِر |
وفي حديث معاوية: لما احْتُضِر قال لابنتيه: قَلِّباني فإِنكما لتُقَلِّبان حُوَّلاً قُلَّباً إِن وُقِيَ كَبَّة النار؛ الحُوَّل: ذو التصرّف والاحتيال في الأُمور، ويروى حُوَّلِيّاً قُلَّبِيّاً إِن نجا من عذاب الله، بياء النسبة للمبالغة. وفي حديث الرجلين اللذيْن ادَّعى أَحدُهما على الآخر: فكان حُوَّلاً قُلَّباً. واحْتَال: من الحِيلة، وما أَحْوَله وأَحْيَله من الحِيلة، وهو أَحْوَل منك وأَحْيَل معاقبة، وإِنه لذو حِيلة.
والمَحالة: الحِيلة نفسها. ويقال: تَحَوَّل الرجلُ واحْتال إذا طلب الحِيلة. ومن أَمثالهم: من كان ذا حِيلة تَحَوَّل. ويقال: هو أَحْوَل من ذِئْب، ومن الحِيلة. وهو أَحْوَل من أَبي بَراقش: وهو طائر يَتَلَوَّن أَلواناً، وأَحْوَل من أَبي قَلَمون: ثوب يتلوَّن أَلواناً. الكسائي: سمعتهم يفولون هو رجل لا حُولة له، يريدون لا حِيلة له؛ وأَنشد:
له حُولَةٌ في كـل أَمـر أَراغَـه |
|
يُقَضِّي بها الأَمر الذي كاد صاحبه |
والمَحالة: الحِيلة. يقال: المرء يَعْجِزُ لا المَحالة؛ وأَنشد ابن بري لأَبي دُواد يعاتب امرأَته في سَماحته بماله:
حاوَلْت حين صَرَمْتِنـي |
|
والمَرْءُ يَعْجِز لا المَحاله |
والدَّهْر يَلْعَب بالفـتـى |
|
والدَّهْر أَرْوَغُ من ثُعاله |
والمَرْءُ يَكْسِـب مـالَـه |
|
بالشُّحِّ يُورِثُه الكَـلالـه |
وقولهم: لا مَحالة من ذلك أَي لا بُدَّ، ولا مَحالة أَي لا بُدَّ؛ يقال: الموت آت لا مَحالة. التهذيب: ويقولون في موضع لا بُدَّ لا مَحالة؛ قال النابغة:
وأَنت بأَمْرٍ لا مَحالة واقع |
والمُحال من الكلام: ما عُدِل به عن وجهه. وحَوَّله: جَعَله مُحالاً.
وأَحال: أَتى بمُحال. ورجل مِحْوال: كثيرُ مُحال الكلام. وكلام مُسْتَحيل: مُحال. ويقال: أَحَلْت الكلام أُحِيله إِحالة إذا أَفسدته. وروى ابن شميل عن الخليل بن أَحمد أَنه قال: المُحال الكلام لغير شيء، والمستقيم كلامٌ لشيء، والغَلَط كلام لشيء لم تُرِدْه، واللَّغْو كلام لشيء ليس من شأْنك، والكذب كلام لشيء تَغُرُّ به. وأَحالَ الرَّجُلُ: أَتَى بالمُحال وتَكَلَّم به.
وهو حَوْلَهُ وحَوْلَيْه وحَوالَيْه وحَوالَه ولا تقل حَوالِيه، بكسر اللام. التهذيب: والحَوْل اسم يجمع الحَوالى يقال حَوالَي الدار كأَنها في الأَصل حوالى، كقولك ذو مال وأُولو مال. قال الأَزهري: يقال رأَيت الناس حَوالَه وحَوالَيْه وحَوْلَه وحَوْلَيْه، فحَوالَه وُحْدانُ حَوالَيْه، وأَما حَوْلَيْه فهي تثنية حَوْلَه؛ قال الراجز:
ماءٌ رواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيَه |
|
هذا مَقامٌ لك حَتَّى تِيبِيَه |
ومِثْلُ قولهم: حَوالَيْك دَوالَيْك وحَجازَيْك وحَنانَيْك؛ قال ابن بري: وشاهد حَوالَهُ قول الراجز:
أَهَدَمُوا بَيْتَك؟ لا أَبا لكـا |
|
وأَنا أَمْشي الدَّأَلى حَوالَكا |
وفي حديث الاستسقاء: اللهم حَوالَيْنا ولا علينا؛ يريد اللهم أَنْزِل الغيثَ علينا في مواضع النبات لا في مواضع الأَبنية، من قولهم رأَيت الناس حَوالَيْه أَي مُطِيفِينَ به من جوانبه؛ وأَما قول امريء القيس:
أَلَسْتَ ترى السُّمَّار والناس أَحْوالي |
فعَلى أَنه جَعَل كل جزء من الجِرْم المُحِيط بها حَوْلاً، ذَهَب إِلى المُبالغة بذلك أَي أَنه لا مَكان حَوْلَها إِلا وهو مشغول بالسُّمَّار، فذلك أَذْهَبُ في تَعَذُّرِها عليه. واحْتَوَله القومُ: احْتَوَشُوا حَوالَيْه. وحاوَل الشيءَ مُحاولة وحِوالاً: رامه؛ قال رؤبة:
حِوالَ حَمْدٍ وائْتِجارَ والمؤتَجِر |
والاحْتِيالُ والمُحاولَة: مطالبتك الشيءَ بالحِيَل. وكل من رام أَمراً بالحِيَل فقد حاوَله؛ قال لبيد:
أَلا تَسْأَلانِ المرءَ مـاذا يُحـاوِلُ |
|
أَنَحْبٌ فَيْقضي أَم ضَلالٌ وباطِلُ؟ |
الليث: الحِوال المُحاوَلة. حاوَلته حِوالاً ومُحاولة أَي طالبته بالحِيلة. والحِوال: كلُّ شيء حال بين اثنين، يقال هذا حِوال بينهما أَي حائل بينهما كالحاجز والحِجاز. أَبو زيد: حُلْتُ بينه وبين الشَّرِّ أَحُول أَشَدَّ الحول والمَحالة. قال الليث: يقال حالَ الشيءُ بين الشيئين يَحُول حَوْلاً وتَحْوِيلاً أَي حَجَز. ويقال: حُلْتَ بينه وبين ما يريد حَوْلاً وحُؤولاً. ابن سيده: وكل ما حَجَز بين اثنين فقد حال بينهما حَوْلاً، واسم ذلك الشيء الحِوال، والحَوَل كالحِوال. وحَوالُ الدهرِ: تَغَيُّرُه وصَرْفُه؛ قال مَعْقِل بن خويلد الهذلي:
أَلا مِنْ حَوالِ الدهر أَصبحتُ ثاوياً |
|
أُسامُ النِّكاحَ في خِزانةِ مَـرْثَـد |
التهذيب: ويقال إِن هذا لمن حُولة الدهر وحُوَلاء الدهر وحَوَلانِ الدهر وحِوَل الدهر؛ وأَنشد:
ومن حِوَل الأَيَّام والدهر أَنـه |
|
حَصِين، يُحَيَّا بالسلام ويُحْجَب |
وروى الأَزهري بإِسناده عن الفرّاء قال: سمعت أَعرابيّاً من بني سليم ينشد:
فإِنَّها حِيَلُ الشيطان يَحْتَئِل |
قال: وغيره من بني سليم يقول يَحْتال، بلا همز؛ قال: وأَنشدني بعضهم:
يا دارَ ميّ، بِدكـادِيكِ الـبُـرَق |
|
سَقْياً، وإِنْ هَيَّجْتِ شَوْقَ المُشْتَئق |
قال: وغيره يقول المُشْتاق. وتَحَوَّل عن الشيء: زال عنه إِلى غيره.
