باب الثلاثي اللفيف

المحكم والمحيط الأعظم في اللغة

ابن سيده

علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده، المولود عام (398 - 458 هـ = 1007 - 1066 م)

الجزء الثاني

حرف الحاء

باب الثلاثي اللفيف

الحاء والهمزة والياء

إيحا: كلمة تقال للرامي إذا أصاب، فإذا اخطأ قيل: برحى، وقد تقدم.

الحاء والهمزة والواو

أُحْوُ أَحْوُ: كلمة تقال للكبش إذا أمر بالسفاد.

الحاء والياء والواو

حَوَى الشيء حَيّا وَحَوايَةً، واحتواه، واحتوَى عليه: جمعه وأحرزه.

والحَيَّةُ من الهوام، تكون للذكر والأنثى بلفظ واحد، وقد قدمت ذكرها في المضاعف، وهو رأي الفارسي، وذكرتها هنا لأن أبا حاتم ذهب إلى إنها من "ح وى" قال: لِتَحَوّيها في لوائها. ورجل حَوَّاءٌ وحاوٍ: يجمع الحيات، وهذا يعضد قول أبي حاتم أيضا.

وحَوَى الحية: انطواؤها.

وأرض مَحْوَاةٌ: كثيرة الحيات.

والحَوِيَّةُ: مركب يهيأ للمرأة.

وحَوَّى حَوِيَّةً: ملها.

والحَوِيَّةُ: استدارة كل شيء.

وتَحَوَّى الشيء: استدار.

والحَوِيَّةَ: صفاة يحاط عليها بالحجارة أو التراب فيجتمع فيها الماء.

والحَوِيَّةُ والحاوِيَةُ والحاوِياءُ: ما تحَوَّى من الأمعاء، وهي بنات اللبن، وقيل: هي الدوارة منها، والجمع حَوايا، تكون فعائل إن كانت جمع حَوِيَّة، وفواعل إن كانت جمع حاوِيَة أو حاوِياء، وقد تقدم شرح ذلك في "الكتاب المخصص".

والحِواءُ والمُحَوَّى كلاهما: جماعة بيوت الناس إذا تدانت.

والتَّحوِيَةُ: الانقباض، هذه عبارة الَّلحيانيّ، قال: وقيل للكلبة: ما تصنعين مع الليلة المطيرة؟ فقالت أُحَوِّي نفسي وأجعل نفسي عند استي. وعندي أن التَحَوِّي: الانقباض.

والتَّحوِيَةُ: القبض.

والحَوِيَّةُ: طائر صغير، عن كراع.

والحَواة: الصوت كالخواة، والخاء أعلى.

وحُوَىٌّ: اسم، أنشد ثعلب لبعض اللصوص:

تقولُ وقد نَكَّبتُها عن بِلادِهـا

 

أتفعلُ هذا يا حُوَىُّ على عَمْدِ

والحاءُ: حرف هجاء، وحكى صاحب العين حَيَّيتُ حاء. فإذا كان هذا فهو من باب عييت. وهذا عندي من صاحب العين صنعة لا عربية، وإنما قضيت على الألف أنها واوٌ لأن هذه الحروف وإن كانت صوتا في موضوعاتها فقد لحقت ملحق الأسماء وصارت كمال، وإبدال الألف من الواو عينا أكثر من إبدالها من الياء، هذا مذهب سيبويه. وإذا كانت العين واوا كانت الهمزة ياء، لأن باب لويت اكثر من باب قوة، أعني انه أن تكون الكلمة من حروف مختلفة أولى من أن تكون من حروف متفقة، لأن باب ضرب اكثر من باب رددت، ولم اقض أنها همزة، لأن ح وهمزة على النسق معدوم.

وحكى ثعلب عن معاذ الهراء أنه سمع العرب تقول: هذه قصيدة حاوِيَّةٌ أي على الحاء. ومنهم من يقول: حائية. فهذا يقوى أن الألف الأخيرة همزة وضعية. وقد قدمت عدم ح وهمزة على نسق.

وحم، قال ثعلب: معناه: لا ينصرون، قال: والمعنى: يا منصور اقصد بهذا لهم، أو يا الله، قال سيبويه: حم لا ينصرف، جعلته اسما للسورة أو أضفت إليه، لأنهم أنزلوه بمنزلة اسم أعجمي، نحو هابيل وقابيل، وأنشد:

وجَدنا لكم في آلِ حامِيمَ آيةً

 

تأوَّلها منا تقىٌ ومُعـرِبُ

هكذا أنشده سيبويه، ولم يجعل هنا حا مع ميم كاسمين ضم أحدهما إلى صاحبه، إذ لو جعلهما كذلك لمد حا فقال: حاء ميم، ليصير كحضرموت.

وحَيوَةُ: اسم رجل، وإنما ذكرتها هنا لأنه ليس في الكلام ح ي و، وإنما هي عندي مقلوبة من ح وي إما مصدر حَوَيتُ حَيَّةً، مقلوب، وإما مقلوب عن الحيَّة التي هي الهامة فيمن جعل الحية من ح وي وإنما صحت الواو لنقلها إلى العلمية وسهل ذلك لهم القلب، ولو أعلُّوا بعد القلب، والقلب علة، لتوالى إعلالان. وقد يكون فيعلة من حوى يحوي ثم قلبت الواو ياء للكسرة فاجتمعت ثلاث ياءات فحذفت الأخيرة فبقيت حَيَّة، ثم أخرجت على الأصل فقيل: حَيوَة.

مقلوبه: - وح ى -

وحَيَ وَحْيا: كتب، قال ذو الرمة:

لِقَدَرٍ كان وَحاه الواحيِ

والوَحْيُ: المكتوب أيضا، وعلى ذلك جمعوا فقالوا: وحيٌ، قال لبيد:  

فَمَدافِعُ الرَّيَّانِ عُرّىَ رَسُمهـا

 

خَلَقَا كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها

وأوحَى إليه: بعثه. وأوحَى إليه: ألهمه، وفي التنزيل: -وَ أوْحَى رَبكَ إلى النَّحْلِ- وفيه: -بأن رَبَّكَ أوحَى لها- أي اليها، فمعنى هذا أمرها. ووحى في هذا المعنى، قال رؤبة:

وحَى لها القَرارَ فاستَقَرَّتِ

وقيل: أراد: أوحَى إلا أن من لغة هذا الراجز إسقاط الهمزة مع الحرف.

ووَحَى إليه، وأوْحى: كلمة بكلام يخفيه من غيره.

ووَحَى إليه وأوْحَى: أومأ، وفي التنزيل: -فَأوحَى إليهمْ أن سَبِّحوا بُكرَةً وعَشيَّا-، قال:

فَأوحتْ إلينا والأنامل رُسلُها

وقول أبي ذؤيب:

فقالَ لها وقدْ أوحتْ إليهِ

 

ألا لله أمُّك ما تَعـيف

أوحَت إليه: كَلَّمتْه، وليستِ العُقاب متكلمة إنما هو على قوله:

قدْ قالتِ الأنساعُ للبطنِ الحقِ

وهو باب واسع.

والوَحَي: السيد من الرجال، قال:

عَلِمتُ أني إنْ عَلِقتُ بحَبـلـهِ

 

نَشِبتْ يَدايَ إلى وَحيً لم يَصْقَع

يريد: لم يذهب عن طريق المكارم، مشتق من الصقع.

والوحَيُ والوَحَي والوَحاةُ: الصوت يكون في الناس وغيرهم قال أبو زبيد:

مُرْتَجِزِ الخَوفِ بِوَحيٍ أعْجمِ

وأنشد ابن الأعرابي:

يَذودُ بِسَحْـمـاوَيْنِ لـم يَتَـفـلَّـلا

 

وحيَ الذئبِ عن طَفل مَناسِمُه مُخْل

وقد تقدم تفسير هذا البيت في باب الأسحم، وخص ابن الأعرابي مرة بالوحاة صوت الطائر.

والوَحا: العجلة. يقولون: الوَحا الوَحا، والوَحاءَ الوَحاءَ، أي الإسراع، فيمدونها ويقصرونها إذا جمعوا بينهما، فإذا أفردوه مدوه ولم يقصروه، قال أبو النجم:

يَفيض عنه الرَّبْوُ مِن وَحائِه

وقد وَحَى وتَوَحَّى بالشيء: أسرع.

وشيء وَحِيٌّ: عجل مسرع.

واستوْحَى الشيء: حرَّكه ودعاه ليرسله.

مقلوبه: - ي وح -

يُوحُ: الشمس، عن كراع، وحكاه يعقوب: بُوحُ.

مقلوبه: - وي ح -

وَيْحٌ: كلمة تقال رحمة، وكذلك وَيحَما، قال حميد بن ثور:

ألا هَيَّما مما لَقـيتُ وَهَـيَّمـا

 

ووَيحٌ لِمَنْ لم يدرِ ما هُنَّ وَيْحَما

وقيل: وَيحَه كوَيْلَه، وقيل: وَيْحٌ: تقبيح. قال ابن جني: امتنعوا من استعمال فعل الوَيْحِ لأن القياس نفاه ومنع منه، وذلك لأنه لو صرف الفعل من ذلك لوجب اعتلال فائه كوعد، وعينه كباع، فتحاموا استعماله، لما كان يعقب من اجتماع إعلالين، ولا أدري أدخل الألف واللام على الويح سماعا أم تبسطا وإدلالا.

انتهى الثلاثي اللفيف.