باب الراء والألف

رأب

رَأَبَ إذا أَصْلَحَ. ورَأَبَ الصَّدْعَ والإِناءَ يَرْأَبُه رَأْباً ورَأْبةً: شَعَبَه، وأَصْلَحَه؛ قال الشاعر:

يَرْأَبُ الصَّدْعَ والثَّأْيَ برَصِينٍ،

 

مِنْ سَجَـايا آرائِه، ويَغِـيرُ

الثَّأَى: الفسادُ، أَي يُصْلِحُه. ويَغِيرُ: يَمير؛ وقال الفرزدق:

وإِنيَ مِنْ قَوْمٍ بِهِم يُتَّقَى الـعِـدَا،

 

ورَأْبُ الثَّأَى، والجانِبُ المُتَخَوَّفُ

أَرادَ: وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى، فحذف الباءَ لتَقَدُّمها في قوله بِهِم تُتَّقَى العِدَا، وإِن كانت حالاهما مُخْتَلِفَتَيْن، أَلا ترى أَن الباءَ في قوله بِهِم يُتَّقى العِدا منصوبةُ الموضِع، لتَعَلُّقِها بالفِعْلِ الظاهِرِ الذي هو يُتَّقَى، كقولك بالسَّيْفِ يَضْرِبُ زَيْدٌ، والباءُ في قوله وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى، مرفوعةُ الموضِع عند قَوْمٍ، وعلى كلِّ حال فهي متعَلِّقَة بمحذوف، ورافعة الرأْب.
والمِرْأَبُ: المشْعَبُ. ورجلٌ مِرْأَبٌ ورَأّابٌ: إذا كان يَشْعَب صُدوعَ الأَقْداحِ، ويُصْلِحُ بينَ القَوْم؛ وقَوْمٌ مَرائِيبُ؛ قال الطرماح يصف قوماً:

نُصُرٌ للذَّلِيلِ في نَدْوَةِ الحيِّ،

 

مَرائِيبُ للثَّأَى المُنْهـاضِ

وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه، يَصِفُ أَبا بكر، رضي اللّه عنه: كُنْتَ لِلدِّين رَأّاباً. الرَّأْبُ: الجمعُ والشَّدُّ. ورَأَبَ الشيءَ إذا جَمَعه وشَدَّه برِفْقٍ. وفي حديث عائشة تَصف أَباها، رضي اللّه عنهما: يَرْأَبُ شَعْبَها؛ وفي حديثها الآخر: ورَأَبَ الثَّأَى أَي أَصْلَحَ الفاسِدَ، وجَبَر الوَهْيَ. وفي حديث أُمِّ سلمة لعائشة، رضي اللّه عنهما: لا يُرْأَبُ بهنَّ إِن صَدَعَ. قال ابن الأَثير، قال القُتَيْبي: الرواية صَدَعَ، فإِن كان محفوظاً، فإِنه يقال صَدَعْت الزُّجاجة فصَدَعَت، كما يقال جَبَرْت العَظْمَ فَجَبرَ، وإِلاّ فإِنه صُدِعَ، أَو انْصَدَعَ. ورَأَبَ بين القَوْمِ يَرْأَبُ رَأْباً: أَصلحَ ما بَيْنَهم. وكُلُّ ما أَصْلَحْتَه، فقد رَأَبْتَه؛ ومنه قولهم: اللهم ارْأَبْ بينَهم أَي أَصلِحْ؛ قال كعب بن زهير:

طَعَنَّا طَعْنَةً حَمْراءَ فِيهِمْ،

 

حَرامٌ رَأْبُها حتى المَمَاتِ

وكلُّ صَدعٍ لأَمْتَه، فقد رأَبْتَه.
والرُّؤْبةُ: القِطْعَةُ تُدْخَل في الإِناءِ لِيُرْأَب. والرُّؤْبةُ: الرُّقْعة التي يُرْقَعُ بها الرَّحْلُ إذا كُسِرَ. والرُّؤْبةُ، مهموزةٌ: ما تُسَدُّ به الثَّلْمة؛ قال طُفَيْل الغَنَوِي:

لَعَمْرِي، لقد خَلَّى ابنُ جندع ثُلْمةً،

 

ومِنْ أَينَ إِن لم يَرْأَب اللّهُ تُرأَبُ؟

قال يعقوب: هو مثلُ لقد خَلَّى ابنُ خيدع ثُلْمةً. قال: وخَيْدَعُ هي امرأَة، وهي أُمُّ يَرْبُوعَ؛ يقول: من أَين تُسَدُّ تلك الثُّلْمةُ، إِن لم يَسُدَّها اللّهُ؟ ورُؤْبةُ: اسمُ رجل. والرُّؤْبة: القِطْعة من الخَشَب يُشْعَب بها الإِناءُ، ويُسَدُّ بها ثُلْمة الجَفْنة، والجمعُ رِئابٌ.
وبه سُمِّيَ رُؤْبة بن العَجَّاج بن رؤْبة؛ قال أُميَّة يصف السماءَ:

سَراةُ صَلابةٍ خَلْقاءَ، صِيغَتْ،

 

تُزِلُّ الشمسَ، ليس لها رِئابُ

أَي صُدُوعٌ. وهذا رِئابٌ قد جاءَ، وهو مهموزٌ: اسم رجُلٍ.
التهذيب: الرُّؤْبةُ الخَشَبة التي يُرْأَبُ بها المشَقَّر، وهو القَدَحُ الكبيرُ من الخَشَب. والرُّؤْبةُ: القِطْعة من الحَجَر تُرْأَب بها البُرْمة، وتُصْلَحُ بها.

رأبل

الرِّئْبالُ: من أَسماء الأَسد والذئب، يهمز ولا يهمز مثل حَلأْتُ السَّوِيقَ وحَلَّيْتُ، والجمع الرَّآبيل؛ قال ابن بري: وليس حرف اللين فيه بدلاً من الهمزة؛ قال ابن سيده: وإِنما قضيت على رِئبال المهموز أَنه رباعي على كثرة زيادة الهمزة من جهة قولهم في هذا المعنى رِيبال، بغير همز، وذلك أَن ريبالاً بغير همز لا يخلو من أَن يكون فِيعالاً أَو فِعْلالاً، فلا يكون فِيعالاً لأَنه من أَبنية المصادر، ولا فِعْلالاً وياؤُه أَصل لأَن الياء لا تكون أَصلاً في بنات الأَربعة، فثبت من ذلك أَن رِئبالاً فِعلال، همزته أَصل بدليل قولهم خرجوا يَتَرَأْبَلُون، وأَن ريبالاً مخفف عنه تخفيفاً بدليّاً، وإِنما قَضَينا على تخفيف همزة ريبال أَنه بدليّ لقول بعض العرب يصف رجلاً: هو لَيْثٌ أَبو رَيابِل، وإِنما قال ريابل ولم يقل رَيابيل لأَن بعده عَسَّافُ مَجاهِل. وحكى أَبو علي: ريابيل العرب للُصوصِهم، فإِن قلت: فإِن رِئبالاً فِئعال لكثرة زيادة الهمزة، وقد قالوا تَرَبَّل لحمه، قلنا إِن فِئعالاً في الأَسماء عدم، ولا يسوغ الحمل على باب إِنْقَحْلٍ ما وُجِد عنه مندوحة، وأَمّا تربَّل لحمه مع قولهم رِئبال فمن باب سِبَطْرٍ، إِنما هو في معنى سَبْطٍ وليس من لفظه، ولأْآل للذي يَبِيع اللُّؤْلُؤ فيه بعض حروفه وليس منه، ولا يجب أَن يُحمل قولهم يَتَرأْبلون على باب تَمَسْكَن وتَمَدْرَعَ وخرجوا يَتَمغْفَرُون لقلة ذلك؛ وقال بعضهم: همزة رِئبال بدل من ياء. وفي حديث ابن أُنَيْس: كأَنه الرِّئبال الهَصُور أَي الأَسد، والجمع الرَّآبل والرَّيابِيلُ، على الهمز وتركه. وذئب رِئْبالٌ ولِصٌّ رِئبال: وهو من الجُرْأَة. وتَرَأْبَلُوا: تَلَصَّصُوا. وخرجوا يَتَرأْبَلُون إذا غزَوْا على أَرجلهم وحدهم بلا والٍ عليهم؛ وفَعل ذلك من رَأْبَلَتِه وخُبْثِه. وتَرَأْبَلَ تَرَأْبُلاً ورَأْبَلَ رَأْبَلةً، وفلان يَتَرأْبَلُ أَي يُغِير على الناس ويَفعل فِعْل الأَسد؛ وقال أَبو سعيد: يجوز فيه ترك الهمز؛ وأَنشد لجرير:

رَيابِيل البلادِ يَخَفْنَ منِّـي

 

وحَيّةُ أَرْيَحاء ليَ اسْتَجابا

قال ابن بري: البيت في شعر جرير:

شَياطِينُ البلاد يَخَفْن زَأْرِي

وأَريحاء: بيت المَقْدِس قال: ومثله للنُّمَيري:

ويلقى كما كُنّا يداً في قتالنـا

 

رَيابِيل، ما فينا كَهامٌ ولا نِكْسُ

ابن سيده: وقيل الرِّئْبال الذي تلده أُمه وحده.
وفعل ذلك من رَأْبَلته وخُبثه، والرَّأْبَلة: أَن يمشي الرجل مُتكفِّئاً في جانبيه كأَنه يَتَوَجَّى.

رأد

غُصن رَؤودٌ: وهو أَرطب ما يكون وأَرخصه، وقد رَؤُدَ وتَرَأَّدَ وقيل: تَرَؤُّدُه تَفَيُّؤه وتذبُّله وتراؤده، كقولك تَواعُدُه: تميُّلُه وتميُّحه يميناً وشمالاً. والرَّأْدَةُ، بالهمز، والرُّؤْدَة والرؤْدَةُ، على وزن فَعُولة: كله الشابة السريعة الشباب مع حسن غذاء وهي الرؤْدُ أَيضاً، والجمع أَرآد.
وتَرَأَّدَت الجارية تَرَؤُّداً: وهو تثنيها من النعمة. والمرأَة الرَّؤُود: الشابة الحسنة الشباب. وامرأَة رَادة: في معنى رُؤْد. والجارية الممشوقة قد تَرَأَدُ في مشيها، ويقال للغصن الذي نبت من سنته أَرطب ما يكون وأَرخصه: رُؤْدٌ، والواحدة رُؤْدَةٌ، وسميت الجارية الشابة رُؤْداً تشبيهاً به. الجوهري: الرأْدُ والرُّؤْدُ من النساء الشابة الحسنة؛ قال أَبو زيد: هما مهموزان، ويقال أَيضاً: رَأْدَة ورُؤْدَةٌ.
والتَّرؤُّد: الاهتزاز من النعمة، تقول منه: تَرَأَدَ وارْتَأَدَ بمعنى: والرِّئْدُ: التِّرْبُ، يقال: هو رِئْدُها أَي تِرْبُها، والجمع أَرْآد؛ وقال كثير فلم يهمز:

وقد دَرَّعُوها وهي ذاتُ مؤَصَّـد

 

مَجُوبٍ، ولمَّا يَلْبَسِ الدِّرْعَ رِيدُها

والرِّئْدُ: فَرْخُ الشجرة، وقيل: هو ما لان في أَغصانها، والجمع رِئْدانٌ، ورِئْدُ الرجل: تِرْبُه وكذلك الأُنثى وأَكثر ما يكون في الإِناث؛ قال:

قالت سُلَيمى قَوْلةً لِرِيدِها

أَراد الهمزه فخفف وأَبدل طلباً للرِّدف والجمع أَرْآدٌ، والرَّأْدُ: رونق الضحى، وقيل: هو بعد انبساط الشمس وارتفاع النهار، وقد تَراءَدَ وتَرَأْدَ؛ وقيل: رَأْدُ الضحى ارتفاعه حين يعلو النهار، أَو الأَكثر: أَن يمضي من النهار خُمسه، وفَوْعَةُ النهار بعد الرَّأْدِ، وأَتيته غُدْوَةَ غير مُجْرىً ما بين صلاة الغداة إِلى طلوع الشمس وبكرةَ نحوها، وجاءَنا حَدَّ الظهيرة: وقتها، وعندها أَي عند حضورها، ونحْرُ الظهيرة: أَوَّلها، وقال الليث: الرَّأْدُ رأْدُ الضحى وهو ارتفاعها؛ يقال: تَرَجَّلَ رَأْدَ الضحى، وترَأَّدَ كذلك، والرَّأْدُ والرُّؤْدُ أَيضاً رَأْدُ اللَّحْيِ وهو أَصل اللَّحْيِ الناتئ تحت الأُذن؛ وقيل: أَصل الأَضراس في اللَّحْيِ، وقيل: الرَّأْدانِ طَرَفا اللَّحْيَينِ الدقيقان اللذان في أَعلاهما وهما المحدَّدانِ الأَحْجَنانِ المعلقان في خُرْتَينِ دون الأُذنين؛ وقيل:طرفُ كل غضن رُؤْدٌ والجمع أَرآد وأَرَائد نادر، وليس بجمع جمع إِذ لو كان ذلك لقيل أَرائيد؛ أَنشد ثعلب:

ترى شؤُونَ رأْسه العَوارِدا:

 

لخَطْمَ واللَّحـيين والأَرائدا

والرُّؤْدُ: التُّؤَدَةُ؛ قال:

كأَنه ثَمِلٌ يمشي على رُودِ

احتاج إِلى الردف فخفف همزة الرؤْد، ومن جعله تكبير رُوَيْد لم يجعل أَصله الهمز؛ ورواه أَبو عبيد:

كأَنها مِثلُ من يمشي على رُود

فقلب ثمل وغير بناءَه؛ قال ابن سيده: وهو خطأٌ، وترَأْدَ الرجل في قيامه تَرَؤُّداً: قام فأَخذته رِعْدَةٌ في قيامه حتى يقوم، وترأَّدت الحية: اهتزت في انسيابها؛ وأَنشد:

كأَنَّ زمامها أَيمٌ شُجـاع،

 

تَرَأَّدَ في غُصونٍ مُغْطَئِلَّه

وتَرَأَّدَ الشيءُ: التوى فذهب وجاءَ، وقد تَرَأَّدَ إذا تفيأَ وتثنى، وتَرَأَّدَ وتَمايحَ إذا تميَّل يميناً وشمالاً، والرِّئْدُ: التِّرب، وربما لم يهمز وسنذكره في ريد.
ربد: الرُّبْدَةُ: الغُبرة؛ وقيل: لون إِلى الغبرة، وقيل: الرُّبْدَةُ والرُّبْدُ في النعام سواد مختلط، وقيل هو أَن يكون لونها كله سواداً؛ عن اللحياني، ظليم أَرْبَدُ ونعامة ربداءُ ورَمْداءُ: لونها كلون الرماد والجمع رُبْدٌ؛ وقال اللحياني: الرَّبداءُ السوداء؛ وقال مرة: هي التي في سوادها نقط بيض أَو حمر؛ وقد ارْبَدَّ ارْبِداداً. ورَبَّدَتِ الشاة ورَمَّدَت وذلك إذا أَضرعت فترى في ضرعها لُمَعَ سوادٍ وبياض، وترَبَّدَ ضرعها إذا رأَيت فيه لُمَعاً من سواد ببياض خفي. والرَّبْداءُ من المعزى: السوادءُ المنقطة بحمرة وهي المنقطة الموسومة موضعَ النِّطاق منها بحمرة، وهي من شِيَاتِ المعز خاصة، وشاة ربداء: منقطة بحمرة وبياض أَو سواد.
وارْبَدَّ وجهه وتَرَبَّدَ: احمرَّ حمرة فيها سواد عند الغضب، والرُّبْدَةُ: غُبرة في الشفة؛ يقال: امرأَة رَبْداءُ ورجل أَرْبَدُ، ويقال للظليم:الأَرْيَدُ للونه.
والرُّبْدَةُ والرُّمْدَة: شبه الورقة تضرب إِلى السواد، وفي حديث حذيفة حين ذكر الفتنة: أَيُّ قلب أُشرِبَها صار مُرْبَدّاً، وفي رواية: مُرْبادّاً، هما من ارْبَدَّ وارْبادَّ وتَرَبَّد؛ ارْبِدادُ القلب من حيث المعنى لا الصورة، فإِن لون القلب إِلى السواد ما هو، قال أَبو عبيدة: الرُّبْدَةُ لَون بين السواد والغبرة، ومنه قيل للنعام: رِبْدٌ جمع رَبْداءَ.
وقال أَبو عدنان: المُرَبَّد المُوَلَّع بسواد وبياض، وقال ابن شميل: لما رآني تَرَبَّد لونه، وتربُّده: تلونه، تراه أَحمر مرة ومرة أَخضر ومرة أَصفر، ويَترَبَّد لونه من الغضب أَي يتلوّن، والضرع يتربد لونه إذا صار فيه لُمَعٌ؛ وأَنشد الليث في تَرَبَّدَ الضرع:

إِذا والد منها تَرَبَّد ضَرعُـهـا،

 