أَبو زيد: حالَ الرجلُ يَحُول مثل تَحَوَّل من موضع إِلى موضع. الجوهري: حال إِلى مكان آخر أَي تَحَوَّل. وحال الشيءُ نفسُه يَحُول حَوْلاً بمعنيين: يكون تَغَيُّراً، ويكون تَحَوُّلاً؛ وقال النابغة:
ولا يَحُول عَطاءُ اليومِ دُونَ غَد |
أَي لا يَحُول عَطاءُ اليوم دُونَ عطاء غَد. وحالَ فلان عن العَهْد يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال؛ وقول النابغة الجعدي أَنشده ابن سيده:
أَكَظَّكَ آبائي فَحَوَّلْتَ عنـهـم |
|
وقلت له: با ابْنَ الحيالى تحوَّلا |
قال: يجوز أَن يستعمل فيه حَوَّلْت مكان تَحَوَّلت، ويجوز أَن يريد حَوَّلْت رَحْلَك فحذف المفعول، قال: وهذا كثير. وحَوَّله إِليه: أَزاله، والاسم الحِوَل والحَوِيل؛ وأَنشد اللحياني:
أُخِذَت حَمُولُته فأَصْبَح ثـاوِياً |
|
لا يستطيع عن الدِّيار حَوِيلا |
التهذيب: والحِوَل يَجْري مَجْرى التَّحْويل، يقال: حوّلُوا عنها تَحْويلاً وحِوَلاً. قال الأَزهري: والتحويل مصدر حقيقي من حَوَّلْت، والحِوَل اسم يقوم مقام المصدر؛ قال الله عز وجل: لا يَبْغُون عنها حِوَلاً؛ أَي تَحْوِيلاً، وقال الزجاج: لا يريدون عنها تَحَوُّلاً. يقال: قد حال من مكانه حِوَلاً، وكما قالوا في المصادر صَغُر صِغْراً، وعادَني حُبُّها عِوَداً. قال: وقد قيل إِن الحِوَل الحِيلة، فيكون على هذا المعنى لا يَحْتالون مَنْزِلاً غيرها، قال: وقرئ قوله عز وجل: دِيناً قِيَماً، ولم يقل قِوَماً مثل قوله لا يَبْغُون عنها حِوَلاً، لأَن قِيَماً من قولك قام قِيَماً، كأَنه بني على قَوَم أَو قَوُم، فلما اعْتَلَّ فصار قام اعتل قِيَم، وأَما حِوَل فكأَنه هو على أَنه جارٍ على غير فعل. وحالَ الشيءُ حَوْلاً وحُؤولاً وأَحال؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، كلاهما: تَحَوَّل. وفي الحديث: من أَحالَ دخل الجنة؛ يريد من أَسلم لأَنه تَحَوَّل من الكفر عما كان يعبد إِلى الإِسلام. الأَزهري: حالَ الشخصُ يَحُول إذا تَحَوَّل، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله. وفي حديث خيبر: فَحالوا إِلى الحِصْن أَي تَحَوَّلوا، ويروى أَحالوا أَي أَقبلوا عليه هاربين، وهو من التَّحَوُّل. وفي الحديث: إذا ثُوِّب بالصلاة أَحال الشيطانُ له ضُراط أَي تَحَوَّل من موضعه، وقيل: هو بمعنى طَفِق وأَخَذَ وتَهَيَّأَ لفعله. وفي الحديث: فاحْتالَتْهم الشياطين أَي نَقَلَتْهم من حال إِلى حال؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، والمشهور بالجيم وقد تقدم. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فاسْتَحالَتْ غَرْباً أَي تَحَوَّلَتْ دَلْواً عظيمة.والحَوالة: تحويل ماء من نهر إِلى نهر، والحائل: المتغير اللون. يقال: رماد حائل ونَبات حائل. ورَجُل حائل اللون إذا كان أَسود متغيراً. وفي حديث ابن أَبي لَيْلى: أُحِيلَت الصلاة ثلاثة أَحْوال أَي غُيِّرت ثلاث تغييرات أَو حُوِّلَت ثلاث تحويلات. وفي حديث قَباث بن أَشْيَم: رأَيت خَذْق الفِيل أَخضر مُحيِلاً أَي متغيراً. ومنه الحديث: نهى أَن يُسْتَنْجى بعَظْمٍ حائلٍ أَي متغير قد غَيَّره البِلى، وكلُّ متغير حائلٌ، فإِذا أَتت عليه السَّنَةُ فهو مُحِيل، كأَنه مأْخوذ من الحَوْل السَّنَةِ. وتَحوَّل كساءَه. جَعَل فيه شيئاً ثم حَمَله على ظهره، والاسم الحالُ. والحالُ أَيضاً: الشيءُ يَحْمِله الرجل على ظهره، ما كان وقد تَحَوَّل حالاً: حَمَلها. والحالُ: الكارَةُ التي يَحْمِلها الرجل على ظهره، يقال منه: تَحَوَّلْت حالاً؛ ويقال: تَحَوَّل الرجلُ إذا حَمَل الكارَة على ظَهْره. يقال: تَحَوَّلْت حالاً على ظهري إذا حَمَلْت كارَة من ثياب وغيرها. وتحوَّل أَيضاً أَي احْتال من الحيلة. وتَحَوَّل: تنقل من موضع إِلى موضع آخر. والتَّحَوُّل: التَّنَقُّل من موضع إِلى موضع، والاسم الحِوَل؛ ومنه قوله تعالى: خالدين فيها لا يبغون عنها حِوَلاً. والحال: الدَّرَّاجة التي يُدَرَّج عليها الصَّبيُّ إذا مشَى وهي العَجَلة التي يَدِبُّ عليها الصبي؛ قال عبد الرحمن بن حَسَّان الأَنصاري:
ما زال يَنْمِي جَدُّه صاعِداً |
|
مُنْذُ لَدُنْ فارَقه الحَـالُ |
يريد: ما زال يَعْلو جَدُّه ويَنْمِي مُنْذُ فُطِم. والحائل: كُلُّ شيء تَحَرَّك في مكانه. وقد حالَ يَحُول.
