رَفَأَ السفينة يَرْفَؤُها رَفْأً: أَدْناها مِن الشَّطِّ.
وأَرْفَأْتُها إذا قَرَّبتها إلى الجَدِّ من الأَرض. وفي الصحاح: أَرفَأْتُها إرْفاءً: قَرَّبْتها من الشط، وهو المَرفَأُ. ومَرْفَأُ السفِينةِ: حيث تَقْرُب مِن الشَّطِّ.
وأَرْفَأْتُ السَّفِينةَ إذا أَدْنَيْتها الجِدَّةَ، والجِدَّةُ وجْهُ الأَرضِ. وأَرْفَأَتِ السَّفِينةُ نَفْسُها إذا ما دَنَتْ للجِدَّة.
والجَدُّ ما قَرُبَ مِن الأَرض. وقيل: الجَدُّ شاطِئُ النهر. وفي حديث تَمِيمٍ الدارِي: أَنَّهُم رَكِبُوا البحر ثم أَرْفَؤُوا الى جزيرة. قال أَرْفَأْتُ السَّفِينةَ إذا قَرَّبْتها من الشَّطِّ. وبعضهم يقول: أَرْفَيْتُ بالياء. قال: والأَصل الهمز. وفي حديث موسى عليه السلام: حتى أَرْفَأَ به عند فُرْضَةِ الماءِ. وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه في القِيامة: فتكونُ الأَرضُ كالسَّفِينة المُرْفَأَة في البحر تَضْرِبها الأَمواجُ.
ورفَأَ الثوبَ، مهموز، يَرْفَؤُه رَفْأً: لأَمَ خَرْقَه وضمَّ بعضَه إلى بَعْضٍ وأَصْلَح ما وَهَى منه، مشتق من رَفْءِ السَّفينة، وربما لم يُهمز. وقال في باب تحويل الهَمزة: رَفَوْتُ الثوبَ رَفْواً، تحوَّل الهمزة واوا كما ترى.
ورجلٌ رَفَّاءٌ: صَنْعَتُه الرَّفْءُ. قال غَيْلان الرَّبَعِيُّ:
فَهُنَّ يْعْبِطْنَ جَدِيدَ البَـيْداءْ |
|
ما لا يُسَوَّى عَبْطُه بالرَّفَّاءْ |
أَراد برَفْءِ الرَّفَّاءِ، ويقال: من اغتابَ خَرَقَ، ومَن اسْتَغْفر اللّهَ رَفَأَ، أَي خَرَقَ دِينه بالاغتِيابِ ورَفَأَه بالاسْتِغْفار، وكلُّ ذلك على المَثَل.
والرَّفاءُ بالمدّ: الالتِئامُ والاتِّفاقُ.
وَرَفأَ الرجلَ يَرْفَؤُه رَفْأً: سكنَّه. وفي الدعاء لِلمُمْلِكِ بالرَّفاءِ والبَنِينَ أَي بالالتئام والاتِّفاقِ وحُسْنِ الاجتماع. قال ابن السكيت: وإن شئت كان معناه بالسكون والهُدُوِّ والطُّمَأنينةِ، فيكون أَصله غير الهمز من قولهم رَفَوْتُ الرجلَ إذا سَكَّنْته. ومن الأَوَّل يقال: أُخِذَ رَفْءُ الثَّوبِ لأَنه يُرْفَأُ فيُضَمُّ بعضُه إلى بعض ويُلأَم بينه. ومن الثاني قول أَبي خَراش الهُذَلِيِّ:
رَفَوْنِي، وقالوا: يا خُوَيْلِدُ لا تُرَعْ، |
|
فقلتُ، وأَنْكَرْتُ الوُجوهَ: هُمُ هُم |
يقول: سكَّنُوني. وقال ابن هانئ: يريد رَفَؤُوني فأَلقى الهمزة. قال: والهمزة لا تُلْقَى إلاَّ في الشعر، وقد أَلقاها في هذا البيت. قال: ومعناه أَنِّي فَزَعْتُ فطار قلبي فضَمُّوا بعضي إلى بعض. ومنه بالرِّفاءِ والبَنِينَ. ورَفَّأَهُ تَرفِئةً وتَرْفِيئاً: دعا له، قال له: بالرِّفاءِ والبنين. وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم: أَنه نَهى أَن يقال بالرِّفاءِ والبنين.
