الباب السادس والخمسون عمل آلة بسيطة لقياس الوقت

عمل آلة بسيطة وقائمة يعرف بكل واحدة منهما ما يمضي من النهار من ساعة زمانية في كل بلد وتدعى بالرخامة أيضاً

قال إذا أردت أن تعلم ما يمضي من النهار من الساعات الزمانية من وقت طلوع الشمس إلى غروبها بالآلة البسيطة من قبل سطح ظل الشمس فاتخذ رخامة أو صفيحة نحاس مستوية السطح سلسة الوجه بأي قدر شئت وأحسن ما تتخذ أن يكون العرض مثل ثلثي الطول وتعلم على مقدار ثلثي العرض في نصف الطول نقطة وتتخذها مركزاً وتدير عليها دائرة بأي قدر شئت ثم تربع الدائرة بخطين يتقاطعان على مركزها على زوايا قائمة ويقسمان الدائرة أرباعاً متساوية ثم جزئ كل ربع بتسعين جزءاً تجزئة صحيحة على تفاضل درجة أو أكثر بحسب ما يتهيأ لك في سعة الدائرة وضيقها ثم اعرف ظل أول السرطان ورأس الجدي لساعة ولساعتين ولثلث ساعات ولأربع ولخمس ولست ساعات زمانية وسمت الظل في كل ساعة منها من دائرة الأفق بالجهات التي تقدمت لك في صدر الكتاب في باب معرفة الظل والارتفاع في أجزاء البروج في كل بلد وذلك بأن تعرف ارتفاع كل ساعة من هذه الساعات ثم تعرف به ظله وسمته على الرسم المتقدم في أي بلد شئت ثم اتخذ مسطرة مستوية الحروف ويكون أحد سطوحها مقسوماً بأقسام مستوية كم شئت بعد أن تكون مثل عدد رأس الجدي أو أكثر منه ثم أجعل النقطة الأولى التي منها بدأت من حرف المسطرة على نقطة مركز الدائرة وأقر حرف المسطرة على سمت ظل ساعة واحدة من ساعات الجدي إلى الجهة الواسعة من الرخامة واجعل ابتداء عدد السمت من نقطة المشرق في محيط الدائرة ثم تعد من أجزاء المسطرة من نقطة المركز بقدر ظل الساعة الواحدة وترسم عليه مع حرف المسطرة نقطة تكون علامة لظل ساعة ثم تفعل مثل ذلك لظل ساعتين وثلث وأربع وخمس إلى أن تنتهي إلى ست ساعات فترسم موقع الظل فيها على الخط الذي يقطع بين الشمال والجنوب إلى الناحية الواسعة وهو خط نصف النهار ثم تدير المسطرة على الربع الآخر الذي يلي خط نصف النهار فتفعل فيه كما فعلت في الربع الذي قبله حتى يقع ظل ساعة وساعتين وثلث وأربع وخمس عن جنبي خط نصف النهار من ناحية السعة من الرخامة في جهة المشرق والمغرب لأول الجدي وترسم على ظل كل ساعة نقطة ثم تفعل بسمت ساعات رأس السرطان مثل ذلك وتجعل ظلها في الجهة الأخرى الضيقة من الرخامة كما فعلت بساعات الجدي عن جنبي خط نصف النهار حتى يقع ظل آخر الساعة السادسة على خط نصف النهار. ومعلوم أن السمت إذا كان شمالياً كان إلى ما يلي الناحية الضيقة من الرخامة من خط ما بين المشرق والمغرب وإذا كان جنوبياً كان إلى ناحية السعة من هذا الخط ثم تصل ما بين النقط المرسومة للساعات التي لرأس السرطان ورأس الجدي بخطوط على استقامة تخرج من نقطة الساعة الواحدة من ساعات السرطان إلى نقطة الساعة الواحدة من ساعات الجدي وكذلك من نقطة ساعتين إلى نقطة ساعتين إلى تمام الخمس ساعات التي على جنبي خط نصف النهار. وكذلك أيضاً تصل بين نقط ساعات الجدي كلها بعضها ببعض وبين نقط ساعات السرطان بخطوط متعرضة في الرخامة تنتهي من كل الجهتين من نقطة الساعة الواحدة إلى السادسة المرسومة على خط نصف النهار وليكن موضع الظل مجازاً معلوماً من الرخامة لا يتجاوزه. ثم تقيم في مركز الدائرة التي في الرخامة مورياً من نحاس أو حديد مدوراً مخروطاً في الشهر محدود الرأس وتجعل ما يظهر منه فوق سطح الرخامة اثني عشر جزءاً من أجزاء مسطرتك التي أخذت بها أقدار الظل وتقرر هذا الموري بالمدوار في نواحي الدائرة إلى طرفه المحدد لتعلم صحة قيامه على المركز وتجعل موضع الثقب الذي تثقبه للموري في موضع المركز نافذاً إلى الجانب الآخر من الرخامة ليشتد طرف الموري الذي يدخل في الثقب من الجانب الآخر شداً محكماً لا يقلق به ولا يزول معه ثم تجعل ناحية السعة من الرخامة الناحية الشمالية منها والناحية