باب الخاء والألف، الباء

حرف الخاء

قال ابن كَيْسانَ: من الحروف المجْهُورُ والمهْمُوسُ، والمهموسُ عشرة: الهاء والحاء والخاء والكاف والشين والسين والتاء والصاد والثاء والفاء، ومعنى المهموس أَنه حرف لان في مخرجه دون المجهور وجرى معه النفس، فكان دون المجهور في رفع الصوت. وقال الخليل بن أَحمد: حروف العربية تسعة وعشرون حرفاً، منها خمسة وعشرون صِحاحٌ لها أَحياز ومَدارِجُ، فالخاءُ والغين في حيز واحد، والخاء من الحروف الحلقية، وقد ذكر ذلك في بابه أَول الكتاب.

باب الخاء والألف، الباء

خا

الخاء: حرف هجاء، وهو حرف مهموس يكون أَصلاً لا غير، وحكى سيبويه: خَيِّيْتُ خاء؛ قال ابن سيده: فإِذا كان هذا فهو من باب عَيَّيْت، قال: وهذا عندي من صاحب العين صَنْعة لا عَرَبِيَّة، وقد ذكر ذلك في علة الحاء.
قال سيبويه: الخاء وأَخواتُها من الثُّنائِية كالهاء والباء والتاء والطاء إذا تُهُجِّيَتْ مَقْصورَةٌ، لأَنها ليست بأَسماء، وإنما جاءت في التَّهَجِّي على الوقف، ويدلك على ذلك أَن القاف والدالَ والصادَ موقوفةُ الأَواخِر، فلولا أَنها على الوقف حُرِّكَتْ أَواخِرُهن، ونظير الوَقْفِ ههنا الحَذْفُ في الياء وأَخواتِها،وإذا أَردت أَن تَلْفِظ بحروف المُعجم قَصَرْتَ وأَسْكَنْتَ، لأَنك لست تريد أَن تجعلها أَسماء ولكنك أَردت أَن تُقَطِّع حروف الاسم فجاءت كأَنها أَصواتٌ تُصوِّت بها، إِلا أَنك تَقِفُ عندها لأَنها بمنزلة عِهْ، وإذا أَعربتها لزمك أَن تَمُدَّها، وذلك أَنها على حرفين الثاني منهما حرفُ لِين، والتَّنْوِينُ يُدْرِك الكلمة، فتَحْذِفُ الألف لالتقاء الساكنين فيلزمك أَن تقول: هذه حاً يا فتى، ورأَيت حاً حَسَنَةً، ونظرت إلى طاً حَسَنةٍ، فيبقى الاسم على حرف واحد، فإِن ابْتَدَأْتَه وجب أَن يكون متحركاً، وإن وقفت عليه وجب ان يكون ساكناً، فإن ابتدأْته ووقفت عليه جميعاً وجب أَن يكون ساكناً متحركاً في حال، وهذا ظاهر الاستحالة،فأَما ما حكاه أَحمد بن يحيى من قولهم: شربتُ ما، بقصر ماءٍ فحكاية شاذة لا نظير لها ولا يسُوغُ قياس غيرها عليها.
وخاء بِك: معناه اعْجَلْ. غيره: خاء بك علينا وخايِ لغتان أَي اعْجَلْ، وليست التاء للتأْنيث لأَنه صوت مبني على الكسر، ويستوي فيه الاثنان والجمع والمؤنث، فخاءِ بكما وخايِ بكما وخاءِ بكم وخايِ بكم؛ قال الكميت:

إذا ما شَحَطْنَ الحادِيَيْنِ سَمِعْتَـهـم

 

بَخايِ بِكَ الحَقْ، يَهّتِفُون، وحَيَّ هَلْ

 

والياء متحركة غير شديدة والأَلفُ ساكنةٌ، ويروى: بخاء بِكَ؛ وقال ابن سلمة: معناه خِبْت، وهو دعاء منه عليه، تقول: بخائبك أَي بأَمْرِك الذي خابَ وخَسِر؛ قال الجوهري: وهذ خلاف قول أَبي زيد كما ترى، وقيل القولُ الأَولُ. قال الأَزهري: قرأْت في كتاب النوادر لابن هانئ خايِ بِك علينا أَي اعْجَلْ علينا، غير موصول، قال: أَسْمَعَنِيه الإِيادي لشمر عن أَبي عبيد خايِبِكَ علينا، ووصل الياء بالباء في الكتاب، قال: والصواب ما كُتِب في كتاب ابن هانئ وخايِ بِكِ اعْجَلِي وخايِ بِكُنَّ اعْجَلْنَ، كل ذلك بلفظ واحد إلا الكاف فإِنك تُثَنِّيها وتجمعُها. والخُوّةُ: الأَرضُ الخاليةُ؛ ومنه قول بني تميم لأَبي العارِم الكِلابيّ وكان اسّتَرْشَدَهم فقالوا له: إنّ أَمامَكَ خُوَّةً من الأَرض وبها ذئب قد أَكل إنساناً أَو إنسانين في خبر له طويل.
وخَوٌّ: كثيب معروف بنجد. ويومُ خَوٍّ: يومٌ قَتل فيه ذُؤابُ بن ربيعة عُتَيْبَةَ بن الحَرِث بن شهاب.

خبأ

خَبَأَ الشيءَ يَخْبَؤُه خَبْأً: سَتَرَه، ومنه الخابِيةُ وهي الحُبُّ، أَصلها الهمزة، من خَبَأْتُ، إلاَّ أَن العرب تركت همزه؛ قال أَبو منصور: تركت العرب الهمز في أَخْبَيْتُ وخَبَّيْتُ وفي الخابيةِ لأَنها كثرت في كلامهم، فاستثقلوا الهمز فيها.
واخْتَبأَتْ: اسْتَتَرتْ. وجارية مُخْبَأَةٌ أَي مُسْتَتِرة؛ وقال الليث: امرأَة مُخَبَّأَةُ، وهي المُعْصِرُ قبل ان تَتَزَوَّج، وقيل: المُخَبَّأَةُ من الجَواري هي المُخَدَّرة التي لا بُروزَ لها؛ في حديث أَبي أُمامةَ: لم أَرَ كاليَوْمِ ولا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ. المُخَبَّأَة: الجاريةُ التي في خَدْرها لَم تَتَزَوَّج بعدُ لأَنَّ صِيانتها أَبلغ ممن قد تَزَوَّجَتْ. وامرأة خُبَأَةٌ مثل هُمَزة: تلزم بيتَها وتسْتَتِرُ. والخُبَأَةُ: المرأَةُ تَطَّلِعُ ثم تَخْتَبِئ؛ وقول الزِّبْرقان بن بدرٍ: إنّ أَبْغَض كَنائِنِي إليَّ الطُّلَعةُ الخُبَأَةُ: يعني التي تَطَّلِعُ ثم تَخْبأُ رأسها؛ ويروى: الطُّلَعةُ القُبَعةُ؛ وهي التي تَقْبَعُ رأْسها أَي تُدْخِله، وقيل: تَخْبَؤُه؛ والعرب تقول: خُبَأَةٌ خيرٌ من يَفَعة سَوْءٍ، أَي بنت تلزم البيت، تَخْبَؤُ نَفسها فيه، خير من غلام سَوْءٍ لا خير فيه. والخَبْءُ: ما خُبِئ، سُمِّيَ بالمصدر، وكذلك الخَبِيءُ، على فَعِيل؛ وفي التنزيل: الذي يُخْرِج الخَبْءَ في السموات والأَرضِ؛ الخَبْءُ الذي في السموات هو المطَر، والخَبْءُ الذي في الأَرض هو النَّبات، قال: والصحيح، واللّه أَعلم: أَنَّ الخَبْءَ كلُّ ما غاب، فيكون المعنى يعلم الغيبَ في السموات والأَرض، كما قال تعالى: ويَعلَم ما تُخْفُون وما تُعْلِنون. وفي حديث ابن صَيَّادٍ: خَبَأْتُ لك خَبْأً؛ الخَبْءُ: كُلُّ شيء غائِبٍ مستور، يقال: خَبَأْتُ الشيءَ خَبْأً إذا أَخفَيْته، والخَبْءُ والخَبِيءُ والخَبِيئةُ: الشيءُ المَخْبُؤءُ. وفي حديث عائشة تَصِفُ عُمَرَ: ولَفَظَت خَبِيئَها أَي ما كان مَخْبُوءاً فيها من النبات، تعني الأَرض، وفَعِيلٌ بمعنى مفعول. والخَبْءُ: ما خَبَأْتَ من ذَخيرة ليومٍ ما. قال الفرَّاء: الخَبْءُ، مهموز، هو الغَيْب غَيْبُ السموات والأَرض، والخُبْأَةُ والخَبِيئةُ، جميعاً: ما خُبِئ. وفي الحديث: اطْلُبوا الرِّزقَ في خَبايا الأرض، قيل معناه: الحَرْثُ وإثارةُ الأَرضِ للزراعة، وأَصله من الخَبْء الذي قال اللّه عزّ وجلَّ: يُخْرِجُ الخَبْءَ. وواحدة الخَبايا: خَبِيئةٌ، مثل خطِيئة وخَطايا وأَراد بالخَبايا: الزَّرعَ لأَنه إذا ألقَى البذر في الأَرض، فقد خَبأَه فيها. قال عروة بن الزبير: ازْرَعْ، فان العرب كانت تتمثل بهذا البيت:

تَتَبَّعْ خبايا الأَرض، وادْع مَلِيكَها،

 

لَعَلَّكَ يَوْماً أَن تُجابَ وتُـرْزَقـا

ويجوز أَن يكون ما خَبأَه اللّه في مَعادن الأَرض. وفي حديث عثمان رضي اللّه عنه، قال:اخْتَبَأْتُ عند اللّه خِصالاً: إنِّي لَرابِعُ الإِسلام وكذا وكذا، أَي ادَّخَرْتها وجَعَلْتُها عنده لي. والخِباءُ، مَدَّته همزة: وهو سِمَةٌ توضع في موضع خفي من الناقة النَّجِيبة، وانما هي لُذَيْعةٌ بالنار، والجمع أَخبِئَةٌ، مهموز. وقد خَبِئَت النارُ وأخبَأَها المُخْبِئ إذا أَخْمدَها. والخِباء: من الأَبنية، والجمع كالجمع؛ قال ابن دريد: أَصله من خَبَأْت. وقد تَخَبَّأْت خِباءً، ولم يقل أَحد إنَّ خِباء أَصله الهمز الا هو، بل قد صُرِّح بخلاف ذلك. والخَبِيءُ: ما عُمِّيَ من شيء ثم حُوجِيَ به. وقد اخْتَبَأَه. وخَبِيئَةُ: اسم امرأَة؛ قال ابن الأَعرابي: هي خَبِيئةُ بنت رِياح بن يَرْبوع بن ثعْلَبَةَ.

خبا

الخِباءُ من الأَبنية: واحد الأَخْبية، وهو ما كان من وَبَر أَو صوف ولا يكون من شَعَر، وهو على عمودين أَو ثلاثة، وما فوقَ ذلك فهو بَيْت.
وقال ابن الأَعرابي: الخِباءُ من شعرٍ أَو صوف، وهو دون المَظَلَّة؛ كذلك حكاها ههنا بفتح الميم، وقال ثعلب عن يعقوب: من الصوف خاصة. والخِباءُ:من بُيوت الأَعراب، جمعه أَخْبِية بلا همز. وفي حديث الاعتكاف: فأَمَرَ بِخبائه فقُوِّضَ؛ الخِباءُ: أَحد بيوت العرب من وَبَر أَو صوف. وفي حديث هندٍ: أَهْل خِباءٍ أَو أَخْباء، على الشك، وقد يُسْتَعْمل في المنازل والمساكن؛ ومنه الحديث: لأَنه أَتى خِباءَ فاطمة وهي في المدينة؛ يريد منزلها. وأَصل الخِباء الهمز إَنه يُخْتَبَأُ فيه. وأَخْبَيْت خِباءً وخَبَّيْته وتَخَبَّيته: عملته ونَصَبته. واسْتَخْبَيْته: نَصَبْته ودخلت فيه.
والتَّخْبِية: من قولك خَبَّيته وتَخَبِّيته. وتَخَبَّيت كسائي تَخَبِّياً وأَخْبَيْت كسائي إذا جَعَلْتَه خِباءً. الكسائي: يقال من الخباء أَخْبَيْت إِخباءً إذا أَردت المصدر إذا عَمِلْته وتَخَبَّيْت أَيضاً.
والخِباءُ: غِشاءُ البُرَّةِ والشَّعيرة في السُّنْبُلة، وخِباءُ النَّوْرِ:كِمَامُه، وكِلاهما على المَثَل.
وخَبَتِ النارُ والحَرْبُ والحِدّةُ تَخْبُو خَبْواً وخُبُوّاً: سَكَنت وطَفِئَت وخَمَدَ لَهَبُها، وهي خابِية، وأَخْبَيْتها أَنا: أَخْمَدْتها؛ قال الكميت:

ومِنَّا ضِرارٌ وابْنَماهُ وحـاجِـبٌ

 

مُؤَجِّجُ نِيرانِ المَكارِمِ، لا المُخْبي

وقوله تعالى: كُلَّما خَبَت زِدْناهم سَعِيراً؛ قيل: معناه سَكَن لَهَبُها، وقيل: معناه كلَّما تَمَنَّوا أَن تَخْبُوَ وأَرادوا أَن تَخْبُوَ.والخَابِية: الحبُّ، وأَصله الهمز، لأَنه من خَبَأْت إِلاَّ أَن العرب تركت همزها.

