الباب الثالث عشر معرفة مطالع البروج في كل بلد

بجهتين بالحساب وبالجدول وما يتبع ذلك من العمل بها إن شاء الله

قال أما مطالع البروج في موضع معدل النهار فقد ذكرناها فيما تقدم وأنها تمر هناك في وسط السماء في كل بلد. وأما في غير ذلك الموضع من المواضع المائلة عنه إلى الشمال في جميع البلدان فإن مطالعها تختلف في الآفاق وذلك أن البلد إذا كان له عرض أعني إذا مال عن معدل النهار اختلفت مطالع البروج عليه فزادت على مطالعها في وسط السماء التي مطالعها في الفلك المستقيم فإن نظير ذلك البرج يطلع في ذلك البلد بأقل من طلوعه في الفلك المستقيم بمقدار تلك الزيادة ويكون غروب كل برج في كل بلد بقدر طلوع نظيره فيه. فإذا أردت أن تعلم مقدار ما يطلع من فلك معدل النهار مع الأجزاء المفروضة من فلك البروج في كل بلد تريد فخذ من أول الحمل إلى الدرجة التي تريد من فلك البروج بمطالع الفلك المستقيم فما كان فاعرف وتره واضربه في وتر نصف زيادة النهار الأطول في ذلك البلد فما بلغ فاقسمه على نصف القطر فما حصل فقوسه فما بلغت القوس فهو حصة ما بين أول جزء من الحمل إلى تلك الدرجة من اختلاف النهار في ربع الدائرة فاحفظه. وإن شئت أن تعرف ذلك بجهة أخرى فاضرب وتر عرض البلد في وتر ميل الدرجة فما بلغ فاقسمه على وتر ما يبقى لتمام ميل الدرجة إلى تسعين فما حصل فقوسه فما بلغت القوس فهو اختلاف النهار في ربع الدائرة من الفلك. فإذا عرفت هذه الحصة بأي الجهتين شئت فانظر فإن كان ميل الدرجة شمالياً فانقص الحصة التي خرجت لك من أزمان المطالع التي فيما بين أول الحمل إلى تلك الدرجة في الفلك المستقيم فإن كان الميل للدرجة جنوبياً فزد الحصة على تلك المطالع فما بلغت الطالع بعد الزيادة أو النقصان فهو مطالع ما بين أول الحمل إلى تلك الدرجة في ذلك البلد. واعلم أن مطالع الحوت مثل مطالع الحمل ومطالع السنبلة مثل مطالع الميزان ومطالع الدلو مثل مطالع الثور ومطالع الجدي مثل مطالع الجوزاء ومطالع القوس مثل مطالع السرطان ومطالع الأسد مثل مطالع العقرب فقد تكتفي في معرفة المطالع بمعرفة حصص ما بين أول الحمل إلى أول السرطان وذلك من درجة إلى تسعين درجة. وإن شئت أن تجدول المطالع لدرجة درجة أو لأكثر من ذلك فاعرف حصة درجة واحدة من اختلاف النهار وحصة درجتين وثلث وأربع إلى تمام التسعين التي تستكمل اختلاف ربع الدائرة كله فإذا فعلت ذلك فخذ مطالع أول درجة من الحمل بالفلك المستقيم فضعها في مكانين ثم انقص حصة الدرجة من أحد المكانين وزده على الآخر فالمنقوص منه هو مطالع أول درجة من الحمل والمزاد عليه هو أول درجة من الميزان فانقصه من مائة وثمانين فما بقي فهو مطالع ما بين أول الحمل إلى تسع وعشرين درجة من السنبلة وانقص أيضاً مطالع الدرجة من الحمل من ثلثمائة وستين فما بقي فهو مطالع ما بين أول الحمل إلى تسع وعشرين درجة من الحوت. وكذلك تفعل بحصة درجتين وثلث وأربع إلى تمام تسعين حتى تجزئه لجميع الفلك على حسب ما تريد من تفاضل الأجزاء إن شاء الله. وقد أثبتنا مطالع البروج بمدينة الرقة على تفاضل درجة بدرجة كاملاً وفي باقي الأقاليم على تفاضل عشر درجات لقلة ما يقع فيما بين المطالع من الاختلاف في مقدار هذا التفاضل وجعلنا تفاضل زيادة النهار في المطالع المرسومة في الجداول بربع ساعة معتلة ليكون أصح فيما يحتاج إليه من عمل