كتاب السرقة

كتاب السرقة

-  باب ما يقطع فيه وما لا يقطع - 

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل سرق صيدا أو فاكهة تفسد أو طيرا أو لحما أو خشبا غير الساج أو مصحفا مفضضا أو نورة أو مغرة أو زرنيخا أو أبواب المساجد أو بريطا أو طبلا لم يقطع وكذلك لو سرق شرابا وهو من خواص هذا الكتاب

وإن سرق من خشب الساج ما يساوي عشرة دراهم أو سرق بابا من أي شرح المتن -  باب ما يقطع فيه وما لا يقطع - 

قوله صيدا لقوله ( عليه الصلاة والسلام ) لا قطع في الصيد ولا في الطير ولان إحرازهما ناقص لأن الصيد يفر والطير يطير

قوله أو فاكهة تفسد أي فاكهة يتسارع إليها الفساد أو لحما لنقصان إحرازهما لأن الإحراز صيانة الشيء وإدخاره لوقت حاجة وهما لا يقبلان ذلك

قوله أو خشبا لأن إحرازه ناقص لأنه لا يحرز في البيوت بل يلقى على قوارع الطريق ولو أدخل في البيوت لا يدخل في الإحراز إنما يدخل لإصلاح البيت

قوله أو مصحفا مفضضا وعن أبي يوسف أنه يقطع لأنه مال متقوم يجوز بيعه ويحرز عادة وجه ظاهر الرواية ما أشار إليه في كتاب السرقة لأنه قرآن ومعنى هذا أن إحرازه وصيانته لأجل المكتوب فيه لا لأجل الجلد والأوراق خشب كان أو سرق من الفصوص الخضر أو الياقوت أو الزبرجد قطع رجل له على رجل عشرة دراهم فسرق منه مثلها لم يقطع وإن سرق منه عروضا قطع رجل سرق سرقة فردها قبل الارتفاع إلى الحاكم لم يقطع ولا يقطع في أقل من عشرة دراهم فإن أقر سارق بسرقة مرة قطع وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) لا يقطع حتى يقر مرتين وإن سرق من ذي رحم لم يقطع وإن سرق وإبهامه اليسرى مقطوعة أو إصبعان منها سوى الإبهام لم يقطع وإن كانت إصبعا واحدة قطع شرح المتن

قوله أو نورة الخ لأنه لا يقصد إحرازها ولا يدخل في البيوت للإحراز بل يلقى على قوارع الطريق وإنما يدخل في البيت على وجه الاستعمال

قوله أو أبواب المساجد لأنها غير محرزة لأنه يباح لكل واحد الدخول فيها

قوله أو بربطا أو طبلا أو طنبورا لأنه لا يحرز للتمول وإنما يحرز للفسق

قوله لو سرق شرابا لأن الشراب لا يحرز للإدخار ولا يبقى

قوله ما يساوي الخ لأنه أعز الخشب بالعراق ويحرز إحراز الأموال النفسية

قوله من أي خشب كان لأنه صار بهذه الصنعة ملحقا بالذي يحرز على الكمال وبطلت الحالة الأولى وجعلت الصنعة غالبة على أصل الخشب

قوله لم يقطع لأن له ولاية لأخذ وحق التمليك

قوله قبل الارتفاع إلى الحاكم لم يقطع لفوات الخصومة

قوله في أقل الخ وقال الشافعي لا يقطع في أقل من ربع دينار وقال بعض الناس من أصحاب الظواهر لا يشترط النصاب واختلفت الأخبار في المقدار فأخذنا بالأكثر احتياطا في الحدود

