كتاب الكفالة

كتاب الكفالة

-  باب الكفالة بالنفس - 

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب فأخذ منه كفيلا آخر فهما كفيلان رجل كفل نفس رجل ولم يقل إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفع إليه فهو بريء ولا كفالة في الحدود والقصاص ولا يحبس فيها حتى يشهد شاهدان أو شاهد عدل يعرفه القاضي والرهن والكفيل جائز في الخراج رجل له على آخر شرح المتن -  باب الكفالة بالنفس - 

قوله وفيهما كفيلان لأن حكمها التزام المطالبة وأنه يحتمل ذلك فالالتزام الأول لا ينافي الالتزام الثاني

قوله فهو بريء لأن ذلك موجبه فيثبت البراءة ثبت النص أم لا

قوله ولاكفالة في الحدود والقصاص وقال أبو يوسف محمد ( رحمهما الله ) لا بأس بذلك لأن موجبه التزام تسليم النفس وهو ههنا أوجب ولأبي حنيفة أنها شرعت استيثاقا محضا فلا يلزم القاضي في ما بنى على الدرء بخلاف سائر الحقوق والخلاف في جبر القاضي على إعطاء الكفيل وأما لو سامحت به نفسه بذلك فهو جائز مائة درهم فكفل رجل بنفسه على أنه لم يواف به غدا فعليه المائة فهو جائز فإن لم يواف به فعليه المال

رجل كفل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به فعليه المال فإن مات المكفول عنه ضمن الكفيل رجل ادعى على آخر مائة دينار وبينها أو شرح المتن

قوله فهو جائز وقال الشافعي ( رحمه الله ) لا تجوز الكفالة الثانية وهي الكفالة بالمال لأنها في النفس لا يتصور عنده لعدم ولايته فكذا ما هو بناء عليه ولنا أن الكفالة يشبه النذر من وجه ويشبه البيع من وجه من حيث أنه معاوضه فلشبهها بالنذر صح تعليقها بما هو المتعارف وتعليق الضمان لعدم الموافاة متعارف

قوله ضمن الكفيل لتحقيق الشرط وهو عدم الموافاة

قوله رجل ادعى الخ رجل ادعى على رجل مائة دينار سوداء أو بيضاء أو ادعى عليه درهما وبين قدرها أو لم يبين أو ادعى حقا مطلقا أو مالا مطلقا فقال له رجل دعه فأنا كفيل بنفسه إلى غد وإن لم أوافك به غدا فعلي مائة دينار فرضي به ولم يواف غدا فعليه مائة دينار غدا في الوجهين جميعا إذا ادعى صاحب الحق أنه له وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد ( رحمه الله ) إن ادعاها ولم يسمها حتى كفل له رجل بمائة دينار ثم ادعى بعد ذلك لم يلتفت إلى دعواه لمحمد طريقان أحدهما ما اختاره الشيخ الإمام أبو منصور الماتريدي ( رحمه الله ) وهو يقول إن هذا تعليق المال بالخطر فكان باطلا بيانه أنه لما قال إن لم أوافك غدا فإنه ضامن لك مائة درهم من غير نسبة إلى ما عليه كان هذا تعليق المال بالخطر وأنه في حكم الرشوة فكان باطلا وهذا يوجب أن لا يصح وإن كان المال مقدرا عند الدعوى والثاني هو ما اختاره الكرخي وهو أن الكفالة بالنفس باطلة لأنه لم لم يبينها وكفل رجل به إن لم يواف به غدا فعليه المائة فلم يواف به غدا فعليه المائة وهو قول يعقوب ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) إن لم يبينها حتى كفل له لم يلتفت إلى دعواه -  باب الكفالة بالمال - 

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل كفل عن رجل بمال فأخره صاحب المال فهو تأخير عن كفيله وإن أخر عن الكفيل لم يكن تأخيرا عن الذي عليه الأصل رجل كفل عن رجل بألف شرح المتن يدع شيئا معلوما فلم يصح الكفالة بالنفس فلا يصح الكفالة بالمال لأنهما خلف عن الأولى فهذا يوجب أن لا يصح حين كان المال مقدرا عند الدعوى