المطالع وأحكم من المطالع التي عملت بتفاضل نصف ساعة. فإن شئت أن تعرف مطالع أي درجة شئت بالجدول فاطلب مثل تلك الدرج التي تريد معرفة مطالعها من أي البروج شئت في سطر العدد المشترك في جدول مطالع البروج في الإقليم المحدود أو في مطالع الفلك المستقيم أيهما أردت وقدر ما تلقاه من أزمان المطالع التي تلقاه في جدول البرج الذي ذلك العدد منه. فإن كان عملك بمطالع الإقليم فهي مطالع ما بين أول الحمل إلى تلك الدرجة وإن كان عملك بمطالع الفلك المستقيم فهي مطالع ما بين أول الجدي إلى تلك الدرجة فإن كان مع الدرج دقائق فاعرف مقدارها من ستين إذا كان تفاضل العدد بدرجة واحدة فما كان فخذ بقدره من فضل ما بين تلك المطالع والمطالع التي تتلوها بدرجة فما حصل فزده على المطالع التي حصلت لك بإزاء الدرج التامة فما بلغ فهو مطالع الدرجة والدقيقة التي أردت. وإن كان تفاضل العدد بعشر درجات نظرت إلى ما يفضل معك من الدرج والدقائق الزائدة على ما تجد في الجدول كم يكون مقدارها من العشر درجات فما كان أخذت بقدره من فضول المطالع في الجدول أعني المطالع التي أصبت وما هو أكثر منها في العدد بعشر درجات فما بلغ فزده على المطالع التي تحت العشرات فما حصل فهو مطالع تلك الدرجة. وإذا أردت أن تعرف درج البروج من قبل المطالع ويسمى تقويس المطالع وتحويلها إلى درج السواء التي هي درج البروج فاطلب مثل عدد أزمان المطالع التي معك في جدول مطالع الفلك المستقيم أو مطالع الإقليم أيهما أردت فحيث ما أصبت مثله أو ما هو اقرب إليه مما هو أقل منه فخذ ما تلقاه من درج البروج المرسومة في سطر العدد المشترك فما كان فهي الدرجة التي تريد من ذلك البرج الذي وجدت عدد الأزمان فيه ثم انقص الأزمان التي معك فما بقي معك نظرت فإن كان تفاضل العدد بدرجة ضربته في ستين دقيقة وإن كان تفاضله بعشر درجات ضربته في ستمائة دقيقة فما بلغ قسمته على تفاضل المطالع التي بين ذلك الباب والباب الذي يتلوه فما حصل من الدرج والدقائق بعد القسمة فزده على الدرج التي خرجت لك مبدئياً فما بلغت بعد ذلك فهو مقدار ما يطلع من ذلك البرج أو يتوسط السماء أيهما عملت به. وإن شئت أن تنظر إلى الفضل الذي يبقى معك كم يكون من تفاضل المطالع فتأخذ بقدره من تفاضل العدد فما كان فزده على ما كان حصل معك من الدرج. وإن أردت أن تعرف قوس النهار والليل بالجدول وذلك مقدار ما يطلع من فلك معدل النهار من وقت طلوع الشمس إلى وقت غروبها أو من وقت مغيب الشمس إلى وقت طلوعها من غد فاعرف الجزء الذي فيه الشمس في ذلك اليوم الذي تريد وخذ ما تلقاه من أزمان المطالع التي تلقاه في الإقليم المحدود الذي يكون عرض تلك المدينة مثله أو أقرب إليه من غيره من الأقاليم فانقصه من المطالع الذي تلقاء الجزء المقابل لجزء الشمس في ذلك الإقليم فما بقي فهو مقدار قوس النهار. فإن كانت مطالع درجة الشمس أكثر من مطالع الدرجة المقابلة لها وهي التي هي نظيرة درجة الشمس زدت على مطالع نظيرة درجة الشمس دوراً ثم نقصت من المجتمع مطالع درجة الشمس يكون الباقي قوس النهار. فإذا عرفت قوس النهار فانقصه من دورة يكون الباقي قوس الليل. وإن شئت قوس النهار بجهة أخرى فخذ أزمان المطالع التي بإزاء جزء الشمس في الإقليم وأزمان المطالع التي بإزاء جزء الشمس أيضاً في الفلك المستقيم فما كانت فانقص منها تسعين لتبقى