كتاب الوديعة

كتاب الوديعة

محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل في يده ألف ادعاها رجلان كل واحد منهما أنها له أودعها إياه فأبى أن يحلف لهما فالألف بينهما وعليه ألف أخرى وللمستودع أن يخرج بالوديعة حيث شاء ويضعها حيث شاء ويدفعها إلى من شاء من عياله فإن نهاه المودع أن يخرج بها فخرج بها ضمن وإن نهاه أن يدفعها إلى أحد من عياله فدفعها شرح المتن كتاب الوديعة

قوله فأبى الخ المسئلة على أربعة أوجه إما أن يحلف لكل واحد منهما أو حلف للأول ونكل للثاني أو على العكس أو نكل لهما جميعا فإن حلف لكل واحد منهما فلا شيء لهما وإن حلف للأول ونكل للثاني فالألف له ولا شيء للأول وإن نكل للأول وحلف للثاني فالألف للأول وإن نكل للثاني أيضا فالألف بينهما نصفان وعليه ألف أخرى لأنه أوجب الحق لكل واحد منهما ببذله أو بإقراره وينبغي أن لا يقضي القاضي بالنكول للأول حتى يحلفه للثاني ليظهر وجه الحكم فإذانكل لهما قضى لها جملة

قوله حيث شاء أجمع أصحابنا أن له أن يخرج بالوديعة إذا لم يكن له حمل ومؤنة فإذا فعل لا يضمن طال الخروج أو قصر وأما إذا كان له حمل ومؤنة اختلفوا فيه فقال أبو حنيفة له ذلك في الوجهين ولا يضمن طال الخروج أم قصر وقال محمد ليس له ذلك إذا فعل ضمن طال الخروج أو قصر قال إلى من لا بد له منه لم يضمن وإن كان له منه بد ضمن وإن نهاه أن بجعلها في دار فجعلها فيها ضمن وإن كان بيتان فنهاه أن يجعلها في أحدهما فجعلها فيه لم يضمن

ثلاثة استودعوا رجلا ألفا فغاب اثنان فليس للحاضر ان يأخذ نصيبه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمها الله ) له ذلك رجل أودع رجلا ألفا شرح المتن أبو يوسف إن طال فكما قال محمد وإن قصر فكما قال أبو حنيفة

قوله ويدفها إلى من شاء لأن الأمر مطلق فانصرف إلى الحفظ المعهود وإنما يحفظ الإنسان ماله في العادة بيده أو بيد من في عياله

قوله إلى من لا بد له منه بأن كان الوديعة دابة وقال لا تدفعها إلى غلامك أو ما يحتاج في حفظها إلى امرأته لا محالة وقال لا تدفعها إليها

قوله لم يضمن لأنه إن كان النهي مفيدا فالعمل به غير ممكن

قوله ضمن لأن النهي مفيد لأن من العيال من لا يؤتمن على المال والعلم به ممكن

قوله لم يضمن لأن البيتين في دار واحد فلما يتفاوتان فلم يفد الشرط فلم يصح حتى لو كان الشرط مفيدا صح بأن كانت الدار عظيمة والبيت الذي نهاه عنه عورة ظاهرة

قوله له ذلك لأنه طلب منه تسليم نصيبه فصح كما لو كان دينا ولأبي حنيفة أن الحاضر يطلب حق غيره فلا يلزم تسليمه بيانه أن حقه شائع وهو يطلبه بتسليم مال معين وذلك لا يصلح حقا له إلا بالقسمة والقسمة لا تصح بالإجماع بخلاف الدين لأن المديون يسلم له ما له فصح الطلب فأودعها آخر فهلكت فلرب المال أن يضمن الأول وليس له أن يضمن الأخر وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) له أن يضمن أيهما شاء فإن ضمن الآخر رجع على الأول والله أعلم شرح المتن

قوله أيهما شاء لأن الثاني قبض المال من يد ضمين فصار ضامنا كمودع الغاصب ولأبي حنيفة أن نفس الإيداع الذي لا يقطع رأي الأول مطلق له بدليل أن الأول لو لم يفارق الثاني وأمره أن يحفظه لحضرته فهلك لم يضمن فإذا فارق الأول الثاني فإنما يضمن الأول بالتضييع لترك الحفظ والثاني صار أمينا ولم يضيع