كتاب الوكالة

كتاب الوكالة

-  باب الوكالة بقبض مال أو عبد - 

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) رجل وكل رجلا بقبض عبد له فأقام الذي هو في يده البينة أن الموكل باعه إياه وقف الأمر حتى يحضر الغائب وكذلك الطلاق والعتاق وغير ذلك إلا الدين فإن وكله بقبض دين فأقام المدعى عليه بينة أنه قد أوفاه قبلت بينته وبرئ وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هذا والأول سواء شرح المتن -  باب الوكالة بقبض مال أو عبد - 

قوله هذا والأول سواء ولايثبت البراءة كما لا يثبت الشراء لأن التوكيل حصل بالقبض لا بالخصومة والخصومة ليست من القبض فلا يملكها كما في العين وكما لو كان بصيغة الامر دون التوكيل لكن وقف الأمر احتياطا حتى لا يثبت له ولاية القبض ما لم يحضر الغائب كما في الفصل الأول ولأبي حنيفة أن هذا وكيل بالتمليك والتملك فصار خصما كالوكيل بالشراء والوكيل بأخذ الدار بالشفعة إذا قامت عليه البينة بأن الموكل سلم الشفعة صحت وقضى بذلك وإنما قلنا ذلك لأن المقبوض عين والعين غير ومسألتنا الدين فيصير القبض في حكم المبادلة وإن كان قبض الأصل من وجهه ومسئاتنا أشبه بمسألة الأخذ بالشفعة منها بمسألة الشراء لأنه كالوكيل بطلب الشفعة خصم قبل القبض فأما الوكيل بالشراء فإنما يصير خصمه بعد المباشرة

قوله ولم يكن وكيلا لأن الوكيل من يعمل لغيره ولو صح التوكيل صار رجل وكل بخصومه في مال فأقر عند القاضي أن الموكل قد قبضه فقضى على الموكل بذلك وإن أقر عند غير قاض لم يقض عليه استحسانا والقياس أن يكون إقراره عند القاضي وعند غير القاضي سواء مثل قول أبي يوسف ( رحمه الله ) قاله في الشفعة إلا أنه لا يقضي للوكيل بدفع المال وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) إقراره عند القاضي وغير القاضي سواء رجل كفل عن رجل بمال فوكله صاحب المال بقبضه من الغريم لم يكن وكيلا في ذلك أبدا والوكيل بالخصومة وكيل بقبض الدين الوكيل عاملا لنفسه فلا يصلح وكيلا

قوله وكيل بقبض الدين لكن لا يفتي به في زماننا لأنه لايؤتمن على المال من يؤتمن على الخصومة

قوله فلأحدهما الخ خلافا لزفر هو يقول بأن الخصومة تصرف يفتقر إلى الرأي فلا يحتمل الانفراد كالتوكيل بالبيع والشراء والتوكيل بالقبض ولنا أن المعهود في ما بين الناس الاجتماع في تسوية الأمر والانفراد بالتكلم مجلس القضاء تحرزا عن التشويش فصار الانفراد بالتكلم مرادا بدلالة العقد ولا كذلك القبض لأنه مختلف بالرأي ولا ضرورة إلا الانفراد فلا يصح الانفراد

قوله فالعشرة بعشرته لأن الإتفاق لا يكون إلا بالشراء والوكيل بالشراء يملك أن يقضي الثمن من مال نفسه ثم يرجع في مال الموكل لأن حقوق العقد راجع إليه وهذا استحسان ذكره في الوكالة وأما في القياس يكون متبرعا ويرد مال الموكل لأن الأمر بالانفاق مقصور على المدفوع إليه

قوله ولا يجوز لأن القاضي مأمور بدرء الحدود والقصاص وفي رجلان وكلا بالخصومة في دين وفي قبضه فلأحدهما أن يخاصم ولا يقبضان إلا مع رجل دفع إلى رجل عشرة دراهم ينفقها على أهله فأنفق عليهم عشرة من عنده فالعشرة بعشرته ولا يجوز وكالة باستيفاء حد أو قصاص إلا في إقامة الشهود وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) لا تجوز في إقامة الشهود أيضا والله أعلم بالصواب -  باب الوكالة بالبيع والشراء - 