واسْتحال الشَّخْصَ: نظر إِليه هل يَتَحرَّك، وكذلك النَّخْل. واسْتحال واستحام لَمَّا أَحالَه أَي صار مُحالاً. وفي حديث طَهْفَة: ونَسْتَحِيل الجَهام أَي ننظر إِليه هل يتحرك أَم لا، وهو نَسْتَفْعِل من حالَ يَحُول إذا تَحَرَّك، وقيل: معناه نَطْلُب حال مَطَره، وقيل بالجيم، وقد تقدم.
الأَزهري: سمعت المنذري يقول: سمعت أَبا الهيثم يقول عن تفسير قوله لا حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله قال: الحَوْل الحَركة، تقول: حالَ الشخصُ إذا تحرّك، وكذلك كل مُتَحَوِّل عن حاله، فكأَنَّ القائل إذا قال لا حَوْلَ ولا قُوَّة إِلاَّ بالله يقول: لا حَركة ولا استطاعة إِلا بمشيئة الله.
الكسائي: يقال لا حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله ولا حَيْلَ ولا قُوَّة إِلا بالله، وورد ذلك في الحديث: لا حَوْلَ ولا قوة إِلا بالله، وفُسِّر بذلك المعنى: لا حركة ولا قُوَّة إِلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: الحَوْل الحِيلة، قال ابن الأَثير: والأَول أَشبه؛ ومنه الحديث: اللهم بك أَصُول وبك أَحُول أَي أَتحرك، وقيل أَحتال، وقيل أَدفع وأَمنع، من حالَ بين الشيئين إذا منع أَحدهما من الآخر. وفي حديث آخر: بك أُصاوِل وبك أُحاوِل، هو من المُفاعلة، وقيل: المُحاولة طلب الشيء بحِيلة. وناقة حائل: حُمِل عليها فلم تَلْقَح، وقيل: هي الناقة التي لم تَحْمِل سنة أَو سنتين أَو سَنَوات، وكذلك كل حامل يَنْقَطِع عنها الحَمْل سنة أَو سنوات حتى تَحْمِل، والجمع حِيال وحُولٌ وحُوَّلٌ وحُولَلٌ؛ الأَخيرة اسم للجمع. وحائلُ حُولٍ وأَحْوال وحُولَلٍ أَي حائل أَعوام؛ وقيل: هو على المبالغة كقولك رَجُلُ رِجالٍ، وقيل: إذا حُمِل عليها سنة فلم تَلقَح فهي حائل، فإِن لم تَحمِل سنتين فهي حائلُ حُولٍ وحُولَلٍ؛ ولَقِحَتْ على حُولٍ وحُولَلٍ، وقد حالَتْ حُؤُولاً وحِيالاً وأَحالت وحَوَّلَت وهي مُحَوِّل، وقيل: المُحَوِّل التي تُنْتَج سنة سَقْباً وسنة قَلوصاً. وامرأَة مُحِيل وناقة مُحِيل ومُحْوِل ومُحَوِّل إذا ولدت غلاماً على أَثر جارية أَو جارية على أَثر غلام، قال: ويقال لهذه العَكوم أَيضاً إذا حَمَلت عاماً ذكراً وعاماً أُنثى، والحائل: الأُنثى من أَولاد الإِبل ساعةَ تُوضَع، وشاة حائل ونخْلة حائل، وحالت النخلةُ: حَمَلَتْ عاماً ولم تَحْمِل آخر. الجوهري: الحائل الأُنثى من ولد الناقة لأَنه إذا نُتِج ووقع عليه اسم تذكير وتأْنيث فإِن الذكر سَقْب والأُنثى حائل، يقال: نُتِجت الناقةُ حائلاً حسنة؛ ويقال: لا أَفعل ذلك ما أَرْزَمَت أُمُّ حائل، ويقال لولد الناقة ساعةَ تُلْقيه من بطنها إذا كانت أُنثى حائل، وأُمُّها أُمُّ حائل؛ قال:
فتلك التي لا يبرَحُ القلبَ حُبُّهـا |
|
ولا ذِكْرُها، ما أَرْزَمَتْ أُمُّ حائل |
والجمع حُوَّل وحَوائل. وأَحال الرجلُ إذا حالت إِبلُه فلم تَحْمِل.