خبب

الخَبَبُ: ضَرْبٌ من العَدْوِ؛ وقيل: هو مِثْلُ الرَّمَلِ؛ وقيل: هو أَن يَنْقُل الفَرَسُ أَيامِنَه جميعاً، وأَياسِرَه جميعاً؛ وقيل: هو أَن يُراوِحَ بين يديهِ ورجليهِ، وكذلك البعيرُ؛ وقيل: الخَبَب السُّرْعَة؛ وقد خَبَّت الدَّابَّة تَخُبُّ، بالضَّمِّ، خَبّاً وخَبَباً وخَبِيباً، واخْتَبَّتْ، حكاه ثعلب؛ وأَنشد:

مُذَكَّرَة الثُّنْيَا، مُسانَدَة القَرَى،

 

جُمَالِيَّة تَخْتَبُّ ثـم تُـنِـيبُ

وقد أَخَبَّها صاحِبُها، ويقال: جاؤُوا مُخِبِّينَ تَخُبُّ بهم دَوَابُّهم. وفي الحديث: أَنه كان إذا طافَ، خَبَّ ثلاثاً، وهو ضرب من العَدْوِ.
وفي الحديث: وسُئِلَ عن السَّيرِ بالجَنَازَة، فقال: ما دونَ الخَبَبِ.
وفي حديث مُفاخَرَةِ رعاءِ الإبلِ والغَنَمِ: هل تَخُبُّون أَو تَصِيدون؟ أَراد أَنَّ رعاءَ الغَنَم لا يَحْتاجونَ أَن يَخُبُّوا في آثارِها، ورِعاء الإبلِ يَحْتاجُون إليه إذا ساقُوها إلى الماء.
والخِبُّ: الخِدَاعُ والخُبْثُ والغِشُّ، ورجلٌ مُخابٌّ مُدْغِلٌ، كأَنه على خابَّ. ورجلٌ خَبٌّ وخِبٌّ: خَدَّاع جُرْبُزٌ، خَبيثٌ مُنْكَرٌ، وهو الخِبُّ والخَبُّ؛ قال الشاعر:

وما أَنتَ بالخَبِّ الخَتُورِ ولا الذي

 

إذا اسْتُودِعَ الأَسْرارَ يوماً أَذاعَها

والأُنثى: خَبَّة. وقد خَبَّ يَخَبُّ خِبّاً، وهو بَيِّنُ الخِبِّ، وقد خَبِبْتَ يارجُلُ تَخَبُّ خِبّاً، مثلُ عَلِمْتَ تَعْلمِ عِلْماً؛ ابن الأَعرابي في قوله:

لا أُحْسِنُ قَتْوَ المُلوكِ والخَبَبا

قال: الخَبَبُ الخُبْثُ، وقال غيره: أَراد بالخَبَبِ مصدَر خَبَّ يَخُبُّ إذا عَدَا. وفي الحديث: لا يدخُلُ الجنَّةَ خَبٌّ ولا خائنٌ.
الخَبُّ، بالفتْح: الخَدَّاعُ وهو الجُرْبُزُ الذي يَسْعَى بينَ الناسِ بالفَساد؛ ورجلٌ خَبٌّ وامرأَةٌ خَبَّةٌ، وقد تُكْسَرُ خاؤُه، فأَما المصدر فبالكسر لا غير.
والتَّخبِيبُ: إفْسادُ الرجُل عَبْداً أَو أَمَةً لغيرهِ؛ يقال: خَبَّبَها فأَفسَدَها.
وخَبَّبَ فلانٌ غُلامي أَي خَدَعَه. وقال أَبو بكر في قولهم، خَبَّبَ فلانٌ على فلانٍ صَديقَه: معناه أَفسده عليه؛ وأَنشد:

أُمَيْمة أَمْ صارتْ لقَوْلِ المُخَبِّبِ

والخِبُّ: الفسادُ. وفي الحديث: من خَبَّبَ امرَأَةً ومَمْلوكاً على مُسْلِمٍ فلَيس منَّا، أَي خدَعَه وأَفسده؛ ورجل خَبٌّ ضَبٌّ، وفي الحديث: المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ، والكافِرُ خَبٌّ لَئيمٌ؛ فالغِرُّ الذي لا يَفْطُن للشَّرّ، والخِبُّ: ضِدُّ الغِرِّ، وهو الخَدَّاعُ المُفْسِدُ.
يقال: ما كنْت خَبّاً، ولقد خَبِبْتَ تَخَبُّ خِبّاً. وقال ابنُ سيرين: إني لَسْت بِخِبٍّ، ولكِنِ الخِبُّ لا يَخْدَعُني.
والخِبُّ: هَيَجانُ البَحْرِ واضْطِرابُه؛ يقال أَصَابَهُم خِبٌّ إذا هَاجَ بِهِمُ البَحْر؛ خَبَّ يَخِبُّ. التهذيب: يقال أَصابهم الخِبُّ إذا اضطربت أَمواج البحر، والْتَوَتِ الرياحُ في وَقْتٍ مَعلُومٍ، تُلْجَأُ السُّفُنُ فيه إلى الشَّط، أَو يُلْقَى الأَنجَر.
ابن الأَعرابي: الخِبابُ ثَوَرانُ البَحْر. وفي الحديث: أَنَّ يونس، على نَبِيِّنا وعَلَيه الصلاة والسلامُ، لمَّا رَكِبَ البَحْر أَخَذَهم خِبٌّ شدِيدٌ. يقال: خَبَّ البَحرُ إذا اضطرب.
والخَبُّ: حَبْلٌ من الرَّمْلِ، لاطِئ بالأَرض. والخُبَّةُ: مُسْتَنْقَعُ الماء. قال أَبو حنيفة: الخُبَّة من الرمْلِ، كَهَيْئَةِ الفَالِقِ، غير أَنها أَوْسع وأَشَدُّ انتِشاراً، ولَيْسَتْ لها جِرَفَة، وهي الخِبَّة والخَبِيبة؛ وقيل الخِبَّة والخَبَّة والخُبَّة: طَريقٌ من رَمْلٍ، أَو سَحابٍ، أَو خِرْقَةٌ كالعِصابة، والخَبِيبَة مثْلُه.
قال أَبو عبيدة: الخَبِيبَة كلُّ ما اجْتَمَع فطَالَ من اللَّحْمِ؛ قال: وكلُّ خَبِيبَةٍ من لَحْمٍ، فهو خَصيلَةٌ، في ذِراعٍ كانَتْ أَو غَيرِها. ويقال: أَخَذَ خَبِيبَةَ الفَخِذ. ولَحْمُ المَتْنِ يقال لهُ الخَبِيبَةُ، وهنَّ الخَبائِبُ.
والخُبُّ: الغامِضُ من الأَرض، والجمع أَخْباب وخُبُوب.
والمَخَبَّة: بَطْنُ الوادي، وهي الخَبِيبَةُ والخُبَّةُ والخَبِيبُ.
والخُبَّةُ والخَبِيبُ: الخَدُّ في الأَرض. والخَبِيبةُ والخَبَّة والخِبَّةُ: الطريقَة من الرَّمْلِ والسَّحابِ، وهي من الثوب شِبْه الطُّرّة؛ أَنشد ثعلب:

يَطِرْنَ عن ظَهْري ومَتني خِبَبا

الأَصمعي:الخِبَّةُ والطِّبَّة والخَبِيبَةُ والطِّبَابَة: كل هذا طَرائِقُ من رَمْلٍ وسَحاب؛ وأَنشد قول ذي الرمة:

من عُجْمَةِ الرَّمْلِ أَنْقَاء لهَا خِبَبُ

قال ورواه غيره: لها حِبَبُ وهي الطَّرائِقُ أَيضاً.
أَبو عمرو: الخَبُّ سَهْلٌ بينَ حَزْنَينِ يكونُ فَيه الكَمْأَةُ؛ وأَنشد قول عَدِيِّ بنِ زيد:

تُجْنى لَكَ الـكَـمْـأَةُ، رِبْـعِـيَّةً،

 

بالخَبِّ، تَنْدى في أُصُول القَصِيصْ

وقال شمر: خَبَّة الثَّوْبِ طُرَّته.
وثَوْبٌ خِبَب وأَخبابٌ: خَلَقٌ مُتَقَطِّع، عن اللحياني، وخَبائِبُ أَيضاً، مثلُ هَبائبَ إذا تَمَزَّقَ.
والخَبِيبَة: الشَّرِيحَة من اللَّحْمِ؛ وقيل: الخُصْلة من اللَّحمِ يَخْلِطها عَقَبٌ؛ وقيل: كلُّ خَصِيلة خَبِيبة.
وخَبائِب المَتْنَين: لحم طَوَارِهما؛ قال النابغة:

فأَرْسَلَ غُضْفاً، قد طَوَاهُنَّ ليلةً،

 

تَقَيَّظْنَ، حَتى لَحْمُهُنّ خَبـائِبُ

والخَبَائِبُ: خَبائِبُ اللَّحْمِ، طَرَائِقُ تُرَى في الجِلْدِ مِن ذَهابِ اللَّحْمِ؛ يقال للَّحْمِ: خَبائِبُ أَي كُتَلٌ وزِيَمٌ وقِطَعُ ونَحْوُه. وقال أَوس ابنُ حَجَر:

صَدىً غائر العَيْنَينِ، خَبَّبَ لَحْمَه

 

سَمَائِمُ قَيْظٍ، فَهْو أَسْوَدُ شاسِفُ

قال: خَبَّبَ لحمُه، وخدَّدَ لَحْمُه أَي ذَهَبَ لحمُه، فَرِيئَتْ له طَرَائِقُ في جِلْدِه. والخبيبة: صُوفُ الثَّنِيِّ، وهو أَفضل من العقيقة، وهي صُوفُ الجَذَع، وأَبْقَى وأَكثر. والخبِيبة والخُبُّ: الخِرْقة تُخْرِجُها من الثَّوْب، فَتَعْصِبُ بها يدك.
واخْتبَّ من ثَوْبه خُبَّةً أَي أَخْرَج. وقال اللحياني: الخُبُّ الخِرْقة الطويلة مثل العِصابة؛ وأَنشد:

لها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ بخُـبٍّ،

 

وأُخْرَى ما يُسَتِّرها أُجَاحُ

الأَزهري في ترجمة حنن، قال الليث: الحَنَّةُ خِرْقة تَلْبَسُها المرأَة فتُغَطِّي رأْسَها؛ قال الأَزهري: هذا حاقُّ التصحيف، والذي أُراه الخَبَّة بالخاءِ والباءِ.
الفرَّاءُ: الخَبيبة القِطْعة من الثَّوْب، والخُبَّةُ الخِرْقة تُخْرِجُها من الثوب، فتَعْصِبُ بها يدَكَ؛ قال الأَزهري: وأَما الحَنَّة، بالحاء والنون، فلا أَصلَ له في باب الثِّياب.
أَبو حنيفة: الخُبَّة أَرض بين أَرْضَين، لا مُخصِبَة ولا مُجْدِبة؛ قال الراعي:

حتى تَنالَ خُبَّةً من الخُبَبْ

ابن شميل: الخُبَّة من الأَرض طريقة لَيِّنة مَيْثاءُ، ليست بحَزْنةٍ ولا سَهْلةٍ، وهي إلى السُّهولة أَدنى. قال: وأَنكره أَبو الدُّقَيْش. قال: وزعموا أَن ذا الرُّمَّة لَقِيَ رؤْبة فقال له ما معنى قول الراعي:

أَناخُوا بأَشوالٍ إلـى أَهـلِ خُـبَّةٍ،

 

طُروقاً، وقد أَمْعَى سُهَيْلٌ، فعَرَّدا؟

قال: فجعل رؤْبةُ يذهَب مرَّة ههنا، ومرَّةً ههنا إلى أَن قال: هي أَرض بين المُكْلِئَة والمُجْدِبة. قال: وكذلك هي. وقيل: أَهل خُبَّة، في بيت الراعي: أَبياتٌ قليلة، والخُبَّة من المَرَاعي ولم يفسر لنا. وقال ابن نُجَيمٍ: الخَبيبة والخُبَّة كلُّه واحدٌ، وهي الشَّقِيقة بين حَبْلَين من الرَّمْل، وأَنشد بيت الراعي. قال وقال أَبو عمرو: خُبَّة كَلأ، والخُبَّة: مكان يَسْتَنْقع فيه الماء، فَتَنْبُت حواليه البُقُول. وخُبَّت: اسم أَرض؛ قال الأَخطل:

فَتنَهْنَهَتْ عنه، وَوَلَّى يَقْتَرِي

 

رَمْلاً بِخُبَّةَ، تارةً، ويَصُومُ

وخَبَّ النباتُ والسَّفَى: ارتَفع وطال. وخَبَّ السَّفَى: جَرَى. وخَبَّ الرجلُ خَبّاً: مَنَع ما عنده. وخَبَّ: نزل المُنْهَبِطَ من الأَرض لئلا يُشْعَرَ بموضعه بُخلاً ولُؤْماً.
والخَوابُّ: القَراباتُ، واحدها خابٌّ؛ يقال: لي من فلان خَوابُّ؛ ويقال: لي فيهم خَوابُّ، واحِدُها خابٌّ، وهي القَراباتُ والصِّهْر.
والخَبْخابُ والخَبْخَبَة: رَخاوةُ الشيءِ المُضْطَرِب واضْطِرابُه.
وقد تَخَبْخَبَ بَدنُ الرجل إذا سَمِنَ ثم هُزِلَ، حتى يَسْتَرْخِيَ جلدُه، فتسمع له صوتاً من الهُزال. أَبو عمرو: خَبْخَبَ ووَخْوَخَ إذا اسْتَرْخَى بطنُه، وخَبْخَب إذا غَدَرَ، وتَخَبْخَب الحَرُّ: سكَن بعضُ فَوْرته. وخَبْخِبُوا عنكم من الظَّهِيرة: أَبْرِدُوا، وأَصله خَبِّبُوا بثلاث باءات، أَبدلوا من الباءِ الوُسْطَى خاءً للفرق بين فَعْلَل وفَعَّلَ، وإنما زادوا الخاءَ من سائر الحروف، لأَن في الكلمة خاءً، وهذه عِلَّة جميع ما يُشْبهُه من الكلمات. وإبل مُخَبْخَبة: عظيمة الأَجواف، وهي المُبَخْبَخَة، مقلوبٌ، مأْخوذٌ من بَخْ بَخْ؛ فأَما قوله:

حتى تَجِيءَ الخَطَبهْ

 

بِإبِلٍ مُخَبْـخَـبَـهْ

فليس على وجْهِه، إنما هو مُبَخْبَخَة أَي يقال لها بَخْ بَخْ إعْجاباً بها، فَقَلَب؛ وأَحسنُ من ذلك مُجَبْجَبَة، بالجيم أَي عظيمة الجُنُوب، وقد مضى ذكره. وخَبَّابٌ: اسم. وخُبَيْبٌ:ابنُ عبد اللّه بن الزبير، وكان عبد اللّه يكنى بأَبي خُبَيْب؛ قال الراعي:

ما إن أَتَيْتُ، أَبا خُبَيْبٍ، وافِداً،

 

يَوْماً، أُريدُ، لبَيْعَتي، تَبْـديلا

وقيل: الخُبَيْبَانِ عبد اللّه بن الزبير وابنه؛ وقيل: هما عبد اللّه وأَخوه مُصْعَب؛ قال حُمَيدٌ الأَرقط:

قَدْني من نَصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي

فمن روى الخُبَيْبِينَ على الجمع، يريد ثلاثتهم. وقال ابن السكيت: يريد أَبا خُبَيْبٍ ومَن كان على رأْيه.

