الثلاثي المعتل: الفرع الأول

المحكم والمحيط الأعظم في اللغة

ابن سيده

علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده، المولود عام (398 - 458 هـ = 1007 - 1066 م)

الجزء الثالث

حرف الهاء

الفرع الأول

الهاء والقاف والهمزة

الأَيْهُقانُ: الجرجير، قال لبيد:

فَعَلاَ فُروعَ الأَيْهُقانِ وأطْفَلَتْ

 

بالجَلْهَتَينِ ظِباؤُها ونَعامُهـا

وقيل: هو نبت يشبه الجرجير وليس به، قال أبو حنيفة: من العشب الأيْهُقانِ، وإنما اسمه النَّهَقُ، قال: وإنما سماه لبيد الأيْهُقانِ حيث لم يتفق له في الشعر إلا الأيْهُقان، قال: وهي عشبة تطول في السماء طولا شديدا، ولها وردة حمراء، وورقة عريضة، والناس يأكلونه، قال: وسألت عنه بعض الأعراب فقال: هو عشبة تستقل مقدار الساعد، ولها ورقة أعرض من ورقة الحَّواءة، وزهرة بيضاء، وهي تؤكل، وفيها مرارة، واحدته أيْهُقانَة، وهذا الذي قاله أبو حنيفة عن أبي زياد من أنَّ الأيْهُقان مغير عن النهق مقلوب منه خطأ، لأن سيبويه قد حكى الأيْهُقانَ في الأمثلة الصحيحة الوضعية التي لم يعن بها غيرها، فقال: ويكون على فيعلان في الاسم والصفة، فالصفة نحو الأيْهُقان، والضميران، والزيبدان، والهيردان، وإنما حملناه على فيعلان دون أفعلان، وإن كانت الهمزة تقع أولا زائدة، لكثرة فيعلان كالخيزران والحيسمان، وقلة أفعلان.

مقلوبه: - أ ق ه -

الأقْهُ: الطاعة، وقد أبنت هذه المسألة بما تقتضيه من التصريف في المخصص. 

الهاء والجيم والهمزة

هَجِئ الرجل هَجَأً: التهب جوعه.

وهَجَأَ جوعه هَجْأً وهُجوءاً: سكن وذهب.

وهَجَأَه الطعام يَهْجَؤُه هَجْأً: ملأه.

وهَجَأَ الطعام: أكله.

وأهْجَأَ الطعام غَرَثِى: قطعه، قال:

فَأخْزاهُمُ رَبِّـي ودَلَّ عـلَـيهِـمُ

 

وأطعَمَهُمْ مِنْ مَطْعَمٍ غيرِ مُهجِئِ

وهَجَأَ الإبل والغنم، وأهْجَأها: كفَّها لترعى.

وتَهَجَّأْتُ الحرف: تَهَجَّيْتُه.

الهاء والضاد والهمزة

ضَاهَأَ الرجل وغيره: رفق به، هذه رواية أبي عبيد عن الأموي في المصنف.

وقال صاحب العين: ضَاهَأْتُ الرجل بمعنى ضاهَيْتُه، أي شابهته، وقد قريء: -يُضاهِئُون قَوْلَ الَّذين كَفَروا-.

الهاء والزاي والهمزة

هَزِئَ به، ومنه، وهَزَأَ يَهْزَأ فيهما هُزْءاً وهُزُؤاً ومَهْزَأةً، وتَهزَّأَ، واستَهْزَأَ: سخر، وقوله تعالى: -اللهُ يَستَهْزِئُ بِهِمْ- قال أبو إسحاق: فيه أوجه من الجواب، قيل: معنى استهزأ الله بهم: أن أظهر لهم من أحكامه في الدنيا خلاف ما لهم في الآخرة، كما أظهروا للمسلمين في الدنيا خلاف ما أسروا، ويجوز أن يكون استهزاؤه بهم أخذه إياهم من حيث لا يعلمون، كما قال تعالى: -سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمونَ- ويجوز، وهو الوجه المختار عند أهل اللغة، أن يكون معنى يستهزئ بهم: يجازيهم على هزئهم بالعذاب، فسمى جزاء الذنب باسمه، كما قال تعالى: -و جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها- فالثانية ليست بسيئة في الحقيقة، وإنما سميت سيئة لازدواج الكلام، فهذه ثلاثة أوجه، والله أعلم.

ورجل هُزَأَةٌ: يَهْزَأ بالناس، وهُزْأَة: يُهْزَأُ منه.

وهَزَأَ الشيء يَهْزَؤُه هَزْءاً: كسره، قال يصف درعا:

لها عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً

 

وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ

عكن الدرع: ما تثنى منها، والباء في "بالمعابل" زائدة، هذا قول أهل اللغة، وهو عندي خطأ، إنما تهزأ هاهنا من الهُزْء الذي هو السخرى، كأن هذه الدرع لما ردَّت النبل خنسا جعلت هازِئةً بها.

وهَزَأ الرجل: مات، عن ابن الأعرابي.

وهَزَأ الرجل إبله هَزْءاً: قتلها بالبرد، والمعروف هرأها، وأرى الزاي تصحيفا.

الهاء والدال والهمزة

هَدَأَ يَهْدَأُ هَدْأً وهُدُوءاً: سكن، يكون في سكون الحركة والصوت وغيرهما، قال ابن هرمة:

لَيْتَ السِّباعَ لَنا كانتْ مُجاوِرَةً

 

وأَنَّنا لا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أحَدَا

إنَّ السِّباعَ لتَهْدَا عَنْ فَرائِسها

 

والناسُ ليسَ بِهادٍ شَرُّهُمْ أبَدا

أراد "لَتَهْدَأُ" و"بهادئ" فأبدل الهمزة إبدالا صحيحا، وذلك انه جعلها ياء، فألحق هاديا برام وسام، وهذا عند سيبويه إنما يؤخذ سماعا لا قياسا، ولو خففها تخفيفا قياسيا لجعلها بين بين، فكان ذلك يكسر البيت، والكسر لا يجوز، وإنما يجوز الزحاف.

والاسم الهَدْأَة، عن اللحياني.

وأهْدَأَه: سكَّنه.

وهَدَأَ عنه: سكن.

وأتانا بعد ما هَدَأَت الرجل والعين: أي سكنت.

وهَدَأ بالمكان: أقام فسكن.

ولا أهْدَأَه الله: لا أسكن عناءه ونصبه.

وأتانا بعد هُدْءٍ من الليل، وهَدْءٍ، وهَدْأَةٍ، وهَدِئٍ، وهُدوءٍ، ويكون هذا الأخير مصدرا وجمعا، أي حين سكن الناس، وقد هَدَأ الليل عن سيبويه، وقيل: الهَدْءُ: من أوله إلى ثلثه، وذلك ابتداء سكونه.

والهَدْأَة: موضع بين مكة والطائف، سئل أهلها: لم سميت هَدْأةً؟ فقالوا: لأن المطر يصيبها بعد هَدْأَة من الليل، والنسب إليه هَدَوِيٌّ، شاذ من وجهين، أحدهما تحريك الدال، والآخر قلب الهمزة واوا.

وما له هِدْأَةُ ليلة، عن اللحياني، ولم يفسره، وعندي أن معناه: ما يقوته فيسكن جوعه أو سهره أو همه.

وهَدَأ الرجل يَهْدَأُ هُدُوءاً: مات.

وهَدِئَ هَدَأً فهو أهْدَأُ: جَنِئَ، وأهْدَأَه الضب أو الكبر.

والهَدَأ: صغر السنام يعتري الإبل من الحمل، وهو دون الحبب.

والهَدْآءُ من الإبل: التي هَدِئَ سنامها من الحمل ولَطَأَ عليه وبره ولم يجزح.

والأَهْدأ من المناكب: الذي درم أعلاه واسترخى حبله، وقد أهْدَأَه الله.

ومررت برجل هَدْئِكَ من رجل، عن الزجاجي، والمعروف هَدِّك من رجل.

الهاء والتاء والهمزة

هَتَأَه بالعصا هَتْأً: ضربه.

وتَهَتَّأ الثوب: تقطع وبلى.

ومضى من الليل هَتْءٌ وهَتِيءٌ وهتاء، وهِيتاءٌ، وهِتياءٌ، أي وقت.

الهاء والذال والهمزة

هَذَأه بالسيف وغيره يَهْذَؤُه هَذْءاً: قطعه قطعا أوحى من الهَذّ.

وسيف هَذَّاءٌ: قاطع.

وهَذَأَ العَدُوَّ هَذْءاً: أبارهم.

وهَذَأَه بلسانه هَذْءاً: آذاه وأسمعه ما يكره.

وتَهَذَّأَتِ القرحة: فسدت وتقطعت.

 

الهاء والراء والهمزة

هَرَأَ في منطقه يَهْرَأُ هَرْءاً: أكثر.

والهُراءُ: المنطق الكثير، وقيل: الفاسد الذي لا نظام له، وقول ذي الرمة:

لَها بَشَرٌ مِثْلُ الحَريرِ ومَنْـطِـقٌ

 

رَخيمُ الحَواشِي لا هُراءٌ ولا نَزْرُ

تحتملها جميعا.

ورجل هُراءٌ: كثير الكلام، أنشد ابن الأعرابي:

شَمَرْدَلٍ غَيرِ هُراءٍ مَيْلَقِ

وهَرأَه البرد يَهْرَؤُه هَرْءاً وهَرَاءَةً، وأهْرَأَه: اشتد عليه حتى كاد يقتله أو قتله، قال ابن مقبل:

ومَلْجَإِ مَهْرْوئِينَ يُلْفَى بهِ الحَـيا

 

إذا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هو الأُمُّ والأَبُ

يرثي بذلك عثمان بن عفان، وقال أبو حنيفة: المَهروءُ: الذي قد أنضجه البرد.

وهَرَأَ البرد الماشية فتهَرَّأَتْ: كسرها فتكسرت.

وقِرَّةٌ لها هَرِيئَةٌ: يصيب الناس والمال منها ضر وسقط، أي موت، وقد هَرِئَ القوم والمال.

والهَريئَة أيضا: الوقت الذي يصيبهم فيه البرد.

وأهْرَأْنا: أبردنا، وذلك بالعشي، وخص بعضهم به رواح القيظ، وأنشد:

حتى إذا أهْرَأْنَ للأَصائِلِ

وفارَقَتْها بُلَّةُ الأَوابِلِ

قال: "أهْرَأْنَ للأصائل": دخلن في الأصائل، و"بلة" الأوابل: بلة الرطب، والأوابل التي أبلت بالمكان: أي لزمته، وقيل: هي التي جزأت بالرطب عن الماء.

وأَهْرِئْ عنك من الظهيرة، أي أقم حتى يسكن حر النهار ويبرد.

وأهْرَأ الرجل: قتله.

وهَرَأَ اللحم، وهَرَّأَه، وأهْرَأَه: أنضجه حتى سقط من العظم، وتهرأ هو.

وهَرَأَت الريح: اشتد بردها.

والهِرَاء: فسيل النخل، قال:

أبَعْدَ عَطِيَّتِي ألْفاً جَميعـا

 

مِنَ المَرْجُوِّ ثاقِبَةَ الهِراءِ

أنشده أبو حنيفة، قال: ومعنى قوله: ثاقبة الهراء: أن النخل إذا استفحل ثقب في أصوله.

والهُرَاء: اسم شيطان موكل بقبيح الأحلام.

مقلوبه: - أ ه ر -

الأَهَرَة: متاع البيت، وقال ثعلب: بيت حسن الظَّهَرَة والأَهَرَة، فالظهرة: ما ظهر منه والأهرة: ما بطن، والجمع أَهَرٌ قال:

أحْسَنُ بَيتٍ أهَراً وبَزاَّ

والأهَرَة: الهَيْئَة.

مقلوبه: - ر ه ء -

والرَّهْيَأة: الضعف والتواني.

ورَهْيَأَ رَأْيَه: أفسده فلم يحكمه.

ورَهْيَأَ في أمره: لم يعزم عليه.

وتَرَهْيَأ فيه: اضطرب.

ورَهْيَأَ الحمل: جعل أحد العدلين أثقل من الآخر، وقيل: الرَّهْيَأة: أن يحمل الرجل حملا فلا يشده، فهو يميل.

وتَرَهْيَأَ الشيء: تحرك.

ورَهْيَأَت السحابة، وتَرَهْيَأَت: اضطربت وقيل: رَهْيَأَةُ السحابة: تهيؤها للمطر.

والرَّهْيَأَة: أن تغرورق العينان من الكبر

الهاء واللام والهمزة

أهْلُ الرجل: عشيرته وذوو قرباه، والجمع أهْلون وآهالٌ، وأَهال، وأهَلاتٌ، قال المخبل:

وهُمْ أهَلاتٌ حَوْلَ قَيْسِ بنِ عاصِمٍ

 

إذا أدَلجُوا بالليلِ يَدْعونَ كَوْثَـرَا

قال سيبويه: وقالوا: أهْلاتٌ، فخففوا، شبهوها بصعبات، حيث كان أهْلٌ مذكر تدخله الواو والنون، فلما جاء مؤنثه كمؤنث صعب فعل به كما فعل بمؤنث صعب.

واتَّهل الرجل: اتخذ أهلاً، أنشد ابن الأعرابي:

في دارَةٍ تُقْسَم الأزْوادُ بَينَهُمُ

 

كأنَّما أهْلُنا منها الذي اتَّهَلا

هكذا أنشده بقلب الياء تاء، ثم إدغامها في التاء الثانية، وهذا كما حكى من قولهم: "اتَّمَنْتُه" وإلا فحكمه الهمز أو التخفيف القياسي، أي كأن أهْلَنا أهلُه عنده، أي مثلهم فيما يراه لهم من الحق.

وأهلُ المذهب: من يدين به.

وأهلُ الأمر: ولاته.

وأهلُ البيت: سكانه.

وأهلُ بيت النبي صلى الله عليه وسلم: أزواجه وبناته وصهره، اعني عليا عليه السلام، وقيل: نساء النبي صلى الله عليه وسلم، والرجال الذين هم آله. وفي التنزيل: -إنما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبُ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ- القراءة "أهل" بالنصب على المدح، كما قال: بك الله نرجو الفضل، وسبحانك الله العظيم، وعلى النداء، كأنه قال: يا أهْلَ البيت، وقوله تعالى لنوح عليه السلام: -إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أهْلِكَ- قال الزجاج: أراد ليس من أهلِك الذين وعدتك أن أنجيتهم، قال: ويجوز أن يكون: ليس من أهل دينك.

وأهْلُ كل نبي: أمته.

وكل شيء من الدواب ألف المنازل، أَهْلِيٌّ، وأَهِلٌ وأَهِلٌ الأخيرة على النسب.

ومكان مَأْهول وقد جاء أُهِلَ: قال العجاج:

قَفْرَ بْنِ هذا ثمَّ ذا لم يُؤْهَلِ

وقولهم في الدعاء: مرحبا وأهْلاً، أي أتيت أهْلا لا غرباء فاستأنس ولا تستوحش.

وأَهَّلَ به: قال له: أهْلاً.

وأَهِلَ به: أنس.

وهو أَهْلٌ لكذا، أي مستوجب له، الواحد والجميع في ذلك سواء، وعلى هذا قالوا: المُلك لله أهْلِ الملك.

وأهَّلَه لذلك الأمر وآهَلَه: رآه له أَهْلاً.

واستَأهَلَه: استوجبه، وكرهها بعضهم.

وأهْلُ الرجل وأهْلَتُه: زوجه.

وأَهَل الرجل يَأهِلُ ويَأهُل أهْلاً وأُهولا، وتَأهَّل: تزوج.

وآهَلَك الله في الجنة: زوَّجك فيها وأدخلكها.

وآلُ الرجل: أهلُه.

وآل الله وآل رسوله: أولياؤه، أصلها أهل، ثم أبدلت الهاء همزة، فصارت في التقدير أَ أْلٌ، فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفا، كما قالوا: آدم وآخر، وفي الفعل آمن وآزر، فإن قيل: ولم زعمت أنهم قلبوا الهاء همزة، ثم قلبوها فيما بعد، وما أنكرت من أن يكون قلبوا الهاء ألفا في أول الحال؟ فالجواب أن الهاء لم تقلب ألفا في غير هذا الموضع، فيقاس هذا هنا عليه. فعلى هذا أبدلت الهاء همزة، ثم أبدلت الهمزة ألفا، وأيضا فالألف لو كانت منقلبة عن غير الهمزة المنقلبة عن الهاء على ما قدمناه لجاز أن تستعمل آل في كل موضع يستعمل فيه أهل، ولو كانت ألف آل بدلا من هاء أهل لقيل: انصرف إلى آلك، كما يقال: انصرف إلى أهلك، وآلك والليل كما يقال: اهلك والليل، فلما كانوا يخصون بالآل الأشرف الأخص دون الشائع الأعم حتى لا يقال إلا في نحو قولهم: القراء آل الله، واللهم صل على محمد وعلى آل محمد -و قال رجُلٌ مُؤْمنٌ منْ آلِ فِرْعَوْنَ- وكذلك ما أنشده أبو العباس للفرزدق:

نَجَوْتَ ولمْ يَمْنُنْ علَـيكَ طَـلاقَةً

 

سِوَى رَبِذِ التَّقْرِيبِ من آلِ أعْوَجا

لأن أعوج فيه: فرس مشهور عند العرب، فلذلك قال: آل أعوج، ولا يقال: آل الخياط، كما يقال: أهل الخياط، ولا آل الإسكاف، كما يقال: أهل الإسكاف، دل على أن الألف ليست فيه بدلا من الأصل، إنما هي بدل مما هو بدل من الأصل، فجرت في ذلك مجرى التاء في القسم، لأنها بدل من الواو فيه، والواو فيه بدل من الباء، فلما كانت التاء فيه بدلا من بدل وكانت فرع الفرع اختصت بأشرف الأسماء وأشهرها وهو اسم الله، فلذلك لم تقل: تزيد ولا تالبيت، كما لم تقل: آل الإسكاف: ولا آل الخياط، فإن قلت: فقد قال بشر:

لَعَمْرُكَ ما يَطْلُبنَ مِن آلِ نِعْمَةٍ

 

ولكِنما يَطْلُبنَ قَيْسا ويَشْكُـراَ

فقد أضافه إلى نعمة، وهي نكرة غير مخصوصة، ولا مشرفة فإن هذا بيت شاذ، هذا كله قول ابن جني، قال: والذي العمل عليه ما قدمناه، وهو رأي الأخفش، فإن قلت: ألست تزعم أن الواو في والله بدل من الباء في بالله، وأنت لو أضمرت لم تقل: "وه" كما تقول: "به لأفعلن" فقد تجد أيضا بعض البدل منه في كل موضع، فما تنكر أيضا أن تكون الألف في آل بدلا من الهاء وإن كان لا يقع جميع مواقع أهل، فالجواب أن الفرق بينهما أن الواو لم تمتنع من وقوعها في جميع مواقع الباء من حيث امتنع وقوع آل في جميع مواقع أهل، وذلك أن الإضمار يرد الأسماء إلى أصولها في كثير من المواضع، ألا ترى أن من قال: أعطيتكم درهما، فحذف الواو التي كانت بعد الميم وأسكن الميم، فإنه إذا أضمر الدرهم قال: أعطيتكموه، فرد الواو لأجل اتصال الكلمة بالمضمر، فأما ما حكاه يونس من قول بعضهم: أعطيتكمه فشاذ، لا يقاس عليه عند عامة أصحابنا، فلذلك جاز أن يقول: بهم لأقعدن، وبك لأنطلقن، ولم يجز أن يقول: "وك" ولا "وه"، بل كان هذا في الواو أحرى، لأنها حرف منفرد، فضعف عن القوة وعن تصرف الباء التي هي أصل، أنشدنا أبو علي قال: أنشد أبو زيد:

رأى بَرْقاً فأوضَعَ فَوْقَ بَكْرٍ

 

فَلا بِكَ ما أسالَ ولا أغامَا

وأنشدنا أيضا عنه:

ألا نادَتْ أُمامَةُ باحْتِمـالِ

 

لِتَحْزُنَنِي فَلا بِكَ ما أُبالي

وأنت ممتنع من استعمال آل في غير الأشهر الأخص، وسواء في ذلك أضفته إلى مظهر أو أضفته إلى مضمر. فإن قيل: ألست تزعم أن التاء في تولج بدل من واو، وأن أصله وولج، لأنه فوعل من الولوج، ثم إنك مع ذلك قد تجدهم أبدلوا الدال من هذه التاء، فقالوا: دولج، وأنت مع ذلك تقول: دولج في جميع المواضع التي تقول فيها: تولج، وإن كانت الدال مع ذلك بدلا من التاء التي هي بدل من الواو. فالجواب عن ذلك أن هذه مغالطة من السائل، وذلك انه إنما كان يطرد هذا له لو كانوا يقولون: وولج ودولج، فيستعملون دولجا في جميع أماكن وولج، فهذا لعمري لو كان كذا لكان له به تعلق، وكانت تحتسب زيادة، فأما وهم لا يقولون وولج البتة، كراهية اجتماع الواوين في أول الكلمة، وإنما قالوا: تولج، ثم أبدلوا الدال من التاء المبدلة من الواو فقالوا: دولج، فإنما استعملوا الدال مكان التاء التي هي في المرتبة قبلها تليها، ولم يستعملوا الدال موضع الواو التي هي الأصل، فصار إبدال الدال من التاء في هذا الموضع كإبدال الهمزة من الواو في نحو أُقِّتَتْ، وأُجوهٌ، لقربها منها، وأنه لا منزلة بينهما واسطة.

وكذلك لو عارض معارض بهُنَيْهة، تصغير هَنَة، فقال: ألست تزعم أن أصلها هُنَيْوَة، ثم صارت هُنَيَّة، ثم صارت هُنَيْهَة، وأنت تقول: هُنَيْهَة في كل موضع تقول فيه هُنَيَّة، كان الجواب واحدا كالذي قبله، ألا ترى أن هُنَيْوَة الذي هو أصل لا ينطق به ولا يستعمل البتة، فجرى ذلك مجرى وولج في رفضه وترك استعماله، فهذا كله يؤكد عندك أن امتناعه من استعمال آل في جميع مواقع أهل إنما هو لأن فيه بدلا من بدل، كما كانت التاء في القسم بدلا من بدل.

والإهالةُ: ما أذبت من الشحم، وقيل: الإهالة: الشحم والزيت، وقيل: كل دُهْنٍ ائتدم به إهالةٌ.

واستَأْهَلَ: أخذ الإهالَة، أنشد ابن قتيبة:

لا بَلْ كُلِي يا أُمَّ واستَأْهِلي

 

إنَّ الذِي أنْفَقْتُ مِنْ مالِيَهْ

مقلوبه: - أ ل ه -

الإِلاهُ: الله عز وجل، وكل ما اتُّخذ من دونه معبودا إلاَهٌ عند متخذه، والجميع آلِهَةٌ وهو بين الإلاهَةِ والأُلهْانِيةِ، وفي حديث وهيب: "إذا وقع العبد في أُلهانِيَّةِ الرَّبِّ لم يجد أحدا يأخذ بقلبه" حكاه الهروي في الغريبين.

والإلاهَة، والأُلوهَة، والأُلُوهِيَّةُ: العبادة وقد قرئ: -و يَذَرَك وآلهَتك-، -و يَذَرَك وإلاهَتَك- وهذه الأخيرة عن ثعلب، كأنها هي المختارة، قال: لأن فرعون كان يُعبد ولا يَعبد، فهو على هذا ذو إلاهَةٍ، لا ذو آلهَةٍ.

والتَّأَلُّهُ: التنسك قال:

سَبَّحْنَ واستَرْجَعْنَ مِنْ تَألُّهِي

والأُلاهَة: الشمس الحارة، حكى عن ثعلب.

والأَلِيهَة، والإلاهَةُ، والألاهَةُ، وأُلاهَةُ، كله: الشمس اسم لها، الضم في أولها عن ابن الأعرابي، قال:  

تَرَوَّحْنا مِنَ اللَّعْباءِ قَصْراً

 

فَأعْجَلْنا إلاهَةَ أنْ تَؤُوبا

ورواه ابن الأعرابي: أُلاهَة، ورواه بعضهم: "فأعجلنا الأَلاهَةَ" وإنما سميت بذلك لأنهم كانوا يعظمونها ويعبدونها، وقد أوجدنا الله عز وجل ذلك في كتابه حين قال: -وَ مِنْ آياتهِ اللَّيْلُ والنهارُ والشَّمسُ والقَمَرُ لا تَسْجُدُوا للشَّمْسِ ولا للقَمَرِ واسجُدُوا للهِ الذي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدونَ- وقد أنعمت تعليل هذه الكلمة وشرحها في "الكاب المخصص".

وقالوا: يا الله فقطعوا، حكاه سيبويه، وهذا نادر، وحكى ثعلب انهم يقولون: يالله، فيصلون. قال: وهما لغتان، يعني القطع والوصل، وقول الشاعر:

إنِّي إذا ما حَدَثٌ أَلَّما

دَعَوْتُ ياللَّهُمَّ يا للَّهُمَّا

فإن الميم المشددة بدل من "يا" فجمع بين البدل والمبدل منه، وقد خففها الأعشى، فقال:

كَحَلْفَةِ مِنْ أبيِ رَبَاحٍ

 

يَسْمَعُها لاهُمَ الكُبارُ

وقوله:

ألا لا بارَكَ اللهُ في سُهَـيْلٍ

 

إذا ما اللهُ بارَكَ في الرِّجالِ

إنما أراد "الله" فقصر ضرورة.

والإلاهة: الحيَّة العظيمة، عن ثعلب.

وإِلاهَةُ: موضع.

الهاء والنون والهمزة

الهَنِيءُ، والمَهْنَأُ: ما أتاك بلا مشقة، اسم كالمشتى، وقد هَنِئَ وهَنُؤَ هَناءَةً وهَنَأنَي الطعام وهَنَأ لي يَهْنِئُنِي ويَهْنِأُنيِ هِنْئاً، وهَنْئاً، وهَنَّأَ تْنِيه العافية، وقد تَهَنَّأْتُهُ، فأما ما أنشده سيبويه من قوله:

فَارْعَىْ فَزَارَةُ لا هَناكِ المَرْتَعُ

فعلى البدل للضرورة، وليس على التخفيف، وأما ما حكاه أبو عبيد من قول المتمثل: "حَنَّتْ ولا نَهَنَّتْ" فأصله الهمز، ولكن المثل يجري مجرى الشعر، فلما احتاج إلى المتابعة أزوجها "حَنَّتْ".

وطعام هَنِئٌ: سائغ، وما كان هَنِيئا ولقد هَنُؤَ هَناءَةً، وهَنَأَةً، وهِنْئاً، على مثال فَعالَةٍ وفَعَلَةٍ وفِعْلٍ.

وهَنَأَه بالأمر هَنْئاً، وهَنَّأَه: قال له: لِيَهْنِئْكَ.

قال سيبويه: قالوا: هَنِيئاً مريئا، وهي من الصفات التي أُجريت مجرى المصادر المدعو بها في نصبها على الفعل غير المستعمل إظهاره واختزاله لدلالته عليه، وانتصابه على فعل من غير لفظه، كأنه ثبت له ما ذكر له هَنِيئاً وأنشد:

إلى أمامٍ تُعادِينا فَواضِـلُـهُ

 

أظفَرَهُ اللهُ فَلْيَهْنِئْ لهُ الظَّفَرُ

وهَنَأ الرجل هَنْئاً: أطعمه.

وهَنَأه يَهْنِئُه ويَهْنَأَه، هَنْئاً، وأهْنَأَة: أعطاه، الأخيرة عن ابن الأعرابي. وفي المثل: "إنما سميت هانِئا لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ" أي لتعطي، والاسم: الهِنْءُ.

واستهْنَأَ الرجل: استعطاه، أنشد ثعلب:

نُحْسِنُ الهِنْءَ إذا استَهْنَأْتَنـا

 

ودِفاعاً عَنْكَ بالأَيدِي الكِبارِ

يعني بالأيدي الكبار: المنن، وقوله، أنشده الطوسي عن ابن الأعرابي:

وأشجَيْتُ عَنكَ الخَصْمَ حتى تَفوتَهُمْ

 

مِنَ الحَقِّ إلا ما استَهانُوكَ نـائِلاَ

قال: أراد "استَهْنَؤُوكَ" فقلب، وأرى ذلك بعد أن خفف الهمز تخفيفا بدليا، ومعنى البيت انه أراد: منعت خصمك عنك حتى فُتَّهُمْ بحقهم، فهضمتهم إياه إلا ما سمحوا لك به من بعض حقوقهم فتركوه عليك، فسمى تركهم ذلك استهناء، كل ذلك من تذكرة أبي علي.

وهَنَأَ الطعام هَنْئاً وهِنْئاً وهِناءَةً: أصلحه.

والهِناءُ: ضرب من القطران، وقد هَنَأَ الإبل يَهنَؤُها، ويَهنِئُها، ويَهنُؤُها هَنْئاً، الأخيرة عن الزجاج، قال: ولم نجد فيما لامه همزة فَعَلْتُ أفعُل إلا هَنَأْتُ أهْنُؤُ، وقرَأت أقْرُؤُ، والاسم الهِنْءُ.

وهَنْئَت الماشية هَنَأً وهَنْئاً: أصابت حظا من البقل من غير أن تشبع منه.

والهِناءُ: عذق النخلة، عن أبي حنيفة، لغة في الإهانِ.

وهُناةٌ: اسم، وهو أخو معاوية ابن عمرو ابن مالك أخي هُناءَةَ، ونِواءٍ، وفراهيد، وجذيمة الأبرش.

مقلوبه: - ه أ ن -

المُهْوَأَنُّ: المكان البعيد،و هو مثال لم يذكره سيبويه. 

مقلوبه: - أ ه ن -

الإهانُ: عرجون النخلة، والجمع آهِنَةٌ وأُهُنٌ.

مقلوبه: - ن ه أ -

نَهِئَ اللحم ونَهُؤَ نَهَأً، مقصور، ونَهاءَةً، ونَهُوءَةً ونُهوءاً ونَهاوةً، الأخيرة شاذة، فهو نَهِئٌ: لم ينضج، وأنْهَأَه هو.

وأنهَأَ الأمر: لم يبرمه.

وشرب فلان حتى نَهَأَ، أي امتلأ.

مقلوبه: - أ ن ه -

الأَنِيهُ: مثل الزفير، والآنِهُ، كالآنح، والجمع أُنَّهٌ.

والأَنِيهُ: الزَّحر عند المسألة.

ورجل آنِهٌ: حاسد.

الهاء والباء والهمزة

الهَبْءُ: حي.

مقلوبه: - ب ه أ -

بَهَأَ به يَبْهَأُ، وبَهِئَ وبَهُؤَ بَهْئاً وبَهَاءً وبَهُوءاً: أنِس.

والبَهاءُ: الناقة التي تستأنس إلى الحالب.

وبَهَأَ البيت: أخلاه من المتاع أو خرقه، كأَبْهَأَهُ.

مقلوبه: - أ ه ب -

اخذ لذلك الأمر أُهْبَتَه: أي هيئته وعدته وقد أهَّبَ له، وتَأهَّبَ.

والإهابُ: الجلد من البقر والغنم والوحش، والجمع القيل آهِبَةٌ أنشد ابن الأعرابي:

سودُ الوُجُوهِ يَأكَلونَ الآهِبَهْ

والكثير أُهُبٌ وأَهَبٌ. قال سيبويه: أهَبٌ: اسم للجمع، وليس بجمع إهابٍ، لأن فَعَلاً ليس مما يكسر عليه فِعالٌ.

وأُهْبانُ: اسم فيمن أخذه من الإهابِ، فإن كان من الهِبَةِ فالهمزة بدل من الواو، وسيأتي ذكره هنالك.

مقلوبه: - ب أ ه -

ما بَأَه له: أي ما فطن.

مقلوبه: - أ ب ه -

أبَه له يَأْبَه أبْهاً، وأبِهَ له وبه أبَهاً: فطن. وقال بعضهم: أبَهَ للشيء أبْهاً: نسيه ثم تفطن له.

وأَبَّهَ الرجل: فطَّنه.

وأبَّهَهُ: نَبَّهَه، كلاهما عن كراع، والمعنيان متقاربان.

والأُبَّهَةُ: العظمة، وقد تَأبَّهَ.

الهاء والميم والهمزة

هَمَأَ الثوب يَهْمَؤُه هَمْأً: جذبه فانخرق.

وانهَمَأَ ثوبه وتَهَمَّأَ: تقطع من البلى.

مقلوبه: - أ م ه -

الأَمِيهَةُ: جدري الغنم، وقيل: هو بثر يخرج بها كالجدري أو الحصبة، وقد أُمِهَت الشاة أَمْهاً وأَمِيَهةً، هذا قول أبي عبيد، وهو خطأ، لأن الأَمِيهَة اسم لا مصدر، إذ ليست فَعيلَة من أبنية المصادر.

وشاة أَمِيهَةٌ: مَأْمُوهَةٌ.

والأَمَهُ: النسيان وفي التنزيل: -و ادَّكَرَ بَعْدَ أمَه- وقد أمِهَ.

والأمَهُ: الإقرار ومنه حديث الزهري: "من امتحن في حدٍّ فَأمِهَ، ثم تبرأ، فليست عليه عقوبة، فإن عوقب فأمِهَ فليس عليه حدٌّ، إلا أن يَأمَهَ من غير عقوبة" قال أبو عبيد: لم أسمعه إلا في هذا الحديث.

والأُمَّهَةُ: لغة في الأُمِّ، قال أبو بكر: الهاء في أُمَّهَةٍ أصلية، وهي فُعَّلَةٌ بمنزلة تُرَّهَةٍ وأُبَّهَةٍ، وخص بعضهم بالأُمَّهَةِ من يعقل، وبالأُمِّ ما لا يعقل قال:

أُمَّهَتِي خِنْدِفُ والْياسُ أبِي

وقال زهير فيما لا يعقل:

وإلا فَإنَّا بالشَّرَبَّةِ فاللِّـوَى

 

نُعَقِّرُ أُمَّاتِ الرِّباعِ ونَيْسِرُ

وقد جاءت الأُمَّهة فيما لا يعقل، كل ذلك عن ابن جني.

وتَأَمَّهَ أُمًّا: اتخذها كأنه على أُمَّهَةٍ، وهذا يقوى كون الهاء أصلا، لأن تَأمَّهْتُ تَفَعَّلْتُ، بمنزلة تَفَوَّهْتُ وتَنَبَّهْتُ.

الهاء والخاء والياء

هَيَّخَ الهريسة: أكثر ودكها، عن كراع.

الهاء والغين والياء

الأَهْيَغُ: الماء الكثير.

والأَهْيَغُ: أرغد العيش وأخصبه.

وتركه في الأهْيَغَينِ، أي الطعام والشراب. وقيل: في الشرب والنكاح.

الهاء والقاف والياء

هَقَى الرجل هَقْياً: هذى، قال:

لَوْ أنَّ شَيْخاً رَغيبَ العَينِ ذا أبَلٍ

 

يَرْتادُه لِمَعَدٍّ كُلِّهـا لَـهَـقَـى

قوله "ذا أبل" أي ذا سياسة للأمور ورفق بها.

وفلان يَهْقِى بفلان: يهذي به، عن ثعلب.

وفلان يَهْقِي فلانا: يناوله بمكروه.

وهَقا قلبه، كهفا، عن الهجري وأنشد:

فَغَصَّ بِريقِهِ وهَقا حَشاهُ

مقلوبه: - ه ي ق -

الهَيْقُ من الرجال: المفرط الطول، وقيل: هو الطويل الدقيق، والأنثى هَيْقَةٌ قال:

وما لَيْلَى مِنَ الهَيْقاتِ طُولاً

 

ولا لَيْلَى مِنَ الجَدَمِ القِصارِ

والهَيْقُ: الظليم، لطوله، كالهيقل، الياء في هيق أصل، وفي هيقل زائدة، والجمع أهْياقٌ وهُيوقٌ، والأنثى هَيْقَةٌ.

وأهْيَقَ الظليم: صار هَيْقاً، قال رؤبة:

أزَلَّ أو هَيَْ نَعامٍ أَهْيَقا

مقلوبه: - ق ه ي -

قَهِىَ الرجل قَهْياً: لم يشته الطعام.

وقَهِىَ عن الشراب، وأَقْهَى عنه: تركه.

ورجل قاهٍ: مخصب في رحله.

وعيش قاهٍ: رفيه.

والقَهَةُ: من أسماء النرجس، عن أبي حنيفة، على انه يحتمل أن يكون ذاهبا واوا، وسيأتي ذكره هنالك.

مقلوبه: - ق ي ه -

القاهُ: الطاعة قال:

لمَا سَمِعْنا لأَمِيرٍ قاها

قال الأموي: عرفته بنو أسد.

وماله عليَّ قاهٌ، أي سلطان.

والقاهُ: الجاهُ.

والقاهُ: سرعة الإجابة في الأكل. وإنما قضينا بأن ألف قاه ياء لقولهم في معناه: أيْقَه واستَيْقَه، وما جاء من هذا الباب لم يقل فيه أيْقَه، ولا تبينت فيه الياء بوجه، فهو محمول على الياء.

مقلوبه: - ي ق ه -

أيْقَه الرجل واستَيْقَهَ: أطاع وذل، وكذلك الخيل إذا انقادت، قال المخبل:

فَرَدَّوا صُدورَ الخَيْلِ حتى تَنَهْنَهَتْ

 

إلى ذي النُّهَى واستَيْقَهَتْ للمُحَلِّمِ

أي أطاعوا الذي يأمرهم بالحلم.

الهاء والكاف والياء

ناقة كَهاةٌ: سمينة، وقيل: الكَهاةُ: الناقة الضخمة التي كادت تدخل في السن، قال طرفة:

فمَرَّتْ كَهاةٌ ذاتُ خَيْفٍ جُلالَةٌ

 

عَقيلَةُ شَيخٍ كالوَبِيلِ يَلَـنْـدَدِ

وقيل: هي الواسعة جلد الأخلاف، لا جمع لها من لفظها.

وأكْهَى: هضبة، قال ابن هرمة:

كما أعْيَتْ عَلى الرَّاقينَ أكْهَى

 

تَعَيَّتْ لا مِياهَ ولا فِـرَاغـا

قضينا على أن ألف كهاة ياء لما تقدم من أن اللام ياء أكثر منها واوا.

مقلوبه: - ك ي ه -

الكَيِّهُ: البرم بحيلته لا يتوجه لها، وقيل: هو الذي لا متصرف له ولا حيلة.

وكِهْتُ الرجل أَكِيهُهُ: استنكهته.

الهاء والجيم والياء

هَجِىَ البيت هَجْياً: انكشف.

وهَجِيَتْ عين البعير: غارت.

مقلوبه: - ه ي ج -

هاجَ الشيء هَيْجاً واهْتاجَ: ثار لمشقة أو ضرر، وهاجَه، وهَيَّجَه.

وشيء هَيُوجٌ، على التعدي، والأنثى هَيوجٌ، أيضا، قال الراعي:

قَلا دِينَهُ واهْتاجَ للشَّـوْقِ إنـهـا

 

عَلى الشَّوْقِ إخوانَ العَزاءِ هَيوجُ

ومِهْياجٌ، كهَيُوجٍ.

وهاجَ الإبل هَيْجاً: حركها بالليل إلى المورد والكلأ.

وهاجَ هائِجُهُ: اشتد غضبه.

والهَيْجُ، والهِياجُ، والهَيْجا، والهَيْجاءُ: الحرب، لأنها موطن غضب، قال لبيد:

وأرْبَدُ فارِسُ الهَيْجا إذا ما

 

تَقَعَّرَتِ المشاجِرُ بالفِئامِ

وقال آخر:

إذا كانتِ الهَيجاءُ وانشَقَّتِ العَصا

 

فَحَسبُكَ والضَّحاكَ سَيْفٌ مُهَنَّـدُ

وهاجَ الفحل يَهِيجُ هِياجاً، وهُيوجاً، وهَيَجاناً، واهْتاجَ: هدر وأراد الضراب، وفحل هِيَّجٌ: هائِجٌ، مثل به سيبويه وفسره السيرافي، وفي بعض النسخ هيخ بالخاء، ولم يفسره أحد، وهو خطأ.

والهاجَةُ: النعجة التي لا تشتهي الفحل، وهو عندي على السلب، كأنها سلبت الهِياجَ.

والهِيجُ: الريح الشديدة.

وهاجَ البقل هِياجاً، فهو هائِجٌ، وهَيْجٌ: اصفرَّ، وفي التنزيل: -ثُمَّ يَهِيجُ فَتراهُ مُصْفَرًّا- وهاجَت الأرض هَيْجاً وهَيَجاناً: يبس بقلها، وأهيَجها: وجدها هائِجَةَ النبات، قال رؤبة:

وأهْيَجَ الخَلْصاءَ مِنْ ذاتِ البُرَقْ

والهاجَةُ: الضفدعة، والنعامة، والجمع هاجاتٌ، وتصغيرها بالياء والواو.

وهِيجِ، كسر بغير تنوين: من زجر الناقة خاصة، قال:

تَنْجُو إذا قالَ حادِيها لَها هِيجِ

الهاء والشين والياء

الهَيْشَةُ من الناس:الجماعة.

وهاش القوم بعضهم إلى بعض، وتَهَيَّشُوا، وهو من أدنى القتال.

والهَيْشُ: الاختلاط.

وهاشَ في القوم هَيْشاً: عاث وأفسد.

والهَيْشُ: الحلب الرُّويد. وقال ثعلب: هو الحلب بالكف كلها.

الهاء والضاد والياء

هاضَ الشيء هَيْضاً: كسره.

وهاضَ العظم هَيْضاً، فانهاضَ: كسره بعد ما كان ينجبر.

والمُسْتَهَاضُ: الكسير يبرأ فيعجل بالحمل عليه والسوق له،فينكسر عظمه ثانية بعد جبر وتماثل.

والهَيْضَةُ: معاودة الهم والحزن والمرض وقد تَهَيَّضَ، قال:

وما عادَ قَلبيِ الهَمُّ إلا تَهَيَّضا

والمُسْتَهاضُ: المريض يبرأ فيعمل عملا فيشق عليه، أو يأكل طعاما أو يشرب شرابا فينكس، وكل وجع هَيْضٌ.

وهاضَ الحزن قلبه هَيْضاً: أصابه مرة بعد أخرى.

والهَيْضَةُ: انطلاق البطن.

والهَيْضُ: سلح الطائر، وقد هاضَ هَيْضاً قال:

كأنَّ مَتْنَيْهِ مِنَ النَّفِيِّ

مَهايِضُ الطَّيْرِ عَلى الصُّفِىِّ

والمعروف: "مواقع الطير".

مقلوبه: - ض ه ي -

ضاهَيْتُ الرجل: شاكلته، وقيل: عارضته، وفي التنزيل: -يُضاهُونَ قَوْل الذين كَفَروا مِنْ قَبْلُ-.

والضَّهْياءُ من النساء: التي لا تحيض ولا ينبت ثدياها ولا تحمل، وقيل: التي لا تلد وإن حاضت. وقال اللحياني: الضَّهْياءُ: التي لا ينبت ثدياها، فإذا كانت كذا فهي لا تحيض. وقال بعضهم: الضَّهْياءُ، ممدود: التي لا تحيض وهي حبلى. قال ابن جني: مرأة ضَهْيَأَةٌ، وزنها فَعلأَةٌ، لقولهم في معناها: ضَهياءُ، وأجاز أبو إسحاق في همزة ضَهيأَةٍ أن تكون أصلا، وتكون الياء هي الزائدة، فعلى هذا تكون الكلمة فَعْيَلَةً، وذهب في ذلك مذهبا من الاشتقاق حسنا لو لا شيء اعترضه، وذلك انه قال: يقال ضاهَيْتُ زيدا وضاهَأْتُ زيدا، بالياء والهمزة، قال: والضَّهْيَأَةُ: هي التي لا تحيض، وقيل: التي لا ثدي لها، قال: وفي هذين معنى المُضاهَأَةِ، لأنها قد ضاهَأَتِ الرجال بأنها لا تحيض، كما ضاهَأَتُهم بأنها لا ثدي لها، قال: فيكون ضَهْيَأَةٌ فَعْيَلَةً من ضاهَأْتُ بالهمز، قال ابن جني: هذا الذي ذهب إليه من الاشتقاق معنى حسن، وليس يعترض قوله شيء، إلا انه ليس في الكلام فَعْيَلٌ بفتح الفاء، إنما هو فِعْيَلٌ، بكسرها، نحو حذيم وطريم وغرين، ولم يأت الفتح في هذا الفن ثبتا، إنما حكاه قوم شاذا.

والجمع ضُهْىٌ، ضَهِيَتْ ضَهىً.

وقالت امرأة للحجاج في ابنها وهو محبوس: إني أنا الضَّهْياءُ الذَّنَّاء، فالضَّهْياءُ هنا: التي لا تلد وإن حاضت، والذناء المستحاضة، وقد أنعمت تعليل هذه الكلمة نهاية الشرح في الكتاب المخصص.

والضَّهْيا مقصور: الأرض التي لا تنبت، وقيل: هو شجر عضاهي له برمة وعلفة، وهي كثيرة الشوك، وعلفها أحمر شديد الحمرة، وورقها مثل ورق السمر.

وضُهاءٌ: موضع، قال الهذلي:

لَعَمْرُكَ ما إنْ ذو ضُهاءٍ بهَيِّنٍ

 

عَليَّ وما أعطَيتُه سَيْبَ نائِلي

وإنما قضينا على أن همزة ضهاء ياء، لكونها لاما مع وجودنا لضَهْيَإٍ وضَهْياءَ. 

الهاء والسين والياء

الهَيْسُ من الكيل: الجزاف، وقد هاسَ.

وهاسَ من الشيء هَيْساً: أخذ منه بكثرة.

وهاسَ يَهِيس هَيْساً: سار أيَّ سير كان، حكاه أبو عبيد، قال:

إحدَى لَياليك فَهِيسِي هِيسِي

لا تَنْعَميِ اللَّيْلَةَ بالتَّعْرِيسِ

والهَيْسُ: أداة الفدان، عمانية.

والهَيْسَة بفتح الهاء: أم حبين، عن كراع.

والأَهْيَس: الذي يدق كل شيء عن ثعلب.

وهَيْس: كلمة تقال في الغارة إذا استبيحت قرية أو قبيلة فاستؤصلت، أي لا بقي منهم أحد.

وهيسِ مكسور: كلمة تقال عند إمكان الأمر وإغرائه به.

الهاء والطاء والياء

ما زال منذ اليوم يَهِيط هَيْطاً، وما زال في هَيْطٍ ومَيْطٍ، وهِياطٍ ومِياطٍ، أي في ضجاج وشر وجلبة، وقيل: في هِياطٍ ومِياطٍ: في دنو وتباعد.

وتَهايَطَ القوم: اجتمعوا وأصلحوا أمرهم، وتمايطوا: تباعدوا وفسد ما بينهم.

مقلوبه: - ط ه ي -

طَهَى اللحم طَهْياً وطِهايَةً: طبخه وشواه، والاسم الطُّهْيُ.

والطَّهْيُ أيضا: الخبز.

وطَها في الأرض طَهْياً: ذهب فيها، قال:

ما كانَ ذَنْبِي أنْ طَها ثمَّ لـمْ يَعُـدْ

 

وحُمْرانُ فيها طائِشُ العقل أصْورُ

والطَّهْيُ: الغنم الرقيق، وهو الطَّهاءُ، واحدته طَهاءَة.

وليل طاهٍ: مظلم.

والطَّهْيُ: الذَّنب، طَهَى طَهْياً: أذنب، حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي.

الهاء والدال والياء

الهُدَى: ضد الضَّلال، أنثى، وقد حكى فيها التذكير. قال اللحياني: الهُدَى مذكر. قال: وقال الكسائي: بعض بني أسد يؤنثه، يقول: هذه هُدىً مستقيمة، قال أبو إسحاق: قوله: عز وجل: -قُلْ إنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى- أي الصراط الذي دعا إليه هو طريق الحق، وقوله: -إنَّ عَلَيْنا لَلْهُدَى- أي إن علينا أن نبين طريق الهُدَى من طريق الضَّلال، وقد هَداه هُدىً، وهَدْياً، وهِدايَةً، وهِدْيَةً، وهَداهُ للدين هُدىً، وقوله عز وجل: -الَّذي أعْطَى كُلَّ شيءٍ خَلْقَه ثمَّ هَدَى- معناه: خلق كل شيء على الهيئة التي بها ينتفع والتي هي أصلح الخلق له، ثم هداه لمعيشته، وقيل: ثم هداه لموضع ما يكون منه الولد، والأول أبين.

وقد تَهَدَّى إلى الشيء، واهتدَى.

وقوله تعالى: -و يَزيدُ اللهُ الَّذِينَ اهتَدَوْا هُدىً- قيل: بالناسخ والمنسوخ، وقيل: بأن يجعل جزاءهم أن يزيدهم في يقينهم هُدىً، كما أضل الفاسق بفسقه، ووضع الهُدَى موضع الاهتداء.

وقوله تعالى: -و إني لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى- قال الزجاج: معناه تاب من ذنبه، وآمن بربه ثم اهتدَى، أي أقام على الأيمان.

وقوله تعالى: -أَمَّنْ لا يَهدِّي- بالتقاء الساكنين فيمن قرأ به، فإن ابن جني قال: لا يخلو من أحد أمرين، إما أن تكون الهاء مسكنة البتة، فتكون الهاء من يهتدي مختلسة الحركة، وإما أن تكون الدال مشددة فتكون الهاء مفتوحة بحركة التاء المنقولة أليها، أو مكسورة لسكونها وسكون الدال الأولى، وقوله أنشده ابن الأعرابي:

إنْ مَضَى الحَوْلُ ولمْ آتِكُمُ

 

بِعَنَاجٍ تَهتَدِي أحْوَى طِمِرّْ

فقد يجوز أن يريد: تهتدي بأحوى، ثم حذف الحرف وأوصل الفعل، وقد يجوز أن يكون معنى تهتدي هنا تطلب أن يَهْدِيَها، كما حكاه سيبويه من قولهم: اخترجته في معنى استخرجته، أي طلبت منه أن يخرج.

وقال بعضهم: هداه الله الطريق، وهداه للطريق، وإلى الطريق هِدايَةً، وفي التنزيل: -و هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ- وفيه -اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيم- وفيه -و إنَّك لتَهْدِي إلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ- وفيه -وَ هُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ وهُدُوا إلى صِراطِ الحَميدِ-.

وحكى ابن الأعرابي: رجل هَدُوٌّ، على مثال عدو، كأنه من الهداية، ولم يحكها يعقوب في الألفاظ التي حصرها كحسو وفسو.

وهَدَيْتُ الضالة هِدايَةً.

والهُدَى: النهار، قال ابن مقبل:

حتى استَبْنتُ الهُدَى والبيدُ هاجِمَةٌ

 

يَخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً أو يُصَلِّينَا

وقد أنعمت شرح الهُدَى من جهة الإعراب في الكتاب المخصص.

وفلان لا يَهْدِي الطريق، ولا يَهتَدِي، ولا يَهَدِّي ولا يَهِدِّي، وقد قرئ: -أمَّنْ لا يَهَدِّي- و-لا يَهِدِّي-.

وذهب على هِدْيَتِه، أي على قصده في الكلام وغيره.

وخذ في هِدْيَتِك،أي فيما كنت فيه.

ونظر فلان هِديَةَ أمره، أي جهة أمره.

وضل هِدْيَتَه وهُدْيَتَه، أي لوجهه، قال:

نَبَذَ الجِوارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِهِ

 

لمَّا اخْتَلَلْتُ فُؤادَهُ بالمطْـرَدِ

وهو على مُهَيْديَتِه، أي حاله، حكاه ثعلب، ولا مكبر لها.

ولك هُدَيَّا هذه الفعلة، أي مثلها، ولك عندي مثلها هُدَيَّاها، أي مثلها، ورمى بسهم ثم رمى بآخر هُدَيَّاه، أي مثله.

وفلان يَهْدِي هَدْىَ فلان: يفعل مثل فعله.

وما احسن هَدْيَه، أي سمته وسكونه.

وفلان حسن الهَدْىِ والهِدْيَةِ، أي الطريقة وكل متقدم هادٍ.

والهادِي: العنق، لتقدمه، قال المفضل النكري:

جَمُومُ الشَّدِّ شائِلَةُ الذُّنابَـي

 

وهادِيها كَأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ

والجمع هَوادٍ.

وهَوادِي الليل: أوائله، لتقدمها كتقدم الأعناق، قال سكين بن نضرة البجلي:

دَفَعْتُ بِكَفِّي الليلَ عَنهُ وقدْ بـدَتْ

 

هَوادِي ظَلامِ الليلِ فالظِّلُّ غامِرُهْ

وهَوادِي الخيل: أعناقها، لأنها أول شيء من أجسادها، وقد تكون الهَوادِي أول رعيل يطلع منها، لأنها المتقدمة.

والهادِيَة: المتقدمة من الإبل.

والهادِي: الدليل، لأنه يقدم القوم.

والهَدِيَّةُ: ما أتحفت به، وفي التنزيل: -و إني مُرْسِلَةٌ إلَيِهمْ بِهَدِيَّةٍ- قال الزجاج: جاء في التفسير إنها أهدت إلى سليمان لبنة ذهب، وقيل: لبن ذهب في حرير، فأمر سليمان عليه السلام بلبنة الذهب فطرحت تحت الدواب حيث تبول عليها وتروث، فصغر في أعينهم ما جاءوا به. وقد ذكر أن الهدِيَّةَ كانت غير هذا، إلا أن قول سليمان -أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ- يدل على أن الهدية كانت مالا، والجمع هَدَايا، وهَداوَي، وهَداوِي وهَداوٍ، الأخيرة عن ثعلب.

أما هَدايا فعلى القياس، أصلها هَدِائُي، ثم كرهت الضمة على الياء فأسكنت، فقيل: هَدائِي، ثم قلبت الياء ألفا استخفافا لمكان الجمع فقيل: هَداءَا، كما أبدلوها في مداري ولا حرف علة هناك إلا الياء، ثم كرهوا همزة بين ألفين، لأن الألف بمنزلة الهمزة، إذ ليس حرف أقرب إليها منها فيصوروها ثلاث همزات، فأبدلوا من الهمزة ياء لخفتها، ولأنه ليس حرف بعد الألف أقرب إلى الهمزة من الياء، ولا سبيل إلى الألف لاجتماع ثلاث ألفات، فلزمت الياء بدلا.

ومن قال هَداوَي أبدل الهمزة واوا، لأنهم قد يبدلونها منها كثيرا، كبوس وأومن، هذا كله مذهب سيبويه، وزدته أنا إيضاحا.

وأما هَدَاوِي فنادر.

وأما هَدَاوٍ فعلى أنهم حذفوا الياء من هَداوِي حذفا، ثم عوض منها التنوين.

وأهْدَى الهَدِيَّةَ، وهَدَّاها.

والمِهْدَى: الإناء الذي يُهْدَى فيه. قال:

مِهداكَ أَ لأَمُ مِهْديً حينَ تَنْسُبُهُ

 

فُقَيرَةٌ أوْ قَبيحُ العضْدِ مَكسورُ

وامرأة مِهْداءٌ: كثيرة الإهداءِ، قال الكميت:

وإذا الخُرَّدُ اغْبَرَرْنَ مِنَ المَحْ

 

لِ وصارَتْ مِهْداؤُهُنَّ عَفيرَا

وكذلك الرجل.

والهِداءُ: أن تجيء هذه بطعامها وهذه بطعامها فتأكلا في موضع واحد.

والهَدِىُّ، والهَدِيَّةُ: العروس، قال أبو ذؤيب:

بِرَقْمٍ ووَشْىٍ كما نَمنَمَتْ

 

بِميشَمِها المُزْدَهاةُ الهَدِىُّ

وهدَى العَروسَ إلى بعلها هِداءً، وأهْداها واهْتَداها، الأخيرة عن أبي علي وأنشد:

كَذبْتُمْ وبَيتِ اللهِ لا تَهْتَدُونها

والهَدِيُّ الأسير، قال المتلمس:

كَطُرَيْفَةَ بنِ العَبْدِ كانَ هَدِيَّهُمْ

 

ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بِمُهَنَّدِ

والهَدْيُ: ما أُهْديَ إلى مكة من النَّعَمِ، وهو الهَدِيُّ، قال الفرزدق:

حَلَفْتُ بِرَبّ مَكَّةَ والمُصَلَّى

 

وأعناقِ الهَدِيِّ مُقَـلَّـداتِ

والواحدة هَدِيَّةٌ، قال ساعدة بن جؤية:

إنِّي وأيْديهِم وكُلِّ هَـدِيَّةٍ

 

مِمَّا تَثُجُّ لهُ تَرِائبُ تَثْعَبُ

وقال ثعلب: الهَدْيُ، بالتخفيف، لغة أهل الحجاز، والهَدِيُّ، بالتثقيل، لغة بني تميم، وقد قرى بالوجهين جميعا -حتى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه- و-الهَدِيُّ-.

وفلان هَدْىُ بني فلان وهَدِيُّهم، أي جارهم، يحرم عليهم منه ما يحرم من الهَدْيِ، وقيل: الهَدْيُ والهَدِيُّ: الرجل ذو الحرمة يأتي القوم يستجيرهم أو يأخذ منهم عهدا فهو ما لم يجر هَدِيٌّ. فإذا أخذ العهد منهم فهو جار لهم، قال زهير:

فَلَمْ أرَ مَعْشراً أسَرُوا هَدِياًّ

 

ولمْ أرَ جارَ بَيْتٍ يُستَبـاءُ

والهِداءُ: الرجل الضعيف البليد.

والهَدْيُ: السكون.

والتَّهادِي: مشي النساء والإبل الثقال، وهو مشي في تمايل وسكون.

وجئتك بعد هَدْيٍ من الليل، وهَدِيٍّ لغة في هَدْءٍ،الأخيرة عن ثعلب.

مقلوبه: - ه ي د -

هادَه الشيء هَيْداً وهاداً: أفزعه وكربه.

وما يَهِيدُه ذلك: أي ما يكترث له.

وهادَهَ هَيْداً، وهَيَّده: حركه وأصلحه.

وما هَيَّدَ عن شتمي، أي ما تأخر ولا كذب، وقد تقدم ذلك في النون، لأنهما لغتان: هَنَّدَ وهَيَّدَ.

وما هادَه كذا، أي ما حركه، قال بعضهم: لا ينطق بالمستقبل منه إلا مع حرف الجحد.

وماله هَيْدٌ ولا هادٌ، أي حركة، قال ابن هرمة:

ثمَّ استَقامَتْ لهُ الأعناقُ طائِعَةً

 

فمَا يُقالُ لهُ هَـيْدٌ ولا هـادُ

قال اللحياني: لقيه فقال له: هَيْدَ مالك، ولقيته فما قال لي هَيْدَ مالك، قال: وقد قال الكسائي: يقال: يا هَيْدَ ما أصحابك؟ ويا هَيْدَ ما لأصحابك؟ قال: وقال الأصمعي: حكى لي عيسى بن عمر: هَيْدَ مالك؟ أي ما أمرك، ويقال: لو شتمتني ما قلت هَيْدَ مالك.

ورجل هَيَّدانٌ: ثقيل، كَهِدَانٍ.

والهَيْدُ: الكثير، عن ثعلب، وأنشد:

أذاكَ أمْ أُعطيتَ هَيْداً أهْدَبا

وهادَ الرجل هَيْداً وهاداً: زجره.

وهَيْدٌ، وهِيدٌ،و هيدٍ وهادِ: من زجر الإبل واستحثائها.

والعرب تقول: هِيدْ، بسكون الدال، مالك، إذا سألوه عن شأنه.

وأيام هَيْدٍ: أيام موتان كانت في العرب في الدهر القديم، يقال: مات فيها اثنا عشر ألف قتيل.

وهَيُّودٌ: جبل، أو موضع.

مقلوبه: - د ه ي -

الدَّهْىُ، والدَّهاءُ: الإرب.

ورجل داهٍ وداهِيَةٌ، الهاء للمبالغة: عاقل.

والدَّاهِيَةُ: الأمر المنكر، وقوله: هي الدَّاهِيَة الدَّهْياءُ، بالغوا بها.

وكل ما أصابك من منكر من وجه المأمن فقد دهاكَ دَهْياً.

وأمر دَهٍ: داهٍ، أنشد ابن الأعرابي:

ألمْ أكُنْ حَذِرْتُ مِنكَ بالدَّهِى

وقد يجوز أن يكون أراد بالدَّهْىِ، فلما وقف ألقى حركة الياء على الهاء، كما قالوا: من البكر أرادوا من البكر.

ودَهِىَ الرجل دَهْياً ودَهاًء، وتَدَهَّى: فَعَل فِعلَ الدُّهاةِ.

ودَهاه دَهْياً ودَهَّاه: نسبه إلى الدَّهاء.

وأدهى الرجل: وجده داهيةً.

ودَهاه يَدْهاه دَهْياً: عابه وتنقصه، وقوله أنشده ثعلب:

وقُوَّلٍ إلاَّ دَهٍ فَلا دَهِى

قال: معناه إن لم تتب الآن فلا تتوب أبدا، وكذلك قول الكاهن لبعضهم، وقد سأله عن شيء: يمكن أن يكون كذا وكذا، فقال له: لا، فقال: فكذا، فقال له: لا، فقال له الكاهن: إلاَّ دَهٍ فلا دَهٍ: أي إن لم يكن هذا الذي أقول لك، فإني لا أعرف غيره.

وبنو دَهْىٍ: بطن.

مقلوبه: - ي د ه -

استَيْدَهَت الإبل: اجتمعت وانساقت.

واستَيْدَه الخصم: غلب وانقاد.

الهاء والتاء والياء

هاتَي:أعطى، وتصريفه كتصريف عاطي، قال:

واللهِ ما يُعْطِي وما يُهاتِي

أي وما يأخذ، وقال بعضهم: الهاء في هاتَي بدل من الهمزة في آتي.

مقلوبه: - ه ي ت -

هَيْتَ: تعجب، تقول العرب: هَيْتَ للحلم.

وهَيْتَ لك، وهِيتَ لك: أي أقبل، وفي التنزيل: -و قالَتْ هِيتَ لكَ- وقد قيل: -هَيْتُ لكَ- و-هَيْتِ لك- بضم التاء وكسرها قال الزجاج، وأكثرها: هيْتَ لك، بفتح الهاء والتاء، قال: ورويت عن علي عليه السلام -هِيتُ لك- وروى ابن عباس: -هِئْتُ لك- بالهمزة وكسر الهاء من الهيئة كأنها قالت: تَهيَّأتُ لك، قال: فأما الفتح من هَيْتَ فلأنها بمنزلة الأصوات ليس لها فعل يتصرف منها، وفتحت التاء لسكونها وسكون الياء، واختير الفتح لأن قبلها ياء، كما فعلوا في أين.

ومن كسر التاء فلأن أصل التقاء الساكنين حركة الكسر، ومن قال: "هَيْتُ" ضمها لأنها في معنى الغايات، كأنها قالت: دعائي لك، فلما حذفت الإضافة وتضمنت هَيْتُ معناها بنيت على الضم، كما بنيت حيث.

وقراءة عليٍّ -هِيتُ لك- بمنزلة هَيْتُ لك، والحجة فيهما واحدة.

وهَيَّتَ بالرجل: صوَّت به، فقال له: هَيْتَ هَيْتَ، قال:

قَدْ رابَنِي أنَّ الكَرِىَّ أسْكَتا

لَو كانَ مَعنِياًّ بها لَهَـيَّتـا

والهِيتُ: الهوَّة القعرة من الأرض.

وهيتُ بلد على شاطئ الفرات، قال:

طِرْ بجَناحَيْكَ فَقَدْ دُهِيتا

حَرَّانَ حَرَّان فَهِيتا هِيتَا

وقيل: معناه: اذهب في الأرض.

وقال أبو علي: ياء هِيتَ التي هي الأرض واو، وسيأتي ذكرها.

مقلوبه: - ي ه ت -

أَيْهَتَ الجرح واللحم: أنتن.

مقلوبه: - ت ي ه -

التِّيه: الصلف والكبر، وقد تاهَ، ورجل تائِهٌ، وتَيَّاهٌ، وتَيَّهانٌ، وتَيِّهانٌ.

وتاه في الأرض تَيْهاً وتِيهاً وتَيَهانا وهو تَيَّاهٌ: ضل، قال ابن دريد: رجل تَيَّهانٌ: إذا تاه في الأرض، قال: ولا يقال في الكبر إلا تائِهٌ وتَيَّاهٌ.

وبلد أتْيَهُ، وأرض تِيهٌ، وتَيْهاءُ، ومَتِيهَةٌ، ومُتِيهَةٌ، ومَتْيَهَةٌ، ومِتْيَهٌ:مضلة، وقد تَيَّهَه.

والتَّيهُ: حيث تاهَ بنو إسرائيل، أي حاروا فلم يهتدوا للخروج منه، فأما قوله:  

تَقْذِفُه في مِثْلِ غِيطانِ التِّيهْ

في كُلِّ تِيهٍ جَدوَلٌ تُؤَتِّيهْ

فإنما عنى التِّيهَ من الأرض، أو جمع تَيْهاءَ من الأرض، وليس بتِيهِ بني إسرائيل، لأنه قد قال: "في كل تيه" فدل بذلك على انه أتْياهٌ لا تِيهٌ واحد، وتيهُ بني إسرائيل ليس أتْياها، إنما هو تِيهٌ واحد، شبه أجواف الإبل في سعتها بالتِّيهِ، وهو الواسع من الأرض.

وتَيَّهَ الشيء: ضيَّعه.

وتَيْهانُ: اسم.

الهاء والذال والياء

هَذَي هَذْياً وهَذَياناً: تكلم بكلام غير معقول في مرض أو غيره.

وهَذَى به: ذكره في هُذائِه.

والاسم من ذلك الهُذاءُ.

ورجل هَذَّاءٌ، وهَذَّاءَةُ: يَهذِي في كلامه أو يَهذِي بغيره، أنشد ثعلب:

هِذْرِيانٌ هَـذِرٌ هَــذَّاءَةٌ

 

مُوشِكُ السَّقطَةِ ذو لُبٍّ نَثِرْ

الهاء والثاء والياء

الهَثَيانُ: الحشو، عن كراع.

مقلوبه: - ه ي ث -

هاثَ في ماله هَيْثًا: افسد، واصلح.

وهاثَ في الشيء:افسد، وأخذه بغير رفق. وهاثَ الذئب في الغنم هَيْثًا كذلك.

وهاثَ في كيله هَيْثاً: حثا حثوا، وهو مثل الجزاف.

وهاثَ لي المال هَيْثاً وهَيَثاناً: حثا لي منه فأكثر.

وهاثَ من المال ما شاء يَهِيثُ هَيْثاً: أصاب.

وهاثَ برجله التراب: نَبَثَه، أنشد ابن الأعرابي:

كأنَنيِ وقَدَميِ تَهيثُ

ذُؤْنُونُ سَوْءٍ رأسُهُ نَكِيثُ

نكيث: نتشعث رخو ضعيف.

وهاثَ القوم يهِيثون هَيْثاً وتَهايثَوا: دخل بعضهم في بعض عند الخصومة.

وهايِثَةُ القوم: جلبتهم.

الهاء والراء والياء

هَرَى اللحم هَرْياً: أنضجه.

وهَرَيْتُه بالعصا: لغة في هَرَوْتُه، عن ابن الأعرابي.

والهُرْيُ: بيت كبير يجمع فيه طعام السلطان، والجمع أهْراءٌ.

وهَراةُ: موضع، النسب إليه هَرَوِيٌّ، قلبت الياء واوا كراهية توالي الياءات.

وإنما قضينا على أن لام هَراةَ ياء لما قدمنا من أن للام ياء أكثر منها واوا.

وقوله أنشده ابن الأعرابي:

رَأيْتُكَ هَرِّيْتَ العِمامَةَ بَعدمَـا

 

أراكَ زَماناً فاصِعا لا تَعَصَّبُ

معناه: جعلتها هَرَوِيَّةً، وقيل: صبغتها، ولم يسمع بذلك إلا في هذا الشعر.

مقلوبه: - ه ي ر -

هارَ الجرف والبناء وتَهَيَّرَ: انهدم، وقيل: إذا انصدع الجرف من خلفه وهو ثابت بعد في مكانه فقد هارَ، فإذا سقط فقد انْهارَ وتَهَيَّرَ.

ورجل هَيَّارٌ: ينهار كما ينهار الرمل، قال كثير:

فمَا وجَدوا مِنكَ الضَّرِيبَةَ هَدَّةً

 

هَيَاراً ولا سَقْطَ الألِيَّةِ أخْرَما

والهَيْرَةُ: الأرض السهلة.

وهَيْرٌ وهِيرٌ وهَيِّرٌ: من أسماء الصبا، وقيل: من أسماء الشمال.

ومضى هِيرٌ من الليل، أي أقل من نصفه، عن ابن الأعرابي، وحكى فيه هِتْرٌ، وقد تقدم.

وهِيرُورُ: ضرب من التمر، والذي حكاه أبو حنيفة هِيرُونُ بضم النون، فإن كان ذلك فهو يحتمل أن يكون فِعْلوناً وفِعْلولاً.

واليَهْيَرُّ: الحجر الصلب: وقيل: هي حجارة أمثال الأكف، وقيل: هو حجر صغير، وقال أبو حنيفة: اليَهْيَرُّ، مشدد أيضا: الصمغة الكبيرة، وأنشد:

قَدْ مَلَئُوا بُطونَهُمْ يَهْيَرَّا

واليَهْيَرُّ، واليَهْيَرَّي: الماء الكثير.

وذهب ماله في اليَهْيَرَّي، أي الباطل.

واليَهْيَرُّ: الكذب.

واليَهْيَرُّ: دويبة أعظم من الجرذ، تكون في الصحارى، واحدته يَهْيَرَّةٌ.

واليَهْيَرُ بالتخفيف: الحنظل، وهو أيضا السم.

واليَهْيَرُ أيضا: صمغ الطلح.

قال سيبويه: أما يَهْيَرُّ مشدد فالزيادة فيه أولى لأنه ليس في الكلام فَعْيَلٌّ، وقد ثقل ما أوله زيادة، ولو كانت يَهْيَرُّ مخففة الراء كانت الأولى هي الزائدة أيضا، لأن الياء إذا كانت أولا بمنزلة الهمزة.

مقلوبه: - ي ه ر -

اليَهْرُ: اللجاجة والتمادي في الأمر، وقد اسْتَيْهَرَ.

والمُستَيْهَر: الذاهب العقل عن ثعلب، وانشد:

يَسْعَى ويجمَع دائِباً مُستَيْهَراً

 

جِداًّ وليسَ بآكِلٍ ما يَجمَعُ

واستَيهَرتِ الحمر: فزعت، عنه أيضا.

مقلوبه: - ر ه ي -

الرَّهِيَّة: بر يطحن بين حجرين ويصب عليه لبن، وقد ارتَهَى.

مقلوبه: - ر ي ه -

الرَّيْه والتَّرَيُّه: جري السراب على وجه الأرض، وقيل: مجيئه وذهابه، وقول رؤبة:

كأنَّ رَقْراقِ السَّرابِ الأمْقَهِ

يَسْتَنُّ في رَيْعانِه المُرَيَّهِ

كأنَّه رُيِّهَ، أو رَيَّهَتْه الهاجرة.

الهاء واللام والياء

هَلا: زجر للخيل، وقد يستعار للإنسان، قالت ليلى الاخيلية:

وعَيَّرْتَنيِ داءً بأمِّكَ مِثْلُـه

 

وأيُّ جَوادٍ لا يُقال لَه هَلاَ

وإنما قضينا على أن لام هَلاَ ياء، لأن اللام ياء أكثر منها واوا، كما تقدم.

وذهب بذي هِلِيَّانَ، وبذي بليان، وقد يصرف،: أي حيث لا يدري أين هو.

والهِلْيُون: نبت عربي معروف، واحدته هِلْيُونَة.

مقلوبه: - ه ي ل -

هالَ عليه التراب هَيْلاً، وأهالَه فانْهال، وهَيَّلَهُ فَتَهَيَّلَ.

ويذم الرجل فيقال: جرف مُنهالٌ، وسحاب منجال. وأما جرف مُنهالٌ، فإنما يعني انه ليس له حزم ولا عقل، وأما قولهم: سحاب منجال، فمعناه انه لا يطمع في خيره، كأنه مقلوب من مُنجل.

والهَيْلُ: ما لم ترفع به يدك، والحَثْىُ: ما رفعت به يدك.

وهالَ الرمل: دفعه فانْهالَ، وكذلك هَيَّلَه فَتَهَيَّلَ.

والهَيْلُ، والهَيالُ، والهَيْلانُ: ما انهالَ منه، قال مزاحم:

بِكُلِّ نَقيً وَعْثٍ إذا ما عَلَوْتَـهُ

 

جَرَى نَصَفاً هَيْلانُهُ المُتَساوِقُ

ورمل أهْيَلُ: مُنْهالٌ لا يثبت.

وجاء بالهَيْلِ، والهَيْلَمانِ، والهَيْلُمانِ، أي المال الكثير، الأخيرة عن ثعلب، وضعوا الهَيْلَ الذي هو المصدر موضع الاسم، أي بالمَهِيلِ، شبه بالرمل في كثرته، فالميم على هذا في الهَيلَمانِ زائدة، كزيادتها في زرقم، والألف والنون زائدتان، فالوزن على هذا فَعْلَمان.

وانْهالَ عليه القوم: تتابعوا عليه وعلوه بالشتم والضرب والقهر.

والأهْيَلُ: موضع، قال المتنخل الهذلي:

هَلْ تَعرِفُ المَنزِلَ بالأَهْـيَلِ

 

كالوَشْمِ في المِعْصَمِ لم يَخْمُلِ

والهَيُول: الهباء المنبث، وهو ما تراه في البيت من ضوء الشمس، عبرانية أو رومية معربة.

والهالَةُ: دارة القمر، قال:

في هالَةٍ هِلالُها كالإكْلِيلْ

وإنما قضينا على عينها أنها ياء لأن فيه معنى الهَيُول الذي هو ضوء الشمس، فإن قلت: إن الهَيُول رومية والهالَة عربية كانت الواو أولى به، لأن انقلاب الألف عن الواو، وهي عين، أكثر من انقلابها عن الياء، كما ذهب إليه سيبويه، والجمع هالاتٌ.

مقلوبه: - ل ه ي -

لَهِىَ عن الشيء لُهِياًّ،و لِهْياناً: غفل عنه وتركه.

واللَّهاةُ: لحمة حمراء في الحنك معلقة على عكدة اللسان، والجمع لَهيَاتٌ، وحكى سيبويه: لَهْىَ أبوك، مقلوب عن لاهِ أبوك، وإن كان وزن لَهْىَ فَعْلٌ، ولاهِ فَعْلٌ، فله نظير، قالوا: له جاه عند السلطان مقلوب عن وجه،و قد أبنت ذلك في المخصص.

الهاء والنون والياء

هُنا، وهُناك: للمكان، وهُناك أبعد من هُنا، وجاء من هَنِى، أي من هُنا، قال:

وجئت مِن هَنَّى لَهُ ومِنْ هَنِى

وقوله أنشده أبو الفتح ابن جني:

قد ورَدَتْ مِنْ أمْكِنَهْ

مِنْ هاهُنا ومِنْ هُنَهْ

إنما أراد من هُنا فأبدل الألف هاء، وإنما لم يقل وها هُنَهْ، لأن قبله أمكنه، فمن المحال أن تكون إحدى القافيتين مؤسسة والأخرى غير مؤسسة.

وأقمت عند هُنَيَّةً، أي وقيتا، وأبدلوا من الياء الهاء فقالوا: هُنَيْهَةً، وذلك للقرب الذي بين الهاء وحروف اللين.

وهُنا: اللهو.

والهَنُ: الحِرُ، وأنشد سيبويه:

رُحْتِ وفي رِجْلَيكِ ما فيهما

 

وقد بَدا هَنْكِ مِنَ المِـئْزَرِ

وذهبت فَهَنَيْتُ، كناية فَعَلْتُ، من قولك: هَنٌ.

مقلوبه: - ه ي ن -

هانَ يَهِينُ، مثل لان يلين، وفي المثل: "إذا عز أخوك فَهِنْ".

وماهَيَّانُ هذا الأمر، أي شأنه.

وهَيَّانُ بن بيان: لا يُعْرَف ولا يُعَرُف أبوه، وقد تقدم أن نونه زائدة.

مقلوبه: - ن ه ي -

النَّهْيُ: خلاف الأمر، نَهاه يَنْهاه نَهْياً، فانْتَهى وتَناهَى، أنشد سيبويه لزياد بن زيد العذري:

إذا ما انْتَهَى عِلْمِي تَناهَيْتُ عِندَه

 

أطالَ فَأمْلَى أوْ تَناهَى فَأقْصَرا

 وتَناهَوْا عن الشيء: نَهى بعضهم بعضا، وفي التنزيل: -كانوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلوهُ- وقد يجوز أن يكون معناه ينتهون.

وقوله:

سُمَيَّةَ وَدِّعْ إنْ تَجَـهَّـزْتَ غـادِيا

 

كَفَى الشَّيْبُ والإسلامُ للمرءِ ناهِيا

فالقول أن يكون ناهيا اسم الفاعل من نَهَيْت، كساع من سعيت، وشار من شريت، وقد يجوز مع هذا أن يكون ناهيا مصدرا هُنا، كالفالج ونحوه مما جاء فيه المصدر على فاعل، حتى كأنه قال: كفى الشيب والإسلام للمرء نَهْياً وردعا، أي ذا نَهْىٍ، فحذف المضاف، وعلقت اللام بما يدل عليه الكلام، ولا تكون على هذا معلقة بنفس النَّاهِي، لأن المصدر لا يتقدم شيء من صلته عليه.

والاسم النُّهْيَةُ.

وفلان نَهِىُّ فلان، أي يَنهاهُ.

ونفس نَهاةٌ: مُنْتَهِيَةٌ عن الشيء.

والنُّهْيَة، والنِّهايَةُ، والنِّهاءُ: غاية كل شيء وآخره، وذلك لأن آخره ينهاه عن التمادي فيرتدع.

وانْتَهَى الشيء، وتَناهَى، ونَهَّى: بلغ نِهايَته.

وقول أبي ذؤيب:

ثم انتهَى بَصَرِي عَنهُمْ وقَدْ بَلَغـوا

 

بَطْنَ المَخِيمِ فَقالوا الجَوَّ أوْ راحوا

أراد: انقطع عنهم، ولذلك عداه بعن.

وحكى اللحياني عن الكسائي: إليك نَهَّى المثل، وأنهْىَ، وانْتَهَى، ونُهِّىَ، وأُنْهِىَ ونَهَى، خفيفه. قال: ونَهَى خفيفة قليلة. قال: وقال أبو جعفر: لم اسمع أحدا يقول بالتخفيف.

والنِّهاية: طرف العران في انف البعير، وذلك لانتهائه.

والنَّهْىُ: والنِّهْىُ: الموضع الذي له حاجز يَنهَى الماء أن يفيض منه، وقيل: هو الغدير قال:

ظَلَّتْ بِنِهْىِ البَرَدانِ تَغْتَسِلْ

تَشرَبُ منهُ نَهِلاتٍ وتَعِلّ

والجمع، أنْهٍ، وأنْهاءٌ، ونُهِىٌّ: ونِهاءٌ، قال عدي بن الرقاع:

ويَأكُلْنَ ما أغْنَى الوَلِيّ فلَم يَلِتْ

 

كأنَّ بِحافاتِ النِّهاءِ المَزارِعا

والنِّهاءُ أيضا: أصغر محابس المطر، وأصله من ذلك.

والتَّنْهاةُ والتَّنْهِيَةُ: حيث يَنْتَهِي الماء من الوادي، وهي أحد الأسماء التي جاءت على تَفْعِلة، وإنما باب التَّفْعِلة أن يكون مصدرا.

وأنهَى الشيء: أبلغه.

وناقة نَهِيَّةٌ: بلغت غاية السمن، هذا هو الأصل، ثم يستعمل لكل سمين من الذكور والإناث، إلا أن ذلك إنما هو في الأنعام، أنشد ابن الأعرابي:

سَوْلاءُ مَسْكُ فارِضٍ نَهِيِّ

مِنَ الكِباشِ زَمِرٍ خَصِيِّ

ونُهْيَة الوتد: الفرضة في رأسه تَنْهَى الحبل أن ينسلخ.

والنُّهَى: العقل، يكون واحدا وجمعا، وفي التنزيل: -إنَّ في ذلِكَ لآياتٍ لأُولي النُّهَى-.

والنُّهْيَةُ: العقل، ومن هنا اختار بعضهم أن يكون النُّهَي جمعا، وقد صرح اللحياني بأن النُّهَى جمع نُهْيَةٍ، فأغنى عن التأويل.

والنِّهايَةُ والمَنْهاةُ: العقل، كالنُّهْيَةِ.

ورجل مَنْهاةٌ: عاقل حسن الرأي، عن أبي العميثل، وقد نَهُوَ ما شاء، فهو نَهِيٌّ من قوم أنهِياءَ، ونَهٍ من قوم نَهِينَ، ونِهٍ، على الإتباع، كل ذلك: مُتَناهِي العقل، قال ابن جني: هو قياس النحويين في حروف الحلق، كقولك: فخذ في فخذ، وصعق في صعق.

ورجل نَهْيُك من رجل، وناهِيكَ من رجل، ونَهاكَ من رجل، كله بمعنى: حسب.

ونِهاءُ النهار: ارتفاعه.

وهو نُهاءُ مائة، كقولك، زهاء مائة.

والنُّهاءُ: القوارير، قيل: لا واحد لها، وقيل: واحدته نَهاءَةٌ، عن كراع، وقيل: هو الزجاج عامة، حكاه ابن الأعرابي، وانشد:

تَرُضُّ الحَصىَ أخفافُهُنَّ كأنما

 

يُكَسَّرُ قَيْصٌ بَيْنَها ونُـهـاءُ

قال: ولم يسمع إلا في هذا البيت، وقال بعضهم: النُّهاءُ: الزجاج، يمد ويقصر.

والنُّهاءُ: حجر أبيض أرخى من الرخام، يكون في البادية، ويجاء به من البحر، واحدته نُهاءَة.

والنُّهاءُ: دواء يكون بالبادية يتعالجون به يشربونه.

النَّهَى: ضرب من الخرز، واحدته نَهاةٌ.

والنَّهاةُ أيضا: الودعة.

ونَهاةُ: فرس لاحق بن جرير.

وإنما قضينا أن ألف كل ذلك ياء لما قدمنا من أن اللام ياء أكثر منها واوا.

وطلب حاجة حتى أنهَى عنها ونَهِىَ عنها، أي تركها، ظفر بها أو لم ظفر.

وحوله من الأصوات نُهْيَة، أي شغل.

وذهبت تميم فما تسهى ولا تُنْهَى، أي لا تذكر.

ونِهْيا: اسم ماء عن ابن جني، وقال لي أبو الوفاء الأعرابي: نَهَيَا وإنما حركها لمكان حرف الحلق، لأنه أنشدني بيتا من الطويل لا يتزن إلا بِنَهْيا ساكنة الهاء اذكر منه:

إلى أهْل نَهْيا

مقلوبه: - ن ي ه -

نفس ناهَةٌ: مُنتهيَّة عن الشيء، مقلوب من نَهاةٍ. 

الهاء والفاء والياء

هافَ ورق الشجر يَهِيفُ: سقط.

والهَيْفُ: ريح حارة بين الجنوب والدبور يَهِيف منها ورق الشجر، وقيل: الهَيْفُ: ريح باردة تجيء من قبل مهب الجنوب، وهذا لا يوافق الاشتقاق، وقيل هي كل ريح ذات سموم تعطش المال، وتيبس الرطب.

والهُوفُ، من قول أم تأبط شرا،: "تلفه هُوف": إنما بنته على فُعْلٍ لما قبله من قولها "ليس بعلفوف" وما بعده من قولها: "حشي من صوف" وقيل: هي لغة في الهَيْفِ.

وهافَ واستَهافَ: أصابته الهَيْفُ فعطش. أنشد ثعلب:

تَقَدَّمَتْهُنَّ عَلـى مِـرْجَـمٍ

 

يَلُوكُ اللِّجامَ إذا ما استَهافا

ورجل هَيُوفٌ، ومِهيافٌ، وهافٌ، الأخيرة عن اللحياني: لا يصبر على العطش، وكذلك ناقة مِهْيافٌ وهافَةٌ، وإبل هافَةٌ كذلك، وقد هافَ يَهافُ هِيافاً.

وهافَت الإبل تَهاف هِيافاً وهَيافاً، إذا اشتدت الهَيْفُ من الجنوب، واستقبلتها بوجوهها فاتحة أفواهها من شدة العطش.

وأهافَ الرجل: عطشت إبله، قال:

فَقَدْ أهافوا زَعَموا وأنْزَعوا

والهَيَف: دقة الخصر وضمور البطن، هَيِفَ هَيَفاً وهافَ هَيْفاً فهو أهْيَفُ.

وهَيْفاءُ: فرس طارق بن حصبة.

الهاء والباء والياء

الهَبَيُّ: الصبي الصغير، والأنثى هَبَيَّةٌ، حكاهما سيبويه، وقال: وزنهما فَعَلٌّ وفَعَلَّةٌ، وليس أصل فَعَلٍّ فيه فَعْلَلا، وإنما بنى من أول وهلة على السكون، ولو كان الأصل فَعْلَلاً لقلت هَبَياً في المذكر، وهَبْياةً في المؤنث، قال: فإذا جمعت هَبَياًّ قلت: هَبايٌّ، لأنه بمنزلة غير المعتل، نحو معد وجبن.