ولهما أن هذه الكفالة أمكن تصحيحها وكل عقد أمكن تصحيحه وجب تصحيحه وذلك لأنه إذا كان المال مقدرا عند الدعوى فلأن الكفالة بالنفس قد صحت والكفالة بالمال جعلت بناء عليه فصار البناء دالا على تقييد العقد بالمال المدعي به وهو المتعارف في ما بين الناس أن ييهم الكفيل الكلام عند ذلك ويريد ما تناوله الدعوى وأما إذا لم يكن مقدارا فقد صحت الملازمة وصحت الدعوى فإن هذا متعارف أن يحمل الدعوى في غير مجلس القاضي هونا لكلامه إلى وقت الحاجة فصح ذلك على احتمال البيان من جهته فإذا بين ذلك انصرف بيانه إلى ابتداء الدعوى فيظهر به صحة الكفالة بالنفس وصحة الثانية خلفا عن الأول -  باب الكفالة بالمال - 

قوله فليس له الخ صار حقا للقابض على احتمال أن يؤدي الدين بنفسه فما لم ينتف هذا الاحتمال بأداء الأصيل بنفسه ليس للأصيل أن يرجع

قوله فهو له لأن ملك المقبوض يوم قبض كان ثابتا له والريح حصل على ملك صحيح عليه بأمره فقضاه الألف قبل أن يعطي هو صاحب المالي فليس له أن يأخذها منه فإن ربح ربحا فهو له ولا يتصدق به فإن كانت الكفالة بكر حنطة فقبضها وباعها فربح فيها فالربح له في الحكم ويستحب أن يرده على الذي قضاه الكر ولا يجب عليه في الحكم وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو له ولا يرده على الذي قضاه

رجل قال لكفيل ضمن له مالا برئت إلي من المال رجع الكفيل شرح المتن

قوله ويستحب هذا رواية هذا الكتاب وقال في كتاب الكفالة من الأصل يتصدق به وقال في كتاب البيوع يطيب له وفي قولهما يطيب له لأن ملك المقبوض يوم قبض كان ثابتا ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) أن اقتضاءه قاصر غير خال من شبهة لأن المكفول عنه بسبيل من أن يقتضيه بنفسه ويسترد منه عين ما أعطى فتمكنت شبهة عدم الملك فوجب الخبث إلا أن هذا الخبث يثبت لحق الأصيل فسبيله أن يرده عليه وإن كان فقيرا طاب له وإن كان غنيا فييه روايتان والأشبه أن يطيب له

قوله رجع الخ البراءة ابتدائها من الكفيل وانتهاءها عن الطالب ولا يكون ذلك إلا بالأداء فيكون هذا إقرارا بالقبض قوله لم يرجع لأن البراءة التي ثبتت من جهة صاحب الدين لا يكون إلا بالإسقاط فلا يكون إقرارا بالقبض

قوله لا يرجع لأن البراءة قد يكون بالأداء وقد تكون بالإسقاط فلا يثبت حق الرجوع بالشك ولأبي يوسف أنه أضاف ضمان الفعل إلى الكفيل حيث قال برئت فيجب أن يتحقق من جهة الفعل ولا يتحقق من جهة الفعل إلا بالأداء فيكون إقرارا بالأداء وهذا كله إذا كان الطالب غائبا فأما إذا كان حاضرا يرجع إليه على المكفول عنه وإن قال قد أبرأتك لم يرجع على المكفول عنه ولو قال برئت فعند أبي يوسف ( رحمه الله ) يرجع وعند محمد ( رحمه الله ) لا يرجع رجل كفل عن رجل بأمره فأمره أن يتعين عليه حريرا فالشرى للكفيل والربح الذي ربحه البائع فهو عليه رجل كفل عن رجل بما ذاب له عليه أو ما قضى له عليه فغاب المكفول عنه فأقام المدعي بينة على الكفيل بألف لم تقبل رجل أقام البينة أن له على فلان كذا وأن هذا كفل عنه بأمره فإنه يقضي على الكفيل وعلى المكفول شرح المتن