جعلتُ لها السكينَ إِحدى القلائد

وتَرَبَّد وجهه أَي تغير من الغضب، وقيل: صار كلون الرماد، ويقال ارْبَدَّ لونه كما يقال احمرَّ واحمارّ، وإِذا غضب الإِنسان تَرَبَّد وجهه كأَنه يسودّ منه مواضع، وارْبَدَّ وجهه وارْمَدَّ إذا تغير، وداهية رَبْداءُ أَي منكرة، وتَرَبَّد الرجل: تَعَبَّس، وفي الحديث: كان إذا نزل عليه الوحي ارْبَدَّ وجهه أَي تغير إِلى الغُبرة؛ وقيل: الرُّبْدة لون من السواد والغبرة، وفي حديث عمرو بن العاص: أَنه قام من عند عمر مُرْبَدَّ الوجه في كلام أُسمعه، وترَبَّدت السماءُ: تغيمت.
والأَرْبَدُ: ضرب من الحيات خبيث، وقيل: ضرب من الحيات يَعَضُّ الإِبل.
وَرَبدَ الإِبل يَرْبُدُها رَبْداً: حبسها، والمِرْبَدُ: مَحْبِسُها، وقيل: هي خشبة أَو عصا تعترض صدور الإِبل فتمنعها عن الخروج؛ قال:

عواصِيَ إِلاَّ ما جعلْـتُ وراءَهـا

 

عَصَا مِرْبَدٍ، تَغْشَى نُحوراً وأَذْرُعا

قيل: يعني بالمريد ههنا عصا جعلها معترضة على الباب تمنع الإِبل من الخروج، سماها مربداً لهذا؛ قال أَبو منصور: وقد أَنكر غيره ما قال، وقال: أَراد عصا معترضة على باب المربد فأَضاف العصا المعترضة إِلى المربد ليس أَن العصا مربد.
وقال غيره: الرَّبْد الحبس، والرابد: الخازن، والرابدة: الخازنة، والمِربد: الموضع الذي تحبس فيه الإِبل وغيرها.
وفي حديث صالح بن عبد الله بن الزبير: أَنه كان يعمل رَبَداً بمكة.
الربد، بفتح الباء: الطين، والرَّبَّادُ: الطيَّان أَي بناءٌ من طين كالسِّكْر، قال: ويجوز أَن يكون من الرَّبْد الحبس لأَنه يحبس الماءَ ويروى بالزاي والنون، وسيأْتي ذكره؛ ومِرْبَد البصرة: مِن ذلك سمي لأَنهم كانوا يحبسون فيه الإِبل؛ وقول الفرزدق:

عَشِيَّةَ سال المِرْبَدان، كلاهمـا،

 

عَجاجَة مَوْتٍ بالسيوفِ الصوارم

فإِنما سماه مجازاً لما يتصل به من مجاوره، ثم إِنه مع ذلك أَكده وإِن كان مجازاً، وقد يجوز أَن يكون سمي كل واحد من جانبيه مربداً. وقال الجوهري في بيت الفرزدق: إِنه عنى به سكة المربد بالبصرة، والسكة التي تليها من ناحية بني تميم جعلهما المربدين، كما يقال الأَحْوصان وهما الأَحْوص وعوف بن الأَحوص. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَن مسجده كان مِرْبَداً ليتيمين في حَجْر معاذ بن عَفْراء، فجعله للمسلمين فبناه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مسجداً. قال الأَصمعي: المِرْبد كل شيء حبست به الإِبل والغنم، ولهذا قيل مِرْبد النعم الذي بالمدينة، وبه سمي مِرْبَد البصرة، إِنما كان موضع سوف الإِبل وكذلك كل ما كان من غير هذه المواضع أَيضاً إذا حُبست به الإِبل، وهو بكسر الميم وفتح الباء، من رَبَد بالمكان إذا أَقام فيه؛ وفي الحديث: أَنه تَيَمَّمَ بِمِرْبد الغنم. ورَبَدَ بالمكان يَرْبُدُ ربوداً إذا أَقام به؛ وقال ابن الأَعرابي: ربده حبسه. والمِرْبد: فضاء وراء البيوت يرتفق به. والمِرْبد: كالحُجرة في الدار. ومِرْبد التمر: جَرِينه الذي يوضع فيه بعد الجداد لييبس؛ قال سيببويه: هو اسم كالمَطْبَخ وإِنما مثله به لأَن الطبخ تيبيس؛ قال أَبو عبيد: والمربد أَيضاً موضع التمر مثل الجرين، فالمربد بلغة أَهل الحجاز والجرين لهم أَيضاً، والأَنْدَر لأَهل الشام، والبَيْدَر لأَهل العراق؛ قال الجوهري: وأَهل المدينة يسمون الموضع الذي يجفف فيه التمر لينشف مربداً، وهو المِسْطَح والجرين في لغة أَهل نجد، والمربد للتمر كالبيدَر للحنطة؛ وفي الحديث: حتى يقوم أَبو لبابة يسد ثعلب مِربده بإِزاره؛ يعني موضع تمره.
ورَبد الرجلُ إذا كنز التمر في الربائد وهو الكراحات وتمر رَبِيد: نُضِّدَ في الجرار أَو في الحُب ثم نضح بالماء.
والرُّبَد: فِرِنحد السيف. ورُبْد السيف: فرنده، هذلية؛ قال صخر الغي:

وصارِمٍ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه،

 

أَبيضَ مَهْوٍ، في مَتْنِهِ رُبَد

وسيف ذو رُبَد، بفتح الباء، إذا كنت ترى فيه شبه غبار أَو مَدَبّ نمل يكون في جوهره، وأَنشد بيت صخر الغي الهذلي وقال: الخشيبة الطبيعة أَخلصتها المداوس والصقل. ومهو: رقيق.
وأَربَدَ الرجل: أَفسد ماله ومتاعه.
وأَرْبَد: اسم رجل. وأَربد بن ربيعة: أَخو لبيد الشاعر. والرُّبيدان:نبت.

رأرأ

الرَّأْرأَةُ: تحرِيكُ الحَدَقةِ وتَحْدِيدُ النَّظَر. يقال: رَأْرَأَ رَأْرَأَةً. ورجلٌ رَأْرَأُ العَيْن، على فَعْلَلٍ، ورَأْراءُ العين، المدُّ عن كراع: يُكْثِرُ تَقْلِيبَ حدَقَتَيْه. وهو يُرَأْرِئ بعينيه.
ورَأْرَأَتْ عيناه إذا كان يُديرُهما.
ورَأْرَأَتِ المرأَةُ بعينِها: بَرَّقَتْها. وامرأَةٌ رَأْرَأَةٌ ورَأْرأ ورأْراءٌ. التهذيب: رجل رَأْرَأ وامْرأَةٌ رأْراءٌ بغير هاءٍ، ممدود.
وقال:

شِنظِيرةُ الأَخْلاقِ رَأْراءُ العَيْنْ

ويقال: الرَّأْرَأةُ: تَقْلِيبُ الهَجُولِ عَيْنَيْها لطالِبِها.
يقال: رَأْرَأَتْ، وجَحَظَتْ، ومَرْمَشَتْ بعينيها. ورأَيته جاحِظاً مِرْماشاً.
ورأْرَأَتِ الظِّباءُ بأَذْنابها ولأْلأَتْ إذا بَصْبَصَتْ.
والرَّأْراءُ: أُخْت تَمِيم بنِ مُرٍّ، سميت بذلك، وأَدخلوا الأَلف واللام لأَنهم جعلوها الشيءَ بعَيْنِه كالحَرِث والعباس.
ورَأْرَأَتِ المرأَةُ: نظرَتْ في المِرْآةِ. ورَأْرَأَ السَّحابُ: لمَعَ، وهو دون اللَّمْحِ بالبصر. ورَأْرَأَ بالغنمِ رَأْرأَةً: مثل رَعْرَعَ رَعْرَعةً، وطَرْطَبَ بها طَرطَبةً: دعاها، فقال لها: أَرْ أَرْ. وقيل: إرْ، وإنما قياسُ هذا أَن يقال فيه: أَرْأَرَ، إلا أَن يكون شاذاً أَو مقلوباً. زاد الأَزهريّ: وهذا في الضأْن والمعز. قال: والرَّأْرأَةُ إشلاؤُكَها إلى الماء، والطَرْطَبةُ بالشفتين.

رأز

الرَّأْزُ: من آلات البنائين، والجمع رَأْزَةٌ؛ قال ابن سيده: هذا قول أَهل اللغة، قال: وعندي اسم للجمع.
ربز: التهذيب: أبو زيد الربيز والرميز من الرجال العاقل الثخين، وقد ربز ربازة وأربزته إربازا. قال: ومنهم من يقول رميز، بالميم. وربز ربازة ورمز رمازة بمعنى واحد. وفلان ربيز ورميز إذا كان كثيرا في فنه، وهو مرتبز ومرتمز. وكبش ربيز أي مكتنز أعجز مثل ربيس.
وربز القرية وربسها: ملأها. وفي حديث عبد الله ابن بشر: جاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى داري فوضعنا له قطيفة ربيزة أي ضخمة، من قولهم: كيس ربيز وصرة ربيزة.
رجز: الرجز: داء يصيب الإبل في أعجازها. والرجز: أن تضطرب رجل البعير أو فخذاه إذا أراد القيام أو ثار ساعة ثم تنبسط. والرجز: ارتعاد يصيب البعير والناقة في أفخاذهما ومؤخرهما عند القيام، وقد رجز رجزا، وهو أرجز، والأنثى رجزاء، وقيل: ناقة رجزاء ضعيفة العجز إذا نهضت من مبركها لم تستقل إلا بعد نهضتين أو ثلاث، قال أوس بن حجر يهجو الحكم بن مروان بن زنباع:

هممت بخير ثم قصرت دونه

 

كما ناءت الرجزاء شد عقالها

منعت قليلا نفعه وحرمتنـي

 

قليلا فهبها بيعة لا تقالـهـا

ويروى: عثرة، وكان وعده بشيء ثم أخلفه، والذي في شعره: هممت بباع، وهو فعل خير يعطيه. قال: ومنه الحديث: يلحقني منكن أطولكن باعا، فلما ماتت زينب، رضي الله عنها، علمن أنها هي، يقول: لم تتم ما وعدت، كما أن الرجزاء أرادت النهوض فلم تكد تنهض إلا بعد ارتعاد شديد، ومنه سمي الرجز من الشعر لتقارب أجزائه وقلة حروفه، وقول الراعي يصف الأثافي:

ثلاث صلين النار شهرا وأرزمت

 

عليهن رجزاء القـيام هـدوج

يعني ريحا تهدج لها رزمة أي صوت. ويقال: أراد برجزاء القيام قدرا كبيرة ثقيلة. هدوج: سريعة الغليان، قال: وهذا هو الصواب، وقال أبو النجم:

حتى تقوم تكلف الرجزاء

ويقال للريح إذا كانت دائمة: إنها لرجزاء، وقد رجزت رجزا، والرجز: مصدر رجز يرجز، قال ابن سيده: والرجز شعر ابتداء أجزائه سببان ثم وتد، وهو وزن يسهل في السمع ويقع في النفس، ولذلك جاز أن يقع فيه المشطور وهو الذي ذهب شطره، والمنهوك وهو الذي قد ذهب منه أربعة أجزائه، وبقي جزآن نحو:

يا ليتني فيها جدع

 

أخب فيها وأضع

وقد اختلف فيه فزعم قوم أنه ليس بشعر وأن مجازه مجاز السجع، وهو عند الخليل شعر صحيح، ولو جاء منه شيء على جزء واحد لاحتمل الرجز ذلك لحسن بنائه. وفي التهذيب: وزعم الخليل أن الرجز ليس بشعر وإنما هو أنصاف أبيات وأثلاث، ودليل الخليل في ذلك ما روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

 

ويأتيك من لم تزود بالأخبـار

قال الخليل: لو كان نصف البيت شعرا ما جرى على لسان النبي، صلى الله عليه وسلم:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

وجاء بالنصف الثاني على غير تأليف الشعر، لأن نصف البيت لا يقال له شعر، ولا بيت، ولو جاز أن يقال لنصف البيت شعر لقيل لجزء منه شعر، وقد جرى على لسان النبي، صلى الله عليه وسلم: "أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب" قال بعضهم: إنما هو لا كذب بفتح الباء على الوصل، قال الخليل: فلو كان شعرا لم يجر على لسان النبي، صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وما علمناه الشعر وما ينبغي له، أي وما يتسهل له، قال الأخفش: قول الخليل إن هذه الأشياء شعر، قال: وأنا أقول إنها ليست بشعر، وذكر أنه هو ألزم الخليل ما ذكرنا وأن الخليل اعتقده. قال الأزهري: قول الخليل الذي كان بنى عليه أن الرجز شعر ومعنى قول الله عز وجل: وما علمناه الشعر وما ينبغي له، أي لم نعلمه الشعر فيقوله ويتدرب فيه حتى ينشئ منه كتبا، وليس في إنشاده، صلى الله عليه وسلم، البيت والبيتين لغيره ما يبطل هذا المعنى فيه إنا لم نجعله شاعرا، قال الخليل: الرجز المشطور والمنهوك ليسا من الشعر، قال: والمنهوك كقوله: أنا النبي لا كذب. والمشطور: الأنصاف المسجعة. وفي حديث الوليد بن المغيرة حين قالت قريش للنبي، صلى الله عليه وسلم: إنه شاعر، فقال: لقد عرفت الشعر ورجزه وهزجه وقريضه فما هو به. والرجز: بحر من بحور الشعر معروف ونوع من أنواعه يكون كل مصراع منه مفردا، وتسمى قصائده أراجيز، واحدتها أرجوزة، وهي كهيئة السجع إلا أنه في وزن الشعر، ويسمى قائله راجزا كما يسمى قائل بحور الشعر شاعرا. قال الحربي: ولم يبلغني أنه جرى على لسان النبي، صلى الله عليه وسلم، من ضروب الرجز إلا ضربان: المنهوك والمشطور، ولم يعدهما الخليل شعرا، فالمنهوك كقوله في رواية البراء إنه رأى النبي، صلى الله عليه وسلم، على بغلة بيضاء يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطل. والمشطور كقوله في رواية جندب: إنه، صلى الله عليه وسلم، دميت إصبعه فقال:"هل أنت إلا إصبع دميت؟ وفي سبيل الله ما لقيت" ويروى أن العجاج أنشد أبا هريرة:

ساقا بخنداة وكعبا أدرما

فقال: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يعجبه نحو هذا من الشعر. قال الحربي: فأما القصيدة فلم يبلغني أنه أنشد بيتا تاما على وزنه إنما كان ينشد الصدر أو العجز، فإن أنشده تاما لم يقمه على وزنه، إنما أنشد صدر بيت لبيد:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل

وسكت عن عجزه وهو:

وكل نعيم لا محالة زائل

وأنشد عجز بيت طرفة:

ويأتيك من لم تزود بالأخبار

وصدره:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

وأنشد:

أتجعل نهبي ونهب العبي

 

د بين الأقرع وعـيينة؟

فقال الناس: بين عيينة والأقرع، فأعادها: بين الأقرع وعيينة، فقام أبو بكر، رضي الله عنه، فقال: أشهد انك رسول الله! ثم قرأ: وما علمناه الشعر وما ينبغي له، قال: والرجز ليس بشعر عند أكثرهم. وقوله: أنا ابن عبد المطلب، لم يقله افتخارا به لأنه كان يكره الانتساب إلى الآباء الكفار، ألا تراه لما قال له الأعرابي: يا ابن عبد المطلب، قال: قد أجبتك؟ ولم يتلفظ بالإجابة كراهة منه لما دعاه به، حيث لم ينسبه إلى ما شرفه الله به من النبوة والرسالة، ولكنه أشار بقوله: أنا ابن عبد المطلب، إلى رؤيا كان رآها عبد المطلب كان مشهورة عندهم رأى تصديقها فذكرهم إياها بهذا القول. وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز، إنما سماه راجزا لأن الرجز أخف على لسان المنشد، واللسان به أسرع من القصيد. قال أبو إسحق. إنما سمي الرجز رجزا لأنه تتوالى فيه في أوله حركة وسكون ثم حركة وسكون إلى أن تنتهي أجزاؤه، يشبه بالرجز في رجل الناقة ورعدتها، وهو أن تتحرك وتسكن ثم تتحرك وتسكن، وقيل: سمي بذلك لاضطراب أجزائه وتقاربها، وقيل: لأنه صدور بلا أعجاز، وقال ابن جني: كل شعر تركب تركيب الرجز سمي رجزا، وقال الأخفش مرة: الرجز عند العرب كل ما كان ثلاثة أجزاء، وهو الذي يترنمون به في عملهم وسوقهم ويحدون به، قال ابن سيده: وقد روى بعض من أثق به نحو هذا عن الخليل، قال ابن جني: لم يحتفل الأخفش ههنا بما جاء من الرجز على جزأين نحو قوله: يا ليتني فيها جذع، قال: وهو لعمري، بالإضافة إلى ما جاء منه على ثلاثة أجزاء، جزء لا قدر له لقلته، فلذلك لم يذكره الأخفش في هذا الموضع، فإن قلت: فإن الأخفش لا يرى ما كان على جزأين شعرا، قيل: وكذلك لا يرى ما هو على ثلاثة أجزاء أيضا شعرا، ومع ذلك فقد ذكره الآن وسماه رجزا، ولم يذكر ما كان منه على جزأين وذلك لقلته لا غير، وإذا كان إنما سمي رجزا لاضطرابه تشبيها بالرجز في الناقة، وهو اضطرابها عند القيام، فما كان على جزأين فالاضطراب فيه أبلغ وأوكد، وهي الأرجوزة للواحدة، والجمع الأراجيز. رجز الراجز يرجز رجزا وارتجز الرجاز ارتجازا: قال أرجوزة. وتراجزوا وارتجزوا: تعاطوا بينهم الرجز، وهو رجاز ورجازة وراجز.
والارتجاز: صوت الرعد المتدارك. وارتجز الرعد ارتجازا إذا سمعت له صوتا متتابعا. وترجز السحاب إذا تحرك تحركا بطيئا لكثرة مائه، قال الراعي:

ورجافا تحن المـزن فـيه

 

ترجز من تهامة فاستطارا

وغيث مرتجز: ذو رعد، وكذلك مترجز، قال أبو صخر:

وما مترجز الآذي جـون

 

له حبك يطم على الجبال

المرتجز: اسم فرس سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سمي بذلك لجهارة صهيله وحسنه، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اشتراه من الأعرابي وشهد له خزيمة بن ثابت، ورد ذكره في الحديث. وتراجز القوم: تنازعوا.
والرجز: القذر مثل الرجس. والرجز: العذاب. والرجز والرجز: عبادة الأوثان، وقيل: هو الشرك ما كان تأويله أن من عبد غير الله تعالى فهو على ريب من أمره واضطراب من اعتقاده، كما قال سبحانه وتعالى: ومن الناس من يعبد الله على حرف، أي على شك وغير ثقة ولا مسكة ولا طمأنينة. وقوله تعالى: والرجز فاهجر، قال قوم: هو صنم وقو قول مجاهد، والله أعلم. قال أبو إسحق: قرئ والرجز والرجز، بالكسر والضم، ومعناهما واحد، وهوالعمل الذي يؤدي إلى العذاب، وقال عز من قائل: لئن كشفت عنا الجرز لنؤمنن لك، أي كشفت عنا العذاب. وقوله: رجزا من السماء، هو العذاب. وفي الحديث: أن معاذا، رضي الله عنه، أصابه الطاعون فقال عمرو بن العاص: لا أراه إلا رجزا وطوفانا، فقال معاذ: ليس برجز ولا طوفان، هو بكسر الراء، العذاب والإثم والذنب. ويقال في قوله: والرجز فاهجر، أي عبادة الأوثان. وأصل الرجز في اللغة: تتابع الحركات، ومن ذلك قولهم: ناقة رجزاء إذا كانت قوائمها ترتعد عند قيامها، ومن هذا رجز الشعر لأنه أقصر أبيات الشعر والانتقال من بيت إلى بيت سريع نحو قوله:

صبرا بني عبد الدار

وكقوله:

ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا

قال أبو إسحق:ومعنى الرجز في القرآن هو العذاب المقلقل لشدته، وله قلقلة شديدة متتابعة. وقلوه عز وجل: ويذهب عنكم رجز الشيطان، قال المفسرون: هو وساوسه وخطاياه، وذلك أن المسلمين كانوا في رمل تسوخ فيه الأرجل، وأصابت بعضهم الجنابة فوسوس إليهم الشيطان بأن عدوهم يقدرون على الماء وهم لا يقدرون عليه، وخيل إليهم أن ذلك عون من الله تعالى لعدوهم، فأمطر الله تعالى المكان الذي كانوا فيه حتى تطهروا ن الماء، واستوت الأرض التي كانوا عليها، وذلك من آيات الله عز وجل. ووسواس الشيطان رجز.
وترجز الرجل إذا تحرك تحركا بطيئا ثقيلا لكثرة مائه.
والرجازة: ما عدل به ميل الحمل والهودج، وهو كساء يجعل فيه حجارة ويعلق بأحد جانبي الهودج ليعد له إذا مال، سمي بذلك لاضطرابه، وفي التهذيب: هو شيء من وسادة وأدم إذا مال أحد الشقين وضع في الشق الآخر ليستوي، سمي رجازة الميل. والرجازة: مركب للنساء دون الهودج. والرجازة: ما زين به الهودج من صوف وشعر أحمر، قال الشماخ:

ولو ثقفاها ضرجت بدمـائهـا

 

كما جللت نضو القرام الرجائز

قال الأصمعي: هذا خطأ إنما هي الجزائر، الواحدة جزيرة، وقد تقدم ذكرها. والرجائز: مراكب أصفر من الهوادج، ويقال: هو كساء تجعل فيه أحجار تعلق بأحد جانبي الهودج إذا مال.
والرجاز: واد معروف، قال بدر بن عامر الهذلي:

أسد تفر الأسد من عروائه

 

بمدافع الرجاز أو بعيون

ويروى: بمدامع الرجاز، والله أعلم.

رأس

رَأْسُ كلّ شيء: أَعلاه، والجمع في القلة أَرْؤُسٌ وآراسٌ على القلب، ورُؤوس في الكثير، ولم يقلبوا هذه، ورؤْسٌ: الأَخيرة على الحذف؛ قال امرؤ القيس:

فيوماً إِلى أَهلي، ويومـاً إِلـيكـمُ

 

ويوماً أَحُطُّ الخَيْلَ من رُؤْسِ أَجْبالِ

وقال ابن جني: قال بعض عُقَبْل: القافية رأْس البيت؛ وقوله:

رؤسُ كَبِيرَيْهِنَّ يَنْتَطِحان

أَراد بالرؤس الرأْسين، فجعل كل جزء منها رأْساً ثم قال ينتطحان، فراجع المعنى.
ورأْسَه يَرْأَسَه رَأْساً: أَصاب رَأْسَه. ورُئِسَ رَأْساً: شكا رأْسه.
ورَأَسْتُه، فهو مرؤوسٌ ورئيس إذا أَصبت رأْسه؛ وقول لبيد:

كأَنَّ سَحِيلَه شَكْوَى رَئيسٍ

 

يُحاذِرُ من سَرايا واغْتِيالِ

يقال: الرئيس ههنا الذي شُدَّ رأْسه. ورجل مرؤوس: أَصابه البِرْسامُ.
التهذيب: ورجل رئيسٌ ومَرْؤُوسٌ، وهو الذي رَأْسَه السِّرْسامُ فأَصاب رأْسه. وقوله في الحديث: إِنه، صلى اللَّه عليه وسلم، كان يصيب من الرأْس وهو صائم؛ قال: هذا كتابه عن القُبْلة.
وارْتَأَسَ الشيءَ: رَكب رأْسه؛ وقوله أَنشده ثعلب:

ويُعْطِي الفَتَى في العَقْلِ أَشْطارَ مالِه

 

وفي الحَرْب يَرْتاسُ السِّنانَ فَيَقْتُـل

أَراد: يرتئس، فحذف الهمزة تخفيفاً بدليّاً. الفراء: المُرائِسُ والرَّؤوسُ من الإِبل الذي لم يَبْقَ له طِرْقٌ إِلا في رأْسه. وفي نوادر الأَعراب: ارْتَأَسَني فلان واكْتَسَأَني أَي شَغَلَني، وأَصله أَخذ بالرَّقَبة وخفضها إِلى الأَرض، ومثله ارْتَكَسَني واعْتَكَسني. وفحل أَرْأَسُ: وهو الضَّخْمُ الرأْس. والرُّؤاسُ والرُّؤاسِيُّ والأَرْأَسُ: العظيم الرأْس، والأُنثى رَأْساءُ؛ وشاة رأْساءُ: مُسْوَدَّة الرأْس. قال أَبو عبيد: إِذا اسْوَدَّ رأْس الشاة، فهي رأْساء، فإِن ابيض رأْسها من بين جسدها، فهي رَخْماء ومُخَمَّرَةٌ. الجوهري: نعجة رأْساء أَي سوداء الرأْس والوجه وسائرها أَبيض. غيره: شاة أَرْأَسُ ولا تقل رؤاسِيٌّ؛ عن ابن السكيت. وشاة رَئِيسٌ: مُصابة الرأْس، والجمع رَآسَى بوزن رَعاسَى مثل حَباجَى ورَماثَى.ورجل رَأْآسٌ بوزن رَعَّاسٍ: يبيع الرؤوس، والعامة تقول: رَوَّاسٌ.
والرَّائِسُ: رأْسُ الوادي. وكل مُشْرِفٍ رائِسٌ. ورَأَسَ السَّيْلُ الغُثَاءَ: جَمَعَه؛ قال ذو الرمة:

خَناطيلُ، يَسْتَقرِبْنَ كـلَّ قَـرارَةٍ

 

ومَرْتٍ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائِسُ

وبعض العرب يقول: إِن السيل يَرْأَسُ الغثاء، وهو جمعه إِياه ثم يحتمله. والرَّأْسُ: القوم إذا كثروا وعَزُّوا؛ قال عمرو بن كلثوم: بِرَأْسٍ من بني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ، نَدُقُّ به السُّهُولَةَ والخُزونا قال الجوهري: وأَنا أَرى أَنه أَراد الرَّئيسَ لأَنه قال ندق به ولم يقل ندق بهم. ويقال للقوم إذا كثروا وعَزُّوا: هم رَأْسٌ. ورَأَسَ القومَ يَرْأَسُهم، بالفتح، رَآسَةً وهو رئيسهم: رَأَسَ عليهم فَرَأَسَهم وفَضَلهم، ورَأَسَ عليهم كأَمَر عليهم، وتَرَأَّسَ عليهم كَتَأَمَّرَ، ورَأَّسُوه على أَنفسهم كأَمَّروه، ورَأَسْتُه أَنا عليهم تَرْئِيساً فَتَرَأَّسَ هو وارْتَأَسَ عليهم. قال الأَزهري: ورَوَّسُوه على أَنفسهم، قال: وهكذا رأَيته في كتاب الليث، وقال: والقياس رَأَّسوه لا رَوَّسُوه. ابن السكيت: يقال قد تَرَأَّسْتُ على القوم وقد رَأَّسْتُك عليهم وهو رَئيسُهم وهم الرُّؤَساء، والعامَّة تقول رُيَساء.
والرَّئِيس: سَيِّدُ القوم، والجمع رُؤَساء، وهو الرَّأْسُ أَيضاً، ويقال رَيِّسٌ مثل قَيِّم بمعنى رَئيس؛ قال الشاعر:

تَلْقَ الأَمانَ على حِياضِ محمدٍ

 

تَوْلاءُ مُخْرِفَةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَـسُ

لا ذي تَخافُ ولا لِهذا جُـرْأَة

 

تُهْدى الرَّعِيَّةُ ما اسْتَقامَ الرَّيِّسُ

قال ابن بري: الشعر للكميت يمدح محمد بن سليمان الهاشمي. والثَّوْلاء: النعجة التي بها ثَوَلٌ. والمُخْرِفَةُ: التي لها خروف يتبعها. وقوله لا ذي: إِشارة إِلى الثولاء، ولا لهذا: إِشارة إِلى الذئب أَي ليس له جُرأَة على أَكلها مع شدة جوعه؛ ضرب ذلك مثلاً لعدله وإِنصافه وإِخافته الظالم ونصرته المظلوم حتى إِنه ليشرب الذئب والشاة من ماء واحد. وقوله تهدى الرعية ما استقام الريس أَي إذا استقام رئيسهم المدبر لأُمورهم صلحت أَحوالهم باقتدائهم به. قال ابن الأَعرابي: رَأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَآسَة إذا زاحم عليها وأَراجها، قال: وكان يقال إِن الرِّياسَة تنزل من السماء فيُعَصَبُ بها رأْسُ من لا يطلبها؛ وفلان رأَسُ القوم ورَئيس القوم. وفي حديث القيامة: أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ؟ رَأَسَ القومَ: صار رئيسَهم ومُقَدَّمَهم؛ ومنه الحديث: رَأْس الكفر من قِبَلِ المشرق، ويكون إِشارة إِلى الدجال أَو غيره من رؤَساء الضلال الخارجين بالمشرق. ورَئيسُ الكلاب ورائِسها: كبيرها الذي لا تَتَقَدَّمُه في القَنَص، تقول: رائس الكلاب مثلُ راعِسٍ أَي هو في الكلاب بمنزلة الرئيس في القوم. وكلبة رائِسَة: تأْخذ الصيد برأْسه. وكلبة رَؤوس: وهي التي تُساوِرُ رأْسَ الصيد. ورائس النهر والوادي: أَعلاه مثل رائس الكلاب. ورَوائس الوادي: أَعاليه. وسحابة مُرائس ورائِس: مُتَقَدِّمَة السحاب. التهذيب: سحابة رائِسَةٌ وهي التي تَقَدَّمُ السحابَ، وهي الرَّوائِس. ويقال: أَعطني رَأْساً من ثُومٍ.
والضَّبُّ ربما رَأَسَ الأَفْعَى وربما ذَنَبها، وذلك أَن الأَفعى تأْتي جُحْرَ الضب فتَحْرِشُه فيخرج أَحياناً برأْسه مُسْتَقْبِلها فيقال: خَرَجَ مُرَئِّساً، وربما احْتَرَشَه الرجل فيجعل عُوداً في فم جَحْره فيَحْسَبُه أَفْعَى فيخرج مُرَئِّساً أَو مُذَنِّباً. قال ابن سيده: خرج الضَّبُّ مُرائِساً اسْتَبَقَ برأْسه من جحره وربما ذَنَّبَ. ووَلَدَتْ وَلَها على رَأْسٍ واحدٍ، عن ابن الأَعرابي، أَي بعضُهم في إِثر بعض، وكذلك ولدت ثلاثة أَولاد رأْساَ على رأْس أَي واحداً في إِثر آخر.
ورَأْسُ عَينٍ ورأْسُ العين، كلاهما: موضع؛ قال المُخَبَّلُ يهجو الزِّبْرِقان حين زَوّجَ هَزَّالاً أُخته خُلَيْدَةَ:

وأَنكحتَ هَزَّالا خُلَيْدَةَ، بعـدمـا

 

زَعَمْتَ برأْسِ العين أَنك قاتِلُهْ

وأَنكَحْتَه رَهْواً كأَنَّ عِجانَـهـا

 

مَشَقُّ إِهابٍ، أَوسَعَ الشَّقَّ ناجِلُهْ

وكان هَزَّال قتل ابن مَيَّة في جوار الزبرقان وارتحل إِلى رأْس العين، فحلف الزبرقان ليقتلنه ثم إِنه بعد ذلك زوّجه أُخته، فقالت امرأَة المقتول تهجو الزبرقان:

تَحَلَّلَ خِزْيَها عَوْفُ بن كعبٍ

 

فليس لخُلْفِهامنه اعْـتِـذارُ

برأْسِ العينِ قاتِلُ من أَجَرْتُمْ

 

من الخابُورِ، مَرْتَعُه السَّرارُ

وأَنشد أَبو عبيدة في يوم رأْس العين لسُحَيْم بنْ وثَيْلٍ الرِّياحِيِّ:

وهم قَتَلوا عَمِيدَ بـنـي فِـراسٍ

 

برأْسِ العينِ في الحُجُج الخَوالي

ويروى أَن المخبل خرج في بعض أَسفاره فنزل على بيت خليدة امرأَة هزال فأَضافته وأَكرمته وزَوَّدَتْه، فلما عزم على الرحيل قال: أَخبريني باسمك.
فقالت: اسمي رَهْوٌ، فقال: بئس الاسم الذي سميت به، فمن سماك به؟ قالت له: أَنت، فقال: واأَسفاه واندماه، ثم قال:

لقد ضَلَّ حِلْمِي في خُلَيْدَةَ ضَلَّةً

 

سَأُعْتِبُ قَوْمي بعدها وأَتُـوبُ

وأَشْهَدُ، والمُسْتَغْفَرُ اللَّهُ، أَنَّني

 

كَذَبْتُ عليها، والهِجاءُ كَذُوبُ

الجوهري: قَدِمَ فلان من رأْس عين وهوموضع، والعامَّة تقول من رأْس العين. قال ابن بري: قال علي بن حمزة إِنما يقال جاء فلان من رأْس عين إذا كانت عيناً من العيون نكرة، فأَما رأْس عين هذه التي في الجزيرة فلا يقال فيها إِلا رأْس العين.
ورائِسٌ: جبل في البحر؛ وقول أُمية بن أَبي عائذ الهُذَلّي:

وفي غَمْرَةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوى

 

عُرُوكاً على رائِسٍ يَقْسِمونـا

قيل: عنى هذا الجبل. ورائِسٌ ورَئيسُ منهم، وأَنت على رأْسِ أَمْرِكَ ورئاسهِ أَي على شَرَفٍ منه؛ قال الجوهري: قولهم أَنت على رِئاسِ أَمرك أَي أَوله، والعامة تقول على رأْسِ أَمرك. ورِئاسُ السيف: مَقْبِضُه وقيل قائمه كأَنه أُخِذَ من الرأْسِ رِئاسٌ؛ قال ابن مقبل:

وليلةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِـدَهـا

 

بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفا

ثم اضْطَغَنْتُ سِلاحي عند مَغْرِضِها

 

ومِرْفَقٍ كَرِئاسِ السيف إِذ سَشَفَـا

وهذا البيت الثاني أَنشده الجوهري: إذا اضطغنت سلاحي، قال ابن بري والصواب: ثم اضطغنت سلاحي. والعنْسُ: الناقة القوية، وصُدْرَتُها: ما أَشرف من أَعلى صدرها. والسِّدَفُ ههنا: الضوء. واضْطَغَنْتُ سلاحي: جعلته تحت حِضْني. والحِضنُ: ما دون الإِبطِ إِلى الكَشْحِ، ويروى: ثم احْتَضَنْتُ.
والمَغْرِضُ للبعير كالمَحْزِم من الفرس، وهو جانب البطن من أَسفل الأَضلاع التي هي موضع الغُرْضَة. والغُرْضَة للرحْل: بمنزلة الحزام للسرج.
وشَسَفَ أَي ضَمَرَ يعني المِرْفَق. وقال شمر: لم أَسمع رِئاساَ إِلا ههنا؛ قال ابن سيده: ووجدناه في المُصَنَّف كرياس السيف، غير مهموز، قال: فلا أَدري هل هو تخفيف أَم الكلمة من الياء. وقولهم: رُمِيَ فلان منه في الرأْس أَي أَعرض عنه ولم يرفع به رأْساً واستثقله؛ تقول: رُمِيتُ منك في الرأْس على ما لم يسمَّ فاعله أَي ساء رأْيُك فيَّ حتى لا تقدر أَن تنظر إِليَّ. وأَعِدْ عليّ كلامَك من رأْسٍ ومن الرأْسِ، وهي أَقل اللغتين وأَباها بعضهم وقال: لا تقل من الرأْس، قال: والعامة تقوله.
وبيتُ رأْسٍ: اسم قرية بالشام كانت تباع فيها الخمور؛ قال حسان:

كأَنَّ سَبِيئةً من بيتِ رأْسٍ

 

يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ

قال: نصب مزاجها على أَنه خبر كان فجعل الاسم نكرة والخبر معرفة، وإِنما جاز ذلك من حيث كان اسْمَ جنس، ولو كان الخبر معرفة محضة لَقَبُحَ.
وبنو رؤاسٍ: قبيلة، وفي التهذيب: حَيٌّ من عامر ابن صعصعة، منهم أَبو جعفر الرُّؤاسِي وأَبو دُؤادٍ الرُّؤاسِي اسمه يزيد بن معاوية بن عمرو بن قيس بن عبيد بن رُؤاسِ بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكان أَبو عمر الزاهد يقول في الرُّؤاسِي أَحد القراء والمحدّثين: إِنه الرَّواسِي، بفتح الراء وبالواو من غير همز، منسوب إِلى رَوَاسٍ قبيلة من سُلَيْم وكان ينكر أَن يقال الرُّؤاسِي، بالهمز، كما يقوله المحدّثون وغيرهم.

رأش

رجل رُؤْشُوشٌ: كثير شعرِ الأُذن.
ربش: الأرابش المختلف اللون نقطه حمراء واخرى سوداء او غبراء او نحو ذلك وفرس اربش: ذو برش مختلف اللون وخصى اللحيان به البرذون واربش الشجر:اوراق وقيل اربش اخرج ثمره كانه حمص بفتح الميم وهو رايه ومكان اربش وابرش: كثير البنت مختلفه ابن الأعرابي ارمش الأرض واربش وانقذ إذا اورق وتفطر وارض ربشاء وبرشاء:كثيرة العشب مختلفه الوانها وسنه ربشاء ورمشاء وبرشاء:كثيرة العشب

رأف

الرأْفة: الرحمة، وقيل: أَشد الرحمة؛ رَأَفَ به يَرْأَفُ ورئِفَ ورَؤُفَ رَأْفَةً ورَآفةً. وفي التنزيل العزيز: ولا تأْخُذْكُم بهما رأْفةٌ في دِينِ اللّه؛ قال الفراء: الرأْفةُ والرآفةُ مثل الكأَبةِ والكآبة، وقال الزجاج: أَي لا ترحموهما فَتُسْقِطوا عنهما ما أَمَر اللّه به من الحدّ. ومن صفات اللّه عز وجل الرؤوف وهو الرحيمُ لعباده العَطُوفُ عليهم بأَلطافه. والرأْفةُ أَخصُّ من الرحمةِ وأَرَقُّ، وفيه لغتان قرئ بهما معاً: رَؤوفٌ على فَعُولٍ؛ قال كعب بن مالك الأَنصاري:

نُطِيعُ نَبـيَّنـا ونُـطِـيعُ رَبّـاً

 

هو الرحمنُ كان بِنـا رَؤوفـا

ورؤُفٌ على فَعُلٍ؛ قال جرير:

 

 

يَرىَ لِلْمُسلِمِينَ عليه حَقّاً

 

كفِعْلِ الوالِدِ الرؤُفِ الـرحـيمِ

وقد رَأَفَ يَرْأَفُ إذا رَحِمَ. والرَّأْفَةُ أَرَقُّ من الرحمة ولا تَكاد تقع في الكراهة، والرحمةُ قد تقع في الكراهة للمَصْلحةِ. أَبو زيد: يقال رَؤُفْتُ بالرجل أَرؤُفُ به رَأْفَةً ورآفةً ورأَفْتُ أَرْأَف به ورئِفْتُ به رأَفاً كلٌّ من كلام العرب؛ قال أَبو منصور: ومَن لَيَّنَ الهمزةَ وقال رَوُف جعلها واواً، ومنهم من يقول رَأْفٌ، بسكون الهمزة؛ قال الشاعر:

فآمِنوا بِـنَـبِـيٍّ، لا أَبـا لـكُـمُ

 

ذِي خاتَمٍ، صاغهُ الرحمنُ، مَخْتُومِ

رَأْفٍ رَحِيمٍ بأَهْلِ البِرِّ يَرْحَمُـهـم

 

مُقَرَّبٍ عند ذِي الكُرْسِيِّ مَرْحُومِ

ابن الأَعرابي: الرأْفةُ الرحمةُ. وقال الفراء: يقال رَئِفٌ، بكسر الهمزة، ورَؤُفٌ. ابن سيده: ورجل رَؤُفٌ ورؤوفٌ ورَأْفٌ؛ وقوله:

وكان ذُو العَرْشِ بنا أَرافيْ

إنما أَراد أَرأَفِيّاً كأَحْمَرِيّ، فأَبدل وسكَّنه على قوله:

وآخذ منْ كلِّ حَيٍّ عُصُمْ

رأل

الرَّأْل: ولد النَّعام، وخص بعضهم به الحَوْلِيَّ منها؛ قال امرؤ القيس:

كأَنَّ مَكانَ الرِّدْفِ منه على رالِ

أَراد على رَأْل، فإِما أَن يكون خفف تخفيفاً قياسيّاً، وإِما أَن يكون أَبدل إِبدالاً صحيحاً على قول أَبي الحسن لأَن ذلك أَمكن للقافية، إِذ المخفف تخفيفاً قياسيّاً في حكم المحقق، والجمع أَرْؤُلٌ ورِئْلانٌ ورِئالٌ ورِئالةٌ؛ قال طفيل:

أَذُودُهمُ عنكـمْ، وأَنـتـمْ رِئالةٌ

 

شِلالاً، كما ذِيدَ النِّهالُ الخَوامِسُ

قال ابن سيده: وأُرى الهاء لحقت الرِّئال لتأْنيث الجماعة كما لحقت في الفِحالةِ، والأُنثى رَأْلة؛ أَنشد ثعلب:

أَبْلِغِ الحرثَ عني أَنَّـنـي

 

شَرُّ شَيْخٍ، في إِيادٍ ومُضَرْ

رَأْلَةٌ مُنْتَتِفٌ بُلْعُـومُـهـا

 

تأْكُلُ الفَثَّ وخَمّانَ الشجَرْ

ونَعامة مُرْئِلةٌ: ذات رَأْلٍ؛ وقولُ بعض الأَغْفال يصف امرأَة رَاودَتْه:

قامَتْ إِلى جَنْبِي تَـمَـسُّ أَيْرِي

 

فَزَفَّ رَأْلي، واسْتُطِيرت طَيْري

إِنما أَراد أَن فيه وحشية كالرَّأْل من الفَزَع، وهذا مثل قولهم شالَت نَعامَتُهم أَي فَزِعوا فَهَربوا. واسترأَلت الرِّئْلانُ: كَبِرَتْ واسْتَرْأَلَ النباتُ إذا طال، شبّه بعُنُق الرَّأْل. ومَرَّ فلان مُرَائلاً إذا أَسرع.
والرُّؤالُ، مهموز: الزيادة في أَسنان الدابة.
والرُّؤَال والرّاؤُول: لُعاب الدَّوابِّ؛ عن ابن السكيت، ورواه أَبو عبيد بغير همز، وصرح بذلك، وقيل: الرُّؤَالُ زَبَدُ الفرس خاصة.
والمِرْوَلُ: الرَّجل الكثير الرُّؤَال، وهو اللُّعاب. أَبو زيد: الرُّؤَال والرُّؤَام اللُّعاب.
وابن رَأْلانَ: رجل من سِنْبِس طَيِّءٍ، وهو من الباب الذي يكون فيه الشيء غالباً عليه اسمٌ، يكون لكلِّ مَن كان من أُمَّتِه أَو كان في صفته؛ قال سيبويه: وكابن الصَّعِق قولهم ابن رَأْلان وابن كُراع، ليس كلُّ من كان ابناً لرَأْلانَ وابناً لكُراعٍ غلب عليه الاسم، والنسَبُ إِليه رَأْلانِيٌّ، كما قالوا في ابن كراع كُراعِيٌّ.
وذاتُ الرِّئال وجَوُّ رِئال: موضعان؛ قال الأَعشى:

تَرْتَعِي السَّفْحَ فالكَثِيبَ، فذا قـا

 

رٍ، فَرَوْضَ القَطا، فذاتَ الرِّئالِ

وقال الراعي:

وأَمْسَتْ بوادي الرَّقْمَتَينِ، وأَصبحَتْ

 

بجوِّ رِئالٍ، حيثُ بَـيِّنَ فـالـقُـهْ

الجوهري: وذاتُ الرِّئالِ رَوْضَةٌ. والرِّئال: كواكِبُ.

رأم

رَئِمتِ الناقةُ ولدها تَرْأَمُهُ رَأْماً ورَأَماناً: عطفتْ عليه ولزمته، وفي التهذيب: رِئْماناً أَحَبَّتْهُ؛ قال:

أَم كيف يَنْفَعُ ما تُعْطي العَلُوقُ به

 

رئْمانُ أَنْفٍ، إذا ما ضُنَّ باللبن؟

ويروى رِئْمانَ ورِئْمانُ، فمن نصب فعلى المصدر، ومن رفع فعلى البدل من الهاء. والناقة رؤوم ورائِمَةٌ: عاطفة على ولدها، وأَرْأَمَها عليه: عَطَّفها فَتَرأّمتْ هي عليه تعطَّفت، ورَأْمُها ولدُها الذي تَرْأَمُ عليه؛ قال أَبو ذؤيب:

بمَصْدَرِه الماءَ رَأْمٌ رَذِيّ

قال ابن سيده: وعندي أَنه سماه بالمصدر الذي هو في معنى مفعول كأَنه مَرْؤُوم رَذيّ. والرُّؤَامُ والرُّؤَالُ: اللُّعاب. ابن الأَعرابي: الرَّأْمُ الولد. الجوهري: يقال للبَوّ والولد رَأْمٌ. وقال الليث: الرَّأْمُ البَوُّ أَو ولد ظُئِرَتْ عليه غير أُمّه؛ وأَنشد:

كأُمهات الرِّئْم أَو مَطافِلا

وقد رَئِمَتْه، فهي رائِمٌ ورَؤومٌ. ابن سيده: والرَّأْم البَوّ. وكل من لزم شيئاً وأَلِفَهُ وأَحبَّه فقد رَئِمَهُ؛ قال عُبَيْدُ الله بن عبد الله بن عُتْبَة:

أَبى اللهُ والإِسلامُ أَن تَرْأَمَ الخنى

 

نفوسُ رِجالٍ، بالخَنَى لم تُذَلَّـلِ

ابن السكيت: أَرْأَمْتُهُ على الأَمر وأَظْأَرته إذا أَكرهته. والرَّوائم: الأَثافِيُّ لرِئمانها الرمادَ، وقد رَئِمَتِ الرمادَ، فالرماد كالولد لها. وأَرْأَمْنا الناقة أَي عَطَّفناها على رَأْمِها. الأَصمعي: إذا عُطِّفت الناقة على ولد غيرها فَرَئِمَتْه فهي رائم، فإِن لم تَرْأَمْهُ ولكنها تشَمُّهُ ولا تَدرّ عليه فهي عَلوق. وفي حديث عائشة تصف عمر، رضي الله عنهما: تَرْأَمُهُ ويأْباها، تريد الدنيا أَي تَعْطِف عليه كما تَرْأَمُ الأُم ولدها والناقة حُوارَها فتشمه وتَتَرشَّفُه. وكلُّ من أَحبَّ شيئاً وأَلِفَهُ فقد رَئِمَهُ. ورَئِم الجُرْحُ رَأْماً ورِئْماناً حسناً: التَأَم، وفي المحكم: انضم فُوه للبُرْء؛ وأَرْأَمَهُ إِرآماً: داواه وعالجه حتى رَئِمَ، وفي الصحاح: حتى يبرأَ أَو يلتئم. وأَرْأَمَ الرجلَ على الشيء: أَكرهه. ورَأَمَ الحبلَ يَرْأَمُه وأَرْأَمَه: فتله فتلاً شديداً.والرُّومَةُ، بغير همز: الغِراء الذي يُلصَقُ به ريش السهم، وحكاها ثعلب مهموزة. الجوهري: الرُّؤمَة الغِراء الذي يلصق به الشيء. والرِّئْمُ: الخالص من الظِّباء وقيل: هو ولد الظَّبي، والجمع أَرْآم، وقلبوا فقالوا آرام، والأُنثى رِئْمَة؛ أَنشد ثعلب:

بمثل جِيد الرِّئْمة العُطْبُلِّ

شدد للضرورة كقوله بعد هذا:

ببازلٍ وَجْناء أَو عَيْهَلِّ

أَراد أَو عَيْهَلٍ فشدَّد. الأَصمعي: من الظِّباء الآرام وهي البيض الخالصة البياض، وقال أَبو زيد مثله، وهي تسكن الرِّمال. والرَّؤُوم من الغنم: التي تلحس ثياب من مرَّ بها. ورَأَمَ القَدَحَ يَرْأَمُهُ رَأْماً ولأَمَهُ: أَصلَحَه كَرأَبَهُ. الشيباني: رأَمْتُ شَعْب القَدَح إذا أَصلحته؛ وأَنشد:

وقَتْلى بِحِقْفٍ من أُوارَةَ جُدِّعَتْ،

 

صَدَعْنَ قلوباً لم تُرَأّمْ شُعوبهـا

والرُّئِمُ: الاست؛ عن كراع، حكاها بالأَلف واللام، ولا نظير لها إِلاَّ الدُّئِل وهي دُوَيْبَّةٌ؛ قال رؤبة:

ذَلَّ وأَقْعَتْ بالحَضِيضِ رُئِمُه

ورِئام: موضع. وقيل: هي مدينة من مدائن حِمْير يَحُلُّها أَولادُ أَوْدٍ، قال الأَفْوَه الأَوْدي:

إِنَّا بَـنُـو أَوْدِ الـذي بِـلِـوائه

 

مُنِعَتْ رِئامُ، وقد غَزاها الأَجْدع

رأن

ابن بري: الأُرانَى نبت، والبُوصُ ثمره، والقُرْزُحُ حَبُّه، هكذا وجدت في كتاب ابن بري، وذكر في ترجمة أَرن: الأَرانيةُ نبت من الحَمْض لا يطول ساقه، والأُرانَى جَناةُ الضَّعَة وغير ذلك.

