باب الثلاثي الصحيح: الفرع التاسع

المحكم والمحيط الأعظم في اللغة

ابن سيده

علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده، المولود عام (398 - 458 هـ = 1007 - 1066 م)

الجزء الثاني

حرف الحاء

الفرع التاسع

الحاء والظاء والراء

حَظَرَ الشيء يَحْظُرُه حَظراً وحَظاراً، وحظَر عليه: منعه. وكل من حال بينك وبين شيء فقد حظره عليك. وفي التنزيل: -و ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُورا- وقول العرب: لا حَظارَ على الأسماء، يعني انه لا يمنع أحد أن يسمي بما شاء أو يتسمى به.

وحَظرَ عليه حَظْراً: حجر ومنع.

والحَظِيرَةُ: جرين التمر، جدية، لأنه يَحْظُرُه ويَحْصُرُه.

والحظيرة: ما أحاط بالشيء، وهي تكون من قصب وخشب، قال المرار بن منقذ العدوي:

فإنَّ لنا حَظائرَ ناعماتٍ

 

عَطاءَ اللهِ رَبّ العاَلمِينا

فاستعاره للنخل ز والحِظارُ: حائطها. وكل ما حال بينك وبين شيء فهو حِظارٌ وحَظارٌ.

واحتَظَر القوم وحَظَروا: اتخذوا حظيرة. وحظروا أموالهم: حبسوها في الحظائر من تضييق.

والحَظِرُ: الشجر المُحْتَظَرُ به، وقيل: الشوك الرطب.

ووقع في الحَظِرِ الرطب، إذا وقع فيما لا طاقة له به، وأصله أن العرب تجمع الشوك الرطب فتُحَظِّرُ به، فربما وقع فيه الرجل فنشب فيه، فشبهوه بهذا.

وجاء بالحظِر الرطب، أي بكثرة من المال والناس، وقيل بالكذب المستشنع.

وأوقدَ في الحَظِرِ الرّطْب، نمَّ وحَظيرَةُ القدس، الجنة.

والمِحْظارُ: ذباب أخضر يلسع كذباب الآجام.

الحاء والظاء واللام

الحَظْلُ: المنع. حَظَلَ يَْظِلُ ويَحْظُلُ حَظْلا وحِظْلانا وحَظَلانا.

والحَظْلُ: غيرة الرجل على المرأة ومنعه إياها من التصرف، ومنه قوله:

فما يُخطئْك لا تخطئْك منه

 

طَبانِيَة فيَحْظُلُ أو يَغـارُ

وحَظَلَ عليه حِظْلانا: حجر. والحَظِلُ: المقتر. ورجل حَظُولٌ: مضيق على أهله.

والحَظَلانُ: مشي الغضبان، وقد حَظل قال:

فَظَلَّ كـأنَّـه شـاةٌ رَمِـيّ

 

خفيفُ المشيِ يحْظلُ مُستَكينا

أي يكف بعض مشيه.

وحَظَلَ يَحْظُلُ: مشى في شق من شكاة. والحَظَلانُ: عرج الرجل.

وحَظَلَت الشاة حَظَلا، وهي حَظُولٌ: ظلعت وتغير لونها لورم في ضرعها.

والحَنْظَل شجر، اختلف في بنائه، فقيل ثلاثي، وقيل رباعي.

وبعير حَظِلٌ: يرعى الحَنْظَلَ، وقد حَظِلَ، وليس مما يشهد بأنه ثلاثي، ألا ترى إلى قول الأعرابية لصاحبتها: وإن ذكرت الضغابيس فإني ضغبة. ولا محالة أن الضغابيس رباعي، لكنها وقفت حيث ارتدع البناء، وحَظِلٌ مثله وإن اختلفت جهتا الحذف. قال أبو حنيفة: حَظِلَ البعير فهو حَظِلٌ: رعى الحنْظَلَ فمرض عنه.

مقلوبه: - ل ح ظ -

لَحَظَه يلْحَظُه لَحْظا ولَحَظانا، نظره بمؤخر عينه من أي جانبيه كان، يمينا أو شمالا، وهو أشد التفاتا من الشزر، قال:

لَحَظْناهُمُ حتى كأنّ عُيونَنا

 

بها لَقْوَةٌ من شدَّةِ اللَّحَظانِ

وقيل: اللَّحْظَةُ النظرة من جانب الأذن. واللِّحاظ: مؤخر العين مما يلي الصدغ والجمع لُحُظٌ.

ولِحاظُ السهم: ما ولى أعلاه من القذذ. وقال أبو حنيفة: اللحاظُ، الليطة التي تنسحي من العسيب مع الريش، عليها منبت الريش.

واللِّحاظُ والتَّلْحيظُ: سمة تحت العين، حكاه ابن الأعرابي وأنشد:

أمْ هل صَبَحْتُ بني الرّيَّانِ مُوضِحةً

 

شَنْعاءَ باقيةَ التَّلْحيظِ والـخُـبُـطِ

جعل ابن الأعرابي التلحيظ اسما للسمة، كما جعل أبو عبيد التحجين اسما للسمة فقال: التحجين سمة معوجة. وعندي أن كل واحد منهما إنما يعني به العمل، ولا ابعد مع ذلك أن يكون التفعيل اسما فإن سيبويه قد حكى التفعيل في الأسماء كالتثبيت، وهو شجر بعينه، والتمتين وهي خيوط الفسطاط. ويقوي ذلك أن هذا الشاعر قد قرنه بالخبط وهو اسم.

ولحظَةُ: اسم موضع، قال النابغة الجعدي:

سقَطوا على أسْدٍ بلَحْظةَ مش

 

بوحِ السَّواعدِ باسِلٍ جَـهِـم

الحاء والفاء والظاء

الحِفْظُ نقيض النسيان. حَفِظَ الشيء حِفْظا. ورجل حافِظٌ، من قوم حُفَّاظٍ، وحَفيظٌ، عن الَّلحيانيّ. وعدوه فقالوا:هو حفيظٌ علمك وعلم غيرك.

وإنه لحافِظُ العين، أي لا يغلبه النوم، عن الَّلحيانيّ، وهو من ذلك لأن العين تحفظ صاحبها إذا لم يغلبها النوم.

والحافِظُ والحفيظُ: الموكل بالشيء.

والحفَظَةُ: الذين يحصون أعمال بني آدم من الملائكة، وهم الحافظون. وفي التنزيل: -و إن عليك لحافِظِينَ- ولم يأت في القرآن مكسرا.

وحفِظَ المال والسر حِفظا: رعاه. وقوله تعالى: -و جَعلنا السَّماءَ سقْفا مَحْفوظا- قال الزجاج: حفظه الله من الوقوع على الأرض إلا بأذنه، وقيل: مَحْفوظا بالكواكب كما قال تعالى: -إنَّا زَيَّنا السَّماء الدُّنيا بزِينةِ الكواكبِ وحِفظْا من كلّ شيطانٍ مارِدٍ-.

واستحفَظَه إياه: استرعاه. وفي التنزيل: -بما استُحْفِظوا من كتابِ اللهِ-.

واحتفظ الشيء لنفسه: خصها به.

والتَّحَفُّظُ: قلة الغفلة في الأمور كأنه على حذر من السقوط، أنشد ثعلب:

إني لأُبْغِضُ عاشِقا مُتَحَفِّظا

 

لم تتَّهمْه أعْيُنٌ وقُـلُـوبُ

والمُحافظة: المواظبة على الأمر، وفي التنزيل: -حافِظُوا على الصَّلوَاتِ- أي صلوها في أوقاتها.

والمحافظة والحفاظ: الذب عن المحارم والمنع لها عند الحروب. والاسم الحفيظَةُ.

والحِفْظَةُ والحفِيظةُ: الغضب. وقد أحْفَظَه فاحتَفَظَ، ولا يكون الإحْفاظُ إلا بكلام قبيح من الذي يعرض له، وإسماعه إياه ما يكره.

واحفاظَّت الجيفة: انتفخت.

الحاء والظاء والباء

الحاظِبُ والمُحْظَئِبُّ: السمين ذو البطنة. وقيل: هو الذي امتلأ بطنه. وقد حظَبَ يَحْظِبُ حَظْبا وحُظوبا.

وحَظِبَ حظَبا من الماء: تملأ.

ز رجل حَظِبٌ وحُظُبّ: قصير عظيم البطن. وامرأة حَظِبَةٌ وحَظَبَّةٌ وحُظُبَّةٌ، كذلك.

ووتر حُظُبّ: جاف غليظ شديد.

والحُظُبُّ: البخيل.

والحُطُبىَّ: الظهر، وقيل: عرق في الظهر قال الفند الزماني:

ولولا نَبْلُ عوض في

 

حُظُبَّايَ وأوْصالـي

قال كراع: لا نظير لها. وعندي أن لها نظائر: بذرى من البذر، وحذري من الحذر وغلبي من الغلبة.

والحُنْظُوبُ من النساء: الردية القليلة الخير.

والحُنْظُبُ: ذكر الجراد. وقيل: الحُنْظَبُ والحُنْظُبُ: ذكر الخنافس، وقيل ضرب من الخنافس فيه طول، قال:  

وأُمُّكَ سوداءُ مَوْدُونَةٌ

 

كأنَّ أنامِلَها الحُنْظَبُ

والحُنْظُباء: الذكر من الخنافس، وقال الَّلحيانيّ: الحُنْظُبُ، والحُنْظَب، والحُنْظُباءُ، والحُنْظباءُ: دابة مثل الخنفساء.

والمُحْظَنْبِيءُ: الممتلئ غضبا.

مقلوبه: - ح ن ظ -

المُحْبَنْظئ: الممتلئ غضبا كالمحظنبيء.

الحاء والذال والراء

الحِذْر والحَذَرُ: الخيفة. حَذِره حذَراً واحتذَرَه، الأخيرة عن ابن الأعرابي وأنشد:

قُلْتُ لِقَوْمٍ خرجُوا هَذَالِيلْ

احْتَذِرُوا لا تَلْقكُمْ طماليلْ

ورجلٌ حَذِرٌ وحُذُرٌ وحاذورةٌ وحِذْرِيان: متيقظ شديد الحذر، وحاذر متاهب معد كأنه يحذر أن يفاجأ. وفي التنزيل: -و إنَّا لجَميعٌ حاذِرُونَ- أي معدون. وقد حذَّرَه الأمر. وأنا حذِيرُكَ منه، أي محذرك. والمحذورة كالحذر، مصدر كالمصدوقة والمكذوبة. وقيل: هي الحرب.

ويقال: حَذارِي أحذرْ، وقد أبنت تعليل ذلك في "الكتاب المخصص" في أبواب المذكر والمؤنث. وقد جاء في الشعر حذار، وأنشد الَّلحيانيّ:

حَذارِ حَذارٍ من فوارسِ دارِمٍ

 

أبا خالدٍ من قبلِ أن تتندَّمَـا

فنون الأخير، ولم يكن ينبغي له ذلك، غير أن الشاعر أراد أن يتم به الجزء.

وقالوا: حَذارَيْكَ، جعلوه بدلا من اللفظ بالفعل، ومعنى التثنية انه يريد ليكن منك حَذَرٌ بعد حَذَرٍ.

ومن أسماء الفعل قولهم: حَذَرَكَ زيدا وحَذَارَكَ زيدا، إذا كنت تُحَذّرُه منه. وحكى الَّلحيانيّ: حَذارِكَ، بكسر الراء.

وحُذُرَّى: صيغة مبنية من الحذَرِ، وهي اسم، حكاها سيبويه.

وأبو حَذَرٍ: كنية الحرباء.

والحِذْرِيَةُ والحِذْرِياءُ: الأرض الخشنة، ويقال لها حَذارِ، اسم معرفة.

واحْذأرَّ الرجل: غضب فاحرنفش وتقبض.

والإحْذارُ الإنذار. والحُذَارَياتُ المنذورون.

وقد سمت مَحْذوراً وحُذَيراً.

وأبو محذورةَ: مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أوس بن معير أحد بني جمح.

وابن حُذارٍ: حكم بني أسد، وهو أحد بني سعد بن ثعلبة بن ذودان، يقول فيه الأعشى:

وإذا طَلَبتَ المجْدَ أينَ مَحَلُّه

 

فاعمِدْ لبَيتِ ربيعةَ بنِ حُذار

مقلوبه: - ذ ر ح -

ذَرَحَ الشيء في الريح، كذراه، عن كراع.

وذَرَّحَ الزعفران وغيره بالماء: جعل فيه منه شيئا يسيرا.

وأحمر ذَرِيحيُّ: شديد الحمرة، قال:

من الذَّرِيحِيَّاتِ جعدا آركا

والمُذَرَّحُ من اللبن: المذيق الذي أكثر عليه من الماء.

والذَّرِيحَةُ: الهضبة.

والذَّرَحُ: شجر يتخذ منه الرحال.

وبنو ذَريحٍ: قوم.

وأذْرُح: موضع.

والذُّرَاحُ، والذَّرِيحَةُ، والذُّرَحْرِحَةُ، والذُّرَحْرِح، والذُّرُحْرُحُ، والذُّرَّحَرْحُ، والذُّرَّحَرْحُ، والذُّرُّوحَةُ، والذُّرّوُحُ، والذَّروحُ والذّرْنوحُ والذَّرِيحُ، هذه عن الَّلحيانيّ، والذُّرَّاحٌ، والذُّرَّحُ والذَرُّوح، رواها كراع عن الَّلحيانيّ، كل ذلك دُوَيْبَّة أعظم من الذباب شيئا، مجزع مبرقش بحمرة وسواد وصفرة، لها جناحان تطير بهما، وهي سم قاتل، فإذا أرادوا أن يكسروا حد سمه خلطوه بالعدس فيصير دواء لمن عضه الكلب، والجمع ذرَارِحُ وذراريحُ، قال:

فلمَّا رأت ألا يُجِيبَ دعاءهـا

 

سقَتْه على لَوْحٍ دِماءَ الذَّرَارِحِ

والذُّرَحْرَحُ أيضا، السم القاتل، قال:

يا ليتهَ يُسْقَى على الذُّرَحْرَحِ

وطعام مُذَرَّحٌ: مسموم.

الحاء والذال واللام

الحَذَلُ في العين: حمرة وانسلاق وسيلان دمع. حذِلَتْ حَذَلا فهي حَذِلَةٌ. وأحذَلها البكاء أو الحر، قال العجير السلولي:

ولم يُحْذِل العَينَ مثلُ الفـرا

 

ق ولم يُرْمَ قلبٌ بمثلِ الهوى

وعين حاذلَةٌ لا تبكي البتة، فإذا عشقت بكت. قال رؤبة:

والشوقُ شاجٍ للعيونِ الحُذَّلِ

وقيل: وصفها بما تئول إليه بعد البكاء، فهي على هذا مما تقدم.

والحَذالُ والحُذالُ: شيء شبه الدم يخرج من السمرة، والعرب تسميه حيض السمرة، قال الشاعر:

إذا دُعِيَتْ لمَا في البيتِ قالتْ

 

تَجَنَّ من الحَذَال، وما جُنِيتُ

أي قالت اذهب إلى الشجر فاقلع الحَذالَ فكله، ولم تقره.

والحُذالَةُ: صمغة حمراء فيها.

والحَذَلُ ضرب من حب الشجر يختبز ويؤكل في الجدب.

والحَذَلُ والحُذَلُ والحُذالَةُ: مستدار ذيل القميص. وفي حديث عمر: هلمي حَذَلكِ. أي ذيلك، فصب فيه الماء.

والحِذْلُ والحُذْلُ، بكسر الحاء وضمها وسكون الذال فيهما: حجزة السراويل، عن ابن الأعرابي، وهي الحُذَلُ بضم الحاء وفتح الذال، عن ثعلب.

والحُذْلُ: الأصل، عن كراع.

وحُذَيلاءُ: موضع.

مقلوبه: - ذ ح ل -

الذَّحْلُ: الثأر.و قيل: طلب مكافأة بجناية جنيت عليك، أو عداوة أتيت إليك.

وقيل: هو العداوة والحقد. وجمعه أذْحالٌ وذُحُولٌ.

الحاء والذال والنون

الحُذُنَّتانِ: الأذنان. قال:

يا ابن الذي حُذُنَّتاها باع

وتفرد فيقال: حُذُنَّة.

ورجل حُذُنَّةٌ وحُذُنٌّ: صغير الأذنين خفيف الرأس.

مقلوبه: - ح ن ذ -

حَنَذَ الجدي وغيره يَحْنِذُه حَنَذاً: شواه وجعل فوقه حجارة محماة لتنضجه. وقيل: حنَذَه، شواه حتى قطر. وقيل: حنَذَه شواه فقط. وقيل: سمطه. ولحم حَنْذٌ: مشوي على هذه الصفة، وصف بالمصدر. وكذلك مَحْنوذٌ وحَنِيذٌ. وفي التنزيل: -فجاء بعِجْلٍ حَنيذٍ-. وقيل الحَنِيذُ من اللحم، الذي يؤخذ فيقطع أعضاء وينصب له صفيح الحجارة فيقابل، يكون ارتفاعه ذراعا وعرضه أكثر من ذراعين في مثلهما، ويجعل له بابان ثم يوقد في الصفائح بالحطب، فإذا حميت واشتد حرها وذهب كل دخان فيها ولهب، أدخل فيه اللحم وأغلق البابان بصفيحتين قد كانتا قدرتا للبابين، ثم ضربتا بالطين وبفرث الشاة، وأدفئت إدفاء شديدا بالتراب في النار ساعة، ثم يخرج كأنه البسر قد تبرأ اللحم من العظم من شدة نضجه. وقيل: الحَنْذُ، أن يأخذ الشاة فيقطعها ثم يجعلها في كرشها ويلقي مع كل قطعة من اللحم في الكرش رضفة، وربما جعل في الكرش قدحا من اللبن الحامض أو ماء ليكون أسلم للكرش من أن تنقد، ثم يخلها بخلال وقد حفر لها بؤرة وأحماها فيلقي الكرش في البؤرة ويغطيها ساعة ثم يخرجها وقد أخذت من النضج حاجتها. وقيل: الحَنِيذُ، المشوي عامة. وقيل: الحَنِيذُ الشواء الذي لم يبالغ في نضجه. والفعل كالفعل. ويقال: هو الشواء المغموم الذي يختر أي يتغير، وهي أقلها.

والشمس تَحْنِذُ، أي تحرق. وحِناذٌ محِنَذٌ، على المبالغة، أي حر محرق. قال بخدج هجو أبا نخيلة:

لاقى النُّخَيْلاتُ حِناذاً مِحْنَذا

 

مِنِّي وَشَلاّ للأعادي مِشْقَذَا

أي حرا ينضجه ويحرقه.

وحَنَذَ الفرس يَحنِذُه حَنذاً وحِناذاً فهو مَحْنُوذٌ وحَنِيذٌ: أجراه أو ألقى عليه الجلال ليعرق.

وحَنَذَ الكرم: فرغ من بعضه.

وحَنَذَ له يَحْنِذُ: أقل الماء وأكثر الشراب كأخفس.

وحَنَذٌ: موضع قريب من المدينة، قال:

تأبَّرِي يا خَيْرَةَ الفَسِيِلِ

تأبَّرِي من حَنَذٍ فَشُولي

وحَنَّاذٌ: اسم.

الحاء والذال والفاء

حذَفَ الشيء يحْذِفه حَذْفا، قطعه من طرفه. والحجام يحْذِفُ الشعر، من ذلك. والحُذَافَةُ، ما حُذِفَ من شيء فطرح. وخص الَّلحيانيّ به حُذافَةَ الأديم.

وأذن حَذْفاءُ، كأنها حُذِفَتْ، أي قطعت.

والحِذْفَةُ: القطعة من الثوب، وقد احْتَذَفه.

وحذَفَ رأسه حَذْفا: ضربه فقطع منه قطعة.

وحَذَفَه حَذْفا، ضربه عن جانب أو رماه عنه. وحَذَفَه بالعصى يحذِفُه حَذْفا وتَحَذَّفَه: ضربه أو رماه بها، يقال: هم بين حاذِفٍ وقاذف، الحاذِفُ بالعصى، والقاذف بالحجر. وفي المثل: إياي وأن يحْذِفَ أحدكم الأرنب، حكاه سيبويه عن العرب، أي، وأن يرميها أحد، وذلك لأنها مشئومة يتطير بالتعرض لها.

وحَذفني بجائزة: وصلني.

والحَذَفُ: ضأن سود جرد صغار تكون باليمن. وقيل: هي غنم سود صغار تكون بالحجاز، واحدتها حَذَفةٌ. وفي الحديث: سووا الصفوف لا تتخللكم الشياطين كأنها بنات حذَفٍ. يزعمون إنها على صور هذه الغنم، قال الشاعر:

فأضْحَت الدَّارُ قَفْراً لا أنسَ بها

 

إلاَّ القِهادُ معَ القهبىِّ والحَذَفِ

استعاره للظباء. وقيل: الحَذَفُ، أولاد الغنم عامة.

والحَذَفُ: ضرب من البط صغار، على التشبيه بذلك.

وحَذَفُ الزرع: ورقه.

وما في رحله حُذافَةٌ: أي شيء من طعام. وأكل الطعام فما ترك من حُذافَةً، واحتمل رحلة فما ترك منه حُذافةً: أي شيئا.

وحُذَيْفَة: اسم رجل.

وحَذْفَةُ: اسم فرس خالد بن جعفر بن كلاب قال:

فمَنْ يَكُ سائلا عني فإنـي

 

وحَذْفةَ كالشَّجا تحتَ الوريدِ

مقلوبه: - ف ذ خ -

تَفَذَّحَت الناقة: تفاجت لتبول، وليس بثبت.

الحاء والذال والباء

الذبْحُ: قطع الحلقوم من باطن. ذبحَه يذَبحُه ذبحا فهو مذبوح وذَبيحٌ، من قوم ذَبحَى وذَباحَي. وكذلك التيس والكبش من كباش ذَبحَى وذَباحَي. وشاة ذبيحةٌ وذَبيحٌ، من نعاج ذَبحَى وذبائحَ، وكذلك الناقة. وذبَّحَه كذَبَحَه، وقيل: إنما ذلك للدلالة على الكثرة، وفي التنزيل: -يُذَبِّحونَ أبْناءَكم- وقد قريء: -يَذْبحُونَ أبناءكم-. قال أبو إسحاق: القراءة المجتمع عليها بالتشديد، والتخفيف شاذ. والقراءة المجتمع عليها بالتشديد أبلغ، لأن يُذَبِّحونَ للتكثير، ويَذْبحون يصلح أن يكون للقليل والكثير، ومعنى التكثير أبلغ.

والذِّبْحُ: اسم ما ذُبِحَ. وفي التنزيل: -وَ فَدَيْناهُ بذِبْحٍ عَظِيمٍ- يعني كبش إبراهيم عليه السلام.

وأذَّبَحَ القوم، اتخذوا ذَبيحَةً.

والمِذبَحُ: السكين.

والمَذْبَحُ: موضع الذَّبحِ من الحلقوم.

وذبائحُ الجن: أن يشتري الدار ويستخرج ماء العين وما أشبه فيُذْبَحَ لها ذَبيحَةٌ للطيرة. وفي الحديث: نهى عن ذبائح الجن.

والذابحُ: شعر ينبت بين النصيل والمذبَحِ.

والذُبَاحُ والذِّبَحَةُ والذُّبَحةُ والذُّبْحةُ: دم يخنق الإنسان فيقتله. وقيل: الذُّبَحَةُ وجع الحلق كأنه يُذْبَحُ.

والذُبَاحُ: القتل أيا كان. والذِّبْحُ: القتيل.

والذَّبْحُ: الشق، قال:

كأنَّ بينَ فَكِّها والفَكِّ

فارَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ بِسُكِّ

وأما قول أبي ذؤيب في صفة خمر:

إذا فُضَّتْ خواتِمُها وبُجَّتْ

 

يُقالُ لهَا دَمُ الوَدَجِ الذَّبيحِ

فإنه أراد المذبوحَ عنه، أي المشقوق من أجله، هذا قول الفارسي. وقول أبي ذؤيب أيضا.

وسِرْبٍ تَطَلَّى بالعَبيرِ كأنَّه

 

دِماءُ ظِباءٍ بالنُّحُورِ ذَبيحُ

ذبيحٌ، وصف للدماء. وفيه شيئان: أحدهما وصفه الدم بأنه ذبيحٌ، وإنما الذَّبيحُ صاحب الدم لا الدم، والآخر انه وصف الجماعة بالواحد. فأما وصفه الدم بالذبيح فإنه على حذف المضاف، أي كأنه دماء ظباء بالنحور ذَبيحٌ ظباؤه، ثم حذف المضاف وهو الظباء فارتفع الضمير الذي كان مجرورا لوقوعه موقع المرفوع المحذوف لما استتر في ذبيحٍ. وأما وصفه الدماء وهي جماعة بالواحد، فلأن فعيلا يوصف به المذكر والمؤنث، والواحد وما فوقه على صورة واحدة، قال رؤبة:

دَعْها فما النَّحوِىُّ من صَدِيقِها

وقال عز وجل: -إنَّ رحمَةَ اللهِ قريبٌ من المحسِنينَ-.

والذَّبائحُ: شقوق في أصابع الرجل مما يلي الصدر، واسم ذلك الداء الذُبَاحُ.

والذُبَاحُ: تحزز وتشقق بين أصابع الصبيان من التراب.

والمَذْبَحُ: ضرب من الأنهار كأنه شق أو انشق.

والمَذْبَحُ: المحراب والمقصورة ونحوهما، ومنه حديث مروان انه أتى برجل ارتد عن الإسلام وكعب شاهد، فقال كعب: أدخلوه المَذْبَح وضعوا التوراة وحلفوه بالله، حكاه الهروي في الغريبين.

والمَذْبَحُ: ما بين أصل الفوق وبين الريش.

والذُّبَحُ: نبات له أصل يقشر عنه قشر أسود فيخرج أبيض كأنه جزرة بيضاء، طيب يؤكل. واحدته ذُبَحَةٌ وذِبَحَةٌ، حكاه أبو حنيفة عن الفراء وقال أبو حنيفة أيضا: قال أبو عمرو: الذُّبَحَةُ شجرة تنبت على ساق نبتا كالكراث، ثم يكون لها زهرة صفراء، وأصلها مثل الجزرة، وهي حلوة ولونها أحمر، قال الأعشى في صفة خمر:

وشَمُولٍ تَحسبُ العَـينُ إذا

 

صُفِّقَتْ حُمْرَتها نَوْرَ الذُّبَحْ

والذُّبَحُ والذُبَاحُ: نبات من السم، قال رؤبة:

يَسْقيهمُ منْ خَلَلِ الصِّفاح

كأسا من الذّيفانِ والذُّبَاحِ

وقال آخر:

إنما قولك سم وذُبَحْ

والذُّبَحُ أيضا: نور أحمر.

وحيا الله هذه الذُّبَحَةَ: أي الطلعة.

وسعد الذَّابحِ: منزلة من منازل القمر.

مقلوبه: - ب ذ ح -

بَذَحَ لسانه بَذْحا: فلقه أو شقه. والبَذَحُ: موضع الشق، والجمع بُذُوحٌ، قال:

لأَعْلِطَنَّ حَرْزَ ما بِعَلْطِ

بِلِيِته عند بذوحِ الشَّرْطِ

وتَبذَّح السحاب: مطر.

الحاء والذال والميم

حَذَمَه يحذِمُه حَذْما: قطعه وحيا. وقيل: هو القطع ما كان.

وسيف حَذِمٌ وحَذِيمٌ: قاطع.

والحَذْمُ: الإسراع في المشي وكأنه يهوى بيديه إلى خلف. والفعل كالفعل. ومنه قول عمر رضي الله عنه لبعض المؤذنين: إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحْذِمْ.

والحمام يَحْذِمُ في طيرانه، كذلك. والأرنب تَحْذِمُ: أي تسرع، ويقال لها: حُذَمَةٌ لُذمة، تسبق الجمع بالأكمة.

وحَذَامِ وحَذَامُ: اسم امرأة، معدولة عن حاذِمَةٍ.

وامرأة حُذَمَةٌ: قصيرة.

وحُذْمَةُ: اسم فرس.

والحِذْيَمُ: الحاذق بالشيء.

وقد سمت حُذَيْما وحِذْيَما.

مقلوبه: - ح م ذ -

الحَمَاذِيُّ: شدة الحر، كالهماذي.

مقلوبه: - م ذ ح -

مَذِحَ الرجل مَذَحا: إذا اصطكت فخذاه والتوتا حتى تسحجا. وقيل: المَذَحُ، احتراق ما بين الرفغين والأليتين.

ومَذِحَتْ الضأن مَذَحا: عرقت أرفاغها. ومَذِحَتْ خصية التيس مَذَحا: إذا احتك بشيء فتشققت منه.. وقيل: المَذَحُ أن يحتك الشيء بالشيء فيتشقق، وأرى ذلك في الحيوان خاصة.

وتمَذَّحَتْ خاصرته: انتفخت، قال الراعي:

لمَّا سَقَيناها العَكيسَ تـمَـذَّحَـتْ

 

خَوَاصِرُها وازدادَ رَشْحا وريدُها

الحاء والثاء والراء

الحَثَرُ: خشونة يجدها الإنسان في عينه من الرمص. وقيل: هو أن يخرج فيها حب أحمر. وقد حَثِرَتْ.

وحَثِرَ العسل حَثراً: تحبب.

وحَثِرَ الدبس حَثَراً: خثر.

وطعام حَثِرٌ: منتثر لا خير فيه، إذا جمع بالماء انتثر من نواحيه. وقد حَثِرَ حَثراً.

وفؤاد حَثِرٌ: لا يعي شيئا. والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر.

وحَثِرَ الشيء حثراً فهو حَثِرٌ وحَثْرٌ: اتسع.

وحَثْرَةُ الغضا: ثمرة تخرج فيه أيام الصفرية تسمن عليها الإبل وتلبن.

وحَثرَةُ الكرم: زمعته بعد الإكماخ.

والحثرُ: حب العنقود إذا تبين، هذه عن أبي حنيفة.

والحَثْرُ: حب العنب، وذلك بعد البرم حتى يصير كالجلجلان.

والحَثْرُ: نور العنب، عن كراع.

وحُثارَةُ التبن: حطامه، وليس بثبت.

والحَوْثَرَةُ: الكمرة.

وحَوْثَرَةُ: اسم.

وبنو حَوْثَرَةَ: بطن من عبد القيس، ويقال لهم: الحواثِرُ، وهم الذين ذكرهم المتلمس بقوله:

لن يَرْحَضَ السَّوْءاتِ عن أحْسابِكم

 

نَعَمُ الحواثِرِ إذ يُساقُ لِمَـعْـبَـدِ

مقلوبه: - ح ر ث -

الحَرْثُ والحِرَاثَةُ: العمل في الأرض زرعا كان أو غرسا، وقد يكون الحَرْثُ نفس الزرع، وبه فسر الزجاج قوله عز وجل: -أصابَتْ حَرْثَ قومٍ ظَلَموا أنفُسَهم فأهْلَكَتْهُ-. حَرَثَ يَحْرُثُ حَرْثا.

والحَرْثُ: الكسب، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر. وهو أيضا الاحِترَاثُ.

والمرأة حَرْثٌ للرجل، أي يكون ولده منها كأنه يَحرُثُ ليزرع. وفي التنزيل: -نساؤكمْ حَرْثٌ لكم فأْتوا حَرْثَكم أنَّى شِئتمْ- والحَرْثُ: متاع الدنيا، وفي التنزيل: -و مَنْ كانَ يُرْيدُ حَرْثَ الدنيا-.

والحَرْثُ: الثواب والنصيب، وفي التنزيل: -مَنْ كانَ يُريدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ له في حَرْثِه-.

والمِحَراثُ: خشبة تحرك بها النار. ومِحْراثُ الحرب: مهيجها.

وحَرَثَ الأمر، تذكره واهتاج له، قال رؤبة:

والقولُ مَنْسِيٌّ إذا لم يُحْرَثِ

والحَرَّاثُ: الكثير الأكل، عن ابن الأعرابي.

وحَرَثَ الإبل والخيل وأحْرَثها: أهزلها. وحَرَثَ ناقته حَرْثا وأحْرَثها: إذا سار عليها حتى تهزل.

والحَرَاثُ: مجرى الوتر في القوس، وجمعه أحْرِثَةٌ.

والحُرْثَةُ: ما بين منتهى الكمرة ومجرى الختان.

والحُرْثَةُ أيضا، المنبت، عن ثعلب.

والحِرَاثُ: السهم قبل أن يراش، والجمع أحْرِثَةٌ.

والحارثُ اسم. قال سيبويه: قال الخليل: إن الذين قالوا الحارِثَ إنما أرادوا أن يجعلوا الرجل هو الشيء بعينه، ولم يجعلوه سمي به، ولكنهم جعلوه كأنه وصف له غلب عليه. قال: ومن قال حارِثٌ بغير ألف ولام فهو يجريه مجرى زيد، وقد تقدم مثل هذا في الحسن، اسم رجل. قال ابن جني: إنما تعرف الحارِثُ ونحوه من الأوصاف الغالبة بالوضع دون اللام، وإنما أقرت اللام فيها بعد النقل وكونها أعلاما، مراعاة لمذهب الوصف فيها قبل النقل. وجمع الأول الحُرَّثُ والحُرَّاثُ. وجمع حارِثٍ حُرَّثٌ وحَوَارِثُ، قال سيبويه: ومن قال حارِثٌ قال في جمعه حَوارِثُ حيث كان اسما خاصا كزيد فافهم. وحُوَيْرِثٌ، وحُرَيْثٌ، وحُرثانُ، وحارِثةُ، وحَرَّاثٌ، ومُحَرَّثٌ: أسماء، قال ابن الأعرابي: هو اسم جد صفوان بن أمية بن مُحَرَّثٍ وصفوان هذا أحد حكام كنانة.

الحاء والثاء واللام

الحَثْلُ: سوء الرضاع والحال، وقد أحْتَثَلَتْه أمه. والمُحْثَلُ: السيئ الغذاء، قال متمم:

وأرْمَلةٍ تَسْعَى بأشْعَثَ مُحْـثَـلٍ

 

كفَرْخِ الحُباريِ ريشُه قد تَصَوَّعا

والحِثْلُ: الضاوي الدقيق، كالمُحْثَلِ. وأحْثَلَهُ الدهر: أساء حاله.

وحُثالَةُ الطعام: ما يخرج منه من زؤان وغيره مما لا خير فيه فيرمى به، قال الَّلحيانيّ: هو أجل من التراب والدقاق قليلا.

والحُثالَةُ والحَثْلُ: الرديء من كل شيء. وقيل: هي القشارة من التمر والشعير وما أشبههما.

وحُثالَةُ القرظ: نفايته. ومنه قول معاوية في خطبته: فأنا في مثل حثالَةِ القرظ، يعني الزمان وأهله. وخص الَّلحيانيّ بالحُثالَةِ، رديء الحنطة ونفيتها.

وحُثالَةُ الدهن وغيره من الطيب: ثفله.

ورجل حِثْيَلٌ: قصير.

والحِثْيَلُ: من أشجار الجبال، قال أبو حنيفة: زعم أبو نصر انه شجر يشبه الشوحط ينبت ع النبع. قال أوس بن حجر في وصف قوس:

تعَلَّمَها في غِيلها وهي حَظْوَةٌ

 

بوادٍ به نبعٌ طِوالٌ وحِثْـيَلُ

الحاء والثاء والنون

الحَثَنُ: حصرم العنب، وقيل: هو إذا كان الحب كرءوس الذر. واحدته بالهاء.

وحُثُنٌ: موضع، قال قيس بن خويلد الهذلي:

أرَى حُثُنا أمسى ذلـيلا كـأنَّـه

 

تُراثٌ وخَلاَّه الصّعابُ الصعاتِرُ

مقلوبه: - ح ن ث -

حَنِثَ في يمينه حِنْثا وحنَثَا، لم يبر فيها. وأحْنَثَه هو.

والمَحانِثُ: مواقع الحِنْثِ.

والحِنْثُ أيضا: الذنب العظيم. وفي التنزيل: -و كانوا يُصِرونَ على الحِنْثِ العَظيم-. وقيل: هو الشرك، وقد فسر به هذه الآية أيضا، قال:

مَن يتَشاءَمْ بالهُدَى فالحِنْثُ شَرُّ

وبلغ الغلام الحِنْثَ: جرى عليه القلم بالطاعة والمعصية. وقيل: الحِنثُ الحلم. وفي حديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخلو بغار حراء فيحنَّثُ فيه، وهو التعبد، الليالي ذوات العدد. وهذا عندي على السلب كأنه ينفي بذلك الحِنْثَ الذي هو الإثم، عن نفسه، كقوله عز وجل: -و من اللَّيلِ فتَهَجَّدْ به نافلَةً لك- أي أنف الهجود عن عينيك. ونظيره تأثم وتحوَّب، أي نفى الإثم والحوب عن نفسه. وقد يجوز أن تكون تاء يتَحَنَّثُ بدلا من فاء يتحنَّف.

مقلوبه: - ن ح ث -

النَّحِيثُ: لغة في النحيف، عن كراع، وأرى الثاء فيه بدلا من الفاء.

 

الحاء والفاء والثاء

الحَفِثَةُ والحَفِثُ والحِفْثُ: ذات الطرائق من الكرش. وقيل هي هنة ذات أطباق أسفل الكرش إلى جنبها لا يخرج منها الفرث أبدا، يكون للإبل والشاء والبقر. وخص ابن الأعرابي به الشاء وحدها دون سائر هذه الأنواع. والجمع أحْفاثٌ.

والحَفِثُ: حية عظيمة كالجراب.

والحُفَّاثُ: حية كأعظم ما كون من الحيات، أرقش أبرش يأكل الحشيش، يهدد ولا يضر. ويقال للغضبان إذا انتفخت أوداجه: احرنفش حُفَّاثُه، على المثل.

مقلوبه: - ف ح ث -

الفَحِثَةُ والفَحِثُ والفِحْثُ: ذات الأطباق. والجمع أفحاثٌ.

وفَحَثَ عن الخبر: فحص، في بعض اللغات.

الباء والحاء والثاء

البَحْثُ: طلبك الشيء في التراب. بحَثَه يبْحَثُه بحْثا وابْتَحَثَه. وفي المثل: كباحِثةٍ عن حتفها بظلفها، وذلك أن شاة بحَثَتْ عن سكين في التراب بظلفها ثم ذبحت به.

والبَحوثُ: الإبل التي تَبْتَحِثُ التراب بأخفافها أخرا في سيرها.

وبحَثَ عن الخبر وبحَثَه يبْحَثُ بحْثا: سأل. وكذلك استَبْحثه واستَبْحث عنه.

والبَحْثُ: الحية العظيمة لأنها تَبْحَثُ التراب.

وتركته بمَباحِثِ البقر: أي لا يعرف أين هو.

الحاء والثاء والميم

الحَثْمَةُ: أكيمة صغيرة سوداء من حجارة.

والحَثْمَةُ: أرنبة الأنف.

والحَثْمَةُ: المهر الصغير، الأخيرتان عن الهجري، والجمع من كل ذلك حِثامٌ.

وأبو حَثْمَةَ: رجل من جلساء عمر كني بذلك.

وحَثمَ الشيء يحثِمُه حَثْما ومَحَثَه: دلكه بيده دلكا شديدا، قال ابن دريد: وليس بثبت.

مقلوبه: - م ح ث -

مَحَثَ الشيء: كحَثَمَه.

الحاء والراء واللام

الرَّحْلُ: مركب للبعير والناقة. وجمعه أرحُلٌ ورِحالٌ، قال طرفة:

جازَت البِيدَ إلى أرْحُلِنا

 

آخِرَ اللَّيلِ بيَعْفُورٍ خَدِرْ

وفي الحديث: "إذا ابتلَّت النِّعال فالصَّلاة في الرّحال" أي صلوا ركبانا، والنِّعال هنا الحِرَار، واحدها نعل.

وحكى سيبويه عن العرب: وضعا رِحالَهما. يعني رَحْلَي الراحِلَتين، فأجروا المنفصل من هذا الضرب كالرَّحلِ مجرى غير المنفصل كقوله: -فاقْطَعوا أيْدِيَهُما- وقوله: -فقد صَغَتْ قُلوبُكما- وهذا من المنفصل قليل، ولذلك ختم سيبويه فصل "ظهراهما مثل ظهور الترسين" وقد كان يجب أن يقولوا: وضعا أرْحُلَهما، لأن الاثنين أقرب إلى أدنى العدد، لكن كذا حكى عن العرب. وأما -فقد صَغَتْ قُلُوبُكما- فليس بحجة، لأن القلب ليس له أدنى عدد، ولو كان له أدنى عدد لكان القياس أن يستعمل هاهنا. وقول خطام: "ظهراهما مثل ظهور الترسين"، من هذا أيضا، إنما حكمه: مثل أظهُرِ الترسين، لما قدمنا.

وهو الرِّحالَةُ: وجمعها رحائلُ. والرّحالَةُ في أشعار العرب: السرج، قال الأعشى:

ورَجْرَاجةٍ تُعْشِى النَّوَاظِرَ ضَخمة

 

وشُعْثٍ على أكْتافِهنَّ الرحـائِلُ

والرِّحالةُ: سرج من جلود ليس فيه خشب كانوا يتخذونه للركض الشديد، قال أبو ذؤيب:

تَعدو به خَوصاءُ يَفْصِمُ جَرْيُهـا

 

حَلَق الرّحالةِ وهي رِخْوٌ تَمْزَعُ

يقول: تعدو فتزفر فتفصم حلق الحزام.

ورحَلَ البعير يرَحْله رحْلاً فهو مَرْحولٌ ورحيلٌ، وارتحَلَه: جعل عليه الرَّحْلَ. ورحَلَهُ رِحلَةً: شد عليه أداته. وإنه لحسن الرِّحْلَةِ، أي الرَّحْلِ، للإبل، اعني شده لرحالها قال:

ورَحَلوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ

ورجل رَحَّالٌ: عالم بذلك مجيد.

وابل مُرَحَّلةٌ: عليها رِحاُلها، وهي أيضا التي وضعت عنها رِحاُلها، قال:

سِوَى ترْحِيلِ راحِلَةٍ وعَينٍ

 

أُكالِئُها مَخافةَ أن تَنامَـا

والرَّحُولُ والرَّحُولَةُ من الإبل: التي تصلح أن تُرْحَلُ، وهي الرَّاحِلةُ، تكون للذكر والأنثى، فاعلة بمعنى مفعولة، وقد يكون على النسب. وأرْحَلَها صاحبها: راضها حتى صارت راحِلَةً. وقول دكين:

أصبحتُ قد صالحني عواذِلي

 

بعدَ الشِّقاقِ ومشَتْ رواحِلي

قيل: معناه: تركت جهلي وأرعويت وأطعت عواذلي كما تطيع الرَّاحلةُ زاجرها فتمشى.

وقول زهير:

وعُرِّىَ أفراسُ الصِّبا ورواحِلُه

استعاره للصبا، يقول: ذهبت قوة شبابي التي كانت تحملني كما تحمل الفرس والراحلةُ صاحبهما.

والمُرَحَّلُ: ضرب من برود اليمن، سمي مُرَحَّلاً لأن عليه تصاوير رَحْلٍ.

وشاة رَحْلاءُ: سوداء بيضاء موضع مركب الراكب من مآخر كتفيها. وإن ابيضت وأسود ظهرها فهي أيضا رَحْلاءُ.

وفرس أرْحَلُ: أبيض الظهر ولم يصل البياض إلى البطن ولا إلى العجز ولا إلى العنق.

وترَحَّلَه: ركبه بمكروه.

وبعير ذو رُحْلةٍ: أي قوة على السير. وجمل رحيلٌ وناقة رحِيلَةٌ، كذلك. وارتحَلَ البعير رِحْلةً، سار فمضى. ثم جرى ذلك في المنطق حتى قيل: ارتحَل القوم عن المكان ورحلَ عن المكان يرحَلُ، وهو راحلٌ من قوم رُحَّلٍ: انتقل، قال:

رَحَلْتُ من أقصَى بلادِ الرُّحَّلِ

من قُلَلِ الشِّحْرِ فجَنْبَي مَوْحلِ

ورحَّلَ غيره، قال الشاعر:

لا يرْحَلُ الشَّيْبُ من دارٍ يَحُلُّ بها

 

حتى يُرَحِّلَ عنها عامِرَ الـدَّارِ

ويروى: صاحب الدار.

والتَّرَحلُ والارتحالُ: الانتقال، وهو الرِّحْلةُ والرُحْلةُ، حكى الَّلحيانيّ: إنه لذو رِحْلةٍ إلى الملوك ورُحْلَةٍ. وقال بعضهم: الرِّحلةُ: الارتحالُ، والرُّحلةُ الوجه الذي تأخذ فيه وتريده. وقيل الرُّحْلةُ السفرة الواحدة.

والرَّحيلُ: اسم ارتحالِ القوم للمسير، قال:

أمَّا الرَّحيلُ فدُونَ بعد غَدٍ

 

فمتى تقولُ: الدَّارُ تَجْمَعُنا

والرحيلُ: القوى على الارتحالِ والسير، والأنثى رحِيلَةٌ.

ورحْلُ الرجل: منزله ومسكنه. والجمع أرحُلٌ.

والرَّحيلُ: منزل بين مكة والبصرة.

وراحِيلُ: اسم أم يوسف عليه السلام.

ورِحْلَةُ: هضبة معروفة، زعم ذلك يعقوب وأنشد:

تُرادَى على دِمنِ الحياضِ فإنْ تَعَفْ

 

فإنَّ المُنَـدَّى رِحْـلةٌ فـرَكُـوبُ

قال: وركوب، هضبة أيضا. ورواية سيبويه: رِحْلة فركوب، أي أن يشد رَحْلَها ثم يركب.

الحاء والراء والنون

حَرَنَت الدابة تَحْرُنُ حِرانا وحُرَانا، وحَرُنَتْ، وهي حَرُونٌ: وهي التي إذا استدر جريها وقفت، وإنما ذلك في ذوات الحافر خاصة، ونظيره في الإبل اللجان والخلاء. واستعمل أبو عبيد الحِرانَ في الناقة.

والحَرُونُ: فرس مسلم بن عمرو الباهلي في الإسلام، كان يسابق الخيل فإذا استدر جريه وقف حتى تكاد تسبقه ثم يجري فيسبقها.

ومنه قيل لحبيب بن المهلب أو محمد ابن المهلب: الحرُونُ، لأنه كان يحْرُنُ في الحرب فلا يبرح، استعير له ذلك، وإنما أصله في الخيل.

وقال الَّلحيانيّ: حَرَنت الناقة: قامت فلم تبرح، وخلأت: بركت فلم تقم.

والمحارِنُ من النحل: اللواتي يلصقن بالخلية حتى ينتزعن.

والمَحارِينُ: الشهاد، وهي أيضا حبات القن، واحدها مِحْرَانٌ، وقد تقدم شرح بيت ابن مقبل: "يخلجن المَحارِينا" وحُرَيْنٌ: اسم.

وبنو حِرْنةَ: بطين.

والحَرُونُ: فرس عقبة بن مدلج.

مقلوبه: - ح ن ر -

الحَنِيرَةُ: مندفة القطن.

والحَنيرَةُ: عقد مضروب ليس بذاك العريض. والحِنيرةُ: الطاق المعقود.

والحَنِيرَةُ: القوس بلا وتر، الأخيرة عن ابن الأعرابي. وفي الحديث: "لو صليتم حتى تكونوا كالحنائر ما نفعكم حتى تحبوا آل الرسول صلى الله عليه وسلم".

وحَنر الحَنِيرَةَ: ثناها.

والحِنَّورَةُ: دُوَيْبَّة دميمة يشبه بها الإنسان.

مقلوبه: - ن ح ر -

نَحْرُ الصدر: أعلاه. وقيل: هو موضع القلادة منه، مذكر لا غير، صرح بذلك الَّلحيانيّ، وجمعه نحور، ولا يكسر على غير ذلك.

ونحرَه ينْحَرُه نَحْراً: أصاب نحْرَه. ونحَرَ البعير يَنْحَرُ نحْراً: طعنه حيث يبدو الحلقوم على الصدر. وجمل نحِيرٌ، في جمال نحْرَى ونُحَرَاءَ ونحائرَ، وناقة نحِيرٌ ونحِيرَةٌ، في أينق نَحْرَى ونُحَرَاءَ ونحائرَ.

ويوم النَّحرِ: عاشر ذي الحجة، لأن البدن تُنْحَرُ فيه.

وتَناحَرَ القوم على الشيء وانْتَحروا: تشاحوا عليه فكاد بعضهم يَنْحرُ بعضا.

والنَّاحِرانِ والنَّاحِرَتانِ عرقان في النَّحْرِ. والنَّاحِرَتان: ضلعان من أضلاع الزور. وقيل: هما الواهنتان، وقال ابن الأعرابي: الناحرتان: الترقوتان، من الناس وغيرهم.

وأتيته في نَحْرِ النهار: أي أوله. وكذلك في نَحْرِ الظهيرة.

ونُحُورُ الشهور: أوائلها، وكل ذلك على المثل.

والنَّحِيرَةُ: أول يوم من الشهر، قال:

نَحِيَرَةَ شَهْرٍ لشَهْرٍ سَرَارا

وقيل: النحيرةُ آخر يوم من الشر لأنه يَنْحَرُ الذي يدخل بعده. وقيل: النَّحيرةُ آخر ليلة من الشهر لأنها تنْحَرُ التي قبلها، أي تستقبلها في نحْرِها. والجمع ناحرَاتٌ ونواحُر، نادران، قال الكميت:

والغَيْثُ بالـمُـتـألِّـقـا

 

تِ من الأهِلَّةِ في النواحِرْ

وقيل: النَّحِيرةُ: آخر ليلة من الشهر لأنها تَنْحَر الذي يدخل بعدها، قال ابن أحمر:

ثم استمرّ عليه واكِفٌ هَـمِـعٌ

 

في ليلةٍ نَحَرتْ شَعبانَ أو رَجَبا

وقوله أنشده ثعلب:

مرفوعةٌ مثل نَوءِ السِّمـا

 

كِ وافَق غُرَّةَ شَهرٍ نَحِيرَا

أرى نحيرا، فعيلا بمعنى مفعول، فهو على هذا صفة للغرة، وقد يجوز أن يكون النَّحِيرُ لغة في النَّحِيرَةِ.

والدَّارَان تتَناحَرَانِ، أي تتقابلان. وهذه الدار تَنْحَرُ تلك: أي تستقبلها. وقوله:  

أوْرَدْتُهُم وصُدُورُ العِيسِ مُسْنَـفةٌ

 

والصُّبحُ بالكوكبِ الدُّرّيّ مَنْحُورُ

أي مستقبل.

ونحَرَ الرجل في الصلاة يَنْحَرُ: انتصب ونهد صدره.

وقوله تعالى: -فَصَلّ لربِّكَ وانحَرْ- قيل: هو وضع اليمين على الشمال في الصلاة، وأراها لغة شرعية. وقيل: معناه، وانحَر البُدن.

والنَّحْرُ والنِّحريرُ: الحاذق الماهر العاقل المجرب.

وبرق نحْرُه: اسم رجل.

مقلوبه: - ر ن ح -

التَرَنُّحُ: تمزز الشراب، عن أبي حنيفة.

ورنَّحَ الرجل وغيره، وترَنَّح: إذا مال واستدار، قال امرؤ القيس:

فَظَلَّ يُرَنِّحُ في غَـيْطَـلٍ

 

كما يستدِيرُ الحَمارُ النَّعِرْ

ورُنِّحَ فلان: إذا اعتراه وهن في عظامه وضعف في جسده عند ضرب أو فزع حتى يغشاه كالميد، وقد يكون ذلك من هم وحزن، قال:

ترَى الجَلْدَ مَغْمُوراً يَميدُ مُرَنَّحا

 

كأنّ به سُكْراً وإن كان صاحِيا

وقوله:

وقد أبِيتُ جائِعا مُرَنَّحا

هو من هذا.

والمُرنحُ: ضرب من العود من أجوده، يجمر به، وهو اسم، ونظيره المخدع.

الحاء والراء والفاء

الحَرْفُ من الهجاء معروف. والحَرْفُ: الأداة التي تسمى الرابطة لأنها تربط الاسم بالاسم والفعل بالفعل، كعن وعلى ونحوهما.

والحَرْفُ: القراءة التي تقرأ على أوجه. وما جاء في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم: "نَزَلَ القُرآنُ على سبعةِ أحْرُفٍ". قال أبو عبيد وأبو العباس: معناه، نزل على سبع لغات من لغات العرب، منها لغة قريش ولغة هذيل ولغة أهل اليمن ولغة هوازن وما أشبهها. ويبين ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه: أني سمعت القراءة فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم، حكاه الهروي في الغريبين.

وحَرْفا الرأس: شقاه. وحَرْفُ السفينة والجبل: جانباهما، والجمع أحرُفٌ وحُروفٌ وحِرَفَةٌ.

والحَرْفُ من الإبل: النجيبة الماضية التي أنضتها الأسفار، شبهت بحَرْفِ السيف في مضائها ونجائها ودقتها، وقيل: هي الصلبة، شبهت بحرْفِ الجبل في شدتها وصلابتها، قال ذو الرمة:

جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنـادٌ يَشُـلُّـهـا

 

وَظِيفٌ أزَجُّ الخَطْوِرَيَّان سَهْوَقُ

فلو كان الحرفُ مهزولا، لم يصفها بأنها جمالية سناد، ولا أن وظيفها ريان. قال ابن الأعرابي: ولا يقال جمل حَرْفٌ، إنما تخص به الناقة. وقول خالد بن زهير:

متى ما تّشأْ أحملْكَ والرأسُ مـائلٌ

 

على صَعْبةٍ حَرْفً وشيكٍ طُمُورُها

كَنى بالصَّعبةِ الحرْف، عن الداهيةِ الشديدة وإن لم يكُن هنالك مركوب.

وحَرْفُ الشيء: ناحيته.

وفلان على حَرْفٍ من أمره: أي ناحية منه، إذا رأى شيئا لا يعجبه عدل عنه. وفي التنزيل: -و من النَّاس مَنْ يَعبُدُ اللهَ على حَرْفٍ- أي إذا رأى ما لا يحب انقلب على وجهه. وقال الزجاج: على حَرْفٍ: أي على شك، قال: وحقيقته انه يعبد الله على حرف، أي على طريقة في الدين، لا يدخل فيه دخول متمكن، فإن أصابه خير اطمأن به، أي إن أصابه خصب وكثر ماله وماشيته اطمأن بما أصابه ورضي بدينه، وإن أصابته فتنة اختبار بجدب وقلة مال. انقلب على وجهه، أي رجع عن دينه إلى الكفر وعبادة الأوثان.

وحَرَفَ عن الشيء يَحْرِفُ حَرْفا وانحَرَف وتحَرَّفَ واحْرَوْرَفَ: عدل.

وقلم مُحَرَّفٌ: عدل بأحد حَرْفَيْهِ على الآخر، قال:

تَخالُ أُذْنَيْهِ إذا تَحَرَّفا

خافِيةً أو قَلَما مُحَرَّفا

والتَّحرِيفُ في القرآن والكلمة: تغيير الحرْفِ عن معناه. وهي قريبة الشبه. وفي التنزيل: -يُحَرّفُونَ الكَلِمَ عن موَاضِعِه- والمُحَرَّفُ: الذي ذهب ماله.

والمُحارَفُ: الذي لا يصيب خيرا من وجه يوجه له. والمصدر: الحِرَافُ.

والحُرْفُ: الحرمان. وحُرِفَ في ماله حَرْفَةً: إذا ذهب منه شيء، عن الَّلحيانيّ.

والمُحْرِفُ: الذي نما ماله وصلح. والاسم الحِرْفةُ.

وحِرْفةُ الرجل: ضيعته أو صنعته.

وحَرَفَ لأهله يحرِفُ واحترَفَ: كسب وطلب واحتال. وقيل: الاحتراف الاكتساب أيا كان.

وحَرَفَ عينه: كحلها، أنشد ابن الأعرابي:

بزَرْقاوَينِ لم تُحْرَفْ ولمَّا

 

يُصِبْها عائِرٌ بشَفِيرِ ماقِ

أراد: لم يُحْرَفا، فأقام الواحد مقام الاثنين كما قال أبو ذؤيب:  

نامَ الخَلِيُّ وبِتُّ اللَّيلَ مُشْتَجِـراً

 

كأنّ عَيْنِيَ فيها الصَّابُ مذبُوحُ

والمِحْرَفُ والمِحْرافُ: الميل.

والمِحْرافُ أيضا: المسبار الذي يقاس به الجرح، قال القطامي:

إذا الطبيبُ بِمحْرافيهِ عـالـجَـهـا

 

زادَتْ على النَّفْرِ أو تحرِيكه ضَجَما

النفر: الورم، وقيل خروج الدم، قال الهذلي:

فإنْ يَكُ عَتَّابٌ أصَابَ بسَهْمِـه

 

حَشاه فعَنَّاه الجَوَى والمَحارِفُ

والمُحارَفَةُ: مقايسة الجرح بالمِحْرافِ.

وحارَفَه: ناجزه، قال ساعدة بن جؤية:

فإن تكُ قيسٌ أعْقِبَتْ من جُـنَـيدبٍ

 

فقد عَلِموا في الغزو كيفَ نُحارِفُ

والحُرْفُ: حب الرَّشاد، واحدته حُرْفةٌ. وقال أبو حنيفة: الحُرْفُ هو الذي تسميه العامة حب الرشاد.

والحُرْفُ والحُرَافُ: حية مظلم اللون يضرب إلى السواد، إذا أخذ الإنسان لم يبق فيه دم إلا خرج.

والحَرافَةُ: طعم يحرق اللسان والفم وبصل حِرّيفٌ: يحرق الفم وفيه حرارة.

وقيل: كل طعام يحرق فم أكله بحرارة مذاقه، فهو حِرّيفٌ.

مقلوبه: - ح ف ر -

حَفَرَ الشيء يحفِرُه حَفْراً، واحتَفَره: نقاه، كما يحفر الأرض بالحديدة. واسم المُحتَفر: الحُفْرَةُ والحفيرة والحَفرُ.

والحَفَرُ: البئر الموسعة فوق قدرها.

والحَفَرُ: التراب المخرج من الشيء المحْفورِ. والجمع من كل ذلك أحْفارٌ، وأحافيرُ جمع الجمع. أنشد ابن الأعرابي:

جُوبَ لها من جَبَلٍ هِرْشَمِّ

مُسْقَى الأحافيرِ ثَبيتِ الأَمِّ

وقد تكون الأحافِيرُ جمع حَفِيرٍ، كقطيع وأقاطيع.

والمِحْفَرَةُ والمِحْفَرُ والمِحْفارُ: المسحاة ونحوها مما يُحْتَفَرُ به.

وركية حَفِيَرةٌ وحَفَرٌ بديع. وجمع الحَفَرِ أحْفارٌ.

وأتى يربوعا مقصعا أو مرهطا فحفَره وحفَرَ عنه واحتفَرَه.

وكانت سورة "براءة" تسمى الحافِرَةَ، وذلك لأنها حَفَرَتْ عن قلوب المنافقين، وذلك لأنه لما فرض القتال تبين المنافق من غيره، ومن يوالي المؤمنين ممن يوالي أعداءهم.

والحَفْرُ والحَفَرُ: سلاق في أصول الأسنان. وقيل: هو صفرة تعلو الأسنان، وقد حُفِر فوه، وحَفَرَ يحْفِرُ حَفْراً، وحَفِرَ حَفَراً، فيهما.

وأحْفَرَ الصبي، سقطت له الثنيتان العلييان والسفليان، فإذا سقطت رواضعه قيل: حَفَرَتْ.

وأحْفَرَ المهر للإثناء والإرباع: سقطت ثناياه لهما.

والتقى القوم فاقتتلوا عند الحافِرَةِ: أي عند أول ما التقوا.

وأتيت فلانا ثم رجعت على حافِرَتِي، أي طريقي الذي أصعدت فيه خاصة، فإن رجع على غيره لم يقل ذلك.

والحافِرَةُ: الخلقة الأولى. وفي التنزيل: -أئِنَّا لَمَرْدودونَ في الحافِرَةِ-. قال:

أحافِرةً على صَلَعٍ وشَيْبٍ

 

معاذَ اللهِ من سَفَهٍ وعارِ

أي، أ أرجع في صباي وأمري الأول بعدما شبت وصلعت.

والحافِرَةُ: العودة في الشيء حتى يرد آخره على أوله. وفي الحديث: "إن هذا الأمْرَ لا يُترَكُ حتى يُرَدَّ على حافِرَتهِ- أي على أول تأسيسه.

وقالوا: النقد عند الحافِرَة والحافِرِ: أي عند أول كلمة.

والحافِرُ من الدواب، يكون للخيل والبغال والحمير، اسم كالكاهل والغارب، والجمع حوافِرُ، قال:

أولى فأولى يا امرأ القَيسِ بعدَما

 

خَصَفْنَ بآثارِ المَطِيّ الحَوَافِرَا

أراد: خصفن بالحوافِرِ آثار المطي، يعني آثار أخفافه، فحذف الباء من الحوافِرِ وزاد أخرى عوضا منها في آثار المطي، وهذا على قول من لم يعتقد القلب وهو أمثل، فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه، ومن هنا قال بعضهم: معنى قولهم: النقد عند الحافِرِ، أن الخيل كانت أعز ما يباع، فكانوا لا يبارحون من اشتراها حتى ينقد البائع. وليس ذلك بقوي.

ويقولون للقدم: حافِرٌ، إذا أرادوا تقبيحها، قال:

أعوذُ باللهِ من غُولٍ مُغَـوَّلَةٍ

 

كأنَّ حافِرَها في حدّ ظَنْبُوبٍ

وقال:

فما رَقَدَ الوِلْدانُ حتـى رأيتـهُ

 

على البَكْرِ يَمْرِيِه بساقٍ وحافِرِ

والحَفْرُ: الهزال، عن كراع. وحَفَرَ الغرز العنز يحْفِرُها حَفْراً: أهزلها.

وهذا غيث لا يَحْفِرُه أحد، أي لا يعلم أحد أين أقصاه.

والحفْرَى نبت، وقيل: هو شجر ينبت في الرمل لا يزال أخضر، وهو من نبات الربيع. وقال أبو حنيفة: الحِفْرَى ذات ورق وشوك صغار لا تكون إلا في الأرض الغليظة، ولها زهرة بيضاء، وهي تكون مثل جثة الحمامة، قال أبو النجم في وصفها:

تَظَلُّ حِفْرَاهُ مِنَ التَّهَدُّلِ

في روْضِ ذفْرَاءَ ورُعْلٍ مُخْجِلِ

الواحدة من كل ذلك حِفْرَاةٌ وناس من اليمن يسمون الخشبة ذات الأصابع التي يذرى بها الكدس المدوس وينقى بها البر من التبن: الحِفْرَاةَ.

وحُفَرَةُ وحَفِيرَةُ وحَفِيٌر وحَفَرٌ ويقالان بالألف واللام: مواضع. وكذلك أحْفارٌ والأحْفارُ، قال الفرزدق:

فيا لَيْتَ داري بالمدينةِ أصبحَتْ

 

بأحْفارِ فَلْجٍ أو بسيفِ الكَواظمِ

وقال ابن جني: أراد الحفرَ وكاظمة فجمعهما ضرورة.

مقلوبه: - ف ر ح -

الفَرَحُ نقيض الحزن وقال ثعلب: هو أن يجد في قلبه خفة. فرِحَ فَرَحا. ورجل فرِحٌ وفَرُحٌ ومَفْرُوحٌ، عن ابن جني، وفرْحانُ، من قوم فَراحَي وفَرْحَى. وامرأة فَرِحةٌ وفَرْحَى وفَرْحانةٌ، ولا أحقه.

وقوله تعالى: -لا تفرَحْ إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ- قال الزجاج: معناه، والله أعلم، لا تفرح بكثرة المال في الدنيا، لأن الذي يفرَحُ بالمال يصرفه في غير أمر الآخرة. وقيل: لا تَفْرَحْ، لا تأشر. والمعنيان متقاربان لأنه إذا سر ربما اشر.

والمِفْرَاحُ: الكثير الفَرَحِ. وقد أفرحَه وفَرَّحَه. والفَرْحَةُ والفُرْحَةُ: المسرة.

والفُرْحَةُ أيضا: ما تعطيه المُفَرِّحَ لك أو تثيبه به مكافأة.

وأفْرَحَه الشيء: فدحه وأثقله. والمُفْرَحُ: المثقل بالدين. ورجل مُفْرَحٌ: محتاج مغلوب. وقيل: فقير لا مال له. وفي الحديث: "لا يُترَكُ في الإسْلامِ مُفْرَحٌ" أي لا يترك في إخلاف المسلمين حتى يوسع عليه ويحسن إليه.

والمُفْرَحُ: الذي لا يعرف له نسب ولا ولاء. وروى بعضهم هذه الأخيرة بالجيم.

والمُفْرَحُ: القتيل يوجد بين القريتين، ورويت بالجيم أيضا.

وروى ابن الأعرابي: أفرَحني الشيء، سرني وغمني.

والفُرْحانةُ: الكمأة البيضاء، عن كراع، والذي رويناه: قرحان، بالقاف، وقد تقدم.

الحاء والراء والباء

الحَرْبُ: نقيض السلم، أنثى، وأصلها الصفة كأنها مقاتلة حرب، هذا قول السيرافي. وتصغيرها حُرَيْبٌ بغير هاء، وهو أحد ما شذ من هذا الضرب، وقد أبناه. وحكى ابن الأعرابي فيها التذكير وأنشد:

وهو إذا الحَرْبُ هَفا عُقابُهُ

كَرْه اللِّقاءِ تلتظي حِرابُه

والأعراف تأنيثها، وإنما حكاية ابن الأعرابي نادرة، وعندي انه إنما حمله على معنى القتل والهرج. وجمعها حُرُوبٌ.

ودار الحَرْبِ: بلاد المشركين الذين لا صلح بينهم وبين المسلمين. وقد حارَبَه مُحَارَبَةً وحِرابا. ورجل حَرْبٌ ومِحْرَبٌ ومِحْرَابٌ: شديد الحَرْب شجاع. وقيل: مِحْرَبٌ ومِحْرَابٌ، صاحب حَرْبٍ.

وفلان حَرْبٌ لي، أي عدو مُحَارِبٌ وإن لم يكن مُحاربا. مذكر، وكذلك الأنثى، قال نصيب:

وقُولا لها يا أمَّ عثمانَ خُلَّـتِـي

 

أسِلْمٌ لنا في حُبِّنا أنتِ أم حَرْبُ؟

وقوم حَرْبٌ كذلك. وذهب بعضهم إلى انه جمع حاربٍ أو مُحاربٍ على حذف الزائد.

وقوله تعالى: -فأْذَنُوا بحرْبٍ من اللهِ ورسولهِ- أي بقتل. وقوله تعالى: -الذين يُحاربون اللهَ ورسولَه- أي يعصونه.

والحَرْبَةُ: الآلة، وجمعها حراب. قال ابن الأعرابي: ولا تعد الحَرْبَةُ في الرماح.

والحَرَبُ أن يسلب الرجل ماله. حَرَبه يحرُبُه فهو مَحْرُوبٌ وحريبٌ، من قوم حَرْبى وحُرَباءَ، الأخيرة على التشبيه بالفاعل كما حكاه سيبويه من قولهم: قتيل وقتلاء. وحَريبتُه ماله الذي سلبه، لا يسمى بذلك إلا بعدما يسلبه. وقيل: حَريبةُ الرجل: ماله الذي يعيش به. وقولهم: وا حربا، إنما هو من هذا.

وقال ثعلب: لما مات حَرْبُ بن أمية بالمدينة قالوا: وا حربا، ثم نقلوها فقالوا: وا حربا، ولا يعجبني.

وحَرِبَ حَرَبا: اشتد غضبه فهو حَرِبٌ من قوم حَرْبى، مثل كلبي، قال الأعشى:

وشيوخٍ حَرْبى بشَطَّيْ أريكٍ

 

ونساءٍ كأنَّهُنَّ السَّعـالِـي

وحَرَّبه: أغضبه، قال أبو ذؤيب:

كأنّ مُحَرَّبا من أُسْدِ تَرْجٍ

 

يُنازلُهم، لنابَيْه قَـبِـيبُ

 والحَرَبُ كالكلب، وقوم حَرْبَى: كلبي. والفعل كالفعل. والعرب تقول في دعائها على الإنسان: ماله، حَرِبَ وجَرِبَ.

وحَرَّبَ السنان: أحده.

والحَرَبُ: الطلع، يمانية، واحدته حَرَبةٌ. وقد أحْرَبَ النخل.

والحُربَةُ: وعاء كالجوالق، وقيل: هي الغرارة، أنشد ابن الأعرابي:

وصاحبٍ صاحَبْتُ غَير أبْعَدَا

تَراه بينَ الحُرْبَتَين مُسْنَدا

والمِحْرَابُ: صدر البيت وأكرم موضع فيه. وهو أيضا الغرفة، قال:

رَبَّةَ محْرَابٍ إذا جئتُها

 

لم ألْقَها أو أرتَقى سُلَّما

والمحْرابُ: الذي يقيمه الناس مقام الأمام في المسجد.

ومحَاريبُ بني إسرائيل: مساجدهم التي كانوا يجلسون فيها، وقول الأعشى:

وترى مَجْلسا يَغَصُّ به المحْ

 

رَابُ مِ القومِ والثِّيابُ رِقاقُ

أراه يعني المجلس، وقول الآخر في صفة أسد:

وما مُغِبُّ بثِنْي الحِنْو مُـجْـتَـعِـل

 

في الغيلِ في جانبِ العِرّيسِ محْرَابا

جعله له كالمجلس.

والمحرابُ: أكرم مجالس الملوك، عن أبي حنيفة. وقيل: المحْرابُ: الموضع الذي ينفرد فيه الملك فيتباعد من الناس.

والحِرْباءُ: مسمار الدرع. وقيل: هو رأس المسمار في حلقة الدرع.

والحِرْباءُ: الظهر، وقيل: حَرَابِيُّ الظهر، سنانه. وقيل: الحَرَابِيُّ: لحم المتن، قال أوس بن حجر:

ففارتْ لهم يوما إلى اللَّيلِ قِدْرُنا

 

تَصُكُّ حَرِابيَّ الظهورِ وتَدْسَعُ

قال كراع: واحد حَرابِيِّ الظهور حِرْباءٌ على القياس، فدلنا ذلك على انه لا يعرف له واحدا من جهة السماع.

والحِرْباءُ: ذكر أم حبين، وقيل: هو دُوَيْبَّة نحو العظاءة تستقبل الشمس برأسها، يقال انه إنما يفعل ذلك ليقي جسده برأسه، وقد استقصيناه عند ذكر الأحناش والهوام في الكتاب المخصص. والعرب تقول: انتصب العود في الحرباء، على القلب وإنما هو انتصب الحرباء في العود وذلك أن الحرباء ينتصب على الحجارة وعلى أجذال الشجر، يستقبل الشمس فإذا زالت زال معها مقابلا لها.

وأرض مُحَرْبئَةٌ: كثيرة الحِرْباءِ.

وأرى ثعلبا قال: الحرْباءُ: الأرض الغليظة، وإنما المعروف الحزباء، بالزاي.

والحارث الحَرَّابُ ملك من كندة، قال:

والحارِثُ الحرَّابُ حَلَّ بعاقلٍ

 

جَدَثا أقام به ولم يتـحـوّلِ

وقال البريق:

بألْـبٍ ألُـوبٍ وحَـرَّابةٍ

 

لدى مَتْنِ وازِعِها الأوْرَمِ

يجوز أن يكون أراد جماعة ذات حِرَابٍ، وأن يعنى كتيبة ذات انتهاب واستلاب.

وحَرْبٌ ومُحارِبٌ: اسمان.

وحارِبٌ: موضع بالشام.

وحَرْبَةُ: موضع، غير مصروف، قال أبو ذؤيب:

في رَبْربٍ بَلَقٍ حُورٍ مَدامعُها

 

كأنهنَّ بجَنْبَيْ حربةَ البَـرَدُ

واحرَنْبَي الرجل: تهيأ للغضب والشر، وكذلك الديك والكلب والهر، وقد يهمز. وقيل: استلقى على ظهره ورفع رجليه نحو السماء.

مقلوبه: - ح ب ر -

الحِبْرُ: المداد.

والحِبْرُ والحَبْرُ: العالِم ذِميا كان أو مسلما بعد أن يكون من أهل الكتاب. وسأل عبد الله بن سلام كعبا عن الحَبْرِ فقال: هو الرجل الصالح. وجمعه أحبارٌ وحُبُورٌ، قال كعب بن مالك:

لقدْ خَزِيتْ بغَدْرتها الحُبُـورُ

 

كذاكَ الدهرُ ذو صَرْفٍ يَدُورُ

وكل ما حسن من حبك أو كلام أو شعر أو غير ذلك، فقد حُبِرَ حَبْراً وحُبِّرَ. وكان يقال لطفيل الغنوي في الجاهلية: مُحَبِّرٌ، لتحسينه الشعر.

وكعب الحبر كأنه من تحبير العلم وتحسينه.

وسهم مُحَبَّرٌ: حسن البري.

والحَبْرُ والسبر والحِبْرُ والسبر، كل ذلك: الحسن والبهاء.

والحَبْرُ والحَبَرُ والحَبْرَةُ والحُبُورُ، كله السرور. وأحْبرني الأمر: سرني.

والحَبْرُ والحَبْرَةُ: النعمة. وقد حُبِرَ حَبراً. وفي التنزيل: -فهُمْ في رَوْضَةٍ يُحْبَرُون-. قال الزجاج: قيل إن الحَبْرةَ هاهنا السماع في الجنة، وقال: الحبرةُ في اللغة، كل نعمة حسنة محسنة، وقال في قوله تعالى: -أنْتُمْ وأزواجُكم تُحْبَرُونَ-: معناه، تكرمون إكراما يبالغ فيه، والحَبَرَةُ: المبالغة فيما وصف بجميل، هذا نص قوله.

وشيء حَبِرٌ: ناعم. قال:

قد لبِستٌ الدهرَ من أفنانِهِ

 

كُلَّ فَنّ ناعمٍ منه حَبِـرْ

وثوب حبِيرٌ: جديد ناعم، قال الشماخ يصف قوسا كريمة على أهلها:

إذا سقطَ الأنداءُ صِيَنتْ وأُشْعِرَتْ

 

حَبِيراً ولم تُدْرَجُ عليها المَعاوِزُ

والجمع كالواحد.

والحبيرُ من السحاب: الذي ترى فيه كالتنمير من كثرة مائه.

والحَبرَةُ والحَبرَةُ: ضرب من برود اليمن منمر. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الحواميم في القرآن، كمثل الحبرات في الثياب".

والحِبْرُ بالكسر: الوشى، عن ابن الأعرابي.

والحَبَرُ والحِبْرُ: الأثر من الضربة إذا لم يدم. والجمع أحْبارٌ وحُبُورٌ، وهو الحَبارُ. قال حميد الأرقط:

ولا لحَبْلَيْهِ بها حَبارُ

وجمعه حَبارَاتٌ، ولا يكسر. وأحبرَت الضربة جلده وبجلده: أثرت به. وحَبِرَ جلده حَبراً، إذا بقيت للجرح آثار بعد البرء.

والحِبْرُ، والحَبْرُ والحُبرَةُ، والحِبِرُ، والحِبِرَةُ، والحَبْرَةُ: كل ذلك صفرة تشوب بياض الأسنان. وقيل: الحِبِرُ: الوسخ على الأسنان.

والحَبِيرُ: اللغام إذا صار على رأس البعير، والحاء أعلى.

وأرض محْبار: سريعة النبات كثيرة الكلا، قال:

لنا جِبال وحِمىً محبارُ

وقال أبو حنيفة: هي السهلة الدفيئة التي ببطون الأرض وسرارها. وقد حَبِرت الأرض، بكسر الباء، وأحْبَرَتْ.

والحَبَارُ: هيئة الرجل، عن الَّلحيانيّ، حكاه عن أبي صفوان، وبه فسر قوله:

ألا تَرى حَبار مَنْ يَسقيها

وقيل: حَبارُ هنا اسم ناقة، ولا يعجبني.

والحُبْرَةُ: السلعة تخرج في الشجرة، أو العقدة تقطع وتخرط منها الآنية.

والحُبارَي: طائر، والجمع حُبارَياتٌ. وأنشد بعض البغداديين في صفة صقر:

حَتْفُ الحُبارَياتِ والكَرَاوِينْ

قال سيبويه: ولم يكسر على حَباريَ ولا حَبائرَ، ليفرقوا بينها وبين فعلاء وفعالة وأخواتها.

والحِبْرِيرُ، والحُبْرَورَ، والحَبْربَرُ، والحَبرْبُور واليَحْبُورُ: ولد الحُبارَي. وقول أبي بردة:

بازٍ جَرِئٌ على الخِزَّانِ مُقْتَدِرٌ

 

ومِنْ حبابِيرِ ذي ماوانَ يَرْتَزِقُ

قيل في تفسيره: وهو جمع الحُبارَي، والقياس يرده إلا أن يكون اسما للجمع.

واليَحْبُورُ: طائر.

ويَحابرُ: أبو مراد، ثم سميت القبيلة يَحابِرَ، قال الشاعر:

وقد أمِنَتْي بعـد ذاك يحـابـرٌ

 

بما كنت أغشِى المُنْدِياتِ يَحابرَا

والمُحَبَّرُ: فرس ضرار بن الأزور الأسدي.

وحِبرٌّ: اسم بلد، وكذلك حبراري وحبرير: جبل معروف.

وما أصبت منه حَبْربَراً أي شيئا، لا يستعمل إلا في النفي، التمثيل لسيبويه، والتفسير للسيرافي.

مقلوبه: - ر ح ب -

رَحُبَ الشيء رُحْبا ورَحابَةً فهو رَحْبٌ ورَحيب ورُحاب، وأرْحبَ: اتسع. وقالوا: رحُبَتْ عليك وطُلَّتْ، أي رحُبَت البلاد وطلت. وقال أبو إسحاق: رحُبَتْ بلادك وطلت، أي اتسعت وأصابها الطل.

ورجل رَحبُ الصدر ورحِيبُ الجوف: واسعهما. وامرأة رُحابٌ: واسعة.

وقولهم في تحية الوارد: أهلا ومَرْحبا، أي صادفت أهلا ومَرْحبا. وقالوا: مَرْحَبَكَ الله ومسهلك، وقد أبنت تعليله في الكتاب المخصص بما فيه كفاية.

ورَحَّبَ بالرجل: دعاه إلى الرُّحْبِ والسعة.

ورَحْبةُ المسجد والدار: ساحتهما ومتسعهما. وقال سيبويه: رحَبَةٌ ورِحابٌ، كرقبة ورقاب.

ورِحابُ الوادي: مسايل الماء من جانبيه فيه، واحدتها رَحَبَةٌ.

ورَحَبةُ الثمام: مجتمعه ومنبته. والرَّحبَةُ: موضع العنب، بمنزلة الجرين للتمر وكله من الاتساع. وقال أبو حنيفة: الرَّحْبَةُ والرحَبَةُ، والتثقيل أكثر، أرض واسعة منبات محلال.

وكلمة شاذة تحكي عن نصر بن سيار قال: أرَحُبَكم الدخول في طاعة ابن الكرماني أي أوسعكم، فعدى فعل وليست متعدية عند النحويين، إلا أن أبا علي الفارسي حكى أن هذيلا تعديها إذا كانت قابلة للتعدي بمعناها كقوله:

ولم تَبصُرِ العَينُ فيها كِلابا

ويقال للخيل: ارحُبِي، زجر لها، أي توسعي وتنحي.

والرُّحْبَي: أعرض ضلع في الصدر.

والرُّحبَيان: الضلعان اللتان تليان الإبطين في أعلى الأضلاع. وقيل: هما مرجع المرفقين، واحدهما رُحْبَى. وقيل: الرُّحْبَى، ما بين مغرز العنق إلى منقطع الشراسيف، وقيل: هي ما بين ضلعي أصل العنق إلى مرجع الكتف.

والرُّحَيْباءُ من الفرس: أعلى الكشحين، وهما رُحَيْباوانِ.

والرُّحْبَى: سمة على جنب البعير.

وبنو رحَبْةَ: من حمير.

وبنو أرْحَبَ: بطن من همدان اليهم تنسب النجائب الأرحبيَّة.

ومَرْحَبٌ: اسم.

ومَرْحَبٌ: فرس عبد الله بن عبد.

والرُّحَابةٌ: أطم بالمدينة.

مقلوبه: - ب ح ر -

البَحْرُ: الماء الكثير، ملحا كان أو عذبا وقد غلب على الملح حتى قل في العذب. وجمعه أبحُرٌ، وبُحُورٌ، وبِحارٌ.

وماء بَحْرٌ: ملح، قل أو كثر، قال نصيب:

وقد عادَ ماءُ الأرضِ بحراً فـزَادنـي

 

إلى مَرَضِى، أن أبحَرَ المشرَبُ العذْبُ

وأبحَرَ الماء: صار ملحا. والنسب إلى البحْرِ بَحْرانِيّ، على غير قياس، قال سيبويه: قال الخليل كأنهم بنوا الاسم على فعلان.

والتَّبَحُّرُ والاستِبْحارُ: الانبساط والسعة. واستَبْحر الرجل في العلم والمال، وتبَحَّر: اتسع.

وتَبَحَّر الراعي في رعي كثير: اتسع. وكله من البحر لسعته.

وبَحِرَ الرجل: فزع من البَحْرِ.

وأبحَرَ القوم: ركبوا البَحْرَ.

ويقال للبَحْرِ الصغير: بُحَيرٌة، كأنهم توهموا بَحْرَةً وإلا فلا وجه للهاء. وأما البُحَيرَةُ التي بطبرية فإنها بحرٌ عظيم، نحو عشرة أميال في ستة أميال، وهي علامة لخروج الدجال، تيبس حتى لا يبقى فيها قطرة ماء.

وقوله: "يا هادي الليل جرت" إنما هو البَحْرُ أو الفجر، فسره ثعلب فقال: إنما هو الهلاك أو ترى الفجر، شبه الليل بالبحر.

والبحُر: الرجل الكريم الكثير المعروف. وفرس بَحْرٌ: جواد كثير العدو، على التشبيه بالبَحْرِ.

والبَحْرُ: الريف، وبه فسر أبو علي قوله تعالى: -ظَهَر الفسادُ في البَرّ والبَحرِ- لأن البحر الذي هو الماء لا يظهر فيه فساد ولا صلاح.

وقول بعض الإغفال:

وأدَمَتُ خُبزيَ من صُيَيْرِ

من صِيرِ مِصْرَينَ أو البُحَيْرِ

يجوز أن يعني بالبُحَيرِ البحرَ الذي هو الريف، فصغره للوزن وإقامة القافية، ويجوز أن يكون البُحيرةَ فرخم اضطرارا، وقوله:

من صُييرٍ، من صِيرِ مِصْرينَ

يجوز أن يكون صير بدلا من صيير، بإعادة حرف الجر، ويجوز أن يكون من للتبعيض، كأنه أراد: من صيير كائن من صير مصرين.

والبحْرَةُ: الفجوة من الأرض تتسع وقال أبو حنيفة: قال أبو نصر: البحار الواسعة من الأرض، الواحدة بَحْرَةٌ، وأنشد لكثير في وصف مطر:

يُغادِرُ صَرْعى من أراكٍ وتَنْضُبِ

 

وزُرْقا بأجْوَازِ البحـارِ يُغـادِرُ

وقال مرة: البحرةُ: الوادي الصغير يكون في الأرض الغليظة. والبحرَةُ: الروضة العظيمة من سعة، وجمعها بُحَرٌ وبِحار، قال النمر بن تولب:

وكأنها دَقَرَي تَخايَل نبتُـهـا

 

أُنُفٌ يغمّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها

وبَحِرَ الرجل والبعير بحرا فهو بَحِرٌ: إذا اجتهد في العدو طالبا أو مطلوبا فانقطع وضعف، ولم يزل بشر حتى أسود وجهه وتغير.

ورجل بَحِرٌ: مسلول ذاهب اللحم، عن ابن الأعرابي وأنشد:

وغِلْمَتِي، منهم سَحِيرٌ وبَحِرْ

وآبِقٌ من جَذْبِ دَلْوَيها هَجِرْ

وبَحِرَ الرجل: بهت. والباحِرُ: الأحمق الذي إذا كلم بقى كالمبهوت، وقيل: هو الذي لا يتمالك حمقا.

وتبَحَّر الخبر: تطلبه.

ودم باحِرِيّ وبَحْرانِيّ: خالص الحمرة من دم الجوف، وعم بعضهم به فقال: أحمر باحِريّ وبَحرانِيّ، ولم يخص به دم الجوف ولا غيره.

وبَحَرَ الناقة والشاة يَبْحَرُها بَحْراً: شق أذنها بنصفين، وقيل: بنصفين طولا، وهي البَحِيرَةُ، وكانت العرب تفعل بهما ذلك إذا نتجا عشرة أبطن، فلا ينتفع منهما بلبن ولا ظهر، وتترك البَحيرَةُ ترعى وترد الماء، ويحرم لحمها على النساء ويحلل للرجال، فنهى الله تعالى عن ذلك فقال: -ما جعل الله من بَحِيرةٍ ولا سائبةٍ ولا وصيلَةٍ ولا حامٍ- وقيل البَحيرَةُ من الإبل التي بُحِرَتْ أذنها: أي شقت طولا. ويقال: هي التي خليت بلا راع، وهي أيضا الغزيرة. وجمعها بُحُرٌ، كأنه توهم حذف الهاء.

والبَحْرةُ: الأرض والبلدة.

ولقيته سحرة بَحْرَة، إذا لم يكن بينك وبينه شيء.

والباحُورُ: القمر، عن أبي علي في البصريات.

والبَحْران: موضع بين البصرة وعمان، النسب إليه بَحْرِيّ وبَحْرانِيّ.

وقد سمت: بَحْرا، وبُحَيراً، وبَحيراً وبَيْحَراً وبَيْحَرةَ.

وبنو بَحْرِيّ: بطن.

وبحْرةُ وبَيْحَرُ: موضعان.

وبحارٌ وذو بحارٍ، موضعان. قال الشماخ:

صَبا صَبْوةً من ذي بحارٍ فجاوزَتْ

 

إلى آلِ لَيْلى بطْنَ غَوْلٍ فمِنَعَـجِ

مقلوبه: - ر ب ح -

الرِّبْحُ والرَّبَحُ: النماء في التجر. رَبِحَ في تجارته رِبْحْا ورَبحانا.

والعرب تقول للرجل إذا دخل في التجارة: بالرَّباحِ والسَّماحِ.

وقوله تعالى: -فما ربحَتُ تِجارَتُهم- قال أبو إسحاق: معناه، ما ربحوا في تجارتهم، لأن التجارة لا تَربحُ وإنما يُربَحُ فيها ويوضع فيها. والعرب تقول: قد خسر بيعك، وربِحَتْ تجارتك، يريدون بذلك الاختصار وسعة الكلام.

ومتجر رابِحٌ وربِيحٌ: الذي يُربَحُ فيه.

وقد أرْبَحَه بمتاعه، وأعطاه مالا مُرَابحَةً، أي على أن الربْحَ بينهما.

والرَّبَح: ما اشتُرِى من الإبل للتجارة.

والرَّبَح: الفصال.

والرَّبَحُ: الشحم، قال:

قَرَوا أضيافَهم رَبحَا بِبُـحٍّ

 

يَعيشُ بفضلِهنَّ الحَيُّ سُمُرِ

يعني قداحا بحا من رزانتها، والرَّبَحُ هنا يكون الشحم، ويكون الفصال.

والرُّبَحُ: من أولاد الغنم، وهو أيضا طائر يشبه بالزاغ، قال:

فَتَرَى القَوْمَ نشاوَى كُلَّـهُـمْ

 

مِثلَ ما مُدَّت نَصَاحاتُ الرُّبَحْ

وقيل: الرَّبَحُ، بفتح أوله، طائر يشبه الزاغ، عن كراع.

والرُّبَحُ والرُّبَّاح جميعا: القرد. وقيل: ولده. وقيل: الجدي. وقيل: الفصيل. قال الشاعر:

حطَّتْ به الدَّلْوُ إلى قَعْرِ الطَّوِىْ

كأنما حطَّتْ برُبَّاحٍ ثَنِى

ورُبَّ الرُّباحِ: ضرب من التمر.

والمُرَبَّحُ: فرس الحارث بن دلف.

ورَبَاحٌ: اسم.

مقلوبه: - ب ر ح -

بَرِحَ بَرَحاً وبُروحاً وبَراحا: زال. قال سعد بن ناشب:

مَنْ فَرَّ عنْ نِيرانِهـا

 

فأنا ابنُ قيسٍ لا بَرَاح

وتَبَّرَحَ: كَبِرحَ، قال مليح الهذلي:

مَكثنَ على حاجاتِهن وقد مَضَـى

 

شَبابُ الضُّحَى والعِيسُ ما تَتبرَّحُ

وأبْرَحَهُ هو. وما بَرِحَ يفعل كذا، أي ما زال وبَرِحَ الأرض: فارقها، وفي التنزيل: -فلَنْ أبْرَحَ الأرْضَ حتى يأذَنَ لي أبِي-.

وحبيل بَراحٍ: الأسد، كأنه شُدَّ بالحبال فلا يَبرحُ، وكذلك الشجاع.

والبَراحُ: الظهور والبيان. وبرح الخفاء وبَرِحَ، الأخيرة عن ابن الأعرابي، ظهر، قال:

بَرِحَ الخَفاءُ فما لديَّ تجَلُّدُ

وأرض بَراحٌ: واسعة ظاهرة، وقيل: لا نبات فيها ولا عمران.

وبَرَاحِ وبَراحُ: اسم للشمس، معرفة، سميت بذلك لانتشارها وبيانها، قال:

هذا مَقامُ قَدَمَيْ رَباحِ

غُدوَةَ حتى دلكَتْ بَراحِ

ويروى: بِراحِ، أي أستريح منها.

وبَرَّحَ بنا وأبرَحَ: آذانا بالإلحاح. والاسم البَرْحُ، ويوصف به فيقال: أمر بَرْحٌ، قال:

والهوَى بَرْحٌ على من يُطالِبُهْ

وقالوا: بَرْحٌ بارِحٌ، وبَرْحٌ مُبرِح، على المبالغة، فإن دعوت به فالمختار النصب، وقد يرفع. وقول الشاعر:

أمُنْحدِراً تَرمي بك العيسُ غُربةً

 

ومُصْعِدةً، برْحٌ لعيِنك بـارِحٌ

يكون دعاء، ويكون خبرا.

والبَرْحُ، الشر والعذاب الشديد. وبَرَّحَ به عذبه. والتَّبارِيُح: الشدائد. وقيل: هي كلف المعيشة في مشقة. وضربه ضربا مُبَرِّحاً: شديدا، وهذا أبْرَحُ عليَّ، أي أشق وأشد، قال ذو الرمة:

أنِيناً وشَكوى بالنهارِ كـثِـيرَةً

 

عليّ، وما يأتي به الليلُ أبْرَحُ

وهذا على طرح الزائد، أو يكون تعجبا لا فعل له كأحنك الشاتين.

والبُرَحاءُ: الشدة، وخص بعضهم به شدة الحمى.

وبُرَحايا: في هذا المعنى.

ولقيت منه البِرَحْينِ والبَرَحِينَ والبُرَحينَ: أي الشدة، كأن واحد البِرحَينَ بِرَحٌ، ولم ينطق به إلا انه مقدر، كأن سبيله أن يكون الواحد بِرَحةً بالتأنيث، كما قالوا: داهية ومنكرة، فلما لم تظهر الهاء في الواحد، جعلوا جمعه بالواو والنون عوضا من الهاء المقدرة، وجرى ذلك مجرى أرض وأرضين، وإنما لم يستعملوا في هذا الإفراد فيقولون برَحٌ، واقتصروا فيه على الجمع دون الإفراد من حيث كانوا يصفون الدواهي بالكثرة والعموم والاشتمال والغلبة. والقول في الفتكرين والأقورين، كالقول في هذه.

ولقيت منه بني بَرْح وبنات بَرْح، أي الشدة كالبِرَحينَ. وحكى ابن الأعرابي: لقيت منه ابن بَريحٍ كذلك، قال: والبَريحُ التعب أيضا وأنشد:

به مسيِحٌ وبَرِيحٌ وصخَبْ

والبوارِحُ: شدة الرياح من الشمال في الصيف دون الشتاء، كأنه جمع بارِحةٍ، وقيل: البوارِحُ، الرياح الشدائد التي تحمل التراب، واحدها بارح، وقيل: هي الشمال في الصيف حارة.

والبوارِحُ: الأنواء، حكاه أبو حنيفة عن بعض الرواة، ورده عليهم.

والبارِحُ: خلاف السانح. وقد برَحَتْ تَبَرَحُ بروحا، قال الشاعر:

فهُنَّ يَبْرَحْنَ له بُروحا

وتارةً يأتِينَه سُنوحا

وفي المثل: من لي بالسانح بعد البارِحِ. يضرب هذا للرجل يسيء إليه الرجل فيقال له: إنه سوف يحسن إليك، فيضرب هذا المثل. وأصل ذلك أن رجلا مرت به ظباء بارِحةٌ فقيل له إنها سوف تسنح لك، فقال: من لي بالسانح بعد البارِحِ.

ويقال: إنك لكَبارِحِ الأروى قليلا ما يرى، يضرب ذلك للرجل إذا أبطأ عن الزيارة، وذلك أن الأروى تكون في الجبال فلا يقدر أحد عليها أن تسنح له، وقد تقدم تفسير السانح والبارِحِ، واختلاف العرب في التيمن بهما والتشاؤم.

وما أبْرحَ هذا الأمر: أي ما أعجبه، قال الأعشى:

فأبرحْت رَبَّا وأبْرَحت جارا

وقيل: معنى هذا البيت، أبرَحْتِ أكرمت، أي صادفت كريما.

والبارِحةُ: الليلة الخالية، ولا تحقر. قال ثعلب عن أبي زيد انه قال: تقول مذ غدوة إلى أن تزول الشمس: رأيت الليلة في منامي، فإذا زالت الشمس قلت: رأيت البارِحَةَ.

وللعرب كلمتان عند الرمي: إذا أصاب قالوا: مَرْحَى، وإذا اخطأ قالوا: بَرْحى.

وقول بَرِيحٌ: مصوت به، قال الهذلي:

أراه يُدَافِعُ قولاً بَرِيحا

وابن بَرِيحٍ: الغراب، معرفة، سمي بذلك لصوته، وهن بنات بَرِيحٍ.

ويَبَرَحُ: اسم رجل.