الفصل الثامن: خلافة الهادي

المختصر في أخبار البشر

(تاريخ أبي الفداء)

أبو الفداء

الملك المؤيد إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب أبي الفداء المولود عام  672 هـ والمتوفي عام 732 هـ

خلافة الهادي

وهو رابعهم كان موسى الهادي مقيماً بجرجان يحارب أهل طبرستان فبويع له بالخلافة في عسكـر المهـدي في اليوم الذي مات فيه المهدي وهو لثمان بقين من المحرم من هذه السنة أعني سنة تسع وستين ومائة ولما وصل الرشيد وعسكر المهدي إِلى بغداد راجعين من ماسبذان أُخذت البيعة ببغداد أيضاً للهادي وكتب الرشيد إِلى الآفاق بوفاة المهدي وأخذ البيعة للهادي ولما وصل إِلى الهادي وهو بجرجان الخبر بموت أبيه المهدي وبيعة الناس لـه بالخلافـة نـادى بالرحيل وسار على البريد مجدّاً فدخل بغداد في عشرين يوماً واستوزر الربيع‏.‏

ظهور الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وفي هذه السنة ظهر الحسين المذكور بمدينة الرسول عليه السلام وكان معه جماعة من أهل بيتـه منهـم الحسـن بـن محمـد بـن الحسـن بـن الحسـن بـن علـي بـن أبـي طالـب وعبـد اللـه بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وعبد الله المذكور هو ابن عاتكة‏.‏

واشتـد أمـر الحسين المذكور وجرى بينه وبين عامل الهادي على المدينة وهو عمر بن العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قتال فانهزم عمـر المذكـور وبايـع النـاس الحسيـن المذكـور علـى كتاب الله وسنة نبيه للمرتضى من آل محمد‏.‏

وأقام الحسين هو وأصحابه بالمدينة يتجهزون أحد عشر يوماً ثم خرجوا يوم السبت لست بقين من ذي القعدة ووصل الحسين إِلى مكـة ولحـق بـه جماعـة مـن عبيـد مكـة‏.‏

وكـان قـد حـج تلـك السنـة جماعـة من بني العباس وشيعتهم فمنهم سليمان بن أبي جعفر المنصور ومحمد بن سليمان بن علي والعباس بن محمد بن علي وانضم إِليهم من حج من شيعتهم ومواليهم وقوادهم واقتتلوا مع الحسين المذكور يوم الترويـة فانهزم أصحاب الحسين وقتل الحسين واحتز رأسه وأحضر قدام المذكورين من بني العباس وجمع معه من رؤوس أصحابه ورؤوس أهل المدينة ما يزيد على مائة رأس وفيها أيضـاً رأس سليمـان بـن عبـد اللـه بـن الحسـن بـن الحسـن بـن علـي بـن أبي طالب واختلط المنهزمون بالحاج وكان مقتلهم بموضع يقال له وج وهو عن مكة إِلى جهة الطائفْ ووج المذكور هو الذي ذكره النميري في شعره فقال‏:‏

تضوع مسكاً بطن نعمان إن مشت

**

بـه زينـب في نسوة خفرات

مررن بوج ثم قمن عشية

**

يلبـن للرحمـن معتمـرات

وفي قتل المذكورين بوج يقول بعضهم‏:‏

وعلـى ابـن عاتكـة الذي واروه ليس له كفن تركوا بوج غدوة في غير منزلة الوطن وأفلت من المنهزمين إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فأتى مصر وعلى بريدها واضح مولى بني العباس وكان شيعياً فحمل إدريس المذكور على البريد إلى المغرب حتى انتهى إلى طنجة ولما بلغ الهادي ذلك ضرب عنق واضع وبقي إدريس في تلـك البلـاد حتى أرسل الرشيد الشماخ النامي مولى بني الأسد فاغتاله بالسم فمات ولما مات إِدريس المذكور كانت له حظية حبلى فولدت ابناً وسموه إِدريس باسم أبيه وبقي حتى كبر واستقل بملك تلك البلاد وحمل رأس الحسين ومعه باقي الـرؤوس إلـى الهـادي فأنكـر الهـادي عليهم حمل رأس الحسين ولم يعطهم جوائزهم غضْباً عليهم وكان الحسيـن المذكـور شجاعـاً كريماً قدم على المهدي فأعطاه أربعين ألف دينار ففرقها ببغداد والكوفة وخرج من الكوفة ما يملك ما يلبسه إلا فروة لم يكن تحتها قميص‏.‏

وفي هذه السنة مات مطيع بن إياس الشاعر‏.‏

وفيها توفي نافع بن عبد الرحمن ابن أبي نعيم المقرئ‏.‏

أحد القراء السبعة وروى عن نافع راويـان وهمـا ورش وقنبـل وكـان نافـع إمـام أهـل المدينـة في القراءة ويرجعون إلى قرائته وكان محتسباً فيه دعابة وكان أسود شديد السواد وقرأ مالك عليه القرآن وهذا نافع بن عبد الرحمن المقرئ‏.‏

غير نافع مولى عبد الله بن عمر المحدث فليُعْلم ذلك‏.‏

وفيها مات الربيع بن يونس حاجب المنصور ومولاه‏.‏

ثم دخلت سنة سبعين ومائة

وفاة الهادي

وفي هذه السنة توفي موسى الهادي بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور في ليلة الجمعة منتصف ربيع الأول وكانت خلافته سنة وثلاثة أشهر وكان عمره ستاً وعشرين سنة قيل إِن أمـه الخيزران قتلته بأن أمرت الجواري فغمين وجهه وهو مريض فمات ودفن بعيسا باذ الكبرى في بستانه وكان طويلاً جسيماً أبيض وكان بشفته العليا تقلص وكان له سبعة بنين وابنتان‏.‏