رأي

الرُّؤيَة بالعَيْن تَتَعدَّى إلى مفعول واحد، وبمعنى العِلْم تتعدَّى إلى مفعولين؛ يقال: رأَى زيداً عالماً ورَأَى رَأْياً ورُؤْيَةً ورَاءَةً مثل راعَة. وقال ابن سيده: الرُّؤيَةُ النَّظَرُ بالعَيْن والقَلْب. وحكى ابن الأَعرابي: على رِيَّتِكَ أَي رُؤيَتِكَ، وفيه ضَعَةٌ، وحَقيقَتُها أَنه أَراد رُؤيَتك فَأبْدَلَ الهمزةَ واواً إبدالاً صحيحاً فقال رُويَتِك، ثم أَدغَمَ لأَنَّ هذه الواوَ قد صارت حرفَ علَّة لمَا سُلِّط عليها من البَدَل فقال رُيَّتِك، ثم كَسَرَ الراءَ لمجاورة الياء فقال رِيَّتِكَ. وقد رَأَيْتُه رَأْيَةً ورُؤْيَة، وليست الهاءُ في رَأْية هنا للمَرَّة الواحدة إنما هو مصدَرٌ كَرُؤيةٍ، إلاَّ أَنْ تُرِيدَ المَرَّةَ الواحدة فيكون رَأَيْته رَأْية كقولك ضَرَبْتُه ضربة، فأَمَّا إذا لم تُردْ هذا فرأْية كرؤْية ليست الهاءُ فيها للوَحْدَة. ورَأَيْته رِئْيَاناً:كرُؤْية؛ هذه عن اللحياني، وَرَيْته على الحَذْف؛ أَنشد ثعلب:

وَجنْاء مُقْوَرَّة الأَقْرابِ يَحْسِبُهامَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رأْيَةً جَمَلا

 

حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْها خَلْقُ أَرْبَعةٍ

 

في لازِقٍ لاحِـقِ الأَقْـرابِ، فـــانْـــشَـــمَـــلا

خَلْقُ أَربعةٍ: يعني ضُمورَ أَخْلافها، وانْشَمَلَ: ارْتَفَعَ كانْشمرَ، يقول: من لم يَرَها قبلُ ظَنَّها جَمَلاً لِعظَمها حتي يَدلَّ ضُمورُ أَخْلافِها فيَعْلَم حينئذ أَنها ناقة لأَن الجمل ليس له خِلْفٌ؛ وأَنشد ابن جني:

حتى يقول من رآهُ إذْ رَاهْ:

 

يا وَيْحَه مِنْ جَمَلٍ ما أَشْقاهْ،

أَراد كلَّ من رآهُ إذْ رآهُ، فسَكَّنَ الهاءَ وأَلقَى حركةَ الهمزة؛ وقوله:

مَنْ رَا مِثْلَ مَعْمدانَ بنِ يَحْـيَى،

 

إذا ما النِّسْعُ طال على المَطِيَّهْ؟

ومَنْ رَامثلَ مَعْدانَ بن يَحْـيَى،

 

إذا هَبَّـتْ شـآمِـيَةٌ عَـرِيَّهْ؟

أَصل هذا: من رأَى فخفَّف الهمزة على حدّ: لا هَناك المَرْتَعُ، فاجتمعت أَلفان فحذف إحداهما لالتقاء الساكنين؛ وقال ابن سيده: أَصله رأَى فأَبدل الهمزة ياء كما يقال في سأَلْت سَيَلْت، وفي قرأْت قَرَيْت، وفي أَخْطأْت أَخْطَيْت، فلما أُبْدِلت الهمزة التي هي عين ياء أَبدلوا الياء أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الأَلف المنقلبة عن الياء التي هي لام الفعل لسكونها وسكون الأَلف التي هي عين الفعل؛ قال: وسأَلت أَبا علي فقلت له من قال:

مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدانَ بنِ يَحْيَى

فكيف ينبغي أَن يقول فعلت منه فقال رَيَيْت ويجعله من باب حييت وعييت؟ قال: لأَن الهمزة في هذا الموضع إذا أُبدلت عن الياء تُقلب، وذهب أَبو علي في بعض مسائله أَنه أَراد رأَى فحذَفَ الهمزةَ كما حذفها من أَرَيْت ونحوه، وكيف كان الأَمر فقد حذفت الهمزة وقلبت الياء أَلفاً، وهذان إعلالان تواليا في العين واللام؛ ومثله ما حكاه سيبويه من قول بعضهم: جَا يَجِي، فهذا إبدال العين التي هي ياء أَلفاً وحذف الهمزة تخفيفاً، فأَعلّ اللام والعين جميعاً. وأَنا أَرَأُهُ والأَصلُ أَرْآهُ، حذَفوا الهمزةَ وأَلْقَوْا حَرَكَتها على ما قبلَها. قال سيبويه: كلُّ شيءٍ كانت أَوَّلَه زائدةٌ سوى أَلف الوصل من رأَيْت فقد اجتمعت العرب على تخفيف همزه، وذلك لكثرة استعمالهم إياه، جعلوا الهمزةَ تُعاقِب، يعني أَن كل شيءٍ كان أَوّلُه زائدةً من الزوائد الأَربع نحو أَرَى ويَرَى ونرَى وتَرَى فإن العرب لا تقول ذلك بالهمز أَي أَنَّها لا تقول أَرْأَى ولا يَرْأَى ولا نَرْأَى ولا تَرْأَى، وذلك لأَنهم جعلوا همزة المتكلم في أَرَى تُعاقِبُ الهمزةَ التي هي عين الفعل، وهي همزةُ أَرْأَى حيث كانتا همزتين، وإن كانت الأُولى زائدةً والثانية أَصليةً، وكأَنهم إنما فرُّوا من التقاء همزتين، وإن كان بينهما حرف ساكن، وهي الراء، ثم أَتْبعوها سائرَ حروفِ المضارعة فقالوا يَرَى ونَرَى وتَرَى كما قالوا أَرَى؛ قال سيبويه: وحكى أَبو الخطاب قدْ أَرْآهم، يَجيءُ به على الأَصل وذلك قليل؛ قال:

أَحِنُّ إذا رَأيْتُ جِبالَ نَجْدٍ،

 

ولا أَرْأَى إلى نَجْدٍ سَبِيلا

وقال بعضهم: ولا أَرَى على احتمال الزَّحافِ؛ قال سُراقة البارقي:

أُرِي عَيْنَيَّ ما لم تَرْأَياهُ،

 

كِلانا عالِمٌ بالتُّرَّهـاتِ

وقد رواه الأَخفش: ما لم تَرَياهُ، على التخفيف الشائع عن العرب في هذا الحرف. التهذيب: وتقول الرجلُ يَرَى ذاكَ، على التخفيف، قال: وعامة كلام العرب في يَرَى ونَرَى وأرَى على التخفيف، قال: ويعضهم يحقِّقُه فيقول، وهو قليل، زيدٌ يَرْأَى رَأْياً حَسَناً كقولك يرعى رَعْياً حَسَناً، وأَنشد بيت سراقة البارقي. وارْتَأَيْتُ واسْتَرْأَيْت: كرَأَيْت أَعني من رُؤية العَين. قال اللحياني: قال الكسائي اجتمعت العرب على همز ما كان من رَأَيْت واسْتَرْأَيْت وارْتَأَيْت في رُؤْية العين، وبعضهم يَترُك الهمز وهو قليل، قال: وكل ما جاء في كتاب الله مَهمُوزٌ؛ وأَنشد فيمن خفف:

صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعـتَ بِـراعٍ

 

رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في الحِلابِ؟

قال الجوهري: وربما جاء ماضيه بلا هَمزٍ، وأَنشد هذا البيت أَيضاً:

صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعتَ

ويروى: في العلاب؛ ومثله للأَحوص:

أَوْ عَرَّفُوا بصَنِيعٍ عندَ مَـكْـرُمَةٍ

 

مَضَى، ولم يَثْنِه ما رَا وما سَمِعا

وكذلك قالوا في أَرَأَيْتَ وأَرَأَيْتَكَ أَرَيْتَ وأَرَيْتَك، بلا همز؛ قال أَبو الأَسود:

أَرَيْتَ امرَأً كُنْتُ لم أَبْلُـهُ

 

أَتاني فقال: اتَّخِذْني خَلِيلا

فترَك الهمزةَ، وقال رَكَّاضُ بنُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْري:

فقُولا صادِقَيْنِ لزَوْجِ حُبَّـى

 

جُعلْتُ لها، وإنْ بَخِلَتْ، فِداءَ

أَرَيْتَكَ إنْ مَنَعْتَ كلامَ حُبَّى،

 

أَتَمْنَعُني على لَيْلى البُكـاءَ؟

والذي في شعره كلام حبَّى، والذي رُوِيَ كلام لَيْلى؛ ومثله قول الآخر:

أَرَيْتَ، إذا جالَتْ بكَ الخيلُ جَوْلةً،

 

وأَنتَ على بِرْذَوْنَةٍ غيرُ طـائِلِ

قال: وأَنشد ابن جني لبعض الرجاز:

أَرَيْتَ، إنْ جِئْتِ به أُمْلُودا

مُرَجَّلا ويَلْبَسُ البُرُودا،

أَقائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودا

قال ابن بري: وفي هذا البيت الأَخير شذوذ، وهو لحاق نون التأكيد لاسم الفاعل. قال ابن سيده: والكلامُ العالي في ذلك الهمزُ، فإذا جئتَ إلى الأَفعال المستقبلة التي في أَوائلها الياء والتاء والنون والأَلف إجتمعت العرب، الذين يهمزون والذين لا يهمزون، على ترك الهمز كقولك يَرَى وتَرَى ونَرَى وأَرَى، قال: وبها نزل القرآن نحو قوله عز وجل: فتَرَى الذين في قُلُوبِهِم مَرَض، وقوله عز وجل: فتَرَى القَوْمَ فيها صَرْعَى، وإنِّي أَرَى في المَنامِ، ويَرَى الذين أُوتوا العلم؛ إلا تَيمَ الرِّباب فإنهم يهمزون مع حروف المضارعة فتقول هو يَرْأَى وتَرْأَى ونَرْأَى وأَرْأَى، وهو الأَصل، فإذا قالوا متى نَراك قالوا متى نَرْآكَ مثل نَرْعاك، وبعضٌ يقلب الهمزة فيقول متى نَراؤكَ مثل نَراعُك؛ وأَنشد:

أَلا تلك جاراتُنا بالغَضى

 

تقولُ: أَتَرْأَيْنَه لنْ يضِيقا

وأَنشد فيمن قلب:

ماذا نَراؤُكَ تُغْني في أَخي رَصَـدٍ

 

من أُسْدِ خَفَّانَ، جأْبِ الوَجْه ذي لِبَدِ

ويقال: رأَى في الفقه رأْياً، وقد تركت العرب الهمز في مستقبله لكثرته في كلامهم، وربما احتاجت إليه فهَمَزَته؛ قال ابن سيده: وأَنشد شاعِرُ تَيْمِ الرِّباب؛ قال ابن بري: هو للأَعْلم بن جَرادَة السَّعْدي:

أَلَمْ تَرْأَ ما لاقَيْت والدَّهْرُ أَعْصُرٌ،ومن يَتَمَلَّ الدَّهْرَ يَرْأَ ويَسْمَعِ

قال ابن بري: ويروى ويَسْمَعُ، بالرفع على الاستئناف، لأَن القصيدة مرفوعة؛ وبعده:

بأَنَّ عَزِيزاً ظَلَّ يَرْمي بحوزه

 

إليَّ، وراءَ الحاجِزَينِ، ويُفْرِعُ

يقال: أَفْرَعَ إذا أَخذَ في بطن الوادي؛ قال وشاهد ترك الهمزة ما أَنشده أَبو زيد:

لمَّا اسْتَمَرَّ بها شَيْحانُ مُبْتَجِحٌ

 

بالبَيْنِ عَنْك بما يَرْآكَ شَنآنا

قال: وهو كثير في القرآن والشعر، فإذا جِئتَ إلى الأَمر فإن أَهل الحجاز يَتْركون الهمز فيقولون: رَ ذلك، وللإثنين: رَيا ذلك، وللجماعة: رَوْا ذلك، وللمرأَة رَيْ ذلك، وللإثنين كالرجلين، وللجمع: رَيْنَ ذاكُنَّ، وبنو تميم يهمزون جميع ذلك فيقولون: ارْأَ ذلك وارْأَيا ولجماعة النساء ارْأَيْنَ، قال: فإذا قالوا أَرَيْتَ فلاناً ما كان من أَمْرِه أَرَيْتَكُم فلاناً أَفَرَيْتَكُم فلاناً فإنّ أَهل الحجاز بهمزونها، وإن لم يكن من كلامهم الهمز، فإذا عَدَوْت أَهلَ الحجاز فإن عامَّة العَرب على ترك الهمز، نحو أَرأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ أَرَيْتَكُمْ، وبه قرأَ الكسائي تَرَك الهمز فيه في جميع القرآن، وقالوا: ولو تَرَ ما أَهلُ مكة، قال أَبو علي:أَرادوا ولو تَرى ما فَحَذَفُوا لكثرة الاسْتِعْمال. اللحياني: يقال إنه لخَبِيثٌ ولو تَر ما فلانٌ ولو تَرى ما فلان، رفعاً وجزماً، وكذلك ولا تَرَ ما فلانٌ ولا تَرى ما فُلانٌ فيهما جميعاً وجهان: الجزم والرفع، فإذا قالوا إنه لَخَبِيثٌ ولم تَرَ ما فُلانٌ قالوه بالجزم، وفلان في كله رفع وتأْويلُها ولا سيَّما فلانٌ؛ حكى ذلك عن الكسائي كله. وإذا أَمَرْتَ منه على الأَصل قلت: ارْءَ، وعلى الحذف: را. قال ابن بري: وصوابه على الحذف رَهْ، لأَن الأَمر منه رَ زيداً، والهمزة ساقطة منه في الاستعمال. الفراء في قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُم، قال: العرب لها في أَرأَيْتَ لغتان ومعنيان: أَحدهما أَنْ يسأَلَ الرجلُ الرجلَ: أَرأَيتَ زيداً بعَيْنِك؟ فهذه مهموزة، فإذا أَوْقَعْتَها على الرجلِ منه قلت أَرَأَيْتَكَ على غيرِ هذه الحال، يريد هل رأَيتَ نَفْسَك على غير هذه الحالة، ثم تُثَنِّي وتَجْمع فتقولُ للرجلين أَرَأَيْتُماكُما، وللقوم أَرَأَيْتُمُوكُمْ، وللنسوة أَرأَيْتُنَّ كُنَّ، وللمرأَة أَرأَيْتِكِ، بخفض التاءِ لا يجوز إلا ذلك، والمعنى الآخر أَنْ تقول أَرأَيْتَكَ وأَنت تقول أَخْبِرْني، فتَهْمِزُها وتنصِب التاءَ منها وتَتركُ الهمزَ إن شئت، وهو أَكثر كلام العرب، وتَتْرُكُ التاءَ مُوحَّدةً مفتوحة للواحد والواحدة والجمع في مؤَنثه ومذكره، فنقول للمرأَة: أَرَأَيْتَكِ زيداً هل خَرج، وللنسوة: أَرَأَيْتَكُنَّ زيداً ما فَعَل، وإنما تركت العرب التاءَ واحدةً لأَنهم لم يريدوا أَن يكون الفعل منها واقعاً على نفسها فاكتفوا بذكرها في الكاف ووجهوا التاء إلى المذكر والتوحيد إذا لم يكن الفعل واقعاً، قال: ونحو ذلك قال الزجاج في جميع ما قال، ثم قال: واختلف النحويون في هذه الكاف التي في أَرأَيتَكُمْ فقال الفراء والكسائي: لفظها لفظُ نصبٍ وتأْويلُها تأْويلُ رَفْعٍ، قال: ومثلها الكاف التي في دونك زيداً لأَنَّ المعنى خُذْ زيداً قال أَبو إسحق: وهذا القول لم يَقُلْه النحويون القُدَماء، وهو خطَأٌ لأَن قولك أَرأَيْتَكَ زيداً ما شأْنُه يُصَيِّرُ أَرَأَيْتَ قد تَعَدَّتْ إلى الكاف وإلى زيدٍ، فتصيرُ أَرأَيْتَ اسْمَيْن فيصير المعنى أَرأَيْتَ نفْسَكَ زيداً ما حالُه، قال:وهذا محال والذي إليه النحويون الموثوق بعلمهم أَن الكاف لا موضع لها، وإنما المعنى أَرأَيْتَ زيداً ما حالُه، وإنما الكاف زيادة في بيان الخطاب، وهي المعتمد عليها في الخطاب فتقول للواحد المذكر: أَرَأَيْتَكَ زيداً ما حاله، بفتح التاء والكاف، وتقول في المؤنث: أَرَأَيْتَك زيداً ما حالُه يا مَرْأَةُ؛ فتفتح التاء على أَصل خطاب المذكر وتكسر الكاف لأَنها قد صارت آخرَ ما في الكلمة والمُنْبِئَةَ عن الخطاب، فإن عدَّيْتَ الفاعل إلى المفعول في هذا الباب صارت الكافُ مفعولةً، تقول: رأَيْتُني عالماً بفلان، فإذا سألت عن هذا الشرط قلتَ للرجل: أَرَأَيْتَكَ عالماً بفلان، وللإثنين أَرأَيتُماكما عالَمْنِ بفلان، وللجمع أَرَأَيْتُمُوكُمْ، لأَن هذا في تأْويل أَرأَيتُم أَنْفُسَكم، وتقول للمرأَة: أَرأَيتِكِ عالمَة بفُلانٍ، بكسر التاء، وعلى هذا قياس هذين البابين. وروى المنذري عن أَبي العباس قال: أَرأَيْتَكَ زيداً قائماً، إذا اسْتَخْبَر عن زيد ترك الهمز ويجوز الهمز، وإذا استخبر عن حال المخاطب كان الهمز الاختيار وجاز تَرْكُه كقولك: أَرَأَيْتَكَ نَفْسَك أَي ما حالُك ما أَمْرُك، ويجوز أَرَيْتَكَ نَفْسَك. قال ابن بري: وإذا جاءت أَرأَيْتَكُماوأَرأَيْتَكُمْ بمعنى أَخْبِرْني كانت التاء موَحَّدة، فإن كانت بمعنى العِلْم ثَنَّيْت وجَمَعْت، قُلْتَ: أَرأَيْتُماكُما خارِجَيْنِ وأَرأَيْتُمُوكُمْ خارِجِينَ، وقد تكرر في الحديث أَرأَيْتَكَ وأَرأيْتَكُمْ وأَرأَيْتَكما، وهي كلمة تقولها العرب عند الاستخبار بمعنى أَخبِرْني وأَخْبِراني وأَخْبِرُوني، وتاؤُها مفتوحة أَبداً.
ورجل رَءَّاءٌ: كَثيِرُ الرُّؤيَةِ؛ قال غيلان الرَّبَعي:

كأَنَّها وقَدْ رَآها الرَّءَّاءٌ

ويقال: رأَيْتُه بعَيْني رُؤيَةً ورأَيْتُه رَأْيَ العينِ أَي حيث يقع البصر عليه. ويقال: من رأْيِ القَلْبِ ارْتَأَيْتُ؛ وأَنشد:

ألا أَيُّها المُرْتَئِي في الأُمُور،

 

سيَجْلُو العَمَى عنكَ تِبْيانُهـا

وقال أَبو زيد: إذا أَمرْتَ من رأَيْتَ قلت ارْأَ زيداً كأنَّكَ قلت ارْعَ زيداً، فإذا أَردت التخفيف قلت رَ زيداً، فتسقط أَلف الوصل لتحريك ما بعدها، قال: ومن تحقيق الهمز قولك رأَيْت الرجل، فإذا أَردت التخفيف قلت رأَيت الرجل، فحرَّكتَ الأَلف بغير إشباع الهمز ولم تسقط الهمزة لأَن ما قبلها متحرك. وفي الحديث: أَن أَبا البَخْترِي قال ترَاءَيْنا الهِلالَ بذاتِ عِرْق، فسأَلنا ابنَ عباسٍ فقال: إنَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مَدَّهُ إلى رُؤْيَتِه فإنْ أُغْمِيَ عليكم فأَكْمِلوا العِدَّة، قال شمر: قوله تَراءَيْنا الهلالَ أَي تَكَلَّفْنا النَّظَر إليه هل نَراهُ أَم لا، قال: وقال ابن شميل انْطَلِقْ بنا حتى نُهِلَّ الهلالَ أَي نَنْظُر أَي نراهُ. وقد تَراءَيْنا الهِلالَ أَي نظرْناه. وقال الفراء: العرب تقول راءَيْتُ ورأَيْتُ، وقرأَ ابن عباس: يُرَاوُون الناس. وقد رأَيْتُ تَرْئِيَةً: مثل رَعَّيْت تَرْعِيَةً. وقال ابن الأَعرابي: أَرَيْتُه الشيءَ إراءةً وإرايَةً وإرءَاءَةً. الجوهري: أَرَيْتُه الشيءَ فرآهُ وأَصله أَرْأَيْتُه.
والرِّئْيُ والرُّواءُ والمَرْآةُ: المَنْظَر، وقيل: الرِّئْيُ والرُّواءُ، بالضم، حُسْنُ المَنْظر في البَهاء والجَمال. وقوله في الحديث: حتى يتَبيَّنَ له رئيْهُما، وهو بكسر الراء وسكون الهمزة، أَي مَنْظَرُهُما وما يُرَى منهما. وفلان مِنِّي بمَرْأىً ومَسْمَعٍ أَي بحيث أَراهُ وأَسْمَعُ قولَه. والمَرْآةُ عامَّةً: المَنْظَرُ، حَسَناً كان أَو قَبِيحاً.وما لهُ رُواءٌ ولا شاهِدٌ؛ عن اللحياني لم يَزِدْ على ذلك شيئاً. ويقال:امرأَةٌ لها رُواءٌ إذا كانت حَسَنةَ المَرْآةِ والمَرْأَى كقولك المَنْظَرَة والمَنْظر.
الجوهري: المَرْآةُ، بالفتح على مَفْعَلةٍ، المَنْظر الحَسن. يقال: امرأَةٌ حَسَنةُ المَرْآةِ والمَرْأَى، وفلان حسنٌ في مَرْآةِ العَين أَي في النَّظَرِ. وفي المَثل: تُخْبِرُ عن مَجْهولِه مَرْآتُه أَي ظاهرُه يدلُّ على باطِنِه. وفي حديث الرُّؤْيا: فإذا رجلٌ كَرِيهُ المَرْآةِ أَي قَبِيحُ المَنْظرِ. يقال: رجل حَسَنُ المَرْأَى والمَرْآةِ حسن في مَرْآةِ العين، وهي مَفْعَلة من الرؤية. والتَّرْئِيَةُ: حُسْنُ البَهاء وحُسْنُ المنظرِ، اسم لا مصدر؛ قال ابن مقبل:

أَمَّا الرُّواءُ ففِـينـا حَـدُّ تَـرْئِيَةٍ،

 

مِثل الجِبالِ التي بالجِزْعِ منْ إضَمِ

وقوله عز وجل: هم أَحسن أَثاثاً ورِئْياً؛ قرئت رِئْياً؛ بوزن رِعْياً، وقرئت رِيّاً؛ قال الفراء: الرِّئْيُ المَنْظَر، وقال الأَخفش: الرِّيُّ ما ظَهَر عليه مما رأَيْت، وقال الفراء: أَهْلُ المدينة يَقْرؤُونها رِيّاً، بغير همز، قال: وهو وجه جيد من رأَيْت لأَنَّه مع آياتٍ لَسْنَ مهموزاتِ الأَواخِر. وذكر بعضهم: أَنَّه ذهب بالرِّيِّ إلى رَوِيت إذا لم يهمز ونحو ذلك. قال الزجاج: من قرأَ رِيّاً، بغير همز، فله تفسيران أَحدهما أَن مَنْظَرهُم مُرْتَوٍ من النِّعْمة كأَن النَّعِيم بِّيِّنٌ فيهم ويكون على ترك الهمز من رأَيت، وقال الجوهري: من همزه جعله من المنظر من رأَيت، وهو ما رأَتْهُ العين من حالٍ حسَنة وكسوة ظاهرة؛ وأَنشد أَبو عبيدة لمحمد بن نُمَير الثقفي:

أَشاقَتْكَ الظَّعـائِنُ يومَ بـانُـوا

 

بذي الرِّئْيِ الجمِيلِ منَ الأَثاثِ؟

ومن لم يهمزه إما أَن يكون على تخفيف الهمز أَو يكون من رَوِيَتْ أَلْوانهم وجلودهم رِيّاً أَي امْتَلأَتْ وحَسُنَتْ. وتقول للمرأَة: أَنتِ تَرَيْنَ، وللجماعة: أَنْتُنَّ تَرَيْنَ، لأَن الفعل للواحدة والجماعة سواء في المواجهة في خَبَرِ المرأَةِ من بنَاتِ الياء، إلا أَن النون التي في الواحدة علامة الرفع والتي في الجمع إنما هي نون الجماعة، قال ابن بري:وفرق ثان أَن الياءَ في تَرَيْن للجماعة حرف، وهي لام الكلمة، والياء في فعل الواحدة اسم، وهي ضمير الفاعلة المؤنثة. وتقول: أَنْتِ تَرَيْنَني، وإن شئت أَدغمت وقلت تَرَيِنِّي، بتشديد النون، كما تقول تَضْرِبِنِّي.
واسْتَرْأَى الشيءَ: اسْتَدْعَى رُؤيَتَه. وأَرَيْتُه إياه إراءَةً وإراءً؛ المصدر عن سيبويه، قال: الهاء للتعويض، وتركها على أَن لا تعوَّض وَهْمٌ مما يُعَوِّضُونَ بعد الحذف ولا يُعَوِّضون.
وراءَيْت الرجلَ مُراآةً ورِياءً: أَرَيْته أَنِّي على خلاف ما أَنا عليه. وفي التنزيل: بَطَراً ورِئاءَ الناسِ، وفيه: الذين هُمْ يُراؤونَ؛ يعني المنافقين أَي إذا صَلَّى المؤمنون صَلَّوا معَهم يُراؤُونهُم أَنَّهم على ما هم عليه. وفلان مُراءٍ وقومٌ مُراؤُونَ، والإسم الرِّياءُ. يقال: فَعَلَ ذلك رِياءً وسُمْعَةً. وتقول من الرِّياء يُسْتَرْأَى فلانٌ، كما تقول يُسْتَحْمَقُ ويُسْتَعْقَلُ؛ عن أَبي عمرو. ويقال: راءَى فلان الناسَ يُرائِيهِمْ مُراآةً، وراياهم مُراياةً، على القَلْب، بمعنىً، وراءَيْته مُراآةً ورياءً قابَلْته فرَأَيْته، وكذلك تَرَاءَيْته؛ قال أَبو ذؤيب:

أَبَى اللهُ إلا أَن يُقِيدَكَ، بَعْدَمـا

 

تَراءَيْتُموني من قَرِيبٍ ومَوْدِقِ

يقول: أَقاد الله منك عَلانيَةً ولم يُقِدْ غِيلَة. وتقول: فلان يتَراءَى أَي ينظر إلى وجهه في المِرْآةِ أَو في السيف.والمِرْآة: ما تَراءَيْتَ فيه، وقد أَرَيْته إياها. ورأَيْتُه تَرْئِيَةً: عَرَضْتُها عليه أَو حبستها له ينظر نفسَه وتَراءَيْت فيها وترَأَيْتُ. وجاء في الحديث: لا يتَمَرْأَى أَحدُكم في الماء لا يَنْظُر وَجْهَه فيه، وَزْنُه يتَمَفْعَل من الرُّؤْية كما حكاه سيبويه من قول العرب: تَمَسْكَنَ من المَسْكَنة، وتَمدْرَع من المَدْرَعة، وكما حكاه أَبو عبيد من قولهم: تَمَنْدَلْت بالمِندِيل. وفي الحديث: لا يتَمَرْأَى أَحدُكُم في الدنيا أَي لا يَنْظُر فيها، وقال: وفي رواية لا يتَمَرْأَى أَحدُكم بالدُّنيا من الشيء المَرْئِيِّ. والمِرآةُ، بكسر الميم: التي ينظر فيها، وجمعها المَرائي والكثير المَرايا، وقيل: من حوَّل الهمزة قال المَرايا. قال أَبو زيد: تَراءَيْتُ في المِرآةِ تَرائِياً ورَأيْتُ الرجل تَرْئِيَةً إذا أَمْسَكْتَ له المِرآةَ لِيَنْظُر فيها. وأَرْأَى الرجلُ إذا تراءَى في المِرآة؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:

إِذا الفَتى لم يَرْكَبِ الأَهْوالا،

فأَعْطِه المِرآة والمِكْحـالا،

واسْعَ لـه وعُـدَّهُ عِـيالا

والرُّؤْيا: ما رأَيْته في منامِك، وحكى الفارسي عن أَبي الحسن رُيَّا، قال: وهذا على الإِدغام بعد التخفيف البدلي، شبهوا واو رُويا التي هي في الأَصل همزة مخففة بالواو الأَصلية غير المقدَّر فيها الهمز، نحو لوَيْتُ لَيّاً وشَوَيْتُ شَيّاً، وكذلك حكى أَيضاً رِيَّا، أَتبع الياء الكسرة كما يفعل ذلك في الياء الوضعية. وقال ابن جني: قال بعضهم في تخفيف رُؤْيا رِيَّا، بكسر الراء، وذلك أَنه لما كان التخفيف يصيِّرها إِلى رُويَا ثم شبهت الهمزة المخففة بالواو المخلصة نحو قولهم قَرْنٌ أَلْوى وقُرُونٌ لُيٌّ وأَصلها لُويٌ، فقلبت الواو إِلى الياء بعدها ولم يكن أَقيسُ القولين قَلْبَها، كذلك أَيضاً كسرت الراء فقيل رِيَّا كما قيل قُرون لِيٌّ، فنظير قلب واو رؤيا إِلحاقُ التنوين ما فيه اللامُ، ونظير كسر الراءِ إِبدالُ الأَلف في الوقف على المنوّن المنصوب مما فيه اللام نحو العِتابا، وهي الرُّؤَى. ورأَيتُ عنك رُؤىً حَسَنَةً: حَلَمتها. وأَرْأَى الرجلُ إذا كثرت رُؤَاهُ، بوزن رُعاهُ، وهي أَحْلامه، جمعُ الرُّؤْيا. ورأَى في منامه رُؤْيا، على فُعْلى بلا تنوين، وجمعُ الرُّؤْيا رُؤىً، بالتنوين، مثل رُعىً؛ قال ابن بري: وقد جاء الرُّؤْيا في اليَقَظَة؛ قال الراعي:

فكَبَّر للرُّؤْيا وهَشَّ فُـؤادُه،

 

وبَشَّرَ نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُها

وعليه فسر قوله تعالى: وما جعلنا الرُّؤْيا التي أَرَيْناكَ إِلا فِتْنةً للناس؛ قال وعليه قول أَبي الطَّيِّبِ:

ورُؤْياكَ أَحْلى، في العُيون، من الغَمْضِ

التهذيب: الفراء في قوله، عز وجل: إِن كنتم للرُّؤْيا تَعْبُرُونَ؛ إذا تَرَكَتِ العربُ الهمز من الرؤيا قالوا الرُّويا طلباً للخفة، فإِذا كان من شأْنهم تحويلُ الواو إِلى الياء قالوا: لا تقصص رُيَّاك، في الكلام، وأَما في القرآن فلا يجوز؛ وأَنشد أَبو الجراح:

لَعِرْضٌ من الأَعْراض يُمْسِي حَمامُه،

 

ويُضْحي على أَفنانهِ الغِينِ يَهْـتِـفُ

أَحَبُّ إِلى قَلْـبـي مـن الـدِّيكِ رُيَّةً

 

وبابٍ، إذا ما مالَ للغَلْـقِ يَصْـرِفُ

أَراد رُؤْيةً، فلما ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء مشددة، كما يقال لَوَيْتُه لَيّاً وكَوَيْتُه كَيّاً، والأَصل لَوْياً وكَوْياً؛ قال: وإِن أَشرتَ فيها إِلى الضمة فقلت رُيَّا فرفعت الراء فجائز، وتكون هذه الضمة مثل قوله وحُيِلَ وسُيِق بالإِشارة. وزعم الكسائي أَنه سمع أَعربيّاً يقرأ: إِن كنتم للرُّيَّا تَعْبُرون. وقال الليث: رأَيتُ رُيَّا حَسَنة، قال: ولا تُجْمَعُ الرُّؤْيا، وقال غيره: تجمع الرُّؤْيا رُؤىً كما يقال عُلْياً وعُلىً.
والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ: الجِنِّيُّ يراه الإِنسانُ. وقال اللحياني: له رَئيٌّ من الجن ورِئِيٌّ إذا كان يُحِبه ويُؤَالِفُه، وتميم تقول رِئِيٌّ، بكسر الهمزة والراء، مثل سِعيد وبِعِير. الليث: الرَّئِيُّ جَنِّيّ يتعرض للرجل يُريه كهانة وطِبّاً، يقال: مع فلان رَئِيُّ. قال ابن الأَنباري: به رَئِيٌّ من الجن بوزن رَعِيّ، وهو الذي يعتاد الإِنسان من الجنّ.
ابن الأَعرابي: أَرْأَى الرجلُ إذا صار له رَئِيٌّ من الجنّ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قال لِسَوادِ بنِ قارِبٍ أَنتَ الذي أَتاكَ رَئِيُّكَ بِظُهور رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: نَعَمْ. يقال للتابع من الجن: رَئِيٌّ بوزن كَمِيٍّ، وهو فَعِيلٌ أَو فَعُولٌ، سُمِّي به لأَنه يَتَراءى لمَتْبوعه أَو هو من الرَّأْيِ، من قولهم فلانٌ رَئِيُّ قومِهِ إذا كان صاحب رأْيِهِم، قال: وقد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها؛ ومنه حديث الخُدْري: فإِذا رَئِيٌّ مثل نحْيٍ، يعني حية عظِيمَةً كالزِّقِّ، سمّاها بالرَّئِيِّ الجِنِّ لأَنهم يزعمون أَن الحيَّاتِ من مَسْخِ الجِنِّ، ولهذا سموه شيطاناً وحُباباً وجانّاً. ويقال: به رَئِيٌّ من الجنّ أَي مَسٌّ. وتَراءى له شيء من الجن، وللاثنين تراءيا، وللجمع تَراءَوْا.
وأَرْأَى الرجلُ إذا تَبَّيَنت الرَّأْوَة في وجْهِه، وهي الحَماقة. اللحياني: يقال على وجهه رَأْوَةُ الحُمْقِ إذا عَرَفْت الحُمْق فيه قبل أَن تَخْبُرَهُ. ويقال: إِن في وجهه لرَأْوَةً أَي نَظْرَة ودَمامَةً؛ قال ابن بري: صوابه رَأْوَةَ الحُمْقِ. قال أَبو علي: حكى يعقوب على وجهه رَأْوَةٌ، قال: ولا أَعرف مثلَ هذه الكلمة في تصريف رَأْى. ورَأْوَةُ الشيء: دلالَتُه. وعلى فُلان رَأْوَةُ الحُمْقِ أَي دَلالَته. والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ: الثوب يُنْشَر للبَيْع؛ عن أَبي عليّ. التهذيب: الرِّئْيُ بوزن الرِّعْيِ، بهمزة مسَكَّنَةٍ، الثوبُ الفاخر الذي يُنشَر ليُرى حُسْنُه؛ وأَنشد:

بِذِي الرِّئْيِ الجَميلِ من الأَثاثِ

وقالوا: رَأْيَ عَيْني زيدٌ فَعَلَ ذلك، وهو من نادِرِ المصادِرِ عند سيبويه، ونظيره سَمْعَ أُذُنِي، ولا نظير لهما في المُتَعَدِّيات. الجوهري: قال أَبو زيد بعينٍ مَا أَرَيَنَّكَ أَي اعْجَلْ وكُنْ كأَنِّي أَنْظُر إِلَيْكَ. وفي حديث حنَظلة: تُذَكِّرُنا بالجَنَّةِ والنَّارِ كأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ. تقول: جعلتُ الشَّيْءَ رَأْيَ عَيْنِك وبمَرْأَىً مِنْكَ أَي حِذاءَكَ ومُقابِلَك بحيث تراه، وهو منصوب على المصدر أَي كأَنَّا نراهُما رَأْيَ العَيْنِ.والتَّرْئِيَةُ، بوزن التَّرْعِيةِ: الرجلُ المُخْتال، وكذلك التَّرائِيَة بوزْنِ التَّراعِيَة.
والتَّرِيَّة والتَّرِّيَّة والتَّرْيَة، الأَخيرة نادرة: ما تراه المرأَة من صُفْرةٍ أَو بَياضٍ أَو دمٍ قليلٍ عند الحيض، وقد رَأَتْ، وقيل:التَّرِيَّة الخِرْقَة التي تَعْرِفُ بها المرأَةُ حَيْضَها من طهرها، وهو من الرُّؤْيَةِ. ويقال للمَرْأَةِ: ذاتُ التَّرِيَّةِ، وهي الدم القليل، وقد رَأَتْ تَرِيَّةً أَي دَماً قليلاً. الليث: التَّرِّيَّة مشدَّدة الراء، والتَّرِيَّة خفيفة الراء، والتَّرْية بجَزْمِ الراء، كُلُّها لغات وهو ما تراه المرأَةُ من بَقِيَّة مَحِيضِها من صُفْرة أَو بياض؛ قال أَبو منصور: كأَنّ الأَصل فيه تَرْئِيَةٌ، وهي تَفْعِلَةٌ من رأَيت، ثم خُفِّفَت الهَمْزة فقيل تَرْيِيَةٌ، ثم أُدْغِمَت الياءُ في الياء فقيل تَرِيَّة. أَبو عبيد: التَّرِيَّةُ في بقية حيض المرأَة أَقَلُّ من الصفرة والكُدْرَة وأَخْفَى، تَراها المرأَةُ عند طُهْرِها لِتَعْلم أَنَّها قَدْ طَهُرَت من حَيْضِها، قال شمر: ولا تكون التَّرِيّة إِلا بعد الاغتسال، فأَما ما كان في أَيام الحيض فليس بتَرِيَّة وهو حيض، وذكر الأَزهري هذا في ترجمة التاء والراء من المعتل. قال الجوهري: التَّرِيَّة الشيءُ الخَفِيُّ اليَسيِرُ من الصُّفْرة والكْدْرة تَراها المرأَةُ بعد الاغْتِسال من الحَيْضِ. وقد رَأَتِ المرأَة تَرِيئَةً إذا رَأَت الدم القليلَ عند الحيض، وقيل: التَّرِيَّة الماءُ الأَصْفَر الذي يكون عند انقطاع الحيض.
قال ابن بري: الأَصل في تَرِيَّة تَرْئِيَة، فنقلت حركة الهمزة على الراء فبقي تَرِئْيَة، ثم قلبت الهمزة ياء لانكسار ما قبلها كما فعلوا مثل ذلك في المَراة والكَماة، والأَصل المَرْأَة، فنقلت حركة الهمزة إِلى الراء ثم أُبدلت الهمزة أَلفاً لانفتاح ما قبلها. وفي حديث أُمّ عطية: كُنَّا لا نَعُدُّ الكُدْرة والصُّفْرة والتَّرِيَّة شيئاً، وقد جمع ابن الأَثير تفسيره فقال: التَّرِيَّة، بالتشديد، ما تراه المرأَة بعد الحيض والاغتسال منه من كُدْرة أَو صُفْرة، وقيل: هي البياض الذي تراه عند الطُّهْر، وقيل: هي الخِرْقة التي تَعْرِف بها المرأَة حيضَها من طُهْرِها، والتاءُ فيها زائدة لأَنه من الرُّؤْية، والأَصل فيها الهمز، ولكنهم تركوه وشدَّدوا الياءَ فصارت اللفظة كأَنها فعيلة، قال: وبعضهم يشدّد الراءَ والياء، ومعنى الحديث أَن الحائض إذا طَهُرت واغْتَسَلت ثم عادت رَأَتْ صُفْرة أَو كُدْرة لم يُعْتَدَّ بها ولم يُؤَثِّر في طُهْرها.وتَراءَى القومُ: رَأَى بعضُهُم بعضاً. وتَراءَى لي وتَرَأَّى؛ عن ثعلب:تَصَدَّى لأَرَاهُ. ورَأَى المكانُ المكانَ: قابَلَه حتى كَأَنَّه يَراهُ؛ قال ساعدة:

لَمَّا رَأَى نَعْمانَ حَلَّ بِكِـرْفِـئ

 

عَكِرٍ، كما لَبَجَ النُّزُولَ الأَرْكُبُ

وقرأَ أَبو عمرو: وأَرْنا مَنَاسِكَنا، وهو نادِرٌ لما يلحق الفعلَ من الإِجْحاف. وأَرْأَتِ الناقَةُ والشاةُ من المَعَز والضَّأْنِ، بتَقْدِير أَرْعَتْ، وهي مُرْءٍ ومُرْئِيَةٌ: رؤِيَ في ضَرْعها الحَمْلُ واسْتُبينَ وعَظُمَ ضَرْعُها، وكذلك المَرْأَة وجميعُ الحَوامِل إِلا في الحَافِر والسَّبُع. وأَرْأَت العَنْزُ: وَرِمَ حَياؤُها؛ عن ابن الأَعرابي، وتَبَيَّنَ ذلك فيها. التهذيب: أَرْأَت العَنْزُ خاصَّة، ولا يقال لِلنَّعْجة أَرْأَتْ، ولكن يقال أَثْقَلَت لأَن حَياءَها لا يَظْهَر. وأَرْأَى الرجلُ إذا اسْوَدَّ ضَرْعُ شاتِهِ. وتَرَاءَى النَّحْلُ: ظَهَرَت أَلوانُ بُسْرِهِ؛ عن أَبي حنيفة، وكلُّه من رُؤْيَةِ العين. ودُورُ القوم مِنَّا رِثَاءٌ أَي مُنْتَهَى البَصَر حيثُ نَرَاهُم. وهُمْ مِنِّي مَرْأىً ومَسْمَعٌ، وإِن شئتَ نَصَبْتَ، وهو من الظروف المخصوصة التي أُجْرِيَتْ مُجْرَى غير المخصوصة عند سيبويه، قال: وهو مثل مَناطَ الثُّرَيَّا ومَدْرَجَ السُّيُول، ومعناه هو مِنِّي بحيثُ أَرَاهُ وأَسْمَعُه. وهُمْ رِئَاءُ أَي أَلْفٍ زُهَاءُ أَلْفٍ فيما تَرَى العَيْنُ. ورأَيت زيداً حَلِيماً: عَلِمْتُه، وهو على المَثَل برُؤْيَةِ العَيْن. وقوله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتُوا نَصِيباً من الكتاب؛ قيل: معناه أَلَمْ تَعْلَم أَي أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلى هَؤُلاء، ومَعْناه اعْرِفْهُم يعني علماء أَهل الكتاب، أَعطاهم الله عِلْم نُبُوّةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، بأَنه مكتوب عندهم في التوراة والإِنجيل يَأْمرُهم بالمَعْروف ويَنْهاهُمْ عن المُنْكر، وقال بعضهم: أَلَمْ ترَ أَلَمْ تُخْبِرْ، وتأْويلُهُ سُؤالٌ فيه إِعْلامٌ، وتَأْوِيلُه أَعْلِنْ قِصَّتَهُم، وقد تكرر في الحديث: أَلَمْ تَرَ إِلى فلان، وأَلَمْ تَرَ إِلى كذا، وهي كلمة تقولها العربُ عند التَّعَجُّب من الشيء وعند تَنْبِيهِ المخاطب كقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلى الذينَ خَرجُوا من دِيارِهْم، أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتوا نَصِيباً من الكتاب؛ أَي أَلَمْ تَعْجَبْ لِفِعْلِهِم، وأَلَمْ يَنْتَه شأْنُهُم إِليك. وأَتاهُم حِينَ جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْياً ورَأْيٌ رَأْياً أَي حينَ اختَلَطَ الظَّلام فلَمْ يَتَراءَوْا. وارْتَأَيْنا في الأَمْرِ وتَراءَيْنا: نَظَرْناه. وقوله في حديث عمر، رضي الله عنه، وذَكَر المُتْعَة: ارْتَأَى امْرُؤٌ بعدَ ذلك ما شاءَ أَنْ يَرْتَئِيَ أَي فكَّر وتَأَنَّى، قال: وهو افْتَعَل من رُؤْيَة القَلْب أَو من الرَّأْيِ. ورُوِي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: أَنا بَرِيءٌ من كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ، قيل: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لا تَراءَى نَارَاهُما؛ قال ابنُ الأَثِير: أَي يَلْزَمُ المُسْلِمَ ويجب عليه أَن يُباعِدَ مَنْزِلَه عن مَنْزِل المُشْرِك ولا يَنْزِل بالموضع الذي إذا أُوقِدَتْ فيه نارُه تَلُوح وتَظْهَرُ لِنَارِ المُشْرِكِ إذا أَوْقَدَها في مَنْزِله، ولكنه يَنْزِل معَ المُسْلِمِين في دَارِهِم، وإِنما كره مُجاوَرَة المشركين لأَنهم لا عَهْدَ لهم ولا أَمانَ، وحَثَّ المسلمين على الهِجْرة؛ وقال أَبو عبيد: معنى الحديث أَنَّ المسلم لا يَحِلُّ له أَن يَسْكُنَ بلادَ المُشْرِكين فيكونَ مَعَهم بقْدر ما يَرَى كلُّ واحدٍ منهم نارَ صاحِبه. والتَّرَائِي: تفاعُلٌ من الرؤية. يقال: تَراءَى القومُ إذا رَأَى بعضُهُم بعضاً. وتَراءى لي الشيءُ أَي ظَهَر حتى رَأَيْته، وإِسناد التَّرائِي إِلى النَّارَيْن مجازٌ من قولهم دَارِي تَنْظُر إِلى دارِ فلان أَي تُقابِلُها، يقول ناراهما مُخْتَلِفتانِ، هذه تَدْعو إِلى الله وهذه تدعو إِلى الشيطان، فكيف تَتَّفِقانِ؟ والأَصل في تَراءَى تَتَراءَى فحذف إِحدى التاءين تخفيفاً. ويقال: تَراءَينا فلاناً أَي تَلاقَيْنا فَرَأَيْتُه ورَآني. وقال أَبو الهيثم في قوله لا تَراءَى نارَاهُما: أَي لا يَتَّسِمُ المُسْلِم بسِمَةِ المُشْرِك ولا يَتَشَبَّه به في هَدْيِه وشَكْلِهِ ولا يَتَخَلّق بأَخْلاقِه، من قولك ما نَارُ بَعِيرِكَ أَي ما سِمةُ بعِيرِكَ. وقولهم: دَارِي تَرَى دارَ فلانٍ أَي تُقابِلُها؛ وقال ابن مقبل:  

سَلِ الدَّار مِنْ جَنْبَيْ حَبِيرٍ، فَواحِفِ،إِلى ما رأَى هَضْبَ القَلِيبِ المصَبَّحِ

أَراد: إِلى ما قابَلَه. ويقال: مَنازِلُهم رِئَاءٌ على تقدير رِعَاء إذا كانت مُتَحاذِيةً؛ وأَنشد:

لَيالِيَ يَلْقَى سرْبُ دَهْماء سِرْبَنَا،

 

ولَسْنا بِجِيرانٍ ونَـحْـنُ رِئَاءُ

ويقال: قَوْمِ رِئَاءٌ يقابلُ بعضُهُم بعضاً، وكذلك بُيوتُهُم رِئَاءٌ.
وتَرَاءَى الجَمْعانِ: رَأَى بعضُهُم بعضاً. وفي حديث رَمَلِ الطَّوافِ: إِنما كُنَّا راءَيْنا به المشركين، هو فاعَلْنا من الرُّؤْية أَي أَرَيْناهم بذلك أَنَّا أَقْوِياء. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَهلَ الجَنَّةِ ليَتَراءَوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكَوْكَب الدُّرِّيَّ في كَبِدِ السماء؛ قال شمر: يتَراءَوْنَ أَي يتَفاعَلون أَي يَرَوْنَ، يَدُلُّ على ذلك قولُه كما تَرَوْن.
والرَّأْيُ: معروفٌ، وجمعه أَرْآءٌ، وآراءٌ أَيضاً مقلوب، ورَئِيٌّ على فَعِيل مثل ضَأْنٍ وضَئِينٍ. وفي حديث الأَزرق بن قيس: وفِينا رجُلٌ له رَأْيٌ. يقال: فلانٌ من أَهل الرَّأْي أَي أَنه يَرَى رَأْيَ الخوارج ويقول بمَذْهَبِهم، وهو المراد ههنا، والمُحَدِّثون يُسَمُّون أَصحابَ القياسِ أَصحابَ الرَّأْي يَعْنُون أَنهم يأْخذون بآرائِهِم فيما يُشْكِلُ من الحديث أَو ما لم يَأْتِ فيه حديث ولا أَثَرٌ. والرَّأْيُ: الاعتِقادُ، اسمٌ لا مصدرٌ، والجمع آراءٌ؛ قال سيبويه: لم يكَسَّر على غير ذلك، وحكى اللحياني في جمعه أَرْءٍ مثل أَرْعٍ ورُئِيٌّ ورِئِيُّ. ويقال: فلان يتَراءَى بِرَأْيِ فلان إذا كان يَرَى رَأْيَه ويَمِيلُ إِليه ويَقْتَدي به؛ وأَما ما أَنشده خَلَفٌ الأَحمر من قول الشاعر:

أَما تَراني رَجُلاً كما تَرَى

أَحْمِلُ فَوْقي بِزَّنِي كما تَرَى

على قَلُوص صعبة كما تَرَى

أَخافُ أَن تَطْرَحَني كما تَرَى

فما تَرى فيما تَرَى كما تَرَى

قال ابن سيده: فالقول عندي في هذه الأَبيات أَنها لو كانت عدَّتُها ثلاثة لكان الخطب فيها أَيسر، وذلك لأَنك كنت تجعل واحداً منها من رُؤْية العَيْنِ كقولك كما تُبْصِر، والآخر من رُؤْية القَلْبِ في معنى العلم فيصير كقولك كما تَعْلم، والثالث من رأَيْت التي بمعنى الرَّأْي الاعتقاد كقولك فلان يرَى رَأْي الشُّراةِ أَي يعتَقِدُ اعْتِقادَهم؛ ومنه قوله عز وجل: لتَحْكُم بين الناسِ بما أَرَاكَ اللهُ؛ فحاسَّةُ البَصَر ههنا لا تتَوَجَّه ولا يجوز أَن يكون بمعنى أَعْلَمَك الله لأَنه لو كان كذلك لوَجَب تعدِّيه إِلى ثلاثة مَفْعولِين، وليس هناك إِلا مفعولان: أَحدهما الكاف في أَراك، والآخر الضمير المحذوف للغائب أَي أَراكَه، وإِذا تعدَّت أَرى هذه إلى مفعولين لم يكن من الثالث بُدُّ، أَوَلا تَراكَ تقول فلان يَرَى رأْيَ الخوارج ولا تَعْني أَنه يعلم ما يَدَّعون هُمْ عِلْمَه، وإِنما تقول إِنه يعتقد ما يعتقدون وإِن كان هو وهم عندك غير عالمين بأَنهم على الحق، فهذا قسم ثالث لرأَيت، قال ابن سيده: فلذلك قلنا لو كانت الأَبيات ثلاثة لجاز أَن لا يكون فيها إِيطاء لاختلاف المعاني وإِن اتفقت الأَلفاظ، وإِذْ هِي خمسة فظاهر أَمرها أَن تكون إِيطاء لاتفاق الأَلفاظ والمعاني جميعاً، وذلك أَن العرب قد أَجرت الموصول والصلة مُجْرى الشيء الواحد ونَزَّلَتْهما منزلة الخبر المنفرد، وذلك نحو قول الله عز وجل: الذي هو يُطْعِمُني ويَسْقِينِ وإِذا مَرِضْتُ فهُو يَشْفِينِ والذي يُميتُني ثم يُحْيِينِ والذي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لي خطيئَتي يومَ الدِّينِ؛ لأَنه سبحانه هو الفاعل لهذه الأَشياء كلها وحده، والشيء لا يُعْطَف على نفسِه، ولكن لما كانت الصلة والموصول كالخبر الواحد وأَراد عطف الصلة جاء معها بالموصول لأَنهما كأَنهما كلاهما شيء واحد مفرد؛ وعلى ذلك قول الشاعر:

أَبا ابْنَةَ عبدِ اللـه وابْـنَةَ مـالِـكٍ،

 

ويا ابْنَةَ ذي الجَدَّينِ والفَرَسِ الوَرْدِ

إِذا ما صَنَعْتِ الزَّادَ، فالْتَمِسي لـهُ

 

أَكِيلاً، فإِني لسْتُ آكُلُـه وَحْـدي

فإِنما أَراد: أَيا ابْنة عبدِ الله ومالِكٍ وذي الجَدّين لأَنها واحدةٌ، أَلا تَراهُ يقول صنعتِ ولم يَقُلْ صنعتُنَّ؟ فإِذا جازَ هذا في المضاف والمضاف إِليه كان في الصِّلَةِ والموصولِ أَسْوَغَ، لأَنَّ اتِّصالَ الصِّلَةِ بالموصول أَشدُّ من اتصال المضافِ إِليه بالمُضاف؛ وعلى هذا قول الأَعرابي وقد سأَله أَبو الحسن الأَخفشُ عن قول الشاعر:

بَناتُ وَطَّاءٍ على خَدِّ اللَّيْل

فقال له: أَين القافية؟ فقال: خدّ الليلْ؛ قال أَبو الحسن الأَخفش: كأَنه يريد الكلامَ الذي في آخر البيت قلَّ أَو كَثُر، فكذلك أَيضاً يجعل ما تَرَى وما تَرَى جميعاً القافية، ويجعل ما مَرَّةً مصدراً ومرة بمنزلة الذي فلا يكون في الأَبيات إِيطاء؛ قال ابن سيده: وتلخيص ذلك أَن يكون تقديرها أَما تراني رجلاً كُرؤْيَتِك أَحمل فوقي بزتي كمَرْئِيِّك على قلوص صعبة كعِلْمِكَ أَخاف أَن تطرحني كمَعْلُومك فما ترى فيما ترى كمُعْتَقَدِك، فتكون ما ترى مرة رؤية العين، ومرة مَرْئِيّاً، ومرة عِلْماً ومرة مَعلوماً، ومرة مُعْتَقَداً، فلما اختلفت المعاني التي وقعت عليها ما واتصلت بها فكانت جزءاً منها لاحقاً بها صارت القافية وما ترى جميعاً، كما صارت في قوله خدّ الليل هي خدّ الليل جميعاً لا الليل وحده؛ قال: فهذا قياس من القوّة بحيث تراه، فإِن قلت: فما رويّ هذه الأَبيات؟ قيل: يجوز أَن يكون رَوّيها الأَلفَ فتكون مقصورة يجوز معها سَعَى وأتى لأَن الأَلف لام الفعل كأَلف سَعَى وسَلا، قال: والوجه عندي أَن تكون رائِيَّة لأَمرين: أَحدهما أَنها قد التُزِمَت، ومن غالب عادة العرب أَن لا تلتزم أَمراً إِلا مع وجوبه، وإِن كانت في بعض المواضع قد تتَطوَّع بالتزام ما لا يجب عليها وذلك أَقل الأَمرين وأَدْوَنُهما، والآخر أَن الشعر المطلق أَضعاف الشعر المقيد، وإِذا جعلتها رائية فهي مُطْلقة، وإذا جعلتها أَلِفِيَّة فهي مقيدة، أَلا ترى أَن جميع ما جاء عنهم من الشعر المقصور لا تجد العرب تلتزم فيه ما قبل الأَلف بل تخالف ليعلم بذلك أَنه ليس رَوِيّاً؟ وأَنها قد التزمت القصر كما تلتزم غيره من إِطلاق حرف الروي، ولو التزمت ما قبل الأَلف لكان ذلك داعياً إِلى إِلْباس الأَمر الذي قصدوا لإِيضاحِه، أَعني القصرَ الذي اعتمدوه، قال: وعلى هذا عندي قصيدة يزيدَ بنِ الحَكَم، التي فيها مُنْهَوي ومُدَّوي ومُرْعَوي ومُسْتَوي، هي واويَّة عندنا لالتزامه الواو في جميعها والياءاتُ بعدها وُصُول لما ذكرنا. التهذيب: اليث رَأْي ا لقَلْب والجمعُ الآراءُ. ويقال: ما أَضلَّ آراءَهم وما أَضلَّ رأْيَهُمْ. وارْتَآهُ هو: افْتَعَل من الرَّأْي والتَّدْبِير. واسْتَرْأَيْتُ الرُّجلَ في الرَّأْيِ أَي اسْتَشَرْتُه وراءَيْته. وهو يُرائِيهِ أَي يشاوِرُه؛ وقال عمران بن حطَّان:

فإِن تَكُنْ حين شاوَرْناكَ قُلْتَ لَنا

 

بالنُّصْحِ مِنْكَ لَنَا فِيما نُرائِيكـا

أَي نستشيرك. قال أَبو منصور: وأَما قول الله عزَّ وجل: يُراؤُونَ الناسَ، وقوله: يُراؤُونَ ويَمْنَعُون الماعونَ، فليس من المشاورة، ولكن معناه إذا أَبْصَرَهُم الناس صَلَّوا وإِذا لم يَرَوْهم تركوا الصلاةَ؛ ومن هذا قول الله عزَّ وجل: بَطَراً ورِئَاءَ الناسِ؛ وهو المُرَائِي كأَنه يُرِي الناس أَنه يَفْعَل ولا يَفْعَل بالنية. وأَرْأَى الرجلُ إذا أَظْهَر عملاً صالِحاً رِياءً وسُمْعَة؛ وأَما قول الفرزدق يهجو قوماً ويَرْمِي امرأَة منهم بغير الجَمِيلِ:

وبات يُراآها حَصاناً، وقَدْ جَرَتْ

 

لَنا بُرَتَاهَا بِالَّذِي أَنَا شَـاكِـرُه

قوله: يُراآها يظن أَنها كذا، وقوله: لنا بُرَتاها معناه أَنها أَمكنته من رِجْلَيْها. وقال شمر: العرب تقول أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى اللهُ الناسَ بفلان العَذَابَ والهلاكَ، ولا يقال ذلك إِلاَّ في الشَّرِّ؛ قال الأَعشى:

وعَلِمْتُ أَنَّ اللهَ عَـمْ

 

داً خَسَّها، وأَرَى بِهَا

يَعْنِي قبيلة ذكَرَها أَي أَرَى اللهُ بها عَدُوَّها ما شَمِتَ به.وقال ابن الأَعرابي: أَي أَرَى الله بها أَعداءَها ما يَسُرُّهم؛ وأَنشد:

أَرَانَا اللهُ بالنَّعَمِ المُنَدَّى

وقال في موضع آخر: أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى به ما يَشْمَتُ به عَدُوُّه. وأَرِنِي الشَّيءَ: عاطِنيهِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤَنث، وحكى اللحياني: هو مَرآةً أَنْ يَفْعَلَ كذا أَي مَخْلَقة، وكذلك الاثنان والجمع والمؤَنث، قال: هو أَرْآهُمْ لأَنْ يَفَعَلَ ذلك أَي أَخْلَقُهُم.
وحكى ابن الأَعرابي: لَوْ تَرَ ما وأَو تَرَ ما ولَمْ تَرَ ما، معناه كله عنده ولا سِيَّما.
والرِّئَة، تهمز ولا تهمز: مَوْضِع النَّفَس والرِّيحِ من الإِنْسانِ وغيره، والجمع رِئَاتٌ ورِئُون، على ما يَطّرِد في هذا النحو؛ قال:

فَغِظْنَاهُمُ، حتَّى أَتَى الغَيْظُ مِنْهُمُ

 

قُلوباً، وأَكْباداً لهُـم، ورِئِينَـا

قال ابن سيده: وإِنما جاز جمع هذا ونحوه بالواو والنون لأَنها أَسماء مَجْهودة مُنْتَقَصَة ولا يُكَسَّر هذا الضَّرب في أَوَّلِيَّته ولا في حد التسمية، وتصغيرها رُؤيَّة، ويقال رُويَّة؛ قال الكميت:

يُنازِعْنَ العَجاهِنَةَ الرِّئِينَا

ورَأَيْته: أَصَبْت رِئَته. ورُؤِيَ رَأْياً: اشْتكى رِئَته. غيره: وأَرْأَى الرجلُ إذا اشْتَكى رِئَته. الجوهري: الرِّئَة السَّحْرُ، مهموزة، ويجمع على رِئِينَ، والهاءُ عوضٌ من الياء المَحْذوفة. وفي حديث لُقْمانَ بنِ عادٍ: ولا تَمْلأُ رِئَتِي جَنْبِي؛ الرِّئَة التي في الجَوْف:مَعْروفة، يقول: لست بِجَنان تَنْتَفِخُ رِئَتي فَتَمْلأُ جَنْبي، قال: هكذا ذكرها الهَرَوي. والتَّوْرُ يَرِي الكَلْبَ إذا طَعَنَه في رِئَتِه. قال ابن بُزُرج: ورَيْته من الرِّئَةِ، فهو مَوْرِيّ، ووَتَنْته فهو مَوْتونٌ وشَويْته فهو مَشْوِيّ إذا أَصَبْت رِئَتَه وشَوَاتَه ووَتِينِه. وقال ابن السكيت: يقال من الرِّئة رَأَيْته فهو مَرْئيٌّ إذا أَصَبْته في رِئَته. قال ابن بري: يقال للرجل الذي لا يَقْبَل الضَّيم حامِضُ الرِّئَتَين؛ قال دريد:

إِذا عِرْسُ امْرِئ شَتَمَتْ أَخاهُ،

 

فَلَيْسَ بحامِضِ الرِّئَتَيْن مَحْضِ

ابن شميل: وقد وَرَى البعيرَ الدَّاءُ أَي وقع في رِئَتِه وَرْياً.
ورَأَى الزندُ: وَقَدَ؛ عن كراع، ورَأَيْته أَنا؛ وقول ذي الرمة:

وجَذْب البُرَى أَمْراسَ نَجْرانَ رُكِّبَتْ

 

أَوَاخِيُّها بالمُـرْأَياتِ الـرَّواجِـفِ

يعني أَواخِيَّ الأَمْراسِ، وهذا مثل، وقيل في تفسيره: رَأْسٌ مُرْأىً بوزن مُرْعىً طويلُ الخَطْمِ فيه شبِيةٌ بالتَّصْويب كهَيْئة الإِبْرِيقِ؛ وقال نصير:

رُؤُوسٌ مُرْأَياتٌ كَأَنَّها قَراقِيرُ

قال: وهذا لا أَعرف له فعلاً ولا مادَّة. وقال النضر: الإِرْآءُ انْتِكابُ خَطْمِ البعيرِ على حَلْقِه، يقال: جَمَلٌ مُرأىً وجِمال مُرْآةٌ.الأَصمعي: يقال لكل ساكِنٍ لا يَتَحَرَّك ساجٍ ورَاهٍ ورَاءٍ؛ قال شمر: لا أَعرف راء بهذا المعنى إِلاَّ أَن يكون أَراد رَاه، فجعل بدل الهاء ياءً.
وأَرأَى الرجلُ إذا حَرَّك بعَيْنَيْه عند النَّظَرِ تَحْرِيكاً كَثِيراً وهو يُرْئي بِعَيْنَيْه.
وسَامَرَّا: المدينة التي بناها المُعْتَصِم، وفيها لغات: سُرَّ مَنْ رَأَى، وسَرَّ مَنْ رَأَى، وسَاءَ مَنْ رأَى، وسَامَرَّا؛ عن أَحمد بن يحيى ثعلب وابن الأَنباري، وسُرَّ مَنْ رَاءَ، وسُرَّ سَرَّا، وحكي عن أَبي زكريا التبريزي أَنه قال: ثقل على الناس سُرَّ مَنْ رأَى فَغَيَّروه إِلى عكسه فقالوا سامَرَّى؛ قال ابن بري: يريد أَنَّهُمْ حذفوا الهمزة من سَاءَ ومن رَأَى فصار سَا مَنْ رَى، ثم أُدغمت النون في الراء فصار سَامَرَّى، ومن قال سَامَرَّاءُ فإِنه أَخَّر همزة رأَى فجعلها بعد الأَلف فصار سَا مَنْ رَاءَ، ثم أَدغم النون في الراء. ورُؤَيَّة: اسم أَرْضٍ؛ ويروى بيت الفرزدق:

هل تَعْلَمون غَدَاةً يُطْرَدُ سَبْيُكُم

 

بالسَّفْحِ، بين رُؤَيَّةٍ وطِحَالِ؟

وقال في المحكم هنا: رَاءَ لغة في رَأَى، والاسم الرِّيءُ. ورَيَّأَهُ تَرْيِئَة: فَسَّحَ عنه من خِناقهِ. وَرَايا فلاناً: اتَّقاه؛ عن أَبي زيد؛ ويقال رَاءَهُ في رَآه؛ قال كثير:

وكلُّ خَلِيل رَاءَني، فهْـوَ قَـائِلٌ

 

منَ اجْلِك: هذا هامَةُ اليَومِ أَو غَدِ

وقال قيس بن الخطيم:  

فَلَيْت سُوَيْداً رَاءَ فَرَّ مَنْ مِنْهُمُ،ومَنْ جَرَّ، إِذْ يَحْدُونَهُم بالرَّكَائِبِ

وقال آخر:

وما ذاكِ من أَنْ لا تَكُوني حَبِيبَةً،

 

وإِن رِيءَ بالإِخْلافِ مِنْكِ صُدُودُ

وقال آخر:

تَقَرَّبَ يَخْبُو ضُوْءُهُ وشُعاعُـه،

 

ومَصَّحَ حتى يُسْتَراءَ، فلا يُرى

يُسْتَراءَ: يُسْتَفْعَل من رأَيت. التهذيب: قال الليث يقال من الظنِّ رِيْتُ فلاناً أَخاكَ، ومن همز قال رؤِيتُ، فإِذا قلت أَرى وأَخَواتها لم تهمز، قال: ومن قلب الهمز من رأَى قال راءَ كقولك نأَى وناءَ. وروي عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنه بَدأَ بالصَّلاة قبل الخُطْبة يومَ العِيدِ ثم خَطَبَ فَرُؤِيَ أَنه لم يُسْمِعِ النساءَ فأَتاهُنَّ ووعَظَهُنَّ؛ قال ابن الأَثير: رُؤِيَ فِعْلٌ لم يسَمّ فاعله من رَأَيْت بمعنى ظَنَنْت، وهو يَتَعَدَّى إِلى مفعولين، تقول رأَيتُ زيداً عاقِلاً، فإِذا بَنَيْتَه لما لم يُسَمّ فاعلُه تعدَّى إِلى مفعول واحد فقلت رُؤِيَ زيدٌ عاقلاً، فقوله إِنه لم يُسَمِع جملة في موضع المفعول الثاني والمفعول الأَول ضميره. وفي حديث عثمان: أَراهُمُني الباطِلُ شَيْطاناً؛ أَراد أَنَّ الباطِلَ جَعَلَني عندهم شيطاناً. قال ابن الأَثير: وفيه شذوذ من وجهين: أَحدهما أَن ضمير الغائب إذا وقع مُتَقَدِّماً على ضمير المتكلم والمخاطب فالوجه أَن يُجاء بالثاني منفصلاً تقول أَعطاه إِياي فكان من حقه أَن يقول أَراهم إِياي، والثاني أَن واو الضمير حقها أَن تثبت مع الضمائر كقولك أَعطيتموني، فكان حقه أَن يقول أَراهُمُوني، وقال الفراء: قرأَ بعض القراء: وتُرَى الناسَ سُكارى، فنصب الراء من تُرى، قال: وهو وجه جيد، يريد مثلَ قولك رُؤِيتُ أَنَّك قائمٌ ورُؤِيتُك قائماً، فيجعل سُكارى في موضع نصب لأَن تُرى تحتاج إِلى شيئين تنصبهما كما تحتاج ظن. قال أَبو نصور: رُؤِيتُ مقلوبٌ، الأَصلُ فيه أُريتُ، فأُخرت الهمزة، وقيل رُؤِيتُ، وهو بمعنى الظن.