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) رجل أمر رجلا شرح المتن الاستيفاء بحضرة صاحب الحق احتمال الدرء لأنه إذا حضر وعاين العقوبة ربما يلحقه الرحمة والرأفة على الجاني فيعفو إن كان للعفو فيه مجال

قوله وقال أبو يوسف الخ وقوله محمد مضطرب والأظهر أنه مع أبي حنيفة له أن الوكيل بمنزلة البدل من الأصل ولا مدخل للبدل في هذا كالبدل في الحجة وهي الشهادة على الشهادة وشهادة النساء مع الرجال وإشارة الأخرس في الإقرار ولهما أن التوكيل تناول ما ليس بحد ولا قصاص ولا يضاف إليه الحد والقصاص ولأن الوجوب يضاف إلى علة الوجوب وهو الجناية والظهور يضاف إلى علة الظهور فأما الخصومة شرط محض لاحظ لها في الوجوب فاشبهت سائر الحقوق -  باب الوكالة بالبيع والشراء - 

قوله أحدهما جاز لأنه قد لا يتفق الجمع والتوكيل حصل مطلقا فوجب إجراءه على إطلاقه بعد أن يشتري بمثل قيمته أو بزيادة يتغابن الناس بمثله

قوله بمثله الباقي جاز لأن التوكيل حصل مطلقا فيحتمل على إطلاقه أن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم له ثمنا فاشترى له أحدهما جاز وإن أمره أن يشتريهما بألف وقيمتهما سواء فاشترى أحدهما بخمس مائة أو أقل جاز وإن اشترى بأكثر من خمس مائة لم يلزم الآمر إلا أن يشتري والباقب ببقية الألف وقال أبو يوسف ومحمد (رحمهما الله) إن اشترى أحدهما بأكثر من نصف الألف بما يتغابن الناس فيه وقد بقي من الألف ما يشتري بمثله الباقي جاز رجل أمر رجلا أن يبيع عبدا له فباعه شرح المتن كما قلنا ولأبي حنيفة أن هذا بالمقابلة أوجب النصف دلالة والتنصيص على الخمسمائة لكل منهما حجر عن الزيادة قلت الزيادة أو كثر فكذا هذا إلا أن يشتري الباقي قبل أن يختصما لأن العمل بالصريح أحق من العمل بالدلالة والموكل صرح بتحصيل العبدين بألف

قوله فهو عبد للمشتري الخ فرق بين هذا وبين ما إذا وكل غير العبد ليشتريه له فأعلم الوكيل البائع أنه اشتراه لغيره أو لم يعلمه يصير مشتريا للآمر وههنا ما لم يعلم أنه اشترى للعبد لا يصير مشتريا للعبد والفرق بينهما أن بيع نفس العبد من العبد إعتاق وشراء العبد لنفسه قبول الإعتاق فكان بين الشرائين تفاوت فلا بد من البيان والتمييز لأنه إذا اشترى للعبد صار البائع معتقا ولزمه الولاء وإذا اشتراه لغيره لا يصير معتقا ولا يلزمه الولاء وعسى أن يرضى بأحدهما دون الآخر فلم يستغن عن البيان أما إذا كان وكيلا من جهة غير العبد فلا فرق بين الشرائين فإن العهدة في حق البائع يكون عليه على كل حال فلا حاجة إلى البيان فإذا أطلق ههنا وقع العقد للوكيل عملا بحقيقته وهو المعاوضة فيه إلا أن الألف يكون للمولى لأنه كسب عبده وعليه ألف أخرى ثمنا للعبد وإن اشتراه للعبد هل يلزم للعبد ألف أخرى أم لا لم يذكره في الكتاب وينبغي أن يلزمه لما قلنا بقليل أو كثير أو بعرض أو باع نصفه جاز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يبيعه إلا بدراهم أو دنانير بما يتغابن الناس فيه ولا يجوز أن يبيع نصفه إلا أن يبيع النصف الآخر منه قبل أن يختصما

رجل أمر عبدا محجورا عليه أو صبيا ببيع عبد فباعه جاز والعهدة على الآمر عبد قال لرجل اشتر لي نفسي من مولاي بألف ودفعها إليه فإن قال الرجل للمولى اشتريته لنفسه فباعه على هذا فهو حر والولاء للمولى وإن لم لم يبين للمولى فهو عبد للمشتري والألف للمولى وعلى المشتري ألف مثلها رجل قال لآخر أمرتك ببيع عبدي بالنقد فبعته بالنسئة وقال المأمور أمرتني ببيعه ولم تقل شيئا فالقول قول الآمر وإن اختلف في شرح المتن

قوله قول الآمر لأن الأمر قد يكون مطلقا وقد يكون مقيدا والأمر يستفاد من جهته

قوله قول المضارب لأن الإطلاق فيها أصل ألا ترى أنه لو سمي المضاربة مطلقا صحت فالقول قول من يدعي الأصل

قوله وإن أمره الخ أصل هذا أن التوكيل بالشراء إذا أضيف إلى دين على الوكيل فإن كان البائع متعينا بأن قال اشتر لي من فلان أو يكون المبيع بعينه ليكون البائع متعينا صح بالإجماع وإن كان غير متعين لم يصح عند أبي حنيفة خلالفا لهما لهما أن عقد الشراء لا يتعلق بعين الدراهم عينا كان أو دينا ألا ترى أن من اشترى شيئا بالدراهم على البائع ثم تصادقا أن الدين لم يكن لم يبطل الشراء ووجب مثلها فيصير التقييد بها والإطلاق سواء كما لو عين البائع ولأبي حنيفة أن الدراهم تتعين في الوكالات إذا كان عينا ألا ترى أنه لو وكله بشراء عبد ذلك مضارب ورب المال فالقول قول المضارب

رجل له على رجل ألف فأمره أن يشتري له بها هذا العبد فاشتراه جاز وإن أمره أن يشتري بها عبدا بغير عينة فاشتراه فمات في يده قبل أن يقبضه الآمر مات من مال المشتري وإذا قبضه الآمر فهو له وقال أبو يوسف ومحمد (رحمهما الله ) هو لازم للآمر إذ قبضه المأمور رجل دفع إلى رجل ألفا وأمره أن يشتري بها جارية فاشتراها فقال الآمر اشتريتها بخمس مائة وقال المأمور اشتريتها بألف فالقول قول المأمور هذا إذا كانت الجارية تساوي ألفا وإن كانت تساوي خمس مائة فالقول قول الآمر وإن لم يكن دفع ثمن الجارية للمامور فهو مشتر لنفسه

رجل قال لرجل اشتر لي ثوبا أو دابة أو دارا فاشتراه فالوكالة شرح المتن بهذا الألف فهلكت الألف عند الوكيل بطلت الوكالة فإذا لم يتعين كان هذا تمليك الدين من غير من عليه الدين وهو باطل وأما إذا عين انتصب البائع وكيلا بالقبض ثم الشراء والقبض بحكم الشراء واقع بعده فيصير كالتوكيل بالشراء مضافا إلى عين

