الباب الموفي خمسين معرفة أبعاد الكواكب وأقطارها

وعظم أجرامها وسعة أفلاكها وذكرها مرسلاً على نحو ما ذكرته القدماء والأوائل

قال أما بعد الشمس والقمر وأقطارهما وعظم أجرامهما فقد بيناه على ما جرى به القول في كتاب المجسطي وما وقع لنا بقياس الكسوفات فلنبتدئ ذكر ما سوى ذلك من الأفلاك إلى فلك زحل وفلك الكواكب الثابتة على نحو ما تكلفه المتأخرون من الفضلاء الحكماء قبل بطليموس فكان قولهم في ذلك أنه قد بان أن بعد القمر الأبعد عن الأرض بالمقدار الذي به نصف قطر الأرض جزء واحد يكون سد ي وذلك هو أقرب قرب عطارد وفلكا عطارد والزهرة فيما بين أبعد بعد القمر إلى أقرب قرب الشمس وإن نهاية الهواء والنار هي أقرب قرب القمر من الأرض وذلك إذا كان عن جنبي الامتلاء أعني على تربيع الشمس الأوسط وقد بان أن بعده عند ذلك عن الأرض يكون بذلك المقدار لج لج وما فوق ذلك فهو الأيثر الذي تجري فيه الكواكب وأما الأسطقصان الباقيان اللذان هما الماء والأرض فإن نهايتهما هي مقدار نصف قطر الأرض فهذه الأربعة الأسطقسات التي هي الأرض والهواء والماء والنار أصول الطبائع الأرضية وهي سبب الكون والفساد وباختلافها تختلف الأشياء بقدر ما يعلوها من الشمس والقمر والنجوم وتغيرها على ما بين أقرب قرب القمر من الأرض وبذلك يتغير كل شيء من الحيوان والنبات فالذي في هذا الحد الذي بين مركز الأرض والأيثر هو كما ذكرنا أن بعده عن الأرض لج لج بالمقدار الذي به يكون نصف قطر الأرض جزءاً واحداً وذلك أقصى الأرض والهواء والماء والنار وما فوق ذلك فهو طبيعة خامسة لا يقال فيها حقيقة ولا يليها الحس ولا يحيط العقل بكيفيتها ومنه فلك عطارد الذي فوق فلك القمر الذي ظهر من بعده وعظمه على ما أدركوه فإنهم ذكر أنهم قاسوا عظمه في أبعد بعده وأقرب قربه من الأرض فوجدوا اختلاف عظمه كقدر الاثنين والثلث والربع عند الواحد فإذا كان بعد عطارد الأقرب مثل بعد القمر الأبعد الذي قد ظهر أنه سدي فإذا ضرب ذلك في الاثنين والثلث والربع التي هي اختلاف عظم قطره صار بعده الأبعد مائة وستاً وستين مرة مثل نصف قطر الأرض وإذا أخذ نصف ما بين بعده الأبعد وبعده الأقرب كان بعده الأوسط قيه ثم قاسوا عظمه لما صار في وسط بعده إلى الشمس في وسط بعدها فوجدوا قطره جزءاً من خمسة عشر من قطر الشمس فإذا قسمت المائة والخمسة عشر على الخمسة عشر بلغ سبعة أجزاء وثلثا جزء ولما كان قطر الشمس مثل قطر الأرض خمس مرات ونصفاً فإذا جعل قطر الشمس الأوسط اقح على نحو ما بينا نحن بالقياس كان قطر الأرض بذلك المقدار مائتين وواحداً ونصفاً وإذا قيست تلك السبعة الأجزاء وثلثي جزء على المائتين والواحد والنصف وجدت جزءاً من ستة وعشرين وربع منها بالتقريب. ولما كان قطر الأرض يوتر درجة وسبعاً وخمسين دقيقة من دائرة الفلك كان قطر عطارد يوتر أربع دقائق ونصف وسدس دقيقة بالتقريب. وإذا ضرب ذلك في الطول والعرض والغمق صار عظم جرم عطارد جزءاً من سبعة عشر جزءاً من جرم الأرض بالتقريب. ثم نظروا في عظم الزهرة وبعدها فوجدوا اختلاف عظمها فيما بين بعدها الأبعد والأقرب كقدر الثنين من الثلثة عشر فإذا ضربت المائة والستة والستين التي هي أبعد بعد عطارد وأقرب قرب الزهرة في الستة والنصف التي هي قدر اختلاف عظم الزهرة عند الواحد كان بعد الزهرة الأبعد ألفاً وسبعين وهو أقرب قرب الشمس ويكون وسط بعدها لذلك ستمائة وثمان عشرة وقاسوا قطر الزهرة إلى قطر الشمس لما صارت في بعدها الأوسط فوجدوا جزءاً من عشرة من قطر الشمس فإذا أخذ من الستمائة والثمانية عشر جزءاً عشره كان أحد وستون جزءاً وأربعة أخماس فإذا قسم ذلك على المائتين وواحد ونصف كان ذلك من قطر الأرض الربع ونصف العشر وشيئاً يسيراً لا ينحصر. ولذلك يوتر قطرها من دائرة الفلك اثنتين وثلثين دقيقة وسبعاً وعشرين ثانية فإذا ضرب ذلك في الطول والعرض والغمق كان عظم الزهرة جزءاً من ستة وثلثين من عظم الأرض بالتقريب أما مركز فلك تدوير عطارد والزهرة فإن مسيرهما على دائرة الفلك الخارج مثل مسير مركز فلك تدوير الشمس ويعلم عظم قطر فلك تدوير كل واحد منهما من البعد الأبعد إلى مقامه الأول الذي هو أكثر بعده عن الشمس في الجهة المتقدمة من البروج وأكثر بعد طارد عن الشمس يكون ستة وعشرين جزءاً إذا كانت الشمس مقابل مركز فلك التدوير وكان مركز فلك التدوير في أبعد بعد الفلك الخارج وعطارد يكون مرة أمام الشمس ومرة خلفها. وأما أكثر بعد الزهرة عن الشمس فإنه مو درجة إذا كانت الشمس مقابل مركز فلك التدوير ومركز فلك التدوير في نقطة البعد الأبعد من الفلك الخارج والزهرة تكون مرة بين يدي الشمس ومرة أمام الشمس ومرة خلفها وأقل بعد الزهرة عن الشمس من المقام الأول إلى المقام الثاني وهو ما جزءاً وأقل بعد عطارد عن الشمس مقدار ما بين المقامين وهو كا جزءاً فمن ذلك تبين أن قطر فلك التدوير لعطارد يوتر مز درجة وقطر فلك تدوير الزهرة يوتر فز درجة، وأما المريخ فبعده وعظم جرمه على حسب ما قيل فيه لما قاسوا اختلاف عظمه وذكروا أيضاً أنهم وجدوا عظمه في بعده الأقرب سبعة أمثال عظمه إذا كان في بعده الأبعد وبعده الأقرب هو بعد الشمس الأبعد الذي هو على ما وجدناه بالقياس اقمو فإذا ضرب ذلك في السبعة أمثال بلغ ثمانية آلاف واثنين وعشرين ويكون وسط بعده أربعة آلاف وخمسمائة وأربعة وثمانين وقاسوه وهو في بعده الأوسط فوجدوا قطره جزءاً من عشرين من قطر الشمس فإذا قسم بعده الأوسط على العشرين بلغ ر كط مرة وخمس مرة فإذا قسم ذلك على ر ا ل الذي هو قطر الأرض بلغ قطره مثل قطر الأرض مرة وأقل من سبع مرة بالتقريب. ولذلك يوتر قطر المريخ درجتين ودقيقة وسبعاً وثلثين ثانية بالتقريب من دائرة الفلك فإذا ضرب ذلك في الطول والعرض والغمق صار عظم المريخ مثل عظم الأرض مرة وثلثاً غير شيء يسير لا ينحصر، فأما عظم فلك تدويره وسعته فإنه يعرف من حركة كوكب المريخ من مقامه الأول إلى مقامه الثاني. وفلك التدوير يسير في اليوم ة لا والمريخ يتحرك في فلك التدوير في اليوم ة كح فتبقى حركته مقدار ج دقائق فمن ذلك يعلم أنه يقيم في البرج الخمسة الأشهر والستة لاختلاف حركته فيما يرى وأما بالحقيقة فإنه لا يزيد ولا ينقص وإنما هي حركة واحدة الدهر كله له ولسائر الكواكب فقطر فلك تدوير المريخ يوتر فب درجة و كح دقيقة. المشتري.. وأما بعد المشتري وعظمه فإنهم وجدوا عظمه إذا كان في بعده الأقرب عند عظمه إذا صار في بعده الأبعد كالسبعة والثلثين عند الثلثة والعشرين وذلك واحد ونصف وتسع فإذا ضرب ذلك في بعد المريخ الأبعد الذي هو ثمانية آلاف واثنان وعشرون بلغ بعد المشتري الأبعد اثني عشر ألفاً وتسعمائة وأربعة وعشرين بالتقريب وبعده الأوسط يكون كذلك عشرة آلاف وأربعمائة وثلثة وسبعين فوجدوا عظم المشتري في وسط بعده جزءاً من اثني عشر من قطر الشمس فإذا قسم بعده الأوسط بلغ قطره ثمانمائة واثنين وتسعين ونصفاً وربعاً بالتقريب وإذا قيس إلى المائتين والواحد ونصف كان مثل قطر الأرض أربع مرات وثلثاً غير شيء يسير وإذا ضرب ذلك في الطول والعرض والغمق كان عظمه مثل عظم الأرض قريباً من إحدى وثمانين مرة ويوتر قطره من دائرة الفلك ح يح بالتقريب ومن حركته من مقامه الأول إلى مقامه الثاني وحركة فلك تدويره التي هي في اليوم خمس دقائق إلى توالي البروج وحركته في أسفل فلك تدويره في كل يوم ند دقيقة فيما يرى كأنها إلى المغرب يبين أن قطر فلك تدويره يوتر كب درجة. وأما بعد زحل فإن اختلاف عظمه في الرؤية فيما بين أقرب قربه وأبعد بعده يكون على ما وجدوه كقدر الواحد وخمسي الواحد عند الواحد وذلك قدر السبعة عند الخمسة فإذا ضرب ذلك في بعد المشتري الأبعد صار بعد زحل الأبعد ثمانية عشر ألفاً وأربعة وتسعين فيكون بعده الأوسط لذلك خمسة عشر ألفاً وخمسمائة وتسعة ووجدوا قطر زحل في أوسط بعده جزءاً من ثمانية عشر من قطر الشمس فإذا قسم بعده الأوسط على ذلك بلغ قطر زحل ثمانمائة وإحدى وستين ونصفاً وثمناً بالتقريب وإذا قيس ذلك إلى المائتين وواحد ونصف الذي هو قطر الأرض كان قطره مثل قطر الأرض أربع مرات وسدساً وثمناً بالتقريب وإذا ضرب ذلك في الطول والعرض والغمق صار عظم زحل مثل عظم الأرض قريباً من تسعة وسبعين مرة وقطر زحل يوتر من دائرة الفلك ح يب وأما سعة فلك تدويره فمعلوم من حركته من مقامه الأول إلى مقامه الثاني وحركة فلك تدويره التي هي في اليوم دقيقتان وحركته في أسفل فلك التدوير في اليوم ة تر كأنها ترى إلى المغرب فقطر فلك تدويره يوتر يب كو وينبغي أن يكون قطر الشمس يوتر من دائرة الفلك لط مح. وأما بعد الكواكب الثابتة وعظمها فإنهم ذكروا يه كوكباً في العظم الأول فقالوا إن بعدها يكون على نحو ما وصفنا قريباً من تسعة عشر ألف مرة مثل نصف قطر الأرض من وقاسوا عظمها من الشمس فوجدوه جزءاً من عشرين من الشمس فإذا قسم بعدها على ذلك كان قطر كل كوكب منها تسعمائة وخمسين فإذا قيس ذلك إلى قطر الأرض كان مثله أربع مرات وثلثي مرة ونصف عشر مرة بالتقريب فإذا ضرب ذلك في الطول والعرض والغمق كان عظم الأرض قريباً من مائة مرة وخمس مرات. وقد قسمنا الكواكب الثابتة التي في الصور على ستة أقدار فكل طبقة دون هذه الخمسة عشر كوكباً المذكورة ينقص عظمه إلى أن ينتهي إلى القدر السادس فيكون عظم الكوكب منها مثل عظم الأرض ست عشرة مرة. فأعظم المخلوقات من أجرام العالم الشمس والثاني الخمسة عشر كوكباً المذكورة في القدر الأول وهي التي في العظم الأول والثالث المشتري والرابع زحل والخامس باقي الكواكب الثابتة الأخر الذي في العظم الثاني إلى السادس والسادس المريخ والسابع الأرض والثامن القمر والتاسع الزهرة والعاشر عطارد وهو أصغر أجرام العالم. فمن أراد أن يعود محنة شيء من هذه الأقطار فليتخذ عضادة ويركب فيها شطبتين مثقوبتين متقابلتي الثقبين ويجعل الثقب الذي يلي البصر صغيراً والذي يلي الكوكب بمقدار ما يجتمع فيه جرم الكوكب كله لا يزيد ولا ينقص ويقيس الشمس بعضادة أخرى على هذا القياس فيعرف قطر الثقب الذي قاس به الشمس ويقيس إليه الثقب الذي قاس به الكوكب وليكن القياس في موضع واحد من الأفق. والذي بقي من الذي وصفنا من أقدار الكواكب هي التي توتر أقطارها من دائرة الفلك في بعدها الأوسط ونبين أيضاً الأقدار التي يجب أن توتر بالقياس إذا كانت في بعدها الأبعد وبعدها الأقرب الشمس أما قطر الشمس فإننا بينا أنه لط مح ونقره بحاله في جميع مراتب أبعادها إذا كان لا يقع لتغيره قدر محسوس. المقاتل وأما قطر زحل فإنه يوتر في بعده الأبعد يو كب وفي الأوسط لو لط وفي الأقرب لج لو. المشتري.. وأما المشتري فإنه يوتر قطره في بعده الأبعد له لو وفي الأوسط يد مه وفي الأقرب كط لو. المريخ.. وأما المريخ قطره يوتر من دائرة الفلك في بعده الأبعد لو ي وفي الأوسط يو يد وفي الأقرب لج لو. الزهرة.. وأما الزهرة فإن قطرها يوتر من الفلك في بعدها الأبعد ة ي وفي الأوسط ة لط وفي الأقرب ة لو. الكاتب وأما قطر عطارد فإنه يوتر قطره من دائرة الفلك في بعده الأبعد ة لج وفي الأوسط ة و وفي الأقرب ة يد.

القمر.. وأما قطر القمر فقد بان أنه يوتر من دائرة الفلك في بعده الأبعد ة كط م وفي الأوسط ة لط لو وفي الأقرب ة لو كب. وتختلف هذه الأقدار فيما بين هذه الأبعاد المذكورة بحسب مراتب الكواكب في أبعادها وذلك معلوم من تعاديلها. أما بعد الكوكب عن نقطة البعد الأبعد من فلك التدوير وعن نقطة البعد الأقرب فيعلم من قبل التعديل الأوسط المعدل بالجدول الخامس أو السابع. وأما مركز فلك التدوير عن نقطة البعد الأبعد من الفلك الخارج فيعلم من تعديل الحاصة ومن هذين التعديلين يعرف مرتبة الكوكب في بعده وقربه من الأرض إذا قيس ذلك إلى الستين التي هي نصف القطر على ما بينا في معرفة أبعاد القمر من قبل اختلاف حركاته.