وأَحال فلانٌ إِبلَه العامَ إذا لم يُصِبْها الفَحْل. والناس مُحِيلون إذا حالت إِبِلُهم. قال أَبو عبيدة: لكل ذي إِبِل كَفْأَتان أَي قِطْعتان يقطعهما قِطْعَتين، فَتُنْتَج قِطْعَةٌ منها عاماً، وتَحُول القِطْعَةُ الأُخرى فيُراوح بينهما في النَّتاج، فإِذا كان العام المقبل نَتَج القِطْعةَ التي حالت، فكُلُّ قطعة نتَجها فهي كَفْأَة، لأَنها تَهْلِك إِن نَتَجها كل عام. وحالت الناقةُ والفرسُ والنخلةُ والمرأَةُ والشاةُ وغيرُهنَّ إذا لم تَحْمِل؛ وناقة حائل ونوق حَوائل وحُولٌ وحُولَلٌ. وفي الحديث: أَعوذ بك من شر كل مُلْقِح ومُحِيل؛ المُحِيل: الذي لا يولد له، من قولهم حالت الناقةُ وأَحالت إذا حَمَلْت عليها عاماً ولم تحْمِل عاماً. وأَحال الرجلُ إِبِلَه العام إذا لم يُضْرِبها الفَحْلَ؛ ومنه حديث أُم مَعْبَد: والشاء عازب حِيال أَي غير حَواملَ. والحُول، بالضم: الحِيَال؛ قال الشاعر:
لَقِحْن على حُولٍ، وصادَفْنَ سَلْوَةً |
|
من العَيْش، حتى كلُّهُنَّ مُمَتَّـع |
ويروى مُمَنَّع، بالنون. الأَصمعي: حالت الناقةُ فهي تَحُول حِيالاً إذا ضَرَبها الفحلُ ولم تَحْمِل؛ وناقة حائلة ونوق حِيال وحُول وقد حالَت حَوالاً وحُؤُولاً والحالُ: كِينَةُ الإنسان وهو ما كان عليه من خير أَو شر، يُذَكَّر ويُؤَنَّث، والجمع أَحوال وأَحْوِلة؛ الأَخيرة عن اللحياني. قال ابن سيده: وهي شاذة لأَن وزن حال فَعَلٌ، وفَعَلٌ لا يُكَسَّر على أَفْعِلة.
اللحياني: يقال حالُ فلان حسَنة وحسَنٌ، والواحدة حالةٌ، يقال: هو بحالة سوءٍ، فمن ذَكَّر الحال جمعه أَحوالاً، ومن أَنَّثَها جَمعَه حالات. الجوهري: الحالة واحدة حالِ الإِنسان وأَحْوالِه. وتحَوَّله بالنصيحة والوَصِيَّة والموعظة: توَخَّى الحالَ التي يَنْشَط فيها لقبول ذلك منه، وكذلك روى أَبو عمرو الحديث: وكان رسول الله،صلى الله عليه وسلم، يَتَحَوَّلُنا بالموعظة، بالحاء غير معجمة، قال: وهو الصواب وفسره بما تقدم وهي الحالة أَيضاً.
وحالاتُ الدهر وأَحْوالُه: صُروفُه. والحالُ: الوقت الذي أَنت فيه.
وأَحالَ الغَريمَ: زَجَّاه عنه إِلى غريم آخر، والاسم الحَوالة. اللحياني: يقال للرجل إذا تحَوَّل من مكان إِلى مكان أَو تحَوَّل على رجل بدراهم: حالَ، وهو يَحُول حَوْلاً. ويقال: أَحَلْت فلاناً على فلان بدراهم أُحِيلُه إِحالةً وإِحالاً، فإِذا ذَكَرْت فِعْلَ الرجل قلت حالَ يَحُول حَوْلاً. واحْتال احْتِيالاً إذا تَحَوَّل هو من ذات نَفْسِه. الليث: الحَوالة إِحالَتُك غريماً وتحَوُّل ماءٍ من نهر إِلى نهر. قال أَبو منصور: يقال أَحَلْت فلاناً بما لهُ عليَّ، وهو كذا درهماً، على رجل آخر لي عليه كذا درهماً أُحِيلُه إِحالةً، فاحْتال بها عليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: وإِذا أُحِيل أَحدكم على آخر فَلْيَحْتَلْ. قال أَبو سعيد: يقال للذي يُحال عليه بالحق حَيِّلٌ، والذي يَقْبَل الحَوالةَ حَيِّل، وهما الحَيِّلانِ كما يقال البَيِّعان، وأَحالَ عليه بدَيْنِه والاسم الحَوالة.والحال: التراب اللَّيِّن الذي يقال له السَّهْلة. والحالُ: الطينُ الأَسود والحَمْأَةُ. وفي الحديث: أَن جبريل، عليه السلام، قال لما قال فرعون آمنت أَنه لا إِله إِلا الذي آمنت به بنو إِسرائيل: أَخَذْتُ من حال البحر فضَرَبْتُ به وجهه، وفي رواية: فحشَوْت به فمه. وفي التهذيب: أَن جبريل، عليه السلام، لما قال فرعون آمنت أَنه لا إِله إِلاَّ الذي آمنت به بنو إِسرائيل، أَخَذَ من حالِ البحر وطِينِه فأَلْقَمَه فاه؛ وقال الشاعر:
وكُنَّا إذا ما الضيفُ حَلَّ بأَرضِنـا |
|
سَفَكْنا دِماءَ البُدْن في تُرْبَة الحال |
وفي حديث الكوثر: حالُه المِسْكُ أَي طِينُه، وخَصَّ بعضهم بالحال الحَمْأَة دون سائر الطين الأَسود. والحالُ: اللَّبَنُ؛ عن كراع. والحال: الرَّماد الحارُّ. والحالُ: ورق السَّمُر يُخْبَط في ثوب ويُنْفَض، يقال: حالٌ من وَرَقٍ ونُفاض من ورق. وحالُ الرجلِ: امرأَته؛ قال الأَعلم:
إِذا أَذكرتَ حالَكَ غير عَصْر |
|
وأَفسد صُنْعَها فيك الوَجِيف |
غَيْرَ عَصْرٍ أَي غير وقت ذكرها؛ وأَنشد الأَزهري:
يا رُبَّ حالِ حَوْقَلٍ وَقَّاع |
|
تَرَكْتها مُدْنِيَةَ القِـنـاع |
والمَحالَةُ: مَنْجَنُونٌ يُسْتَقى عليها، والجمع مَحالٌ ومَحاوِل.
والمَحالة والمَحال: واسِطُ الظَّهْر، وقيل المَحال الفَقار، واحدته مَحالة، ويجوز أَن يكون فَعالة.
والحَوَلُ في العين: أَن يظهر البياض في مُؤْخِرها ويكون السواد من قِبَل الماقِ، وقيل: الحَوَل إِقْبال الحَدَقة على الأَنف، وقيل: هو ذَهاب حدقتها قِبَلَ مُؤْخِرها، وقيل: الحَوَل أَن تكون العين كأَنها تنظر إِلى الحِجاج، وقيل: هو أَن تميل الحدَقة إِلى اللَّحاظ، وقد حَوِلَت وحالَت تَحال واحْوَلَّت؛ وقول أَبي خراش:
إِذا ما كان كُسُّ القَوْمِ رُوقـاً |
|
وحالَتْ مُقْلَتا الرَّجُلِ البَصِير |
قيل: معناه انقلبت، وقال محمد بن حبيب: صار أَحْوَل، قال ابن جني: يجب من هذا تصحيح العين وأَن يقال حَوِلت كعَوِرَ وصَيِدَ، لأَن هذه الأَفعال في معنى ما لا يخرج إِلا على الصحة، وهو احْوَلَّ واعْوَرَّ واصْيدَّ، فعلى قول محمد ينبغي أَن يكون حالَت شاذّاً كما شذ اجْتارُوا في معنى اجْتَوَرُوا. الليث: لغة تميم حالَت عَيْنُه تَحُول حولاً، وغيرهم يقول: حَوِلَت عَيْنُه تَحْوَل حَوَلاً. واحْوَلَّت أَيضاً، بتشديد اللام، وأَحْوَلْتُها أَنا؛ عن الكسائي. وجَمْع الأَحول حُولان. ويقال: ما أَقْبَحَ حَوْلَتَه، وقد حَوِلَ حَوَلاً قبيحاً، مصدر الأَحْوَلِ. ورجل أَحْوَل بَيِّن الحَوَل وحَوِلٌ: جاء على الأَصل لسلامة فعله، ولأَنهم شبَّهوا حَرَكة العين التابعة لها بحرف اللين التابع لها، فكأَن فَعِلاَ فَعِيل، فكما يصح نَحْوُ طَوِيل كذلك يصح حَوِلٌ من حيث شبهت فتحة العين بالأَلف من بعدها. وأَحالَ عينَه وأَحْوَلَها: صَيَّرها حَوْلاء، وإِذا كان الحَوَل يَحْدُث ويذهب قيل: احْوَلَّت عينُه احْوِلالاً واحْوالَّت احْوِيلالاً. والحُولة: العَجَب؛ قال:
ومن حُولِة الأَيَّام والدهر أَنَّنا |
|
لنا غَنَمٌ مقصورةٌ، ولنا بَقَر |
ويوصف به فيقال: جاء بأَمرٍ حُولة. والحِوَلاءُ والحُوَلاءُ من الناقة: كالمَشِيمة للمرأَة، وهي جِلْدةٌ ماؤها أَخضر تَخْرج مع الولد وفيها أَغراس وعروق وخطوط خُضْر وحُمْر، وقيل: تأْتي بعد الولد في السَّلى الأَول، وذلك أَول شيء يخرج منه، وقد تستعمل للمرأَة، وقيل: الحِوَلاء الماء الذي يخرج على رأْس الولد إذا وُلِد، وقال الخليل: ليس في الكلام فِعَلاء بالكسر ممدوداً إِلا حِوَلاء وعِنَباء وسِيَراء، وحكى ابن القُوطِيَّة خِيَلاء، لغة في خُيَلاء؛ حكاه ابن بري؛ وقيل: الحُوَلاء والحِوَلاء غِلاف أَخضر كأَنه دلو عظيمة مملوءة ماء وتَتَفَقَّأُ حين تقع إِلى الأَرض، ثم يخْرُج السَّلى فيه القُرْنتان، ثم يخرج بعد ذلك بيوم أَو يومين الصَّآة، ولا تَحْمِل حاملةٌ أَبداً ما كان في الرحم شيء من الصَّآة والقَذَر أَو تَخْلُصَ وتُنَقَّى. والحُوَلاء: الماء الذي في السَّلى. وقال ابن السكيت في الحُولاء: الجلدة التي تخرج على رأْس الولد، قال: سميت حُوَلاءَ لأَنها مشتملة على الولد؛ قال الشاعر:
على حُوَلاءَ يَطْفُو السُّخْدُ فيها |
|
فَراها الشَّيْذُمانُ عن الجَنِين |
ابن شميل: الحُوَلاء مُضَمَّنَة لما يخرج من جَوْف الولد وهو فيها، وهي أَعْقاؤه، الواحد عِقْيٌ، وهو شيء يخرج من دُبُره وهو في بطن أُمه بعضه أَسود وبعضه أَصفر وبعضه أَخضر. وقد عَقى الحُوارُ يَعْقي إذا نَتَجَتْه أُمُّه فما خَرَج من دُبُره عِقْيٌ حتى يأْكل الشجر. ونَزَلُوا في مثل حُوَلاء الناقة وفي مثل حُوَلاء السَّلى: يريدون بذلك الخِصْب والماء لأَن الحُوَلاء مَلأَى ماءً رِيّاً. ورأَيت أَرضاً مثل الحُوَلاء إذا اخضرَّت وأَظلمت خُضْرةً، وذلك حين يَتَفَقَّأُ بعضها وبعض لم يتفقأُ؛ قال:
بأَغَنَّ كالحُوَلاءِ زان جَنابَـه |
|
نَوْرُ الدَّكادِك، سُوقُه تَتَخَضَّد |
واحْوالَّت الأَرضُ إذا اخضرَّت واستوى نباتها. وفي حديث الأَحنف: إِن إِخواننا من أَهل الكوفة نزلوا في مثل حُوَلاء الناقة من ثِمارٍ مُتَهَدِّلة وأَنهار مُتَفَجِّرة أَي نزلوا في الخِصْب، تقول العرب: تركت أَرض بني فلان كحُوَلاء الناقة إذا بالغت في وصفها أَنها مُخْصِبة، وهي من الجُلَيْدة الرقيقة التي تخرج مع الولد كما تقدم.
والحِوَل: الأُخدود الذي تُغْرَس فيه النخل على صَفٍّ.
وأَحال عليه: اسْتَضْعَفه. وأَحال عليه بالسوط يضربه أَي أَقبل.
وأَحَلْتُ عليه بالكلام: أَقبلت عليه. وأَحال الذِّئبُ على الدم: أَقبل عليه؛ قال الفرزدق:
فكان كذِئْب السُّوءِ، لما رأَى دماً |
|
بصاحبه يوماً، أَحالَ على الدم |
أَي أَقبل عليه؛ وقال أَيضاً:
فَتىً ليس لابن العَمِّ كالذِّئبِ، إِن رأَى |
|
بصاحبه، يَوْماً، دَماً فهـو آكـلُـه |
وفي حديث الحجاج: مما أَحال على الوادي أَي ما أَقبل عليه، وفي حديث آخر: فجعلوا يضحكون ويُحِيل بعضهُم على بعض أَي يُقْبل عليه ويَمِيل إِليه.
وأَحَلْت الماء في الجَدْوَل: صَبَبْته؛ قال لبيد:
كأَنَّ دُموعَه غَرْبـا سُـنـاةٍ |
|
يُحِيلون السِّجال على السِّجال |
وأَحالَ عليه الماء: أُفْرَغَه؛ قال:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفـادِعُـه |
|
حَبْوَ الجَواري، تَرى في مائه نُطُقا |
أَبو الهيثم فيما أَكْتَبَ ابْنَه: يقال للقوم إذا أَمْحَلوا فَقَلَّ لبنُهم: حالَ صَبُوحهُم على غَبُوقِهم أَي صار صَبُوحهم وغَبُوقُهم واحداً. وحال: بمعنى انْصَبَّ. وحال الماءُ على الأَرض يَحُول عليها حوْلاً وأَحَلْتُه أَنا عليها أُحِيله إِحالة أَي صَبَبْتُه. وأَحال الماءَ من الدلو أَي صَبَّه وقَلَبها؛ وأَنشد ابن بري لزهير:
يُحِيل في جَدْوَلٍ تَحْبُو ضَفادِعُه |
وأَحال الليلُ: انْصَبَّ على الأَرض وأَقبل؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة نخل: لا تَرْهَبُ الذِّئبَ على أَطْلائها، وإِن أَحالَ الليلُ مِنْ وَرائها يعني أَن النَّخل إِنما أَولادها الفُسْلان، والذئاب لا تأْكل الفَسِيل فهي لا تَرْهَبها عليها، وإِن انْصَبَّ الليل من ورائها وأَقبل. والحالُ: موضع اللِّبْد من ظَهْر الفرس، وقيل: هي طَرِيقة المَتْن؛ قال:
كأَنَّ غلامي، إِذ عَلا حالَ مَتْـنِـه |
|
على ظَهْرِ بازٍ في السماء، مُحَلِّق |
وقال امرؤ القيس:
كُمَيْت يَزِلُّ اللِّبْدُ عن حالِ مَتْنِه |
ابن الأَعرابي: الحالُ لَحْمُ المَتْنَيْن، والحَمْأَةُ والكارَةُ التي يَحْمِلها الحَمَّال، واللِّواء الذي يُعْقَد للأُمراء، وفيه ثلاث لغات: الخال، بالخاء المعجمة، وهو أَعْرَقُها، والحال والجَالُ. والحَالُ: لحم باطن فخذ حمار الوحش. والحال: حال الإِنسان. والحال: الثقل. والحال: مَرْأَة الرَّجُل. والحال: العَجَلة التي يُعَلَّم عليها الصبي المشي؛ قال ابن بري: وهذه أَبيات تجمع معاني الحال:
يا لَيْتَ شِعْرِيَ هل أُكْسَى شِعارَ تُقىً |
|
والشَّعْرُ يَبْيَضُّ حالاً بَعْدَمـا حـال |
أَي شيئاً بعد شيء.
فكلما ابْيَضَّ شَعْرِي، فالسَّوادُ إِلى |
|
نفسي تميل، فَنَفْسِي بالهوى حالي |
حالٍ: من الحَلْيِ، حَلِيتُ فأَنا حالٍ.
ليست تَسُودُ غَداً سُودُ النفوس فكَمْ |
|
أَغْدُو مُضَيّع نورٍ عامِرَ الحـال |
الحال هنا: التراب.
تَدُورُ دارُ الدُّنى بالنفس تَنْقُلُـهـا |
|
عن حالها، كصَبيٍّ راكبِ الحال |
الحالُ هنا: العَجَلة.
فالمرءُ يُبْعَث يوم الحَشْرِ من جَدَثٍ |
|
بما جَنى، وعلى ما فات من حال |
الحال هنا: مَذْهَب خير أَو شر.
لو كنتُ أَعْقِلُ حالي عَقْلَ ذي نَظَر |
|
لكنت مشتغلاً بالوقت والـحـال |
الحال هنا: الساعة التي أَنت فيها.
لكِنَّني بلذيذ العيش مُغْتَبِـطٌ |
|
كأَنما هو شَهْدٌ شِيب بالحال |
الحال هنا: اللَّبَن؛ حكاه كراع فيما حكاه ابن سيده
ماذا المُحالُ الذي ما زِلْتُ أَعْشَقُه |
|
ضَيَّعْت عَقْلي فلم أُصْلِح به حالي |
حال الرجل: امرأَته وهي عبارة عن النفس هنا.
رَكِبْت للذَّنْب طِرْفاً ما له طَرَفٌ، |
|
فيا لِراكبِ طِرْفٍ سَيِّء الحال، |
حالُ الفَرَس: طرائق ظَهْره، وقيل مَتْنُه.
يا رَبِّ غَفْراً يَهُدُّ الذنب أَجْمَعَه |
|
حَتَّى يَجِزَّ من الآراب كالحال |
الحال هنا: وَرَق الشجر يَسْقُط. الأَصمعي: يقال ما أَحْسَنَ حالَ مَتْنِ الفَرَس وهو موضع اللِّبْد، والحال: لَحْمة المَتْن.
الأَصمعي: حُلْت في مَتْن الفرس أَحُول حُؤُولاً إذا رَكِبْتَه، وفي الصحاح: حال في مَتْنِ فرسه حُؤولاً إذا وَثَبَ ورَكِب. وحال عن ظَهْر دابته يَحُول حَوْلاً وحُؤولاً أَي زال ومال. ابن سيده وغيره: حال في ظهر دابته حَوْلاً وأَحالَ وَثَب واستوى على ظَهْرها، وكلام العرب حالَ على ظهره وأَحال في ظهره. ويقال: حالُ مَتْنِه وحاذُ مَتْنِه وهو الظَّهْر بعينه. الجوهري: أَحال في مَتْن فرسه مثل حال أَي وَثَب؛ وفي المثل:
تَجَنَّب رَوْضَةً وأَحال يَعْدُو |
أَي تَرَكَ الخِصْبَ واختار عليه الشَّقاء. ويقال: إِنه لَيَحُول أَي يجيء ويذهب وهو الجَوَلان. وحَوَّلَتِ المَجَرَّةُ: صارت شدّة الحَرّ في وسط السماء؛ قال ذو الرمة:
وشُعْثٍ يَشُجُّون الفلا في رؤوسه |
|
إِذا حَوَّلَتْ أُمُّ النجوم الشَّوابـك |
قال أَبو منصور: وحَوَّلت بمعنى تَحَوَّلت، ومثله وَلَّى بمعنى تَولَّى.
وأَرض مُحْتالة إذا لم يصبها المطر.
وما أَحْسَن حَوِيلَه، قال الأَصمعي: أَي ما أَحسن مذهبه الذي يريد.
ويقال: ما أَضعف حَوْلَه وحَوِيلَه وحِيلته، والحِيال: خيط يُشدُّ من بِطان البعير إِلى حَقَبه لئلا يقع الحَقَب على ثِيلِه. وهذا حِيالَ كلمتك أَي مقابلَةَ كلمتك؛ عن ابن الأَعرابي ينصبه على الظرف، ولو رفعه على المبتدإِ والخبر لجاز، ولكن كذا رواه عن العرب؛ حكاه ابن سيده. وقعد حِيالَه وبحِياله أَي بإِزائه، وأَصله الواو.
والحَوِيل: الشاهد. والحَوِيل: الكفِيل، والاسم الحَوَالة. واحْتال عليه بالدَّين: من الحَوَالة. وحَاوَلْت الشيء أَي أَردته، والاسم الحَوِيل؛ قال الكميت:
وذاتِ اسْمَيْن والأَلوانُ شَتَّى |
|
تُحَمَّق، وهي كَيِّسة الحَوِيل |
قال: يعني الرَّخَمَة. وحَوَّله فَتَحَوَّل وحَوَّل أَيضاً بنفسه، يتعدّى ولا يتعدّى؛ قال ذو الرمة يصف الحرباء:
يَظَلُّ بها الحِرْباء للشمس مائلاً |
|
على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّـر |
إِذا حَوَّل الظِّلُّ، العَشِـيَّ، رأَيتـه |
|
حَنِيفاً، وفي قَرْن الضُّحى يَتَنَصَّر |
يعني تَحَوَّل، هذا إذا رفعت الظل على أَنه الفاعل، وفتحت العشي على الظرف، ويروى: الظِّلَّ العَشِيُّ على أَن يكون العَشِيّ هو الفاعل والظل مفعول به؛ قال ابن بري: يقول إذا حَوَّل الظل العشيّ وذلك عند ميل الشمس إِلى جهة المغرب صار الحرباء متوجهاً للقبلة، فهو حَنِيف، فإِذا كان في أَوَّل النهار فهو متوجه للشرق لأَن الشمس تكون في جهة المشرق فيصير مُتَنَصِّراً، لأَن النصارى تتوجه في صلاتها جهة المشرق. واحْتال المنزلُ: مَرَّت عليه أَحوال؛ قال ذو الرمة:
فَيَا لَكِ من دار تَحَمَّل أَهـلُـهـا |
|
أَيادي سَبَا، بَعْدِي، وطال احْتِيالُها |
واحتال أَيضاً: تغير؛ قال النمر:
مَيْثاء جاد عليها وابلٌ هَطِـلٌ |
|
فأَمْرَعَتْ لاحتيالٍ فَرْطَ أَعوام |
وحاوَلْت له بصري إذا حَدَّدته نحوه ورميته به؛ عن اللحياني. وحالَ لونُه أَي تغير واسْوَدَّ. وأَحالت الدارُ وأَحْوَلت: أَتى عليها حَوْلٌ، وكذلك الطعام وغيره، فهو مُحِيل؛ قال الكميت:
أَلَم تُلْمِم على الطَّلَل المُحِيل |
|
بفَيْدَ، وما بُكاؤك بالطُّلول؟ |
والمُحِيل: الذي أَتت عليه أَحوال وغَيَّرته، وَبَّخَ نفسه على الوقوف والبكاء في دار قد ارتحل عنها أَهلها متذكراً أَيَّامهم مع كونه أَشْيَبَ غير شابٍّ؛ وذلك في البيت بعده وهو: أَأَشْيَبُ كالوُلَيِّد، رَسْمَ دار تُسائل ما أَصَمَّ عن السَّؤُول؟ أَي أَتسأَل أَشْيَبُ أَي وأَنت أَشيب وتُسائل ما أَصَمَّ أَي تُسائل ما لا يجيب فكأَنه أَصَمّ؛ وأَنشد أَبو زيد لأَبي النجم: يا صاحِبَيَّ عَرِّجا قليلا، حتى نُحَيِّي الطَّلَل المُحِيلا وأَنشد ابن بري لعمر بن لَجَإٍ:
أَلم تُلْمِمْ على الطَّلَل المُحِيل |
|
بغَرْبِيِّ الأَبارق من حَقِيل؟ |
قال ابن بري: وشاهد المُحْوِل قول عمر بن أَبي ربيعة:
قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُـحْـوِلا |
|
والرَّسْمَ من أَسماءَ والمَنْزِلا، |
بجانب البَوْباةِ لم يَعْفُه تَقادُمُ العَهْدِ، بأَن يُؤْهَلا قال: تقديره قِفا نُحَيِّي الطَّلَل المُحْوِل بأَن يُؤْهَل، من أَهَله الله؛ وقال الأَخوص:
أَلْمِمْ على طَلَلٍ تَقادَمَ مُحْوِلِ |
وقال امرؤ القيس:
من القاصرات الطَّرْف لو دَبَّ مُحْوِلٌ |
|
من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منهـا، لأَثّـرا |
أَبو زيد: فلان على حَوْل فلان إذا كان مثله في السِّن أَو وُلِد على أَثره. وحالت القوسُ واستحالت، بمعنى، أَي انقلبت عن حالها التي غُمِزَت عليها وحَصَل في قابِها اعوجاج.
وحَوَال: اسم موضع؛ قال خِراش بن زهير:
فإِني دليل، غير مُعْـط إِتـاوَةً |
|
على نَعَمٍ تَرْعى حَوالاً وأَجْرَبا |
الأَزهري في الخماسي: الحَوَلْولة الكَيِّسة، وهو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرير بعض حروفها. وبنو حَوالة: بطن. وبنو مُحَوَّلة: هم بنو عبدالله بن غَطَفان وكان اسمه عبد العُزَّى فسماه سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عبدالله فسُمُّوا بني مُحَوَّلة لذلك. وحَوِيل: اسم موضع؛ قال النابغة الجعدي:
تَحُلُّ بأَطراف الوِحاف ودُونـهـا |
|
حَوِيل، فريطات، فرَعْم، فأَخْرَب |
الحَوْمُ: القَطيع الضخمُ من الإِبل أَكثرُه إِلى الأَلف؛ قال رؤبة:
ونَعَماً حَوْماً بها مُؤَبَّلا |
وقيل: هي الإِبل الكثيرة من غير أَن يُحَدَّ عددُها. وحَوْمةُ كل شيء: معظمه كالبحر والحوض والرمل. والحَوْمةُ: أَكثر موضع في البحر ماءً وأَغْمَرُه، وكذلك في الحوض. وحَوْمَةُ القتال: معظمه وأَشدُّ موضعٍ فيه، وكذلك من الرمل والماء وغيره؛ وأَنشد ابن بري لرؤبة:
حتى إذا كَرَعْنَ في الحَوْمِ المَهَقْ |
وحَوْمةُ الماء: غَمْرَتُهُ؛ عن اللحياني. والحَوَمانُ: دَومانُ الطائر يُدَوِّم ويَحُومُ حول الماء. وفي حديث ابن عمر: ما وَليَ أَحدٌ إِلاَّ حامَ على قرابته أَي عطف كفعل الحائم على الماء، ويروى حامى. وحامَ الطائرُ على الشيء حَوْماً وحَوَماناً: دَوَّمَ. والطائرُ يَحُومُ حول الماء ويَلُوبُ إذا كان يدور حوله من العطش. الجوهري: حامَ الطائر وغيره حول الشيء يَحُومُ حَوْماً وحَوَماناً أَي دار. وفي حديث الاستسقاء: اللهم ارْحَمْ بهائمَنا الحائمةَ؛ هي التي تحوم حول الماء أَي تطوف فلا تجد ماءً تَرِدُهُ، وحامَتِ الإِبلُ حول الماء حَوْماً كذلك. وكلُّ من رامَ أَمْراً فقد حامَ عليه حَوْماً وحِياماً وحُؤُوماً وحَوَماناً. والحَومُ: اسم للجمع، وقيل: جمع. وكلُّ عطشان حائمٌ. وإِبل حَوائم وحُوَّمٌ: عطاش جِدّاً؛ الأَصمعي: الحوَّمُ من الإِبل العِطاش التي تَحومُ حول الماء؛ وقال الأَصمعي في قول عَلْقَمة بن عَبدَةَ:
كأْسٌ عزيز من الأَعْناب عَتَّقَها، |
|
لبَعْضِ أَربابها، حانِـيَّةٌ حُـومُ |
قال: الحُومُ الكثيرة، وقال خالد بن كلثوم الحُومُ التي تَحُومُ في الرأْس أَي تدور، والمُعَتَّقة: التي طال مُكْثُها.
وهامَةٌ حائِمةٌ: عَطْشى، وفي التهذيب: قد عَطِشَ دِماغُها.
والحَوْمانةُ: مكان غليظٌ منْقادٌ، وجمعه حَوْمان وحَوامِينُ. وقال أَبو حنيفة: الحَومْانُ من السهل ما أَنبت العَرْفَجَ، وقرئ بخط شَمرٍ لأَبي خَيْرَةَ قال: الحَوْمانُ واحدتها حَوْمانةٌ شقائق بين الجبال، وهي أَطيب الحُزُونة، ولكنها جَلَدٌ ليس فيها إِكام ولا أَبارقُ. وقال أَبو عمرو: ما كان فوق الرمل ودونه حين تَصْعَدُه أَو تَهْبِطُهُ. وفي حديث وَفْد مَذْحِج: كأَنها أَخاشِبُ بالحَوْمان أَي الأَرض الغليظة المنقادة.
والحَوْمانُ: نبات بالبادية، واحدته حَوْمانةٌ؛ قال أَبو منصور: لم أَسمع الحَوْمان في أَسماء النبات لغير الليث؛ قال: وأَظنه وَهَماً.
وحَامٌ: أَحدُ أَولاد نبيّ الله نوح، عليه السلام، وهو أَبو السُّودان؛ يقال: غلام حامِيٌّ وعَبْدٌ حامِيٌّ.
والحَوْمانُ: موضع؛ قال لبيد يصف ثَوْرَ وَحْشٍ:
وأَضحى يَقْتَرِي الحَوْمانَ فَرْداً |
|
كنَصْلِ السَّيف حُودِثَ بالصِّقالِ |
الأَزهري: وردتُ رَكِيَّة في جَوٍّ واسع يلي طَرَفاً من أَطراف الدَّوّ يقال لها رَكِيَّة الحَوْمانة، قال: ولا أَدري الحَوْمان فَوْعال مِن حَمَنَ، أَو فَعْلان من حام.
الحانةُ: موضعُ بَيْعِ الخَمْر؛ قال أَبو حنيفة: أَظُنُّها فارسية وأَن أَصلها خانة. والتَّحَوُّنُ: الذُّلُّ والهَلاكُ.