قوله فأمره أن يتعين الخ تفسير هذا أن المكفول عنه أمر الكفيل بالعين والعينة أن يأتي الرجل إلى آخر فيستقرضه عشرة فلا يرغب المقرض في الإقراض طمعا في الفضل الذي لا يناله بالقرض فيقول ليس يتيسر لي القرض ولكن أبيعك ها الثوب إن شئت باثنى عشر نسيئة وقيمته عشرة لتبيعه بعشرة ففعلا كذلك فيحصل لرب الثوب درهمان بطريق البيع فيسمى عينة لأنه أعرض عن الدين إلى العين إذا ثبت هذا فنقول المكفول عنه لما أمر الكفيل بالعينة كان الشراء للكفيل لأنه هو المشتري والربح للبائع عليه ولم يصح التوكيل لجهالة العين والثمن جميعا

قوله لم تقبل حتى يحضر المكفول عنه فيقضي عليه لأنه ضمن بهذه الكفالة ما يقضي للطالب عليه بعد عقد الكفالة ولم يوجد القضاء

قوله فإنه يقضي الخ ولم يكن قضاء على الغائب لأنه لما ادعى الكفالة بأمره لم يصح القضاء بغير أمره ومن ضرورة صحة القضاء بهذا السبب التعدي إلى الغائب لأن هذا الأمر إقرار بالمال وفي الفصل الثاني لم يكن من ضرورة صحتها التعدي إلى الغائب عنه وإن كانت الكفالة بغيره أمره قضى على الكفيل خاصة كفيل صالح رب المال من ألف على خمسمائة فقد بريء الكفيل والذي عليه الأصل رجل باع دارا وكفل رجل بالدرك فهو تسليم وإن لم يكفل ولكنه أشهد فختم لم يكن تسليما -  باب الرجلين يكون بينهما المال فيقبضه أحدهما - 

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في متفاوضين افترقا فلأصحاب الديون أن يأخذوا أيهما شاؤا بجميع الدين ولا يرجع أحدهما على صاحبه حتى يؤدي أكثر من النصف رجلان كفلا عن رجل بمال على أن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه شرح المتن

قوله فقد بريء الكفيل الخ لأن إضافة الصلح إلى الألف إضافة إلى ما على الأصيل فبريء الأصيل عن خمسمائة بالإضافة وبريء الكفيل ثم بريا بإيفاء خمسمائة ويرجع الكفيل به على الأصيل

قوله فهو تسليم لأنه لو صح منه الدعوى بعد ذلك كان للمشتري أن يرجع عليه بحق الضمان -  باب الرجلين يكون بينهما المال فيقبضه أحدهما - 

قوله حتى يؤدي الخ لأنه لا تعارض بين ما عليه بحكم الأصالة وبين ما عليه بحكم الكفالة فيقع الأداء عما عليه بحكم الأصالة وإذا زاد على النصف فليس له في الفضل على النصف معارضة فيقع ذلك عن صاحبه

قوله عن صاحبه يريد إذا كفل كل واحد منهما بالمال كله عن الأصيل ثم عن صاحبه أيضا

قوله رجع على شريكه الخ لأن المؤدي وقع شائعا عن الدينين إذ فكل شيء أداه أحدهما رجع على شريكه بنصفه وإن شاء رجع بالجميع على المكفول عنه وإن أبرأ رب المال أحدهما أخذ الآخر بالجميع رجلان اشتريا عبدا بألف وكفل كل واحد منهما عن صاحبه لم يرجع واحد منهما على صاحبه حتى يؤدي أكثر من النصف مكاتبان كتابة واحدة كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداه أحدهما رجع شرح المتن ليس بعضه فوق بعض بل هو كفالة كله بخلاف ما سبق

