ذكر القاضي أبي عبد الله المقري التلمساني

وقد تقدم الإلمام بطرف من التنبيه على الفقيه أبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المقري التلمساني، أحد قضاة بحضرة فاس أيام خلافة أبي عنان رحمه الله ومهدها! وكان هذا الفقيه رحمه الله! في غزارة الحفظ، وكثرة مادة العلم، عبرة من العبر، وآية من آيات الله الكبر؛ قلما تقع مسألة إلا ويأتي بجميع ما للناس فيها من الأقوال ويرجح ويعلل، ويستدرك ويكمل؛ قاضياً ماضياً، عدلاً جذلاً؛ قرأ ببلده على المدرس أبي موسى عمران المشدالي صهر أبي علي ناصر الدين، وعلى غيره؛ وقام بوظائف القضاء أجمل قيام. ثم إنه كره الحكم بين الناس، وتبرم من حمل أمانته، ورام الفرار عنه بنفسه؛ فتنشب في انتظامه، وتوجه عليه الإنكار من سلطانه. ثم إنه ترك، بعد عناء شديد، لشأنه. وقد سألته يوماً عن حالة بيتي أبي عمران بن عبد الرحمن، وهما:  

حالي مع الدهر في تقلبه

 

كطائر ضم رجله شرك

همته في فكاك مهجتـه

 

يروم تخليصها فتشتبـك

وتوفي رحمه الله! على إثر ذلك وهو محمود السيرة، مشكور الطريقة.