الرَّفاءُ: الالتئامُ والاتِّفاقُ والبَرَكةُ والنَّماءُ، وإنما نهى عنه كراهِيةً لأَنه كان من عادتهم، ولهذا سُنَّ فيه غيرُه. وفي حديث شريح: قال له رجل: قد تَزَوَّجْتُ هذه المرأَةَ. قال: بالرِّفاءِ والبنين. وفي حديث بعضهم: أَنه كان إذا رَفَّأَ رجلاً قال: بارك اللّهُ عليكَ وبارك فيكِ، وجمع بينكما في خير. ويهمز الفعل ولا يهمز.
قال ابن هانئ: رَفَّأَ أَي تزوَّج، وأَصل الرَّفْءِ: الاجتماع والتَّلاؤُم. ابن السكيت فيما لا يهمز، فيكون له معنى، فإذا هُمِز كان له معنى آخر: رَفَأْتُ الثوبَ أَرْفَؤُه رَفْأً. قال: وقولهم بالرِّفاءِ والبَنِينَ أَي بالتِئامٍ واجتماعٍ، وأَصله الهمز، وإن شئت كان معناه السكونَ والطُّمَأْنِينةَ، فيكون أَصله غير الهمز من رَفَوْت الرجلَ إذا سَكَّنْته.
وفي حديث أُمِّ زرع: كنتُ لكِ كأَبي زَرْعٍ لأُمِّ زرعٍ في الأَلْفةِ والرِّفاءِ.
وفي الحديث: قال لقُرَيْش: جئْتُكُم بالذَّبْح. فأَخَذَتْهُم كلمتُه، حتى إنّ أَشَدَّهم فيه وَصاءَةً ليَرْفَؤُه بأَحسنِ ما يَجِدُ من القَوْلِ أَي يُسَكِّنُه ويَرْفُقُ به ويَدْعُو له.
وفي الحديث: أَنَّ رجُلاً شَكا إليه التَّعَزُّبَ فقال له: عَفِّ شعَرَك. فَفَعَلَ، فَارْفَأَنَّ أَي سَكَنَ ما كان به، والمُرْفَئِنُّ: الساكِنُ.
ورَفَأَ الرجلَ: حاباه. وأَرْفَأَه: داراه، هذه عن ابن الأَعرابي.
ورافَأَنِي الرجلُ في البيعِ مُرافأَةً إذا حاباكَ فيه. ورافأْتُه في البيع: حابَيْتُه.
وتَرافأْنا على الأَمْر تَرافُؤاً نحو التَّمالُؤِ إذا كان كَيْدُهم وأَمْرُهم واحداً. وتَرافَأْنا على الأَمْر: تَواطَأْنا وتَوافَقنا.
وَرَفَأَ بينهم: أَصْلَح، وسنذكره في رَقَأَ أَيضاً.
وأَرْفَأَ إليه: لَجَأَ. الفرَّاء: أَرْفَأْتُ وأَرْفَيْتُ إليه لغتان بمعنى جَنَحْتُ.
واليَرْفَئِيُّ: المُنْتَزَعُ القلب فَزَعاً. واليَرْفَئِيُّ: راعي الغنمِ. واليَرْفَئِيُّ: الظَّلِيمُ. قال الشاعر:
كأَنِّي ورَحْلِي والقِرابَ ونُمْرُقِي |
|
على يَرْفَئِيٍّ، ذَي زَوائدَ، نِقْنِقِ |
واليَرْفَئِيُّ: القفُوز المُوَلِّي هَرَباً. واليَرْفَئِيُّ: الظَّبيُ لنَشاطِه وتَدارُكِ عَدْوِه.
