باب الثلاثي الصحيح: الفرع السادس

المحكم والمحيط الأعظم في اللغة

ابن سيده

علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده، المولود عام (398 - 458 هـ = 1007 - 1066 م)

الجزء الثاني

حرف الحاء

الفرع السادس

الحاء والصاد والميم

حصَمَ بها يَحْصِمُ حَصْما: ضرط. وخص بعضهم به الفرس. والحَصُومُ، الضروط.

وانحَصَمَ الشيء: انكسر. قال تميم بن مقبل:

وبياضاً أحْدثَـتْـه لِـمّـتِـي

 

مِثلَ عِيدانِ الحَصَادِ المُنْحَصِمْ

مقلوبه: - ح م ص -

حَمَصَ القذاة: رفق بإخراجها مسحا.

وحَمَصَ الغلام حَمْصاً: ترجح من غير أن يرجح.

والحَمْصُ: أن يضم الفرس فيجعل إلى المكان الكنين وتلقى عليه الآجلة حتى يعرق ليجري.

وحَمَصَ الدواء الجرح، سكن ورمه. وحَمصَ الجرح يحمُصُ حُموصاً، وهو حَميصٌ، وانحَمَصَ، كلاهما: سكن ورمه.

والحِمِّصُ والحِمَّصُ، حبُّ القدر، قال أبو حنيفة. وهو من القطاني، واحدته حِمِّصَةٌ وحِمَّصَةٌ، ولم يعرف ابن الأعرابي كسر الميم في الحمص، ولا حكى سيبويه فيه إلا الكسر، فهما مختلفان. وقال أبو حنيفة: الحِمّصُ عربي، وما أقل ما يكون في الكلام على بنائه من الأسماء.

والحَمَصِيصُ، بقلة دون الحماض في الحموضة، طيبة الطعم، تنبت في رمل عالج، وهي من أحرار البقول، واحدته حَمَصِيصةٌ. وقال أبو حنيفة: الحَمَصِيصُ: بقلة حامضة تجعل في الأقط، يأكله الناس والإبل والغنم، وأنشد:

ورَبْرَبٍ خِـمـاصِ

 

يأكُلنَ من قُـرَّاصِ

وحَمَصيصٍ واصِ

وحِمْصُ من كور الشام، وأهلها يمانيون. قال سيبويه: هي أعجمية ولذلك لم تنصرف.

وحُماصَةُ: اسم موضع.

مقلوبه: - ص ح م -

الصُّحْمَةُ: سواد إلى الصفرة. وقيل: هي غبرة إلى السواد القليل. وقيل: هي حمرة وبياض. الذكر أصْحَمُ والأنثى صحماءُ على القياس.

وبلدة صَحْماءُ: ذات اغبرار.

واصحامَّ النبت: اشتدت خضرته. وقال أبو حنيفة: اصحَامَّ النبت، خالط سواد خضرته صفرة.

واصحامّتِ الأرض، تغير نبتها وأدبر مطرها. وكذلك الزرع إذا تغير لونه في أول اليبس أو ضربه شيء من قر. واصحَامّت الأرض، تغير لون زرعها للحصاد. واصحامَّ الحب كذلك.

والصَّحْماءُ: بقلة ليست بشديدة الخضرة.

مقلوبه: - م ح ص -

مَحَصَ الظبي في عدوه يمْحَص مَحْصاً: أسرع. قال أبو ذؤيب:

وعاديَةٍ تُلْقِي الثِّيابَ كـأنـهـا

 

تُيوس ظِباءٍ مَحْصُها وانبِتارُها

وكذلك امتَحص، قال:

وهنّ يمْحَصْنَ امتِحاصَ الأَظْبْ

جاء بالمصدر على غير الفعل، لأن محَص وامتحَص واحد.

ومحَص في الأرض مَحْصاً: ذهب.

ومَحص بها مَحْصاً: ضرط.

والمَحْصُ: شدة الخلق. والممحوصُ والمَحْصُ والمُمحَّصُ، الشديد الخلق. وقيل هو الشديد من الإبل.

وفرس مَحْصٌ: بين المَحَصِ قليل لحم القوائم. قال الشماخ يصف حمار وحش:

مَحْصُ الشوَاشَنِجُ النَّسا خاظي المَطا

 

صَحِلٌ يُرَجِّعُ خَلْفَها التـنْـاهـقـا

وحبل مَحِصٌ ومَحِيصٌ، أملس أجرد ليس له زئبر.

والمَحِيصُ: الشديد الفتل، قال امرؤ القيس يصف حمارا:

وأصدرَها بادي النّوَاجذِ قارِحٌ

 

أقبُّ ككَرِّ الأنْدَرِيّ مَحِيصُ

ومَحص به الأرض مَحْصاً: ضرب.

ومَحص الشيء يَمْحَصُه، ومَحَّصَه: خلصه. وفي التنزيل: -و ليُمَحِّصَ ما في قُلوبكم-. وفيه: -و ليُمَحِّصَ اللهُ الذين آمَنوا- أي يخلصهم. والمُمحَّصُ، الذي مُحِصَتْ عنه ذنوبه، عن كراع، ولا أدري كيف ذلك، إنما الممَحَّصُ الذنب. وتمحيصُ الذنوب أيضا، تطهيرها.

ومُحِّصَت عن الرجل يده أو غيرها: إذا كان بها ورم فاخذ في النقصان والذهاب، هذه عن أبي زيد، وإنما المعروف من هذا: حَمَص الجرح.

والتمحيصُ: الاختبار والابتلاء.

ومَحَص الله ما بك ومَحَّصه: أذهبه.

مقلوبه: - ص م ح -

صمَحته الشمس تُصمَحُه وتصْمِحه صَمْحا: إذا اشتد عليه حرها حتى كادت تذيب دماغه، قال أبو زبيد:

من سَمومٍ كأنها لفحُ نارٍ

 

صَمَحَتْها ظهيرةٌ غَرَّاءُ

وشمس صَموحٌ: حارة مغيرة، قال:

شمْسٌ صموحٌ وحُرورٌ كاللّهَبْ

ويوم صَموحٌ وصامحٌ: شديد الحر.

والصُّماحُ: العرق المنتن، وقيل: خبث الرائحة من العرق، والمعنيان متقاربان، قال الشاعر:

يتَضَوَّعْونَ لو تضَمّخْنَ بالمِس

 

كِ صُماحا كأنه ريحُ مَـرْقِ

المرق: الجلد الذي لم يستحكم دباغه.

والصُّماحُ: الكي، عن كراع.

والصَّمْحاءُ والصِّمْحاءةُ، الأرض الغليظة.

وصَمَحَ يصْمَح صَمْحا: غلظ له في مسألة ونحوها.

وصَمَحه بالسوط صَمْحا، ضربه.

وحافر صَموحٌ: شديد الوقع، عن كراع.

والصَّمَحْمَحُ والصَّمحْمَحِيُّ من الرجال: الشديد المجتمع الألواح، وفي السن: ما بين الثلاثين والأربعين. وقيل: هو القصير. وقيل: الأصلع، وقيل: المحلوق الرأس، عن السيرافي والأنثى من كل ذلك بالهاء، قال:

صَمَحْمحَةٌ لا تَشتكي الدهْرَ رأسَها

 

ولو نَكَزَتْـهـا حَـيّةٌ لأَبَـلّـتِ

وبعيرٌ صَمَحْمَحٌ: شديد قوي، قال ابن جني: الحاء الأولى من صَمحْمَحٍ زائدة، وذلك إنها فاصلة بين العينين، والعينان متى اجتمعتا في كلمة واحدة مفصولا بينهما، فلا يكون الحرف الفاصل بينهما إلا زائدا، نحو عثوثل وعقنقل وسلالم وخفيفد، وقد ثبت أن العين الأولى هي الزائدة، فثبت إذن أن الميم والحاء الأوليين في صَمحْمحٍ هما الزائدتان، والميم والحاء الأخريين هما الأصلان، فاعرف ذلك.

وصَوْمَحٌ وصَوْمَحَانُ: موضع، قال:

ويومٌ بالمجازَةِ والكَلَـنْـدَي

 

ويومٌ بين ضَنْكَ وصومحانِ

هذه كلها مواضع.

مقلوبه: - م ص ح -

مَصَحَ الكتاب يمْصَحُ مُصُوحا: درس أو قارب ذلك. ومَصَحَت الدار: عفت. ومصَحَ الضرع يمْصَحُ مُصُوحا: غرز وذهب لبنه. ومصَحَ بالشيء يمْصَحُ مَصْحا ومُصوحا، ذهب قال ذو الرمة:  

بتَيْهاءَ مِقْفارٍ يكـادُ ارتِـكـاضُـهـا

 

بآلِ الضحى والهجْرِ بالطّرْفِ يمْصَحُ

ومَصَحَ الله ما بك مَصْحا ومصَّحَه: أذهبه. ومَصَحَ الزهر يمْصَحُ مُصُوحا، ولى لونه، عن أبي حنيفة وأنشد:

يُكْسَيْنَ رَقْمَ الفارِسيِّ كأنـه

 

زَهْرٌ تتابَعَ نَوْرُه لم يَمْصَحِ

ومَصَحَ الندى يمصَحُ مُصوحا: رسخ في الثرى، وقوله:

عَبْلُ الشوَى ماصحَةٌ أشاعِرُهْ

معناه: رسخت أصول أشاعره حتى أمنت الانتتاف.

ومَصَحَ الظِّلُّ مُصُوحا: قصر.

ومَصَح في الأرض مَصْحا: ذهب، والسين لغة.

الحاء والسين والطاء

سَحَطَ الرجل يسحَطُه سَحْطا: ذبحه. وقيل: ذبحة ذبحا وحيا، وكذلك غيره مما يذبح.

وسَحَطَه الطعام يسْحَطُه: أغصه، قال ابن مقبل:

كادَ اللُّعاعُ من الحَوْذانِ يَسحَطُها

 

ورِجْرِجٌ بينَ لَحْييها خَناطـيلُ

وقال يعقوب: يسْحَطُها هنا: يذبحها. والرجرج: اللعاب يترجرج.

وسَحَطَ شرابه سَحْطا، قتله بالماء أي أكثر عليه.

وانْسَحَط الشيء من يدي: امّلَص فسقط، يمانية.

مقلوبه: - ط ح س -

الطّحْسُ: كلمة يكنى بها عن الجماع، ويقال: الطّحْزُ.

مقلوبه: - س ط ح -

سطَح الرجل وغيره يسطَحُه سَطْحا فهو مَسطُوحٌ وسطيحٌ، أضْجَعه وصرعه فبسطه على الأرض. ورجل مسطوحٌ وسطيحٌ، قتل منبسط. والسطيح، المنبسط وقيل: المنبسط البطيء القيام من الضعف.

والسطيحُ: الذي يولد ضعيفا لا يقدر على القيام والقعود فهو أبدا منبسط.

وسَطيحٌ: هذا الكاهن الذئبي سمي بذلك لأنه كان إذا غضب قعد منبسطا فيما زعموا، وقيل: سمي بذلك لأنه لم تكن له بين مفاصله قصب تعمده، فكان أبدا منبسطا.

وتسطّحَ الشيء وانسطَحَ: انبسط.

والسّطْحُ ظهر البيت لانبساطه، والجمع سُطوحٌ، وسَطَحَ البيت يسْطَحُه سَطْحا، وسَطّحَه: سوى سَطْحَه.

ورأيت الأرض مَساطيحَ: لا مرعى بها، شبهت بالبيوت.

والسُّطّاحُ من النبات: ما افترش فانبسط ولم يسم، عن أبي حنيفة. والسُّطّاحُ، نبتة سهلية تنْسَطحُ على الأرض، واحدته سُطّاحَةٌ.و قيل: السُّطّاحَةُ شجرة تنبت في الديار في أعطان المياه مُتَسَطِّحَةً، وهي قليلة وليس فيها منفعة.

وسَطَحَ الناقة: أناخها.

والسّطيحَةُ: المزادة التي من أديمين قوبل أحدهما بالآخر.

والمِسْطَح: الصفاة يحاط عليها الحجارة فيجتمع فيها الماء.

والمِسَطُح: كوز ذو جنب واحد يتخذ للسفر.

والمِسْطحُ: الجرين، يمانية.

