باب الخاء والسين، الشين

خسأ

الخاسِئ من الكِلاب والخَنازِير والشياطين: البعِيدُ الذي لا يُتْرَكُ أَن يَدْنُوَ من الإِنسانِ. والخاسِئ: المَطْرُود. وخَسَأَ الكلبَ يَخْسَؤُه خَسْأً وخُسِوءاً، فَخَسَأَ وانْخَسَأَ: طَرَدَه. قال:

كالكَلْبِ إِنْ قِيلَ له اخْسَإِ انْخَسَأْ

أَي إِنْ طَرَدْته انْطَرَدَ. الليث: خَسَأْتُ الكلبَ أَي زَجَرْتُه فقلتُ له اخْسَأْ، ويقال: خَسَأْتُه فَخَسَأَ أَي أَبْعَدْتُه فَبَعُد. وفي الحديث: فَخَسَأْتُ الكلبَ أَي طَرَدْتُه وأَبْعَدْتُه. والخاسِئ: المُبْعَدُ، ويكون الخاسِئ بمعنى الصاغِرِ القَمِئ. وخسَأَ الكلبُ بنَفْسِه يَخْسَأُ خُسوءاً، يَتعدَّى ولا يتعدّى؛ ويقال: اخْسَأْ اليك واخْسَأْ عنِّي، وقال الزجاج في قوله عز وجل: قال اخْسَؤوا فيها ولا تُكَلِّمُونِ: معناه تَباعُدُ سَخَطٍ. وقال اللّه تعالى لليهود: كُونوا قِرَدةً خاسِئين أَي مَدْحُورِين. وقال الزجاج: مُبْعَدِين. وقال ابن أَبي إِسحق لبُكَيْرِ بن حبيب: ما أَلحَن في شيء. فقال: لا تَفْعَلْ. فقال: فخُذْ عليَّ كَلِمةً. فقال: هذه واحدة، قل كَلِمهْ؛ ومرَت به سِنَّوْرةٌ فقال لها: اخْسَيْ. فقال له: أَخْطَأْتَ انما هو: اخْسَئِي. وقال أَبو مهدية: اخْسَأْنانِّ عني. قال الأَصمعي: أَظنه يعني الشياطين.
وخَسَأَ بصَرُه يَخْسَأُ خَسْأً وخُسُوءاً إذا سَدِرَ وكَلَّ وأَعيا. وفي التنزيل: يَنْقَلِبْ اليكَ البَصَرُ خاسِئاً، وهُو حَسِير وقال الزجاج: خاسِئاً، أَي صاغِراً، منصوب على الحال. وتخاسَأَ القومُ بالحجارة: تَرامَوْا بها. وكانت بينهم مُخاسأَةُ.

خسا

الخَسَا: الفَرْد، وهي المَخاسي جمعٌ على غير قياس كمَسَاوٍ وأَخواتِها. وتَخاسى الرجلان: تَلاعَبا بالزَّوْج والفَرْد. يقال: خَساً أَو زَكاً أَي فَرْد أَو زَوْج؛ قال الكميت:

مَكارِمُ لا تُحْصَى، إذا نحْنُ لَمْ نَقُلْ

 

خَساً وزَكاً فِيما نَعُدُّ خِـلالَـهـا

الليث: خَساً وزَكاً، فَخَساً كلمة مِحْنَتُها أَفْرادُ الشيءِ، يُلْعَبُ بالجَوْزِ فيقال خَساً زَكاً، فَخَساً فَرْدٌ وزَكاً زَوْج، كما يقال شَفْعٌ ووِتْرٌ؛ قال رؤْبة:

لم يَدْرِ ما الزَّاكي مِنَ المُخاسِي

وقال رؤبة أَيضاً:

حَيْرانُ لا يَشْعُـرْ مـن حَـىْثُ أَتَ

 

عنْ قِبْضِ مَنْ لاقَى، أَخاسٍ أَمْ زَكا؟

يقول: لا يَشْعُر أَفَرْدٌ هو أَم زَوْج. قال: والأَخاسي جمع خَساً.الفراء: العرب تقول للزوج زَكَا وللفَرْد خَسَا، ومنهم من يُلْحِقها بباب فَتىً، ومنهم من يلحقها بباب زُفَرَ، ومنهم من يلحقها بباب سَكْرَى؛ قال:وأَنشدتني الدُّبَيْرِيَّة:

كانوا خَساً أَو زَكاً من دونِ أَرْبعةٍ،

 

لم يَخْلَقُوا وجُدُودُ الناسِ تَعْتَـلِـجُ

ويقال: هو يُخَسِّي ويُزَكِّي أَي يَلْعب فيقول أَزَوْجٌ أَم فَرْد.
وتقول: خَاسَيْتُ فلاناً إذا لاعبته بالجَوْزِ فَرْداً أَو زَوْجاً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة فرس:

يَعْدُو عَلى خَمْسٍ قَوائِمُه زَكَا

أَراد: أَن هذا الفرس يَعْدُو على خَمْسٍ من الأُتُن فيَطْرُدها، وقَوائمُه زَكَا أَي هي أَربع. قال ابن بري: لام الخَسا همزة. يقال: هو يُخاسِئ يُقامِرُ، وإِنما ترك همزة خَساً إِتباعاً لِزَكاً؛ قال الكميت:

لأَدْنى خَساً أَو زَكاً من سِنِيك

 

إِلى أَرْبَعٍ، فَتقُولُ انْتِظـارا

قال: ويقال خَسَا زَكَا مثل خمسة عشر؛ قال:

وشَرُّ أَصْنافِ الشُّيوخِ ذُو الرّيا،

 

أَخْنَسُ يَحْنُو ظَهْرَه، إذا مَشـى

الزُّورُ أَو مالُ اليَتِيمِ، عِـنْـدَه،

 

لِعْبُ الصَّبِيِّ بالحَصى خَسَا زَكا

وفي الحديث: ما أَدْرِي كَمْ حدَّثني أَبي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَخَساً أَمْ زَكاً؛ يعني فَرْداً أَو زَوْجاً. وتَخَاسَتْ قوائمُ الدابة بالحَصَى أَي تَرامَتْ به؛ قال المُمَزَّق العبدي:

تَخاسى يَداها بالحَصَى وتَرُضُّه

 

بأَسْمَر صَرَّافِ، إذا حَمَّ مُطْرِقُ

أَراد بالأَسْمَر الصَّرَّافِ مَنْسِمَها.

خسج

الخَسِيجُ والخَسِيُّ، على البدل: كِساءٌ أَو خِباءٌ ينسج من ظَلِيفِ عُنُقِ الشاةِ فلا يكادُ، زَعَمُوا، يَبْلى؛ قال رجل من بني عمرو من طيئ، يقال له أَسحم:

تَحَمَّلَ أَهْلُه، واسْـتَـوْدَعـوه

 

خَسِيّاً مِنْ نَسِيجِ الصُّوفِ بالي

خسر

خِسِرَ خَسْراً وخَسَراً وخُسْراناً وخَسَارَةً وخَسَاراً، فهو خاسِر وخَسِرٌ، كله: ضَلَّ. والخَسَار والخَسارة والخَيْسَرَى: الضلال والهلاك، والياء فيه زائدة. وفي التنزيل العزيز: والعصرِ إِن الإِنسان لفي خُسْر؛ الفراء: لفي عقوبة بذنبه وأَن يَخْسَر أَهله ومنزله في الجنة. وقال عز وجل: خَسِرَ الدنيا والآخرة ذلك هو الخُسْران المبين.
وفي الحديث: ليس من مؤمن ولا كافر إِلا وله منزل في الجنة وأَهل وأَزواج، فمن أَسلم سَعِدَ وصار إِلى منزله، ومن كفر صار منزله وأَزواجه إِلى من أَسلم وسعد، وذلك قوله: الذين يرثون الفردوس؛ يقول: يرثون منازل الكفار، وهو قوله: الذين خسروا أَنفسهم وأَهليهم يوم القيامة؛ يقول: أَهلكوهما؛ الفراء: يقول غَبِنُوهما. ابن الأَعرابي: الخاسر الذي ذهب ماله وعقله أَي خسرهما. وخَسِرَ التاجر: وُضِعَ في تجارته أَو غَبِنَ، والأَوّل هو الأَصل. وأَخْسَرَ الرجلُ إِاذ وافق خُسْراً في تجارته. وقوله عز وجل: قل هل ننبئكم بالأَخْسَرِينَ أَعمالاً؛ قال الأَخفش: واحدهم الأَخْسَرُ مثل الأَكْبَرِ. وقوله تعالى: فما زادوهم غير تَخْسِيرٍ؛ ابن الأَعرابي: أَي غير إِبعاد من الخير أَي غير تخسير لكم لا لي.
ورجل خَيْسَرَى: خاسِرٌ، وفي بعض الأَسجاع: بفِيهِ البَرَى، وحُمَّى خَيْبَرَى، وشَرُّ ما يُرَى، فإِنه خَيْسَرَى؛ وقيل: أَراد خَيْسَرٌ فزاد للإِتباع؛ وقيل: لا يقال خَيْسَرَى إِلا في هذا السجع؛ وفي حديث عمر ذكر الخَيْسَرَى، وهو الذي لا يجيب إِلى الطعام لئلا يحتاج إِلى المكافأَة، وهو من الخَسَارِ. والخَسْرُ والخُسْرانُ: النَّقْصُ، وهو مثل الفَرْقِ والفُرْقانِ، خَسِرَ يَخْسَرُ خُسْراناً وخَسَرْتُ الشيءَ، بالفتح، وأَخْسَرْتُه:نَقَصْتُه. وخَسَرَ الوَزْنَ والكيلَ خَسْراً وأَخْسَرَهُ: نقصه. ويقال: كِلْتُه ووَزَنْتُه فأَخْسَرْته أَي نقصته. قال الله تعالى: وإِذا كالوهم أَو وزنوهم يُخْسِرُونَ؛ الزجاج: أَي يَنْقُصُون في الكيل والوزن. قال: ويجوز في اللغة يَخْسِرُون، تقول: أَخْسَرْتُ الميزانَ وخَسَرْتُه، قال: ولا أَعلم أَحداً قرأَ يَخْسِرُونَ. أَبو عمرو: الخاسر الذي ينقص المكيال والميزان إذا أَعطى، ويستزيد إذا أَخذ. ابن الأَعرابي: خَسَرَ إذا نقص ميزاناً أَو غيره، وخَسِرَ إذا هلك. أَبو عبيد: خَسَرْتُ الميزان وأَخْسَرْتُه أَي نقصته. الليث: الخاسِرُ الذي وُضِعَ في تجارته، ومصدره الخَسَارَةُ والخَسْرُ، ويقال: خَسِرَتْ تجارته أَي خَسِرَ فيها، ورَبِحَتْ أَي ربح فيها. وصَفْقَةٌ خاسرة: غير رابحة، وكَرَّةٌ خاسرة: غير نافعة. وفي التهذيب: وصَفَقَ صَفْقَةً خاسِرَةً أَي غير مُرْبِحَةٍ، وكَرَّ كَرَّةً خاسِرَةً أَي غير نافعة. وفي التنزيل: تلك إذا كَرَّةٌ خاسِرَةٌ. وقوله عزل وجل: وخَسِرَ هنالك المُبْطِلُونَ. وخَسِرَ هنالك الكافرون؛ المعنى: تبين لهم خُسْرانُهم لما رأَوا العذاب وإِلاَّ فهم كانوا خاسرين في كل وقت.
والتَّخْسِيرُ: الإِهلاك. والخَنَاسِيرُ: الهُلاَّكُ، ولا واحد له؛ قال كعب بن زهير:

إِذا ما نُتِجْنا أَرْبَعاً عامَ كَفْأَةٍ،

 

بَغَاها خَنَاسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا

وفي بغاها ضمير من الجَدِّ هو الفاعل، يقول: إِنه شَقِيُّ الجَدِّ إذا نُتِجَتْ أَربعٌ من إِبله أَربعَةَ أَولادٍ هلكت من إِبله الكِبار أَربع غير هذه، فيكون ما هلك أَكثر مما أَصاب.

