الباب الثاني تقسيم دائرة الفلك

والضرب والجذور والقسمةقال إن الأوائل جزأوا دائرة الفلك بثلاثمائة وستين جزأً واحتجوا في ذلك بغير حجة منها قرب عدد هذه الأجزاء من عدد أيام السنة التي تكمل بمجاز الشمس على نقطة غير متحركة من الفلك إلى أن تعود إليها وبأنه عدد له نصف وثلث وربع وغير ذلك من الكسور التي ليست صحيحة لكثير من الأعداد وألقوا الشمس على أربع نقط من الفلك توجب اعتدالين وانقلابين وتقسم السنة بأربعة أقسام متباينة ربيع وصيف وخريف وشتاء ونسبوا كل نقطة منها إلى الفصل الذي يحدث عنه اجتياز الشمس بها، ولما كان كل ذي بعد ذا وسط وطرفين كان كل فصل من هذه الفصول ينقسم إلى ثلثة أقسام ووجب لذلك أن تكون أقسام دائرة الفلك اثنا عشر قسماً ووجدوا النقطة الربيعية أفضل هذه النقط وأولاها بالابتداء لأن النهار يبتدئ منها بالزيادة من بعد الاعتدال والشمس في الصعود إلى نصف فلكها الشمالي فتقوى الحرارة وطبع هذا الفصل رطب مائل إلى الحرارة مشاكل لابتداء النشو وكون الأشياء فجعلوا ابتداء حساب الفلك منها، ثم وجدوا الصور التي تلي هذه الاثنا عشر قسماً المسماة أبراج اثنتا عشر صورة فسموا كل برج منها باسم الصورة التي تليه وإن كانت هذه الصور قد تزول عن مواضع الأبراج المسماة بها على طول الزمان فصار القسم الأول منه الحمل ثم الثور ثم الجوزاء ثم السرطان ثم الأسد ثم السنبلة ثم الميزان ثم العقرب ثم القوس ثم الجدي ثم الدلو ثم الحوت، ووجب لكل برج من هذه الأبراج ثلثون جزأً فحصته من أجزاء دائرة الفلك الثلثمائة والستين وهذه الأجزاء تسمى أيضاً ًدرجاً وكل درجة منها تنقسم إلى ستين قسماً تسمى الدقائق وكل دقيقة منها تنقسم إلى ستين قسماً أيضاً تسمى الثواني وكل ثانية منها تنقسم إلى ستين ثالثة وما بعد ذلك فعلى هذا الرسم من القسمة إلى العواشر وما بعدها مما يتلوه من الأجناس البائنة، وأما معنى الضرب فهو أن تضاعف أحد عددين بقدر آحاد الآخر أعني ضرب الآحاد في الآحاد، وأما ضرب الكسور في الآحاد فهو أن تضاعف الكسور بقدر الآحاد أو أن تجزئ الآحاد بقدر الكسور من الواحد، وأما ضرب الكسور في الكسور فهو أن تجزئ أحد الكسرين أيهما شئت بقدر الكسر الآخر من الواحد، وذلك أن الدرج إذا ضربت في الدرج كان ما يجتمع من الضرب درجاً وإذا ضربت في الدقائق كان دقائق وإذا ضربت في الثواني كان المجتمع ثواني وكذلك ما يضرب منها في الثوالث والروابع وما يتلوها فإن الذي يجتمع من ذلك هو من جنس الأقل الذي ضرب فيه وما دون الدرج من الدقائق وغيرها فإنه إذا ضرب كل جنس منها في نفسه كان ما يجتمع منه منحطاً عنه بقدر انحطاطه هو عن الدرج مثال ذلك أن الدقائق إذا ضربت في الدقائق فإن المجتمع ثوان وإذا ضربت في الثواني كان ثوالث وكذلك ما يضرب في الثوالث والروابع يجري على هذا الرسم في الانحطاط،وأما الثواني فإنها إذا ضربت في الثواني كان المجتمع روابع وإذا ضربت في الثوالث كان المجتمع خوامس وكل ما بعد ذلك عن هذه الأجناس مجراة هذا المجرى وعلى هذا الرسم، وكل عدد يجتمع من جنس من هذه الأجناس بضرب أو بإضافة فإنه إذا قسم على الستين التي ينتهي إليها نسبة سائر الكسور كان ما يحصل من ذلك راجعاً إلى الجنس الذي هو أعلى منه وكل عدد من جنسين من هذه الأجناس أو أكثر من ذلك احتيج أن ينقص من أحدهما أكثر مما فيه من العدد فإنه يكسر له من الجنس الذي هو أعلى منه واحداً فيحسب ستين جزءاً ثم يضاف إليه وينقض من ذلك بقدر الحاجة ويحتسب بما يبقى من ذلك مع ما بقي من الجنس الأعلى فأما الدرج فما اجتمع منها من فصول الحركات بالإضافة فإن نسبته إلى الأدوار فإن كان الذي يجتمع منها أكثر من دور واحد أو أدوار ومقدار الدور ثلثمائة وستون جزءاً أسقطت الأدوار واحتسبت بما يبقى، وإذا احتيج