قوله مرتين امتيازا من سائر الحوادث واستدلالا بالبينة في باب الزنا ولهما حديث صفوان أتى بسارق فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أسرقت قال نعم فقال رجل سرق سرقة ولم يخرجها من الدار لم يقطع وإن كانت الدار فيها مقاصير وأخرجها من مقصورة إلى الدار قطع وإن أغار إنسان من أهل المقاصير على مقصورة فسرق منها قطع رجل سرق فرمى به خارجا ثم أتبعه فأخذه قطع وإن ناوله صاحبا له خارجا لم يقطع وإن سرق من القطار بعيرا أو حملا لم يقطع وإن شق جوالقا فسرق ما فيه قطع وإن سرق جوالقا فيه متاع وصاحبه يحفظه أو نائم عليه قطع وإن طر صرة خارجة من الكم لم يقطع وإن أدخل يده في الكم قطع وإن سرق قوم تولى أحدهم شرح المتن

قوله من ذي رحم محرم لم يقطع لنقص في الحرز لأنه مأذون في الدخول في الحرز

قوله أو إصبعان منها سوى الإبهام لأن الإصبعين منها تنزلان منزلة الإبهام في نقصان البطش

قوله ولم يخرجها من الدار لم يقطع لنقصان في ركن السرقة لأن المال في يد صاحب الدار إلا أن في الغصب يتحمل هذا النقصان عند بعضهم

قوله قطع لأن كل مقصورة بمنزلة دار على حدة

قوله فأخذه قطع لأنه معهود في فعل السرقة وإن لم يأخذه بعد ذلك لم يقطع لأنه إذا لم يأخذه علم أن القصد هو التضييع دون الأخذ للسرقة

قوله وإن ناوله صاحبا له لم يقطع وعن أبي يوسف أنه فسره فقال إن أدخل الخارج يده لم يقطع واحد منهما وإن أخرج الداخل يده قطع الداخل خاصة لكن ليس في ظاهر الرواية فصل وإنما لم يقطع واحد منهما لعدم كمال الهتك من كل واحد منهما

قوله فسرق ما فيه قطع لأن القطع إنما يجب بسرقة نصاب كامل إذا كان محرزا مقصودا أما إذا لم يكن محرزا مقصودا فلا والسائق القائد يقصدان بها قطع المسافة والسوق لا الحفظ فاعتبر الجوالق حرزا فإذا شق وأخذ منه قطع وإلا فلا أخذ المتاع قطعوا استحسانا والقياس أن يقطع الحامل وحده ذكره في السرقة وإن سرق رجل ثوبه فشقه في الدار بنصفين ثم أخرجه وهو يساوي عشرة دراهم قطع وإن سرق شاة فذبحها ثم أخرجها لم يقطع وللمستودع والغاصب وصاحب الربا أن يقطعوا السارق منهم ولرب الوديعة والغصب أن يقطعه أيضا وإن قطع سارق بسرقة فسرقت منه لم يكن له ولا لرب السرقة أن يقطع السارق الثاني والله أعلم -  باب ما يقطع فيه - 

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل سرق شرح المتن

قوله من الكم لم يقطع لأنه إذا طر أو كان الرباط من خارج والدراهم داخلا فلم يهتك الحرز فإذا كان الرباط داخلا والدراهم خارجا فأدخل يده وطرها فقد هتك الحرز بإدخال يده في الكم هذا جواب الكتاب في الطر وأما الحل بأن حل الرباط وأخذ الدراهم فإن مشايخنا قالوا إن كان الرباط خارجا والدراهم باطن الكم قطع لأنه يحتاج إلى أن يدخل يده في الكم لأخذ الدراهم وإن كان على العكس لا يقطع لأنه أدخل يده لحل الرباط لا لأخذ الدراهم فبقيت الدراهم خارجه

قوله وحده لوجود فعل السرقة منه حقيقة وجه الاستحسان أن هذه سرقة معهودة فوجب القطع كما لو تولى الكل

قوله لم يقطع لأنه تمت السرقة وهي لحم

قوله وصاحب الربا أراد به رجلا باع عشرة دراهم بعشرين وقبض العشرين ثم جاء إنسان وسرق العشرين منه يقطع بخصومة عندنا خلافا لزفر والمسئلة تعرف في المختلف -  باب ما يقطع فيه - 