خسس

 الخَساسَةُ: مصدرُ الرجل الخَسِيس البَيِّن الخَساسَة. والخَسِيسُ: الدنيء. وخَسَّ الشيءُ يَخَسُّ ويَخِسُّ خِسَّةً وخَساسَةً، فهو خسِيسٌ: رَذُلَ. وشيء خَسِيسٌ وخُساسٌ ومَخْسُوسٌ: تافه. ورجل مَخْسُوسٌ: مَرْذُول. وقوم خِساسٌ: أَرذال. وخَسِسْتَ وخَسَسَستْ تَخِسُّ خَساسة وخُسُوسَةً وخِسَّة: صِرْتَ خَسِيساً. وأَخْسَسْتَ: أَتيت بخَسِيس. وخَسِسْتَ بعدي، بالكسر، خِسَّةً وخَساسةً إذا كان في نفسه خَسِيساً. وخَسَّ نصيبَه يَخُسُّه، بالضم، أَي جعله خَسِيساً، وأَخْسَسْتُه: وجدته خَسِيساً.
واسْتَخسَّه أَي عدَّه خَسِيساً. وخَسَّ الحظُّ خَسّاً، فهو خَسِيسٌ، وأَخَسَّه، كلاهما: قَلَّله ولم يُوَفِّرْه. قال أَبو منصور: العرب تقول أَخَسَّ اللَّهُ حَظَّه وأَخَتَّه، بالأَلف، إذا لم يكن ذا جَدٍّ ولا حَظٍّ في الدنيا ولا شيءٍ من الخير. وأَخسَّ فلان إذا جاء بخَسِيس من الأَفعال. وقد أَخْسَسْتَ في فعلك وأَخْسَسْتَ إِخْساساً إذا فعلتَ فعلاً خسيساً.
وامرأَة مُسْتَخَسَة وخَسَّاءُ: قبيحة الوجه، اشتقت من الخَسِيس؛ وفي التهذيب: امرأَة مُسْتَخَسَّة إذا كانت دميمة الوجه ذَرِبَةً، مشتق من الخِسَّة، والعرب تسمي النجوم التي لا تَعْزُبُ نحو بنات نَعْش والفَرْقَدَيْن والجَدْيِ والقُطْب وما أَشْبه ذلك: الخُسَّان.
والخَسُّ، بالفتح: بقلة معروفة من أَحرار البقول عريضة الورق حُرَّة لَيِّنة تزيد في الدم.
والخُسُّ: رجل من إِياد معروف. وابنةٌ الخُسّ الإِيادِيَة: التي جاءت عنها الأَمثال، واسمها هِنْد، وكانت معروفة بالفصاحة.
ويقال: رَفَعْتُ من خَسِيسَتِه إذا فعلت به فعلاً يكون فيه رِفْعَتُه.
قال الأَزهري: يقال رفع اللَّه خَسِيسَةً فلان إذا رفع حاله بعد انحطاطها. وفي حديث عائشة: أَن فتاةً دخلت عليها فقالت: إِن أَبي زوَّجني من ابن أَخيهِ وأَراد أَن يَرْفَعَ بي خَسِيسَته؛ الخَسِيسُ: الدنيء.
والخَساسَةُ: الحالة التي يكون عليها الخَسِيسُ؛ ومنه حديث الأَحنف: إِن لم يَرْفَع خَسِيسَتنا. التهذيب: الخَسِيسُ الكافر. ويقال: هو خَسِيسٌ خَتِيثٌ.
وخَسِيسةُ الناقة: أَسنانها دون الإِثْناءِ. يقال: جاوزت الناقةُ خَسِيسَتَها وذلك في السنة السادسة إذا أَلقت ثَنِيَّتَها، وهي التي تجوز في الضحايا والهَدْي.

خسف

الخسف: سُؤُوخُ الأَرض بما عليها. خَسَفَتْ تَخْسِفُ خَسْفاً وخُسوفاً وانْخَسَفَتْ وخَسَفَها اللّه وخَسَف اللّه به الأَرضَ خَسْفاً أَي غابَ به فيها؛ ومنه قوله تعالى: فَخَسَفْنا به وبدارِه الأَرضَ. وخَسَفَ هو في الأَرض وخُسِفَ به، وقرئ: لخُسِف بنا، على ما لم يسمَّ فاعله. وفي حرف عبد اللّه: لا نْخُسِفَ بنا كما يقال انْطُلِقَ بنا، وانْخَسَفَ به الأَرضُ وخَسَفَ اللّه به الأَرضَ وخَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ خُسوفاً: ذهَب في الأَرض، وخَسَفَه اللّه تعالى. الأَزهري: وخُسِفَ بالرجل وبالقومِ إذا أَخذته الأَرضُ ودخل فيها. والخَسْفُ: إلْحاقُ الأَرض الأُولى بالثانية. والخَسْفُ: غُؤُورُ العينِ، وخُسوفُ العينِ: ذَهابُها في الرأْس. ابن سيده: خَسَفَتْ عينُه ساخَتْ، وخسَفَها يَخْسِفُها خَسْفاً وهي خَسِيفةٌ: فَقَأَها. وعين خاسِفةٌ: وهي التي فُقِئَتْ حتى غابت حَدَقَتاها في الرأْس. وعينٌ خاسِفٌ إذا غارَتْ، وقد خَسَفَتِ العينُ تَخْسِفُ خُسُوفاً؛ وأَنشد الفراء:

مِن كلِّ ملْقى ذَقَنٍ جَحُوفِ

 

يَلِحُّ عِنْدَ عَيْنِها الخَسِـيفِ

وبعضهم يقول: عينٌ خَسِيفٌ والبئر خَسِيفٌ لا غير. وخَسَفَتِ الشمسُ وكسَفَتْ بمعنىً واحد. ابن سيده: خَسَفَتِ الشمسُ تَخْسِفُ خُسوفاً ذهب ضَوْؤُها، وخسَفَها اللّه وكذلك القمر. قال ثعلب: كسَفتِ الشمسُ وخسَف القمر هذا أَجودُ الكلام، والشمسُ تَخْسِفُ يوم القيامةِ خُسوفاً، وهو دخولها في السماء كأَنها تَكَوَّرَتْ في جُحْر. الجوهري: وخُسوفُ القمرِ كُسوفُه. وفي الحديث: إن الشمسَ والقمرَ لا يَخْسِفانِ لموْتِ أَحَدٍ ولا لِحَياتِه. يقال: خَسَفَ القمرُ بوزن ضرَب إذا كان الفعل له، وخُسِفَ على ما لم يسمّ فاعله. قال ابن الأَثير: وقد ورد الخُسوفُ في الحديث كثيراً للشمس والمعروف لها في اللغة الكسوفُ لا الخُسوفُ، فأَما إطلاقُه في مثل هذا فتغليباً للقمر لتذكيره على تأْنيث الشمس، فجمع بينهما فيما يَخُصّ القمر، وللمعاوضة أَيضاً فإنه قد جاء في رواية أُخرى: إن الشمس والقمر لا يَنْكَسِفانِ، وأَما إطلاقُ الخُسوفِ على الشمس منفردة فلاشتراك الخسوف والكسوف في معنى ذهاب نورهما وإظلامهما. والانْخِسافُ: مُطاوِعُ خَسَفْتُه فانْخَسَفَ. وخَسَفَ الشيءَ يَخْسِفُه خَسْفاً: خَرَقَه. وخَسَفَ السقْف نفْسُه وانْخَسَفَ: انْخَرَقَ.
وبئر خَسُوفٌ وخَسِيفٌ: حُفِرَتْ في حجارة فلم ينقطع لها مادّة لكثرة مائها، والجمع أَخْسِفةٌ وخُسُفٌ، وقد خَسَفَها خَسْفاً، وخَسْفُ الرَّكِيَّةِ: مَخْرَجُ مائها. وبئرٌ خَسِيفٌ إذا نُقِبَ جَبَلُها عن عَيْلَمِ الماء فلا يَنْزَحُ أَبداً. والخَسْفُ: أَن يَبْلُغَ الحافِرُ إلى ماء عِدٍّ.
أَبو عمرو: الخَسِيفُ البئر التي تُحْفَرُ في الحجارة فلا ينقطع ماؤها كثرةً؛ وأَنشد غيره:

قد نَزَحَتْ، إنْ لم تَكُنْ خَسِيفا

 

أَو يَكُنِ البَحرُ لها حلـيفـا

وقال آخر: من العَيالِمِ الخُسْفُ، وما كانت البئر خَسِيفاً، ولقد خُسِفَتْ، والجمع خُسُفٌ. وفي حديث عمر أَن العباس، رضي اللّه عنهما، سأَله عن الشعراء فقال: امرؤ القيس سابِقُهم خَسَفَ لهم عَيْن الشعر فافْتَقَرَ عن معانٍ عُورٍ أَصَحَّ بَصَرٍ أَي أَنْبَطَها وأَغْزَرها لهم، من قولهم خَسَفَ البئرَ إذا حَفَرَها في حجارة فنبعت بماء كثير، يريد أَنه ذَلَّلَ لهم الطريق إليه وبَصَّرَهُم بمَعاني الشِّعْر وفَنَّن أَنواعه وقَصَّدَه، فاحْتَذَى الشعراء على مثاله فاستعار العين لذلك. ومنه حديث الحجاج قال لرجل بعثه يَحفِرُ بئراً: أَخَسَفْتَ أَم أَوشَلْتَ؟ أَي أَطْلَعْتَ ماء كثيراً أَم قلِيلاً. والخَسِيفُ من السَّحابِ: ما نَشَأَ من قِبَلِ العَيْنِ حامِلَ ماء كثير والعينُ عن يمين القبلة. والخَسْفُ: الهُزالُ والذُّلُّ. ويقال في الذُّلِّ خُسْفٌ أَيضاً، والخَسْفُ والخُسْفُ: الإذْلالُ وتَحْمِيلُ الإنسان ما يَكْرَه؛ قال الأَعشى:

إذْ سامَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فقال لـه

 

اعْرِضْ عليَّ كذا أَسْمَعْهما، حارِ

والخَسْفُ: الظلم؛ قال قَيس بن الخطيم:

ولم أَرَ كامْرئ يَدْنُو لِخَسْفٍ

 

له في الأَرض سَيْرٌ وانْتِواء

وقال ساعِدةُ بن جُؤيّةَ:

أَلا يا فَتىً، ما عَبْدُ شَمْسٍ بِمِثْلِـه

 

يُبَلُّ عل العادِي وتُؤْبَى المَخاسِفُ

المَخاسِفُ: جمع خَسْفٍ، خَرَجَ مَخْرَجَ مَشابهَ ومَلامِحَ. ويقال: سامَه الخَسْفَ وسامَه خَسْفاً وخُسْفاً، أَيضاً بالضم، أَي أَوْلاه ذُلاًّ. ويقال: كلَّفه المَشَقَّةَ والذُّلَّ. وفي حديث عليّ: مَنْ تَرَكَ الجِهادَ أَلْبَسَه اللّهُ الذِّلَّةَ وسيمَ الخَسْفَ؛ الخَسْفُ: النُّقْصانُ والهَوانُ، وأَصله أَن تُحْبَسِ الدابةُ على غير عَلَفٍ ثم استعير فوضع موضع الهَوان، وسِيمَ: كُلِّفَ وأُلزِمَ. والخَسْفُ: الجُوعُ؛ قال بِشْر بن أَبي خازم:

بضَيْفٍ قد أَلَّم بِهِـمْ عِـشـاءً

 

على الخَسْفِ المُبَيَّنِ والجُدُوبِ

أَبو الهيثم: الخاسفُ الجائعُ؛ وأَنشد قول أَوس:

أَخُـو قُـتُـراتٍ قـد تَـبَـيَّنَ أَنــه

 

إذا لم يُصِبْ لَحْماً من الوَحْشِ، خاسِفُ

أَبو بكر في قولهم شربنا على الخَسْفِ أَي شربنا على غير أَكل. ويقال: بات القوم على الخَسْف إذا باتوا جياعاً ليس لهم شيء يتقوَّتونه. وباتت الدابةُ على خَسْف إذا لم يكن لها عَلَف؛ وأَنشد:

بِتْنا على الخَسْفِ، لا رِسْلٌ نُقاتُ به

 

حتى جَعَلْنا حِبالَ الرَّحْلِ فُصْلانـا

أَي لا قُوتَ لنا حتى شَدَدْنا النُّوقَ بالحِبالِ لِتَدِرَّ علينا فَنَتَقَوَّتَ لبَنها. الجوهري: بات فلان الخَسْفَ أَي جائعاً. والخَسْفُ في الدَّوابّ: أَن تُحْبَسَ على غير عَلَف. والخَسْفُ: النُّقْصانُ. يقال: رَضِيَ فلان بالخَسْفِ أَي بالنَّقِيصة؛ قال ابن بري: ويقال الخَسِيفَةُ أَيضاً؛ وأَنشد:

ومَوْتُ الفَتى، لم يُعْطَ يَوْماً خَسِيفَةً

 

أَعَفُّ وأَغْنَى في الأَنامِ وأَكْـرَمُ

والخاسِف: المَهْزولُ. وناقة خَسِيفٌ: غَزيرَةٌ سرِيعةُ القَطْعِ في الشّتاء، وقد خَسَفَتْ خَسْفاً. والخُسُفُ: النُّقَّهُ من الرِّجال. ابن الأَعرابي: ويقال للغلام الخَفِيف النَّشِيطِ خاسِفٌ وخاشِفٌ ومَرّاقٌ ومُنْهَمِكٌ.
والخَسْفُ: الجَوْزُ الذي يؤكل، واحدته خَسْفةٌ، شِحْرِيّةٌ؛ وقال أَبو حنيفة: هو الخُسْفُ، بضم الخاء وسكون السين؛ قال ابن سيده: وهو الصحيح.
والخَسِيفانُ: رَدِيءُ التمْرِ؛ عن أَبي عمرو الشيباني، حكاه أَبو عليّ في التذكرة وزعم أَن النون نون التثنية وأَنّ الضم فيها لغة، وحكى عنه أَيضاً: هما خليلانُ، بضم النون.
والأَخاسِيفُ: الأَرضُ اللَّيِّنَةُ. يقال: وقَعُوا في أَخاسِيفَ من الأَرض وهي اللينة.

خسفج

الخَيْسَفُوجُ: حَبُّ القُطْنِ؛ قال العجاج:

صَعْلٌ، كَعُودِ الخَيْسَفُوجِ مِئْوَبا

مِن آب إذا رجع. والخَيْسَفُوجُ: العُشَرُ، وقيل: هو نَبْتٌ يَتَقَصَّفُ ويتثنى.
والخَيْسَفُوجَةُ: السُّكَّانُ. والخَيْسَفُوجَةُ أَيضاً: رَجُلُ السَّفِينَةِ. والخَيْسَفُوجَةُ: موضع.