خبت

الخَبْتُ: ما اتَّسَعَ من بطُون الأَرْضِ، عربية مَحْضَةٌ، وجمعه: أَخْباتٌ وخُبوتٌ. وقال ابن الأَعرابي: الخَبْتُ ما اطْمَأَنَّ من الأَرض واتَّسَعَ؛ وقيل: الخَبْتُ ما اطْمَأَنَّ من الأَرض وغَمُضَ، فإِذا خَرَجْتَ منه، أَفْضَيْتَ إِلى سَعَةٍ؛ وقيل: الخَبْتُ سَهْل في الحَرَّة؛ وقيل: هو الوادي العَميقُ الوَطيءُ، ممدود، يُنْبِتُ ضُروبَ العِضاه.
وقيل: الخَبْتُ الخَفِيُّ المطمئن من الأَرض، فيه رمل. وفي حديث عمرو بن يَثْرَبيّ: إَنْ رأَيتَ نعجةً تَحْمِلُ شَفْرَة وزِناداً بِخَبْتِ الجَمِيشِ، فلا تَهِجْها. قال القتيبي: سأَلت الحجازيين، فأَخبروني أَن بين المدينة والحِجاز صحراء، تُعْرَف بالخَبْت. والجَميشُ: الذي لا يُنْبِتُ.
وخبَتَ ذكره إذا خَفِيَ؛ قال: ومنه المُخْبِتُ من الناس.
وأَخْبَتَ إِلى ربه أَي اطْمَأَنَّ إِليه. ورُوِي عن مجاهد في قوله: وبَشِّرِ المُخْبِتينَ؛ قال: المُطْمَئِنِّين، وقيل: هم المُتَواضِعون، وكذلك قال في قوله: وأَخْبَتُوا إِلى ربهم أَي تواضَعُوا؛ وقال الفراء: أَي تَخَشَّعوا لربهم، قال: والعَرَبُ تَجْعَلُ إِلى في موضع اللام.
وفيه خَبْتَة أَي تواضع.
وأَخْبَتَ للَّه: خَشَعَ؛ وأَخْبَتَ: تواضَعَ، وكلاهما من الخَبْتِ. وفي التنزيل العزيز: فَتُخْبِتَ له قُلوبُهم؛ فسره ثعلب بأَنه التواضُع. وفي حديث الدعاء: واجْعَلْني لك مُخْبِتاً أَي خاشعاً مطيعاً. والإِخْباتُ: الخُشوع والتَّواضُع. وفي حديث ابن عباس: فيجعلها مُخْبِتةً مُنِيبةً، وأَصل ذلك من الخَبْتِ المطمئن من الأَرض.
والخَبِيتُ: الحَقير الرَّديءُ من الأَشياء؛ قال اليَهُودِيُّ الخَيْبريَ:

نْفَعُ الطَّيِّبُ القليلُ من الرّزْ

 

ق، ولا يَنْفَعُ الكَثيرُ الخَبِيتُ

وسأَل الخليلُ الأَصْمَعيَّ عن الخَبِيتِ، في هذا البيت، فقال له: أَراد الخَبِيثَ وهي لغة خَيْبَر، فقال له الخليل: لو كان ذلك لغَتَهم، لقال الكتير، وإِنما كان يَنبغي لك أَن تقول: إِنهم يقلبون الثاء تاء في بعض الحروف؛ وقال أَبو منصور في بيت اليهودي أَيضاً: أَظن أَن هذا تصحيف، قال: لأَن الشيء الحقير الرديء إِنما يقال له الخَتِيتُ بتاءَين، وهو بمعنى الخسِيس، فصحفه وجَعَله الخَبِيتَ.
وفي حديث أَبي عامر الراهب: لما بَلَغه أَنَّ الأَنصار قد بايعوا النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، تَغَيَّرَ وخَبُتَ؛ قال الخطابي: هكذا روِي بالتاء المعجمة، بنقطتين من فوق.
يقال: رجل خَبِيتٌ أَي فاسد؛ وقيل: هو كالخَبيث، بالثاء المثلثة؛ وقيل: هو الحقير الرَّديء.
والحَتِيت، بتاءَين: الخَسيسُ. وقوله في حديث مكحول: أَنه مَرَّ برجل نائم بعد العصر، فَدَفعه برجله، وقال: لقد عُوفِيت إنها ساعة تكون فيها الخَبْتَةُ؛ يريد الخَبْطَةَ، بالطاء، أَي يَتَخَبَّطه الشيطانُ إذا مَسَّه بخَبَل أَو جُنون، وكان في لسان مكحول لُكْنةٌ، فجعل الطاء تاء.
والخَبْتُ: ماء لكَلْبٍ.

خبتل

رجل خُبْتُلٌ: فيه شبه الهَوَج والبَلَه والإِقدام على مَكْروه الناس، وهي الخُبْتُلة.

خبث

الخَبِيثُ: ضِدُّ الطَّيِّبِ من الرِّزْق والولدِ والناسِ؛ وقوله:

أَرْسِلْ إِلى زَرْع الخَبِيِّ الوالِجِ

قال ابن سيده: إِنما أَراد إِلى زَرْع الخَبِيثِ، فأَبدل الثاء ياء، ثم أَدعم، والجمعُ: خُبَثاء، وخِبَاثٌ، وخَبَثَة، عن كراع؛ قال: وليس في الكلام فَعيل يجمع على فَعَلَة غيره؛ قال: وعندي أَنهم توهموا فيه فاعلاً، ولذلك كَسَّروه على فَعَلة. وحَكى أَبو زيد في جمعه: خُبُوثٌ، وهو نادر أَيضاً، والأُنثى: خَبِيثةٌ. وفي التنزيل العزيز: ويُحَرِّمُ عليهم الخَبائِثَ. وخَبُثَ الرجلُ خُبْثاً، فهو خَبيثٌ أَي خَبٌّ رَدِيءٌ.
الليث: خَبُثَ الشيءُ يَخْبُثُ خَباثَةً وخُبْثاً، فهو خَبيثٌ، وبه خُبْثٌ وخَباثَةٌ؛ وأَخْبَثَ، فهو مُخْبِثٌ إذا صار ذا خُبْثٍ وشَرٍّ.
والمُخْبِثُ: الذي يُعَلِّمُ الناسَ الخُبْثَ. وأَجاز بعضُهم أَن يقال للذي يَنْسُبُ الناسَ إِلى الخُبْثِ: مُخْبِثٌ؛ قال الكُمَيْتُ:

فطائفةٌ قد أَكْفَرُوني بِحُبِّكُـمْ،

 

وطائِفَةُ قالوا: مُسِيءٌ ومُذْنِبُ

أَي نَسَبُوني إِلى الكُفْر. وفي حديث أُنس: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، كان إذا أَراد الخَلاءَ، قال: أَعُوذُ بالله من الخُبْثِ والخَبائِثِ؛ ورواه الأَزهري بسنده عن زيد بن أَرْقَمَ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِنَّ هذه الحُشُوشَ مُحْتَضَرَة، فإِذا دَخَلَ أَحدُكم فلْيَقُلْ: اللهم إِني أَعوذ بك من الخُبْثِ والخَبائِثِ؛ قال أَبو منصور: أَراد بقوله مُحْتَضَرة أَي يَحْتَضِرُها الشياطينُ، ذُكورُها وإِناثُها. والحُشُوشُ: مواضعُ الغائط. وقال أَبو بكر: الخُبْثُ الكُفْرُ؛ والخَبائِثُ: الشياطين. وفي حديث آخر: اللهم إِني أَعوذ بك من الرِّجْسِ النَّجِسِ الخَبيثِ المُخْبِثِ؛ قال أَبو عبيد: الخَبِيثُ ذو الخُبْثِ في نَفْسه؛ قال: والمُخْبِثُ الذي أَصحابُه وأَعوانه خُبَثاء، وهو مثل قولهم: فلانٌ ضَعِيف مُضْعِفٌ، وقَوِيٌّ مُقْوٍ، فالقويُّ في بدنه، والمُقْوِي الذي تكون دابتُه قَويَّةً؛ يريد: هو الذي يعلمهم الخُبْثَ، ويُوقعهم فيه.
وفي حديث قَتْلَى بَدْرٍ: فأُلْقُوا في قَلِيبٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، أَي فاسدٍ مُفْسِدٍ لما يَقَع فيه؛ قال: وأَما قوله في الحديث: من الخُبْثِ والخَبائِثِ؛ فإِنه أَراد بالخُبْثِ الشَّرَّ، وبالخَبائِثِ الشياطين؛ قال أَبو عبيد: وأُخْبِرْتُ عن أَبي الهيثم أَنه كان يَرْويه من الخُبُث، بضم الباء، وهو جمعُ الخَبيث، وهو الشيطان الذَّكر، ويَجْعَلُ الخَبائِثَ جمعاً للخَبيثة مِن الشياطين. قال أَبو منصور: وهذا عندي أَشْبَهُ بالصواب.
ابن الأَثير في تفسير الحديث: الخُبُثُ، بضم الباء: جمع الخَبِيثِ، والخَبائثُ: جمع الخَبيثة؛ يُريد ذكورَ الشياطين وإِناثَهم؛ وقيل: هو الخُبْثُ، بسكون الباء، وهو خلافُ طَيِّبِ الفِعْل من فُجُور وغيره، والخَبائِثُ، يُريد بها الأَفعالَ المذمومة والخِصالَ الرَّديئةَ.
وأَخْبَثَ الرجلُ أَي اتَّخَذَ أَصحاباً خُبَثاء، فهو خَبِيثٌ مُخْبِثٌ، ومَخْبَثانٌ؛ يقال: يا مَخْبَثانُ، وقوله عز وجل: الخَبيثاتُ للخَبيثينَ، والخَبيثُونَ للخَبيثاتِ؛ قال الزجَّاج: معناه الكلماتُ الخَبيثاتُ للخَبيثينَ من الرجالِ والنساءِ؛ والرجالُ الخبيثونَ للكلماتِ الخَبيثاتِ؛ أَي لا يَتَكَلَّم بالخَبيثاتِ إِلاَّ الخَبيثُ من الرجالِ والنساء؛ وقيل: المعنى الكلماتُ الخبيثاتُ إِنما تَلْصَقُ بالخَبيثِ من الرجالِ والنساء، فأَما الطاهرونَ والطاهراتُ، فلا يَلْصَقُ بهم السَّبُّ؛ وقيل: الخبيثاتُ من النساءِ للخَبيثين من الرجالِ، وكذلك الطَّيِّباتُ للطَّيِّبينَ.
وقد خَبُثَ خُبْثاً وخَباثَةً وخَبَاثِيَةً: صار خَبِيثاً. أَخْبَثَ: صار ذا خُبْثٍ. وأَخْبَثَ: إذا كان أَصحابه وأَهلُه خُبَثاء، ولهذا قالوا: خَبِيثٌ مُخْبِثٌ، والاسم: الخِبِّيثى. وتَخابَثَ: أَظْهَر الخُبْثَ؛ وأَخْبَثَه غيره: عَلَّمه الخُبْثَ وأَفْسَده.
ويقال في النداء: يا خُبَثُ، كما يقال يا لُكَعُ، تُريدُ: يا خَبِيثُ.
وسَبْيٌ خِبْثَةٌ: خَبِيثٌ، وهو سَبْيُ من كان له عهدٌ من أَهل الكفر، لا يجوز سَبْيُه، ولا مِلْكُ عبدٍ ولا أَمةٍ منه. وفي الحديث: أَنه كَتَب للعَدَّاء بن خالد أَنه اشترى منه عبداً أَو أَمة، لا دَاءَ ولا خِبْثةَ ولا غائلةَ. أَراد بالخِبْثة: الحرام، كما عَبَّرَ عن الحلال بالطَّيِّب، والخِبْثَةُ نوعٌ من أَنواع الخَبيثِ؛ أَراد أَنه عبدٌ رقيقٌ، لا أَنه من قوم لا يَحِلُّ سَبْيُهم كمن أُعْطِيَ عَهْداً وأَماناً، وهو حُرٌ في الأَصل. وفي حديث الحجاج أَنه قال لأَنس: يا خِبْثة؛ يُريد: يا خَبِيثُ، ويقال الأَخلاق الخَبيثة: يا خِبْثَةُ. ويُكتَبُ في عُهْدةِ الرقيق: لا داءَ، ولا خِبْثَةَ، ولا غائِلَةَ؛ فالداءُ: ما دُلِّسَ فيه من عَيْبٍ يَخْفى أَو علةٍ باطِنةٍ لا تُرَى، والخِبْثَةُ: أَن لا يكون طِيَبَةً، لأَنه سُبِيَ من قوم لا يَحِلُّ اسْترقاقُهم، لعهدٍ تَقَدَّم لهم، أَو حُرِّيَّة في الأَصل ثَبَتَتْ لهم، والغائلةُ: أَن يَسْتَحِقَّه مُسْتَحِقٌّ بِمِلْكٍ صَحَّ له، فيجب على بائعه ردُّ الثمَن إِلى المشتري. وكلُّ من أَهْلك شيئاً قد غالَه واغتاله، فكأَن استحقاقَ المالكِ إِياه، صار سبباً لهلاك الثمَن الذي أَدَّاه المشتري إِلى البائع. ومَخْبَثَان: اسم معرفة، والأُنْثَى: مَخْبَثَانةٌ. وفي حديث سعيد: كَذَبَ مَخْبَثَانٌ، هو الخَبيثُ؛ ويقال للرجل والمرأَة جميعاً، وكأَنه يدلُّ على المبالغة؛ وقال بعضهم: لا يُسْتَعْمَلُ مَخْبَثانٌ إِلاَّ في النداء خاصة.
ويقال للذكر: يا خُبَثُ، وللأُنْثَى: يا خَباثِ، مثل يا لَكَاعِ، بني على الكسر، وهذا مُطَّرِدٌ عند سيبويه. وروي عن الحسن أَنه قال يُخاطِبُ الدنيا: خَباثِ، كلَّ عِيدانِكِ مَضَضْنا، فوَجَدْنا عاقبتَهُ مُرّاً، يعني الدنيا. وخَباثِ بوزن قَطامِ: مَعْدُولٌ من الخُبْثِ، وحرف النداء محذوف، أَي يا خَباثِ. والمَضُّ: مثلُ المَصّ؛ يريد: إِنَّا جَرَّبْناكِ وخَبَرْناكِ، فوَجَدْنا عاقِبَتَكِ مُرَّةً. والأَخابِثُ: جمعُ الأَخْبَثِ؛ يقال: هم أَخابِثُ الناس.
ويقال للرجل والمرأَة: يا مَخْبَثانُ، بغير هاءٍ للأُنْثَى.
والخِبِّيثُ: الخَبِيثُ، والجمع خِبِّيثُونَ.
والخابِثُ: الرَّديُّ من كل شيء فاسدٍ.
يقال: هو خَبِيثُ الطَّعْم، وخَبِيثُ اللَّوْنِ، وخَبِيثُ الفِعْل.
والحَرامُ البَحْتُ يسمى: خَبِيثاً، مثل الزنا، والمال الحرام، والدم، وما أَشْبهها مما حَرَّمه الله تعالى، يقال في الشيء الكريه الطَعْمِ والرائحة: خَبيثٌ، مثل الثُّوم والبَصَلِ والكَرّاثِ؛ ولذلك قال سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من أَكل من هذه الشجرة الخَبيثة، فلا يَقْرَبَنَّ مسجدَنا. وقال الله تعالى في نعت النبيّ، صلى الله عليه وسلم: يُحِلُّ لهم الطَّيِّبات ويُحَرِّمُ عليهم الخَبائثَ؛ فالطَّيِّباتُ: ما كانت العربُ تَسْتَطِيبُه من المآكل في الجاهلية، مما لم ينزل فيه تحريم، مثل الأَزْواج الثمانية، ولُحوم الوحْش من الظِّباء وغيرها، ومثل الجراد والوَبْر والأَرْنبِ واليَرْبُوع والضَّبِّ؛ والخَبائثُ: ما كانت تَسْتَقْذِرُه ولا تأْكله، مثل الأَفاعي والعَقاربِ والبَرَصةِ والخَنافِسِ والوُرْلانِ والفَأْر، فأَحَلَّ الله، تعالى وتقدّس، ما كانوا يَسْتَطِيبون أَكلَه، وحَرَّم ما كانوا يَسْتَخْبثونه، إِلاّ ما نَصَّ على تحريمه في الكتاب، من مثل الميتة والجم ولحم الخنزير وما أُهِلَّ لغير الله به عند الذبْحِ، أَو بَيَّنَ تَحْريمه على لسان سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مِثْلُ نَهْيِه عن لُحُوم الحُمُر الأَهلية، وأَكْلِ كلِّ ذي نابٍ من السِّباع، وكلّ ذي مِخْلبٍ من الطَّير. ودَلَّت الأَلف واللام اللتان دخلتا للتعريف في الطَّيِّبات والخَبائث، على أَن المراد بها أَشياءُ معهودةٌ عند المخاطَبين بها، وهذا قول محمد بن ادريس الشافعي، رضي الله عنه. وقولُه عز وجل: ومثلُ كَلِمةٍ خَبيثةٍ كشجرةٍ خَبيثةٍ؛ قيل: إِنها الحَنْظَلُ؛ وقيل: إنها الكَشُوثُ. ابن الأَعرابي: أَصلُ الخُبْثِ في كلام العرب: المكروه؛ فإِن كان من الكلام، فهو الشَّتْم، وإن كان من المِلَل، فهو الكُفْر، وإِن كان من الطعام، فهو الحرام، وإِن كان من الشَّراب، فهو الضَّارُّ؛ ومنه قيل لما يُرْمَى من مَنْفِيِّ الحديد: الخَبَث؛ ومنه الحديث: إِن الحُمَّى تَنْفِي الذُّنوب، كما يَنْفِي الكِيرُ الخَبَث. وخَبَثُ الحديدِ والفضَّة، بفتح الخاء والباء: ما نَفاه الكِيرُ إذا أُذِيبا، وهو لا خَيْرَ فيه، ويُكْنى به عن ذي البَطْنِ.
وفي الحديث: نَهَى عن كلِّ دواءٍ خَبيث؛ قال ابن الأَثير: هو من جهتين: إِحداهما النجاسة، وهو الحرام كالخمر والأَرواث والأَبوال، كلها نجسة خبيثة، وتناوُلها حرام، إِلاَّ ما خصته السُّنَّة من أَبوال الإِبل، عند بعضهم، ورَوْثِ ما يؤكل لحمه عند آخرين؛ والجهةُ الأُخْرى من طَريق الطَّعْم والمَذاق؛ قال: ولا ينكر أَن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطباع، وكراهية النفوس لها؛ ومنه الحديث: من أَكل من هذه الشجرة الخبيثة لا يَقْرَبَنَّ مسجدَنا؛ يُريد الثُّوم والبصل والكَرّاثَ، وخُبْثُها من جهة كراهة طعمها ورائحتها، لأَنها طاهرة، وليس أَكلها من الأَعذار المذكورة في الانقطاع عن المساجد، وإِنما أَمَرَهم بالاعتزال عقوبةً ونكالاً، لأَنه كان يتأَذى بريحها وفي الحديث: مَهْرُ البَغِيِّ خَبِيثٌ، وثمنُ الكلب خبيثٌ، وكَسْبُ الحجَّامِ خبيثٌ. قال الخطابي: قد يَجْمَع الكلامُ بين القَرائن في اللفظ ويُفْرَقُ بينها في المعنى، ويُعْرَفُ ذلك من الأَغراض والمقاصد؛ فأَما مَهْرُ البَغِيِّ وثمنُ الكلب، فيريد بالخَبيث فيهما الحرامَ، لأَن الكلب نَجِسٌ، والزنا حرام، وبَذْلُ العِوَضِ عليه وأَخذُه حرامٌ؛ وأَما كسبُ الحجَّام، فيريد بالخَبيث فيه الكراهيةَ، لأَن الحجامة مباحة، وقد يكون الكلامُ في الفصل الواحد، بعضُه على الوجوب، وبعضُه على النَّدْبِ، وبعضُه على الحقيقة، وبعضه على المجاز، ويُفْرَقُ بينهما بدلائل الأُصول، واعتبار معانيها.
والأَخْبَثانِ: الرجيع والبول، وهما أَيضاً السَّهَرُ والضَّجَرُ، ويقال: نَزَل به الأَخْبَثانِ أَي البَخَر والسَّهَرُ. وفي الحديث: لا يُصَلِّي الرجلُ، وهو يُدافعُ الأَخْبَثَيْنِ؛ عَنى بهما الغائط والبولَ.
الفراء: الأَخْبَثانِ القَيءُ والسُّلاح؛ وفي الصحاح: البولُ والغائط.
وفي الحديث: إذا بَلَغَ الماءُ قُلَّتَيْنِ لم يَحْمِل خَبَثاً.
الخَبَثُ، بفتحتين: النَّجَسُ. وفي حديث هِرَقْلَ: فأَصْبحَ يوماً وهو خَبِيثُ النَّفْسِ أَي ثَقِيلُها كرِيهُ الحال؛ ومنه الحديث: لا يَقُولَنَّ أَحَدُكم: خَبُثَتْ نَفْسي أَي ثَقُلَتْ وغَثَتْ، كأَنَّه كَرِهَ اسمَ الخُبْثِ.
وطعام مَخْبَثَةٌ: تَخْبُثُ عنه النَّفْسُ؛ وقيل: هو الذي من غير حلّه؛ وقولُ عَنْترة:

نُبِّئْتُ عَمْراً غيرَ شاكِرِ نِعْمةٍ،

 

والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لنَفْسِ المُنْعِم

أَي مَفْسدة.
والخِبْثة: الزِّنْية؛ وهو ابن خِبْثة، لابن الزِّنْية، يقال: وُلِدَ فلانٌ لخِبْثةٍ أَي وُلِدَ لغير رِشْدةٍ. وفي الحديث؛ إذا كَثُر الخُبْثُ كان كذا وكذا؛ أَراد الفِسْقَ والفُجور؛ ومنه حديث سعدِ بن عُبادة: أَنه أُتِيَّ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، برَجُلٍ مُخْدَجٍ سَقِيمٍ، وُجِدَ مع أَمَةٍ يَخْبُثُ بها أَي يَزْني.
خبعث: الخُنْبَعْثَة، والخُنْثَعْبةُ: الناقة الغزيرة اللبن، وهو مذكور أَيضاً في خثعب.
خثث: الخُثُّ: غُثاء السَّيْل، إذا خَلَّفَه ونَضَبَ عنه حتى يَجِفَّ، وكذلك الطُّحْلُبُ إذا يَبِسَ وقَدُمَ عَهْدُه حتى يَسْوَدَّ.
والخُثَّة: طين يُعجن ببعر أَو روث، ثم يُتخذ منه الذِّئارُ، وهو الطين الذي تُصَرُّ به أَخلاف الناقة، لئلا يُؤْلمها الصِّرارُ. أَبو عمرو: الخُثَّة البَعْرة اللَّيِّنة؛ قال أَبو منصور: أَصلُها الخِثْيُ.
والخُثَّة: قُبْضَةٌ من كُسارِ عيدانٍ يُقْتَبَسُ بها.
خرث: الخُرْثِيُّ: أَرْدأُ المَتاع والغنائم، وهي سَقَطُ البيتِ من المتاع؛ وفي الصحاح: أَثاثُ البيتِ وأَسقاطُه؛ وفي الحديث: جاء رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، سَبْيٌ وخُرْثِيٌّ؛ قال: الخُرْثِيُّ متاعُ البيت وأَثاثُه؛ ومنه حديث عُمَيْر مَوْلَى أَبي اللَّحْم: فأَمَر لي بشيء من خُرْثِيِّ المتاع. والخِرْثاء، ممدودة: النمل الذي فيه حُمْرة؛ واحدتُه خِرْثاءَة.

خبج

خَبَجَ يَخْبُجُ خَبْجاً وخُباجاً: ضَرَطَ ضَرطاً شديداً؛ قال عمرو بن مِلْقَطٍ الطائي:

يَأْبَى لِي الثَّعْلَبَتـانِ الـذي

 

قال: خُباجَ الأَمَةِ الرَّاعِيَه

الخُباجُ: الضُّراط وأَضافه إِلى الأَمَة ليكون أَخس لها، وجعلها راعية لكونها أَهون مِن التي لا ترعى؛ وأَول الشعر:

يا أَوْسُ، لو نالَتْكَ أَرماحُنا،

 

كُنْتَ كَمَنْ تَهْوِي به الهاوِيه

وفي حديث عمر، رضي الله عنه: إذا أُقيمت الصلاةُ ولَّى الشيطانُ وله خَبَجٌ، بالتحريك، أَي ضُرَاطٌ، ويروى بالحاء المهملة. وفي حديث آخر: من قرأَ آية الكرسي يخرجُ الشيطانُ وله خَبَجٌ كخَبج الحِمار. وقيل: الخَبَجُ ضُراط الإِبل خاصة.
وخَبَجَ بها: حَبَقَ. وحكى ابن الأَعرابي: لا آتِيه ما خَبَجَ ابنُ أَتانٍ؛ فجعلوه للحُمُر.
والخَبْجُ: نوع من الضرب بسيف أَو بعصا وليس بشديد، والحاء لغة.
وخَبَجَه بالعصا: ضربه بها.
وفَحْلٌ خَباجاءُ: كثير الضِّراب.

خبجر

خَبْجَرٌ وخُباجِرٌ: مُسْتَرْخٍ غليظ عظيم البطن.

خبذع

الخُبْذُع: الضِّفْدعُ في بعض اللغات.

خبر

الخَبِيرُ: من أَسماء الله عز وجل العالم بما كان وما يكون.
وخَبُرْتُ بالأَمر أَي علمته. وخَبَرْتُ الأَمرَ أَخْبُرُهُ إذا عرفته على حقيقته. وقوله تعالى: فاسْأَلْ بهِ خَبِيراً؛ أَي اسأَل عنه خبيراً يَخْبُرُ. والخَبَرُ، بالتحريك: واحد الأَخبْار. والخَبَرُ: ما أَتاك من نَبإِ عمن تَسْتَخْبِرُ. ابن سيده: الخَبَرُ النَّبَأُ، والجمع أَخْبَارٌ، وأَخابِير جمع الجمع. فأَما قوله تعالى: يومئذٍ تُحَدِّثُ أَخَبْارَها؛ فمعناه يوم تزلزل تُخْبِرُ بما عُمِلَ عليها. وخَبَّرَه بكذا وأَخْبَرَه:نَبَّأَهُ. واسْتَخْبَرَه: سأَله عن الخَبَرِ وطلب أَن يُخْبِرَهُ؛ ويقال:تَخَبَّرْتُ الخَبَرَ واسْتَخْبَرْتُه؛ ومثله تَضَعَّفْتُ الرجل واسْتَضْعَفْتّه، وتَخَبَّرْتُ الجواب واسْتَخْبَرْتُه. والاسْتِخْبارُ والتَّخَبُّرُ:السؤال عن الخَبَر. وفي حديث الحديبية: أَنه بعث عَيْناً من خُزَاعَةَ يَتَخَبَّر له خَبَرَ قريش أَي يَتَعَرَّفُ؛ يقال: تَخَبْرَ الخَبَرَ واسْتَخْبَر إذا سأَل عن الأَخبْارِ ليعرفها.
والخابِرُ: المُخْتَبِرُ المُجَرِّبُ ورجل خابر وخَبِير: عالم بالخَبَرِ. والخَبِيرُ: المُخْبِرُ؛ وقال أَبو حنيفة في وصف شجر: أَخْبَرَني بذلك الخَبِرُ، فجاء به على مثال فَعِلٍ؛ قال ابن سيده: وهذا لا يكاد يعرف إِلاَّ أَن يكون على النسب. وأَخْبَرَهُ خُبُورَهُ: أَنْبأَهُ ما عنده.
وحكي اللحياني عن الكسائي: ما يُدْرَى له أَيْنَ خَبَرٌ وما يُدُرَى له ما خَبَرٌ أَي ما يدرى، وأَين صلة وما صلة. والمَخْبَرُ: خلاف المَنْظَرِ، وكذلك المَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ، بضم الباء، وهو نقيض المَرْآةِ والخِبْرُ والخُبْرُ والخِبْرَةُ والخُبْرَةُ والمَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ، كله: العِلْمُ بالشيء؛ تقول: لي به خِبْرٌ، وقد خَبَرَهُ يَخْبُره خُبْراً وخُبْرَةً وخِبْراً واخْتَبَره وتَخَبَّرهُ؛ يقال: من أَين خَبَرْتَ هذا الأَمر أَي من أَين علمت؟ وقولهم: لأَخْبُرَنَّ خُبْرَكَ أَي لأَعْلَمَنَّ عِلْمَك؛ يقال: صَدَّقَ الخَبَرَ الخُبْرُ. وأَما قول أَبي الدرداء:وجدتُ الناسَ اخْبُرْ نَقْلَه؛ فيريد أَنك إذا خَبَرْتَهُم قليتهم، فأَخرج الكلام على لفظ الأَمر، ومعناه الخَبَرُ. والخُبْرُ: مَخْبُرَةُ الإِنسان. والخِبْرَةُ: الاختبارُ؛ وخَبَرْتُ الرجل أَخْبُرُه خُبْرِاً وخُبْرَةً. والخِبْيرُ: العالم؛ قال المنذري سمعت ثعلباً يقول في قوله:

كَفَى قَوْماً بِصاحِبِهمْ خَبِيرا

فقال: هذا مقلوب إِنما ينبغي أَن يقول كفى قوماً بصاحبهم خُبْراً؛ وقال الكسائي: يقول كفى قوم. والخَبِيرُ: الذي يَخْبُرُ الشيء بعلمه؛ وقوله أَنشده ثعلب:

وشِفَاءُ عِيِّكِ خابِراً أَنْ تَسْأَلي

فسره فقال: معناه ما تجدين في نفسك من العيّ أَن تستخبري. ورجل مَخْبَرانِيٌّ: ذو مَخْبَرٍ، كما قالوا مَنْظَرانِيّ أَي ذو مَنْظَرٍ. والخَبْرُ والخِبْرُ: المَزادَةُ العظيمة، والجمع خُبُورٌ، وهي الخَبْرَاءُ أَيضاً؛ عن كراع؛ ويقال: الخِبْرُ، إِلاَّ أَنه بالفتح أَجود؛ وقال أَبو الهيثم:الخَبْرُ، بالفتح، المزادة، وأَنكر فيه الكسر؛ ومنه قيل: ناقة خَبْرٌ إذا كانت غزيرة. والخَبْرُ والخِبْرُ: الناقة الغزيرة اللبن. شبهت بالمزادة في غُزْرِها، والجمع كالجمع؛ وقد خَبَرَتْ خُبُوراً؛ عن اللحياني.
والخَبْراءُ: المجرَّبة بالغُزْرِ. والخَبِرَةُ: القاع يُنْبِتُ السِّدْرَ، وجمعه خَبِرٌ، وهي الخَبْراءُ أَيضاً، والجمع خَبْراوَاتٌ وخَبَارٌ؛ قال سيبويه: وخَبَارٌ كَسَّرُوها تكسير الأَسماء وَسَلَّموها على ذلك وإِن كانت في الأَصل صفة لأَنها قد جرت مجرى الأَسماء. والخَبْراءُ: مَنْقَعُ الماء، وخص بعضهم به منقع الماء في أُصول السِّدْرِ، وقيل: الخَبْراءُ القاع ينبت السدر، والجمع الخَبَارَى والحَبارِي مثل الصحارَى والصحارِي والخبراوات؛ يقال: خَبِرَ الموضعُ، بالكسر، فهو خَبِرٌ؛ وأَرض خَبِرَةٌ.
والخَبْرُ: شجر السدر والأَراك وما حولهما من العُشْبِ؛ واحدته خَبْرَةٌ. وخَبْراءُ الخَبِرَةِ: شجرها؛ وقيل: الخَبْرُ مَنْبِتُ السِّدْرِ في القِيعانِ. والخَبْرَاءُ: قاع مستدير يجتمع فيه الماء، وجمعه خَبَارَى وخَبَاري. وفي ترجمة نقع: النَّقائهعُ خَبَارَى في بلاد تميم. الليث:الخَبْراءُ شَجْراءُ في بطن روضة يبقى فيها الماء إِلى القيظ وفيها ينْبت الخَبْرُ، وهو شجر السدر والأَراك وحواليها عُشْبٌ كثير، وتسمى الخَبِرَةَ، والجمع الخَبِرُ. وخَبْرُ الخَبِرَةِ: شجرُها قال الشاعر:

فَجادَتْكَ أَنْواءُ الرَّبيعِ، وهَلِّـلَـتْ

 

عليكَ رِياضٌ من سَلامٍ ومن خَبْرِ

والخَبْرُ من مواقع الماء: ما خَبِرَ المَسِيلُ في الرؤوس فَتَخُوضُ فيه. وفي الحديث: فَدَفعنا في خَبَارٍ من الأَرض؛ أَي سهلة لينة. والخَبارُ من الأَرض: ما لانَ واسْتَرخَى وكانت فيهع جِحَرَةٌ. والخَبارُ:الجَراثيم وجِحَرَةُ الجُرْذانِ، واحدته خَبارَةٌ. وفي المثل: من تَجَنَّبَ الخَبَارَ أَمِنَ العِثارَ. والخَبارُ: أَرض رِخْوَةٌ تتعتع فيه الدوابُّ؛ وأَنشد:

تَتَعْتَع في الخَبارِ إذا عَـلاهُ،

 

ويَعْثُر في الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ

ابن الأَعرابي: والخَبارُ ما اسْتَرْخَى من الأَرض وتَحَفَّرَ؛ وقال غيره: وهو ما تَهَوَّرَ وساخَتْ فيه القوائم. وخَبِرَتِ الأَرضُ خَبَراً:كثر خَبارُها. والخَبْرُ: أَن تزرع على النصف أَو الثلث من هذا، وهي المُخابَرَةُ، واشتقت من خَيْبَرَ لأَنها أَول ما أُقْطِعَتْ كذلك.
والمُخابَرَةُ: المزارعة ببعض ما يخرج من الأَرض، وهو الخِبْرُ أَيضاً، بالكسر. وفي الحديث: كنا نُخابر ولا نرى بذلك بأْساً حتى أَخْبَرَ رافعٌ أَن رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عنها. وفي الحديث: أَنه نهى عن المُخابرة؛ قيل: هي المزارعة على نصيب معين كالثلث والربع وغيرهما؛ وقيل:هو من الخَبارِ، الأَرض اللينة، وقيل: أَصل المُخابرة من خَيْبر، لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَقرها في أَيدي أَهلها على النصف من محصولها؛ فقيل: خابَرَهُمْ أَي عاملهم في خيبر؛ وقال اللحياني: هي المزارعة فعمّ بها. والمُخَابَرَةُ أَيضاً: المؤاكرة. والخَبِيرُ: الأَكَّارُ؛ قال:

تَجُزُّ رؤُوس الأَوْسِ من كلِّ جانِبٍ،

 

كَجَزِّ عَقاقِيلِ الكُرومِ خَبِـيرُهـا

رفع خبيرها على تكرير الفعل، أَراد جَزَّه خَبِيرُها أَي أَكَّارُها. والخَبْرُ الزَّرْعُ.
والخَبِيرُ: النبات. وفي حديث طَهْفَةَ: نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ أَي نقطع النبات والعشب ونأْكله؛ شُبّهَ بِخَبِيرَ الإِبل، وهو وبَرُها لأَنه ينبت كما ينبت الوبر. واستخلابه: احْتِشاشُه بالمِخْلَبِ، وهو المِنْجَلُ.
والخَبِيرُ: يقع على الوبر والزرع والأَكَّار. والخَبِيرُ: الوَبَرُ؛ قال أَبو النجم يصف حمير وحش:

حتى إذا ما طار من خَبِيرِها

والخَبِيرُ: نُسَالة الشعر، والخَبِيرَةُ: الطائفة منه؛ قال المتنخل الهذلي:  

فآبوا بالرماحِ، وهُنَّ عُوجٌ،

 

بِهِنَّ خَبائِرُ الشَّعَرِ السِّقَاطُ

والمَخْبُورُ: الطَّيِّب الأَدام. والخَبِيرُ: الزَّبَدُ؛ وقيل: زَبَدُ أَفواه الإِبل؛ وأَنشد الهذلي:

تَغَذّمْنَ، في جانِبيهِ، الخَبِـي

 

رَ لَمَّا وَهَى مُزنُهُ واسْتُبِيحَا

تغذمن من يعني الفحول أَي الزَّبَدَ وعَمَيْنَهُ.
والخُبْرُ والخُبْرَةُ: اللحم يشتريه الرجل لأَهله؛ يقال للرجل: ما اختَبَرْتَ لأَهلك؟ والخُبْرَةُ: الشاة يشتريها القوم بأَثمان مختلفة ثم يقتسمونها فَيُسْهِمُونَ كل واحد منهم على قدر ما نَقَدَ. وتَخَبَّرُوا خُبْرَةً: اشْتَرَوْا شَاةً فذبحوها واقتسموها. وشاة خَبِيرَةٌ: مُقْتَسَمَةٌ؛ قال ابن سيده: أُراه على طرح الزائد. والخُبْرَةُ، بالضم: النصيب تأْخذه من لحم أَو سمك؛ وأَنشد:

باتَ الرَّبِيعِيُّ والخامِيز خُبْرَتُـه،

 

وطاحَ طَيُّ بني عَمْرِو بْنِ يَرْبُوعِ

وفي حديث أَبي هريرة: حين لا آكلُ الخَبِيرَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية أَي المَأْدُومَ. والخَبير والخُبْرَةُ: الأَدام؛ وقيل: هو الطعام من اللحم وغيره؛ ويقال: اخْبُرْ طعامك أَي دَسِّمْهُ؛ وأَتانا بِخُبْزَةٍ ولم يأْتنا بخُبْزَةٍ. وجمل مُخْتَبِرٌ: كثير اللحم. والخُبْرَةُ: الطعام وما قُدِّم من شيء. وحكي اللحياني أَنه سمع العرب تقول: اجتمعوا على خُبْرَتِه، يعنون ذلك. والخُبْرَةُ: الثريدة الضخمة. وخَبَرَ الطعامَ يَخْبُرُه خَبْراً: دَسَّمَهُ. والخابُور: نبت أَو شجر؛ قال:

أَيا شَجَرَ الخابُورِ ما لَكَ مُورِقاً؟

 

كأَنَّكَ لم تَجْزَعُ على ابنِ طَرِيفِ

والخابُور: نهر أَو واد بالجزيرة؛ وقيل: موضع بناحية الشام. وخَيْبَرُ: موضع بالحجاز قرية معروفة. ويقال: عليه الدَّبَرَى وحُمَّى خَيْبَرى.

خبرجل

الخَبَرْجَل: الكُرْكِيُّ.

خبرع

الخُبْروعُ: النَّمَّام، وهي الخَبْرَعةُ فِعلهُ.

خبرق

خَبْرَقَ الثوبَ: شَقَّه.

خبرنج

الخَبَرْنَجُ: الناعِمُ البَدَنِ البَضُّ، والأُنثى بالهاء.
الأَصمعي: الخَبَرْنَجُ الخُلُقُ الحسن.
وجِسْمٌ خَبَرْنَجٌ: ناعم؛ قال العجاج:

غَرَّاءُ سَوَّى خَلْقَها الخَبَرْنَجا،

 

مَأْدُ الشَّبابِ عَيْشَها المُخَرْفَجا

ومَأْدُ الشباب: ماؤُه واهتزازه. وغُصْنٌ يَمْأَدُ من النَّعْمَةِ: يَهْتز.
والخَبَرْنَجَةُ من النساء: الحسنة الخَلْقِ الضَّخْمَةُ القَصَبِ، وقيل: هي اللحيمةُ الحادِرَةُ الخَلْقِ في استواءٍ، وقيل: هي العظيمة الساقين. وخَلْقٌ خَبَرْنَجٌ: تامٌّ. والخَبَرْنَجَةُ: حُسْنُ الغذاءِ.

خبز

الخُبْزَةُ: الطُّلْمَةُ، وهي عجين يوضع في المَلَّةِ حتى يَنْضَجَ، والمَلَّة: الرَّماد والتراب الذي أُوقد فيه النار. والخُبْزُ: الذي يؤكل. والخَبْزُ، بالفتح: المصدر، خَبَزَه يَخْبِزه خَبْزاً واخْتَبَزَه: عمله. والخَبَّاز: الذي مِهْنَتُه ذلك، وحِرْفَته الخِبازَة. والاخْتِباز: اتخاذ الخُبْز؛ حكاه سيبويه. التهذيب: اخْتَبز فلانٌ إذا عالج دقيقاً يعجنه ثم خَبَزَه في مَلَّة أَو تَنُّور. وخَبَزَ القومَ يَخْبِزُهم خَبْزاً: أَطعمهم الخُبْزَ. ورجل خابِز أَي ذو خُبْز مثل تامِر ولابن. ويقال: أَخذنا خُبْزَ مَلَّةٍ، ولا يقال أَكلنا مَلَّةً. وقول بعض العرب: أَتيت بني فلان فَخَبَزوا وحاسُوا وأَقَطُوا أَي أَطعموني كلَّ ذلك؛ حكاها اللحياني غيرَ مُعَدَّياتٍ أَي لم يقل خَبَزُوني وحاسُوني وأَقَطُوني.
والخَبِيز: الخُبْز المخبوز من أَيّ حَبٍّ كان. والخُبْزة: الثَّريدة الضَّخمة، وقيل: هي اللحم. والخَبْزُ: الضرب باليدين، وقيل: هو الضرب باليد، وقيل: هو الضرب. والخَبْزُ: السَّوْق الشديد، خَبَزَها يَخْبِزُها خَبْزاً؛ قال:

لا تَخْبِزا خَبْزاً ونُسَّا نَسَّا،

 

ولا تُطِيلا بمُناخٍ حَبْسا

يأْمره بالرِّفق. والنَّسُّ: السير اللين، وقال بعضهم: إِنما يخاطِبُ لِصَّيْنِ، ورواه: وبُسَّا بَسّا، من البَسِيسِ؛ يقول: لا تقعدوا للخَبْز ولكن اتخذا البَسِيسة. وقال أَبو زيد: الخَبْزُ السوق الشديد، والبَسُّ: السير الرفيق، وأَنشد هذا الرجز: وبُسَّا بَسَّا. وقال أَبو زيد أَيضاً: البَسُّ بَسُّ السويق، وهو لَتُّهُ بالزيت أَو بالماء، فأَمر صاحِبَيْه بِلَتّ السويق وترك المُقام على خَبْز الخُبْز ومِراسه لأَنهم كانوا في سفر لا مُعَرَّج لهم، فحث صاحبيه على عُجالَةٍ يَتَبَلَّغُون بها ونهاهما عن إِطالة المُقام على عجن الدقيق وخَبْزِه.
والخَبْزُ: ضَرْب البعير بيديه الأَرض، وهو على التشبيه؛ وقيل: سمي الخَبْزُ به لضَرْبهم إِياه بأَيديهم، وليس بقويّ.
والخُبازى والخُبَّازُ: نبت بَقْلة معروفة عريضة الورق لها ثمرة مستديرة، واحدته خُبَّازة؛ قال حميد:

وعادَ خُبَّازٌ يُسَقِّـيه الـنَّـدى

 

ذُراوَةً، تَنْسُجُه الهُوجُ الدُّرُجْ

وانْخَبَزَ المكان: انخفض واطمأَنَّ. وتَخَبَّزَت الإِبلُ العُشْبَ تَخَبُّزاً إذا خبطته بقوائمها.
والخَبيزاتُ: خَبْزَواتٌ بِصَلْعاءِ ماوِيَّةَ، وهو ماء لِبَلْعَنبر؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

ليست من اللاَّئي تَلَهَّى بالطُّنُبْ،

 

ولا الخَبِيزات مع الشَّاءِ المُغِبّْ

قال: وإِنما سُمِّين خَبيزات لأَنهن انْخَبَزْنَ في الأَرض أَي انخفضن واطْمَأْنَنَّ فيها.

خبس

خَبَسَ الشيءَ يَخْبُسُه خَبْساً وتَخَبَّسَه واخْتَبَسَه: أَخذه وغَنِمَه. والخُباسَةُ: الغنيمة؛ قال عمرو بن جُوَيْنٍ أَو امرؤ القيس:

فلم أَرَ مثلَهـا خُـبـاسَةَ واجـدٍ

 

ونَهْنَهْتُ نَفْسي بعدما كِدتُ أَفْعَلَهْ

نصب على إِرادة أَن، لأَن الشعراء يستعملون أَن ههنا مضطرين كثيراً.
والخُباساء: كالخُباسَة، والخُباسَة، بالضم، المَغْنَمُ. الأَصمعي: الخُباسَةُ ما تَخَبَّسْتَ من شيء أَي أَخذته وغنمته، ومنه يقال: رجل خَبَّاسٌ أَي غَنَّام. والاخْتِباسُ: أَخذ الشيءِ مُغالَبَةً. وأَسَدٌ خَبُوس وخَبَّاسٌ وخابِسٌ وخُنابِسٌ: يَخْتَبِسُ الفَريسَة. وخَبَسه: أَخذه، وأَسَدٌ خُوابِسٌ؛ وأَنشد أَبو مَهْدِي لأَبي زُبَيْدٍ الطائي واسمه حَرْمَلة ابن المنذر:

فما أَنا بالضَّعِيفِ فَتَزْدَرُونـي

 

ولا حَقِّي اللَّفاءُ ولا الخَسِيسُ

ولكني ضُبـارِمَةٌ جَـمُـوحٌ

 

على الأَقْران، مُجْتَرئ خَبُوسُ

اللَّفاءُ: الشيء اليسير الحقير. يقال: رضيت من الوفاء باللَّفاء.
ويقال: اللَّفاءُ ما دون الحَقِّ. والضُّبارِمَة: المُوَثَّقُ الخَلْقِ من الأُسْدِ وغيرها. وجَمُوحٌ: ماض راكبٌ رأْسَه. والخَبْسُ والاخْتباسُ: الظلم؛ خَبَسه مالَه واخْتَبَسَه إِياه. والخُباسَة: الظُّلامَةُ.
خرس: الخَرَسُ: ذهاب الكلام عِيّاً أَو خِلْقَةً، خَرِسَ خَرَساً وهو أَخْرَسُ. والخَرَسُ، بالتحريك: المصدر، وأَخْرَسَه اللَّه. وجمل أَخْرَسُ: لا ثَقب لشِقْشِقَتِه يَخْرُج منه هَدِيرُه فهو يُردِّدُه فيها، وهو يُستحب إِرسالُه في الشَّوْلِ لأَنه أَكثر ما يكون مِئْناثاً. وعَلَم أَخْرَسُ: لا يسمع في الجبل له صَدىً، يعني العَلَم الذي يهتدى به؛ قال الأَزهري وسمعت العرب تنشد:

وأَيْرَمٌ أَخْرَسُ فوق عَنْزِ

والأَيْرَمُ: العَلَم فوق القارَةُ يُهْتَدى به. والأَحْرَس: القديم العادي مأْخوذ من الحَرْس، وهو الدهْرُ. والعنز: القارة السوداء؛ قال وأَنشدنيه أَعرابي آخر:

وأَرَمٌ أَعْيَسُ فَوق عَنْزِ

قال: والأَعْيَسُ الأَبيض. والعَنْزُ: الأَسْوَدُ من القُور، قارة عَنْزٌ: سوداء. وناقة خَرْساء: لا يسمع لها رُغاء. وكتيبة خَرْساء إذا صَمَتَتْ من كثرة الدُّرُوعِ أَي لم يكن لها قَعاقِعُ، وقيل: هي التي لا تسمع لها صوتاً من وَقارِهِمْ في الحرب. قال الأَزهري: وسمعت العرب تقول للبن الخاثر: هذه لَبَنَة خَرْساء لا يسمع لها صوت إذا أُريقت. المحكم: وشربة خَرْساء وهي الشربة الغليظة من اللبن. ولبن أَخْرَسُ أَي خاثر لا يسمع له في الإِناء صوت لغلظه. وقال أَبو حنيفة: عين خَرْساء وسحابة خَرْساء لا رعد فيها ولا برق ولا يسمع لها صوت رعد. قال: وأَكثر ما يكون ذلك في الشتاء لأَن شدة البرد تُخْرِسُ البَرَدَ وتُطفئ البَرْقَ. الفراء: يقال وَلاَّني عُرْضاً أَخْرَسَ أَمْرَسَ؛ يريد أَعْرَضَ عني ولا يكلمني. والخَرْساء: الداهية.
والعِظامُ الخُرْسُ: الصُّمُّ، قال: حكاه ثعلب. والخَرْساءُ من الصخور: الصَّمَّاء؛ أَنشد الأَخفش قول النابغة:

أَواضِعَ البيتِ في خَرْساءَ مُظْلِمَةٍ

 

تُقَيَّدُ العَيْرَ، لا يَسْري بها السَّاري

ويروى: تقيد العين، وهو مذكور في موضعه.
والخُرْسُ والخِراسُ: طعام الولادة؛ الأَخيرة عن اللحياني، هذا الأَصل ثم صارت الدعوة للولادة خُرْساً وخِراساً؛ قال الشاعر:

كلُّ طعامٍ تَشْتَهي رَبيعَـهْ

 

الخُرْسُ والإِعْذارُ والنَّقِيعَهْ

وخَرَّسْتُ على المرأَة تَخْريساً إذا أَطعمت في ولادتها. والخُرْسَةُ: التي تُطْعِمُها النُّفَساءُ نَفْسَها أَو ما يُصْنع لها من فَريقَةٍ ونحوها. وخَرَسَها يَخْرُسُها؛ عن اللحياني، وخَرَّسَها خُرْسَتَها وخَرَّسَ عنها، كلاهما: عملها لها؛ قال:

وللَّه عَيْنا مَنْ رَأَى مثلَ مِقْيَسِ

 

إِذا النُّفَساء أَصْبَحَتْ لم تُخَرَّسِ

وقد خُرِّسَتْ هي أَي يجعلُ لها الخُرْسُ؛ قال الأَعْلم الهُذَليُّ يصف حَدْبَ الزمان وعَدَمَ الكسب حتى إِن المرأَة النفساء لا تُخَرَّسُ والفَطِيم لا يُسْكَتُ بِحِتْرٍ، وهو الشيء اليسير من الطعام وغيره:

إِذا النُّفَساءُ لم تُخَرَّسْ بِبِكْـرِهـا

 

غُلاماً، ولم يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُها

الحِتْرُ: الشيء القليل الحقير، أَي ليس لهم شيء يُطْعِمُون الصبي من شدّة الأَزْمَةِ. وقوله غلاماً منتصب على التمييز فيكون بياناً للبِكْر، لأن البِكْر يكون غلاماً وجارية، وأَراد أَن المرأَة إذا أَذْكَرَتْ كانت في النفوس آثَر والعنايَةُ بها آكَدَ، فإِذا اطُّرِحَتْ دل ذلك على شدّة الجَدْب وعموم الجَهْدِ. وفي الحديث في صفة التمر: هي صُمْتَةُ الصبي وخُرْسَةُ مَرْيَمَ؛ الخُرْسَة: ما تَطْعَمُه المرأَةُ عند وِلادِها.
وخَرَّسْتُ النفساء: أَطعمتها الخُرْسَة. وأَراد قول اللَّه عز وجل: وهُزّي إِليك بِجِذع النخلة تُساقِطْ عليك رُطَباً جَنِيّاً. والخُرْسُ، بلا هاء: الطعام الذي يدعى إِليه عند الولادة. وفي حديث حَسَّان: كان إذا دُعِيَ إِلى طعام قال: إِلى عُرْس أَم خُرْس أَم إِعْذارٍ؟ فإِن كان في واحد من ذلك أَجاب، وإِلا لم يُجِبْ؛ وأَما قول الشاعر يصف قوماً بقلة الخير:

شَرُّكُمْ حاضِـرٌ وخَـيْرُكُـمُ د

 

رُّ خَرُوسٍ، من الأَرانِبِ، بِكْرِ

فيقال: هي البِكْرُ في أَوّل حملها، ويقال: هي التي يعمل لها الخُرْسَةُ. ومن أمثالهم: تَخَرّسي لا مُخَرِّسَةَ لَكِ. وقال خالد بن صفوان في صفة التمر: تُحْفَةُ الكبير، وصُمْتَةُ الصغير، وتَخْرِسَةُ مَرْيم. كأَنه سماه بالمصدر وقد تكون اسماً كالتَّنْهِيَةِ والتَّوْديَةِ. وتَخَرَّسَت المرأَةُ: عَمِلَتْ لنفسها خُرْسَة. والخَرُوسُ من النساء: التي يعمل لها شيء عند الولادة. والخَرُوس أَيضاً: البِكْر في أَول بطن تحمله. ويقال للأَفاعي: خُرْسٌ؛ قال عنترة:

عليهم كلُّ مُحْكَمَةٍ دِلاصٍ

 

كأَن قَتِيرَها أَعْيانُ خُرْسِ

والخَرْسُ والخِرْسُ: الدَّنُّ؛ الأَخيرة عن كراع، والصاد في هذه الأَخيرة لغة. والخَرَّاسُ: الذي يعمل الدّنانَ؛ قال الجعدي:

جَوْنٌ كَجَوْنِ الخَمَّارِ حَرَّدَه الْ

 

خَرَّاسُ، لا ناقِسٌ ولا هَـزِمُ

الناقس: الحامض؛ قال العجاج:

وخَرْسه المُحْمَرُّ فيه ما اعْتُصِرْ

قال الأَزهري: وقرأْت في شعر العجاج المقروء على شمر:

مُعَلِّقِينَ في الكلالِيبِ السُّـفَـرْ

 

وخَرْسه المُحْمَرُّ فيه ما اعْتُصِرْ

قال: الخَرْسُ الدنّ، قيده بالخاء. والخَرَّاس أَيضاً: الخَمَّار.
وخُراسانُ: كُورَةٌ، النسب إِليها خُراسانيٌّ، قال سيبويه: وهو أَجود، وخُراسِيٌّ خُرْسِيٌّ، ويقال: هم خُرْسانٌ كما يقال هم سُودانٌ وبِيضانٌ؛ ومنه قول بَشَّار:

في البيت من خُرْسان لا تُعابُ

يعني بناته، ويجمع على الخُرَسِينَ، بتخفيف ياء النسبة كقولك الأَشْعَرين؛ وأَنشد:

لا تُكْرِيَنَّ بعدها خُرَسِيَا.

خبش

خَبَش الشيءً: جمعه من ههنا وههنا. وخُباشاتُ العَيْشِ ما يُتَناوَلُ من طَعامٍ أَو نحوِه، تُخَبَّشُ من ههنا وههنا. والخَبْشُ، مثل الهَبْشِ سواء: وهو جمع الشيء. ورجل خَبَّاشٌ: مكتَسِبٌ. اللحياني: إِن المَجْلِسَ ليَجمعُ خُباشاتٍ من الناس وهُباشاتٍ إذا كانوا من قبائل شتى. وقال أَبو منصور: هو يَحْبِشُ، بالحاء المهملة، ويَهْبِشُ، وهي الحُباشات والهُباشاتُ.
وخَنْبَشٌ: اسم رجل مشتق من أَحد هذه الأَسماء، قال الأَزهري: وقد رأَيت غلاماً أَسودَ في البادية كان يسمى خَنْبشاً؛ وهي فَنْعَلٌ من الخبش.

خبص

الخَبْصُ فِعْلُك الخَبيصَ في الطِّنْجِير، وقد خَبَصَ خَبْصاً وخَبَّصَ تَخْبِيصاً، فهو خَبِيصٌ مُخَبَّصٌ مَخْبُوص. ويقال: اخْتَبَصَ فلان إذا اتخذ لنفسه خَبِيصاً.
والخَبِيصُ: الحَلْواءُ المَخْبُوصةُ معروف، والخَبيصةُ أَخصُّ منه.
وخَبَصَ الحلواء يَخْبِصُها خَبْصاً وخَبَّصها: خلَطها وعمِلَها.
والمِخْبَصةُ: التي يُقَلَّب فيها الخبيصُ، وقيل: المِخْبَصةُ كالمِلْعَقة يُعْمل بها الخَبِيصُ.
وخبَصَ خَبْصاً: ماث. وخَبَصَ الشيءَ بالشيء: خَلَطَه.

خبط

خَبَطَه يَخْبِطُه خَبْطاً: ضربه ضرْباً شديداً. وخبَط البعيرُ بيده يَخْبِطُ خبْطاً: ضرب الأَرض بها؛ التهذيب: الخَبْطُ ضرب البعير الشيءَ بخُفِّ يدِه كما قال طرفة:

تَخْبِطُ الأَرضَ بِصُمٍّ وُقُـحٍ،

 

وصِلابٍ كالملاطِيسِ سُمُر

أَراد أَنها تَضْرِبُها بأَخْفافِها إذا سارَتْ. وفي حديث سعد أَنه قال: لا تَخْبِطُوا خَبْطَ الجمَل ولا تَمُطُّوا بآمِينَ، يقول: إذا قام قدَّم رِجْلَه يعني من السُّجودِ، نهاه أَن يُقَدِّمَ رِجْلَه عند القيامِ من السجود. والخَبْطُ في الدَّوابِّ: الضرْبُ بالأَيْدِي دون الأَرْجُلِ، وقيل: يكون للبعير باليد والرجل. وكلُّ ما ضرَبه بيده، فقد خبَطه؛ أَنشد سيبويه:

فَطِرْتُ بمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ،

 

دَوامِي الأَبْدِ، يَخْبِطْنَ السَّرِيحا

أَراد الأَيْدي فاضْطُرَّ فحذف. وتَخَبَّطَه: كَخَبَطَه؛ ومنه قيل خَبْطَ عَشْواء، وهي الناقة التي في بَصرها ضَعْفٌ تَخْبِط إذا مشت لا تتوَقَّى شيئاً؛ قال زهير:

رأَيتُ المَنايا خَبْطَ عَشْواء مَنْ تُصِبْتُمِتْه، ومَنْ تُخْطِئ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ

يقول: رأَيتها تَخْبِطُ الخَلْقَ خَبْطَ العَشْواء من الإِبل، وهي التي لا تُبْصِرُ، فهي تَخْبِطُ الكل لا تُبْقِي على أَحد، فممّن خَبَطَتْه المَنايا من تُمِيتُه، ومنهم من تُعِلُّه فيبرأُ والهَرَمُ غايتُه ثم الموت. وفلان يَخْبِط في عَمْياء إذا رَكِبَ ما ركب بجَهالةٍ. ورجل أَخْبَطُ يَخْبِطُ برجليه؛ وقوله:

عَنّا ومَدَّ غايَةَ المُنْحَـطِّ،

 

قَصَّرَ ذُو الخَوالِع الأَخْبَطِّ

إِنما أَراد الأَخْبَطَ فاضطر فشدد الطاء وأَجْراها في الوصل مُجْراها في الوقف. وفرس خَبِيطٌ وخَبُوطٌ: يخبِطُ الأَرض برجليه. التهذيب: والخَبُوطُ من الخيل الذي يَخْبِط بيديه. قال شجاع: يقال تَخَبَّطَني برجله وتخبَّزَني وخبَطَني وخبَزَني. والخَبْطُ: الوَطْء الشديد، وقيل: هو من أَيدي الدَّوابّ. والخَبَطُ: ما خَبَطَتْهُ الدوابُّ. والخَبيطُ: الحَوْضُ الذي خَبَطَتْه الإِبل فهدَمَتْه، والجمع خُبُطٌ، وقيل: سمي بذلك لأَن طينه يُخبَطُ بالأَرجل عند بنائه؛ قال الشاعر:

ونُؤْي كَأَعضاد الخَبِيطِ المُهَدَّمِ

وخبَطَ القومَ بسيفه يَخْبِطُهُم خَبْطاً: جلدَهم. وخبَطَ الشجرة بالعَصا يَخْبِطُها خَبْطاً: شدّها ثم ضرَبها بالعصا ونفَض ورَقها منها ليَعْلِفَها الإِبلَ والدوابَّ؛ قال الشاعر:

والصَّقْع من خابِطةٍ وجُرْزِ

قال ابن بري: صواب إِنشاده والصقعِ، بالخفض، لأَن قبله:

بالمَشْرَفيَّات وطَعْنٍ وخْزِ

الوخْزُ: الطعْنُ غير النافذ. والجُرْزُ: عَمودٌ من أَعْمِدةِ الخِباء.
وفي التهذيب أَيضاً: الخَبْطُ ضرْبُ ورق الشجر حتى يَنْحاتَّ عنه ثم يَسْتَخْلِف من غير أَن يَضُرّ ذلك بأَصل الشجرة وأَغْصانِها. قال الليث: الخَبَطُ خَبَطُ ورق العِضاهِ من الطَّلْحِ ونحوه يُخْبَطُ يُضْرَبُ بالعصا فيتناثر ثم يُعْلف الإِبل، وهو ما خَبَطَتْه الدوابُّ أَي كسرَتْه. وفي حديث تحريم مكة والمدينة: نَهَى أَن تُخْبَطَ شجرُها؛ هو ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، واسم الورق الساقطِ الخَبَطُ، بالتحريك، فَعَلٌ بمعنى مَفْعول، وهو من عَلَفِ الإِبل. وفي حديث أَبي عبيدة: خرج في سرية إِلى أَرض جُهَينةَ فأَصابهم جوع فأَكلوا الخَبَطَ فسُمُّوا جيشَ الخَبَطِ.
والمِخْبَطةُ: القَضِيبُ والعَصا؛ قال كثيِّر:

إِذا خَرَجَتْ مِنْ بيتِها حالَ دُونَـهـا

 

بِمِخْطةٍ، يا حُسْنَ مَنْ أَنت ضارِبُ،

يعني زوجها أَنه يخْبِطُها. وفي الحديث: فضَرَبَتْها ضَرَّتُها بمِخْبَط فأَسْقَطَتْ جَنِيناً؛ المِخْبَطُ، بالكسر: العصا التي يُخبط بها الشجر.
وفي حديث عمر: لقد رأَيْتُني بهذا الجبل أَحْتَطِبُ مرة وأَخْتَبِطُ أُخْرى أَي أَضرب الشجر لينتَثِرَ الورقُ منه، وهو الخَبَطُ. وفي الحديث: سُئل هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قال: لا إلا كما يَضُرُّ العِضاةَ الخَبْطُ؛ الغبْطُ: حسَدٌ خاصٌّ فأَراد، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَن الغَبْطَ لا يضرّ ضَررَ الحَسَدِ، وأَنّ ما يَلْحَقُ الغابِطَ من الضَّررِ الراجع إِلى نُقصان الثواب دونَ الإِحْباط بقدر ما يلحق العِضاهَ من خَبْط ورَقِها الذي هو دون قَطْعِها واسْتئصالها، ولأَنه يعود بعد الخبْط ورقُها، فهو وإِن كان فيه طرَفٌ من الحسَدِ فهو دونه في الإثم. والخَبَطُ: ما انْتَفَضَ من ورقها إذا خُبِطتْ، وقد اختبط له خبَطاً. والناقةُ تَخْتَبِطُ الشوكَ: تأْكله؛ أَنشد ثعلب:

حُوكَتْ على نِيْرَيْن، إِذ تُحاكُ،

 

تَخْتَبِطُ الشَّوْكَ، ولا تُـشـاكُ

أَي لا يُؤذِيها الشوكُ. وحُوكَتْ على نِيْرَيْنِ أَي أَنها شَحِيمةٌ قويّةٌ مُكْتَنِزة، وخبَط الليلَ يَخْبِطُه خَبْطاً: سار فيه على غير هُدىً؛ قال ذو الرمة:

سَرَتْ تخْبِطُ الظَّلْماء من جانِبيْ قَسَا،

 