قوله بنصفه لأن المؤدي شائع عن الدين لأن كل واحد منهما أصيل في الكل كفيل عن صاحبه بالكل فإذا أدى أحدهما شيئا وقع عن الجميع لا محالة فيقع عن صاحبه نصف ذلك لاستواء الحقين

قوله جاز العتق وبريء عن النصف لأن المال في الحقيقة مقابل برقبتهما وإنما جعل كل واحد منهما كفيلا عن صاحبه في حق صاحبه في الكل احتيالا لتصحيح الضمان فإذا جاء العتق فقد استغني عنه

قوله أيهما شاء أما المعتق فحق الكفالة وأما الآخر فبحكم الأصالة

قوله باطل لأنه شرط فيه كفالة المكاتب والكفالة ببدل الكتابة وكل واحد منهما بانفراده باطل فعند الاجتماع أولى أن يكون باطلا أما بطلان كفالة المكاتب فلأن الكفالة تبرع والمكاتب لا يملكه وأما بطلان الكفالة ببدل الكتابة فلأنها تقتضي دينا صحيحا وبدل الكتابة ليس كذلك

قوله متفاوضان الخ المفاوضة شركة متساويين مالا وحرية وعقلا ودينا ويتضمن الوكالة فكل واحد منهما كفيل للآخر ووكيله ولما كان كل واحد منهما يفوض التصرف إلى صاحبه على الإطلاق سميت مفاوضة مشتقة من التفويض على صاحبه بنصفه وإن لم يؤديا شيئا حتى أعتق المولى أحدهما جاز العتق وللمولى أن يأخذ بحصة الذي لم يعتق أيهما شاء قال في العتاق القياس أن الضمان باطل ويصير بعد عتقه لأحدهما كحر ضمن ما على المكاتب ولكني أستحسن في المكاتبين كتابة واحدة فإن أخذ الذي أعتق رجع على صاحبه بما يؤدي وإن أخذ عن الآخر لم يرجع بشيء متفاوضان كفل أحدهما بمال لزم صاحبه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يلزم صاحبه -  باب كفالة العبد والكفالة عنه - 

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل ادعى على عبد مالا فكفل عنه رجل بنفسه فمات العبد قال بريء الكفيل شرح المتن

قوله لا يلزم صاحبه لأنه دين وجب بما ليس بتجارة فشابه أرش الجناية ومهر المرأة ولأبي حنيفة أن الكفالة تقع تبرعا وتبقى معاوضة بدليل الحقيقة والحكم أما الحقيقة فلأن الأداء لا ينفك عن العوض وأما الحكم فلأن المريض إذا أنشأ كفالة بمال في مرض الموت كانت وصية وإذا أقر بها في مرض كان معتبرا من رأس المال لأن الإقرار يلاقي بقاء الكفالة فكان في معنى التجارة فيؤخذ صاحبه -  باب كفالة العبد والكفالة عنه - 

قوله بريء الكفيل لأنه برئ الأصيل عن تسليم نفسه فبرئ الكفيل

قوله ضمن الخ لأنه غرم الأصيل وهو مولى العبد قيمة المكفول وإن ادعى رقبة العبد فكفل عنه رجل فمات العبد فأقام المدعي البينة أنه كان له ضمن الكفيل قيمته عبد كفل عن مولاه بأمره فعتق فأدى أو كان المولى كفل عنه فأداه بعد العتق لم يرجع واحد منهما على صاحبه والله أعلم شرح المتن فغرم الكفيل لأنه قائم مقامه

قوله لم يرجع وقال زفر رجع كل واحد منهما على صاحبه لأن الموجب قد وجد والمانع قد زال ولنا أن الكفالة وقعت غير موجبة للرجوع فلا يثبت فيها الرجوع أبدا كمن كفل عن رجل بدين بغير أمره ثم بلغه فأجاز فإنه لا يرجع عليه لما قلنا