قوله لا سبيل الخ بناء على أنه لو كان مكانه غصب لا ينقطع حق

فضة أو ذهبا فطبها دراهم أو دنانير فإنه يقطع ويرد الدراهم والدنانير إلى المسروق منه وقال أيو يوسف ومحمد (رحمها الله ) لا سبيل للمسروق منه عليها فإن سرق ثوبا فصبغه أحمر فقطع لم يؤخذ منه الثوب ويعطى ما زاد الصبغ فيه وإن صبغة أسود أخذ منه الثوب في المذهبين رجل قطع في سرقة وهي قائمة ردت على صاحبها وإن كانت مستهلكة لم يضمن -  باب في قطع الطريق - 

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قطع شرح المتن المالك عنده خلافا لهما وإقامة الحد لا يشكل على قول أبي حنيفة لأنه لا يملك المسروق واختلف المشايخ على قولهما قال بعضهم لا يقام لأن السارق ملك المسروق وقال بعضهم يقام لأنه لا يملك المسروق عينه إنما يملك غيره

قوله ما زاد الصبغ فيه وليس له غير ذلك اعتبارا بالغا صب ولهما أن صنيع السارق في الثوب قائم صورة ومعنى حتى إذا أخذه صاحبه ضمنه ما زاد الصبغ وحق المالك فيه صورة قائم لا معنى حتى لو هلك أو استهلك في إحدى الروايتين لا يضمن فما استويا في الوجود فلا يترجح حق المالك بالبقاء ولا كذلك الغاصب لأن حق المالك في الثوب قائم صورة ومعنى فيرجح حق المالك

قوله في المذهبين لأن عند أبي حنيفة السواد نقصان والمسروق إذا انتقص في يد السارق لا ينقطع حق المالك وعند أبي يوسف هذا والأول سواء لأن عنده السواد زيادة كالحمرة وعند محمد السواد زيادة لكنه لا يقول بقطع حق الملك بمثل هذه الزيادة -  باب في قطع الطريق -  د

قوله أن يكون هو قاطع الطريق لوجوده حقيقة كما في المفازة إلا أنا الطريق ليلا أو نهارا بالبصرة أو بين الكوفة والحيرة فليس بقاطع طريق استحسانا والقياس أن يكون هو قاطع الطريق ذكره في السرقة رجل قطع الطريق فأخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف وإن قتل ولم يأخذ المال قتله الإمام وإن قتل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف ويقتل ويصلب وإن شاء الإمام لم يقطعه وقتله أو صلبه وقال محمد ( رحمه الله ) يصلب ولا يقطع وإذا قتل الإمام قاطع الطريق فلا ضمان عليه في مال أخذه ولا في النفس وإن ولي القتل رجل منهم قتلوا جميعا وإن كان في الذين قطع عليهم ذو رحم محرم من أحدهم لم يقم عليهم الحد شرح المتن استحسنا وقلنا ليس بقاطع لأن القطع إنما يكون بانقطاع المارة والناس لا يمتنعون من التطرق في هذا الموضع لوقوع هذه الحادثة فإذا كان لا ينقطع الطريق لم يتم السبب فلا يجب الحد أما في المفازة فالناس يمتنعون عن التطرق فيها بسبب هذه الحادثة مالم يظهر الأمر ينفي اللصوص وإزعاجهم في ذلك الموضع فيتحقق قطع الطريق