والمِسْطَحُ: من أعمدة الخباء، قال الشاعر:

تَعرَّضَ ضيطارو خزاعةَ دوننا

 

وما خيرُ ضيطارٍ يُقَلِّبُ مِسْطَحا

يقول: ليس معه سلاح يقاتل به غير مِسْطَح.

والمِسْطَحُ: الخشبة المعرضة على دعامتي الكرم بالأطر.

والمِسْطَحُ: بساط من خوص الدوم.

والمِسْطَحُ: مقلى عظيم يقلى عليه البر وغيره. قال تميم بن مقبل:

إذا الأمْعَزُ المحْزُوُّ آضَ كـأنّـه

 

من الحَرِّ في حَدِّ الظهيرةِ مِسطَحُ

ومِسْطَحٌ: اسم رجل. وفي الحديث: "تَعِسَ مسْطَحٌ".

الحاء والسين والدال

حَسَدَه يَحْسِدُه ويَحْسُدُه حَسَداً، وحسّدَه: تمنى أن تتحول إليه نعمته أو فضيلته ويسلبهما هو، قال:

وتَرى اللّبيبَ مُحَسّداً لم يجْترِمْ

 

شَتْمَ الرجالِ وعرضُه مَشْتُومُ

ورجل حاسدٌ، من قوم حُسّدٍ وحُسّادٍ وحَسَدَةٍ، وحَسُودٌ من قوم حُسُدٍ والأنثى بغير هاء. وهم يتحاسَدون. وحَسَده على الشيء وحَسَده إياه، قال:

فقلتُ: إلى الطّعامِ، فقال منهم

 

فريقٌ: نَحْسُدُ الإنسَ الطعـام

وقد يجوز أن يكون أراد: على الطعام، فحذف وأوصل. وحكى الَّلحيانيّ عن العرب: حسَدني الله إن كنت أحسُدُك، وهذا غريب، قال: وهذا كما يقولون: نفسها الله علي إن كنت أنفسها عليك، وهو كلام شنيع، لأن الله عز وجل يجل عن ذلك. والذي يتجه هذا عليه انه أراد: عاقبني الله على الحسد أو جازاني عليه، كما قال: -و مَكَروا ومَكَرَ اللهُ-.

مقلوبه: - ح د س -

حَدَس عليه ظنه يحدِسُه ويحْدُسُه حَدْسا، لم يحققه.

وتَحَدَّس عن أخبار الناس، أراغها ليعلما من حيث لا يعرفون.

وبلغ به الحِدَاس، أي الأمر الذي يظن انه الغاية.

وحدسَ الناقة يحْدِسُها حَدْسا، أناخها، وقيل: أضجعها ثم وجأ بشفرته في منحرها. وحَدَس الشاة يحدِسُها حَدْسا، أضجعها ليذبحها. وحَدَس بالشاة، ذبحها.

وحَدَس لهم بمطفئة الرضف، يعني الشاة المهزولة.

وحَدَس بالرجل يحدِسُ حَدْسا فهو حَديسٌ: صرعه. وحَدَس به الأرض حَدْسا، ضربها به. وحَدَس الشيء برجله، وطئه.

والحَدْسُ، السرعة والمضي على استقامة. ويوصف به فيقال: سير حَدْسٌ، قال:

كأنها من بَعْدِ سَيرٍ حَدْسِ

فهو على ما ذكرنا صفة، وقد يكون بدلا.

وحَدَس في الأرض يحْدِسُ حَدْسا، ذهب.

وحَدَس الكلام على عواهنه، أي تعسفه ولم يتوقه.

وبنو حَدْسٍ: حي من اليمن، قال:

لا تَخْبزَا خَبْزاً وبُسّا بَسّا

مَلْسا بذَوْدِ الحَدَسِيّ مَلْسَا

وحَدَسْ، زجر للبغال، كعَدَس. وقيل: حَدَسٌ وعَدَس، اسما بغَّالين على عهد سليمان بن داود كانا يعنفان على البغال فإذا ذكرا نفرت خوفا مما كانت تلقى منهما، قال:

إذا حَمَلْتُ بِزَّتِي على حَدَسْ

وحَدَسٌ: اسم.

مقلوبه: - د ح س -

دَحَس بين القوم دَحْسا، أفسد.

ودحَسَ ما في الإناء دَحْسا، حَساه.

والدَّحْسُ: التجسيس للأمر تطلبه أخفى ما تقدر.

والدَحّاسَةُ: دودة تندس تحت التراب صفراء صافية لها رأس مشعب دقيقة، يشدها الصبيان في الفخاخ لصيد العصافير.

والدَحْسُ: أن تدخل يدك بين جلدة الشاة وصفاقها فتسلخها.

ودَحَس الثوب في الوعاء يَدْحَسُهُ دَحْسا، أدخله. قال:

يَؤرُّها بمُسمغدّ الجَنْبَين

كما دحَسْتَ الثوبَ في الوِعاءين

والدحْسُ: امتلاء أكمة السنبل من الحب، وقد أدْحَسَ. وبيت دِحاسٌ ممتلئ. والداحِسُ: من الورم، ولم يحددوه. وأنشد أبو علي وبعض أهل اللغة:

تَشاخَصَ إبهاماكَ إن كنتَ كاذبا

 

ولا برِئا من داحِسٍ وكُـنَـاعِ

وداحِسٌ: موضع.

وداحِسٌ: اسم فرس.

وداحِسٌ: قبيلة أو حي، قال أبو ذؤيب:

وقد أكثرَ الواشونَ بيني وبينـهـا

 

كما لم يَغِبْ عن غَيِّ ذبيانَ داحِسَ

وعلق "أكثر" ببين، لأنه في معنى: سعى.

مقلوبه: - س د ح -

السّدْحُ، ذبحك الشيء وبسطكه على الارض، وقد يكون إضطجاعك الشيء. وسَدَحَ الناقة سَدْحا، أناخها، كسطحها، فإما أن يكون لغة، وإما أن يكون بدلاً.

وسَدَحَه فهو مسدوحٌ وسديحٌ: صرعه، كسطحه. والسّادحَةُ، السحابة الشديدة التي تصرع كل شيء.

وانسدَحَ الرجل، استلقى وفرج رجليه. وسَدَحَ القربة يسْدَحُها سَدْحا، ملأها ووضعها إلى جنبه.

وسَدَح بالمكان: أقام.

الحاء والسين والتاء

السُّحْتُ والسُّحُتُ، ما خبث من المكاسب وحرم فلزم عنه العار وقبيح الذكر، كثمن الكلب والخمر. والجمع أسحاتٌ. واسْحَتَتْ تجارته: خبثت وحرمت. وسحَّتَ في تجارته وأسحت: اكتسب السُّحْتَ، وقوله عز وجل: -سمَّاعونَ للكَذِبِ أكّالونَ للسُّحْتِ- قال أبو إسحاق: تأويله، أن الرشا التي كانوا يأكلونها يعقبهم الله بها أن يُسِحَتهم بالعذاب.

وسَحَتَ الشيء يَسْحَتُه سَحْتا، قشره قليلا قليلا.

وأسحت الرجل: استأصل ما عنده. وقريء: -فيَسْحَتُكم بعذابٍ- ويُسْحِتُكم فيَسْحَتُكم: يقشركم، ويُسْحِتُكم: يستأصلكم.

وسحَتَ الحجّام الختان سَحْتا وأسحَتَهُ، استأصله. وقال الَّلحيانيّ: سَحَتَ رأسه سحْتا وأسْحَته، استأصله حلقا.

وأسحتَ ماله، استأصله وأفسده، قال الفرزدق:

وعَضُّ زَمانٍ يا ابنَ مَرْوانَ لم يَدَعْ

 

من المالِ إلا مُسْحَتا أو مُجَلَّـفُ

وأُسْحِتَ الرجل، على صيغة فعل المفعول، ذهب ماله، عن الَّلحيانيّ.

والسَّحْتُ، شدة الأكل والشرب. ورجل سَحْتٌ وسَحِيتٌ، ومسحوتٌ: رغيب واسع الجوف لا يشبع. وقيل: المسْحوتُ، الجائع. والأنثى بالهاء.

والسحِيتَةُ من السحاب، التي تجرف ما مرت به.

مقلوبه: - ت س ح -

التُّسْحةُ: الحرد والغضب، عن كراع، قال الطرماح:

مَلاَ بائصاً ثم اعترتْهُ حَـمِـيّةٌ

 

على تُسْحَةٍ من ذائدٍ غير واهِنِ

وقيل: التُّسْحَةُ: الحرص.

الحاء والسين والراء

حَسَرَ الشيء عن الشيء يَحْسِرُه ويَحْسُرُه حَسْراً وحُسُوراً، فانحَسَرَ: كشطه وقد يجيء حَسَرَ في الشعر على المطاوعة.

والحاسِرُ خلاف الدارع، قال الأعشى:  

في فَيْلَقٍ جأواءَ مَلْمُومَةٍ

 

تقذِفُ بالدارِعِ والحاسِرِ

ويروى: تعصف. والجمع حُسّرٌ. وجمع بعض الشعراء حُسَّراً على حُسّرِين، أنشد ابن الأعرابي:

بشَهْباءَ تَنْفِى الحُسّرينَ كـأنـهـا

 

إذا ما بدَتْ قَرْنٌ من الشمس طالعُ

وامرأة حاسِرٌ: حَسَرَتْ عنها درعها.و كل مكشوفة الرأس والذراعين حاسِرٌ. والجمع حُسّرَ وحَوَاسِر، قال أبو ذؤيب:

وقامَ بَناتي بالنِّعـالِ حَـوَاسِـراً

 

فألصَقْنَ وقْعَ السِّبْتِ تحتَ القلائدِ

والحَسْرُ والحَسَرُ والحُسورُ، الإعياء والتعب. حَسَرَت الدابة والناقة حَسْراً واستحْسَرَتْ، أعيت وكَلَّتْ. وحَسَرَها السير يَحْسِرُها ويحسُرُها حَسْراً وحُسوراً، وأحسَرَها وحسّرها. قال:

إلا كمُعرِضِ المحسِّرِ بِكْرُه

 

عَمْدا يسيِّبُني على الظُّلْـمِ

أراد: إلا معرضا، فزاد الكاف. ودابة حاسِرٌ وحاسِرَةٌ وحسِيرٌ، الذكر والأنثى سواء، والجمع حَسْرَى. وأحْسَرَ القوم، نزل بهم الحسَرُ. وحَسَرَت العن، كلت. وحَسَرَها بعد ما حدقت إليه أو خفاؤها يحسُرُها، أكلها. قال رؤبة:

يحْسُرُ طَرْفَ عَيِنِه فَضَاوُهُ

وبصر حَسيرٌ، كليل، وفي التنزيل: -ينْقَلِبْ إليكَ البصرُ خاسِئا وهو حَسيرٌ-.

والحَسْرَةُ: أن يركب الإنسان من شدة الندم ما لا نهاية بعده.

وحَسِرَ على أمر فاته حَسَراً وحَسْرَةً وحَسَرَانا، فهو حَسِرٌ وحَسْرانُ.

وحَسَرَ البحر عن القرار والساحل يَحْسُرُ: نضب، قال:

حتى يُقالَ: حاسِرٌ، وما حَسَرَ

وانحسرت الطير، خرج من الريش العتيق إلى الحديث. وحَسَرُها، إبان ذلك.

وتحَسّرَت الناقة، صار لحمها في مواضعه قال لبيد:

فإذا تغالى لحْمُها وتَحسّـرتْ

 

وتقطّعت بعدَ الكَلالِ خِدامُها

ورجل مُحَسَّرٌ: مؤذي محتقر.و في الحديث: يخرج في آخر الزمان رجل يسمى أمير العصب، وقال بعضهم: يسمى أمير الغضب، أصحابه مُحَسّرُونَ محقرون مقصون عن أبواب السلطان ومجالس الملوك، يأتونه من كل أوب كأنهم قَزَعُ الخريف، يورثهم الله مشاق الأرض مغاربها.

والمِحْسَرَةُ: المكنسة.

وحَسرُوه يحْسِرُونه حَسْراً وحُسْراً، سألوه فأعطاهم حتى لم يبق عنده شيء.