الضيقة الناحية الجنوبية فتقع نقطة الشمال على خط نصف النهار بما يلي السعة ونقطة الجنوب على خط نصف النهار بما يلي الناحية الضيقة وتقع نقطة المشرق ونقطة المغرب على موضعها من الخط الذي يربع خط نصف النهار وهو ما بين المشرق والمغرب وتبتدئ بالساعات من ناحية المغرب في سعة الرخامة فتكتب الساعة الأولى والثانية والثالثة تحت كل نقطة من نقط ساعات الجدي إلى تمام الحادية عشرة ولا يتهيأ أن تعرف بالرخامة أكثر مما بين ساعة ماضية من النهار إلى تمام إحدى عشرة ساعة لامتداد الظل وطوله في طرفي النهار وإنه يحتاج إلى آلة عظيمة يقع عليها سطح الظل. وإن شئت أن تقسم فيما بين الساعات أنصافاً وأثلاثاً وأكثر وأقل فتعلم سمت كل كسر يقع بين تلك الساعات وظله فترسمه على حسب ما تريد فإن ذلك غير متعذر. فإذا فرغت من عمل الرخامة فاعمد إلى موضع ظاهر الأفق منذ ساعة من النهار إلى تمام إحدى عشرة ساعة فأدر فيه دائرة وتعرف فيها خط نصف النهار على الجهة المذكورة في صدر هذا الكتاب ثم اجعل خط نصف النهار المرسوم في الرخامة على سطح خط نصف النهار الذي عرفته بالدائرة منطبقاً عليه غير مائل ولا منحرف ليكون سمت الجنوب من الرخامة وهو الناحية الضيقة مواجهاً للجنوب من الخط على سمته فتصير لذلك الناحية الشمالية الواسعة على سمت خط نصف النهار بما يلي الشمال وليكن سطح الرخامة الأعلى موازياً بسطح الأفق موزوناً بالشاقول غير مائل إلى جهة من الجهات فمن موقع طرف ظل الموري على خطوط الساعات يعلم ما مضى من النهار من الساعات الزمانية في كل بلد عرضه مثل العرض الذي ملت عليه الرخامة. وقد يمكن أن تقوم نصب الرخامة بجهة أخرى وذلك بأن تعرف الارتفاع الذي لا ميل لسمته على الجهة التي شرحت لك في صدر الكتاب ثم ترصد الارتفاع حتى إذا صار على قدر الارتفاع الذي عملت عليه أدرت الرخامة حتى يقع ظل الموري على خط ما بين المشرق والمغرب وإذا استوى ذلك فقد استوى نصب الرخامة بعد أن يكون وجهها موزوناً غير مائل. فإن شئت ان تعرف ارتفاع ساعة أو ساعتين أو ثلث فإذا عرفته بالحساب رصدت الظل فإذا صار على مثل ذلك الارتفاع الذي أردت أدرت الرخامة حتى يقع ظل الموري على خط الساعة التي عرفت الارتفاع فيها ويتهيأ أيضاً أن تعرف سمت ذلك الارتفاع الذي تريد فترصد الارتفاع فإذا صار مثل الارتفاع الذي عرفت سمته أدرت الرخامة حتى يقع ظل الموري على مقدار سمت ذلك الارتفاع من الدائرة المرسومة فإن لم يبلغ الظل محيط الدائرة شددت في أصل الموري خيطاً رقيقاً ومددته على مقدار السمت من حد المشرق أو المغرب في الجهة التي يكون فيها وقت الرصد ثم تدير الرخامة حتى يقع وسط ظل الموري على ذلك الخيط فتستوي الرخامة ويقع خط الساعة السادسة موازناً لخط نصف النهار على سمته إن شاء الله. وإن أردت أن تعرف سمت مكة الذي هو سمت القبلة للصلاة من هذا الباب فتخرج عليه خطاً من مركز الدائرة فيكون ذلك الخط هو سمت القبلة في ذلك البلد فاعرف عرض البلد الذي أنت فيه وعرض مكة واعرف جهة مكة المحروسة من ذلك البلد في الشمال كان منها أو في الجنوب واعرف طول مكة وطول المدينة فانقص أقلهما من أكثرهما حتى تعرف مقدار ما بينما في الطول وأين موضع مكة من تلك المدينة فيما يلي المشرق هو أو فيما يلي المغرب وذلك أنه إذا كان طول مكة أكثر من طول المدينة المرسوم في جداول عروض المدن وأطوالها فإن مكة شرقي المدينة وإن كان أقل فإن مكة غربي المدينة ثم ضع طرف المسطرة على عدد العرض الذي بينهما وابدأ به من خط المشرق إلى الجهة التي فيها مكة في العرض وكذلك من خط المغرب إلى تلك الجهة في محيط الدائرة حتى يجوز حرف المسطرة على مثل العرض الذي بينهما وخط مع حرف المسطرة خطاً يصل بين العلامة الشرقية والغربية وخذ أيضاً فضل ما بينهما في الطول فعد مثله في محيط الدائرة من خط نصف النهار إلى الناحية التي