رقأ: رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ تَرْقَأُ رقْأً ورُقُوءاً: جَفَّتْ وانْقَطَعَتْ. وَرَقَأَ الدمُ والعِرْقُ يَرْقَأُ رَقْأً ورُقُوءاً: ارتفَع، والعِرْقُ سَكَنَ وانْقَطَع. وأَرْقَأَهُ هو وأَرْقَأَهُ اللّه: سَكَّنه. وروى المنذري عن أَبي طالب في قولهم لا أَرْقَأَ اللّه دَمْعَتَه قال: معناه لا رَفَع اللّه دَمْعَتَه. ومنه رَقَأْتُ الدَّرَجَةَ، ومن هذا سُمِّيت المِرْقاة. وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها: فبِتُّ لَيْلَتِي لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ.
والرَّقُوءُ، على فَعُولً، بالفتح: الدَّواءُ الذي يوضع على الدَّمِ ليُرْقِئَه فيسكُن، والاسم الرَّقُوء. وفي الحديث: لا تَسُبُّوا الإِبلَ فإِنَّ فيها رَقُوءَ الدَّمِ ومَهْرَ الكَرِيمةِ أَي أَنها تُعْطَى في الدِّياتِ بَدَلاً من القَوَدِ فتُحْقَنُ بها الدِّماءُ ويسكُنُ بها الدمُ. ورَقَأَ بينهم يَرْقَأُ رَقْأً: أَفسَد وأَصلَح. ورَقَأَ ما بينهم يَرْقَأُ رَقْأً إذا أَصلَح. فأَما رَفَأَ بالفاءِ فأَصلَح، عن ثعلب، وقد تقدَّم.
ورجل رَقُوءٌ بين القَوْمِ: مُصْلِحٌ. قال:
ولكِنَّنِي رائبٌ صَدْعَهمْ، |
|
رَقُوءٌ لِما بينَهم، مُسْمِل |
وارْقَأْ على ظَلْعِك أَي الزَمْه وارْبَعْ عليه، لغة في قولك: ارْقَ على ظَلْعِك أَي ارْفُقْ بنفْسِك ولا تحْمِل عليها أَكثر مما تُطِيقُ. ابن الأَعرابي يقال: ارْقَ على ظَلْعِك، فتقول: رَقِيتُ رُقِيّاً.
غيرُه: وقد يقال للرجل: ارْقَأْ على ظَلْعِكَ أَي أَصلِحْ أَوَّلاً أَمْركَ، فيقول: قد رقَأْتُ رَقْأً.
وَرَقَأَ في الدرجَةِ رَقْأً: صَعِدَ، عن كراع، نادر. والمعروف: رَقِيَ.
التهذيب يقال: رَقَأْتُ ورَقِيتُ، وترك الهمز أَكثر. قال الأَصمعي: أَصل ذلك في الدم إذا قَتلَ رَجلٌ رَجلاً فأَخَذ وليُّ الدمِ الديَة رَقَأَ دمُ القاتِل أَي ارتفَع، ولو لم تؤخذ الديةُ لهُرِيقَ دَمُه فانْحَدَرَ.
