الباب الواحد والأربعون رؤية الهلال في أوائل الشهور وأواخرها

وسمت موضعه الذي يرى به في ارتفاعه وانخفاضه وشكل صورته على حسب ما فيه من الضوء واعتدال طرفيه وميلهما عن نطاق البروج

قال ولما كانت المعرفة برؤية الهلال في أوائل الشهور وأواخرها من أنفع ما تقدمت به المعرفة إذ كان تاريخ العرب وأوائل شهورهم يجري على رؤية الأهلة وعلم ذلك على الحقيقة فيه بعض الصعوبة من جهات شتى منها قرب القمر وبعده من الشمس وبعده من الأرض واختلاف عرض القمر في الجهة الشمالية والجنوبية ثم اختلاف المنظر الذي يعرض في طول القمر وعرضه في كل بلد وقصر مطالع ومغارب البروج في الأقاليم وطولها وكثرة الضوء فيه وقلته. ولذلك ما وقع من الخطأ في معرفة رؤية الأهلة على قوم التمسوا علم ذلك من أهل زماننا وقصروا عن بلوغ حقائق الأشياء حتى وهموا أن بعد الكوكب عن معدل النهار وعرض الكوكب يخرجان معاً من قوس واحدة وعملوا على أن اختلاف منظر القمر ليس من قبل اختلافه في دائرة الارتفاع وإنه مما يقع ببعده عن وسط السماء بدرج البروج وضربوا قسياً في أوتار مع أصول تقدمت لهم لا يوجبها القياس ولا تصح بالبرهان. وأما القدماء فإنهم لم يكونوا مضطرين إلى علم ذلك لأن التأريخ عندهم والذين يعملون عليه سنو الشمس لن أوائل الشهور القمرية عندهم بأوقات الاجتماعات التي يدل على حقيقتها الحساب ولذلك ما ألقوا ذكره مع كثرة ما يعرض فيه مما ذكرنا إلا بالفول المطلق فإنهم ذكروا انه لا يمكن أن يرى الهلال لأقل من يوم وليلة وإذا تقصيت أسباب الرؤية وجد هذا القول هو الأصل الذي يعمل عليه وذلك أن مقدار الرؤية الموجود بالأرصاد وإن كان مقارباً للمقدار الذي يظهر بهذه الجهة المذكورة فإنه إذا ميز المر فيه علم أنه لا يمكن إدراكه على أحق حقيقته وإن الذي يدرك منه إنما يدرك بالتقريب. ولما كانت المعرفة برؤية الهلال الموجود بالرصد إنما تصح من قبل أقدار القسي من معدل النهار التي تكون بين الشمس والقمر عند طلوع الشمس أو غروبها إذا رصدت هذه القسي في أحد الأقاليم فعلم المقدار في إقليم واحد وإذا علم ذلك في إقليم واحد كان ذلك معلوماً في سائر الأقاليم هو الذي تجتمع آراء الناس عليه في مقدار قوس الرؤية وهو على ما وجدنا بالرصد اثنا عشر جزءاً من أزمان معدل النهار بالتقريب وقد وضح ان مسير القمر إذا فارق الشمس يكون في اليوم والليلة إذا ما اسقط منه مسير الشمس الأوسط في اليوم والليلة اثني عشر جزءاً وإحدى عشرة دقيقة وهو بالمقدار البعد الذي يقع بين الشمس والقمر بأجزاء البروج وذلك موافق لما يؤخذ بالرصد بالتقريب إذا كانت هذه الأجزاء من معدل النهار ومن البين أن مقدار هذه الأزمان المذكورة يكون قريباً من أربعة أخماس ساعة ونجد سبق القمر للشمس مثل هذا المقدار من الساعة المعتدلة قريباً من خمسي جزء فإذا غابت الشمس وبينها وبين القمر أزمان معدل النهار أحد عشر ونصف وربع بالتقريب لم يغب القمر حتى تستكمل الاثني عشر جزءاً والإحدى عشرة دقيقة ولذلك يكون قوس الرؤية الوسطى على هذا القياس أحد عشر جزءاً ونصف وربع جزء من أزمان معدل النهار التي هي مطالع ومغارب البروج في البلدان. والذي يضيء من دائرة القمر إذا كان بعد القمر عن الشمس بمقدار هذه الجزاء من فلك البروج يكون قريباً من أربعة أخماس جزء إذا كان جميع دائرة القمر اثني عشر جزءاً. وقد يبعد القمر عن الشمس أكثر واقل من هذا المقدار في أوقات الرؤية فيكثر الضوء فيه ويقل بحسب أقدار البعد فيرى على أقل من هذه القوس وأكثر ومع ذلك فقد يقرب من الأرض ويبعد عند تلك الأوقات من قبل موضعه من فلك التدوير فيكون ذلك زيادة في هذه الأقدار ونقصاناً منها. ولذلك لا يمكن ان يرى الهلال من قوس واحدة بعينها بل تكون رؤيته من قسي مختلفة. فإذا أردت أن تعلم هل يرى الهلال أم لا يرى على هذه الجهة فقوم الشمس والقمر لوقت مغيب الشمس من اليوم الثاني من الاجتماع وذلك يوم تسعة وعشرين من الشهر العربي واعرف موضعهما الحقي من فلك البروج في البلد الذي تريد واعرف عرض القمر الحقيقي مع ذلك وجهته ثم استخرج مقدار اختلاف منظر القمر في وقت مغيب الشمس في الطول والعرض على تلك الجهات حتى يصح لك موضع القمر المرئي في الطول والعرض من فلك البروج وجهة العرض فإذا عرفت ذلك فاعرف بعده المرئي عن معدل النهار والجزء الذي يتوسط السماء معه ثم اعرف بذلك نصف قوس نهار القمر وهو نصف مكثه فوق الأرض على الجهة المشروحة في صدر الكتاب في باب معرفة بعد الكوكب عن معدل النهار والجزء الذي يتوسط السماء معه من قبل عرض الكوكب وميل الجزء الذي هو فيه وفي باب معرفة نصف قوس نهار أحد الكواكب من قبل بعده عن معدل النهار فما حصل من نصف قوس نهار القمر فزده على أزمان مطالع الجزء الذي يتوسط السماء معه في الفلك المستقيم فما بلغ فهو أزمان مطالع نظير الدرجة التي تغيب معها القمر في ذلك الإقليم ز فانقص منها أزمان المطالع التي بإزاء الجزء المقابل لجزء الشمس في ذلك الإقليم فمابقي فهو بعد ما بين الشمس والقمر بدرج المغارب فاحفظه ثم اعرف الجزء الحقي الذي كان فيه القمر وعرضه الحقيقي وخذ ما بين جزء الشمس وبين جزء القمر الحقيقيين فما كان فاضربه في مثله وزد عليه عرض القمر مضروباً في مثله وخذ جذر ما اجتمع فما بلغ فهو بعد القمر عن الشمس بالتقريب. وإن شئت أن تعرف ذلك من قبل ما ذكرنا في صدر الكتاب في باب معرفة أبعاد ما بين الكواكب في رسمها في الفلك كان أصح واحكم فإن كان بعد القمر عن الشمس أكثر من يب يا أخذت ما يزيد على يب يا فإن كان أقل عرفت ما ينقص عنها ونسبت مقدار الزيادة أو النصان برسمه ثم نظرت كم تكون تلك الزيادة او ذلك النقصان من يب يا التي هي مقدار الضوء الذي في القمر للرؤية فما كان من شيء أخذت بقدره من الزيادة أو من النقصان فهو الجزء ليكون ذلك ما يزيد قوس الرؤية أو تنقص ثم تدخل حاصة القمر المعدلة إلى جدول التقويم وتأخذ ما بإزائها من الدقائق التي في الجدول الثالث المرسوم ف حصص أبعاد القمر. فإن كانت تلك الدقائق ثلثين دقيقة سواء فإن القمر في بعده الأوسط عن الأرض وإن كان ذلك الجزء برسم النقصان زدت ذلك على يا مه التي هي مقدار قوس الرؤية فإن كان برسم الزيادة نقصته من يا مه وإن كانت الدقائق أكثر من ثلثين أو أقل من ثلثين نظرت إلى ما يزيد أو ينقص عن الثلثين فعرفت مقداره من الثلثين دقيقة فما كان من شيء أخذت بقدره من الجزء فما حصل أخذت منه نصف سدسه كما يختلف قطر القمر فيكون زيادته ونقصانه عن قطره الأوسط مقدار نصف سدس قطره الأوسط بالتقريب فما حصل لك من نصف السدس من ذلك فزده على الجزء إذا كان الجزء برسم الزيادة وكانت دقائق الجدول الثالث أكثر من ثلثين وإن كانت دقائق الدول الثالث أقل من ثلثين فانقص ذلك النصف السدس من الجزء وأما إذا كان الجزء برسم النقصان وكانت الدقائق أكثر من ثلثين فانقص ذلك النصف سدس الذي خرج لك من ذلك الجزء وإن كانت الدقائق أقل من ثلثين فزده على الجزء فما بلغ الجزء بعد الزيادة أو النقصان فانظر فإن كان برسم الزيادة على يب يا فانقص ذلك من يا مه وإن كان برسم النقصان فزد ذلك على يا مه فما بلغ فهو مقدار قوس الرؤية المعدل بزيادة ضوء القمر ونقصانه في بعده عن الأرض عند ذلك. فإن كان الذي حفظت مما بين الشمس والقمر من درج المغارب مثل قوس الرؤية المعدل أو أكثر منه فإن الهلال يرى وإن كان أقل من قوس الرؤية المعدل فإنه لا يرى في ذلك البلد. وقد يعين على رؤية الهلال صفاء الجو ونقاؤه ويعوق عن ذلك غلظه وكدرته مع ما يعرض من ذلك من تفاضل الأبصار عند النظر في القوة والضعف وقد يكون الشفق غليظاً ثم يرق بعد ذلك قبل أن يغرب القمر من الأفق ويصير في حد المغيب فيرى الهلال عند ذلك من بعد وقت الرؤية الذي يعمل عليه ولذلك ينبغي أن لا يؤاس من رؤية الهلال حتى يعلم أنه قد غاب إذا كان موضع الرؤية ويتحقق أنه قد انحدر عن الأفق وحينئذ يؤاس منه. ومن قبل هذه الأسباب يمكن أن يرى في موضع لا يرى ولا يرى في موضع آخر ويعرض مثل ذلك أيضاً من قبل اختلاف مطالع ومغارب البروج في البلدان في الطول والقصر. وأما الذي يميل إليه الرأي ولا يشك في حقيقته على ما رسمت الأوائل في رؤية الهلال فيما صنعوا ووصفوا أنه لا يرى لأقل من يوم وليلة فإن أخذنا بعد القمر عن الشمس إذا سار القمر مسيره الأصغر وسارت الشمس مسيرها الأعظم. وذلك إذا كان القمر في بعده الأبعد من فلك التدوير وكانت الشمس في بعدها الأقرب وجدنا بعده عن الشمس يكون في اليوم والليلة عشرة أجزاء ونصف وثلث جزء وذلك هو مقدار قوس الرؤية من معدل النهار على هذا القياس وأما إذا سار القمر مسيره الأعظم وسارت الشمس مسيرها الأصغر وذلك حيث يكون القمر في بعده الأقرب والشمس في بعدها الأبعد من فلك التدوير فإننا نجد بعد القمر عن الشمس في اليوم والليلة يكون ثلثة عشر جزءاً وثلثي جزء بالتقريب فنستعمل هذا المقدار من فلك البروج في الضوء الذي يكون في القمر في وقت الرؤية فنقول إنه إذا كان بين الشمس والقمر عشرة أجزاء ونصف وثلث من أزمان معدل النهار ويكون بعده عن الشمس بأجزاء البروج ثلثة عشر جزءاً وثلثي جزء إنه في موضع رؤيته إلا أن يعوق ن ذلك شيء مما ذكرنا من حال الجو لا يتداخلنا في ذلك شك ولأن القمر قد يجوز أن يبعد عن الشمس أكثر من هذه الجزاء المذكورة من فلك البروج واقل ويبعد في فلك التدوير عن نقطة البعد الأبعد إلى ما يلي بعده الأقرب فيتغير لذلك مقدار رؤية كما قلنا آنفاً. فإذا أردت أن تعلم حقيقة الرؤية على هذه الجهة فقوم الشمس والقمر للوقت المذكور على تلك الجهات حتى تعرف بعده عن الشمس بأجزاء مغارب البلد ثم تعرف بعد القمر عن الشمس الجهة بأجزاء البروج بحسب ما يكون من عرض القمر على تلك الجهة فإن زاد على يج م عرفت مقدار الزيادة وإن نقص من ذلك عرفت مقدار النقصان فنظرت كم يكون أحدهما من يج م فأخذت منه بقدر ذلك فهو الجزء فإن كان القمر في بعده الأبعد الذي كان فيه وقت مقدار قوس الرؤية المفروض ويتهيأ ذلك إذا كانت حاصة القمر المعدلة نحو شس ولا تكون زيادة عليها ولا نقصان منها إلا بما لا قدر له فانقص ذلك الجزء من ي ن إذا كان برسم الزيادة وزده على ي ن إذا كان برسم النقصان فما بلغ بعد ذلك فهو قوس الرؤية المعدل. وإن كان القمر قد فارق بعده الأبعد فادخل حاصته المعدلة إلى جداول التقويم وخذ الدقائق التي في الجدول الثالث فاعرف مقدارها من ستين فما كان فخذ بقدره من الجزء فما حصل فخذ مقدار الخمس منه كما يكون قدر زيادة قطر القمر العظم على قطره الصغر فما حصل من الخمس فانقصه من ذلك الجزء الذي خرج لك إذا كان الجزء برسم النقصان وزده عليه إذا كان برسم الزيادة. فما حصل الجزء بعد الزيادة أو النقصان نظرت كم يكون بأزمان معدل النهار فما كان زدته على ي ن إذا كان الجزء برسم النقصان من يج م وتنقصه من ذلك إذا كان برسم الزيادة فما بلغ فهو مقدار قوس الرؤية المعدل فإن كان مثل البعد الذي بين الشمس والقمر من أزمان المغارب أو أقل منه علمت أن القمر في موضع الرؤية لا شك فيه عاق ذلك بعض ما ذكرنا أو لم يعق وإن كانت القوس المعدلة أكثر من أزمان المغارب علمت انه لا يمكن أن يرى الهلال في ذلك البلد. ونعلم مقدار ما يحصل من الجزء كم يكون بأزمان معدل النهار بان ندخل الأزمان التي وصفنا بأنها أزمان مطالع الجزء المقابل لجزء القمر في الإقليم ونعرف ما بإزائها من درج البروج فهو الجزء المقابل للجزء الذي يغيب معه القمر فنزيد عليه ما حصل من الجزء فما بلغ حفظناه ونفعل ذلك إذا كان الجزء برسم الزيادة وإذا كان الجزء برسم النقصان نقصنا من الدرج التي حصلت لنا من درج البروج ما حصل من الجزء فما بقي حفظناه فأي الأمرين اتفق لنا عرفنا ما بإزائه من أزمان المطالع فما كانت نظرنا مقدار ما تزيد على تلك الأزمان الأولة التي هي أزمان مطالع الجزء المقابل لجزء القمر أو مقدار ما ينقص منها فما حصل فهو مقدار الجزء الحاصل بازمان معدل النهار فتنقصه من قوس الرؤية أو نزيده عليها بحسب الاستحقاق إن شاء الله. وأما رؤية القمر بالغدوات في أواخر الشهور فهو على هذا الرسم إلا انك تستعمل أزمان مطالع جزء الشمس نفسه وأزمان مطالع جزء القمر نفسه وتعلم أزمان مطالع جزء القمر بان تنقص نصف قوس نهار القمر من أزمان مطالع الجزء الذي يتوسط السماء معه في الفلك المستقيم وما بقي فهو أزمان مطالع الجزء الذي يطلع معه القمر في الإقليم وتنقص من ذلك أزمان مطالع جزء الشمس فما بقي فهو مقدار ما بين الشمس والقمر من أزمان المطالع إذا كان القمر في ناحية المشرق فإن كان قوس الرؤية التي تحصل مثل بعد ما بين الشمس والقمر من أزمان المطالع أو أقل منه فإن يرى قبل طلوع الشمس بالغداة وإن كان أكثر منه فإنه قد اختفى بالشعاع فلا يرى وينبغي أن يجعل تقويم الشمس والقمر لوقت طلوع الشمس من اليوم الثامن والعشرين من الشهر العربي وهو قبل الاجتماع بيوم.

فإذا أردت أن تصور صورة الهلال على حالته التي يرى عليها من اعتدال طرفيه أو ميلهما ومقدار ما فيه من الضوء فاقسم البعد الذي ما بين الشمس والقمر بأجزاء البروج بحسب عرض القمر على يه ليكون ما يحصل من ذلك جزءاً من دائرة القمر فما حصل فهو أصابع الضوء ثم أدر دائرة بأي قدر شئت وربعها بخطين يتقاطعان على المركز على زوايا قائمة وارسم على أطراف الخطوط جهاتها من الأفق واقسم كل ربع من الدائرة بتسعين جزءاً ثم ارسم على عرض القمر الحقي من نقطة المشرق ونقطة المغرب إلى جهة عرض القمر علامتين ليكون مقدار كل واحد من القوسين بقدر عرض القمر ثم ضع حرف المسطرة على العلامتين واخرج عليها خطاً مستقيماً يجوز على العلامتين ويكون موازياً لقطر الدائرة وأنفذه من محيط الدائرة إلى الجهة المشرق بمقدار نصف قطر الدائرة فعلى هذا الخط يكون مجاز القمر في الطول في وقته ذلك وفي باقي الأوقات بقدر مايتفق من عرضه في وقت مهله إلى وقت انتصاف ضوئه فإن مركز دائرته عند ذلك يقع على الموضع من محيط الدائرة وهذا الخط من وقت انتصافه في الضوء إلى وقت امتلائه يكون مركز دائرته على الخط الخارج من محيط الدائرة النافذ إلى ناحية المشرق إلى أن ينتهي إلى طرف الخط فيما بين دائرته ودائرة الشمس فتكون تلك الدائرة الأولى المرسومة بالشمس هي دائرة القمر عند امتلائه ثم اعدد من محيط الدائرة من نقطة الشمال إلى ناحية المشرق مثل العدد الذي بين الشمس والقمر وكذلك من ناحية الجنوب إلى ناحية المشرق وتعلم عليه علامتين وصل إحدى العلامتين بالأخرى بخط مستقيم فحيث تقاطع الخطان فهو مركز دائرة القمر فأدر عليه دائرة بقدر الدائرة الأولى فالهلال الذي يقع بين القوسين هو على شكل الهلال وصورة منظره ثم صل بين النقطتين اللتان عليهما تقاطعت الدائرتان بخط مستقيم يكون قطراً ثانياً للدائرة ز أخرج أيضاً خطاً مستقيماً يجوز على مركزي الدائرتين وعلى القوسين فيقسم الهلال بنصفين فمن قبل ذلك يتبين لك كم يميل كل طرف من طرفي الهلال عن وسط نطاق البروج من قبل الأجزاء التي قسمت في المحيط لن فلك البروج عند ذلك معلوم الحد منم الأفق من قبل سمت ما يطلع ويغيب معه في ذلك الوقت من دائرة الفق.

ولتكن دائرة الشمس هي التي عليها ا ب ج د على مركز ه وقطري ا ب ج د ونفرض ا سمت الجنوب و ج سمت الشمال و ب سمت المشرق ونقطة د سمت المغرب ونفرض عرض القمر في الشمال خمسة أجزاء وبعده الحقي عن الشمس أثني عشر جزءاً ونفصل من الدائرة من نقطتي ب د مثل عرض القمر إلى جهة الشمال التي هي نقطة ج ونرسم عليه ط ك ونصل بينهما بخط مستقيم وهو خط ط ك وننفذه إلى علامة ل وليكن خط ك ل مثل خط ه ب ونفصل من نقطتي ا ج إلى جهة ب قوسين مقدار كل واحدة منهما مثل الذي بين الشمس والقمر ونرسم على طرفي القوسين علامتي م س ونصل بينهما بخط م س المستقيم ونرسم على الموضع الذي يقطع فيه خط ط ك علامة ز ونتخذها مركزاً وندير عليها للقمر بمقدار الدائرة الأولى ونرسم على تقاطع الدائرتين علامتي ف ق ونخرج أيضاً خط ه ز وننفذه إلى علامة ع من الدائرة الأولى فعلامة ع تقع على نصف قوس ف ق ونرسم على محيط الدائرة التي للقمر حيث يقطعها خط ز ه ع علامة ح فخط ع ح وسط تقويس الهلال وموضع وسط الضوء وهو مقدار ما في القمر من أصابع الضوء وعلامتي ف ق هما طرفي الهلال وميلهما على خط الاعتدال القائم على فلك البروج معلوم بقوس ا ف وقوس ج ق وذلك أن نقطة ا حينئذ تكون على سمت الجزء الغارب ونقطة ب سمت الجزء الطالع من دائرة الفق فيكون خط ب د خط نصف فلك البروج وبهذا الرسم تعلم شكل ضوء الهلال في جميع أوقات الشهر بحسب بعده عن الشمس ومقدار ما يقع له من العرض وكلما كان القمر في بعده الأقرب كان أحد الطرفين لعظم دائرته أكثر من الشمس. وذلك ما أردنا أن نبين إن شاء الله. فإذا أردت أن تعرف موضع الهلال الذي يرى فيه من الفلك بحسب ارتفاعه عن أفق المغرب في أوائل الشهور وسمت موضعه الذي يرى فيه من دائرة الارتفاع التي تجوز على سمت الرؤوس وعلى القمر والأفق بإشارة يخرج خط البصر مع سمتها إلى موضع الهلال فزد على الجزء الذي يتوسط السماء مع القمر قدر أربع دقائق ليكون ذلك هو الجزء الذي يتوسط السماء معه في وقت الرؤية وذلك أن شعاع الشمس يمنع من رؤيته مع مغيب الشمس حتى تنحط عن الأفق مقدار ثمن ساعة بالتقريب واعرف القمر من دائرة الأفق في ذلك الوقت على الجهات التي رسمنا ثم اعد إلى موضع منكشف الأفق فاقم فيه عموداً أو ما يشبه العمود مما يكون ارتفاعه عن الأفق مقدار القامة لكي يتمكن الناظر منه إلى القمر وليكن سطحه مستوياً موزوناً بالشاقول موازياً لسطح الأفق واتخذ فيه مركزاً وأدر عليه دائرة بأي قدر شئت وارسم سمت المشرق والمغرب والجنوب والشمال على الجهة المذكورة في معرفة خط نصف النهار واقسم ربع الدائرة التي في جهة الهلال بتسعين جزءاً ثم اتخذ مسطرة مستوية أو أنبوباً مجوفاً وضع حرف المسطرة أو وسط غلظ الأنبوب على مركز الدائرة وعلى مقدار بعد سمت الهلال عن نقطة المشرق أو المغرب أيهما كان الهلال في جهته في الجهة التي فيها السمت ثم علق ذات الصفائح بيدك بعد أن تجعل طرف العضادة على مثل ارتفاع القمر المرئي الذي خرج لك وارفع طرف المسطرة أو الأنبوب الذي يلي الهلال عن سطح الدائرة بما يسنده من غير ان يميل عن سمت القمر وعن مركز الدائرة لكي يرتفع الطرف الذي يلي الهلال وينخفض الطرف الذي يلي النظر وينفذ البصر مع ثقبي العضادة مع حرف المسطرة أو وسط الأنبوب فيكون خطاً مستقيماً من موضع البصر إلى موضع الهلال على ذلك السمت وإذا نظر الناظر في وقت الرؤية رأى الهلال مع سمت حرف المسطرة أو من الأنبوب وهذا شكل ما وصفناه إن شاء الله.

قال نرسم دائرة الأفق المذكورة عليها ا ب ج د على مركز ه ولتكن نقطة ه موضع مركز دائرة الأفق في البسيط وهو سمت الرؤوس ونقطة ا نقطة الجنوب ونقطة ب نقطة المشرق ونقطة ج نقطة الشمال ونقطة د نقطة المغرب ونخرج خطي ا ج و ب د ونفرض القمر في ناحية المغرب الذي هو ربع ا د ونجعل نقطة ب من فلك البروج أول الحمل فتصير لذلك نقطة د أول الميزان وهما الطالع والغارب من فلك البروج ونفرض نصف فلك البروج الجنوبي قوس د ل ب فبين أن خط ج ل موضع أول الجدي الذي على خط وسط السماء وليكن الجزء الذي يتوسط السماء مع القمر نقطة ط من فلك البروج وهي أول العقرب ونفرض موضع القمر في عرضه الجنوبي علامة ز ونجعل خط ك ه ط ز ح موضع حرف المسطرة أوسط غلظ الأنبوب الذي يجوز على مركز الدائرة وعلى موضع القمر والجزء الذي يتوسط السماء معه. ونجد قوس د ح من الأفق فبين أن قوس ط ح ارتفاع الجزء الذي يتوسط السماء مع القمر عن الأفق وقوس ز ح ارتفاع القمر عنه وكذلك قوس ا ل ارتفاع أول الجدي في وسط السماء وقوس د ط من فلك البروج من نقطة أول الميزان إلى الجزء الذي يتوسط السماء مع القمر ونقطة ح سمت القمر فقوس د ح من الأفق هي بعد سمت القمر عن نقطة مغرب الاعتدال فإذا ارتفع خط ك ح عن نقطة ه ونقطة ح بقدر ارتفاع القمر المرسوم في ذات الصفائح إلى ما يلي الهواء انخفض موضع ك منه إلى ما يلي الأرض ونفذ البصر من ثقبي العضادة ذات الصفائح اللذان هما نقطتا م ك واتصل الخط كله فصار خط م ح كله خطاً واحداً مستقيماً فإذا نظر الناظر من موضع ك أو موضع م رأى الهلال مع تلك الإشارة على سمت خط ك ح إذا كان الهواء صافياً رقيقاً فلا شك في ذلك فإن كان الجو كدراً يمنع من رؤيته في تلك البلدة وإنه يرى في غيرها من البلدان التي يكون بعدها عن معدل النهار مثل بعد تلك البلدة إذ كان ليس بالواجب أن يكون تغير الجو شاملاً لكل بلد ولذلك يمكن أيضاً ألا يرى فيما يقرب منها من القرى والمساكن.