والحَسارُ: نبات ينبت في القيعان والجلد، وله سنيبل وهو من دق المرتع، وقفه خير من رطبه، وهو يستقل عن الأرض شيئا قليلا يشبه الزباد إلا انه أضخم منه ورقا. وقال أبو حنيفة: الحَسارُ، عشبة خضراء تسطح على الأرض وتأكلها الماشية أكلا شديدا، قال الشاعر ينعت حمارا وأتنه:

يأكُلْنَ من بُهْمَي ومن حَسَارِ

 

ونَفَلٍ لـيس بـذي آثـارِ

يقول: هذا المكان قفر ليس به آثار من الناس ولا المواشي. قال: وأخبرني بعض أعراب كلب أن الحَسارَ شبيه بالحرف في نباته وطعمه، ينبت حبالا على الأرض، قال: وزعم بعض الرواة انه شبيه بنبات الجزر.

مقلوبه: - ح ر س -

حَرَس الشيء يحرُسُه ويحْرِسُه حَرْسا، حفظه. وهم الحُرَّاسُ. والحَرَس اسم للجمع كالعسس، وقيل: هو جمع. والأحْراسُ، الحُرَّاسُ. واحترَس منه: احترز.

وبناء أحرس: أصم.

وحَرس الإبل والغنم يحرِسُها حَرْسا، واحترَسَها: سرقها ليلا فأكلها. والحريسَةُ، السرقة. والحريسَةُ أيضا، ما احتُرِس منها.و في الحديث: "حَريسةُ الجمَل ليس فيها قَطعٌ".

والحَرْسُ: الدهر. والجمع أحرس. قال:

وقفتُ بعَزَّافٍ على غيرِ موقـف

 

على رسْمِ دارٍ قد خَلا منذُ أحرُسِ

وأحْرَسَ بالمكان، أقام به حرسا. قال رؤبة:

وعَلَمٍ أحْرَسَ فوق عَنْزِ

العنز: الأكمة الصغيرة.

والمحِراسُ: سهم عظيم القذذ.

والحَرُوس: موضع.

مقلوبه: - س ح ر -

السِّحْرُ: الأخذة التي تأخذ العين حتى تظن أن الأمر كما يرى. والجمع أسحَارٌ وسُحُور. سَحَره يسحَرُه سِحْراً وسَحْراً، وسحَّره. ورجل ساحِرٌ، من قوم سَحَرَةٍ وسُحَّارٌ. وسَحَّارٌ، من قوم سَحَّارين، ولا يكسر.

والسِّحْرُ: البيان في فطنة. ومن كلامه صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لَسحْراً" يقوله لعمرو بن الأهتم حين قدم عليه مع قيس ابن عاصم فسأل عمراً عن الزبرقان فأثنى عليه خيراً، فلم يرض الزبرقان بذلك وقال: والله يا رسول الله إنه ليعلم إنني أفضل مما قال، ولكنه حسدني لمكاني منك. فأثنى عليه عمرو شرا، ثم قال: "و الله يا رسول الله ما كذبت عليه في الأولى ولا في الآخرة، ولكنه أرضاني فقلت بالرضا، ثم أسخطني فقلت بالسخط". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحراً".

قال أبو عبيد: كأن المعنى، والله أعلم، انه يبلغ من بيانه انه يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله، ثم يذمه فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر، فكأنه قد سحر السامعين بذلك. فأما قوله عليه الصلاة والسلام: "من تعلم بابا من النجوم فقد تعلم بابا من السِّحْرِ" فقد يكون المعنى على الأول، أي أن علم النجوم محرم التعلم وهو كفر، كما أن علم السحر كذلك، وقد يكون على المعنى الثاني، أي انه فطنة وحكمة، وذلك ما أدرك منه بطريق الحساب كالكسوف ونحوه. وبهذا علل الدينوري هذا الحديث.

والسّحْرُ والسّحَّارةُ: شيء يلعب به الصبيان، إذا مد من جانب خرج على لون، وإذا مد من جانب آخر خرج على لون آخر مخالف. وكل ما أشبه ذلك سَحَّارةٌ.

وسَحَره بالطعام والشراب يسْحَرُه سَحْراً وسَحَّرَه، غداه وعلله، وقيل: خدعه، قال امرؤ القيس:

أُرانا مُوضِعينَ لحتمِ غيبٍ

 

ونُسْحَر بالطّعامِ وبالشرابِ

أي نغذى ونخدع. وقول لبيد:

فإن تسألينا: فيم نحن؟ فـإنـنـا

 

عصافيرُ من هذا الأنامِ المَسَحّرِ

يكون على الوجهين.

والسِّحْرُ، الفساد. وطعام مسحورٌ، مفسود، عن ثعلب هكذا حكاه: مفسود، لا أدري أهو على طرح الزائد، أم فَسدَته لغة، أم هو خطأ. ونبت مسحور، مفسود، هكذا حكاه أيضا. وحكى ابن الأعرابي: نبت مسحور، مفسد، على القياس.

وسحر المطر الطين والتراب سَحْراً، أفسده فلم يصلح للعمل.

والسَّحْرُ والسّحَرُ، آخر الليل. وقيل: الوقت الذي قبل طلوع الفجر. والجمع أسحَارٌ، وقد أبنت وجه صرفه وترك صرفه إذا لم تكن فيه لام، وذكرت وجه تمكنه وغير تمكنه في الكتاب المخصص.

والسُّحْرَةُ والسَّحَرُ. وقيل: أعلى السّحَرِ. وقيل: هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر. يقال: لقيته بسُحْرَةٍ، ولقيته سُحْرَةً وسَحْرَةً، ولقيته بأعلى سَحَرينِ، وأعلى السّحْرينِ. فأما قول العجاج:

غدا بأعلى سَحَرٍ وأجْرَسا

فهو خطأ، كان ينبغي له أن يقول: بأعلى سَحَريْنِ، لأنه أول تنفس الصبح ثم الصبح، كما قال الراجز:

مَرَّتْ بأعلى سَحَرَينِ تَذْألُ

ولَقيتُه سَحَرِىَّ هذه الليلة وسَحَرِيّتَها، قال:

في ليلةٍ لا نحْسَ في

 

سَحَرِيِّها وعشائهـا

أراد: ولا عشائها. وأسحَرَ القوم، صاروا في السّحرِ، كقولك: أصبحوا. وأسحروا واستحروا خرجوا من السّحَر.

واستَحَر الطائر: غرد بسَحَرٍ، قال امرؤ القيس:

كأنّ المُدامَ وصوْبَ الغـمـام

 

وريحَ الخُزَامى ونَشْرَ القُطُرْ

يُعَـلُّ بـه بَـرْدُ أنـيابـهـا

 

إذا غَرَّد الطّائر المُسْتَـحـرْ

والسَّحور طعام السّحَرِ وشرابه، قال الفرزدق: وتَسَحّر أكل السّحوَر.

والسَّحْرُ والسَّحَرُ والسُّحْرُ: ما التزق بالحلقوم والمريء من أعلى البطن.و يقال للجبان: قد انتفخ سَحْرُه. ويقال ذلك أيضا لمن تعدى طوره. وكل ذي سَحْرٍ مُسَحَّرٌ. والسَّحْرُ أيضا: الرئة. والجمع سُحورٌ. قال الكميت:

فأربَطُ ذي مَسامعَ أنتَ جأْشـا

 

إذا انتَفخَت من الوَهَلِ السُّحورُ

وقوله تعالى: -إنما أنتَ من المَسَحّرِينَ- قال الزجاج: يجوز أن يكون معناه، إنما أنت ممن له سَحْرٌ، أي رئة، أي إنما أنت بشر مثلنا، وجائز أن يكون "من المُسَحّرينَ" من السِّحر، أي ممن قد سُحِرَ مرة بعد مرة. وقيل: "من المُسَحّرِينَ" من المغذين المعللين.

والسَّحْرُ أيضا: الكبد.

والسّحْرُ: سواد القلب ونواحيه. وقيل: هو القلب، وهو السُّحْرَة أيضا، قال الشاعر:

وإني امرؤٌ لم تَشعُر الجُبنَ سُحْرتي

 

إذا ما انطوَى مني الفؤادُ على حِقْدِ

وسحَرَه فهو مسحورٌ وسَحِيرٌ، أصاب سُحْرَه أو سَحْرَه أو سُحْرَتَه. ورجل سَحِرٌ وسحِيرٌ، انقطع سَحْرُه. قال العجاج:

وغِلْمَتي منهم سَحِيرٌ وبَحِرْ

وأبِقٌ من جذبِ دَلْوَيها هَجِرْ

سحيرٌ: انقطع سَحْرُه من جذبه بالدلو. والسُّحارَةُ السّحْرُ وما تعلق به مما ينتزعه القصاب. وقوله:

أيَذهبُ ما جمَعْتَ صَرِيمَ سَحْرٍ

 

ظليفا، إنَّ ذا لَهُوَ العـجـيبُ

معناه: مصروم الرئة مقطوعها. وكل ما يبس منه، صريم سَحْرٍ، أنشد ثعلب:

تقولُ ظَعينتي لمّا اسْتَـقَـلّـتْ

 

أتترُكُ ما جمَعتَ صريمَ سَحْرِ؟

وصَرَمَ سَحْرُه، إذا انقطع رجاؤه. وقد فسر صريم سَحْرٍ بأنه المقطوع الرجاء.

وفَرَسٌ سحيرٌ: عظيم الجوف.

والإسحارُّ والأسحارُّ، كله بقل يسمن عليها المال. واحدته إسحارَّةٌ وأسحارَّةٌ. قال أبو حنيفة سمعت أعرابيا يقول: السِّحارُ، فطرح الألف وخفف الراء، وزعم أن نباته يشبه نبات الفجل، غير أن لا فجلة له، وهو خشن ترتفع من وسطه قصبة في رأسها كعبرة ككعبرة الفجلة، فيها حب له دهن يؤكل ويتداوى به، وفي ورقه حروفة. قال: وهذا قول ابن الأعرابي قال: ولا أدري أهو الإسحارُ أم غيره؟.

ورجل إسحارٌ: قبيح الخلق عن أبي العميثل الأعرابي.

وما سَحَرَكَ عنا سَحراً، أي ما صرفك، عن كراع، والذي حكاه أبو عبيد: ما شجرك، بالشين والجيم، ولعله من أغاليطه. وقوله تعالى: -فأنَّى تُسَحرون- قال الزجاج: معناه: تصرفون عن القصد وتؤفكون.

والأسحارُ: أطراف الأرض، واحدها سَحَرٌ، قال ذو الرمة:

مُغَمِّضُ أسحارِ الخبوتِ إذا اكْتَسَى

 

من الآلِ جُلاًّ، نازِحُ الماءِ مُقْفرُ

مقلوبه: - س ر ح -

سَرَحَت الماشية تسْرَحُ سَرْحا وسُرُوحا: سامت. وسَرَحَها هو وسَرَّحَا: أسامها، وقال أبو ذؤيب:

وكأن مثلَين: ألا يَسْرحوا نَعَـمـا

 

حيث استرادت مواشيهم وتَسْريحُ

والسَّرْحُ: المال السارِحُ، ولا يسمى من المال سَرْحا إلا ما يغدى به ويراح. وقيل: السّرْحُ من المال، ما سَرَح عليك. وقول أبي المجيب، ووصف أرضا جدبة:

وقضم شَجرُها والتقى سَرْحاها

يقول: انقطع مرعاها حتى التقيا في مكان واحد. والجمع من كل ذلك سُرُوحٌ. والمَسْرَحُ، مرعى السّرْحِ. والسّارحُ، يكون اسما للراعي الذي يسرح الإبل،و يكون اسما للقوم الذين لهم السّرْحُ، كالحاضر والسامر.

وما له سارِحةٌ ولا رائحة، أي ما له شيء يروح ولا يَسْرَحُ. قال الَّلحيانيّ: وقد يكون في معنى: ما له قوم.

والسَّرْحُ، انفجار البول بعد احتباسه. وسَرَّح عنه فانسرح وتَسَرَّح، فرَّج.

وولدته سُرُحا، أي في سهولة. وفي الدعاء: اللهم اجعله سهلا سُرُحا. وشيء سريحٌ، سهل. وأفعل ذلك في سَرَاحٍ ورواح، أي في سهولة.

ولا يكون ذلك إلا في سريحٍ، أي في عجلة. وأمر سريح، معجل. والاسم منه، السّرَاحُ.

والتَّسْرِيحُ: إرسالك رسولا في حاجة سراحا.

والسَّرُوحُ والسُّرُحُ من الإبل، السريعة المشي.