قوله ويقتل أو يصلب في ظاهر الرواية بتخير الإمام بين الصلب والقتل وروي عن أبي يوسف أنه قال لا يترك الصلب لأنه منصوص عليه بقوله ( تعالى ) ( أو يقتلوا أو يصلبوا ) أو قيل معناه ويصلبوا ولأن المقصود بذلك التشهير ليعبر به غيره والصحيح جواب ظاهر الرواية لأن معنى الزجر والتشهير يحصل بالقتل والصلب زيادة مبالغة فيه فكان الخيار فيه إلا الإمام ثم إذا أراد الصلب فقد ذكر الكرخي أنه يصلب حيا ثم يطعن تحت تندوته الأيسر حتى يموت وذكر الطحاوي أنه يقتل أولا ثم يصلب لأنه إذا صلب حيا ثم يطعن كان ذلك مثلمة وما ذكره الكرخي أصح لأن المقصود هو الإيلام والزجر وذلك إنما يحصل إذا صلب حيا ثم في ظاهر الرواية يترك على خشبة ثلاثة أيام ثم يخلى بينه وبين أهله ليدفنوه وقتل الذي ولي القتل وذلك إلى الأولياء والقتل إن كان بحجر أو عصا أو سيف فهو سواء وإن لم يقتل ولم يأخذ المال حتى أخذ وقد جرح اقتص منه مما فيه القصاص وأخذ الأرش مما فيه الأرش وذلك إلى الأولياء وإن أخذ مالا ثم جرح قطعت يده ورجله من خلاف وبطلت الجراحات وإن لم يجرح ولم يأخذ المال طلب وأوجع ضربا ولم يبلغ به أربعين سوطا وأودع في السجن حتى يحدث توبة وإن أخذ بعدما تاب وقد قتل تحديدة شرح المتن

قوله ولا يقطع لأن الحد جزاء قطع الطريق وأنه جناية واحدة كيف ما قطع فلا يجمع بين الحدين ولكن يجب التغليظ ولأبي حنيفة أن قطع الطريق متفرق من وجه مجتمع من وجه بيانه أن قطع الطريق واحد في التقدير لكن الذي انقطع به الطريق متفرق فوجب التخيير وإن شاء جمع بين القتل والقطع لاعتبار جهة التفريق

قوله فلا ضمان عليه لأنه من جنس السرقة فإن وجب به الحد بطل حق العبد في النفس والمال جميعا حتى لا يضمن واحد منهما كما في السرقة

قوله جميعا لأنه شرط فيكتفي بوجوده من البعض

قوله لم يقم عليهم الحد كان أبو بكر الرازي يأول هذه المسئلة بأن كان المأخوذ مشتركا بينهم حتى لا يجب الحد باعتبار نصيب ذي الرحم المحرم فيصير شبهة في نصيب الباقين أما إذا لم يكن المال مشتركا فإن لم يكن أخذ إلا من ذي الرحم المحرم فكذلك وإن أخذوا منه ومن غيره يقام عليهم الحد باعتبار المال المأخوذ من الأجنبي والأصح أنه لا يقام عليهم الحد بكل حال لأن جنايتهم واحدة وهي قطع الطريق عمدا فإن شاء الأولياء قتلوه وإن شاؤا عفوا عنه رجل شهر على رجل سلاحا ليلا أو نهارا أو شهر عليه عصا بالليل أو في غير المصر نهارا فقتله المشهور عليه فلا شيء عليه وإن شهر عليه عصا نهارا في مصر فقتله المشهور عليه قتل به والله أعلم شرح المتن

قوله فهو سواء في أنه يقتل به لأن هذا القتل لم يجب قصاصا يشترط التساوي

قوله وذلك إلى الأولياء لأنه متى لم يجب الحد ظهر حق العبد في النفس والمال جميعا

قوله فإن شاء الأولياء الخ لأن الحد بطل لقوله ( تعالى ) ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) وظهر حق العبد فيه

قوله فلا شيء عليه الخ أما إذا شهر عليه السيف فلأن السيف لا يلبث فيحتاج إلى الدفع فيجعل هدرا وكذلك كل سلاح لايلبث وأما العصا فإنه يلبث فيمكنه أن يستغيث بغيره إلا في الليل فإنه وإن كان يلبث لكن لا يعينه غيره فيضطر إلى الدفع وإن كان عصا لا يلبث فيحتمل أن يكون مثل السلاح عندهما والطريق مثل الليل بكل حال ليلا أو نهارا وذلك ما روى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن الرجل يريد أخذ مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره قال فإن لم يتذكر قال استعن إلى السلطان قال إن كان السلطان يأبى عني قال استعن بالناس قال إن كانوا يأبون عني قال قاتل دون مالك فتقتل أو تقتل فتكون شهيدا