الباب التاسع والعشرون معرفة اختلاف الأيام بلياليها ونقل بعضها إلى بعض

 قال أما عند كثير من العوام والناس فإن الأيام بلياليها متساوية الزمان فيما يظنون أعني ان كل يوم مع ليلته عندهم أربع وعشرون ساعة وليست بالحقيقة كذلك لأن اليوم الواحد الأوسط مع ليلته هو طلوع أزمان معدل النهار الثلثمائة والستين كلها من دائرة الأفق أو دائرة نصف النهار وزيادة ما يطلع من أزمان معدل النهار أيضاً مع التسع والخمسين الدقيقة التي تسيرها الشمس بحركتها الوسطى في اليوم والليلة. واليوم الواحد المختلف مع ليلته هو الذي تطلع أزمان معدل النهار الثلثمائة والستون كلها مع زيادة ما يطلع مع مسير الشمس المختلف في اليوم والليلة الذي يقع الاضطرار عليه أنه إما أكثر من تسع وخمسين دقيقة وإما اقل منها ولما كان الابتداء الذي من انتصاف النهار ثابتاً على حالة واحدة لا يتغير ولا يختلف وذلك لاستواء طلوع البروج في فلك نصف النهار في كل بلد لم يجعل ابتداء الأيام في حساب الكواكب وتقويم مواضعها من طلوع الشمس ولا من غروبها لكنه يجعل من وقت انتصاف النهار أو انتصاف الليل وأيضاً فلأن سائر الحركات الموضوعة للكواكب في الجداول إنما وضعت على أيام وسطى متساوية الأزمان إذاً اغفل ما يجتمع مما بين الأيام بلياليها المختلفة وبين الأيام بلياليها الوسطى. وأما في مسير الشمس وغيرها من الكواكب فليس له مقدار يتبين من قبله خلل محسوس وأما في القمر فإنه فيه ظاهر جداً لسرعة حركته وذلك أن أكثر ما يجتمع مما بين الأيام المختلفة وبين الأيام الوسطى يكون قريباً من نصف ساعة وتكون حركة القمر في بعض الأوقات في هذه المدة مقدار ثمان عشرة دقيقة. وأما الذي فيما بين الأيام الزائدة على الأيام الوسطى والأيام الناقصة منها فإنه ضعف ذلك. ويتركب هذا الاختلاف من جهتين إحداهما اختلاف حركة الشمس الذي هو بالتعديل والأخرى اختلاف ممر البروج في وسط السماء إذ كانت لا تطلع كلها هنالك بمقدار واحد وأكثر ما يجتمع من قبل اختلاف حركة الشمس قريب من ثلثة أجزاء وربع وعشر والذي يجتمع من ممر البروج في وسط السماء أكثر ما يبلغ حينئذ قريب من أربعة أجزاء وربع وخمس فيصير ما يجتمع من الجهتين جميعاً سبعة أجزاء وثماني وأربعين دقيقة وذلك هو نصف ساعة وخمس عشر ساعة معتلة بالتقريب. وموضع النقصان هو قريب من ثلثي الدلو إلى قريب من أول العقرب وموضع الزيادة هو قريب من أول العقرب إلى قريب من ثلثي الدلو. وقد وضعنا الحركات الوسطى في الجداول في كتابنا هذا على أن موضع الشمس المفروض بحركتها الوسطى في ثمان عشر ة درجة وتسع عشرة دقيقة وبالحركة الحقيقية التي ترى فيها في عشرين جزءاً منه وإلى هذا اليوم بليلته تقيس باقي الأيام من السنة في هذا الكتاب. قال فإذا أردت أن تحول الأيام المختلفة فتنقلها إلى الأيام الوسطى التي بها تستخرج الحركات الوسطى من الجداول فخذ ما بين موضع الشمس الأول الأوسط المفروض وبين موضعها الثاني الذي تسير إليه بالمسير الوسط أيضاً فما كان من الأجزاء فاحفظه ثم خذ أيضاً ما بين موضعها الأول الحقيقي الذي كانت فيه والموضع الثاني الذي تسير إليه بحركتها الحقيقية أيضاً بأزمان مطالع البروج في الفلك المستقيم فإن كان عدد هذه الزمان أكثر من أجزاء الحركة الوسطى التي حفظت عرفت قدر الفضل الذي بينهما كم هو من الساعة المعتدلة فما كان زدته على الأيام المختلفة المفروضة وإن كان عدد الأزمان أقل نقصته منها فما بلغت الأيام بعد الزيادة عليها أو النقصان منها فهو المحول من الأيام المختلفة إلى الأيام الوسطى في أي البعدين كان أعني من وقت انتصاف النهار أو وقت انتصاف الليل أي وقت كان العمل عليه في ابتداء الأيام. وإن أردت أن تحول من الأيام الوسطى التي تخرج من الجداول إلى الأيام المختلفة الموجودة عملت بعكس ذلك فزدت ذلك الفضل على الأيام الوسطى إذا كان عدد الأيام أقل ونقصته منها إذا كان عدد الأزمان هو الأكثر فما بلغت الأيام بعد الزيادة أو النقصان فهو المحول من الأيام الوسطى إلى الأيام المختلفة الموجودة. وعلى هذا الأصل الذي أصلنا في كتابنا هذا من موضع الشمس المفروض يكون أبداً عدد الأزمان هو الأقل إلى انقضاء مدة طويلة من الزمان يكثر فيها تغير موضع بعد الشمس الأبعد الذي وجدناه فيه من فلك البروج فيتغير لذلك ما يقع من قبل اختلاف حركة الشمس ولما كان ذلك على ما وصفنازدنا على موضع القمر الأوسط في أصل الحساب يج دقيقة وأخذنا حصة كل جزء من أجزاء البروج من مقدار اختلاف الأيام بلياليها فأثبتناه في جداول مطالع الفلك المستقيم في الجدول الذي يتلو المطالع في كل برج فإذا أخذنا ما بإزاء جزء الشمس الحقيقي من ذلك فعرف مقداره من الساعة المعتدلة فنقص من الأيام المختلفة كان الذي يبقى هو الأيام المختلفة الموجودة بالقياس.