وحُبَّ بها من خابِطِ الـلـيلِ زائر

وقولهم ما أَدري أَي خابِطِ الليلِ هو أَو أَيُّ خابِطِ ليلٍ هو أَي أَيُّ الناس هو. وقيل: الخبط كلُّ سْيرٍ على غير هدى. وفي حديث علي، كرم اللّه وجهه: خَبّاطُ عَشواتٍ أَي يخبط في الظّلام، وهو الذي يمشي في الليل بلا مِصْباح فيتحير ويَضلّ، فربما تَردّى في بئر، فهو كقولهم يَخْبِط في عَمْياء إذا ركب أَمراً بجَهالة.
والخُباطُ، بالضم: داء كالجُنون وليس به. وخبَطَه الشيطانُ وتَخَبَّطَه: مسَّه بأَذىً وأَفسَدَه. ويقال: بفلان خَبْطةٌ من مَسٍّ. وفي التنزيل: كالذي يَتَخَبَّطُه الشيطانُ من المَسِّ؛ أَي يتوَطَّؤُه فيصْرَعُه، والمَسُّ الجُنون. وفي حديث الدعاء: وأَعوذ بك أَن يَتَخبَّطَني الشيطانُ أَي يَصْرَعَني ويَلْعَبَ بي. والخَبْطُ باليدين: كالرَّمْح بالرّجْلَيْنِ.
وخُباطةُ معرفةً: الأَحْمَقُ كما قالوا للبحر خُضارةَ. وروي عن مكحول: أَنه مر برجل نائم بعد العصر فدفَعَه برجله فقال: لقد عُوفِيتَ، لقد دُفع عنك، إِنها ساعةُ مَخْرَجِهم وفيها يَنْتَشِرُون، ففيها تكون الخَبْتةُ؛ قال شمر: كان مكحول في لسانه لُكْنةٌ وإِنما أَراد الخَبْطةَ من تَخَبَّطَه الشيطانُ إذا مَسَّه بخَبْلٍ أَو جنُونٍ، وأَصل الخَبْطِ ضرْبُ البعير الشيءَ بخُفِّ يده. أَبو زيد: خَبَطْتُ الرجلَ أَخْبِطُه خَبْطاً إذا وصلْته. ابن بزرج: قالوا عليه خَبْطةٌ جَمِيلةٌ أَي مَسْحةٌ جميلةٌ في هيئته وسَحْنَتِه. والخَبْطُ: طَلَبُ المعروف، خَبَطَه يَخْبِطُه خبْطاً واخْتَبَطَه. والمُخْتَبِطُ: الذي يَسْأَلُك بلا وسِيلة ولا قَرابةٍ ولا معرفة. وخَبَطَه بخير: أَعطاه من غير معرفة بينهما؛ قال عَلْقَمةُ بن عَبْدةَ:

وفي كلِّ حَيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ،

 

فَحُقَّ لشَأْسٍ من نَداكَ ذَنُـوبُ

وشَأْسٌ: اسم أَخي عَلْقَمةَ، ويروى: قد خَبَطَّ أَراد خَبَطْتَ فقلب التاء طاء وأَدغم الطاء الأُولى فيها، ولو قال خَبَتَّ يريد خَبَطْتَ لكان أَقْيَسَ اللغتين، لأَن هذه التاء ليست متصلة بما قبلها اتصال تاء افْتَعَلْتَ بمثالِها الذي هي فيه، ولكنه شبه تاء خبطْتَ بتاء افتعل فقَلَبها طاء لوقوع الطاء قبلها كقوله اطَّلَعَ واطَّرَدَ، وعلى هذا قالوا فحَصْطُ برجلي كما قالوا اصْطَبَرَ؛ قال الشاعر:

ومُخْتَبِطٍ لم يَلْقَ من دُونِنا كُفىً،

 

وذاتِ رَضِيعٍ لم يُنِمْها رَضِيعُها

وقال لبيد:

لِيَبْكِ على النعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنةٌ،

 

ومُحْتَبِطاتٌ كالسَّعالي أَرامِـلُ

ويقال: خبَطَه إذا سأَلَه؛ ومنه قول زهير: يَوْماً ولا خابِطاً من مالِه وَرِقا وقال أَبو زيد: خَبَطْتُ فلاناً أَخْبِطُه إذا وصلْتَه؛ وأَنشد في ترجمة جزح:

وإِنِّي، إذا ضَنَّ الرَّفُودُ برِفْدِه،

 

لمُخْتَبِطٌ من تالِدِ المالِ جازِحُ

قال ابن بري: يقال اخْتَبَطَني فلان إذا جاءَ يَطْلُبُ المَعْروفَ من غير آصِرةٍ؛ ومعنى البيت إِنّي إذا بَخِل الرَّفُود برفْده فإِني لا أَبْخَلُ بل أَكون مخْتَبِطاً لمن سأَلني وأُعْطِيه من تالِدِ مالي أَي القديم. أَبو مالك: الاخْتِباطُ طلَبُ المعْروفِ والكسب. تقول: اخْتَبَطْت فلاناً واخْتَبَطْتُ مَعْرُوفَه فاختبطني بخير. وفي حديث ابن عامر: قيل له في مرضه الذي مات فيه قد كنت تَقْري الضيفَ وتُعْطِي المُخْتَبِطَ؛ هو طالِبُ الرِّفْدِ من غير سابق معرفة ولا وَسِيلةٍ، شُبّه بِخابطِ الورَقِ أَو خابِطِ الليل. والخِباطُ، بالكسرِ: سمةٌ تكون في الفخذ طويلةٌ عَرْضاً وهي لبني سعد، وقيل: هي التي تكون على الوجه، حكاه سيبويه، وقال ابن الأَعرابي: هي فوق الخَدّ، والجمعُ خُبُطٌ؛ قال وَعْلةُ الجَرْمِيُّ:

أَمْ هَلْ صَبَحْتَ بَني الديّانِ مُوضِحةً،

 

شَنْعاء باقِيةَ التَّلْحِيمِ والـخُـبُـطِ؟

وخَبَطَه خَبْطاً: وسَمه بالخِباطِ؛ قال ابن الرماني في تفسير الخِباط في كتاب سيبويه: إِنه الوَسْمُ في الوجه، والعِلاطُ والعِراضُ في العُنُق، قال: والعِراضُ يكون عَرْضاً والعِلاطُ يكون طُولاً. وخبَطَ الرجلُ خبْطاً: طرح نفسَه حيث كان ونام؛ قال دبّاق الدُّبَيْرِيُّ:

قَوْداء تَهْدي قُلُصاً مَمارِطَـا،

 

يَشْدَخْن باللّيلِ الشُّجاعَ الخابِطا

المَمارِطُ: السِّراعُ، واحدتها مِمْرَطةٌ. أَبو عبيد: خبَطَ مثل هَبَغَ إذا نامَ. والخَبْطةُ: كالزَّكْمةِ تأْخذ قبل الشّتاء، وقد خُبط، فهو مَخْبُوطٌ. والخِبْطةُ: القِطْعةُ من كل شيء. والخِبْطُ والخِبْطةُ والخِبِيطُ: الماء القليلُ يبقى في الحوْضِ؛ قال:

إِنْ تَسْلَمِ الدَّفْواءُ والضَّروطُ،

 

يُصْبِحْ لها في حَوْضِها خَبِيطُ

والدَّفْواءُ والضَّرُوطُ: ناقَتانِ. والخِبْطة، بالكسر: اللبَنُ القليل يبقى في السقاء، ولا فعل له. قال أَبو عبيد: الخِبْطةُ الجَرْعةُ من الماء تَبْقَى في قِرْبةٍ أَو مَزادة أَو حَوْضٍ، ولا فعل لها؛ قال ابن الأَعرابي: هي الخِبْطةُ والخَبْطةُ والحِقْلةُ والحَقْلَةُ والفَرْسَة والفَراسة والسُّحْبةُ والسُّحابةُ، كله: بقية الماء في الغدير. والحَوْضُ الصغير يقال له: الخَبِيطُ. ابن السكيت: الخِبْطُ والرَّفَضُ نحو من النصف ويقال له الخَبِيطُ، وكذلك الصَّلْصلةُ. وفي الإِناء خِبْطٌ: وهو نحو النِّصْفِ، ويقال خَبِيطٌ؛ وأَنشد:

يُصْبِحْ لها في حَوْضِها خَبِيطُ

ويقال خَبِيطةٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

هَلْ رامَني أَحَدٌ يُرِيدُ خَبِيطتي،

 

أَمْ هَلْ تَعَذَّر ساحَتي ومَكاني؟

والخِبْطةُ: ما بقي في الوِعاء من طعام أَو غيره. قال أَبو زيد: الخِبْطُ من الماء الرَّفْضُ، وهو ما بين الثلث إِلى النصف من السقاء والحوض والغدير والإِناء. قال: وفي القِربة خِبْطةٌ من ماء وهو مثل الجرْعة ونحوها.
ويقال: كان ذلك بعد خِبْطةٍ من الليل أَي بعد صدْرٍ منه. والخِبْطةُ: القِطْعة من البيوت والناس، تقول منه: أَتَوْنا خِبْطة خِبْطة أَي قِطْعة قطعة، والجمع خِبَطٌ؛ قال:

افْزَعْ لِجُوفٍ قد أَتتك خِبَطا،

 

مِثل الظَّلام والنهار اخْتَلَطا

قال أَبو الربيع الكلابي: كان ذلك بعد خِبْطةٍ من الليل وحِذْفةٍ وخدمة أَي قِطْعة.
والخَبِيطُ: لبن رائب أَو مَخِيضٌ يُصَبُّ عليه الحليب من اللبن ثم يضرب حتى يختلط؛ وأَنشد:

أَو قُبْضة من حازِرٍ خَبِيط

والخِباطُ: الضِّرابُ؛ عن كراع. والخَبْطةُ: ضربة الفحلِ الناقةَ؛ قال ذو الرمة يصف جملاً:

خَرُوجٌ من الخَرْقِ الـبـعـيدِ نِـياطُـه،

 

وفي الشَّوْلِ يُرْضَى خَبْطةَ الطَّرْقِ ناجِلُهْ

خبع

خبَع الصبيُّ خُبوعاً: انقطَع نفَسُه وفُحِم من البُكاء. وخَبَع في المكان: دخل فيه. والخَبْعُ: لغة في الخَبْء. وخَبَعْت الشيء: لغة في خَبَأْتُه. وأَما الخَبْعُ في الخَبْء فعلى الإِبدال لا يُعتدّ به من هذا الباب، وعلى هذا قالوا: جارية خُبَعةٌ طُلَعةٌ أَي تَخْبأُ نفسها مرّة وتُبْديها مرة. وامرأَة خُبَعة خُبَأَة بمعنى واحد؛ وخُبَعةٌ طُلَعةٌ قُبَعةٌ.
والخُبَعةُ: المُزْعةُ من القُطْن؛ عن الهَجَريّ.

خبعثن

الخُبَعْثِنة: الناقةُ الحَريزة. وتَيسٌ خُبَعْثِنٌ: غليظ شديد؛ قال:

رأَيتُ تَيْساً راقَني لكَني،

ذا مَنْبِتٍ يَرْغَبُ فيه المُقْتَني،

أَهْدَبَ مَعْقودَ القَرَى خُبَعْثِن

والخُبَعْثِنُ أَيضاً من الرجال: القويُّ الشديد. أَبو عبيدة: الخُبَعْثِنة من الرجال الشديدُ الخَلْق العظيمة، وقيل: هو العظيم الشديد من الأُسد. الجوهري: الخُبَعْثِنة الضخم الشديد مثل القُذَعْمِلَةَ؛ وأَنشد أَبو عمرو:

خُبَعْثِنُ الخَلْقِ في أَخلاقه زَعَرٌ

وقال أَبو زُبيدٍ الطائيّ في وصف الأَسد:

خُبَعْثِنةٌ فـي سـاعِـدَيهِ تَـزايُلٌ،

 

تقولَ وعَى من بعدِ ما قد تكَسَّرا.

وقال الفرزدق يصف إبَلاً:

حُوَاساتُ العَشاءِ خُبَعْثنـاتٌ،

 

إذا النَّكْباءُ عارَضَتِ الشِّمَالا.

حُواسات: أَكُولات. يقال: حاسَ يَحُوسَ حَوْساً أَكل، والعَشاء، بفتح العين: الطعام بعينه، أَي هي أَكولاتٌ مستوفياتٌ لعشائهن، ومن روى العِشاء، بكسرالعين، فمعنى حُواسات مجتمعات؛ وقال الليث: الخُبَعْثِنُ من كل شيء التارُّ البَدَنِ، وهذه الترجمة ذكرها الجوهري بعد ترجمة ختن، وكذلك ذكره ابن بري أَيضاً ولم ينتقده على الجوهري.

خبعج

الأَزهري: الخَبْعَجَةُ مِشْيَةٌ مُتَقاربة مثل مشية المُريبِ.
قال ابن سيده: فيها قَرْمَطَةٌ وعَجَلَةٌ. يقال: جاءَ يُخَبْعِجُ إِلى ريبة؛ وأَنشد:

كأَنَّهُ، لَمَّا غَـدا يُخَـبْـعِـجُ،

 

صاحبُ مُوقَيْنِ، عليه مُوْزَجُ

وقال:

جاءَ إِلى جِلَّتِها يُخَبْعِجُ،

 

فَكُلُّهُـنَّ رائِمٌ يُدَرْدِجُ

قال ابن سيده: وكذلك الخَنْعَجَةُ

خبق

الخِبَقُّ مثل الهِجَفِّ: الطويل من الرجال، وإِن شئت كسرت الباء إِتباعاً للخاء، وفي الصحاح: طويل ولم يُخصِّص. وفرس خِبَقٌّ وخِبِقٌّ:سريع. وناقة خِبِقّةٌ وخِبِقٌّ؛ عن ابن الأَعرابي ولم يفسره، قال ابن سيده:وأَراها السريعة. وناقة خِبِقَّى: وَساعٌ؛ عنه أَيضاً.
والخَبْق: صوت الحَياء عند الجِماع، وامرأَة خَبُوقٌ: يسمع منها ذلك.
والخَبْقةُ: الأَرض الواسِعة. فرس أَشَقٌّ خِبَقٌّ في العَدْوِ: مثل الدِّفِقَّى؛ وينشد:

يَعْدُو الخِبِقَّى والدِّفِقَّى مِنْعَب

وروي عن عقبة بن رُؤبة أَنه سُمِع يصف فرساً يقول: أَشَقُّ أَمَقُّ خِبَقٌّ، قال: وقيل: خِبَقّ إِتباع الأَشَقِّ الأَمَقِّ، والقولُ إِنه يفرد بالنعت للطويل. ابن الأَعرابي: خُبَيْقٌ تصغير خَبْق، وهو الطُّول. ويقال: حَبَقَ وخَبَقَ إذا ضَرط؛ قال أَبو عُبيدةَ: الدِّفِقَّى هو التَّدَفُّق في المَشْي ومثله الخِبِقَّى. ابن الأَعرابي: ناقة خبِقَّة وخِبِقٌّ وخِبقَّى ودِفِقَّى ودِفقَّة أَي وساعٌ، قال: وفرس خِبَقّ ورجل خِبَقٌّ وثّابٌ.

