الباب الرابع عشر: فيمن مدح العشق وتمناه وغبط صاحبه على ما أوتيه من مناه

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

لابن قيم الجوزية

أبو عبد الله، شمس الدين محمد ابن أبي بكر بن قيّم الجوزيّة، الزُّرْعيّ الدمشقي(691 ـ 751هـ/1292 ـ 1350م)

  الباب الرابع عشر: فيمن مدح العشق وتمناه وغبط صاحبه على ما أوتيه من مناه

  هذا موضع انقسم الناس فيه قسمين وربما كان الشخص الواحد فيه مجموع الحالتين فقسم مدحوا العشق وتمنوه ورغبوا فيه وزعموا أن من لم يذق طعمه لم يذق طعم العيش قالوا وقد تبين أن كمال اللذة تابع لكمال الحب فأعظم الناس لذة بالشيء أكثرهم محبة له وقد تقدم بقريره قالوا وقد حبب الله سبحانه وتعالى إلى رسله وأنبيائه نساءهم وسراريهم فكان آدم أبو البشر شديد المحبة لحواء وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنه خلق زوجته منه ليسكن إليها قالوا وحبه لها هو الذي حمله على موافقتها في الأكل من الشجرة قالوا وأول حب كان في هذا العالم حب آدم لحواء وصار ذلك سنة في ولده في المحبة بين الزوجين قالوا وهذا داود من محبته للنساء جمع بين مائة امرأة وكذلك ابنه سليمان قالوا وقد عاب اليهود عليهم لعائن الله رسول الله محبة النساء وكثرة تزوجه فأنزل الله سبحانه وتعالى ذبا عن رسوله وإخبارا بأن ذلك من فضله وإنعامه عليه ^ أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ^ 

 قالوا وقد كان عند إبراهيم خليل الرحمن أجمل النساء سارة ثم تسرى بهاجر وكانت المحبة لها قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان إبراهيم الخليل يحب سريته هاجر محبة شديدة وكان يزورها في كل يوم على البراق من الشام من شغفه بها   قال الخرائطي حدثنا نصر بن داود حدثنا الواقدي عن محمد بن صالح عن سعد بن إبراهيم عن عامر عن سعد عن أبيه فذكره وقد ثبت في الصحيح من حديث الشعبي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال بعثني رسول الله على جيش وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فلما رجعت قلت يا رسول الله من أحب الناس إليك قال وما تريد قلت أحب أن أعلم قال عائشة قلت إنما أعني من الرجال قال أبوها وذكر مبارك بن فضالة عن علي بن زيد عن عمته عن عائشة أن فاطمة رضي الله عنهم ذكرتها عند النبي فقال لها يا بنية إنها حبيبة أبيك وأصل الحديث في الصحيح من حديث الليث عن ابن شهاب عن محمد ابن عبدالرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت أرسل أزواج النبي فاطمة بنت النبي إليه فدخلت وهو مضطجع معي في مرطي فقالت يا رسول الله إن أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة وأنا ساكنة فقال لها رسول الله ألست تحبين ما أحب قالت بلى قال فأحبي هذه

وثبت في الصحيح من حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبدالله بن يزيد عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل ويقول اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يريد أنه يطيق العدل بينهن في النفقة عليهن والقسم بينهن وأما التسوية بينهن في المحبة فليست إليه ولا يملكها   وقال ابن سيرين سألت عبيدة عن قوله تعالى ^ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ^ فقال يعني الحب والجماع   وقال ابن عباس لا يستطيع أن يعدل بينهن في الشهوة ولو حرص   وقال أبو قيس مولى عمرو بن العاص بعثني عمرو إلى أم سلمة فقال سلها أكان رسول الله يقبل أهله وهو صائم فإن قالت لا فقل لها إن عائشة رضي الله عنها حدثتنا أن رسول الله كان يقبلها وهو صائم فسألها فقالت لا فأخبرها بما قال عبدالله فقالت أم سلمة رضي الله عنها إن رسول الله كان إذا رأى عائشة رضي الله عنها لم يتمالك عنها أما أنا فلا وقال بيان الشعبي أتاني رجل فقال كل أمهات المؤمنين أحب إلا عائشة فقلت أما أنت فقد خالفت رسول الله كانت عائشة رضي الله عنها أحبهن إلى قلبه  

  وقال مصعب بن سعد فرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن عشرة آلاف عشرة آلاف وزاد عائشة ألفين وقال إنها حبيبة رسول الله وكان مسروق إذا حدث عن عائشة رضي الله عنها يقول حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول رب العالمين المبرأة من فوق سبع سموات قال أبو محمد بن حزم وقد أحب من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين كثير   قال الخرائطي واشترى عبدالله بن عمر جارية رومية فكان يحبها حبا شديدا فوقعت ذات يوم عن بغلة له فجعل يمسح التراب عن وجهها ويفديها وكانت تقول له أنت قالون تعني جيد ثم إنها هربت منه فوجد عليها وجدا شديدا وقال   قد كنت أحسبني قالون فانصرفت  فاليوم أعلم أني غير قالون   وقصة مغيث وعشقه بريرة حتى إنه كان يطوف وراءها ودموعه تسيل على خديه في الصحيح وكان عروة بن أذينة شيخ مالك من العلماء الثقات الصلحاء وقفت عليه امرأة فقالت أنت الذي يقال له الرجل الصالح وأنت تقول   إذا وجدت لهيب الحب في كبدي  عمدت نحو سقاء القوم أبترد   هذا بردت ببرد الماء ظاهره  فمن لنار على الأحشاء تتقد   وكان محمد بن سيرين ينشد   إذا خدرت رجلي تذكرت من لها  فناديت لبنى باسمها ودعوت   دعوت التي لو أن نفسي تطيعني  لألقيت نفسي نحوها وقضيت 

  وقال صالح عن ابن شهاب حدثني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أن ابن مسعود رضي الله عنه قال بينا نحن عند رسول الله في قريب من ثمانين رجلا ليس فيهم إلا قرشي والله ما رأيت صفحة وجوه قط أحسن من وجوههم يومئذ قال فذكروا النساء فتحدثوا فيهن وتحدثت معهم حتى أحببت أن نسكت قالوا ولولا لطافة الحب ولذته ما تمناه المتمنون وقال شاعر الحماسة   تشكى المحبون الصبابة ليتني  تحملت ما يلقون من بينهم وحدي   فكانت لقلبي لذة الحب كلها  فلم يلقها قبلي محب ولا بعدي   قالوا والعشق المباح مما يؤجر عليه العاشق كما قال شريك بن عبدالله وقد سئل عن العشاق فقال أشدهم حبا أعظمهم أجرا وصدق والله إذا كان المعشوق ممن يحب الله للعاشق قربه ووصله وقالت امرأة   لن يقبل الله من معشوقه عملا  يوما وعاشقها لهفان مهجور   ليست بمأجورة في قتل عاشقها  لكن عاشقها في ذاك مأجور   ونحن نقول متى باتت مهاجرة لفراش عاشقها الذي هو بعلها لعنتها الملائكة حتى تصبح قالوا والعشق يصفي العقل ويذهب الهم ويبعث على حسن اللباس وطيب المطعم ومكارم الأخلاق ويعلي الهمة ويحمل على طيب الرائحة وكرم العشرة وحفظ الأدب والمروءة وهو بلاء الصالحين ومحنة العابدين وهو ميزان العقول وجلاء الأذهان وهو خلق الكرام كما قيل   وما أحببتها فحشا ولكن  رأيت الحب أخلاق الكرام   قالوا وأرواح العشاق عطرة لطيفة وأبدانهم رقيقة ضعيفة وأزواجهم بطيئة الانقياد لمن قادها حاشا سكنها الذي سكنت إليه وعقدت حبها عليه وكلامهم ومنادمتهم تزيد في العقول وتحرك النفوس وتطرب الأرواح وتلهو بأخبارهم أولو الألباب   فأحاديث العشاق زينة مجالسهم وروح محادثتهم ويكفي أن يكون الأعرابي الذي لا يذكر مع الملوك ولا مع الشجعان الأبطال يعشق ويشتهر بالعشق فيذكر في مجالس الملوك والخلفاء ومن دونهم وتدون أخباره وتروى أشعاره ويبقى له العشق ذكرا مخلدا ولولا العشق لم يذكر له اسم ولم يرفع له رأس   وقال بعض العقلاء العشق للأرواح بمنزلة الغذاء للأبدان إن تركته ضرك وإن أكثرت منه قتلك   وقال ابن عبدالبر في كتابه بهجة المجالس وجد في صحيف لبعض أهل الهند العشق ارتياح جعل في الروح وهو معنى تنتجه النجوم في مطارح شعاعها ويتولد في الطباع بوصلة أشكالها وتقبله الروح بلطيف جوهرها وهو يعد جلاء القلوب وصيقل الأذهان ما لم يفرط فإذا أفرط صار سقما قاتلا ومرضا منهكا لا تنفذ فيه الآراء ولا تنجع فيه الحيل والعلاج منه زيادة فيه   

 وقال أعرابي هو أنيس النفس ومحادث العقل تجنه الضمائر وتخدمه الجوارح وقال عبدالله بن طاهر أمير خراسان لولده اعشقوا تظرفوا وعفوا تشرفوا وقال قدامة وصفه بعض البلغاء فقال يشجع الجبان ويسخي البخيل ويصفي ذهن البليد ويفصح لسان العيي ويبعث حزم العاجز ويذل له عز الملوك وتصدع له صولة الشجاع وهو داعية الأدب وأول باب تفتق به الأذهان والفطن وتستخرج به دقائق المكايد والحيل وإليه تستروح الهمم وتسكن نوافر الأخلاق والشيم يمتع جليسه ويؤنس أليفه وله سرور يجول في النفوس وفرح يسكن في القلوب وقيل لبعض الرؤساء ابنك قد عشق فقال الحمد لله الآن رقت حواشيه ولطفت معانيه وملحت إشاراته وظرفت حركاته وحسنت عباراته وجادت رسائله وحلت شمائله فواظب على المليح واجتنب القبيح   وقيل لآخر ذلك فقال إذا عشق لطف وظرف ودق ورق وقيل لبعضهم متى يكون الفتى بليعا قال إذا صنف كتابا أو وصف هوى أو حبيبا وقيل لسعيد بن أسلم إن ابنك شرع في الرقيق من الشعر فقال دعوه يظرف وينظف ويلطف وقال العباس بن الأحنف

وما الناس إلا العاشقون ذوو الهوى  ولا خير فيمن لا يحب ويعشق 

 وقال الحسين بن مطير

إن الغواني جنة ريحانها  نضر الحياة فأين عنها نعزف

لولا ملاحتهن ما كانت لنا  دنيا نلذ بها ولا نتصرف 

  وقال غيره

ولا خير في الدنيا ولا في نعيمها  وأنت وحيد مفرد غير عاشق

  وقال آخر  

هل العيش إلا أن تروح وتغتدي  وأنت بكأس العشق في الناس نشوان 

  وقال العطوي  

ما دنت بالحب إلا  والحب دين الكرام

  وقال آخر

نظرت إليها نظرة فهويتها  ومن ذا له عقل سليم ولا يهوى

 وقال آخر

وما سرني أني خلي من الهوى  ولو أن لي ما بين شرق ومغرب

   وقال آخر

وما تلفت إلا من العشق مهجتي  وهل طاب عيش لامرئ غير عاشق

  وقال آخر

ولا خير في الدنيا بغير صبابة  ولا في نعيم ليس فيه حبيب

 وقال الكميت  

ما ذاق بؤس معيشة ونعيمها  فيما مضى أحد إذا لم يعشق

ألعشق فيه حلاوة ومرارة  فاسأل بذلك من تطعم أو ذوق

 وقال آخر

وما طابت الدنيا بغير محبة  وأي نعيم لامرئ غير عاشق

  وقال آخر

أسكن إلى سكن تلذ بحبه  ذهب الزمان وأنت خال مفرد

 وقال آخر  

إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى  فأنت وعير في الفلاة سواء

  وقال آخر

إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى  فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا

  وقال آخر

إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى  فقم فاعتلف تبنا فأنت حمار

 وقال آخر

إذا لم تذق في هذه الدار صبوة  فموتك فيها والحياة سواء

  وقال الأقرع بن معاذ

ولا خير في الدنيا إذا أنت لم تزر  حبيبا ولا وافى إليك حبيب

  وقال آخر

وما ذاق طعم العيش من لم يكن له  حبيب إليه يطمئن ويسكن 

  وقال علي بن أبي كثير لابن أبي الزرقاء هل عشقت قط حتى تكاتب وتراسل وتواعد قال لا فقال لا يجيء منك شيء وكان لبعض الملوك ولد واحد ساقط الهمة دنيء النفس فاتر فأراد أن يرشحه للملك فسلط عليه الجواري والقيان فعشق منهن واحدة فأعلم بذلك الملك فسر وأرسل إلى المعشوقة أن تجني عليه وقولي إني لا أصلح إلا لملك أو عالم فلما قالت له ذلك أخذ في التعلم وما عليه الملوك من أدوات الملك حتى برع في ذلك وقال المرزباني سئل أبو نوفل هل يسلم أحد من العشق فقال نعم الجلف الجافي الذي ليس له فضل ولا عنده فهم فأما من في طبعه أدنى ظرف أو معه دمائة أهل الحجاز وظرف أهل العراق فهيهات وقال علي بن عبدة لا يخلو أحد من صبوة إلا أن يكون جافي الخلقة ناقصا أو منقوص الهمة أو على خلاف تركيب الاعتدال 

قالوا ولا يكمل أحد قط إلا من عشقه لأهل الكمال وتشبه بهم فالعالم يبلغ في العلم بحسب عشقه له وكذلك صاحب كل صناعة وحرفة ويكفي أن العاشق يرتاح لكريم الأخلاق والأفعال والشيم لتحمد شمائله عند معشوقه كما قال   

ويرتاح للمعروف في طلب العلى  لتحمد يوما عند ليلى شمائله 

 وقال أبو المنجاب رأيت في الطواف فتى نحيف الجسم بين الضعف يلوذ ويتعوذ ويقول 

وددت بأن الحب يجمع كله  فيقذف في قلبي وينغلق الصدر

فلا ينقضي ما في فؤادي من الهوى  ومن فرحي بالحب أو ينقضي العمر 

  فقلت يا فتى أما لهذه البنية حرمة تمنعك عن هذا الكلام فقال بلى والله ولكن الحب ملأ قلبي بفرح التذكر ففاضت الفكرة في سرعة الأوبة إلى من لا يشذ عنه معرفة ما بي فتمنيت المنى والله ما يسرني ما بقلبي منه ما فيه أمير المؤمنين من الملك وإني أدعو الله أن يثبته في قلبي عمري ويجعله ضجيعي في قبري دريت به أو لم أدر هذا دعائي أو انصرف من حجتي ثم بكى فقلت ما يبكيك قال خوف أن لا يستجاب دعائي وله قصدت وفيه رغبت مما يعطي الله سائر خلقه ثم مضى قالت هذه الفرقة وغاية ما يقدر في أمر العشق أنه يقتل صاحبه كما هو معروف عند جماعة من العشاق وقد قال سويد بن سعيد الحدثاني حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي أنه قال من عشق فكتم وعف وصبر فمات فهو شهيد رواه عن سويد جماعة وقال الخطيب حدثنا أبو الحسن علي بن أيوب إملاء منه حدثنا أبو عبدالله المرزباني وابن حيوية وابن شاذان قالوا حدثنا أبو عبدالله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه قال دخلت على محمد بن داود الأصبهاني في مرضه الذي مات فيه فقلت له كيف تجدك فقال حب من تعلم أورثني ما ترى فقلت ما منعك من الاستمتاع به مع القدرة عليه فقال الاستمتاع على وجهين أحدهما النظر المباح والثاني اللذة المحظورة فأما النظر المباح فأورثني ما ترى وأما اللذة المحظورة فإنه منعني منها ما حدثني أبي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي أنه قال من عشق وكتم وعف وصبر غفر الله له وأدخله الجنة قال الحاكم أبو عبدالله إنما أتعجب من هذا الحديث فإنه لم يحدث به غير سويد وهو وداود بن علي وابنه أبو بكر ثقات ثم رواه الخطيب حدثنا الأزهري حدثنا المعافى بن زكريا حدثنا قطبة بن الفضل بن إبراهيم الأنصاري حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق حدثنا سويد حدثنا ابن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا ورواه الزبير بن بكار عن عبدالملك بن عبدالعزيز بن الماجشون عن عبدالعزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي به ولفظه من عشق فعف فمات فهو شهيد رواه أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب اعتلال القلوب حدثنا أبو يوسف يعقوب بن عيسى من ولد عبدالرحمن بن عوف عن الزبير فذكره فخرج سويد عن عهدة التفرد به على أنه لو تفرد به فهو ثقة احتج به مسلم في صحيحه وقال عبدالله بن أحمد قال لي أبي أكتب عنه حديث ضمام وقال البغوي كان حافظا وكان أحمد ينتقي لولديه عليه صالح وعبدالله فكانا يختلفان إليه وقال مسلم ثقة ثقة وقال أبو حاتم الرازي ويعقوب بن شيبة هو صدوق وأكثر ما عيب به التدليس وقد صرح هاهنا بالتحديث وعيب بأنه ذهب بصره في آخر عمره فربما أدخل عليه هذا الحديث في كتبه ولكن رواية الأكابر عنه هذا الحديث كان قبل ذهاب بصره لأنه إنما عمي في آخر عمره وليس هذا بقادح في حديثه   قلت وهذا حديث باطل على رسول الله قطعا لا يشبه كلامه وقد صح عنه أنه عد الشهداء ستا فلم يذكر فيهم قتيل العشق شهيدا ولا يمكن أن يكون كل قتيل بالعشق شهيدا فإنه قد يعشق عشقا يستحق عليه العقوبة وقد أنسكر حفاظ الإسلام هذا الحديث على سويد وقد تكلم الناس فيه فقال ابن المديني ليس بشيء والضرير إذا كان عنده كتب فهو عيب شديد وقال يعقوب بن شيبة صدوق مضطرب الحفظ ولا سيما بعد ما عمي وقال البخاري كان قد عمي فيلقن ما ليس من حديثه وقال أبو أحمد الجرجاني هذا الحديث أحد ما أنكر على سويد وأنكره البيهقي وأبو الفضل بن طاهر وأبو الفرج بن الجوزي وأدخله في كتابه الموضوعات   ولما رواه أبو بكر الأزرق عن سويد عاتبه عليه ابن المرزبان فأسقط ذكر النبي منه وكان سويد إذا سئل عنه لا يرفعه وهذا أحسن أحواله أن يكون موقوفا ولذلك رواه أبو محمد الحسين القاري من حديث أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله وأما سياق الخطيب له من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها فلا يشك من شم رائحة الحديث أن هذا باطل على هشام عن أبيه عن عائشة ولا يحتمل هذا المتن هذا الإسناد بوجه والتحاكم في ذلك إلى أهل الحديث لا إلى العارين الغرباء منه والظاهر أن ابن مسروق سرقه وغير إسناده وأما حديث الزبير بن بكار فمن رواية يعقوب بن عيسى وهو ضعيف لا تقوم به حجة قد ضعفه أهل الحديث ونسبوه إلى الكذب