الفصل الثامن: خلافة الظاهر

المختصر في أخبار البشر

(تاريخ أبي الفداء)

أبو الفداء

الملك المؤيد إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب أبي الفداء المولود عام  672 هـ والمتوفي عام 732 هـ

 خلافة الظاهر

وهو خامس ثلاثينهم ولما توفي الإمام الناصر بويع ولده الظاهر بأمر الله أبو نصر محمد فأظهر العـدل وأزال المكـوس وأخـرج المحبوسيـن وظهـر للنـاس وكـان الناصـر ومن قبله لا يظهرون إلا نادراً ولم تطل مدته في الخلافة غير تسعة أشهر‏.‏

ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وستمائة

فيهـا سـار الملـك المعظـم عيسـى ابـن الملـك العـادل صاحب دمشق ونازل حمص وكان قد اتفق مع جلال الدين بن خوارزم شاه ومع مظفر الدين صاحب إربل على أن يكونوا يداً واحدة وكان الملك الأشرف ببلاده الشرقية ثم رحل المعظم عن حمص إلى دمشق بسبب كثرة ما مات من خيله وخيل عسكره وورد عليه أخوه الملك الأشرف طلباً للصلح وقطعاً للفتن فبقي مكرماً ظاهراً وهو في الباطن كالأسير معه وأقام الملك الأشرف عند أخيه المعظم إلى أن انقضت هذه السنة وأما الملك الكامل فإنه كان بمصر وقد تخيل من بعض عسكره فما أمكنه الخروج عنها‏.‏

وفي هذه السنة فتح السلطان جلال الدين تفليس من الكرج وهي من المدن العظام‏.‏

وفي هذه السنة سار جلال الدين ونازل خلاط وهي منازلته الأولى فطال القتال بينهم وكان نائب الأشرف بخلاط الحاجب حسام الدين علي الموصلي وكان نزوله عليها ثالث عشر ذي القعدة ورحل عنها لسبع بقين من ذي الحجة من هذه السنة بسبب كثرة الثلوج‏.‏

ذكر وفاة الخليفة الظاهر بأمر الله‏:‏

وفـي رابـع عشـر رجـب مـن هـذه السنة توفي الخليفة الظاهر بأمر الله محمد ابن الناصر لدين الله وكان متواضعاً محسناً إلى الرعية جداً وأبطل عدة مظالم منها‏:‏ أنه كان بخزانة الخليفة صنجة زائدة يقبضون بها المال ويعطون بالصنجة التي يتعامل بها الناس وكان زيادة الصنجة في كل دينـار حبـة فخرج توقيع الظاهر بإبطال ذلك وأوله‏.‏

‏‏ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفـون وإذا كالوهـم أو وزنوهـم يخسـرون ‏(‏المطففيـن‏:‏ 1، 2، 3‏)‏‏.‏

وعمـل صنجة المخزن مثل صنجـة المسلمين وكان مضاداً لأبيه الناصر في كثير من أحواله منها‏:‏ أن مدة خلافة أبيه كانت طويلة ومدة خلافته كانـت قصيـرة وكـان أبـوه متشيعـاً وكـان الظاهـر سنيـاً وكـان أبـوه ظالمـاً جماعاً للمال وكان الظاهر في غاية العدل وبذل الأموال للمحبوسين على الديون وللعلماء‏.‏