ذكر القاضي أبي القاسم بن سلمون

ومن الرواة القضاة، الشيخ الفقيه المحدث الفاضل أبو القاسم سلمون بن علي بن عبد الله بن علي بن سلمون الكناني البياسي الأصل، الغرناطي المولد والنشأة. ومن أهل بلنسية محمد بن أحمد بن سلمون، أحد أشياخ القاضي أبي العباس الغماز. وكان صاحبنا أبو القاسم هذا المذكور أولاً رحمه الله! فقيهاً جليلاً، فاضلاً، أصيلاً، بصيراً بعقد الشروط والأحكام. وله فيها تقييد مفيد. أخذ عن جملة من الشيوخ أولهم الأستاذ أبو جعفر بن الزبير. وأجازه من أهل المغرب والمشرق والأندلس عدد كثير يزيد على المائة، حسبما تضمنه برنامج روايته: منهم ابن الغماز البلنسي قاضي الجماعة بتونس بعد خروجه من الأندلس وهو أحمد بن محمد الخزرجي؛ والشيخ الراوية شرف الدين أبو محمد بن أحمد بن خلف الدمياطي صاحب دار الحديث بالبلاد المصرية في زمانه؛ ومنهم تاج الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الحسن الغرابي وغراب الذي ينسب إليها بلدة في أرض واسط؛ والشيخ الفقيه المعمر أبو علي منصور بن أحمد بن عبد الحق المشدالي، وقاضي القضاة بالديار المصرية زين الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن جماعة الكناني؛ وغيرهم. وكان هذا الشيخ أبو القاسم في قضائه موصوفاً بالفضل والعدل، مترفقاً بالضعفاء، متغاضياً عن زلات الفقهاء. تقدم بجهات شتى من الأندلس؛ ثم ولى قضاء الجماعة بحضرة غرناطة؛ فحمدت سيرته، وشكرت مداراته. وكان في نفسه هيناً، ليناً، آخذاً بمقتضى قول عيسى بن مسكين، القاضي بالقيروان أيام أبي الأغلب، وهو: قارب الناس في عقولهم، تسلم من غوائلهم! وفي تقلب الأحوال، علم جواهر الرجال! توفي رحمه الله! ليلة الإثنين الثالث عشر لجمادى الأولى عام 767. وولد بغرناطة في صفر عام 688. وعقبه لهذا العهد بحالة نباهة؛ من أولاده من هو مستول في خطة القضاء تولاهم الله، وخار لنا ولهم بمنّه وفضله!