البتاني

850 م - 929 م

هو ابن عبد الله محمد بن سنان بن جابر الحراني المعروف باسم البتاني. ولد في حران، وتوفي في العراق

 

يعتبر من أعظم فلكيي العالم، إذ وضع في هذا الميدان نظريات مهمة، كما له نظريات في علمي الجبر وحساب المثلثات. 

 

اشتهر البتاني برصد الكواكب وأجرام السماء. وعلى الرغم من عدم توافر الآلات الدقيقة كالتي نستخدمها اليوم فقد تمكن من جمع أرصاد ما زالت محل إعجاب العلماء وتقديرهم. وقد ترك عدة مؤلفات في علوم الفلك، والجغرافيا. وله جداوله الفلكية المشهورة التي تعتبر من أصح الزيح التي وصلتنا من العصور الوسطى. وفي عام 1899 م طبع بمدينة روما كتاب الزيج الصابي للبتاني، بعد أن حققه كارلو نللينو عن النسخة المحفوظة بمكتبة الاسكوريال بإسبانيا. ويضم الكتاب أكثر من ستين موضوعاً أهمها: تقسيم دائرة الفلك وضرب الأجزاء بعضها في بعض وتجذيرها وقسمتها بعضها على بعض، معرفة أقدار أوتار أجزاء الدائرة، مقدار ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار وتجزئة هذا الميل، معرفة أقدار ما يطلع من فلك معدل النهار، معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك، معرفة أوقات تحاويل السنين الكائنة عند عودة الشمس إلى الموضع الذي كانت فيه أصلاً، معرفة حركات سائر الكواكب بالرصد ورسم مواضع ما يحتاج إليه منها في الجداول في الطول والعرض. 

 

عرف البتاني قانون تناسب الجيوب، واستخدم معادلات المثلثات الكرية الأساسية. كما أدخل اصطلاح جيب التمام، واستخدم الخطوط المماسة للأقواس، واستعان بها في حساب الأرباع الشمسية، وأطلق عليها اسم (الظل الممدود) الذي يعرف باسم (خط التماس). وتمكن البتاني في إيجاد الحل الرياضي السليم لكثير من العمليات والمسائل التي حلها اليونانيون هندسياً من قبل، مثل تعيين قيم الزوايا بطرق جبرية. 

 

من أهم منجزاته الفلكية أنه أصلح قيم الاعتدالين الصيفي والشتوي، وعين قيمة ميل فلك البروج على فلك معدل النهار (أي ميل محور دوران الأرض حول نفسها على مستوى سبحها من حول الشمس). ووجد أنه يساوي (23 درجة و 35 دقيقة)، والقيمة السليمة المعروفة اليوم هي 23 درجة. وقاس البتاني طول السنة الشمسية، وأخطأ في مقياسها بمقدار دقيقتين و 22 ثانية فقط. كما رصد حالات عديدة من كسوف الشمس وخسوف القمر.

 

 وقال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: ((هو أبو عبد الله محمد بن جابر الحراني الأصل البتاني الحاسب، المنجم المشهور صاحب الزيج، الصابي؛ له الأعمال العجيبة والأرصاد المتقنة. وأول ما ابتدأ بالرصد في سنة أربع وستين ومائتين، إلى سنة ست وثلثمائة، وأثبت الكواكب الثابتة في زيجه لسنة تسع وتسعين ومائتين. وكان أوحد عصره في فنه، وأعمال تدل على غزارة فضله وسع علمه. وتوفي سنة سبع عشرة وثلثمائة، عند رجوعه من بغداد، بموضع يقال له قصر الحضر، ولم أعلم أنه أسلم، لكن اسمه يدل على إسلامه. 

 

وله من التصانيف "الزيج" وهو نسختان: أولى وثانية، والثانية أجود وكتاب "معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك" ورسالة في "مقدار الاتصالات"، وكتاب شرح فيه أربع أرباع الفلك، ورسالة في تحقيق أقدار الاتصالات، وشرح أربع مقالات بطليموس، وغير ذلك. 

