الباب الواحد والثلاثون صفة أفلاك الكواكب الخمسة وحالاتها

قال أما صفة أفلاك الكواكب الخمسة وحالاتها التي عرفت لها باختلاف مسيرها على طريق البرهان فإن لكل كوكب منها أربعة أفلاك على هيئة أفلاك القمر أحدها المثل بفلك البروج مركزه مركز فلك البروج معتدل تحته وحركته كحركته والثاني الفلك المائل ومركزه مركز الفلك الممثل وسعته كسعته وميله عن دائرة الفلك أكثر ما يكون إلى ناحية الشمال والجنوب بقدر عرض الكوكب كله وفي داخل هذا الفلك فلك آخر خارج المركز عن مركز الفلكين متعلق به يلاصقه على نقطة هي نقطة البعد الأبعد وبقدر ما بين مركزي الفلكين يعلم تعديل الحاصة والمركز لكل كوكب منها على حسب ما تبين في القمر والفلك الرابع فلك تدوير الكوكب ومركزه يجري على هذا الفلك الخارجي من نقطة البعد الأبعد إلى جهة توالي البروج بقدر حركة الكوكب الوسطى في الطول في اليوم والكوكب يتحرك في فلك التدوير من نقطة البعد التي ترى على مركز فلك البروج إلى جهة توالي البروج أيضاً بقدر حركة الكوكب الحاصة له في كل يوم ونصف قطر كل لك من أفلاك تداوير الكواكب يكون بقدر تعديله الأوسط وله انحراف في أسفل الدائرة ولأعلاها يكثر في أسفلها فيزيد على الوسط ويقل في أعلاها فينقص عن الأوسط وهذا التعديل الأوسط هو المرسوم في الجدول السادس من جدول تعديل الكوكب وأقدار النقصان هي المرسومة في الجدول الخامس وأقدار الزيادة هي المرسومة في الجدول السابع وأما المرسوم في الجدول الرابع فهو الدقائق التي يؤخذ بقدرها من الزيادة والنقصان على الجهة التي جعلت في القمر للزيادة. وأما المرسوم في الجدول الثالث فهو تعديل الحاصة والمركز الذي يخرج مما بين المركزينوهذه أمثال الأفلاك التي ذكرنا أننا نرسمها. قال أول ما رسمت دائرة الفلك المثل عليها ا ب ج د مركز على ه ودائرة أخرى للفلك المائل عليها ج ب ز د مركزها أيضاً نقطة ه كما تقع في الكري ودائرة ثالثة للفلك الخارج عليها ح ط ك ل وعلى مركزها م فبين أن نقطة ح هي البعد الأبعد ونقطة ك هي البعد الأقرب من الفلك الخارج المركز ونجعل نقطة ط من الفلك الخارج مركزاً لدائرة فلك التدوير وندير عليها دائرة فلك التدوير عليها ف ق س ونخرج منه خط م ط ق وخط ه ط ف ونفرض موضع الكوكب من فلك التدوير نقطة ع ونخرج خط ه ع ن الذي ترى عليه حركة الكوكب في فلك البروج وبين أن قطر ا ز يجوز على المراكز وأيضاً نتخذ نقطة ل من الفلك الخارج مركزاً وندير عليه دائرة لفلك التدوير عليها ي لا س ونخرج خطي م ل ي و ه ك لا ونجعل الكوكب في موضع س من فلك التدوير ونخرج خط ه ش ض الذي يرى عليه في فلك البروج فبين هو في هذه الدواير أنه إذا كانت نقطة ا سمت البعد الأبعد في فلك البروج وكان الكوكب في نقطة ع من فلك التدوير الذي مركزه ط وكان مركز فلك التدوير في نقطة ح إن الخط الذي يخرج من نقطة ه يجوز على مركز م ونقطة ا و ح ونجد نقطة البعد الأبعد في فلك التدوير على علامة ق التي في خط م ط ق وذلك أن خط م ط ق عند ذلك يكون موضع خط ه م ا ويكون موضع ق حينئذ موضع ا فيكون البعد الأبعد الأوسط والحقيقي سواء بلا اختلاف لأن خط ه ط ف الذي عليه ترى نقطة البعد الأبعد الحقيقية حينئذ يصير موضع خط ه ا أيضاً ولكن إذا صار مركز فلك التدوير في موضع ط الذي هو فيما بين نقطتي ح ك من الفلك الخارج وذلك أقل من نصف دائرته كان موضع البعد الحقي في فلك التدوير نقطة ف وموضع البعد الأبعد الأوسط نقطة ق ومنها يكون مسير الكوكب في فلك التدوير الخاص له وذلك هو قوس ق ع ولذلك يكون مسيره في الحاصة أكثر من قوس ق ع بقوس ق ف التي هي الاختلاف. وكذلك أيضاً يكون موضع مركز فلك التدوير الذي يرى على نقطة ه في فلك البروج أقل من الذي يرى على مركز م بقوس ق ف أيضاً وذلك أن نقطة ف أقرب إلى نقطة م من نقطة ف وكذلك إذا جعلنا مركز فلك التدوير في نصف الدائرة الثاني على نقطة ل صار موضع مركز فلك التدوير الذي يرى فيه من مركز البروج على مركز ه أكبر من الموضع الذي يرى فيه على موضع م بقوس لا ي فصار البعد الأبعد الحقي الذي يرى على مركز ه أقل من البعد الأبعد الأوسط الذي يرى على مركز م بقوس لا ي أيضاً وذلك أن الكوكب في رسم ش من فلك التدوير وحركته الوسطى في فلك التدوير الخاص له من نقطة ي إلى نقطة لا ثم إلى نقطة ش وحركته الحقيقية تكون من نقطة لا فقوس لا ش من فلك التدوير اصغر من قوس ي لا ش بقوس ي لا ولذلك يزاد تعديل الحاصة والمركز على المركز إذا كانت حركة مركز فلك التدوير فيما بين نقطة البعد الأبعد من الفلك الخارج إلى نقطة البعد الأقرب منه مما يلي علامة ل وينقص من الحاصة وإذا كان مركز فلك التدوير في النصف الثاني من الفلك الخارج الذي هو مما يلي علامة ط ينقص تعديل الحاصة والمركز الذي هو قوس ي لا من المركز. ويزاد على الحاصة فإذا عرف موضع المركز الحقي من فلك البروج علم به حصص الاختلاف من الزيادة والنقصان الذي يكون لفلك التدوير عند انحرافه فإنه في الفلك الخارج وأيضاً فإنه إذا كان الكوكب في موضع ع من فلك التدوير كان بعده عن نقطة ق اقل من نصف دائرة فلك التدوير فلذلك يكون موضعه الذي يرى فيه من فلك البروج أكثر من موضعه الذي فيه مركز ط من فلك البروج بالقوس التي على عمود ع ط وإذا كان الكوكب في موضع ش كانت قوس لا ش من فلك التدوير أكثر من نصف دائرته فلذلك يكون موضعه الذي يرى فيه من فلك البروج أقل من الموضع الذي يرى فيه مركز ل بالقوس التي تقع على عمود ل ش ولذلك يزاد تعديل الكوكب الأوسط المعدل بانحراف فلك التدوير على المركز المعدل إذا كانت حاصة الكوكب المعدلة أقل من قف وينقص منه إذا كانت الحاصة المعدلة أكثر من قف فيكون ما يحصل بعد تلك الزيادة أو ذلك النقصان هو بعد الكوكب في فلك البروج عن نقطة البعد الأبعد من الفلك الخارج المحدودة الموضع في فلك البروج. وأما علة الرجوع في الكواكب المتحيرة فهي ان اختلاف تعديل الكوكب في الزيادة والنقصان في اليوم الواحد في بعض مواضعه من فلك التدوير أكثر من مسيره الأوسط التي هي حركة مركز فلك التدوير في الفلك الخارج ليوم فإذا قوم موضع الكوكب الحقي في اليوم ثم زيد على وسطه مسيره ليوم آخر ثم نقص من ذلك ما هو أكثر من التعديل الأول بأكثر من مسيره الأوسط في ذلك اليوم أو زيد على ذلك من التعديل ما هو اقل من التعديل الأول بأكثر من مسير الكوكب الأوسط في اليوم كان موضع الكوكب في فلك البروج أقل من الموضع الذي كان فيه بدئياً ولا يتهيأ ذلك إلا إذا كان الكوكب في نصف تدويره الأقرب الذي هو بالاضطرار أقل من النصف الأعلى لأن قوس الفلك الخارج تحد هذين النصفين. فأما النصف الأسفل فهو قوس ش و وأما النصف الأعلى فهو قوس و لا ي ش ولذلك إذا انتهى مسير الكوكب من نقطة البعد الأبعد في فلك التدوير إلى نقطة و كان فيه كالواقف المنصوب في الدائرة فإنه يقع عند ذلك في الخط المماس لفلك التدوير الذي يخرج من نقطة ه فيكون عند ذلك نقصان وزيادة اختلاف تعديله ليوم مثل مسيره الأوسط ليوم فلا تظهر له حركة حتى يجوز نقطة و فيقع في النصف الأسفل فلا تزال حركته في فلك البروج ترى إلى الجهة المتقدمة من البروج حتى ينتهي إلى علامة ش فيقع في الخط المماس ثانية فيكون كالواقف المترفع في الدائرة على تلك الجهة فإذا ترفع عن نقطة ش بدأت حركته ترى إلى جهة توالي البروج ما دام في النصف الأعلى من فلك التدوير. وإن كان الكوكب في ذاته لا رجوع له في مسيره وإنما يعرض له ذلك عندنا لاختلاف مراكز أفلاكه وحاله في فلك التدوير. وأما الشمس والقمر فإنهما لا يعرض لهما ذلك عندنا وذلك لن مسير كل واحد منهما في اليوم أكثر من اختلاف تعديله في اليوم أضعافاً كثيرة فليس ببين فيهما حال الرجوع وإن كانا لا بد لهما في ذاتهما من مسير في النصف الأقرب من فلك تدويره ولكنه لا يحس لهما ذلك. وقد امتحنا حركة كل كوكب من هذه الكواكب الخمسة المتحيرة كثيراً في مواضع من أفلاك تداويرها أحدها إذا وافق الكوكب نقطة البعد الأبعد منه والثاني إذا وافق نقطة البعد الأوسط والثالث حين يوافق نقطة البعد الأقرب وفي غير ذلك من المواضع التي تكون لمركز فلك التدوير في الفلك الخارج على جهة البعد عن نقطة البعد الأبعد منه والقرب منها حتى وقفنا على ما ظهر من حركاتها الوسطى ف الطول من الزيادة على الحركات الموضوعة في كتاب بطليموس ومع ذلك أيضاً على معرفة ما ظهر من اختلاف حركاتها ومواضع بعدها الأبعد في أفلاكها الخارجة من فلك البروج وصححناه وأثبتناه في الجداول بعد ان ألحقنا في مسيرها في الطول ما وجدناه في كل واحد منها من الاستدراك وأما تعاديلها فإننا وجدناها مقاربة لما في كتاب بطليموس وكذلك مواضع أبعادها فأثبتناها بحالها إلا ما كان من بعد المشتري الأبعد فإننا قسناه بالقمر ماراً كثيرة بحسب موضع القمر المرئي في أوقات القياسات فوجدناه نقص من المقدار الموضوع بقريب من ثمانية أجزاء. ولما كانت حركات الكواكب العلوية في أفلاك تداويرها هي ما يبقى من مسير الشمس الأوسط إذا أنقص منه حركة الكوكب الوسطى في الطول وكان مسير الزهرة وعطارد الأوسط مثل مسير الشمس الأوسط فأما حاصتها فإنها تخرج من الجداول ونجد حاصة الزهرة أكثر من حاصتها الموضوعة بقريب من أربعة أجزاء ونصف وحاصة عطارد قريباً من جزء ين ونصف فقسمنا ذلك على الزمان الذي بيننا وبين بطليموس وزدنا ما حصل اليوم الواحد من ذلك مسير حاصة كل واحد منهما ليوم ولم نغفل شيئاً نرى انه يقع من قبله خلل بقدر الطاقة إلا وأحكمناه وإن كانت حركاتها غير مدركة بالحقيقة ولا يمكن إدراك حركات النيرين وذلك أن ارصادها إنما وقعت عند موافقتها لبعض الكواكب الثابتة بالتقريب.

ولما كانت أيضاً أبعادها البعيدة تتحرك بحركة فلك الكواكب الثابتة استغنينا عن وضع جداول الحركات لحاصة كل كوكب من الكواكب العلوية ولمسير الكوكبين السفليين وعن قياس أبعادها إلى قلب الأسد أو غيره من الكواكب الثابتة وألقينا أيضاً ذكر الأرصاد التي كانت لها عندنا في المواضع المذكورة طلب الإيجاز ولكيلا تكثر الخطب فيما نحاول من البيان في كل كوكب منهما. وأما عروض الثلثة كواكب العلوية أعنيهم زحل والمشتري والمريخ فإنها تقارب ما وجدناه من الأقدار في كتاب بطليموس فأقررناها بحالها في تعرف عروضها وأما الزهرة وعطارد فإننا وجدنا في عروضها اختلافاً كثيراً وقع فيما نرى من قبل ما يعمل به في معرفة العرض فغيرنا مأخذ العمل الذي وجدناه لهما في كتاب بطليموس إلى ما رأيناه يقارب ويوافق ما نجد من عرضهما بالرصد. وقد يمكن ان يكون ما وقع في العمل في كتاب بطليموس من قبل المترجم للفظه اليوناني أو خلل وقع في النسخة التي منها ترجم الكتاب والله أعلم.