أن ينقص من الدرج ما لا يفي به عددها أضيف إليه دور فينقص من المجتمع بقدر الحاجة ويحتسب بما يبقى، فإذا أردت أن تضرب جنساً من أجناس الدرج أو الكسور في جنس منها فتعلم من أي جنس يصير ما يجتمع لك منها بهذا الجدول فخذ من أحد سطري اب البيت المرسوم فيه ذلك الجنس الذي تريد أن تضربه في أي جنس شئت من الأجناس واخرج من ذلك البيت على استقامة حتى توازي الجنس الآخر الذي أردت الشيء الذي اجتمع لك من الضرب، ومثال ذلك أنك أردت أن تضرب روابع في ثوالث فأخذت من جدول اب الذي في عرض الورقة أي الجنسين شئت وليكن أولاً الثوالث فخرجت منه موازياً للروابع في جدول اب الذي في طول الورقة فوجدت في البيت الذي يوازيه سوابع وهو الجنس الذي صار إليه المضروب، وكذلك لو أخذت من جدول اب الروابع وخرجت منها بإزاء الثوالث التي في جدول اب الآخر وجدت فيه سوابع وكذلك تفعل بكل ما تريد من الأجناس إن شاء الله وأما معنى الجذر فهو إن جذر كل عدد مطلق من أي الأعداد كان هو ما ضرب في مثله كان المجتمع منه هو ذلك العدد المفروض، وأما تجذير هذه الأجناس فليس بلازم لهذا الشرط لما قد وصفنا أيضاً من اختلاف ما يقع من ضرب بعض هذه الجناس في بعض بل إنما يلزمه جنس الدرج فقط فإن جذر الدرج درج أيضاً وذلك أن الدرج إذا ضربت بالدرج فإن المجتمع من ذلك درج، فأما الكسور التي دون الدرج من سائر الأجناس الباقية فما كان منها من جنس الأزواج كالثواني والروابع والسوادس وما شاكل ذلك فإن جذره يكون من الجنس الذي هو أرفع منه بمقدار الضعف مثل الثواني التي جذرها دقائق والروابع التي جذرها ثوان وأما ما كان من جنس الأفراد كالدقائق والثوالثوما شاكل ذلك فليس له جذر محدود إلا أن يبسط إلى الجنس الذي دونه حتى يصير إلى جنس الأزواج فتلزمه هذه الشريطة كالدقائق تبسط إلى الثواني وكالثوالث تبسط إلى الروابع، وأما القسمة: فهي أن تعرف ما يكون من أضعاف الأكثر بالأقل إذا عد الأكثر بالأقل وأن تعرف جزء الأقل من الأكثر إذا كان الأقل هو المقسوم وإذا أجرينا في ذلك إلى عكس ما كنا استعملناه في الضرب والجذور على تلك الشريطة فقسمنا درجاً على درج كان الحاصل بالقسمة درجاً، وأما باقي الأجناس التي دون الدرج فإنه إذا قسم الأسفل على الأعلى كيف كانت مرتبته وليته أو لم تله فإن الحاصل من القسمة يقع من الجنس الذي إذا ضرب في الجنس الذي قسم عليه كان الذي يجتمع منه عائداً إلى الجنس المقسوم كقسمة الثواني على الدقائق فإنها إذا قسمت حصل منها دقائق وكذلك أيضاً إذا قسمت السوادس على الروابع كان ما يحصل ثواني، وأما إذا قسم جنس أعلى على أسفل فإن الوجه في ذلك أن يبسط الجنس الأعلى إلى الأسفل ثم يقسم عليه فيكون الحاصل درجاً، وكقسمة الدقائق على السوادس فإنها إذا بسطت إلى السوادس ثم قسمت على تلك السوادس كان ما يحصل من تلك القسمة درجاًكما وصفنا، وإذا أردت أن تعرف ما يحصل لك من قسمة أجناس الكسور المتسافلة على الأجناس التي هي أرفع منها بهذا الجدول المتقدم ذكره في جدول اب أو في جدول اد أيهما شئت الجنس الذي تريد أن تقسمه على جنس أعلى منه في المرتبة وليه أو لم يله وأخرج بإزائه إلى أن توازي الجنس الذي هو أرفع منه في الجدول الآخر فالجنس الذي تنتهي إليه من أجناس الكسور فهو الذي يحصل لك بالقسمة من المقسوم من تلك الأجناس والذي إذا ضربته في الجنس الأعلى الذي قسمته عليه عاد إلى الجنس المقسوم، وكذلك إذا أردت أن تقسم جنساً أعلى على أسفل فبسطت الأعلى إلى الأسفل ونظرت في أحد الجدولين إلى الجنس الذي يصير إليه ذلك المبسوط فخرجت بإزائه إلى أن توازي الجنس الذي أردت أن تقسمه عليه حصل لك درجاً، وكذلك كلما قسمت جنساً على مثله خرج لك درجاً إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق.