خطبة المؤلف (نبذة عن الكتاب)

خطبة المؤلف (نبذة عن الكتاب)
أما بعد حمد لله الذي خلق ورزق، وأنطق ووفق، والصلاة على محمد رسول الله، الذي اصلح وأوضح، ونصح وأفصح، وعلى آله الكرام وصحبه والسلام، ثم ذكر فرد الدهر، وبدر الأرض، وبحر الفضل، وعين الكرم المحض، الشيخ السيد أبي الحسن محمد بن عيسى الكرجي، أدام الله علوه، الذي ملك القلوب بفضائله وفواصله، وسحر القلوب بمحاسنه وخصائصه، وجمع الأهواء المتفرقة على محبته، وألّف الآراء المشتتة في مودته، فأن هذا الكتاب (ألفته وصنفته برسمه، وشنفته وشرفته باسمه، و أودعته لمعاً من غرر البلغاء ونكت الشعراء في تحسين القبيح وتقبيح الحسن. إذ هما غايتا البراعة، والقدرة على جزل الكلام في سر البلاغة، وسحر الصناعة. (وما أراني سبقت إلى مثله في طرائف المؤلفات وبدائع المصنفات). وحين ارتفع غريباً في فنه، بديعاً في حسنه، خدمت به خزانة كتبه، عمرها الله تعالى بدوام ذكره.

وإني حين أخدمها بكتبي ... كمن يهدي الخضاب إلى الشباب

وينقل الفقه إلى الشافعي، والشعر إلى البحتري. ولكن لي أسوة فيمن يقول:

لا تنكرن إذا أهديت نحوك من ... علومك الغر، أو آدابك النتفا
فقيم الباغ قد يهدي لمالكه ... برسم خدمته من باغه التحفا

والله تعالى أسأل أن يقر به عينه، ويشرح صدره، ويعرفه من بركاته أضعاف ما فيه من الحروف بالألوف، وأن يحسن إمتاعه بهلال قمره، وغصن شجرة أبي المجد عبد القادر، ويبلغه فيه مناه في شبابه، مشفاً على ذروة ما ينهم به، وفي شيخوخته بالغاً أقصى همته:

ويدوم حتى يستضيء برأيه ... ويرى الكهول الشيب من أولاده
وهذا حين استفتاح أبواب الكتاب. والله الموفق للصواب.