ورجل مُنْسَرِحٌ، منجرد. وقيل: قليل الثياب خفيف فيها.

والمُنْسَرحُ: ضرب من الشعر لخفته.

وملاط سُرحُ الجنب: مُنْسَرحٌ للذهاب والمجيء، يعني بالملاط الكتف، وقال كراع: هو الطين، ولا أدري ما هذا.

والمِسْرَحةُ: ما يُسَرَّحُ به الشعر والكتان ونحوهما.

وكل قطعة من خرقة متمزقة أو دم سائل مستطيل يابس، سَرِيحٌة. والجمع سَرِيحٌ وسَرائحُ.

والسّريحُ والسرائحُ والسُّرُحُ: نعال الإبل، وقيل: سيور نعال الإبل، والواحد كالواحد.

والسَّرْحُ: قباء الباب.

والسّرْحُ: كل شجر لا شوك فيه. والواحدة سَرْحَةٌ.و قيل: السّرْحُ، كل شجرة طالت. وقال أبو حنيفة: السّرْحَة دوحة محلال واسعة يحل تحتها الناس في الصيف ويبتنون تحتها البيوت، وظلها صالح. قال الشاعر:

فيا سَرْحةَ الرُّكْبانِ ظلُّكِ باردٌ

 

وماؤُكِ عذبٌ لا يَحلُّ لشارِبِ

والسَّرْحُ: شجر كبار طوال لا يرعى وإنما يستظل فيه، ينبت بنجد في السهل والغلظ ولا ينبت في رمل ولا جبل، ولا يأكله المال إلا قليلا، له ثمر أصفر، واحدته سَرْحَةٌ. قال أبو حنيفة: واخبرني أعرابي قال: في السّرْحة غبرة، وهي دون الأثل في الطول، وورقها صغار، وهي سبطة الأفنان، قال: وهي مائلة النبتة أبدا، وميلها من بين جميع الشجر في شق اليمين، قال: ولم أبل على هذا الأعرابي كذبا.

والسّريحةُ من الأرض: الطريقة الظاهرة المستوية بالأرض ضيقة.

وسرائحُ السَّهْمِ، العقب الذي عصب به. وقال أبو حنيفة: هي العقب الذي يدرج على الليط، واحدته سَرِيحةٌ. والسرائحُ أيضا، آثار فيه كآثار النار.

والمِسْرَحانِ: خشبتان تشدان في عنق الثور الذي يحرث به، عن أبي حنيفة.

وسَرْحٌ: اسم. قال الراعي:

فلو أن حُقَّ اليومِ منـكـم إقـامة

 

وإن كان سَرْحٌ قد مضى فتسرَّعا

ومسرُوحٌ، قبيلة.

والمسروحُ: السراب، حكى عن ثعلب ولست منه على ثقة.

وذو المسرُوح، موضع. قال كثير:

وأخرى بذي المسرُوحِ من بطنِ بينةِ

 

بها لمطافـيل الـظـبـاءِ خُـوَارُ

وسِرْحانُ الحوضِ: وسطه.

والسَّرْحانُ: الذئب. والجمع سِرَاحٌ وسراحينُ، والأنثى بالهاء، والجمع كالجمع. وقد يجمع بالألف والتاء.

والسِّرحانُ: الأسد، بلغة هذيل. قال أبو المثلم يرثي صخر الغي:

هَبّاطُ أوْدِيَةٍ حَمّالُ ألـويةٍ

 

شهّادُ أندَيةٍ سِرْحانُ فتيانِ

والجمع كالجمع.

والسَّرْحالُ: لغة في السْرحانِ على البدل عند يعقوب، والجمع كالجمع، وأنشد:

ترى رَذَايا الكُومِ فوق الحالِ

عيدا لكلّ شَيهمٍ طِلالِ

والأعورَ العين مع السرحال

والسِّرحان: اسم فرس محرز بن نضلة شهد عليه يوم السرح.

والسرحانُ أيضا: فرس سالم بن ارطاة.

والسِّرْياحُ من الرجال: الطويل.

والسِّرياحُ: الجراد. وأم سِرْياح: امرأة. مشتق منه، قال بعض أمراء مكة:

إذا أمُّ سِرْياحٍ غَدَتْ في ظعـائنٍ

 

جوالسَ نجداً فاضت العينُ تدمَعُ

وسُرُحٌ: ماء لبني العجلان، قال تميم ابن مقبل:

قالت سُلَيمى ببَطنِ القاعِ من سُـرُحٍ

 

لا خَيرَ في العَيْشِ بعد الشَّيْب والكِبَرِ

مقلوبه: - ر ح س -

الرَّسَحُ: خفة الأليتين ولصوقهما. رجل أرْسَحُ وامرأة رَسْحاءُ.

وقد رَسِحَ رَسَحا.

والأرْسَحُ الذئب، وهو لذلك.

الحاء والسين واللام

الحِسْلُ: ولد الضب حين يخرج من بيضته. والجمع أحْسالٌ وحِسْلانٌ وحِسَلَةٌ. والضب يكنى أبا حِسْلٍ وأبا الحُسَيْلِ.

والحَسْلُ: السّوْق الشديد.

والحسيلَةُ: حشف النخل الذي لم يحل بسره، ييبسونه حتى ييبس، فإذا ضرب انفتَّ عن نواه وودنوه باللبن ومردوا له تمرا حتى يحليه، فيأكلونه لقيما.

والحسيلُ: ولد البقرة الأهلية، وعم بعضهم فقال: هو ولد البقرة. والأنثى بالهاء، وجمعها حَسيلٌ، على لفظ الواحد المذكر. وقيل: الحسيل، البقر الأهلي، لا واحد له من لفظه.

وهو من حَسيلِتهم، عن ابن الأعرابي، أي من خُشارتهم. والحسيل، الرذال من كل شيء. والحُسالَة كالحسيلة. وأرى الَّلحيانيّ قال: الحسالة من الفضة كالسحالة، وهو ما سقط منها، ولست منها على ثقة. وقال أبو حنيفة: الحسالة، ما تكسر من قشر الشعير وغيره. والمحسول: الخسيس، والخاء أعلى.

مقلوبه: - ح ل س -

الحِلْسُ والحَلَسُ، كل شيء ولى ظهر البعير والدابة تحت الرحل والقتب والسرج، وهي بمنزلة المرشحة تكون تحت اللبد. والجمع أحْلاسٌ وأحْلُسٌ، قال المرار الاسدي:

أو كلُّ بازلِ عامها مَلْمـومةٍ

 

وجْناءَ مشرفةٍ مكان الأحْلُسِ

والكثير، حُلوسٌ. وحَلَس الناقة والدابة يَحْلِسُهما حَلْسا، غشاهما بحِلْسٍ.

وحِلْسُ البيت، ما يبسط تحت حر المتاع من مسح ونحوه.

وفلان حِلْسُ بيته: إذا لم يبرحه، على المثل. ومنه الحديث في الفتنة: كن حِلْسا من أحلاسِ بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية.

ورجل حِلْسٌ وحَلِسٌ ومُستحْلِسٌ، ملازم لا يبرح القتال، وقيل: مكانه، شبه بحِلْس البعير أو البيت.

وفلان من أحلاسِ الخيل: أي هو في الفروسية كالحِلْسِ اللازم لظهر الفرس.

ورجل حَلوسٌ: حريص ملازم.

وأحلَسَت الأرض واستَحْلَستْ، كثر بذرها فالبسها. وقيل: اخضرت واستوى نباتها.

واستحَلْس الليل بالظلام: تراكم.

واستَحْلَسَ السنام: ركبته روادف الشحم.

وبعير أحْلَسُ: كتفاه سوداوان وأرضه وذروته أقل سوادا من كتفيه. والحَلْساءُ من المعز: التي بين السواد والحمرة، ولون بطنها كلون ظهرها.

وأحْلَسَت السماء: مطرت مطرا رفيقا دائما.

والحَلْسُ: أن يأخذ المصدق النقد مكان الإبل.

والإحْلاسُ: الحمل على الشيء، قال:

وما كنتُ أخشى الدهرَ إحلاسَ مُسلمٍ

 

من الناسِ ذَنْبا جاءه وهو مُسْلِـمـا

المعنى: ما كنت أخشى إحْلاسَ مسلم مسلما ذنبا جاءه، وهو، يرد "هو" على ما في "جاءه" من ذكر مسلم. قال ثعلب: يقول: ما كنت أظن أن إنسانا ركب ذنبا هو، وآخر ينسبه إليه دونه.

وما تَحَلّسَ منع بشيء، وما تحَلّس منه شيئا، أي أصاب منه.

والحِلْسُ: الرابع من قداح الميسر. قال الَّلحيانيّ: فيه أربعة فروض وله غنم أربعة أنصباء إن فاز، وعليه غرم أربعة أنصباء إن لم يفز.

وبنو حِلْسٍ: بطين من الأزد، ينزلون نهر الملك.

وأبو الحُلَيْسِ: رجل.

والأحْلَس العبدي: من رجالهم، ذكره ابن الأعرابي.

مقلوبه: - س ح ل -

السَّحْلُ والسَّحيلُ: ثوب لا يبرم غزله طاقتين. سَحَلَه يسْحَلُه سَحْلاً. والسّحْلُ والسّحيلُ أيضا: الحبل الذي على قوة واحدة. والسّحْلُ: ثوب أبيض، وخص بعضهم به الثوب من القطن. وقيل: السّحْلُ ثوب أبيض رقيق. وجمع كل ذلك أسحالٌ وسُحُولٌ وسُحُلٌ، قال المتنخل:

كالسُّحُلِ البيضِ جلا لوْنَها

 

سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأسوَلِ

وسَحَلَه يسحَلُه سَحْلا فانْسَحل: قشره ونحته. والمِسحَلُ: المنحت. والرياح تسْحَلُ الأرض سَحْلا، تكشط ما عليها وتنزع عنها أدمتها.

والساحلُ: ريف البحر، فاعل بمعنى مفعول لأن الماء سَحَلَه.

وساحَلَ القوم: أتوا الساحِلَ وأخذوا عليه.

وسَحَل الدراهم سَحْلا: انتقدها. وسَحَلَه مائة درهم سَحْلا، نقده. قال أبو ذؤيب:

فباتَ بجَمْعٍ ثم آبَ إلـى مِـنَـى

 

فأصبح رأداً يبتغي المِزْجَ بالسّحلِ

أي النقد، وضع المصدر موضع الاسم.

وسَحَله مائة سوط سَحْلا: ضربه. وقال ابن الأعرابي: سَحَله بالسوط ربه، فعداه بالباء. وقوله:

مِثلُ انسِحال الورَقِ انسِحالُها

يعني أن يُحك بعضها ببعض.

وسَحَل الشيء: برده والمِسْحَلُ: المبرد. والسُّحالةُ: ما سقط من الذهب والفضة ونحوهما إذا بردا، وهو من سُحَاِلتهم، أي خشارتهم، عن ابن الأعرابي.

وسِحالةُ البر والشعير: قشرهما إذا جردا منه، وكذلك غيرهما من الحبوب كالأرز والدخن. وكل ما سُحِل من شيء فما سقط منه، سُحَالةٌ.

وسَحلت العين تسحَل سَحْلا وسُحُولا، صبت الدمع. وباتت السماء تُسحَل ليلتها، أي صب.

وسَحَل البغل والحمر يسحَلُ ويسحِلُ سَحِيلا وسُحَالا، نهق.

والمِسْحَلُ، عير الفلاة، منه، وهو صفة غالبة.

والمِسْحَلُ اللجام، وقيل: فأسه، وهو السِّحالُ أيضا. وفي الحديث: "إن الله تعالى قال لأيوب عليه السلام: إنه لا ينبغي لأحد أن يخاصمني إلا من يجعل الزيار في فم الأسد والسِّحالَ في فم العنقاء"، حكاه الهروي في الغريبين. والمسْحَلانِ: حلقتان إحداهما مدخلة في الأخرى على طرفي شكيم اللجام وهي الحديدة التي تحت الجحفلة السفلى. والمِسْحَلانِ: جانبا اللحية، وقيل: هما أسفلا العذارين إلى مقدم اللحية.

والمسْحَلُ: اللسان، قال:

وإنّ عندي إن ركبتُ مِسْحَلي

 

سُمَّ ذراريحَ رِطابٍ وخَشيِ

والمِسْحَلُ: الخطيب الماضي. وانسَحَلَ بالكلام: جرى به. وسَحَله بلسانه: شتمه.

ورجل إسْحِلانُّيِ اللحية: طويلها حسنها. قال سيبويه: الإسْحِلانُ، صفة. والإسحلانية من النساء الرائعة الجميلة الطويلة.

وشاب مْسحُلانٌ ومُسحُلانيّ: طويل والمُسْحُلانُ والمُسْحُلانيُّ: السبط الشعر الأفرع، والأنثى بالهاء.

والسِّحْلالُ: العظيم البطن قال الأعلم يصف ضباعا:

سودٍ سَحاليلٍ كأنّ جُلُو

 

دَهُنَّ ثيابُ رَاهِـبْ

ومِسْحَلٌ: اسم رجل. ومِسْحَلٌ: اسم جني الأعشى.

ومُسْحَلانُ: اسم واد. وسَحُولُ: موضع باليمن تنسب إليه الثياب السّحوليّة.

ومَسحولٌ: اسم جمل العجاج. قال العجاج:  

أصبح مسحولٌ يوازي شِقّا

والإسْحِلُ: شجر يستاك به. وقيل: هو شجر يعظم، ينبت بالحجاز بأعالي نجد. قال أبو حنيفة: الإسْحِلُ يشبه الأثل، ويغلظ حتى تتخذ منه الرحال. وقال مرة: يغلظ كما يغلظ الأثل. واحدته إسحلة، ولا نظير لها إلا إجرد وإذخر وهما نبتان، وإبلم وهو الخوص، وإثمد ضرب من الكحل، وقوله: لقيته ببلدة إصمت.

مقلوبه: - ل ح س -

لَحِسَهُ لَحْسا: لعقه.

وتركه بملاحِسِ البقر أولادها، أي بفلاة من الأرض. ومعناه عندي، بحيث تلعق البقر ما على أولادها من السابياء والأغراس، وذلك لأن البقر الوحشية لا تلد إلا في المفاوز. قال ذو الرمة:

تربّعْنَ من وَهْبـينَ أوْ بـسـوَيقةٍ

 

مشَقَّ السَّوابي عن رءوسِ الجآذرِ

وعندي انه إنما هو بملاحس البقر فقط، أو بمَلْحَس البقر أولادها، لأن المِفْعَلَ إذا كان مصدرا لم يجمع. وقال ابن جني: لا يخلو ملاحِسُ هاهنا من أن يكون جمع ملحَس الذي هو المصدر أو الذي هو المكان، فلا يجوز أن يكون هاهنا مكانا، لأنه قد عمل في الأولاد فنصبها، والمكان لا يعمل في المفعول به، كما أن الزمان لا يعمل، وإذا كان الأمر على ما ذكرنا كان المضاف هنا محذوفا مقدرا وكأنه قال: تركته بمكان ملاحِسِ البقر أولادها، فحذف المضاف، كما أن قوله:

وما هي إلا في إزارٍ وعِـلْـقَةٍ

 

مغارَ ابنِ همَّامٍ على حيِّ خَثْعَما

محذوف المضاف، أي وقت إغارة ابن همام على حي خثعم، ألا تراه قد عدَّاه إلى قوله: على حي خثعما؟ وملاحِسُ البقر إذن مصدر مجموع معمل في المفعول به، كما أن قوله:

مواعيدَ عُرقوبٍ أخاه بيثرِبِ

كذلك، وهو غريب. قال ابن جني: وكان أبو علي رحمه الله يورد "مواعيد عرقوب أخاه" مورد الطريف المتعجَّب منه.

واللّحْسَةُ، اللعقة. والكلب يَلْحَسُ الإناء لحسا، كذلك.

واللَّحسُ، أكل الجراد الخضر والشجر، وكذلك أكل الدودة الصوف.

واللاحوسُ: المشئوم يَلْحَسُ قومه، على المثل.

واللَّحُوسُ: الذي يتتبع الحلاوة.

والمِلْحَسُ: الشجاع، كأنه يأكل كل شيء يرتفع له.

وألحَست الأرض: أنبتت أول الغيث. وقيل: هو أن تخرج رءوس البقل فيراه المال فيطمع فيه فيَلْحَسه إذا لم يقدر أن يأكل منه شيئا.

واللَّحْسُ: ما يظهر من ذلك. وغنم لاحِسةٌ، ترعى اللّحْسَ.

ورجل مِلْحَسٌ، حريص. وقيل: المِلْحَسُ والمُلحَسُ، الذي يأكل كل شيء يقدر عليه.

مقلوبه: - س ل ح -

السِّلاحُ: اسم جامع لآلة الحرب، وخص بعضهم به ما كان من الحديد، يؤنث ويذكر، والتذكير أعلى. وربما خص به السيف، قال الأعشى:

ثلاثا وشهراً ثم صارت رَذِيَّةً

 

طَليحَ سِفارٍ كالسِّلاحِ المُفَرَّد

يعني السيف وحده. وقول الطرماح:

يهُزُّ سِلاحا لم يَرِثْها كَـلالَةً

 

يشُكُّ بها منها أصولَ المغابِنِ

إنما عنى روقيه، وسماهما سِلاحا لأنه يذب بهما عن نفسه. والجمع أسْلحةٌ وسُلُحٌ وسُلْحانٌ.

ورجل سالحٌ، ذو سِلاحٍ، كقولهم: تامر ولابن. ومُتَسلِّحِ، لابس للسِّلاح.

وسَلّحَه الشكة، أعطاه إياها فكانت له سلاحا. وفي حديث عمر رضي الله عنه، إنه لما أتى بسيف النعمان دعا جبير بن مطعم فسَلّحه إياه.

وأخذت الإبل سِلاحَها سمنت قال النمر بن تولب:

أيامَ لم تأخُذْ إلىّ سلاحَها

 

إبِلي بجلّتِها ولا أبْكارِها

وليس السلاحُ اسما للسمن، ولكن لما كانت السمينة تحسن في عين صاحبها فيشفق أن ينحرها، صار السمن كأنه سلاح لها إذ رفع عنها النحر.

والمَسْلَحةُ: قوم في عدة بموضع مرصد قد وكلوا به بإزاء ثغر. واحدهم مَسْلَحّي، وهو أيضا الموكل بهم والمؤمر.

والمَسالحُ: مواضع المخافة، قال الشماخ:

تذكّرتها وَهْنا وقد حالَ دونَهـا

 

قُرَى أذرِبيجانَ المسالحُ والجالُ

والسِّلْح اسم لذي البطن، وقيل: لما رق منه من كل ذي بطن. وجمعه سُلوحٌ وسُلْحانٌ، قال الشاعر فاستعاره للوطاوط:

كأنّ برُفْغَيها سلوخَ الوطاوِيطِ

وأنشد ابن الأعرابي في صفة رجل:

مُمْتَلِئا ما تحته سُلْحانا

وقد سَلَح يسْلَحُ سَلْحا. وغالبه السُّلاحُ. وسلّحَ الحشيش الإبل.

والإسْليحُ، شجرة تغرز عليها الإبل، قالت أعرابية:

شَجَرةُ أبي الإسْلِيحْ

رَغْوَةٌ وصـريحْ

وسَنام إطريحْ

وقيل: هي عشبة تشبه الجرجير تنبت في حقوف الرمل. وقيل: هو نبات سهلي ينبت ظاهرا، وله ورقة دقيقة لطيفة وسنفة محشوة حبا كحب الخشخاش، وهو من نبات مطر الصيف تُسلِّحُ الماشية، واحدته إسليحةٌ. وقال أبو زياد: منابت الإسليح الرمل. وهمزة إسْليحٍ ملحقة له بباب قطمير، بدليل ما انضاف إليها من زيادة الياء معها، هذا مذهب أبي علي. قال ابن جني: سألته يوما عن تجفاف أتاؤه للإلحاق بباب قرطاس؟ فقال نعم، واحتج في ذلك بما انضاف إليها من زيادة الألف معها. قال ابن جني: فعلى هذا يجوز أن يكون ما جاءه عنهم من باب أملود وأظفور، ملحقا بعسلوج ودملوج، وأن يكون إطريح وإسليح، ملحقا بباب شنظير وخنزير، قال: ويبعد هذا عندي لأنه يلزم منه أن يكون باب إعصار وإسنام، ملحقا بباب حدبار وهلقام، وباب إفعال لا يكون ملحقا، ألا ترى انه في الأصل للمصدر نحو إكرام وإنعام، وهذا مصدر فعل غير ملحق، فيجب أن يكون المصدر في ذلك على سمت فعله غير مخالف له. قال: وكأن هذا ونحوه إنما لا يكون ملحقا، من قبل أن ما زيد على الزيادة الأولى في أوله، إنما هو حرف لين، وحرف اللين لا يكون للإلحاق، إنما جيء به لمعنى وهو امتداد الصوت، وهذا حديث غير حديث الإلحاق، ألا ترى أنك إنما تقابل بالملحق الأصل، وباب المد إنما هو للزيادة أبدا، فالأمران على ما ترى في البعد غايتان.

والمِسْلَحُ، منزل على أربع منازل من مكة.

والمسالِحُ مواضع، وهي غير المسالحِ المتقدمة الذكر.

والسّيْلَحونُ: موضع، منهم من يجعل الإعراب في النون، ومنهم من يجريها مجرى مسلمين.

ومُسَلَّحَةٌ: موضع، قال الشاعر:

لهم يومُ الكلابِ ويومُ قيسٍ

 

أراق على مسَلَّحَةَ المَزَادا

الحاء والسين والنون

الحُسْنُ: ضد القبح. حَسْنَ وحَسَنَ يحْسُنُ حُسنا، فيهما، فهو حاسِنٌ وحَسَنٌ. وحكى الَّلحيانيّ: احْسُنْ إن كنت حاسِنا، فهذا في المستقبل، وإنه لحَسَنٌ، يريد فعل الحال. وجمع الحَسَنِ حِسانٌ.

وقوله تعالى: -و رزقني منه رِزْقا حَسَنا- قيل: يعني حلالا، وقيل: ما وفق له من الطاعة. ورجل حُسَانٌ، مخفف كحَسَنٍ، وحُسّانٌ. والجمع حُسّانونَ. قال سيبويه: ولا يكسر، استغنوا عنه بالواو والنون. والأنثى حَسَنٌة، والجمع حِسانٌ كالمذكر.

وقوله تعالى: -فإذا جاءتهم الحسَنَةُ- الحسنَةُ هاهنا الخصب -قالوا لنا هذه- أي أعطينا هذا باستحقاق -و إنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ- أي جدب أو ضر.

وحُسّانَةٌ، قال الشماخ:

دارُ الفتاةِ التي كُنّا نقولُ لها

 

يا ظَبْيَةً عُطُلاً حُسّانةَ الجِيدِ

والجمع حُسّاناتٌ. والحسناءُ من النساء الحسنةُ، وفي الحديث: "سَوْاءُ ولُودٌ خيرُ من حسناءَ عقيمٍ" ولا يقال: رجل أحسَنُ ولا أسوأ، قال ثعلب: وكان ينبغي أن يقال، لأن القياس يوجب ذلك. وجمع الحسناءِ حِسانٌ. ولا نظير لها. إلا عجفاء وعجاف، هذا قول كراع وقد تقدم تضعيفنا له. قال: ولا يقال للذكر أحْسَنُ، إنما نقول: هو الأحسن على إرادة التفضيل، والجمع الأحاسِنُ. وأحاسِنُ القوم حِسانُهم. وفي الحديث: "أحاسِنُكم أخلاقا: الموطئون أكنافا". وقوله تعالى: -و جادِلْهم بالتي هي أحْسَنُ- قال الزجاج: المعنى، ألن لهم جانبك وجادلهم غير فظ ولا غليظ القلب. وقوله تعالى: -و اتّبِعوا أحْسَنَ ما أُنْزِلَ إلَيْكم مِن رَبِّكُم- قيل: أراد العفو والقصاص، والذي أحسنُ: العفو. وهي الحُسنى. وقوله تعالى: -و صَدَّقَ بالحُسْنَى- قيل: أراد الجنة، وكذلك قوله تعالى: -للّذينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وزِيادَة- عنى الجنة، وعندي إنها المجازاة الحسنى، والزيادة النظرة إلى وجه الله. وقيل: الزيادة لتضعيف الحسنات. وقال أبو حاتم:  

وقرأ الأخفش: -و قولوا للناس حُسْنَى- فقلت هذا لا يجوز، لأن حُسْنَى مثل فُعْلَى وهذا لا يجوز إلا بالألف واللام. هذا نص لفظه. قال ابن جني: هذا عندي غير لازم لأبي الحسن لأن حُسْنَى هنا غير صفة، وإنما هو مصدر بمنزلة الحُسْنِ كقراءة غيره: -و قولوا للناسِ حُسْنا- ومثله في الفعل والفعلى، الذكر والذكرى، وكلاهما مصدر، ومن الأول. البؤس والبؤسى، والنعم والنعمى، ولا تستوحش من تشبيه حُسنى بذكرى لاختلاف الحركات، فسيبويه قد عمل مثل هذا فقال: ومثل النظر الحسَنُ، إلا أن هذا مسكن الأوسط، يعني النضر. وقيل: الحسنى، العاقبة الحسَنة، والجمع الحُسْنَياتُ والحُسَنُ، لا تسقط منها اللام لأنها معاقبة، فأما قراءة من قرأ: -و قولوا للناسِ حُسْنَى- فزعم الفارسي انه اسم للمصدر، وقد أبنت ذلك في الكتاب المخصص.

وقوله تعالى: -قُلْ هَل ترَبَصُونَ بنا إلا إحدَى الحُسْنَيَيِنِ- فسره ثعلب فقال: الحُسْنَيانِ: الموت شهداء، أو الغلبة والظفر.

والمحاسِنُ: المواضع الحسَنَةُ من البدن، قال بعضهم: واحدها مَحْسَنٌ، وليس هذا بالقوي ولا بذلك المعروف، إنما المحاسِنُ عند النحويين وجمهور اللغويين، جمع لا واحد له، ولذلك قال سيبويه: إذا نسبت إلى محاسِنَ قلت: مَحاسِنيّ، فلو كان له واحد لرده إليه في النسب، وإنما يقال إن واحده حسن على المسامحة، ومثله المفاقر والمشابه والملامح والليالي.

ووجه مُحَّسنٌ، حسَنٌ. وقد حسّنَه الله، ليس من باب مدرهم ومفؤود كما ذهب إليه بعضهم فيما حكى.

وطعام مَحسَنَةٌ للجسم، يَحْسُنُ به.

والإحْسانُ: ضد الإساءة. ورجل مُحْسِنٌ ومِحْسانٌ، الأخيرة عن سيبويه، قال: ولا يقال ما أحْسَنَه أبو الحسَن، يعني من هذه، لأن هذه الصيغة قد اقتضت عنده التكثير فأغنت عن صيغة التعجب. وقول كثير:

أسيئي بنا أو أحْسني لا مَلومَةٌ

 

لديْنا، ولا مَقْليّةٌ إن تقـلّـتِ

لفظه لفظ الأمر، ومعناه الشرط لأنه لم يأمرها بالإساءة ولكن أعلمها إنها إن أساءت أو أحسنت فهو على عهدها. ومثله قوله تعالى: -قُلْ أنفقُوا طَوْعا أو كَرْها، لَنْ يُتَقَبّلَ منكم- أي إن أنفقتم طائعين أو كارهين لن يتقبل ذلك ومعنى قوله: أسيئي بنا، قولي: ما أسوأه، أي ما أقبحه، أو قولي: ما أحسنه. وقوله تعالى: -وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَه إلى اللهِ وهو مُحْسِنٌ- فسره ثعلب فقال: هو الذي يتبع الرسول. والحسَنَةُ ضد السيئة. وفي التنزيل: -مَنْ جاء بالحَسَنةِ فلَهُ عَشْرُ أمْثالِها-.

والجمع حسناتٌ ولا يكسر.

والمحاسنُ في الأعمال، ضد المساوئ، والقول فيه كالقول فيما قبله.

وأحسَنَ به الظن، نقيض أساءه.

وكتاب التحاسينِ، خلاف المشق، ونحو هذا يجعل مصدرا ثم يجمع كالتكاذب والتكاليف، وليس الجمع في المصدر بفاشٍ ولكنهم يجرون بعضه مجرى الأسماء ثم يجمعونه.

وحَسّانٌ: اسم رجل، فعال من الحُسنِ. هذا قول بعض النحويين وليس بشيء. وقد قدمنا انه من الحَسّ أو من الحسّ. وكذلك حُسَينٌ وحَسَنٌ، ويقالان بلام في التسمية على إرادة الصفة. قال سيبويه: أما الذين قالوا الحَسَنُ في اسم الرجل، فإنما أرادوا أن يجعلوا الرجل هو الشيء بعينه، ولم يجعلوه سمي به، ولكنهم جعلوه كأنه وصف له غلب عليه. ومن قال: حَسَنٌ، فلم يدخل فيه الألف واللام، فهو يجريه مجرى زيد.

والحَسَنُ، اسم رمل لبني سعد، عليه قتل بسطام بن قيس قال ابن غنمة:

لأُمُّ الأرْضِ وَيلٌ ما أجنَـتْ

 

بحيثُ أضَرَّ بالحَسَنِ السبيلُ

وجاء في الشِّعرِ: الحسنانِ، يريد الحسَنَ، وهو هذا الرمل بعينه، قال:

ويومَ شقيقةِ الحسنَينِ لاقتْ

 

بنو شَيْبانَ آجالاً قصَـاراً

وحَسْنَى: موضع، قال ابن الأعرابي: إذا ذكر كثير غيقة فمعها حَسْنَى، وقال ثعلب: إنما هو حِسْىٌ، وإذا لم يذكر غيقة فحسْمى.

مقلوبه: - س ح ن -

السَّحْنَةُ والسِّحَنَة والسّحْناءُ والسِّحَناء لين البشرة والنعمة، وقيل الهيئة واللون.

وجاء الفرس مُسْحِنا: أي حسَنَ الحال. والأنثى بالهاء.

وتسّحّنَ المال وساحَنَه: نظر إلى سحْنائِه.

والمُساحَنَةُ: الملاقاة. وساحنَهَ الشيء مساحَنَةً: خالطه فيه وفاوضه.

وسَحَنَ الشيء سَحْنا: دقه. والمِسْحَنَةُ الصلاءة.

والسّحْنُ: أن تدلك الخشبة حتى تلين من غير أن يؤخذ منها شيء. وقد سَحَنها. واسم الآلة، المسْحَنُ. والمَساحِنُ: حجارة رقاق يمهى بها الحديد نحو المِسَنِّ.

مقلوبه: - ن ح س -

النّحْسُ: الجهد والضر. والنّحْسُ: ضد السعد من النجوم وغيرها. والجمع أنحُسٌ ونحُوٌس. ويوم ناحِسٌ ونَحْسٌ ونَحِس ونَحِيسٌ، من أيام نوَاحِسَ ونَحْساتٍ ونَحِساتٍ. ومن أضاف اليوم إلى النّحْسِ فبالتخفيف لا غير.

والنّحْسُ: الغبار، وقيل: الريح ذات الغبار، وقيل: الريح أيا كانت. وأنشد ابن الأعرابي:

وفي شَمُولٍ عُرِّضَتْ للنّحْسِ

ويوم نَحْسٌ: شديد الحر كثير الرياح والعجاج، قال الراعي:

أقَمْنَ بها رهينَةَ كلِّ نَحْسٍ

 

فمَا يَعْدَمَنْ رِيحا أو قِطاراً

والنّحْسُ: شدة البرد، حكاه الفارسي وأنشد:

كأنَّ مُدامَةً عُرِضَتْ لنَحْسٍ

 

يُحِيلُ شَفِيفُها المَاءَ الزُّلالا

والنِّحاسُ والنُّحاسُ: الطبيعة والأصل والخليقة، والجمع أنحُسٌ، قال المرار الاسدي:

ثاروا، وأبغضُ ما يكونُ إليهـمُ

 

ذِكْرُ الرحيلِ وهم كرامُ الأنحُسِ

والنُّحاسُ: ضرب من الصفر شديد الحمرة.

والنُّحاسُ: الدخان الذي لا لهب فيه. وفي التنزيل: -يُرْسَلُ عَلَيكما شُواظٌ من نارٍ ونُحاسٌ- وقال الجعدي:

يُضِيءُ كضَوْءِ سراج السليطِ

 

لم يَجْعَل اللهُ فيهِ نُحـاسـا

وقال أبو حنيفة: النُّحاسُ، الدُّخان الذي يعلو وتضعف حرارته ويخلص من اللهب.

ونَحّسَ الأخبار وتنحَسَهَّا استَنْحَسَها واستَنْحَس عنها، طلبها. وقول أبي صخر الهذلي:

فأرجعُ مثلي يومَ كنتُ مُنَحِّسا

 

أقولُ: متى يومٌ يكونُ له يُسْرُ

قيل في تفسيره: كنت مُنَحَّسا أي حيران حزينا، وهو من هذا، كأنه يتَنَحّسُ ما عسى أن يهديه من حيرته أو يسليه من حزنه.

وتَنَحّس النصارى: تركوا أكل الحيوان، قال ابن دريد: هو عربي صحيح، ولا أدري ما اصله.

مقلوبه: - س ن ح -

السانحُ: ما أتاك عن يمينك من ظبي أو طائر أو غير ذلك، والبارح ما أتاك من ذلك عن يسارك، وقيل: السانحُ ما ولاك ميامنه، والبارح ما ولاك مياسره. وقيل السانحُ الذي يجيء عن يمينك فتلى مياسره مياسرك. والعرب تختلف في عيافة ذلك: فمنهم من يتيمن بالسانحِ ويتشاءم بالبارح ومنهم من يخالف بذلك. والجمع سَوَانحُ. والسّنيحُ كالسانحِ، قال:

جَرَى يومَ رُحْنا عامِدينَ لأرضِها

 

سَنيحٌ فقال القومُ: مَرَّ سَـنـيحُ

والجمع سُنُحٌ، قال:

أبالسُّنُحِ الأيامِنِ أم بنَـحْـسٍ

 

تمُرُّ به البوارحُ حين تَجْرِي

وقال زهير:

جَرَتْ سُنُحا فقلتُ لها: أجيزي

 

نوىً مشمولةً فمَتى اللِّـقـاءُ

مشمولة، أي شاملة. وقيل: مشمولة أخذ بها ذات الشمال. وقد سَنَح عليه يسْنَحُ سُنُوحا وسُنْحا وسُنُحا.

وسَنَح لي رأي وشعر، يسْنَحُ: تيسر.

وسَنَح بالرجل وعليه، أحرجه أو أصابه بشر.

ورجل سَنَحْنَحٌ: لا ينام الليل. وفي حديث علي عليه السلام: "سَنْحَنَحُ الليل كاني جني".

وقد سمَّت: سُنَيحا وسِنْاحا.

مقلوبه: - ن س ح -

النّسْحُ والنُّساحُ: ما تحات عن التمر من قشره وفتات أقماعه ونحو ذلك مما يبقى أسفل الوعاء.

والمِنْساحُ: شيء يرفع به التراب أو يذرى به.

ونَساحٌ: جبل، عن ثعلب وأنشد:

يُوعِدُ خَيراً وهو بالزحْزاحِ

أبْعَدُ من رهوةَ مِن نَساحِ

الحاء والسين والفاء

الحُسافُ: بقية كل شيء أكل فلم يبق منه إلا قليل. وحُسافَةُ التمر، بقية قشوره وأقماعه وكسره، هذه عن الَّلحيانيّ.

وحُسافُ المائدة، ما ينتثر فيؤكل فيرجى فيه الثواب.

وحُسافُ الصليان ونحوه يبيسة. والجمع أحْسافٌ.

والحُسافَةُ، ما سقط من التمر. وقيل: الحُسافَةُ في التمر خاصة، ما سقط من أقماعه وقشوره. وحَسَف التمر يحْسِفُه حَسْفا، وحَسّفَه: نقاه من الحُسافِة.

وهو من حُسافَتِهم، أي من خشارتهم. وانحَسَف الشيء في يدي، أنفتَّ.

وحَسَف القرحة، قشرها. وتحشف الجلد، تقشر، عن ابن الأعرابي.

والحَسيفَةُ: الضغينة. قال الأعشى:

فماتَ ولم تذهبْ حَسيفَةُ صَدْرِه

 

يُخَبِّرُ عنه ذاك أهلُ المقابِـرِ

مقلوبه: - ح ف س -

رجل حِيَفْسٌ وحَيْفَسٌ وحَفَيْسأٌ وحِفَيْسيّ: قصير سمين، وقيل: لئيم الخلقة قصير ضخم لا خير عنده.

مقلوبه: - س ح ف -

سَحَف رأسه سحْفا: حلقه فاستأصل شعره. والسُّحَفْنِيَة: ما حلقت. ورجل سُحَفْنِيَةٌ: محلوق الرأس، فهو مرة اسم، ومرة صفة. والنون في كل ذلك زائدة. وسَحَفَ الجلد يسْحَفُه سَحْفا، كشف عن الشعر.

وسَحَف الشيء: قشره. وسَحفَ الشحم عن الجنبين وعن أي موضع كان، يسْحَفُه سَحْفا: قشره.

والسّحيفةُ من المطر: التي تجرف كل ما مرت به: أي تقشره.

والسّحيفةُ: طريقة الشحم بين الطفاطف. والسَّحْفَةُ، الشحمة عامة. وقيل: الشحمة التي على الجنبين والظهر، ولا يكون ذل إلا من السمين. ولها سَحْفَتان: الأولى منهما لا يخالطها لحم، والأخرى أسفل منها وهي تخالط اللحم، وذلك إذا كانت ساحة، فإن لم تكن ساحة فلها سَحْفَةٌ واحدة. وكل دابة لها سَحْفَةٌ إلا الخف، فإن مكان السّحفةِ منه يدعى الشط. وقد جعل بعضهم السّحفةَ في الخف فقال: جمل سَحُوفٌ، وناقة سَحُوفٌ: ذات سَحْفَةٍ.

والسّحوفُ أيضا: التي ذهب شحمها، كأن هذا على السلب.

وشاة سَحُوفٌ وأُسحوفٌ: لها سحفَةٌ أو سَحْفَتان وناقة أسُحوفُ الأحاليل: غزيرة واسعة.

والسّحوفُ من الغنم، الرقيقة صوف البطن.

وأرض مَسْحَفة: رقيقة الكلأ.

والسُّحاف: السل. وقد سَحَفَه الله.

والسَّيْحَفُ من الرجال والسهام والنصال: الطويل. وقيل: هو من النصال العريض.

وسَحيفُ الرَّحا: صوتها.

والسُّحَفْنِيّةُ: دابة، عن السيرافي، قال وأظنها السلحفية.

واُسْحُفانُ: نبت يمتد حبالا على الأرض له ورق كورق الحنظل إلا أنه أرق، وله قرون أقصر من قرون اللوبياء، فيها حب مدور أحمر لا يؤكل. ولا يرعى، الأُسحفان شيء ولكن يتداوى به من النسا، عن أبي حنيفة.

مقلوبه: - ف ح س -

الفَحْسُ: أخذك الشيء من يدك بلسانك وفمك، من الماء وغيره.

مقلوبه: - س ف ح -

السّفْحُ: عرض الجبل المضطجع، وقيل: السّفحُ أصل الجبل، وقيل: هو الحضيض. والجمع سفوحٌ.

والسُّفوحُ أيضا، الصخور اللينة المنزلقة.

وسَفَحَ الدمع يسْفَحُه سَفْحا وسُفوحا: أرسله. وسفَحَ الدمع نفسه سَفَحانا، قال الطرماح:

مُفَجّعَةً لا دفع للضَّيمِ عـنـدَهـا

 

سوَى سفَحانِ الدمعِ من كلِّ مَسْفَح

ودمع سَفُوحٌ: سافحٌ ومَسْفوحٌ.

والسّفْحُ للدم كالصب، ورجل سَفّاحٌ للدماء: سفّاك.

والتّسافُحُ والسِّفاحُ والمُسافَحَة: الفجور.

وفي التنزيل: -مُحْصِنينَ غيَر مُسافحينَ-. وأصل ذلك من الصب.

ورجل سَفّاحٌ: معطاء، من ذلك. وهو أيضا الفصيح.

وإنه لمسْفوحُ العنق: أي طويله غليظه.

والسّفيحُ: الكساء الغليظ.

والسّفيحانِ: جوالقان يجعلان على البعير قال:

تَنْجو إذا ما اضطربَ السّفيحانِ

والسّفيحُ: قدح من قداح الميسر لا نصيب له. قال طرفة:

وجاملٍ خَـوَّعَ مـن نِـيبِـه

 

زَجْرَ المُعَلّى أُصُلا والسّفيحْ

وقال الَّلحيانيّ: السّفيحُ: الرابع من القداح الغفل التي ليست لها فروض ولا أنصباء، ولا عليها غرم، وإنما تثقل بها القداح اتقاء التهمة.

مقلوبه: - ف س ح -

الفَسْحةُ: السعة. فَسُحَ المكان فَساحَةً وتَفَسّحَ وانْفَسَحَ، وهو فَسيحٌ وفُسُحٌ. ومجلس فُسُحٌ وفُسْحُمٌ، واسع. وفَسَحَ له في المجلس يفْسَحُ فَسْحا وفُسُوحا، وتَفَسّحَ، وسّع. وقد تَفاسَح القوم، فَسَحَ بعضهم لبعض. وفي التنزيل: -إذا قيلَ لكمْ تَفَسّحوا في المجالسِ فأفْسَحوا يفْسَحِ اللهُ لكم-. وقُريء: -تَفاسَحُوا في المجلس-.

ورجل فُسُحٌ وفُسْحُمٌ: واسع الصدر. وأمر فَسيحٌ وفَسْحٌ: واسع.

ومفازة فَسْحٌ: كذلك.

وفي هذا الأمر فسْحَةٌ: أي سعة.

وانْفَسَحَ طرفه: إذا لم يرده شيء عن بعد النظر.

والفُسْحَتان: ما لا شعر عليه من جانبي العنفقة.

وحكى الَّلحيانيّ: فلان ابن فُسْحُمٍ، وقال: نرى أنه من الفُسحَةِ والانفِساحِ. ولا أدري ما هذا.

الحاء والسين والباء

الحَسَبُ: الكرم. والحَسَبُ، الشرف الثابت في الآباء. وقيل هو الشرف في الفعل، عن ابن الأعرابي.

 والحَسَبُ: الفعال الصالح، حكاه ثعلب. وماله حَسَبٌ ولا نسب: الحَسَبُ الفعال الصالح، والنسب الأصل. والفعل من كل ذلك، حَسُبَ حَسَبا وحَسابةً فهو حَسيبٌ. أنشد ثعلب:

ورُبَّ حَسيبِ الأصل غير حَسيبِ

أي له آباء يفعلون الخير ولا يفعله هو. والجمع حُسَباءُ. وفي الحديث: "الحَسَبُ المالُ"، يقول: الذي يقوم مقام الشرف والسراوة إنما هو المال.

والحَسَبُ الدين. والحَسَبُ البال، عن كراع، ولا فعل لهما.

والحَسَبُ والحَسْبُ: قدر الشيء، كقولك: الأجر بحسب ما عملت وحَسْبِه، أي قدره.

وحَسْبُ بمعنى كفى، قال سيبويه: وأما حَسْبُ فمعناها الاكتفاء. ومررت برجل حسْبُك من رجل، أي كافيك، لا يثنى ولا يجمع لأنه موضوع موضع المصدر. وقالوا: هذا عربي حِسْبَةً، انتصب لأنه حال وقع فيه الأمر كما انتصب دنيا في قولك: هو ابن عمي دنيا، كأنك قلت: هذا عربي اكتفاء وإن لم يتكلم بذلك. وأحسَبَني الشيء: كفاني، قال:

ونُقفى وَليدَ الحيِّ إن كان جائعا

 

ونُحْسِبُه إن كان ليسَ بجـائعِ

وقال ثعلب: أحْسَبَُ من كل شيء، أعطاه حَسْبَه وما كفاه، وإبل محُسْبِةَ،ٌ لها لحم وشحم كثير، وأنشد:

ومُحْسِبةٍ قد أخْطأ الحقُّ غيرَها

 

تَنَفّسَ عنها حَيْنُها فهي كالشّوِى

يقول: حسْبُها من هذا. وقوله: قد أخطأ الحق غيرها يقول: أخطأ الحق غيرها من نظرائها. ومعناه، أنه لا يوجب للضيوف ولا يقوم بحقوقهم إلا نحن. وقوله:

تَنَفّس عنها حَيْنُها فهو كالشّوِى

كأنه نقض للأول وليس بنقض، إنما يريد: تنفس عنها حينها قبل الضيف، ثم نحرناها بعده للضيف.و الشوى هنا المنشوي، وعندي أن الكاف زائدة، وإنما أراد: فهن شوى، أي فريق مشوي أو منشو، وأراد: وطبيخ فاجترأ بالشوي من الطبيخ.

وقال بعضهم: لأُحْسِبَنّكم من الأسودين، يعني التمر والماء، أي لأوسعن عليكم.

وأحْسَبَ الرجل وحَسّبَه، إذا أطعمه وسقاه حتى يشبع ويروى، من هذا. وفي التنزيل: -عَطاءً حِسابا- أي كثيرا كافيا. وكل من أرضى فقد أُحْسِبَ.

وحَسَبَ الشيء يَحْسُبُه حِسابا وحِسابَةً وحِسْبَةً وحُسْبانا، عده. وحُسْبانُك على الله، أي حِسابُك قال:

على اللهِ حُسْباني إذا النّفسُ أشرَفَتْ

 

على طَمَعٍ أو خافَ شَيئا ضميرُها

وقوله تعالى: -يرزُقُ مَن يَشاءُ بغَيرِ حِسابٍ- اختلف في تفسيره، فقال بعضهم: بغير تقدير على أحد بالنقصان، وقال بعضهم: بغير مُحاسَبَةٍ، أي لا يخاف أن يُحاسَبه أحد عليه. وقيل معناه: ليس يرزق المؤمن على قدر أيمانه، ولا يزق الكافر على قدر كفره، أي ليس يُحاسِبُ بالرزق في الدنيا على قدر العمل، ولكن الرزق في الآخرة على قدر العمل وما يتفضل به. وقيل: بغير منّةٍ عليه وقيل: بغير جزاء. وقوله تعالى: -إنما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أجْرَهُمْ بغَيِر حِسابٍ- جاء في التفسير: بغير مكيال وغير ميزان، يغرف له غرفا. قال الزجاج: هذا وإن كان الثواب لا يقع على بعضه كيل ولا وزن، مما يتنعم به الإنسان من اللذة والسرور والراحة، فإنه يمثل بما يدرك بالنظير فيعرف مقدار القلة من الكثرة. وقوله، أنشده ابن الأعرابي:

إذا نَدِيَتْ أقرابُه لا يُحاسِبُ

يقول: لا يقتر عليك الجري، ولكنه يأتي بجري كثير.

ورجل حاسِبٌ، من قوم حُسَّبٍ وحُسّابٍ.

والاحتساب: طلب الأجر. والاسم الحِسْبَةُ. واحتَسَبَ بنين، مات له بنون كبار.

وحَسِبَ الشيء كائنا يحسِبُه ويَحْسَبُه حِسْبانا ومَحْسِبَة، ظنه، وهذا المصدر الأخير نادر، وإنما هو نادر عندي على من قال: يَحسَبُ ففتح، وأما على من قال: يَحْسِبُ، فكسر، فليس بنادر.

والحُسْبانُ: العذاب والبلاء. وقوله تعالى: -و يُرْسِلَ عليها حُسْبانا مِن السَّماءِ- يعني: نارا. والحُسْبانُ أيضا، الجراد والعجاج. قال أبو زياد الحُسْبانُ، شر وبلاء.

والحُسْبانُ: سهام صغار يرمى بها عن القسي الفارسية، واحدتها حُسْبانَةٌ، قال ابن دريد: هو مولد، وقال ثعلب: الحُسْبانُ: المرامي، وفسر به قوله: -أو يُرْسِل عليها حُسْبانا من السماءِ-.

والحُسْبانةُ: الوسادة الصغيرة. والمِحْسَبةُ الوسادة الصغيرة من الأدم. وحَسَبّهَ، أجلسه على الحُسْبانَة والمِحْسَبَة.

والأحْسَبُ: الذي ابيضَّت جلدته من داء ففسدت شعرته فصار أحمر وأبيض، يكون ذلك في الناس والإبل. وقيل: هو من الإبل، الذي فيه سواد وحمرة أو بياض. والاسم، الحُسْبَةُ. والأحْسَبُ: الأبرص.

والحَسبُ والتّحْسيبُ: دفن الميت، وقيل: تكفينه، قال:

غَداة ثَوَى في التُّرْبِ غيرَ مُحَسَّبِ

أي: غير مكفن. وقيل: معناه: غير موسد، والأول أحسن.

وانه لحَسَنُ الحِسْبَة في الأمر، أي حسن التدبير والنظر.

وتَحَسّبَ الخبر: استَخْبر عنه، حجازية.

واحتَسَبَ فلان على فلان: أنكر عليه قبيح عمله.

وقد سمَّت: حَسيبا وحُسَيْبا.

مقلوبه: - ح ب س -

حَبَسَه يحْبِسُه حَبْسا فهو محبوسٌ وحبِيسٌ. واحتَبَسه وحبّسه: أمسكه عن وجهه. قال سيبويه: حَبَسه ضبطه، واحتَبَسه اتخذه حَبيسا. وقيل: احتباسُك إياه، اختصاصك به نفسك. والحبْسُ والمَحْبَسة والمحبِسُ والمحْبَس: اسم الموضع. وقال بعضهم: المَحْبَس يكون مصدرا كالحبْسِ، ونظيره قوله: -إلى اللهِ مَرْجِعُكمْ- أي رجوعكم، -و يسألونَك عن المَحيضِ- أي الحيض. ومثله ما أنشده سيبويه للراعي:

بُنِيَتْ مَرافقُهنَّ فوقَ مَـزِلّةٍ

 

لا يستطيعُ بها القُرادُ مَقِيلا

أي قيلولة. وليس بمطرد، إنما يقتصر منه على ما سمع، قال سيبويه: المحْبِسُ، على قياسهم، الموضع الذي يُحْبَسُ فيه. والمحْبَسُ المصدر.

وإبل مُحَبَّسَةٌ، داجنة كأنها قد حُبِسَتْ عن الرعي. والمَحْبِسُ، معلف الدابة. والمِحْبَسُ: المقرمة، يعني الستر. وقد حُبِسَ الفراش بالمِحْبَسِ.

وزق حابِسٌ: مُمسك للماء.

وحَبَسَ الفرس في سبيل الله وأحْبَسَه فهو مُحْبَسٌ وحَبِيسٌ، والأنثى حَبيسةٌ، والجمع حبائسُ، قال ذو الرمة:

سِبَحْلاً أبا شِرْخَينِ أحيا بناتِه

 

مَقالِيتُها فهي اللُّبابُ الحَبائسُ

وكل ما حُبِسَ بوجه من الوجوه، حَبيسٌ. والحِبْسُ، كل ما سد به مجرى الوادي في أيما موضع حُبِسَ، وقيل: هي حجارة تبنى في مجرى الماء لتحبسه كي يشرب القوم ويسقوا أموالهم. والجمع أحْباسٌ. والحِباسُ والحِباسَةُ، كالحِبْسِ.

وكلأ حابِسٌ: كثير يَحْبِسُ المال.

والحُبْسَةُ: الاحتباسُ في الكلام والتوقف. وتحَبّسَ في الكلام، توقف. والحُبَّسُ في قوله في الحديث: "إنه بعث أبا عبيدة على الحُبّسِ، فسره ابن قتيبة فقال: هم الرجالة لأنهم يحْبِسونَ الركبان عن السير أو عن الإسراع فيه، بتربصهم عليهم وانتظارهم لهم، حكاه الهروي في الغريبين.

والحَبْسُ والحَبِيسُ: موضعان، قال الراعي:

يُسَوّقُها تِرْعَـيةٌ ذو عَـبـاءة

 

لِمَا بينَ نَقْبٍ والحَبيسِ وأقْرَعا

وقد سمت: حابِسا وحُبَيسا.

مقلوبه: - س ح ب -

السّحْبُ: جرك الشيء على وجه الأرض كالثوب وغيره. سحَبَه يَسْحَبُه سَحْبا فانسَحَبَ. والمرأة تَسْحَبُ ذيلها. والريح تسْحَبُ التراب. والسّحابَةُ التي يكون عنها المطر، سميت بذلك لانسحابها في الهواء. والجمع سَحَائبُ وسَحَابُ وسُحُبٌ. وخليق أن يكون سُحُبٌ جمع سَحابٍ الذي هو جمع سحابة، فيكو جمعَ جمعٍ.

وقول أبي صخر الهذلي:

وبِسُحْبَةٍ تَغْشَى السوادَ وعُشْوَةٍ

 

مالي عَدِمْتُكَ مِنْ رَفيقٍ خاذِلِ

قيل: السُّحْبَةُ غشاوة على بصره.

وما زلت أفعل ذلك سَحَابَةَ يومي، أي طوله، قال:

عَشِيّةَ سالَ المِرْبَدانِ كِلاهُمـا

 

سَحَابَةَ يومٍ بالسُّيوفِ الصَّوارِمِ

وسَحابةُ: اسم امرأة، قال:

أيا سَحَابَ بَشِّرِيِ بخَيْرِ

مقلوبه: - س ب ح -

السّبْحُ: العوم، وهو السير على الماء منبسطا. سَبَحَ بالنهر وفيه، يسْبَحُ سَبْحا وسِباحَةً. ورجل سابحٌ وسَبوحٌ، من قوم سُبَحاءَ، وسَبّاحٌ من قوم سَبّاحين. وأما ابن الأعرابي فجعل السُّبَحاءَ جمع سابحٍ، وبه فسره قول الشاعر:

وماءٍ تَغْرَقُ السُّبَحاءُ فِيه

 

سفينَتُه المُوَاِشكَةُ الخَبوبُ

السُّبَحاءَ جمع سابحٍ، ويعني بالماء هنا السراب والمواشكة: الجادة المسرعة، والخبوب، من الخبب في السير، جعل الناقة مثل السفينة حين جعل السراب كالماء.

وقوله تعالى: -و السّابحاتِ سَبْحا- قيل: هي السفن، وقيل: أرواح المؤمنين تخرج بسهولة، وقيل: السابحات النجوم تسبَحُ في الفلك.

وأسْبَحَ الرجل في الماء، عوَّمه. قال أمية:

المُسْبِحُ الخُشْبَ فوقَ الماءِ سَخّرَها

 

في اليَمِّ جِرْيَتُها كأنـهـا عُـومُ

وفرس سَبوحٌ، يَسبحُ بيديه في سيره.

والسّوابحُ: الخيل لأنها تسبحُ، وهي صفة غالبة.

وسَبْحَةُ: فرس شقراء كانت لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، استشهد عليها يوم مؤتة، وهو من ذلك.

وقوله، أنشده ثعلب:

لقد كانَ فيها للأمانة موضعٌ

 

وللعَينِ مُلْتَذٌّ وللكَفِّ مَسْبَحُ

فسره فقال: معناه، إذا لمستها الكف وجدت فيها جميع ما تريد.

وسَبَحت النجوم في الفلك سَبْحا، إذا جرت في دورانها منبسطة فيه.

وكل ما انبسط في شيء فقد سَبَح فيه.

وسُبحانَ اللهِ، معناه: تنزيها لله من الصاحبة والولد وتبرئة من السوء. هذا معناه في اللغة، وبذلك جاء الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال سيبويه: زعم أبو الخطاب أن سبحان الله كقولك: براءة الله. وزعم أن مثل ذلك قول الأعشى:

أقولُ لمّا جاءني فخـرُه

 

سبحانَ مِن علقمةَ الفاخِرِ

أي براءة منه. وبهذا استدل على أن سبحان معرفة، إذ لو كان نكرة لانصرف. قال: وجاء في الشعر سبحان منونة نكرة، قال أمية:

سُبْحانَه ثم سُبْحانا يعودُ لـه

 

وقَبلنا سبَّحَ الجوديُّ والجَمَدُ

وقال ابن جني: سبحان، اسم علم لمعنى البراءة والتنزيه، بمنزلة عثمان وحمران، اجتمع في سبحان التعريف والألف والنون، وكلاهما علة تمنع من الصرف. وقال الزجاج: جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قوله، سبحان الله، تنزيه لله من السوء. وأهل اللغة كذلك يقولون من غير معرفة بما فيه من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ولكن تفسيره يجمعون عليه.

وسبّحَ الرجل، قال: سُبحان الله. وفي التنزيل: -كلٌّ قد عَلِمَ صَلاتَه وتسبيحَه- قال رؤبة:

وسَبَّحْنَ واسترجَعْنَ من تألُّهِ

وسَبَحَ، لغة. وقد استقصيت شرح سبحان وفعلها في الكتاب المخصص.

وحكى ثعلب: سَبّحَ تَسبيحا وسُبْحانا، وعندي أن سُبْحانا ليس بمصدر سبّحَ، إنما هو مصدر سَبَحَ.

وسُبُّوحٌ قُدُّوسٌ: من صفة الله عز وجل لأنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّسُ. ويقال: سَبُّوحٌ قَدُّوسٌ. قال الَّلحيانيّ: المجمع عليه فيهما الضم، قال: فإن فتحته فجائز. هذه حكاية ولا أدري ما هي، قال سيبويه: أما قولهم: سُبُّوحا قُدُّوسا ربَّ الملائكةِ والرُّوح، فليس بمنزلة سُبْحان، لأن سُبُّوحا قُدُّوسا صفة كأنك قلت: ذكرت سُبُّوحا قُدُّوسا، فنصبته على إضمار الفعل المتروك إظهاره، كأنه خطر على باله انه ذكره ذاكر فقال: سُبوحا، أي ذكرت سُبُّوحا، أو ذكره هو في نفسه فأضمر مثل ذلك. وأما رفعه فعلى إضمار المبتدأ، وترك إظهار ما يرفع، كترك إظهار ما ينصب. ولا نظير لسُبُّوح وقُدُّوس في ضمهما إلا ذروح وفروج. وقد يفتحان كما يفتح سَبُّوحٌ وقَدُّوسٌ، روى ذلك كراع.

وسُبُحاتُ وجه الله، أنواره. قال جبريل عليه السلام: "إن لله دون العرش سبعين حجابا لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سُبُحاتُ وجه ربنا" رواه صاحب العين.

والسُّبْحةُ: الخرزات التي يُسَبِّحُ الناس بعددها.

وقد يكون التّسبيحُ بمعنى الصلاة، قال الأعشى:

وسَبَّحْ على حينِ العَشِيّاتِ والضُّحَى

 

ولا تَعْبُد الشّيطانَ واللهَ فاعْـبُـدا

يعني الصلاة بالصباح والمساء، وعليه فسر قوله تعالى: -فسُبْحانَ اللهِ حينَ تُمْسُونَ وحينَ تُصْبِحونَ- يأمرهم بالصلاة في هذين الوقتين. قال الزجاج: سميت تَسبيحا لأن التسبيحَ تعظيم الله وتبرئته من السوء. والصلاة يوحد الله فيها ويحمد ويوصف بكل ما يبرئه من السوء. وبذلك فسر قوله جل وعز: -فَلَوْلا أنهُ كان من المُسَبِّحين- وقيل: أراد: كان من المصلين، وقيل: إنما ذلك لأنه قال في بطن الحوت: -سُبْحانَك إني كنت من الظّالمين-.

والسُّبْحَةُ: الدعاء وصلاة التطوع.

وسُبْحةُ الله: جلاله.

وقوله تعالى: -قال أوسَطُهم: ألم أقُلْ لكم لولا تُسَبِّحون- قال الزجاج: معنى التسبيح هاهنا، الاستثناء من القسم -إذ أقسَموا لَيَصْرِمُنّها-. أوسطهم: أعدلهم.

والسَّبْحُ: الفراغ. وفي التنزيل: -إنَّ لك في النهارِ سَبْحا طويلا- أراد فراغا للنوم. وقد يكون السّبْحُ بالليل. والسّبْحُ أيضا، النوم نفسه. والسّبْحُ أيضا السكون. والسّبْحُ التقلب والانتشار في الأرض، فكأنه ضد.

والسُّبْحَة: ثوب من جلود، وجمعها سَباحٌ، قال:

وسَبّاحٌ ومَنّاحٌ ويُعْـطـي

 

إذا كان المَسارِحُ كالسبَاحِ

وصحَّف أبو عبيد هذه الكلمة فرواها بالجيم.

والسُّبْحَةُ: القطعة من القطن.