مقلوبه: - ه ي ب -

الهَيْبَةُ: التقية من كل شيء، هابَه هَيْباً ومَهابَةً، ورجل هائِبٌ وهَيُوبٌ وهَيَّابٌ وهَيِّبٌ وهَيَّبانٌ، قال ثعلب: الهَيَّبانُ: الذي يُهابُ، فإذا كان ذلك كان الهَيَّبانُ في معنى المفعول، وكذلك الهَيُوبُ، قد يكون الهَائِبُ، وقد يكون المَهِيبُ.

واهْتابَ الشيء، كهابَه، قال:

ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّـتَـه

 

أشرَفْتُه مُسْفِراً والشمسُ مُهْتابَهْ

وتَهَيَّبْتُ الشيء، وتَهَّيَبِني: خفته، قال ابن مقبل:

يَوما تَهَيَّبُنِي المَوْماةُ أركَبُهـا

 

إذا تَجاوَبَتِ الأَصْداءُ بالسَّحَرِ

قال ثعلب: أي لا أَتهَيَّبُها أنا، فنقل الفِعل إليها، وقال الجرمي: لا تَهَيَّبُنِي الموماة، أي لا تملأُني مَهابَةً.

والهَيَّبانُ: الراعي، عن السيرافي.

وهابْ هابْ: من زجر الإبل.

وأهابَ بالإبل: دعاها.

وأهابَ بصاحبه: دعاه، وأصله في الإبل.

والْهَيَّبانُ: الكثير من كل شيء، قال ذو الرمة:

تَمُجُّ اللُّغامَ الهَـيَّبـانَ كـأنـه

 

جَنىَ عُشَرٍ تَنْفِيهِ أشداقُها الهُدْلُ

وقيل: الهَيَّبان هاهنا: الخيف النحز.

مقلوبه: - ب ه ي -

بَهِىَ به يَبْهَى بَهْياً: أنس، وقد تقدم الحرف في الهمز.

وباهانِي فَبَهَيْتُه، أي صرت أبْهَى منه، عن اللحياني.

الهاء والميم والياء

هَمَتْ عينُه هَمْياً، وهُمِياًّ، وهَمَياناً: صبت دمعها، عن اللحياني، وقيل: سال دمعها، وكذلك كل سائل من مطر وغيره، قال مساور ابن هند:

حتى إذا ألقَمَها تَقَمَّما

واحتَمَلَتْ أرحامُها مِنه دَما

مِنْ آيِلِ الماءِ الذي كانَ هَمَى

آيل الماء: خاثره، وقيل: الذي قد أتى عليه الدهر، وهو بالخاثر هنا أشبه، لأنه إنما يصف ماء الفحل.

وهَمَى الشيء هَمْياً: سقط، عن ثعلب.

وهَمَتِ الناقة: ذهبت على وجهها في الأرض لرعي ولغيره مهملة بلا راع ولا حافظ، وكذلك كل ذاهب.

والهِمْيانُ: شداد السراويل، قال ابن دريد: أحسبه فارسيا معربا.

والهِمْيانُ: الذي تجعل فيه النفقة.

وهِمْيانُ: اسم شاعر.

والهَمَيانُ: موضع، أنشد ثعلب:

وإنَّ امرَأً أمْسَى ودونَ حَبيبِـه

 

سَواسٌ فَوادِي الرَّسِّ فالهَمَيانِ

لَمُعْتَرِفٌ بالنَّأْيِ بَعْدَ اقْتِرابِهِ

 

ومَعْذورَةٌ عَيْناهُ بالهَمَلانِ

مقلوبه: - ه ي م -

هامَتِ الناقة تَهِيمُ: ذهبت على وجهها لرعي كهَمَتْ، وقيل: هو مقلوب عنه.

والهُيامُ، كالجنون.

والهائِمُ: المتحير، وهو أيضا: الذاهب على وجهه عشقا، وقد هام بها هَيْماً وهُيُوماً وهِياماً وهَيماناً وتَهْياماً، وهو بناء للتكثير، قال سيبويه: هذا باب ما تكثر فيه المصدر من فَعَلْتُ فتلحق الزوائد وتبنيه بناء آخر، كما أنك قلت في فَعَلْت، فَعَّلت: حين كثرت الفعل ثم ذكر المصادر التي جاءت على التَّفْعال، كالتهذار ونحوها، قال: وليس شيء من هذا مصدر فَعَّلْت، ولكن لما أردت التكثير بنيت المصدر على هذا، كما بنيت فَعَلْت على فَعَّلْت وقول كثير:

وإنِّي وتَهْيامِي بِعَزَّةَ بَعْدَما

 

تَخَلَّيْتُ مِما بَينَنا وتَخَلَّـتِ

قال ابن جني: سألت أبا علي فقلت: ما موضع، "تهيامي" من الإعراب؟ فأفتى بأنه مرفوع بالابتداء وخبره قوله: "بعزة" وجعل الجملة التي هي "تهيامي بعزة" اعتراضا بين إن وخبرها، لأن في هذا أضربا من التشديد للكلام، كما تقول: إنك، فاعلم، رجل سوء: وإنه، والحق أقول، جميل المذهب، وهذا الفصل والاعتراض الجاري مجرى التوكيد كثير في كلامهم، قال: وإذا جاز الاعتراض بين الفعل والفاعل في نحو قوله:

وقدْ أدرَكَتْنِيو الحَوادِثُ جَمَّةٌأسِنَّةُ قَوْمٍ لا ضِعافٍ ولا عُزْلِ

كان الاعتراض بين اسم إن وخبرها أسوغ، وقد يحتمل بيت كثير أيضا تأويلا آخر غير ما ذهب إليه أبو علي، وهو أن يكون "تهيامي" في موضع جر على انه أقسم به، كقولك: إني، وحبك، لضنين بك، قال ابن جني: وعرضت هذا الجواب على أبي علي فتقبله، ويجوز أن يكون تهيامي أيضا مرتفعا بالابتداء، والباء متعلقة فيه بنفس المصدر الذي هو التَّهيام، والخبر محذوف، كأنه قال: وتهيامي بعزة كائن أو واقع، على ما يقدر في هذا ونحوه.

وقد هَيَّمَه الحب، قال أبو صخر:

فَهَلْ لكَ طِبٌّ نافِعٌ مِنْ عَلاقَةٍ

 

تُهَيِّمُنِي بينَ الحَشا والترائِبِ

والاسم الهُيامُ.

ورجل هَيْمانُ: محب شديد الوجد.

وقالوا: هِمْ لنفسك ولا تَهِمْ لهؤلاء، أي اطلب لها واهْتَمَّ واحتل.

والهُيام: أشد العطش، وقد هامَ الرجل هُياماً فهو هائِمٌ وأهْيمُ، والأنثى هائمةٌ وهَيماءُ، وهَيْمانُ، عن سيبويه، والأنثى هَيْمَى، والجمع هِيامٌ.

وجمل مَهْيُومٌ وأهْيَمُ: شديد العطش، والأنثى هَيماءُ.

وأرض هَيْماءُ: لا ماء بها.

والهُيامُ والهِيامُ: داء يصيب الإبل عن بعض المياه بتهامة، يصيبها منه مثل الحمى، بعير مُهْيُومٌ وهَيْمانُ.

والهَيامُ من الرمل: ما كان ترابا دقاقا يابسا، وقيل: هو الذي لا يتمالك أن يسيل من اليد للينه.

والهَيْماءُ: موضع.

مقلوبه: - ي ه م -

اليَهْماءُ: الأرض التي لا أثر فيها ولا طريق ولا علم، وقيل: هي الأرض التي لا يهتدي فيها لطريق، وهي أكثر استعمالا من الهَيماءِ، وليس لها مذكر من نوعها، وقد حكى ابن جني بَرٌّ أيْهَمُ، فإذا كان ذلك فلها مذكر.

والأيْهَمُ من الرجال: الجريء الذي لا يستطاع دفعه،و قيل: الأيْهَمُ: الذي لا يعي شيئا ولا يحفظه، وقيل: هو الثبت العناد جهلا، ولا يريع إلى حجة، ولا يتهم رأيه إعجابا.

والأيْهَم: الأصَمُّ، وقيل: الأعمى.

والأيْهَمانُ عند أهل الحضر: السيل والحريق، وعند الأعراب: الحريق والجمل الهائج، لأنه إذا هاج لم يستطع دفعه بمنزلة الأيْهَمِ من الرجال.

قال ابن جني: ليس أيْهَمُ ويَهْماءُ كأدْهَمَ ودَهْماءَ، لأمرين: أحدهما: أن الأيْهَم: الجمل الهائج أو السيل، واليَهْماءُ: الفلاة، والآخر: أن الأيْهَم لو كان مذكر يَهْماءَ لوجب أن يأتي فيهما يُهْمٌ مثل دهم، ولم نسمع ذلك، فعلمت لذلك أن هذا تلاق بين اللفظ، وأن أيْهَم لا مؤنث له، وأن يَهْماءَ لا مذكر له.

والأيْهَم من الجبال: الصعب الطويل الذي لا يرتقى، وقيل: هو الذي لا نبات فيه.

وأيْهَمُ: اسم.

مقلوبه: - م ي ه -

ماهَت الركية تَمِيهُ مَيْهاً، وماهَةً، ومِيهَةً: كثر ماؤها، ومِهْتُها أنا.

ومِهْتُ الرجل: سقيته ماء، وبعض هذا متجه على الواو، وسيأتي ذكره في موضعه.

الهاء والغين والواو

الهَوْغُ: الشيء الكثير، وليس باللغة المستعملة.

الهاء والقاف والواو

الهَوْقَة، كالأَوْقَةِ، وهي حفرة يجتمع فيها الماء، ويكثر فيه الطين، وتألفها الطير، والجمع هُوقٌ.

مقلوبه: - ق ه و-

أقْهَى عن الطعام، واقْتَهَى: ارتدت شهوته عنه من غير مرض، وقيل: هو أن يقذر الطعام فلا يأكله وإن كان مشتهيا له.

وأقْهاهُ الشيء عن الطعام: كفه عنه، أو زهده فيه.

والقُهْوَة: الخمر، لأنها تُقْهِى شاربها عن الطعام.

وعيش قاهٍ بين القَهْوِ والقُهْوَةِ: خصيب.

وجرل قاه في عيشه: مخصب، وقد تقدم بعض ذلك في الياء، لأن الكلمة مشتركة من الواو والياء.

والقَهَةُ: من أسماء النرجس، عن أبي حنيفة، وقد تقدمت في الياء، لأنها تحتمل الوجهين جميعا.

مقلوبه: - وه ق -

الوَهَقُ: الحبل المغار ترمى فيه أنشوطة فتؤخذ فيه الدابة والإنسان، والجمع أوْهاقٌ.

وأَوْهَق الدابة: فعل بها ذلك.

والمُواهَقَة في السير: المواظبة، ومد الأعناق.

والمُواهَقَةُ: أن تسير مثل سير صاحبك، وقد تَواهَقَتِ الركاب، قال ابن أحمر:

وتَواهَقَتْ أخفافُها طَبَقـاً

 

والظِّلُّ لم يفصل ولم يَكْرِ

وقول أوس بن حجر:

تُوَاهِق رِجْلاَها يَدَاه ورَأْسُـه

 

لها قَتَبٌ خَلْفَ الحَقِيبَةِ رادِفُ

فإنه أراد تواهق رجليها يداه، فحذف المفعول، وقد علم أن المواهقَة لا تكون من الرجلين دون اليدين، وأن اليدين مُواهِقَتانِ، كما أنهما مُواهَقَتانِ، فأضمر لليدين فعلا دل عليه الأول، فكأنه قال: تُواهِق يداه رجليها، ثم حذف المفعول في هذا، كما حذفه في الأول، فصار على ما ترى: تُواهِق رجلاها يداه، فعلى هذه الصنعة تقول: ضارب زيد عمرو، على أن يرفع عمرو بفعل غير هذا الظاهر، ولا يجوز أن يرتفعا جميعا بهذا الظاهر.

وقد تكون المُواهَقَة للناقة الواحدة، لأن إحدى يديها ورجليها تُواهِقُ الأخرى.

وتَواهَقَ الساقيان: تباريا، أنشد يعقوب:

أكُلَّ يَوْمٍ لك ضَيْزَنانِ

عَلى إزاءِ الحَوْض مِلْهَزانِ

بِكِرْفَتَينِ يَتَواهَقانِ

مقلوبه: - ق وه -

القُوهَةُ: اللبن الذي فيه طعم الحلاوة، ورواه الليث فوهة، بالفاء، وهو تصحيف.

والقوهِىُّ: ضرب من الثياب، فارسي.