فيها مكة في الطول مما يلي الجنوب من محيط الدائرة وعد مثله أيضاً في محيطها الذي يلي الشمال وضع حرف المسطرة على العلامتين وتخط مع حرفها خطاً مستقيماً فحيث تقاطع هذان الخطان فهو موضع مكة في سمتها من ذلك البلد فضع حرف المسطرة على مركز الدائرة وعلى موضع التقاطع وخط عليه خطاً مستقيماً تنفذه في الرخامة إلى ما يلي محيط الدائرة الجنوبي فذلك الخط هو سمت القبلة في ذلك البلد. وإن أردت أن تعلم مقدار سمت القبلة حساباً فخذ وتر ما بين البلدين في الطول ووتر ما بينهما في العرض فاضرب كل واحد منهما في نفسه واجمعهما وخذ جذر ما اجتمع فما خرج فهو قطر المثلث الذي يوتر الزاوية القائمة وهو بعد ما بين مركز الدائرة وموضع التقاطع الحادث من تقاطع خطي الطول والعرض في محيط الدائرة فاحفظه ثم عد إلى وتر ما بين البلدين في العرض فاضربه في نصف القطر واقسمه على قطر المثلثة فما بلغ فقوسه فما بلغت القوس فهو سمت مكة فعد مثله في محيط الدائرة من نقطة سمت المشرق أو المغرب بحسب موضع مكة من ذلك البلد في الطول إلى ناحية مكة التي هي فيها في العرض فحيث بلغ فتعلم عليه علامة في محيط الدائرة وأخرج خطاً مستقيماً من مركز الدائرة إلى تلك العلامة فذلك الخط هو سمت مكة من ذلك البلد.

وعلى نحو قسمة هذين الربعين تقسم الربعين الباقيين إن شاء اللهقال تتخذ رخامة واسعة مربعة مستطيلة وترسم على أطرافها ا ب ج د وتتخذ في ثلثي عرضها ووسط طولها مركزاً عليه علامة ه وتدير عليه دائرة وتربعها بخطين يتقاطعان على زوايا قائمة وتنفذهما إلى أطراف الرخامة وتجعل الخط الواحد الأطول الذي يمتد في طول الرخامة خط ما بين المشرق والمغرب والخط الأصغر الذي يمتد في عرض الرخامة خط ما بين الشمال والجنوب وترسم على أطراف الخطوط جهات الأفق وتجعل ابتداء السمت في محيط الدائرة نقطتي المشرق والمغرب من الخط الأطول فما كان منه جنوبياً عددناه إلى جهة الشمال وما كان منه شمالياً عددناه إلى جهة الجنوب وبعد أن نقسم كل ربع من الدائرة بتسعين جزءاً بسواد أو بحمرة لكيلا يؤثر في وجه الرخامة أثراً باقياً وكذلك الدائرة أيضاً فأما قطري الدائرة وهما الخطان المذكوران فإننا نخطها بحفر يبقى أثره في سطح الرخامة ونرسم على كل سمت من سموت ساعات السرطان علامة م وعلى سمت كل ساعة من ساعات الجدي علامة ل وعلى موضع ظل كل ساعة ما يعلم به عددها ونبتدئ به من ناحية المغرب ونصل بين النقط في طول الرخامة وعرضها الخطوط بين شكل الساعات وظلها فيهما ونجعل مكة في ناحية المشرق والجنوب ونرسم على القوس التي بينهما في العرض م ك ونأخذ بقدرها من جانب المغرب ونخرج على علامتي ك خطاً موازياً لخط المشرق والمغرب ونرسم على قوس ما بينهما ن ض وعلى موضع تقاطع الخطين لا ونخرج خط ه لا ع وهو سمت مكة ونجعل طول الموري من علامة ه وهو خط ه س الظاهر وتجعله قائماً على مركز ه وذلك ما أردنا أن نبين. وقد جعلنا جداول لسمت ساعات الجدي والسرطان وظلها وارتفاعها حيث يكون العرض لو درجة. وأما عمل الرخامة القائمة التي يواجه سطحها القائم جهة الجنوب فإنه على هذا العمل في السمت وإنما تتغير الآظلال فقط على جهة ما وصفنا في معرفة الظل القائم فإذا فرغت من الرخامة على أقدار الظل القائم ثم جعلت وجه الرخامة قائماً على ط المشرق والمغرب صار وجه الرخامة نحو الجنوب معترضاً فيما بين المشرق والمغرب وتكون ناحية السعة إلى ما يلي الأرض والناحية الضيقة إلى ما يلي العلو ومعلوم أن الظل الأطول في الرخامة في رأس السرطان وأقصره في رأس الجدي وليكن الموري أيضاً اثني عشر جزءاً من أجزاء المسطرة التي إليها قياس الظل فمن موقع طرف الظل على خطوط الساعات تعلم كل ما يمضي من النهار من الساعات الزمانية وقد تعرف الساعات بأنحاء كثيرة وآلات مختلفة وهاتان الآلتان أصح ما عملت به وأسلمه في المعرفة إن شاء الله.