خسق

إذا رُمي بالسهام فمنها الخاسِقُ وهو المُقَرْطِس، وهو لغة في الخازق. خَسَق السهمُ يَخْسِق خَسقاً وخُسوقاً: قَرْطَس، وخَسَق أَيضاً: لم ينفُذ نَفاذاً شديداً. الأَزهري: رَمى فخَسق إذا شقّ الجلد. وخَسَقَت الناقة الأَرض تَخْسِقُها خَسْقاً: خدَّتها. وناقة خَسُوق: سيّئة الخُلُق تَخْسِق الأَرض بمنَاسِمها إذا مشت انقلب مَنْسِمها فخَدَّ في الأَرض.
وخَيْسَقٌ: اسم. التهذيب: خيسق اسم لابةٍ معروفة. وبئر خَيْسَقٌ: بعيدةُ القعْر. وقبر خَيْسَق أَيضاً: قَعِير.

خسل

الخَسِيل: الرَّذْل من كل شيء، والجمع خَسائل وخِسال، الأُولى نادرة. وهو من خَسِيلتهم أَي من خُشارتهم، وقد تقدم ذلك في حرف الحاء.
والخُسالة والحُسالة: الرَّدِيء من كل شيء. والمَخْسول والمَحْسُول: المَرْذول، بالخاء والحاء جميعاً، والمُخَسَّل والمُحَسَّل مثله؛ قال العجاج:

ذي رَأْيهم والعاجِزِ المُخَسَّل

ورَجُل مُخَسَّل ومَخْسُول: مَرْذول. والخُسَّل والخُسَّال: الأَرذال والضُّعَفاء؛ وقال:

ونَحْن الثُّرَيَّا وجَوْزَاؤُهـا

 

ونحن الذِّرَاعان والمِرْزَمُ

وأَنتم كواكبُ مَخْـسـولة

 

تُرى في السماء ولا نُعْلَمُ

ويروى: مَسْخُولة. وخَسَلهم: نفاهم، والله أَعلم.

خسن

أَهمله الليث، وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَخسَنَ الرجلُ: إذا ذَلَّ بعد عِزٍّ، نعوذ بالله من ذلك.

خشب

الخَشَبَةُ: ما غَلُظَ مِن العِيدانِ، والجمع خَشَبٌ، مثل شجرةٍ وشَجَر، وخُشُبٌ وخُشْبٌ خُشْبانٌ. وفي حديث سَلْمانَ: كان لا يَكادُ يُفْقَهُ كلامُه مِن شِدَّةِ عُجْمَتِه، وكان يسمي الخَشَبَ الخُشْبانَ. قال ابن الأَثير: وقد أُنْكِرَ هذا الحديثُ، لأَنَّ سَلْمانَ كان يُضارِعُ كلامُه كلامَ الفُصَحاءِ، وإنما الخُشْبانُ جمع خَشَبٍ، كحَمَلٍ وحُمْلانٍ؛ قال:

كأَنهم، بجَنُوبِ القاعِ، خُشْبانُ

قال: ولا مَزيد على ما تَتَساعدُ في ثُبوتِه الرِّوايةُ والقياسُ.
وبَيْتٌ مُخَشَّبٌ: ذو خَشَب.
والخَشَّابةُ: باعَتُها.
وقوله عز وجل، في صفة المنافقين: كأَنهم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ؛ وقُرئ خُشْبٌ، بإسكان الشين، مثل بَدَنةٍ وبُدْنٍ. ومن قال خُشُبٌ، فهو بمنزلة ثَمَرَةٍ وثُمُرٍ؛ أَراد، واللّه أَعلم: أَنَّ المنافقين في تَرْكِ التَّفَهُّمِ والاسْتِبْصارِ، وَوَعْي ما يَسْمَعُونَ من الوَحْيِ، بمنزلة الخُشُبِ. وفي الحديث في ذِكر المنافقين: خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ بالنهار؛ أَراد: أَنهم يَنامُونَ الليلَ، كأَنهم خُشُبٌ مُطَرَّحةٌ، لا يُصَلُّون فيه؛ وتُضم الشين وتسكن تخفيفاً. والعربُ تقول للقَتِيلِ: كأَنه خَشَبةٌ وكأَنه جِذْعٌ.
وتخَشَّبَتِ الإبلُ: أَكلت الخَشَبَ؛ قال الراجز ووصف إبلاً:

حَرَّقَها، مِن النَّجِيلِ، أَشْهَبُهْ،

 

أَفْنانُه، وجَعَلَتْ تَخَشَّـبُـهْ

ويقال: الإبلُ تَتَخَشَّبُ عِيدانَ الشجرِ إذا تَناوَلَتْ أَغصانَه.
وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: كان يُصَلي خَلْفَ الخَشَبِيَّةِ؛ قال ابن الأَثير: هم أَصْحابُ المُخْتارِ بن أَبي عُبَيدة؛ ويقال لضَرْبٍ من الشِّيعةِ: الخَشَبِيَّةُ؛ قيل: لأَنهم حَفِظُوا خَشَبَةَ زَيْدِ بن عليّ، رضي اللّه عنه، حينَ صُلِبَ، والوجه الأَوّل، لأَنّ صَلْبَ زَيْدٍ كان بعد ابنِ عُمَر بكثير.
والخَشِيبةُ: الطَّبِيعةُ.
وخَشَبَ السيفَ يَخْشِبُه خَشْباً فهو مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: طَبَعَه، وقيل صَقَلَه.
والخَشِيبُ من السيوفِ: الصَّقِيلُ؛ وقيل: هو الخَشِنُ الذي قد بُرِدَ ولم يُصْقَلْ، ولا أُحْكِمَ عَمَلُه، ضدٌّ؛ وقيل: هو الحديثُ الصَّنْعة؛ وقيل: هو الذي بُدِئ طَبْعُه. قال الأَصمعي: سيف خَشِيبٌ، وهو عند الناس الصَّقِيلُ، وإنما أَصلُه بُرِدَ قبل أَن يُلَيَّنَ؛ وقول صخر الغي:

ومُرْهَفٌ، أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه،

 

أَبْيَضُ مَهْوٌ، في مَتْنِهِ، رُبَدُ

أَي طَبِيعَتُه. والمَهْوُ: الرّقِيقُ الشَّفْرَتَينِ. قال ابن جني: فهو عندي مقلوب من مَوْهٍ، لأَنه من الماء الذي لامُهُ هاء، بدليل قولهم في جمعه: أَمْواهٌ. والمعنى فيه: أَنه أُرِقَّ، حتى صارَ كالماءِ في رِقَّتهِ. قال: وكان أَبو علي الفارسي يرى أَن أَمْهاه، من قول امرئ القَيس:

راشَه مِنْ رِيشِ ناهِضةٍ،

 

ثُمَّ أَمْهاهُ على حَجَـرِهْ

قال: أَصله أَموَهَهُ، ثم قدَّم اللام وأَخَّر العين أَي أَرَقَّه كَرِقَّةِ الماء. قال، ومنه: مَوَّهَ فلان عَليَّ الحَدِيثَ أَي حَسَّنَه، حتى كأَنه جعل عليه طَلاوةً وماءً. والرُّبَدُ: شِبْهُ مَدَبِّ النمل، والغُبارِ.
وقيل: الخَشْبُ الذي في السَّيف أَن يَضَعَ عليه سِناناً عَريضاً أَمْلَسَ، فيَدْلُكَه به، فإن كان فيه شُقُوقٌ، أَو شَعَثٌ، أَو حَدَبٌ ذَهَبَ به وامْلَسَّ.
قال الأَحمر: قال لي أَعْرابي: قلت لصَيْقَلٍ: هل فَرَغْتَ مِنْ سَيْفِي؟ قال: نعم، إلاّ أَني لم أَخْشِبْه.
والخشابةُ: مِطْرَقٌ دَقِيقٌ إذا صَقَلَ الصَّيْقَلُ السَّيْفَ وفَرَغَ منه، أَجراها عليه، فلا يُغَبِّره الجَفْن؛ هذه عن الهجري.
والخَشْبُ: الشَّحْذُ. وسيفٌ خَشِيبٌ مَخْشُوبٌ أَي شَحِيذٌ. واخْتَشَبَ السيفَ: اتَّخَذَه خَشْباً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

ولا فَتْكَ إلاّ سَعْيُ عَمْروٍ ورَهْطِه،

 

بما اخْتَشَبُوا، مِن مِعْضَـدٍ ودَدانِ

ويقال: سَيْفٌ مَشْقُوقُ الخَشِيبةِ؛ يقول: عُرِّضَ حين طُبِعَ؛ قال ابن مِرْداسٍ:

جَمَعْتُ إلَيْهِ نَثْرَتي، ونـجِـيبَـتـي،

 

ورُمْحِي، ومَشْقُوقَ الخَشِيبةِ، صارِما

والخَشْبةُ: البَرْدةُ الأُولى، قَبْلَ الصِّقال؛ وأَنشد:

وفُترةٍ مِنْ أَثْلِ ما تَخَشَّبا

أَي مما أَخَذه خَشْباً لا يَتَنَوَّقُ فيه، يأْخُذُه مِن ههُنا وههُنا. وقال أَبو حنيفة: خَشَبَ القَوْسَ يَخْشِبُها خَشْباً: عَمِلَها عَمَلَها الأَوّلَ، وهي خَشِيبٌ مِنْ قِسِيٍّ خُشُبٍ وخَشائِبَ.
وقِدْحٌ مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: مَنْحُوتٌ؛ قال أَوْسٌ في صفة خيل:

فَخَلْخَلَها طَوْرَين. ثم أَفاضَها

 

كما أُرْسِلَتْ مَخْشُوبةٌ لم تُقَدَّمِ

ويُروى: تُقَوَّمِ أَي تُعَلَّمِ.
والخَشِيبُ: السَّهْمُ حين يُبْرَى البَرْيَ الأَوَّل.
وخَشَبْتُ النَّبْلَ خَشْباً إذا بَرَيْتَها البَرْيَ الأَوّل ولم تَفْرُغْ منها. ويقول الرجل للنَّبَّالِ: أَفَرَغْتَ مِن سَهْمِي؟ فيقول: قد خَشَبْتُه أَي قد بَرَيْتُه البَرْيَ الأَوَّل، ولم أُسَوِّه، فإذا فَرَغَ قال: قد خَلَقْتُه أَي لَيَّنْتُه من الصَّفاة الخَلْقاءِ، وهي المَلْساءُ. وخَشَبَ الشِّعْر يَخْشِبُه خَشْباً أَي يُمِرُّه كما يَجِيئُه، ولم يَتَأَنَّقْ فيه، ولا تَعَمَّلَ له؛ وهو يَخْشِبُ الكلام والعَمَلَ إذا لم يُحْكِمْه ولم يُجَوِّدْه.
والخَشِيبُ: الرَّدِيءُ والمُنْتَقَى. والخَشِيبُ: اليابِسُ، عن كراع. قال ابن سيده: وأُراه قال الخشِيبَ والخَشِيبيَّ.
وجَبْهَةٌ خَشْباءُ: كَرِيهةٌ يابِسةٌ. والجَبْهةُ الخَشْباءُ: الكَرِيهةُ، وهي الخَشِبةُ أَيضاً، ورجل أَخْشَبُ الجَبْهةِ؛ وأَنشد:

إمَّا ترَيْني كالوَبِيلِ الأَعْصَـلِ،

 

أَخْشَبَ مَهْزُولاً، وإنْ لم أُهْزَلِ

وأَكمَةٌ خَشْباءُ وأَرْضٌ خَشْباءُ، وهي التي كأَنَّ حِجارَتها مَنْثُورةٌ مُتَدانِيةٌ؛ قال رؤْبة:

بكُلِّ خَشْباءَ وكُلِّ سَفْحِ

وقولُ أَبي النَّجْمِ:

إذا عَلَوْنَ الأَخْشَبَ المَنْطُوحا

يريد: كأَنه نُطِحَ. والخَشِيبُ: الغَلِيظُ الخَشِنُ مَنْ كلّ شيءٍ.
والخَشيبُ من الرِّجال: الطَّوِيلُ الجافي، العارِي العِظام، مع شِدّة وصَلابة وغِلَظٍ؛ وكذلك هو من الجِمالِ.
وقد اخْشَوْشَبَ أَي صارَ خَشِباً، وهو الخَشِنُ.
ورَجل خَشِيبٌ: عارِي العَظْمِ، بادِي العَصَبِ. والخَشِيبُ منَ الإبل: الجافي، السَّمْجُ، المُتَجافي، الشاسِئ الخَلْقِ؛ وجمَلٌ خَشِيبٌ أَي غَلِيظٌ. وفي حديث وَفْدِ مَذْحِجَ على حَراجِيجَ: كأَنها أَخاشِبُ، جمع الأَخْشَبِ؛ والحَراجيجُ: جمع حُرْجُوجٍ، وهي الناقةُ الطويلةِ، وقيل: الضَّامِرةُ؛ وقيل: الحادَّةُ القَلْبِ. وظَلِيمٌ خَشِيبٌ أَي خَشِنٌ.
وكلُّ شيءٍ غَلِيظٍ خَشِنٍ، فهو أَخْشَبُ وخَشِبٌ.
وتخَشَّبَتِ الإبلُ إذا أَكلت اليَبِيسَ من المَرْعَى. وعَيْشٌ خَشِبٌ: غير مُتَأَنَّقٍ فيه، وهو من ذلك.
واخْشَوْشَبَ في عَيْشِه: شَظِفَ. وقالوا: تمَعْدَدُوا، واخْشَوْشِبُوا أَي اصْبِرُوا على جَهْدِ العَيْشِ؛ وقيل تَكَلَّفُوا ذلك، ليكون أَجْلَدَ لكم. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اخْشَوْشِبُوا، وتَمعْدَدُوا. قال: هو الغِلَظُ، وابْتِذالُ النَّفْسِ في العَمَل، والاحْتِفاءُ في المَشْيِ، ليَغْلُظ الجَسَدُ؛ ويُروى: واخْشَوْشِنُوا، من العِيشةِ الخَشْناءِ.
ويقال: اخْشَوْشَب الرَّجُل إذا صارَ صُلْباً، خَشِناً في دِينهِ ومَلْبَسِه ومَطْعَمِه، وجَمِيعِ أَحْوالِه. ويُروى بالجيم والخاءِ المعجمة، والنون؛ يقول: عِيشُوا عَيْشَ مَعَدٍّ، يعني عَيْشَ العَرَبِ الأَوَّل، ولا تُعَوِّدُوا أَنفُسَكم التَّرَفُّه، أَو عِيشةَ العَجَمِ، فإنَّ ذلك يَقْعُدُ بكم عن المغازي.
وجَبَلٌ أَخْشَبُ: خَشِنٌ عظيم؛ قال الشاعر يصف البعير، ويُشَبِّهه فوقَ النُّوق بالجَبَل:

تَحْسَبُ فَوْقَ الشَّوْلِ، مِنه، أَخْشَبا

والأَخْشَبُ مِن الجِبال: الخَشِنُ الغَلِيظُ؛ ويقال: هو الذي لا يُرْتَقَى فيه. والأَخْشَبُ من القُفِّ: ما غَلُظَ، وخَشُنَ، وتحَجَّر؛ والجمع أَخاشِبُ لأَنه غَلَبَ عليه الأَسْماءُ؛ وقد قيل في مؤَنَّثه: الخَشْباءُ؛ قال كثير عزة:

يَنُوءُ فَيَعْدُو، مِنْ قَريبٍ، إذا عَـدا

 

ويَكْمُنُ، في خَشْباءَ، وعْثٍ مَقِيلُها

فإما أَن يكون اسماً، كالصَّلْفاءِ، وإما أَن يكون صفة، على ما يطرد في باب أَفعل، والأَوّل أَجود، لقولهم في جمعه: الأَخاشِبُ. وقيل الخَشْباءُ، في قول كثير، الغَيْضةُ، والأَوّلُ أَعْرَفُ.
والخُشْبانُ: الجِبالُ الخُشْنُ، التي ليست بِضِخامٍ، ولا صِغارٍ. ابن الأَنباري: وقَعْنا في خَشْباءَ شَدِيدةٍ، وهي أَرضٌ فيها حِجارةٌ وحَصى وطين. ويقال: وقَعْنا في غضْراءَ، وهي الطِّين الخالِصُ الذي يقال له الحُرُّ، لخُلُوصِه مِن الرَّمْلِ وغيره. والحَصْباءُ: الحَصى الذي يُحْصَبُ به.
والأَخْشَبانِ: جَبَلا مَكَّةَ. وفي الحديث في ذِكْر مَكَّةَ: لا تَزُولُ مَكَّةُ، حتى يَزُولَ أخْشَباها. أَخْشَبا مَكَّةَ: جَبَلاها. وفي الحديث: أَن جِبْرِيلَ، عليه السلام، قال: يا محمدُ إنْ شِئْتَ جَمَعْتُ عَليهم الأَخْشَبَينِ، فقال: دَعْني أُنْذِرْ قَوْمي؛ صلى اللّه عليه وسلم، وجَزاه خَيراً عن رِفْقِه بأُمَّتِه، ونُصْحِه لهم، وإشْفاقِه عليهم.
غيره: الأَخْشَبانِ: الجَبَلانِ المُطِيفانِ بمكَّةَ، وهما: أَبو قُبَيْس والأَحْمرُ، وهو جبَل مُشْرِفٌ وَجْهُه على قُعَيْقِعانَ. والأَخْشَبُ: كلُّ جَبَلٍ خَشِنٍ غَلِيظٍ. والأَخاشِبُ: جِبالُ الصَّمَّان. وأَخاشِبُ الصَّمَّانِ: جِبال اجْتَمَعْنَ بالصَّمَّانِ، في مَحِلّة بني تَمِيم، ليس قُرْبَها أَكَمةٌ، ولا جَبَلٌ؛ وصُلْبُ الصَّمَّانِ: مكانٌ خَشِبٌ أَخْشَبُ غَلِيظٌ؛ وكلُّ خَشِنٍ أَخْشَبُ وخَشِبٌ.
والخَشْبُ: الخَلْطُ والانْتِقاءُ، وهو ضِدٌّ. خَشَبَه يَخْشِبُه خَشْباً، فهو خَشِيبٌ ومَخْشُوبٌ. أَبو عبيد: المَخْشُوب: المَخْلوط في نَسَبِه؛ قال الأَعشى يصف فرساً:

قافِلٍ جُرْشُعٍ، تراه كَيَبْس الرَّ

 

بْل، لا مُقْرِفٍ، ولا مَخْشُوبِ

قال ابن بري: أَورد الجوهري عجز هذا البيت، لا مقرفٌ ولا مَخْشُوبُ، قال: وصوابه لا مُقْرِفٍ ولا مَخْشُوبِ بالخفض، وبعده:

تِلْكَ خَيْلي منه، وتِلكَ رِكابي،

 

هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها، كالزَّبيبِ

قال ابن خالويه: المَخْشُوب الذي لم يُرَضْ، ولم يُحَسَّنْ تَعْلِيمه، مُشَبَّهٌ بالجَفْنةِ المَخْشُوبة، وهي التي لم تُحْكَمْ صَنْعَتُها.
قال: ولم يَصِفِ الفَرَسَ أَحَدٌ بالمَخْشُوبِ، إلاَّ الأَعْشَى. ومعنى قافِل: ضامِرٌ. وجُرْشُعٌ: مُنْتَفِخُ الجَنْبَينِ. والرَّبْلُ: ما تَرَبَّلَ من النَّباتِ في القَيظ، وخرج من تحت اليَبيسِ مِنه نباتٌ أَخضَر.
والمُقْرِفُ: الذي دانَى الهُجْنةَ مِنْ قِبَلِ أَبيهِ.
وخَشَبْتُ الشيءَ بالشيءِ: خَلَطْتُه به.
وطعامٌ مَخْشُوبٌ إذا كان حَبّاً، فهو مُفَلَّقٌ قَفارٌ، وإن كان لحماً فَنيءٌ لم يَنْضَجْ. ورجل قَشِبٌ خَشِبٌ: لا خَيرَ عنده، وخَشِبٌ إتْباعٌ له. الليث: الخَشَبِيَّةُ: قومٌ مِنَ الجَهْمِيَّةِ يَقُولون: إنَّ اللّه لا يتَكَلَّم، ويقُولون: القرآنُ مَخْلُوقٌ.
والخِشابُ: بُطُونٌ مِن تَمِيمٍ؛ قال جرير:

أَثَعْلَبَةَ الفوارِسِ أَم رِياحـاً،

 

عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا؟

ويُروى: أَو رَباحاً.
وبنو رِزامِ بن مالكِ بن حَنْظَلَة يقال لهم: الخِشابُ. واستشهد الجوهري ببيت جرير هذا على بني رِزامٍ.
وخُشْبانُ. اسم. وخُشْبانُ: لَقَبٌ.
وذُو خَشَبٍ: موضِع؛ قال الطِّرِمَّاحُ:

أَو كالفَتى حاتِمٍ، إذْ قالَ: ما ملَكَتْ

 

كَفَّايَ للنَّاسِ نُهْبَى، يومَ ذي خَشَبِ

وفي الحديث ذكر خُشُبٍ، بضمتين، وهو وادٍ على مَسِيرةِ لَيْلة من المَدينةِ، له ذِكرٌ كَثيرٌ في الحديث والمغازي، ويقال له: ذُو خُشُبٍ.

خشر

الخُشَارُ والخُشَارَةُ: الرديء من كل شيء، وخص اللحياني به رديء المتاع. وخَشَرَ يَخْشِرُ خَشْراً: نَقَّى الرديء منه. ومَخاشِرُ المِنْجَلِ: أَسْنانُه؛ أَنشد ثعلب:

تُرَى لها، بعْدَ إِبارَ الآبِـرِ،

 

صُفْرٌ وحُمْرٌ كَبُرُودِ التَّاجِرِ

مآزِرٌ تُطْوَى على مـآزِرِ،

 

وأَثَرُ المِخْلَبِ ذي المَخَاشِرِ

يعني الحَمْلَ. وخَشَرَ خَشْراً: أَبقى على المائدة الخُشَارَةَ.
والخُشَارَةُ: ما يبقى على المائدة مما لا خير فيه. وخَشَرْتُ الشيء أَخْشِرُه خَشْراً إذا نَقَّيْتَ منه خُشَارَتَهُ. وفي الحديث: إذا ذهب الخيار وبقيت خُشارَةٌ كخُشارَةِ الشعير لا يُبالِي بهم اللهُ بالَةً؛ هي الرديء من كل شيء. والخُشارَةُ والخُشارُ من الشعير: ما لا لُبَّ له. وخُشارَةُ الناس: سَفَلَتُهم، وفلان من الخُشارَةِ إذا كان دوناً؛ قال الحطيئة:

وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشَارَةٍ،

 

وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بمالكا

يقول: اشتريت لقومك الشرف بأَموالك؛ قال ابن بري: صوابه بمالك، بكسر الكاف، وهو اسم ابن لعيينة بن حصن قتله بنو عامر فعزاهم عيينة فأَدرك بثأْره وغنم؛ فقال الحطيئة:

فِدىً لابنِ حِصْنٍ ما أُرِيحَ فإِنه

 

ثِمالُ اليتامَى، عِصْمَةٌ لِلْمَهَالِكِ

وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُـشـارَةٍ،

 

وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بِمـالِـكِ

وخَشَرْتُ الشيءَ إذا أَرْذَلْتَهُ، فهو مَخْشُورٌ. أَبو عمرو:الخاشِرَةُ السَّفَلَةُ من الناس؛ قاله ابن الأَعرابي وزاد فقال: هم الخُشار والبُشارُ والقُشارُ والسُّقاطُ والبُقاطُ والمُقاطُ. ابن الأَعرابي: خَشِرَ إذا شَرِهَ، وخَشِرَ إذا هرب جُبْناً.

خشرم

الخَشْرَمُ: جماعة النحل والزنابير، لا واحد لها من لفظها؛ قال الشاعر في صفة كلاب الصيد:

وكأَنَّها، خَلْفَ الطَّري

 

دةِ، خَشْرَمٌ مُتَـبَـدِّدُ

الأَصمعي: الجماعة من النحل يقال لها الثَّوْلُ والخَشْرَمُ، قال أَبو حنيفة: من أَسماء النحل الخَشْرَمُ، واحدتها خَشْرَمَةٌ. والخَشْرَمُ أَيضاً: أَمير النحل. والخشرَمُ أَيضاً: مأْوى الزنابير والنحل وبيتُها ذو النَّخاريب. وفي الحديث: لتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كان قبلكم ذراعاً بذراع حتى لو سلكوا خَشْرَم دَبْرٍ لسلكتموه؛ هو مأْوى النحل والزنابير والدَّبْرِ، قال: وقد يطلق عليها أَنفسها؛ والدَّبْرُ: النحل؛ وقول أَبي كبير يصف صائداً:

يأْوي إِلى عُظْمِ الغَريفِ، ونَبْلُهُ

 

كسَوامِ دَبْر الخَشْرَمِ المُتَثَـوِّرِ

أَضاف الدَّبْرَ إِلى أَميرها أَو مأْواها، ولا يكون من إِضافة الشيء إِلى نفسه.
وخَشارِمُ الرأْس: ما رَقَّ من السِّحاء الذي في خَياشيمه، وهو ما فوق نُخْرَتِه إِلى قصَبة أَنفه.
والخَشارِمُ، بالضم: الأَصواتُ، وخَشْرَمَتِ الضَّبُع: صوتت في أَكلها؛ حكاه ابن الأعرابي، وقال: سمعت أَعرابياً يقول: الضبع تُخَشْرِمُ وذلك صوت أَكلها إذا أَكلت.
ابن شميل: الخَشْرَمَةُ أَرض حجارتها رَضْراضٌ كأَنها نُثِرَتْ على وجه الأَرض نَثْراً، فلا تكاد تمشي فيها، حجارتها حُمٌّ، وهو جبل ليس بالشديد الغليظ، فيه رَخاوة موضوع بالأَرض وضعاً، وهو ما استوى مع الأَرض، وما تحت هذه الحجارة المُلقاة على وجه الأَرض أَرضٌ فيها حجارة وطين مختلطة، وهي في ذلك غليظة، وقد تنبت البقل والشجر؛ وقيل: الخَشْرَمَةُ رَضْمٌ من حجارة مَرْكوم بعضُه على بعضٍ، والخَشْرَمةُ لا تطول ولا تَعْرُضُ، إِنما هي رَضْمَةٌ وهي مستوية؛ وزاد الليث على هذا القول أَنه قال: حجارة الخَشْرَمةِ أَعظمها مثل قامة الرجل تحت التراب، قال: وإِذا كانت الخَشْرَمةُ مستوية مع الأَرض فهي القِفافُ، وإِنما قَفَّفَها كثرةُ حجارتها؛ قال أَبو أَسلم: الخَشْرَمةُ من أَعظم القفِّ، وقال بعضهم: الخَشْرَمُ ما سَفُلَ من الجبل، وهي قُفٌّ وغلظ، وهو جبل غير أَنه متواضع، وجمعه الخَشارِمُ.
ابن سيده: الخَشارِمَةُ قِفافٌ حجارتها رَضْراضٌ، واحدتها خَشرَمٌ وخَشْرمة. والخَشْرَمُ: الحجارة الرخوة التي يتخذ منها الجِصُّ؛ وأَنشد ابن بري لأَبي النَّجْمِ:

ومُسُكاً من خَشْرَمٍ ومَدَرا

وخَشْرَمٌ: اسم. وابن خَشْرَمٍ: رجل، وهو أَيضاً ابن الخَشْرَمِ.

خشسبرم

الخَشَسْبَرَمْ: شبيه بالمَرْوِ، وهو من رياحين البر. قال ابن سيده: هكذا حكاه أَبو حنيفة بسكون آخره، وعزاه إِلى الأَعراب؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا، قال: وعندي أَنه غير عربي

خشش

خَشَّه يَخُشُّه خَشّاً: طعنه. وخَشَّ في الشيء يخُشُّ خَشّاً وانْخَشَّ وخَشْخَشَ: دخل. وخَشَّ الرجل: مضى ونفذ.
ورجل مِخَشٌّ: ماض جريء على هَوَى الليل، ومِخْشفٌ، واشتقه ابنُ دريد من قولك: خَشَّ في الشيء دخل فيه، وخَشَّ: اسم رجل، مشتق منه الأَصمعي: خَشَشْتُ في الشيء دخلت فيه؛ قال زهير:

فخَشَّ بها خِلالَ الفَدْفَدِ

أَي دخل بها. وانْخَشَّ الرجل في القوم انْخِشاشاً إذا دخل فيهم. وفي حديث عبد اللَّه بن أُنيس: فخرد رجل يمشي حتى خشَّ فيهم أَي دخل؛ ومنه يقال لما يُدخَلُ في أَنف البعير خِشَاشٌ لأَنه يُخَشُّ فيه أَي يدخل؛ وقال ابن مقبل:

وخَشْخَشْت بالعِيسِ في قَفْرةٍ

 

مَقِيلِ ظِباء الصَّرِيمِ الحُرُنْ

أَي دخلت. والخِشَاشُ، بالكسر الرجل الخفيف. وفي حديث عائشة ووصَفَتْ أَباها، رضي اللَّه عنهما، فقالت: خِشَاشُ المَرْآة والمَخْبَر؛ تريد أَنه لطيف الجسم والمعنى. يقال: رجل خَسَاشٌ وخَشَاشٌ إذا كان حادَّ الرأْس لطيفاً ماضياً لطيف المدخل. ورجل خَشَاشٌ، بالفتح: وهو الماضي من الرجال. ابن سيده: ورجل خِشاشٌ وخَشاشٌ لطيف الرأْس ضَرْبُ الجسم خفيف وقَّادٌ؛ قال طرفة:

أَنا الرجلُ الضَّرْبُ الذي تَعْرِفُونه

 

خَشَاشٌ كرأْسِ الحيَّةِ المُتَـوَقِّـدِ

وقد يضم. ابن الأَعرابي: الخِشَاشُ والخَشَاشُ الخفيف الروح الذكيُّ. والخِشَاشُ: الثعبان العظيم المنكَر، وقيل: هي حية مثل الأَرقم أَصْغَرُ منه، وقيل: هي من الحيات الخفيفة الصغيرة الرأْس، وقيل: الحية، ولم يقيد، وهي بالكسر.
الفَقْعَسيّ: الخِشَاشُ حية الجبل لا تُطْني، قال: والأَفعى حية السهل؛ وأَنشد:

قد سالَمَ الأَفعى مع الخِشاشِ

وقال ابن شميل: الخِشَاشُ حية صغيرة سمراء أَصغر من الأَرقم. وقال أَبو خيرة: الخِشَاشُ حية بيضاء قلما تؤذي، وهي بين الحُفَّاثِ والأَرقم، والجمع الخِشَّاءُ. ويقال للحية خَشْخاشٌ أَيضاً؛ ومنه قوله:

أَسْمر مثل الحيةِ الخَشْخَاشِ

والخِشْاشُ: الشِّرارُ من كل شيء، وخص بعضهم به شِرارَ الطير وما لا يصيد منها، وقيل: هي من الطير ومن جميع دواب الأَرض ما لا دِماغَ له كالنعامة والحبارى والكَرْوانِ ومُلاعِبِ ظِلِّه. قال الأَصمعي: الخَشَاشُ شِرارُ الطير، هذا وحده بالفتح. قال: وقال ابن الأَعرابي الرجل الخفيف خَشَاشٌ أَيضاً، رواه شمر عنه قال: وإِنما سمي به خَشاشُ الرأْسِ من العظام وهو ما رقَّ منه. وكلُّ شيء رقَّ ولطُفَ، فهو خَشاشٌ. وقال الليث: رجل خَشَاشُ الرأْسِ، فإِذا لم تذكر الرأْس فقل: رجل خِشَاشٌ، بالكسر. والخِشَاشُ، بالكسر: الحشراتُ، وقد يفتح. وفي الحديث: أَن امرأَة ربطت هرّة فلم تُطْعِمْها ولم تَدَعْها تأْكلُ من خَشَاش الأَرض: قال أَبو عبيد: يعني من هوامِّ الأَرض وحشراتها ودوابِّها وما أَشبهها، وفي رواية: من خَشِيشِها، وهو بمعناه، ويروى بالحاء المهملة، وهو يابس النبات وهو وهَم، وقيل: إِنما هو خُشَيْشٌ، بضم الخاء المعجمة، تصغير خَشَاشٍ على الحذف أَو خُشَيِّشٌ من غير حذف. والخِشاشُ من دواب الأَرض والطير: ما لا دماغ له، قال: والحية لا دماغ لها والنعامة لا دماغ لها والكَرْوانُ لا دماغ له، قال: كَروانٌ خِشَاشٌ وحبارى خَشاشٌ سواء. أَبو مسلم: الخَشاشُ والخِشاشُ من الدواب الصغيرُ الرأْس اللطيف، قال: والحِدَأُ ومُلاعِبُ ظِلِّه خِشاشٌ. وفي حديث العُصفورِ: لم يَنْتَفعْ بي ولم يَدَعْني أَخْتشُّ من الأَرض أَي آكُلُ من خَشاشِها. وفي حديث ابن الزبير ومعاوية: هو أَقلُّ في أَعْيُنِنامن خَشاشةٍ. ابن سيده: قال ابن الأَعرابي هو الخِشاشُ، بالكسر، فخالف جماعةَ اللُّغوِيِّين، وقيل: إِنما سمي به لانْخِشاشِه في الأَرض واسْتِتارِه بها، قال: وليس بقَوِيّ.
والخِشاشُ والخِشاشةٌ: العودُ الذي يجعل في أَنف البعير؛ قال:

يَتُوقُ إِلى النَّجاءِ بفضْلِ غَرْبٍ

 

وتَقْدَعُه الخِشاشةُ والفِـقـارُ

وجمعه أَخِشَّةٌ. والخَشُّ: جعْلُك الخِشاشَ في أَنف البعير. وقال اللحياني: الخِشاشُ ما وضع في عظْم الأَنف، وأَما ما وضع في اللحم فهي البُرَةُ، خَشَّه يَخُشُّه خشّاً وأَخَشّه؛ عن اللحياني. الأَصمعي: الخِشاشُ ما كان في العَظم إذا كان عُوداً، والعِرانُ ما كان في اللحم فوق الأَنف.
وخَشَشْت البعيرَ، فهو مَخْشوش. وفي حديث جابر: فانقادت معه الشجرةُ كالبعير المَخْشُوش؛ هو الذي يُجعل في أَنفه الخِشاشُ. والخِشاش مشتق من خَشَّ في الشيء إذا دَخل فيه لأَنه يُدْخَل في أَنف البعير؛ ومنه الحديث: خُشُّوا بين كلامكم لا إِله إِلا اللَّه أَي أَدْخِلوا. وخَشَشْت البعير أَخُشُّه خَشّاً إذا جعلت في أَنفه الخِشاشَ. الجوهري. الخِشاشُ، بالكسر، الذي يُدخل في عظم أَنف البعير وهو من خَشب، والبُرةُ من صُفْرٍ، والخِزامةُ من شَعر. وفي حديث الحُديبية: أَنه أَهْدى في عُمرتِها جملاً كان لأَبي جهل في أَنفه خِشاشٌ من ذهب، قال: الخِشاشُ عُوَيدٌ يجعل في أَنف البعير يُشدّ به الزِّمامُ ليكون أَسرعَ لانقياده.
والخُشّاءُ والخُشُشاءُ: العظْمُ الدَّقيق العاري من الشعر الناتئ خلف الأُذن؛ قال العجاج:

في خُشَشاوَيْ حُرَّةِ التَحْريرِ

وهما خُشَشاوانِ. ونظيرُها من الكلام القُوْباءُ وأَصلُه القُوَباءُ، بالتحريك، فسكَنت استثقالاً للحركة على الواو ولأَنّ فُعْلاءَ، بالتسكين، ليس من أَبْنِيَتِهم، قال: وهو وزنٌ قليلٌ في العربية. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه، أَن قَبيصةَ بن جابر قال لعُمر: إِني رَمَيْتُ ظَبْياً وأَنا مُحْرِمٌ فأَصَبْتُ خُشَشاءَه فأَسِن فمات؛ قال أَبو عبيد: الخُشَشاءُ هو العظْمُ الناشِزُ خلف الأُذن وهمْزتُه منقلبة عن أَلف التأَنيث. الليث: الخُشَشاوان عظْمان ناتئان خلف الأُذنين، وأَصل الخُشَشاءعلى فُعَلاءَ. والخَشَّاءُ، بالفتح: الأَرض التي فيها رمل، وقيل: طين. والخَشَّاءُ أَيضاً: أَرض فيها طين وحصىً؛ وقال ثعلب: هي الأَرض الخَشِنةُ الصلبة، وجمع ذلك كلّه خَشَّاواتٌ وخَشاشِيّ. ويقال: أَنْبَطَ في خَشَّاءَ.
وقيل: الخَشُّ أَرض غليظة فيها طين وحَصْباءُ. والخَشُّ: القليلُ من المطر؛ قال الشاعر:

يسائلني بالمُنْـحَـنـى عـن بِـلادِه

 

فقلت: أَصابَ الناس خَشٌّ من القَطْرِ

والخَشْخَشَةُ: صَوتُ السلاح واليَنْبُوتِ، وفي لغة ضعيفة شَخْشَخَةٌ.
وكلُّ شيء يابسٍ يحُكُّ بعضه بعضاً: خَشْخاشٌ. وفي الحديث أَنه قال لبلال: ما دخلتُ الجنة إِلا وسمِعتُ خَشْخَشَةً، فقلتُ: من هذا؟ فقالوا: بلالٌ؛ الخَشْخَشَةُ: حركة لها صوت كصوت السلاح. ويقال للرجَّالة: الخَشُّ والحَشُّ والصف والبت قال: وواحد الخَشّ خاشٌّ. ابن الأَعرابي: الخِشاشُ الغضب. يقال: قد حرّك خِشاشَه إذا أَغضبه والخُشاشُ: الشجاع، بضم الخاء.قال: والخُشَيشُ الغزال الصغير. والخُشَيشُ: تصغير خُشٍّ وهو التلُّ.
والخِشاشُ: الجوالقُ؛ وأَنشد:

بينَ خِشاشٍ بازِلٍ جِوَرِّ

ورواه أَبو مالك: بين خِشاشَيْ بازلٍ. قال: وخشاشاً كل شيء جَنْباه؛ وقال شمر في قول جرير:

من كلّ شَوْشاءَ لمَّا خُشَّ ناظرُها

 

أَدْنَتْ مُذَمِّرَها من واسط الكُورِ

قال: والخِشاشُ يقع على عِرْق الناظر، وعِرْقا الناظطرَينِ يكْتَنِفان الأَنف، فإِذا خُشَّتْ لانَ رأَسها، فإِذا جُذِبت أَلْقت مُذَمِّرُها على الرحل من شدة الخِشاشِ عليها. والمُذَمَّرُ: العِلْباوان في العُنق يُشْرِفان على الأَخدَعَين. وقوله في الحديث: عليه خُشاشانِ أَي بُرْدنان؛ قال ابن الأَثير: إِن كانت الروايةُ بالتخفيف فيريد خفَّتهما ولُطْفَهُما، وإِن كانت بالتشديد فيريد به حركَتهما كأَنهما كانتا مصقُولتين كالثياب الجدُد المصقولة.
والخَشْخاشُ: الجماعةُ الكثيرة من الناس، وفي المحْكم: الجماعة؛ قال الكميت:

في حَوْمةِ الفَيْلَقِ الجَأْواءِ، إِذْ ركِبَتْقَيْسٌ، وهَيْضَلُها الخَشْخاشُ إِذ نَزَلُوا

وفي الصحاح: الخَشْخاشُ الجماعةُ عليهم سلاح ودروع، وقد خَشْخَشْتُه فَتَخَشْخَش؛ قال علقمة:

تَخَشْخَشَ أَبْدانُ الحَديدِ عـلـيهـمُ

 

كما خَشْخَشَتْ يبسَ الحصادِ جَنُوبُ

ابن الأَعرابي: يقال لصوت الثوب الجديد إذا حرّك الخَشْخَشَةُ والنَّشْنَشَةُ.
والخَشُّ: الشيء الأَسود. والخَشُّ: الشيء الأَخْشن.
والخَشْخاشُ: نبتٌ ثمرتُه حمراءُ، وهو ضربان: أَسود وأَبيض، واحدته خَشْخاشةٌ. والخَشَّاءُ: موضع النَّحْل والدَّبْر؛ قال ذو الأُصْبَع العَدْوانيُّ يصف نَبْلاً:

قَوّمَ أَفْواقَها، وتَرَّصَـهـا

 

أَنْبَلُ عَدْوان كلِّها صَنَعـا

إِمَّا تَرى نَبْلَه فَخَشْرمُ خَشْ

 

شاءَ، إذا مُسَّ دَبْرُه لكَعا

تَرَّصَها: أَحكمها. وأَنبلُ عدوان: أَحذقُهم بعمل النبلِ؛ قال ابن بري: والذي في شعره مكان إِما ترى:

فنَبْلُه صِيغَةٌ كخَشْرَمِ خش

 

شاءَ، إذا مُشَّ دَبْرُه لكَعا

لأَن إِما ليس له جواب في هذا البيت ولا فيما بعده؛ قال: وإِنما ذكر الشاعر إِما في بيت يلي هذا وهو:

إِمَّا تَرى قَوسَه فنابِـيَةُ ال

 

أَرْزِ هَتُوفٌ، بِحالها ضَلَعا

وقوله فنابية، الفاء جواب إِما، ونابية خبر مبتدأ أَي هي ما نبا من الأَرْزِ وارتفع. وهتوفُ: ذات صوت. وقوله لكَعا بمعنى لسع. وخُشْ: الطيبُ، بالفارسية، عرَّبَتْه العرب. وقالوا في المرأَة خَشَّة كأَنَّ هذا اسم لها؛ قال ابن سيده: أَنشدني بعض من لقيته لمطيع بن إِياس يهجو حماداً الراوية:

نَحِّ السَوْءةَ السَّوْآ ءَ

 

يا حَمَّادُ، عن خُشّه

عن التُّفَّاحةِ الصَّفْرا

 

ءِ والأُتْرُجّةِ الهَشّة

وخُشَاخِشٌ رمل بالدَّهْناءِ؛ قال جرير:

أَوْقَدْتَ نارَك واسْتَضَأْتَ بحزنَةٍ

 

ومن الشُّهودِ خُشَاخِشٌ والأَجْرَعُ

خشع

خَشَع يَخْشَعُ خُشوعاً واخْتَشَع وتَخَشَّعَ: رمى ببصره نحو الأَرض وغَضَّه وخفَضَ صوته. وقوم خُشَّع: مُتَخَشِّعُون. وخشَع بصرُه: انكسر، ولا يقال اخْتَشع؛ قال ذو الرمة:

تَجَلَّى السُّرى عن كلِّ خِرْقٍ كأَنه

 

صَفِيحةُ سَيْفٍ، طَرْفُه غيرُ خاشِع

واخْتشعَ إذا طأْطأَ صَدْرَه وتواضع، وقيل: الخُشوع قريب من الخُضوع إِلا أَنّ الخُضوع في البدن، وهو الإِقْرار بالاستِخْذاء، والخُشوعَ في البدَن والصوْت والبصر كقوله تعالى: خاشِعةً أَبصارُهم؛ وخَشَعتِ الأَصواتُ للرحمن، وقرئ: خاشِعاً أَبصارُهم؛ قال الزجاج: نصب خاشعاً على الحال، المعنى يخرجون من الأَجْداث خُشَّعاً، قال: ومَن قرأَ خاشِعاً فعلى أَنّ لك في أَسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد نحو خاشِعاً أَبصارُهم، ولك التوحيدُ والتأْنِيثُ لتأْنِيث الجَماعةِ كقولك خاشعةً أَبصارهم، قال: ولك الجمع خُشَّعاً أَبصارُهم، تقول: مررتُ بشُبّان حَسَنٍ أَوْجُهُهم وحِسانٍ أَوجُههم وحسَنةٍ أَوجهُهم؛ وأَنشد:

وشَبابٍ حَسَنٍ أَوجُهُـهُـم

 

منْ إِيادِ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدِّ

وقوله: وخشَعتِ الأَصوات للرحمن؛ أَي سكنت، وكلُّ ساكنٍ خاضعٍ خاشعٌ.
وفي حديث جابر: أَنه، صلى الله عليه وسلم، أَقبل علينا فقال: أَيُّكم يُحِب أَن يُعْرِضَ الله عنه؟ قال: فخَشَعْنا أَي خَشِينا وخضَعْنا؛ قال ابن الأَثير: والخُشوع في الصوت والبصَر كالخُضوع في البدَن. قال: وهكذا جاء في كتاب أَبي موسى، والذي جاء في كتاب مسلم فجَشِعْنا، بالجيم، وشرحه الحميدي في غريبه فقال: الجَشَعُ الفَزَعُ والخَوْفُ. والتخشُّع: نحو التضرُّعِ. والخشُوعُ: الخضُوعُ. والخاشع: الراكع في بعض اللغات. والتخشُّعُ: تَكلُّف الخُشوع. والتخشُّعُ لله: الإِخْباتُ والتذلُّلُ.
والخُشْعةُ: قُفٌّ غَلبت عليه السُّهولةُ. والخُشْعةُ، مثال الصُّبْرة: أَكَمةٌ مُتواضِعةٌ. وفي الحديث: كانت الكعبة خُشْعةً على الماء فَدُحِيَت الأَرضُ من تَحْتِها؛ قال ابن الأَثير: الخُشْعةُ أَكَمةٌ لاطِئةٌ بالأَرض، والجمع خُشَعٌ، وقيل: هو ما غَلَبت عليه السُّهولة أَي ليس بحجر ولا طين، ويروى خَشَفة، بالخاء والفاء، والعرب تقول للجَثَمة اللاطئة بالأَرض هي الخُشْعة، وجمعها خُشَعٌ؛ وقال أَبو زبيد:

جازِعات إِليهمُ، خُشَـعَ الأَوْ

 

داةِ قُوتاً، تُسْقَى ضَياحَ المَدِيدِ

ويروى: خُشَّعَ الأَوْداة جمع خاشِعٍ. ابن الأَعرابي: الخُشْعةُ الأَكمةُ وهي الجَثَمةُ والسَّرْوعةُ والقائدةُ. وأَكمة خاشِعة: مُلْتَزِقة لاطئة بالأَرض. والخاشِعُ من الأَرض: الذي تُثِيره الرّياح لسُهولته فتمحو آثارَه. وقال الزجاج: وقوله تعالى: ومن آياته أَنك ترى الأَرض خاشعة، قال: الخاشِعة المتَغَبّرة المُتَهَشِّمة، وأَراد المُتهشِّمةَ النبات.
وبَلْدةٌ خاشعة أَي مُغْبَرّة لا مَنْزِل بها. وإِذا يَبِست الأَرض ولم تُمْطَر قيل: قد خَشَعَت. قال تعالى: وترى الأَرض خاشعة فإِذا أَنزلنا عليها الماء اهْتَزّتْ وربَتْ. والعرب تقول: رأَينا أَرض بني فلان خاشِعةً هامِدة ما فيها خَضْراء. ويقال: مكان خاشِعٌ. وخَشَعَ سَنامُ البعير إذا أُنْضِيَ فذهب شَحْمه وتَطأْطأَ شَرَفُه. وجِدار خاشعٌ إذا تَداعَى واستوى مع الأَرض؛ قال النابغة:

ونُؤْيٌ كَجِذْم الحَوْضِ أَثْلَمُ خاشِعُ

وخَشَعَ خَراشِيَّ صدْره: رمَى بُزاقاً لَزِجاً. قال ابن دريد: وخَشَعَ الرَّجلُ خَراشِيَّ صدْرِه إذا رمَى بها. ويقال: خَشَعَت الشمسُ وخَسَفَت وكَسَفَت بمعنى واحد. وقال أَبو صالح الكلابي: خُشوعُ الكواكِب إذا غارَت وكادت تَغِيب في مَغِيبها؛ وأَنشد:

بَدْر تَكادُ له الكواكب تَخْشَعُ

وقال أَبو عدنان: خشعت الكواكب إذا دنت من المَغِيب، وخضَعَت أَيدي الكواكب أَي مالت لتَغِيب.
والخِشْعةُ: الذي يُبْقر عنه بطْن أُمه. قال ابن بري: قال ابن خالويه والخِشْعة ولد البَقِير، والبقيرُ: المرأَة تموت وفي بطنها ولد حيّ فَيُبْقَر بطنُها ويُخرج، وكان بكير بن عبد العزيز خِشْعة؛ ورأَيت في حاشية نسخة موثوق بها من أَمالي الشيخ ابن بري قال الحطيئة يمدح خارِجةَ بن حِصْن بن حُذَيفةَ بن بَدْر:

وقد عَلِمَتْ خيْلُ ابنِ خِشْعةَ أَنها

 

متى تَلْقَ يَوْماً ذا جِلادٍ تُجالِـدِ

خِشْعةُ: أُم خارجةَ وهي البَقِيرةُ كانت ماتت وهو في بطنها يَرْتَكِم، فبُقِر بطنُها فسميت البَقِيرةَ وسمي خارجةَ لأَنهم أَخرجوه من بطنها.

خشف

الخَشْفُ: المَرُّ السريعُ. والخَشُوفُ من الرجال: السريعُ.
وخَشَفَ في الأَرض يَخْشُفُ ويَخْشِفُ خُشوفاً وخَشَفاناً، فهو خَاشِفٌ وخَشوفٌ وخَشِيفٌ: ذَهَب. أَبو عمرو: رجل مِخَشٌّ مُخْشَفٌ وهو الجَريءُ على هَوْلِ الليل. ورجل خَشُوفٌ ومِخْشَفٌ: جريء على الليل طُرَقَةٌ. وحكى ابن بري عن أَبي عمرو: الخَشُوفُ الذاهبُ في الليل أَو غيره بجُرْأَةٍ؛ وأَنشد لأَبي المُساوِرِ العَبْسِيّ:

سرينا، وفِينـا صـارِمٌ مُـتَـغَـطْـرِسٌ

 

سَرَنْدَى خَشُوفٌ في الدُّجى، مُؤْلِفُ القفرِ

وأَنشد لأَبي ذؤيب:

أُتِيحَ له من الفِتْيانِ خِرْقٌ

 

أَخُو ثِقةٍ وخِرّيقٌ خَشُوفُ

ودليلٌ مِخْشَفٌ: ماضٍ. وقد خَشَفَ بهم يَخشِفُ خَشافةً وخَشَّفَ وخَشَفَ في الشيء وانْخَشَفَ، كلاهما: دَخَل فيه؛ قال:

وأَقْطَعُ الليلَ، إذا ما أَسْدَفـا

 

وقَنَّعَ الأَرضَ قِناعاً مُغْدَفـا

وانْغَضَفَتْ لِمُرْجَحِنٍّ أَغْضَفا

 

جَوْنٍ، تَرى فيه الجِبالَ خُشَّفا

والخُشّافُ: طائر صغيرُ العَيْنَينِ. الجوهري: الخُشّافُ الخُفّاشُ، وقيل الخُطَّافُ. الليث: الخَشَفانُ الجَوَلانُ بالليل، وسُمّي الخُشّافُ به لخَشَفانِه، وهو أَحْسَنُ من الخُفّاشِ. قال: ومن قال خُفّاشٌ فاشْتِقاقُ اسمه من صِغَر عَينيه.
والخَشْفُ والخِشْفُ: ذُبابٌ أَخْضر. وقال أَبو حنيفة: الخُشْفُ الذبابُ الأَخضر، وجمعه أَخْشافٌ. والخِشْفُ: الظَّبْيُ بعد أَن يكون جَدايةً، وقيل: هو خِشْفٌ أَوَّلَ ما يولد، وقيل: هو خشف أَوَّل مَشْيِه، والجمع خِشَفةٌ، والأَنثى بالهاء. الأَصمعي: أَوَّلَ ما يولد الظبيُ فهو طَلاً، وقال غير واحد من الأَعراب: هو طَلاً ثم خشْفٌ.
والأَخْشَفُ من الإبل: الذي عَمَّه الجَرَبُ. الأَصمعي: إذا جَرِبَ البعيرُ أَجْمَعُ فيقال: أَجْرَبُ أَخْشَفُ، وقال الليث: هو الذي يَبِسَ عليه جَرَبَهُ؛ وقال الفرزدق:

على الناسِ مَطْلِيُّ المَساعِرِ أَخْشَفُ

والخُشَّفُ من الإبل: التي تسير في الليل، الواحد خَشُوفٌ وخاشِفٌ وخاشِفةٌ؛ وأَنشد:

باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقـطـا

 

عَجَمْجَماتٍ، خُشَّفاً تحْتَ السُّرى

قال ابن بري: الواحد من الخُشَّفِ خاشِفٌ لا غير، فأَمّا خَشُوفٌ فجمعه خشُفٌ، والوَرِشاتُ: الخِفافُ من النوقِ، والخَشْفُ مِثْلُ الخَسْفِ، وهو الذُّلُّ. والأَخاشِفُ، بالشين: العَزازُ الصُّلْبُ من الأَرض، وأَما الأَخاسِفُ فهي الأَرض اللَّيِّنةُ. وفي النوادر: يقال خَشَفَ به وخَفَشَ به وحَفَشَ به ولَهَطَ به إذا رَمَى به. وخَشَفَ البرْدُ يَخْشُفُ خَشْفاً: اشْتَدَّ. والخَشَفُ: اليُبْسُ. والخَشَفُ والخَشِيفُ: الثلْجُ، وقيل: الثلج الخَشِنُ، وكذلك الجَمْدُ الرِّخْو، وقد خَشَفَ يَخْشِفُ ويَخْشُفُ خُشُوفاً. وقال الجوهري: خَشَفَ الثلْجُ وذلك في شدَّةِ البَرْدِ تَسْمَعُ له خَشْفة عند المَشْيِ؛ قال:

إذا كَبَّدَ النَّجْمُ السـمـاءَ بـشَـتْـوةٍ

 

على حِينَ هَرَّ الكلبُ والثلْجُ خاشِفُ

قال: إنما نَصَبَ حين لأَنه جَعَلَ على فَضْلاً في الكلام وأَضافَه إلى جملة فتُركت الجملة على إعرابها كما قال الآخر:

على حِينَ أَلْهى الناسَ جُلُّ أُمُورِهم

 

فَنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثْعالِـبِ

ولأَنه أُضِيفَ إلى ما لا يضاف إلى مثله وهو الفعل، فلم يوفَّرْ حظُّه من الإعرابِ؛ قال ابن بري: البيت للقطامي والذي في شعره:

إذا كبَّدَ النجمُ السماء بسُحْرةٍ

قال: وبنى حين على الفتح لأَنه أَضافه إلى هرَّ وهو فعل مبني فبُني لإضافته إلى مبني؛ ومثله قول النابغة:

على حينَ عاتَبْتُ المَشِيبَ على الصِّبا

وماءٌ خاشِفٌ وخَشْفٌ: جامِدٌ. والخَشِيفُ من الماء: ما جرى في البَطْحاء تحتَ الحَصى يومين أَو ثلاثةً ثم ذهب. قال: وليس للخشيف فعل، يقال: أَصبح الماءُ خَشِيفاً؛ وأَنشد:

أَنتَ إذا ما انْحَدَرَ الخَشِيفُ

 

ثَلْجٌ، وشَفَّانٌ له شَفِـيفُ

والخَشَفُ: اليُبْسُ؛ قال عمرو بن الأَهتم:

وشَنَّ مائِحةً في جِسْمِها خَشَفٌ

 

كأَنه بِقِباصِ الكَشْحِ مُحْتَـرِقُ

والخَشْفُ والخَشْفةُ والخَشَفةُ: الحركة والحِسُّ. وقيل: الحِسُّ الخَفِيُّ. وخَشَفَ يَخْشِفُ خَشْفاً إذا سُمع له صَوت أَو حَركة. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: ما دَخَلْتُ مَكاناً إلا سمعت خشفة فالتَفَتُّ فإذا بلال. ورواه الأَزهري: أَنه صلى اللّه عليه وسلم، قال لِبلالٍ: ما عَمَلُك؟ فإني لا أَراني أَدخلُ الجنة فأَسْمَعُ الخَشْفَةَ فأَنظُرُ إلا رأَيتُكَ؛ قال أَبو عبيد: الخَشْفةُ الصوت ليس بالشديد، وقيل: الصوتُ، ويقال خَشْفةٌ وخَشَفَةٌ للصوت. وروى الأَزهري عن الفراء أَنه قال: الخَشْفةُ، بالسكون، الصوتُ الواحدُ. وقال غيره: الخشَفة، بالتحريك، الحِسُّ والحركة، وقيل: الحِسُّ إذا وقَع السيفُ على اللحم قلتَ سمعت له خَشْفاً، وإذا وقَع السيفُ على السِّلاح قال: لا أَسمع إلا خَشْفاً. وفي حديث أَبي هريرة: فسَمِعَتْ أُمي خَشْفَ قَدَمَيَّ. والخَشْفُ: صوت ليس بالشديد. وخَشْفَةُ الضَبُعِ: صَوْتُها. والخَشْفةُ: قُفٌّ قد غَلَبَتْ عليه السُّهُولةُ. وجِبالٌ خُشَّفٌ: مُتواضِعةٌ؛ عن ثعلب، وأَنشد:

جَوْنٍ تَرى فيه الجِبالَ الخُشَّفا

 

كما رأَيتَ الشَّارِفَ المُوَحَّفا

وأُمُّ خَشَّافٍ: الدّاهِيةُ؛ قال:

يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا

 

وأُمّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا

ويقال لها أَيضاً: خَشّاف، بغير أُم.
ويقال: خاشَفَ فلان في ذِمَّته إذا سارَعَ في إخْفارِها، قال: وخاشَفَ إلى كذا وكذا مِثْلُه. وفي حديث معاوية: كان سَهْم بن غالِبٍ من رُؤوس الخَوارِج، خرج بالبصرة فآمَنَه عبدُ اللّه بن عامر فكتب إليه معاويةُ: لو كنتَ قَتَلْتَه كانت ذِمّةً خاشَفْتَ فيها أَي سارَعْتَ إلى إخْفارها.
يقال: خاشَفَ إلى الشرِّ إذا بادَرَ إليه؛ يريد: لم يكن في قَتْلِكَ له إلا أَن يقالَ قد أَخْفَرَ ذِمَّتَه.
والمَخْشَفُ: النَّجْرانُ الذي يَجْري فيه البابُ، وليس له فعل.وسيف خاشِفٌ وخَشِيفٌ وخَشُوفٌ: ماضٍ. وخَشَفَ رأْسَه بالحجر: شَدَخَه، وقيل: كل ما شُدِخَ، فقد خُشِفَ. والخَشَفُ: الخَزَفُ يمانية؛ قال ابن دريد: أَحْسَبُهم يَخُصُّون به ما غَلُظَ منه. وفي حديث الكعبة: إنها كانت خَشَفةً على الماء فدُحِيَتْ عنها الأَرضُ. قال ابن الأَثير: قال الخطابي الخَشَفةُ واحدة الخَشَف، وهي حجارة تنبت في الأَرض نباتاً، قال: وتروى بالحاء المهملة وبالعين بدل الفاء، وهي مذكورة في موضعها.

خشق

الخَوْشق: ما يَبقى في العِذْق بعدما يُلْقَط ما فيه؛ عن كراع.
والخَوْشَق من كل شيء: الرَّدِيء؛ عن الهَجَرِيّ.

خشل

الخَشْل: البَيْضة إذا أَخْرَجْتَ جوفها؛ عن أَبي حنيفة. والخَشْل والخَشَل، مُحَرَّك الشين: المُقْلُ نفسه، قيل هو اليابس، وقيل هو رَطْبُه وصغاره الذي لا يؤكل، وقيل هو نواه، واحدته خَشْلة وخَشَلة؛ قال الكميت:

يَسْتَخْرِج الحَشَراتِ الخُشْنَ رَيِّقُها

 

كأَن أَرؤسَها في مَوْجه الخَشَلُ

قال ابن بري: قال علي بن حمزة إِنما هو الخَشْل، بسكون الشين لا غير، وأَما الخَشَل في بيت الكميت فإِنما حرَّكه ضرورة؛ قال ذو الرمة:

وساقت حَصَادَ القُلْقُلان، كـأَنـمـا

 

هو الخَشْل أَعرافُ الرِّياح الزَّعازِع

ويروى: كأَنه نَوَى الخَشْل أَي نوى المُقْل. والخَشْل: الرديء من كل شيء، وقد تَخَشَّل، وأَصله من ذلك. الليث: الخَشْل من المُقْل كالحَشَف من التَّمْر. ورجل مُخَشَّل ومخشول: مرذول وقد خَشَله. والخَشْل: رؤوس الحُلِيِّ من الخلاخيل والأَسْوِرة، وقيل: الخَشْل ما تَكَسَّر من رؤوس الحُلِيِّ وأَطرافِه، والخَشَل كذلك؛ قال الشماخ:

تَرَى قِطَعاً من الأَحناش فيه

 

جَماجِمُهن كالخَشَل النَّزِيع

ومما حكاه ابن بري عن علي بن حمزة قال: والخَشْل الأَسْوِرة والخلاخيل، بالإِسكان لا غير، وهو ما كان منها أَجْوَف غير مُصْمَت، وكل أَجوف غير مُصْمَت فهو خَشْلٌ، بالإِسكان. قال: وأَما رؤوس الأَسْوِرة والخلاخيل فلا تكون إِلا مُصْمَتة وليست خَشْلاً؛ قال: ومنه قول رؤبة:

كثَمَر الحُمَّاض غَيْرِ الخَشْل

أَي غير الرديء. وحكى ابن بري عن أَبي عمر الزاهد وابن خالويه وابن فارس وغيرهم في الخَشْل للمُقْل، كقول ابن حمزة إِنه بالإِسكان لا غير، وان ما ورد منه محرّكاً فهو على جهة الضرورة كبيت الكميت وكبيت الشماخ؛ قال ابن بري: هكذا رواه الخليل بتحريك الشين، قال: وقد قيل إِنهما لغتان، والأَعرف فيهما سكون الشين، قال: وقد روي بالتحريك أَيضاً عن ابن خالويه، قال: الخَشَل المُقْل والحُلِيُّ، وقال ابن خالويه: الخَشْل المُقْل اليابس، ويقال لرَطْبه البَهْشُ، ويقال لنواه المُلْجُ، ولسويقه الحَتِيُّ والعَكِيُّ والثَّتى، الثاء قبل التاء. ورجل مُخَشَّل: مُحَلَّى من ذلك.
والخَشْل: ضرب من النبات أَصفر وأَحمر وأَخضر؛ قال الشاعر:

حتى اكْتَسَتْ من ضَرْب كل شَكْل

 

كَثَمر الحُمَّاض غَيْرِ الخَـشْـل

والخَشْل: رديء المُقْل. والخَشْل: ما تَكَسَّر من الحُلِيِّ، وقيل: إِن الخَشْل في بيت ذي الرمة رؤوس الحُليِّ. ويقال: الحَتِيُّ قِشْرة المُقْلة التي تؤكل، والمُقْلة نفسُها بلا قشر خَشْلة، وهي النَّواة، قال: فعلى هذا للفظة الخَشْل أَحد عشر معنى: المُقْل ونواه ويابسه ورديئه، والرديء من كل شيء، والحُلِيُّ ورؤُوسه وما تكَسَّر منه وما تَجَوَّف منه، والمُجَوَّف من كل شيء وضرب من النَّبْت، والخَنْشَلِيلُ نذكره في ترجمة خنشل فإِن سيبويه جعله مرة ثلاثيّاً وأُخرى رباعيّاً، والله أَعلم.

خشم

خَشِمَ اللحمُ خَشَماً وأَخْشَمَ: تغيرت رائحته. والخَيْشُوم من الأَنف: ما فوق نُخْرَتِهِ من القَصَبة وما تحتها من خَشارِمِ رأْسه، وقيل: الخَياشِيمُ غَراضيف في أَقصى الأَنف بينه وبين الدماغ، وقيل: هي عُروق في باطن الأَنف، وقيل: الخَيْشُومُ أَقصى الأَنف. والخَشْمُ: كسْر الخَيْشُومِ؛ خَشَمَهُ يَخشِمُهُ خَشْماً: كسر خَيشومَهُ. وخَياشِيمُ الجبال: أُنوفها؛ وأَنشد ابن بري لذي الرُّمَّة:

من ذِرْوَةِ الصَّمَّان خَيْشُومُ

قال أَبو حنيفة: وقيل لابنة الخُسِّ أَيُّ البلادِ أَمْرَأُ؟ قالت: خَياشِيم الحَزَنِ أَو جِواءُ الصَّمَّانِ. والخَشَمُ والخُشوم: سَعَةُ الأَنف، خَشِمَ خَشَماً وخُشوماً وهو أَخْشَمُ. والخَشَمُ: داء يأْخذ في جوف الأَنف فتتغير رائحته؛ والخُشامُ: داء يأْخذ فيه وسُدَّةٌ، وصاحبه مَخْشومٌ. ورجل أَخْشَمُ بَيِّنُ الخَشَمِ: وهو داء يعتري الأَنف. وفلان ظاهر الخَيْشومِ أَي واسع الأَنف؛ وأَنشد:

أَخْشَم بادي النَّعْوِ والخَيْشومِ

والخَشَمُ: سقوط الخَياشيم وانسدادُ المُتَنَفِّس ولا يكاد الأَخْشَمُ يَشُمُّ شيئاً. والخُشامُ: كالخَشَمِ. وفي الأَنف ثلاثة أَعظم فإِذا انكسر منها عظم تَخَشَّمَ الخَيْشومُ فصار مَخشوماً. والأَخْشَمُ: الذي لا يجد ريح طيب ولا نَتْنٍ. وفي الحديث: لقي الله وهو أَخْشَمُ. وفي حديث عمر: أَن مَرْجانةَ ولِيدتَهُ أَتت بولدِ زِناً، فكان عمرُ يحمله على عاتقه ويَسْلِتُ خَشَمَهُ؛ الخَشَمُ: ما يسيل من الخَياشِيم أَي يمسح مُخاطه وما سال من خَيْشومِه. ورجل مَخْشُوم ومُتَخَشّمٌ ومُخَشَّمٌ، بفتح الشين مشددة: سكران، مشتقّ من الخَيْشُومِ؛ قال الأَعشى:

إِذا كان هِنْزَمْنٌ ورُحْتُ مُخَشَّماً

وخَشَّمَه الشرابُ: تَثَوَّرَتْ ريحه في الخَيْشُومِ وخالطت الدماغ فأَسكرته، والاسم الخُشْمَةُ، وقيل: المُخَشَّمُ السكران الشديد السُّكر من غير أَن يشتق من الخَيْشُوم. التهذيب: والتَّخَشُّم من السُّكر، وذلك أَن ريح الشراب تَثُور في خَيْشُومِ الشارب ثم تخالط الدماغ فيذهب العقل، فيقال: تَخَشَّمَ وخَشَّمَه الشرابُ؛ وأَنشد:

فأَرْغَمَ اللهُ الأُنوفَ الرُّغَّمَا،

 

مَجْدوعَها والعَنِتَ المُخَشَّما

أَي المكسَّر. والخُشامُ: العظيم من الأُنوف وإِن لم يكن مُشْرِفاً.
ويقال: إِن أَنف فلان لَخُشامٌ إذا كان عظيماً. ورجل خُشامٌ، بالضم: غليظ الأَنف، وكذلك الجبَل الذي له أَنف غليظ. والخَيْشُومُ: سَلائلُ سُود ونَغَفٌ في العظم، والسَّلِيلَةُ هَنَةٌ رقيقة كاللحم. وخَياشِيم الجبال: أُنوفها. والخُشامُ: العظيم من الجبال؛ وأَنشد:

ويَضْحَى به الرَّعْنُ الخُشامُ كأَنَّه،

 

وراء الثَّنايا، شَخْصُ أَكْلَفَ مُرْقِلِ

أَبو عمرو: الخُشامُ الطويل من الجبال الذي له أَنف.
وابن الخُشامِ: من فُرسانهم؛ قال مُرَقِّشٌ:

أَبَأْتُ، بثَعْـلَـبَةَ بـن الـخُـشـا

 

مِ، عَمْرَو بنَ عَوْفٍ فَزاحَ الوَهَلْ

خشن

الخَشِنُ والأَخشَنُ: الأَحرشُ من كل شيء؛ قال:

والحجرَ الأَخْشَن والثِّنايه.

وجمعه خِشانٌ والأُنثى خَشِنة وخَشْناء؛ أَنشد ابن الأَعرابي يعني جُلَّة التمر:

وقد لَفَّفا خَشْناءَ ليْسَتْ بـوَخـشةٍ،

 

تُوارِي سماءَ البيتِ، مُشْرِفةَ القُتْرِ.

خَشُنَ خُشْنةً وخَشانة وخُشونة ومَخْشَنة، فهو خَشِنَ أَخشَن، والمُخاشنة في الكلام ونحوه. ورجل أَخشن: خَشِن. والخُشونة: ضد اللين، وقد خَشُن، بالضم، فهو خَشِن. واخشَوْشنَ الشيءُ: اشتَدَّت خُشونتُه، وهو للمبالغة كقولهم أَعشَبت الأَرضُ واعْشَوْشَبتْ، والجمع خُشْنٌ؛ قال الراجز:

تعَلَّمَـنْ يا زَيْدُ، يا ابـنَ زَينِ،

 

لأُكْلَةٌ من أَقِـطٍ وسَـمْـنِ،

وشَرْبتان من عكِيِّ الضَّـأْنِ،

 

أَلْيَنُ مَسّاً في حَوايا البَطْـنِ.

من يَثْرَبِيّاتٍ قِـذاذٍ خُـشْـنٍ،

 

يَرْمي بها أَرْمى من ابنِ تِقْنِ.

يعني به الجُدُد. وفي الحديث: أُخَيْشِنُ في ذات الله؛ هو تصغير الأَخشَنِ للخَشِن. وتخَشَّنَ واخشَوْشَن الرجلُ: ليس الخَشِن وتعوّده أَو أَكله أو تكلم به أَو عاش عَيشاً خَشِناً، وقال قولاً فيه خُشونة. وفي حديثه عمر، رضي الله عنه: اخشَوْشنوا، في إحدى رواياته، وفي حديث الآخر أَنه قال لابن عباس: نِشْنِشة من أَخشَن أَي حجرٌ من جبَل، والجبال توصف بالخُشونة. وفي حديث ظَبْيان: ذَنِّبوا خِشانَه؛ الخِشانُ: ما خَشُن من الأَرض، ومعنى خَشُن دون معنى اخْشَوْشَنَ لما فيه من تكرير العين وزيادة الواو، وكذلك كل ما كان من هذا كاعشَوْشَبَ ونحوه. واستَخْشَنه: وجده خَشِناً، وفي حديث علي، رضي الله عنه، يذكر العلماء الأَتقياء: واستَلانوا ما اسْتَخْشَنَ المُتْرَفُون. وخاشَنَه: خَشُن عليه، يكون في القول والعمل. وفلان خَشِن الجانب أَي صَعْب لا يُطاق. وإنه لذو خُشْنةٍ وخُشونة ومَخْشَنة إذا كان خَشِن الجانب. وفي الثوب وغيره خُشونة، ومُلاءَة خشْناء: فيها خُشونة إما من الجِدَّة، وإما من العمل. والخَشْناء: الأَرض الغليظة. وأَرض خَشْناء: فيها حجارة ورمل كخَشْاء. وكَتيبة خَشْناء: كثيرة السلاح. وفي حديث الخروج إلى أُحُد: فإِذا بكَتيبة خَشْناء أَي كثيرة السلاح خَشِنته، ومعشَر خُشْنٌ، ويجوز تحريكه في الشعر؛ وأَنشد ابن بري:

إذاً لَقامَ بنَصْري مَعْشَرٌ خُشُنٌ،

 

عندَ الحفيظةِ، إنْ ذو لُوثةٍ لانا.

قال: هو مثل فَطِنٍ وفُطُن؛ قال قيس بن عاصم في فُطُنٍ:

لا يَفْطِنُون لَعَيْبِ جارِهِم،

 

وهُمُ لحِفْظِ جِوارِه فُطُنُ.

وخاشَنْتُه: خلاف لايَنْته. وخَشَّنْت صدرَه تَخْشيناً: أَوْغَرْتُ؛ قال عنترة:

لعَمري، لقد أَعْذَرْت لو تَعْذُرينني،

 

وخَشَّنْتُ صَدْراً جَيْبُه لك ناصِحُ.

والخُشْنة: الخُشونة؛ قال حكيم بن مُصعَب:  

تشَكَّى إليَّ الكلبُ خُشْنةَ عَيْشِـه،

 

وبي مثلُ ما بالكلب أَوْ بِيَ أَكثر.

وقال شمر: اخْشَوْشَنَ عليه صدْرُه وخَشُن عليه صدْرُه إذا وَجَد عليه.
والخَشْناء والخُشَيْناء: بقلة خضراء ورقها قصير مثل الرَّمْرام، غير أَنها أَشد اجتماعاً، ولها حبٌّ تكون في الرَّوْض والقِيعان، سميت بذلك لخُشونتها؛ وقال أَبو حنيفة: الخُشَيناء بقلة تَنفَرش على الأَرض، خَشْناء في المَسِّ لينة في الفم، لها تَلزُّج كتَلزُّج الرِّجْلة، ونَوْرتها صفراء كنَوْرة المُرّة، وتؤكل وهي مع ذلك مرعى. وخُشَيْنة: بطن من بطون العرب، والنسبة إليهم خُشَنيٌّ. وبنو خَشْناء وخُشَين: حَيّان، وقد سَمَّوْا أَخْشَنَ ومُخاشِناً وخُشَيْناً وخَشِناً. وأَخْشَنُ: جبل. وروى ابن الأَعرابي هذا المثل: شِنْشِنة أَعرفها من أَخْشَنَ، وفسره بأَنه اسم جبل، قال: ومن قال أَعرفها من أَخْزَم، فهو اسم رجل.

خشي

الخَشْيَة: الخَوْف. خَشِيَ الرجل يخْشى خَشْية أَي خاف. قال ابن بري: ويقال في الخَشْية الخَشَاةُ؛ قال الشاعر:

كأَغْلَبَ من أُسُودِ كِرَاءَ وَرْدٍ،

 

يَرُدُّ خَشايَةَ الرَّجُل الظَّلـوم

كِراءُ: ثَنِيَّة بِيشَةَ. ابن سيده: خَشِيَه يَخْشاه خَشْياً وخَشْيَة وخَشاةً ومَخْشاةً ومَخْشِيةً وخِشياناً وتَخَشَّاه كلاهما خافَهُ، وهو خاشٍ وخَشٍ وخَشْيانُ، والأُنثى خَشْيا، وجمعهما معاً خَشايا، أَجروه مُجْرى الأَدْواء كحَباطَى وحَباجَى ونحوهما لأَن الخَشْية كالدَّاء. ويقال: هذا المكان أَخْشى من ذلك أَي أَشدُّ خوفاً؛ قال العجاج:

قَطَعْت أَخْشاهُ إذا ما أَحْبَجا

وفي حديث خالد: أَنه لما أَخَذ الراية يومَ مُوته دَافَع الناسَ وخاشى بهم أَي أَبْقى عليهم وحَذِر فانْحازَ؛ خاشى: فاعَلَ من الخَشْية.خاشَيْت فلاناً: تارَكْته. وقوله عز وجل: فَخَشِينا أَن يُرْهِقَهما طُغياناً وكُفراً؛ قال الفرّاء: معنى فَخَشِينا أَن يُرْهِقَهما طُغياناً وكُفراً؛ قال الفرّاء: معنى فَخَشينا أَي فعَلِمْنا، وقال الزجاج: فَخَشِينا من كلام الخَضِر، ومعناه كَرِهْنا، ولا يجوز أَن يكون فَخَشِينا عن الله، والدليل على أَنه من كلام الخَضِر قوله: فأَرَدْنا أَن يُبْدِلَهُما ربُّهما، وقد يجوز أَن يكون فَخَشِينا عن الله عز وجل، لأَنّ الخَشْية من الله معناها الكَراهة، ومن الآدَمِيِّين الخوفُ، ويكون قوله حينئذ فأَرَدْنا بمعنى أَراد الله. وفي حديث ابن عمر: قال له ابن عباس لقَد أَكْثَرْتَ من الدعاء بالموت حتى خَشِيتُ أَن يكونَ ذلك أَسْهَلَ لك عند نُزُوله؛ خَشِيت هنا بمعنى: رَجَوْت. وحكى ابن الأَعرابي: فَعَلْت ذلك خَشاةَ أَن يكون كذا؛ وأَنشد:

فتَعَدَّيْتُ خَشـاةً أَنْ يَرَى

 

ظالمٌ أَني كما كان زَعَمْ

وما حَمَلَه على ذلك إِلاَّ خِشْيُ فلان وخَشَّاهُ بالأَمْر تَخْشِيَة أَي خَوَّفَه. وفي المثل: لقد كُنْت وما أُخَشَّى بالذِّئْبِ. ويقال: خَشّ ذُؤَالَةَ بالحِبالة، يعني الذئب. وخاشاني فَخَشَيْتُه أَخْشِيهِ: كنتُ أَشَدَّ منه خَشْيَةً. وهذا المكانُ أَخْشى من هذا أَي أَخْوَفُ، جاء فيه التعجبُ من المفعول، وهذا نادر، وقد حكى سيبويه منه أَشياء. والخَشِيُّ، على فَعِيلٍ، مثل الحَشِيِّ: اليابسُ من النَّبْتِ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

كأَنَّ صَوْتَ شُخْبِها، إذا خَمى،

 

صَوْتُ أَفاعٍ في خَشِيٍّ أَعْشَما

يَحْسَبُه الجاهلُ، ما كان عَما،

 

شَيْخاً على كُرْسيِّه مُعَمَّـمـا

لو أَنَّه أَبانَ أَو تَـكَـلَّـمـا،

 

لكان إِيَّاه، ولكن أَحْـجَـمـا

قال: الخَشِيُّ اليابس العَفِنُ، قال: وخَمى بمعنى خَمَّ، وقوله: ما كان عَمَا، يقول نظر إِليه من بُعْدٍ، شَبَّهَ اللبن بالشَّيْخِ؛ قال المنذري: اسْتَثْبتُّ فيه أَبا العباس فقال يقال خَشِيّ وحَشِيّ؛ قال ابن سيده: ويروى في حَشِيٍّ وهو ما فسد أَصله وعَفِنَ وهو في موضعه. ويقال: نَبْتٌ خَشِيٌّ وحَشِيٌّ أَي يابس. ابن الأَعرابي: الخَشَا الزرع الأَسْود من البَرْد، والخَشْوُ الحَشَفُ من التَّمْر. وخَشَت النخلةُ تَخْشُو خَشْواً: أَحْشَفَتْ، وهي لغة بَلْحرث بن كعب؛ وقول الشاعر:

إِنَّ بَني الأَسْودِ أَخْوالُ أَبي

فإِنَّ عندِي، لو رَكِبتُ مِسْحَلي،

سَمَّ ذَرارِيحَ رِطابٍ وخَشِي

أَراد: وخَشِيّ فحذَف إِحدى الياءين للضرورة، فمن حذف الأُولى اعتلَّ بالزياد ة وقال: حذفُ الزائد أَخف منْ حذف الأَصل، ومن حَذف الأَخيرة فلأَنَّ الوزن إِنما ارتدع هنالك؛ وأَنشد ابن بري:

كأَنَّ صوتَ خِلْفِها والخِلْفِ،

والقادِمَيْن عند قَبْضِ الكَفِّ،

صوتُ أَفاعٍ في خَشِيِّ القُفّ

قال: قوله صوت خلِفها؛ والخلف مثل قول الآخر:

بَيْن فَكِّها والفَكِّ

وقول الشاعر:

ولقد خَشِيتُ بأَنَّ مَنْ تَبِعَ الهُدى

 

سَكَنَ الجنانَ مع النبيِّ مُحَمَّدِ

صلى الله عليه وسلم. قالوا: معناه علمت، والله أَعلم.