خبل

الخَبْلُ، بالتسكين: الفسادُ. ابن سيده: الخَبْل فساد الأَعضاء حتى لا يَدْري كيف يمشي فهو مُتَخَبِّل خَبِل مُخْتَبَل. وبَنُو فلان يُطالبون بني فلان بدماء وخَبْلٍ أَي بقطع أَيد وأَرجل والجمع خُبُول؛ عن ابن جني. ويقال: لنا في بني فلان دِماء وخُبُول، فالخُبُول قَطْعُ الأَيدي والأَرجل. وقال رجل من العرب: إِن لنا في بني فلان خَبْلاً في الجاهلية أَي قطع أَيد وأَرجل وجراحات، وروي عنه، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: من أُصيب بدَمٍ أَو خَبْل؛ الخَبْل: الجِرَاح، أَي من أُصيب بقتل نفس أَو قطع عضو فهو بالخيار بين إِحدى ثلاث فإِن أَراد الرابعة فخذوا على يديه بين أَن يَقْتَصَّ أَو يأْخذ العَقْل أَو يعفو، فمن قَبِل من ذلك شيئاً ثم عدا بعد ذلك فقَتَل فله النار خالداً فيها مخلداً. ويقال: خَبَل الحُبُّ قلبَه إذا أَفسده بخُبْلة. ابن الأَعرابي: الخُبْلة الفساد من جراحة أَو كلمة. ورجل مُخَبَّل: كأَنه قد قطعت أَطرافه. والخَبْل، بالجزم: قَطْعُ اليد أَو الرجل. ابن الأَعرابي: الخَبَل، بالتحريك، الجنُّ والخَبَل الإِنْس والخَبَل الجراحة والخَبَل المَزَادة والخَبَل جَوْدة الحُمْق بلا جنون والخَبَل القِرْبة المَلأَى. وخَبِلَت يدُه إذا شَلَّت. والخَبْل في عَروض البسيط والرجز: ذهاب السين والتاء من مستفعلن، مشتق من الخَبْل الذي هو قطع اليد؛ قال أَبو إِسحق: لأَن الساكن كأَنه يد السبب فإِذا حذف الساكنان صار الجزء كأَنه قطعت يداه فبقي مضطرباً، وقد خَبَل الجزءَ وخَبَّله. وأَصابه خَبْل أَي فالج وفساد أَعضاء وعقل.
والخَبَل، بالتحريك: الجنُّ وهم الخابِل، وقيل: الخابل الجِنُّ، والخَبَل اسم الجمع كالقَعَد والرَّوَح اسمان لجمع قاعد ورائح، وقيل: هو جمع؛ قال ابن بري: ومنه قول حاتم الطائي:

ولا تَقُولي لشيءٍ كنتُ مُـهْـلِـكَـهُ

 

مَهْلاً، ولو كنتُ أُعطي الجِنَّ والخَبَلا

قال: الخَبَل ضرب من الجن يقال لهم الخابل، أَي لا تَعْذُلِيني في مالي ولو كنت أُعطيه الجن ومن لا يُثْني عَليَّ؛ قال: وأَما قول مُهَلْهِل:

لو كنت أَقتل جِنّ الخابِلَينِ كـمـا

 

أَقتُل بَكْراً، لأَضْحَى الجنُّ قد نَفِدوا

نَفِد يَنْفَد: فَنِيَ. قال الله تعالى: لنَفِد البحرُ قبل أَن تَنْفَد كلمات ربي. ونَفَذَ يَنْفُذ خَرَج. قال الله تعالى: فانْفُذوا لا تَنْفُذون إِلاَّ بسلطان والخابِلانِ: الليلُ والنهارُ لأَنهما لا يأْتيان على أَحد إِلاَّ خَبَلاه بهَرَمٍ. والخابل: الشيطان. والخابل: المُفْسِد.
والخَبَال: الفساد. وفي حديث ابن مسعود: أَن قوماً بَنَوْا مسجداً بظَهْر الكوفة فأَتاهم وقال: جئت لأَكْسِرَ مسجد الخَبَال، فكسره ثم رجع؛ قال شمر: الخَبَال والخَبْل الفساد والحبس والمنع. وفي الحديث: وبِطانة لا تَأْلوه خَبَالاً أَي لا تُقَصِّر في إِفساد أَمره. وقالوا: خَبْلٌ خابل، يذهبون إِلى المبالغة؛ قال مَعْقِل بن خويلد:

نُدَافِع قوماً مُغْضَبِينَ علـيكُـم

 

فَعَلْتم بهم خَبْلاً من الشَّرِّ خابِلا

والخَبْل والخُبْل والخَبَل والخَبَال: الجنون. ويقال: به خَبَال أَي مَسٌّ، وبه خَبَل أَي شيء من أَهل الأَرض. وقال الليث: الخَبَل جنون أَو شبهه في القلب. ورجل مَخْبُول وبه خَبَل وهو مُخَبَّل: لا فؤَاد معه. ابن الأَعرابي: المُخَبَّل المجنون، وبه سمي المُخَبَّل الشاعر وهو المُخْتَبَل؛ قال الشاعر:

وأَراني طَرِباً في إِثْرِهِـم

 

طَرَبَ الوالهِ أَو كالمُخْتَبَل

المُخْتَبَل: الذي اخْتُبِل عقلُه أَي جُنَّ. وقد خَبَله الحزنُ واخْتَبَله وخَبِل خَبَالاً، فهو أَخْبَل وخَبِلٌ. ودهر خَبِل: مُلْتَوٍ على أَهله لا يرون فيه سروراً. التهذيب: وقد خَبَله الدهرُ والحزنُ والشيطانُ والحُبُّ والداءُ خَبْلاً؛ وأَنشد:

يَكُرُّ عليه الدَّهْرُ حـتـى يَرُدَّهُ

 

دَوىً، شَنَّجَتْه جِنُّ دهر وخابِلُه

ومن أَمثالهم: عاد غَيْثٌ على ما خَبَل أَي أَفْسَد. وقد خَبَله وخَبَّله واخْتَبَلَه إذا أَفْسَد عقلَه وعضوَه. والخَبَال: النقصان، وهو الأَصل، ثم سُمِّي الهلاك خَبَالاً؛ واستعاره بعض الشعراء للدَّلْو فقال يصفها:

أَخُذِمَتْ أَم وُذِمَتْ أَم مالَـهـا

 

أَم صادَفَتْ في قَعْرها خَبَالَها؟

وقد تقدمت جِبَالَها، بالجيم، يعني ما أَفسدها وخَرَّقها. الفراء: الخَبَال أَن تكون البئر مُتَلَجِّفة فربما دَخَلَت الدلوُ في تَلجيفها فتتخرَّق. والخَبَال: عُصَارة أَهل النار. ابن الأَعرابي: الخَبَال السَّمُّ القاتل. وفي الحديث: من شَرِبَ الخَمر سَقاه الله من طينة الخَبَال يوم القيامة؛ جاء في تفسيره أَن الخَبَال عُصارة أَهل النار. والخَبَال في الأَصل: الفساد، ويكون في الأَفعال والأَبدان والعقول. وطينة الخَبَال: ما سالَ من جلود أَهل النار. وفي الحديث: من أَكل الرِّبا أَطعمه الله من طِينة الخَبَال يوم القيامة. وأَما الذي في الحديث: مَنْ قَفَا مُؤْمناً بما ليس فيه وقَفَه اللهُ تعالى في رَدْغَة الخَبَال حتى يجيء بالمَخْرَج منه، فيقال: هو صديد أَهل النار؛ قوله قَفَا أَي قَذَف، والرَّدْغة الطِّينة، وفلان خَبَال على أَهله أَي عَناء. وقوله في التنزيل العزيز: لا يَأْلُونكم خَبَالاً؛ قال الزجاج: الخَبَال الفساد وذهاب الشيء؛ وأَنشد بيت أَوس:

أَبَني لُبَيْنَى، لَسْتُم بِـيَدٍ

 

إِلاَّ يَداً مَخْبُولة العَضُد

وقال ابن الأَعرابي: أَي لا يُقَصِّرون في فسادكم. وفي الحديث: بين يَدَي الساعة خَبْل أَي فساد الفتنة والهَرْج والقتل. والخَبْل: الفساد في الثمر. وفي الحديث: أَن الأَنصار شَكَوْا إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن رجلاً صاحب خَبْل يأْتي إِلى نخلهم فيُفْسدُ، أَي صاحب فساد.
والخَبَل: فساد في القوائم. واخْتَبَلَت الدابةُ: لم تَثْبُت في مَوْطِئها.
والإِخْبال: أَن يُعْطَى الرجلُ البعيرَ أَو الناقةَ ليركبها ويَجْتَزَّ وبرها وينتفع بها ثم يردّها، يقال منه: أَخْبَلْت الرجلَ أُخْبِله إِخبالاً. واسْتَخْبَل الرجلَ إِبلاً وغنماً فأَخْبَلَه: استعار منه ناقة لينتفع بأَلبانها وأَوبارها أَو فرساً يغزو عليه فأَعاره، وهو مثل الإِكْفاء؛ قال زهير:

هُنالك إِن يُسْتَخْبَلوا المالَ يُخْبِلواوإِن يُسْأَلوا يُعْطُوا، وإِن يَيْسِروا يَغْلوا

والإِكْفاء: أَن يعطيه الناقة لينتفع بلبنها ووَبَرها وما تَلِده في عامها، والإِخْبال مثل الإِكْفاء في اللبَّن والوبر دون الولد؛ ذكره ابن بري وروى بيت لبيد في صفة الفرس: غير طويل المُخْتَبَل، بالخاء المعجمة، من هذا أَي غير طويل مدة العارِيّة، ومن قال غير طويل المُحْتَبَل، بالحاء المهملة، أَراد أَنه غير طويل الرُّسغ، وهو موضع الحَبل من يده؛ وقال الليث: مُخْتَبَله قوائمه واختبالها أَن لا تثبت في مواطئها. والخَبْل في كل شيء: القَرْض والاستعارةُ. والخَبْل: ما زدته على شرطك الذي يشترطه لك الجَمّال. وخَبَل الرجلَ عن كذا وكذا يَخْبُله خَبْلاً: عَقَله وحَبَسه ومَنَعه. وما خَبَلك عنا خَبْلاً أَي ما حَبَسك؛ قال الشاعر:

فيرى كذلك أَن يُفَرِّدَ راكِبٌ

 

أَبداً، وما خَبَلَ الرياحَ الخابِلُ

واللهُ سبحانه وتعالى خابِلُ الرِّياح أَي حابسُها، فإِذا شاء عز وجل أَرْسَلَها. والمُخَبَّل من الوَجَع: الذي يمنعه وَجَعُه من الانبساط في المشي.
والخَبَل: طائر يَصِيح الليل كُلَّه صوتاً واحداً يَحْكي ماتت خَبْلَ.
والمُخَبَّل: شاعر من بني سَعْد. ومُخَبِّل، بكسر الباء: اسم الدَّهْر؛ قال الحرث بن حِلِّزَة:

فَضَعي قِناعَك، إِنَّ رَيْ

 

بَ مُخَبِّلٍ أَفْنى مَعَـدَّا

والخَبَال الذي في شعر لبيد: اسمُ فرَس؛ قال ابن بري يعني قول لبيد:

تَكاثَرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها

 

وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبَال

خبن

خَبَنَ الثوبَ وغَيرَه يَخْبِنُه خَبْناً وخِباناً وخُباناً: قلَّصَه بالخياطة. قال الليث: خَبَنْتُ الثوبَ خَبْناً إذا رفعتَ ذُلْذُلَ الثوبِ فخِطْتَه أَرْفَعَ من موضعه كي يتقلص ويَقْصُر كما يفعل بثوب الصبي، قال: والخُبْنةُ ثيابُ الرجل، وهو ذُلْذُلُ ثوبه المرفوع. يقال: رفع في خُبْنَتِه شيئاً، وقد خَبَنَ خَبْناً. والخُبْنةُ: الحُجْزة يتخذها الرجل في إزاره لأَنه يُقَلِّصُها. والخُبْنة: الوعاءُ يجعل فيه الشيء ثم يحمل كذلك أَيضاً، فإِن جعلته أَمامك فهو ثِبانٌ، وإن حملته على ظهرك فهو حالٌ. والخُبْنَةُ: ما تحمله في حِضْنِك. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: إذا مَرَّ أَحدُكم بحائطٍ فلْيأْكُلْ منه ولا يتخذْ خُبْنةً؛ قال: الخُبْنةُ والحُبْكةُ في الحُجْزَة حُجْزَةِ السَّروايل، والثُّبْنةُ في الإِزارِ.
ويقال للثوب إذا طال فَثَنَيْتَه: قد خَبَنْته وغبَنْته وكَبَنْته. ابن الأَعرابي: أَخْبَنَ الرجلُ إذا خَبَأَ في خُبْنة سَراويلِه مما يلي الصُّلْبَ، وأَثْبَنَ إذا خَبَأَ في ثُبْنَتِه مما يلي البَطْنَ، وعَنى بثُبْنَتِه إزارَه. وفي حديث آخر: من أَصابَ بفِيه من ذي حاجةٍ غيرَ مُتَّخِذٍ خُبْنةَ فلا شيء عليه أَي لا يأْخذ منه في ثوبه. وخَبَنَ الشِّعْرَ يخْبِنه خَبْناً: حذَف ثانيه من غير أَن يَسْكُنَ له شيء إذا كان مما يجوز فيه الزحافُ، كحذْف السين من مُسْتَفعِلُن، والفاء من مَفْعولات، والأَلف من فاعِلاتن، وكله من الخَبْنِ الذي هو التَّقْليصُ. قال أَبو إسحق: إنما سُمِّيَ مَخْبُوناً لأَنك كأَنك عطَفتَ الجُزْءَ، وإن شئت أَتممتَ، كما أَنَّ كلَّ ما خَبَنْتَه من ثوبٍ أَمكَنَكَ إِرْسالُه، وإنما سمي خَبْناً لأَن حَذْفَه مع أَوَّله؛ هذا قول أَبي إسحق، وقول المُخبَّل أَنشده ابن الأَعرابي:

وكانَ لها مِنَ حوْضِ سَيْحانَ فُرْصةٌ،

 

أَراغَ لها نَجْمٌ من القَـيْظِ خـابـنُ.

أَي خَبَنَها القيظُ، وفسره ابن الأَعرابي فقال: خابِنٌ خَبَنَ من طول ظِمئها أَي قَصَّر، يقول: اشتَدَّ القيظُ ويَبِسَ البَقْلُ فقَصُر الظِّمءُ. ورجلٌ خُبُنٌّ: مُتقَبِّضٌ ككُبُنٍّ. وخَبَنَ الشيء يَخْبِنُه خَبْناً: أَخفاه. وخَبَنَ الطَّعامَ إذا غَيَّبَه واستَعَدَّه للشِّدَّة.
والخُبْنُ في المزادة: ما بين الخَرَبِ. والفَمِ، وهو دون المِسْمَع، ولكل مِسْمَع خُبْنان. ويقال: خَبَنَتْه خَبُونُ مثل شَعَبَتْه شَعُوبُ إذا مات.
والخُبْنة: موضعٌ. وإنه لذو خَبَناتٍ وخَنَباتٍ: وهو الذي يَصْلُحُ مرّةً ويَفْسُد أُخرى.

خبند

الخَبَنْداة من النساء: التَّارَّة الممتلئة كالبَخَنداة؛ وقيل: التامة القَصب؛ وقيل: التامة الخَلْق كله؛ وقيل: الثقيلة الوركين؛ قال العجاج:

فقد سَبَتْني غيرَ ما تَعْذِير،

تَمْشِي، كمشْيِ الوَحِلِ المَبْهُور،

على خَبَنْدى قَصَب مَمْكور

خَبَنْدَى فعنلل وهو واحد والفعل اخْبَنْدَى. واخْبَنْدَد إذا تمَّ قصبه؛ واخْبَدَّتِ الجارية واخْبَنْدَت، وساق خَبَنْداة: مستديرة ممتلئة.
وقصب خَبندى: ممتلئ ريان. وبعير مُخْبَنْدٍ: عظيم، وقيل: صلب شديد.