من أول الحمل فإذا فعلت ذلك فخذ فضل ما بينهما وبين الطالع التي خرجت لك من الأقاليم ثم انظر فإن كانت أزمان مطالع الإقليم هي الأكثر فانقص ذلك الفضل من تسعين وإن كانت هي الأقل فزد ذلك الفضل على تسعين فما بلغت التسعون بعد الزيادة أو النقصان فهو مقدار نصف قوس النهار فأضعفه يكون قوس النهار كله. واعلم أن هذا الفضل الذي بين المطالع هو حصة جزء الشمس من الاختلاف أعني اختلاف النهار فإذا عرفته نظرت إلى درجة الشمس فإن كانت في البروج الشمالية زدت ذلك على تسعين وإن كانت في الجنوبية نقصته من تسعين فما حصل من ذلك فهو نصف قوس النهار وذلك هو ما يكون من فلك معدل النهار من طلوع الشمس إلى توسطها السماء في وقت انتصاف النهار وضعف ذلك هو قوس النهار كله والمعنى واحد في العملين. فإن أردت أن تعلم مقدار ساعات النهار وساعات الليل المعتدلة فاقسم قوس النهار أو قوس الليل على خمسة عشر فما بلغ فهو ساعات أيهما حسبت له فإذا عرفت ساعات أحدهما نقصتها من أربع وعشرين يكون الباقي ساعات الآخر. وإن أردت معرفة أزمان ساعات الليل والنهار والليل الزمانية التي تكون أبداً اثنتي عشرة ساعة والليل مثلها وتسمى الساعات المعوجة فاقسم قوس أيهما شئت من النهار أو الليل على اثني عشر فما بلغ فهو أزمان ساعاته فانقص ساعات أيهما حسبت له من ثلثين تبقى لك أزمان ساعات الآخر. وذلك أن هذه الثلثين هي أزمان ساعتين معتدلتين فما نقص من أزمان الساعة من الليل أو من النهار زاد في الأخرى. وإن أردت أن تعلم أزمان الساعات بجهة أخرى فخذ سدس فضل اختلاف النهار الذي قد تقدم ذكره في هذا الباب فإن كانت الشمس أو الدرجة التي تريد في نصف الفلك الشمالي فزد ذلك السدس على خمس عشرة وإن كان في النصف الجنوبي فانقصه من خمس عشرة فما حصل بعد الزيادة أو النقصان فهو أزمان ساعات النهار.

فإن شئت أن تعرف أزمان ساعات النهار بالجدول فادخل جزء الشمس أو غيرها من درج البروج في جدول مطالع الإقليم المحدود إلى تلك المدينة منه في سطر العدد المشترك وخذ ما بإزائه من أزمان الساعات المرسومة في جدول البرج الذي ذلك العدد منه فما حصل فهو أزمان ساعات النهار. وإن شئت أن تعلم أزمان ساعات الليل فادخل نظير درجة الشمس المقابلة لها أو نظير الدرجة التي تريد في تلك المطالع وخذ ما بإزائها من أزمان الساعات على تلك الجهة فما كان فهو أزمان ساعات الليل. وقد يعرف أحدهما من الآخر إذا نقص أحدهما من ثلثين درجة فتبقى أزمان الآخر. وإن أردت أن تعرف قوس النهار من قبل أزمان الساعات أو قوس الليل منها أيهما شئت منها فاضرب أزمان أيهما أردت في ستة وما بلغ فهو قوس نصف النهار أو الليل أيهما كنت حسبت له ثم أضعف ذلك فما بلغ فهو قوسه كلها. وإن ضربت أجزاء الزمان في اثني عشر كان مقدار قوس النهار أو الليل للدرجة التي حسبت لها. وإن أردت أن تحول ساعات الاعتدال إلى الزمانية فاضرب الساعات المعتدلة في خمسة عشر واقسمها على أزمان ساعات النهار أو الليل أيهما شئت فما كان فهو ساعات زمانية من الليل أو النهار على حسب ما كانت تلك المعتدلة. وإن أردت أن تحول الساعات الزمانية إلى المعتدلة ضربت ما كان من ساعات النهار في أزمان ساعات النهار وما كان من ساعات الليل في أزمان ساعات الليل فما اجتمع قسمته على خمسة عشر فما بلغ فهو ساعات معتدلة وكسورها عن بقي كسر إن شاء الله.