 

والبتاني: بفتح الباء الموحدة، وقال أبو محمد هبة الله بن الأكفاني بكسرها، وبتشديد التاء المثناة من فوقها وبعد الألف نون، هذه النسبة إلى بتان، وهي ناحية من أعمال حران. 

 

والحضر: بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة وبعدها راء، وهي مدينة قديمة، بالقرب من تكريت؛ بين دجلة والفرات في البرية، وكان صاحبها الساطرون، فحاصره أردشير بن بابك أول ملوك الفرس، وأخذ البلد وقتله، وفي ذلك يقول أبو داود الإيادي، واسمه حارثة بن حجاج، وقيل حنظلة بن شرقي:  

 

 وأرى الموت قد تدلى من الحض  ر على رب أهله الساطـرون

صرعته الأيام من بعـد مـلـك    ونعيم وجـوهـر مـكـنـون

 

وذكره أيضاً عدي بن زيد العبادي في قوله: 

 

وأخو الحضر إذ بناه وإذ دج    لة تجبى إليه والخـابـور

 

وجاء ذكره في السعر كثيراً، وقيل إن الذي حصروه سابور ذو الأكتاف وهو الذي ذكره ابن هشام في سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأول أصح. 

 

والساطرون: بفتح السن المهملة وبعد الألف طاء مهملة مكسور ثم راء مضمومة ثم واو ساكنة وبعدها نون وهو لفظ سرياني، ومعناه الملك، واسمه ضيزن - بفتح الصاد المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الزاي وبعدها نون - بن معاوية. 

 

وضيزن: اسم صنم كان في الجاهلية وبه سمي الرجل، وهو قضاعي، وكان من ملوك الطوائف، وإذا اجتمعوا لحرب غيرهم تقدم عليهم، لعظمته عندهم. 

 

فأقام أردشير على حصره أربع سنين وهو لا يقدر عليه، وكان للساطرون ابنة يقال لها نضيرة - بفتح النون وكسر الضاد المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الراء وبعدها هاء ساكنة - وفيها يقول الشاعر:  

 

أقفر الحضر من نضير فالمر    باع منها فجانب الثـرثـار

 

وكانت في غاية الجمال، وكانت عادتهم إذا حاضت المرأة أنزلوها إلى الربض، فحاضت نضيرة فأنزلت إلى ربض الحضر، فأشرفت ذات يوم فأبصرت أردشير وكان من أجمل الرجال فهويته، فأرسلت إليه أن يتزوجها وتفتح له الحصن، واشترطت عليه، والتزم لها ما طلبت، ثم اختلفوا في السبب الذي دلته عليه حتى فتح الحصن، والذي قاله الطبري أنها دلته على طلسم كان في الحصن، وكان في علمهم أنه لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء وتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء، ثم ترسل الحمامة فتنزل على سور الحصن، فيقع الطلسم فيفتح الحصن، ففعل أردشير ذلك واستباح الحصن وخربه أباد أهله "وقتل الساطرون أباها" وسار بنضيرة وتزوجها، فينما هي نائمة على فراشها ليلاً إذ جعلت تتململ لا تنام، فدعا بالشمع، ففتش فراشها فوجد عليه ورق آس، فقال لها أردشير: أهذا الذي أسهرك؟ قال: نعم، قال: فما كان أبوك يصنع بك؟ قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير ويطعمني المخ والزبد وشهد أبكار النحل، ويسقيني الخمر الصافي، قال: فكان جزاء أبيك ما صنعت به؟ أنت إلي بذلك أسرع، ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس، ثم ركض الفرس حتى قتلها. والحضر إلى الآن آثاره باقية، وفيه بقايا عمائر، لكنه لم يسكن منذ ذلك الوقت؛ وقد طال الكلام فيه، إنما هي حكاية غريبة فأحببت إثباتها. 

 

ورأيت في تاريخ آخر أنه دخل بغداد وخرج منها وتوفي في الطريق بقصر الحضر في التاريخ المذكور، قال ياقوت الحموي في كتابه "المشترك": قصر الحضر بقرب سامرا من أبنية المعتصم، والله تعالى أعلم)). 

ومن مؤلفاته:..

 

                                                            المراجع: كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان