النوع الحادي عشر: معرفة الرديء المذموم من اللغات

المزهر في علوم اللغة

السيوطي

عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي، جلال الدين المولود عام 849 هـ والمتوفي عام 911 هـ

 

النوع الحادي عشر معرفة الرديء المذموم من اللغات

هو أقبحُ اللغات وأنزلُها درجة قال الفراء‏:‏ كانت العربُ تحضر المَوسِم في كل عام وتحجُّ البيتَ في الجاهلية وقريشٌ يسمعون لغاتِ العرب فما اسْتحسنوه من لغاتهم تكلّموا به فصاروا أفصحَ العرب وخلَتْ لغتُهم من مُستبْشع اللغات ومُستقبَح الألفاظ من ذلك‏:‏ الكَشْكَشة وهي في ربيعة ومضر يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شِيناً فيقولون‏:‏ رَأَيْتُكش وبكَش وعَليْكَش فمنهم من يُثبتُها حالةَ الوقف فقط وهو الأشْهر ومنهم من يُثبتها في الوصل أيضاً ومنهم من يَجعلها مكانَ الكاف ويكسرها في الوصل ويُسكنِّها في الوقف فيقول‏:‏ مِنْش وَعَليْش‏.‏  

ومن ذلك‏:‏ الكَسْكَسة وهي في ربيعة ومُضر يجعلون بعد الكافِ أو مكانها في المذكر سيناً على ما تقدّم وقصدوا بذلك الفَرْقَ بينهما‏.‏

ومن ذلك‏:‏ العَنْعََنة وهي في كثير من العرب في لغة قيس وتميم تجعل الهمزة المبدوء بها عيناً فيقولون في أنك عنّك وفي أسْلم عَسْلم وفي أذُن عُذُن‏.‏

ومن ذلك‏:‏ الفَحفَحة في لغة هُذَيل يجعلون الحاء عَيْناً‏.‏

ومن ذلك‏:‏ الوكْم في لغة ربيعة وهم قوم من كَلْب يقولون‏:‏ عليكِم وبكِم حيث كان قبل الكاف ياء أو كسرة‏.‏

ومن ذلك‏:‏ الوهْم في لغة كلْب يقولون‏:‏ منهِمْ وعنهِم وبينهِمْ وإن لم يكن قبل الهاء ياءٌ ولا كسرة‏.‏

ومن ذلك‏:‏ العَجْعَجَة في لغة قضاعة يجعلون الياء المشدَّدة جيماً يقولون في تميميّ تميمِجّ‏.‏

ومن ذلك‏:‏ الاستنطاء في لغة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار تجعل العين الساكنة نوناً إذا جاورت الطاء كأنْطي في أعْطِي‏.‏

ومن ذلك‏:‏ الوتم في لغة اليمن تجعلُ السِّين تاء كالنات في الناس‏.‏

ومن ذلك‏:‏ الشَّنشنة في لغة اليمن تجعل الكاف شيناً مطلقاً كلبَّيْش اللهم لبَّيْش أي لبيك‏.‏

وقال ابن فارس في فقه اللغة‏:‏ باب اللغات المذمومة - فذكر منها العَنْعَنَة والكشكشة والكَسكَسة والحرف الذي بين القاف والكاف في لغة تميم والذي بين الجيم والكاف في لغة اليمن وإبدال الياء جيماً في الإضافة نحو غُلامج وفي النسب نحو بَصرجّ وكُوفِجّ‏.‏

ومن ذلك الخَرْم وهو زيادةُ حرف الكلام لا الذي في العروض كقوله‏:‏ ولا للما بهم أبداً دواء وقوله‏:‏ وصاليات كَكَما يُؤَثْفَيْنْ قال‏:‏ وهذا قبيحٌ لا يزيد الكلام قُوَّة بل يُقَبِّحه‏.‏

وذكر الثعالبي في فقه اللغة من ذلك‏:‏ اللَّخْلَخَانيَّة تَعْرِض فِي لغة أعراب الشِّحْر وعُمان كقولهم‏:‏ مَشَا اللّه كان يريدون‏:‏ ما شاء اللّه كان‏.‏

والطُّمْطُمانيَّة تَعْرِض في لغة حِمْيَر كقولهم‏:‏ طاب أمْهَوَاء‏:‏ أي طاب الهواءُ‏.‏

وهذه أمثلة من الألفاظ المفردة‏:‏ في الجمهرة‏:‏ الطَّعْسَفَة لغةٌ مرغوب عنها يقال‏:‏ مرَّ يُطَعْسِفُ في الأرض إذا مرَّ يَخْبِطُهَا‏.‏

وفي الغريب المصنف‏:‏ يقال حفرت البئر حتى أَمَهْتُ وأَمْوَهْت وإن شئتَ أَمْهَيْتُ وهي أبعد وفي الجمهرة‏:‏ تَدَخْدَخ الرجل إذا انقبض لغةٌ مرغوب عنها ورضَبَت الشاة لغةٌ مرغوب عنها والفصيح رَبَضَتْ‏.‏

وفي أمالي القالي‏:‏ يقال‏:‏ بَغْداد وبَغْدَان ومغدان وبَغْدَاذ وهي أقلها وأردَؤها‏.‏

وفي أدب الكاتب لابن قُتَيبة‏:‏ يقال في أسنانه حَفَر وهو فسادٌ في أصول الأسنان وحَفْر رديئة‏.‏

ويقال‏:‏ فلان أحْوَل من فلان من الحِيلة لأن أصل الياءِ فيها واو من الحَول ويقال‏:‏ أحْيل وهي رديئة‏.‏

وفي ديوان الأدب للفارابي‏:‏ الفِصّ بالكسر لغة في الفَصّ وهي أردأ اللغتين وأَشْغَلَه لغة في شَغله وهي رديئةٌ وانْدَخَل أي دخل وليس بجيّد‏.‏

والدِّجاج بالكسر لغة في الدّجاج وهي لغة رديئة‏.‏

والوحْل بالسكون لغةٌ في الوحَل وهي أردأُ اللغتين‏.‏

والوَتَد بفتح التاء لغة في الوَتِد وهي أردَأ اللغتين واليِسار بالكسر لغة في اليسار وهي أرْدؤُهما‏.‏

ويقال‏:‏ هو أَخْيَرُ منه في لغة رديئة والشائعُ خيرٌ منه بلا هَمْز‏.‏

وفي الصحاح قال الخليل‏:‏ أفَلَطني لغةٌ تميمية قبيحة في أفلتني‏.‏

وفي نوادر اليزيدي يقال‏:‏ أَلَقْتُ الدواة إلاَقة ولُقْتُها ليقاً رديئة‏.‏

وتقول‏:‏ أَقَلْتَه البيع إقالة وقِلْتُهُ قيلاً رديئة‏.‏

وأنتن اللحم فهو مُنْتِن وقد يقال له‏:‏ مِنتِن بالكسر وهي رديئة خبيثة‏.‏

وتقول في كل لغة‏:‏ هذا مَلاك الأمر وفِكاك الرقاب وقد جاء عن بعض العرب أنه فتح هذين الحرفين وهي رديئة وتقول‏:‏ رابني الرجل وأما أرابني فإنها لغة رديئة‏.‏

وفي شرح الفَصِيح للبَطْليوسي‏:‏ الرُّنْزُ‏:‏ لغة في الأرز وهي رديئة وقال ابنُ السكّيت في الإصلاح‏:‏ يقال‏:‏ في الإشارة‏:‏ تَلك بفتح التاء لغةٌ رديئة‏.‏

قال ابنُ دَرَسْتَويه في شرح الفصيح‏:‏ قول العامة نحويّ لغوي على وزن جهل يجهل خطأ أو لغة رديئة وقوله‏:‏ دَمِعَتْ عيني بكسر الميم لغة رديئة‏.‏

وقال ابن خالويه في شرح الفصيح‏:‏ قال أبو عمرو‏:‏ أكثر العرب تقول‏:‏ تلك وتيك لغةٌ لا خيرَ فيها‏.‏

ويقال‏:‏ حَدَر القراءة يحْدُرُها ويحْدِرها ولا خيرَ فيها وسُؤْت به ظنّاً وأسأت به ظنّاً ولا خيرَ فيها والطِّرياق لغة في التِّرياق ولا خير فيها‏.‏

وحَوْصَلة الطائر مخفّفة ولا خير في التَّثْقيل وبعضُ العرب يسمِّ الصَّفا والعصا لغة سوء ويقال‏:‏ تَطَالَلْت بمعنى تطاولت لغة سوء‏.‏

وتميم تقول‏:‏ الحمدِ للّه بكسر الدال ولا خير فيها‏.‏

انتهى‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ أَوقفت الدابّة لغة رديئة‏.‏

وفيه‏:‏ أَعَقَّت الفرس أي حملت فهي عَقُوق ولا يقال مُعِق إلا في لغة رديئة وهو من النوادر وفيه غَلَقْتُ البابَ غَلْقَاً لغة رديئة متروكة‏.‏

وفيه‏:‏ لا يقال ماء مالح إلا في لغة رديئة‏.‏

ولا يقال‏:‏ أشَرُّ الناس إلا في لغة رديئة‏.‏

وفي تهذيب التبريزي‏:‏ الحُوار بالضم‏:‏ ولد الناقة والحوار بالكسر لغة رديئة‏.‏

وفي المقصود والممدود للقالي‏:‏ في نفساء ثلاث لغات‏:‏ نُفَساء وهي الفصيحةُ الجيدة ونَفْساء ونَفَساء وهي أقلّها وأردؤها‏.‏

وفي المجمل‏:‏ قال ابن دريد‏:‏ الثَّحْج لغة مرغوب عنها لمهْرَة بن حَيْدَانَ يقولون‏:‏ ثَحَجه برجْله إذا ضربه بها‏.‏

وفي الأفعال لابن القوطيّة‏:‏ حَدَرت السفينة والقِراءة والرباعي لغة رديئة‏.‏