قوله قول المأمور لأن الآمر يدعي عليه ضمان خمسمائة وهو منكر

قوله وإن لم يكن الخ إن لم يكن دفع إليه الألف والمسألة بحالها فالقول قول الآمر وتلزم الجارية المأمور على كل حال أما إذا كانت تساوي خمسمائة فلا يشكل لأنه خالف الشراء وإن كانت تساوي ألفا فالقول قول الآمر أيضا أي يتحالفان وتلزم الجارية المأمور هكذا ذكره فإنه أطلق الجواب ولم يفصل بينهما وكان ينبغي أن تلزم الجارية الآمر في هذا الفصل لأنه اشتراها بألف فتلزم الآمر فإن من وكل رجلا أن يشتري له جارية بألف فاشترى جارية تساوي ألفا بخمسمائة تلزم الآمر ومع هذا قال تلزم المأمور وإنما كان هكذا لأن الوكيل الشراء مع الموكل ينزل منزلة البائع مع المشتري فالاختلاف بينهما يوجب التحالف فإذا تحالفا وجب فسخ العقد فتلزم الجارية المأمور باطلة وإن سمى ثمن الدار ووصف جنس الدابة والثوب جاز رجل أمر آخر أن يشتري له هذا العبد بألف درهم أو لم يسم الثمن فاشتراه فقال الآمر اشتريته بخمسمائة وقال المأمور بالف وصدق البائع المأمور فالقول قول المأمور رجل وكل رجلا ببيع عبد فأمر الوكيل رجلا ليبيعه فباعه والوكيل حاضر أو باعه رجل فبلغ الوكيل فأجاز فهو جائز وإن وكله بشراء ثوب هروي فأمر الوكيل رجلا فاشتراه والوكيل حاضر فهو جائز وإن كان غائبا لم يجز شرح المتن

قوله باطلة أصله أن الوكالة تتحمل الجهالة اليسيرة ولا تتحمل الجهالة الفاحشة

قوله رجل أمر آخر الخ قال الفقيه أبو جعفر إنما فارقت هذه المسألة ما سبق حتى أوجب التحالف ثمة وألزم الجارية للمأمور وههنا لم يوجب التحالف وألزمه للآمر لأن البائع ههنا حاضر مصدق للمأمور فصار كإنشاء البيع فبطل الاختلاف وثمة البائع غائب

قوله لم يجز لأن المقصود من التوكيل الانتفاع برأي الوكيل لا بعبارته إذ الناس يتفاوتون في الرأي في العبارة فإذا وكل غيره فقد فات رأيه وإن لم يغب فقد حضر رأيه وإنما فات عبارته

قوله وقال إنما خص قولهما بالذكر مع أنه حكم مجمع عليه لان الشبهة إنما ترد على قولهما لأن تصرفات المرتد بالبيع والشراء نافذه عندهما وإن قتل على ردته ولكن تصرفاته على ولده موقوفه بالإجماع

قوله كذلك أي لا يجوز بيع واحد منهما ولا شراءه ولانكاحه لأنه لا ولاية للحربي على المسلم لأنه أبعد من الذمي فإذا لم يثبت للذمي ولاية على مكاتب أو عبد أو ذمي زوج ابنته وهي صغيره حرة مسلمة أو باع لها أو اشترى لم يجز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) المرتد إذا قتل على ردته والحربي كذلك وصي احتال بمال اليتيم فإن كان ذلك خيرا لليتيم جاز رجل أمر رجلا ببيع عبده فباعه وأخذ بالثمن رهنا فضاع في يده أو أخذ به كفيلا جاز ولا ضمان عليه رجل وكل رجلين ببيع عبد بألف فباع أحدهما بذلك لم يجز وكذلك الخلع والله اعلم بالصواب شرح المتن ابنته المسلمة الصغيرة فالحربي أولى وكذلك المرتد لأن الولاية تبتني على معنى النظر واتفاق الملة يدل إليه وهو ههنا متردد

قوله خيرا لليتيم جاز لأن المشروع في حق الصبي هو النظر والمقصود من الحوالة هو التوثيق وأنه لا يحصل إلا أن يكون المحتال عليه أملأ من المحيل فلا يجوز من الوصي بدون خيرية الثاني

قوله ولا ضمان عليه لأن الاستيفاء حق الوكيل والرهن والكفالة يؤكدان الاستيفاء فلم يصح الحجر عنه فإذا ضاع الرهن في يده فقد هلك استيفاءه

قوله وكذلك الخلع وإن قدر الثمن وبدل الخلع لأن الخلع والبيع يحتاجان إلى الرأي والتدبير وهو رضي برائهما فإذا تفرد واحد بطل غرضه