وكذلك قال المفضل الضبي، وأَنشد:
وتَرْقَأُ، في مَعاقِلها، الدِّماءُ |
رَفَوْتُه: سَكَّنْته من الرُّعْب؛ قال أَبو خِراشٍ الهذلي:
رَفَوْني وقالوا: يا خُوَيْلِدُ لا تُرَعْ، |
|
فقلتُ، وأَنْكَرْت الوُجوهَ: هُمُ هُمُ |
يقول: سَكَّنُوني، اعتَبرَ بمشاهدة الوجوه، وجعلها دليلاً على ما في النفوس، يريد رَفَؤُوني فأَلقى الهمزة، وقد تقدم. ورَفَوْتُ الثوبَ أَرْفُوه رَفْواً: لغة في رَفَأْتُه، يُهمز ولا يهمز، والهمز أَعلى. وقال في باب تحويل الهمزة: رَفَوْتُ الثوبَ رَفْواً يُحَوِّلُ الهمزة واواً كما ترى. أَبو زيد: الرِّفاءُ الموافَقة، وهي المُرافاةُ بلا همز؛ وأَنشد:
ولمَّا أَنْ رأَيتُ أَبـا رُوَيْمٍ |
|
يُرافِيني، ويَكْرَهُ أَنْ يُلاما |
والرِّفاءُ: الالتِحامُ والاتَّفاقُ. ويقال: رَفَّيْتُه تَرْفِيةً إذا قلت للمتزوّج بالرِّفاءِ والبَنين؛ قال ابن السكيت: وإن شئتَ كان معناه بالسكون والطمأْنينة، من قولهم رَفَوْت الرجلَ إذا سَكَّنته. وفي الحديث:أَنه نَهَى أَن يقال بالرِّفاءِ والبَنِين، قال ابن الأَثير: ذكره الهروي في المعتل ههنا ولم يذكره في المهموز؛ قال: وكان إذا رَفَّى رجلاً أَي إذا أَحبَّ أَن يَدْعُوَ له بالرِّفاء، فترَك الهمز ولم يكن الهمزُ من لغته، وقد تقدم أَكثر هذا القول. الفراء: أَرْفَأْتُ إليه وأَرْفَيْتُ إليه لغتان بمعنى جَنَحْت إليه. الليث: أَرْفَت السَّفينة قَرُبَتْ إلى الشَّطّ. أَبو الدُّقيش: أَرْفَت السفينةُ وأَرْفَيْتُها أَنا، بغير همز.والرُّفَةُ، بالتخفيف: التِّبْنُ؛ عن أَبي حنيفة، تقول العرب: اسْتَغْنَتِ التُّفَةُ على الرُّفَةِ، والتشديد فيهما لغة، وقيل: الرُّفَة التِّبْن، يمانية، وقد تقدم في الثنائي. والرُّفَةُ: دُوَيْبَّة تَصِيدُ تسمَّى عَناقَ الأَرض. قال ابن سيده: قضينا على لامِها بالياء لأَنها لام، قال:وقد يجوز أَن تكون واواً بدليل الضمة. التهذيب: الليث الرُّفَة عَناقُ الأَرض تَصِيدُ كما يَصيدُ الفَهْد. قال أَبو منصور: غَلِط الليث في الرُّفَةِ في لفظه وتفسيره، قال: وأَحسبه رأَى في بعض الصحف أَنا أَغنى عنك من التُّفَةِ عن الرُّفَةِ، فلم يضبطه وغيَّرَه فأَفسده، فأَما عَناقُ الأَرض فهو التُّفَة مخففة، بالتاء والفاء والهاء، ويكتب بالهاء في الإدْراج كهاء الرحمة والنعمة. وقال أَبو الهيثم: أما الرَّفْتُ فهو بالتاء فَعْلٌ من رَفَتُّه أَرْفِتُه إذا دَقَقْته. ويقال للتِّبْنِ: رُفَتٌ ورَفْتٌ ورُفاتٌ، وقد مرّ ذكرها.
والأُرْفِيُّ: لبنُ الظبية، وقيل: هو اللبنُ الخالصُ المَحْضُ الطَّيِّبُ. والأُرْفِيُّ أَيضاً: الماسِخُ، قال: وقد يكون أُفْعُولاً وقد يكون فُعْلِيّاً، وقد يكون من الواو لوجود رَفَوْت وعدم رَفَيْت.
والأَرْفَى: الأَمرُ العظيمُ.
رَفَتَ الشيءَ يَرْفُتُه ويَرْفِتُه رَفْتاً، ورِفْتةً قبيحةً، عن اللحياني: وهو رُفاتٌ: كَسَرَه ودَقَّه؛ ويقال: رَفَتُّ الشيءَ وحَطَمْتُه وكَسَرتُه. والرُّفاتُ: الحُطام من كل شيء تكَسَّر.
ورُفِتَ الشيءُ، فهو مَرْفوتٌ.
ورَفَتَ عُنُقَه يَرْفُتُها ويَرْفِتُها رَفْتاً، عن اللحياني. ورَفَتَ العَظْمُ يَرْفِتُ رَفْتاً: صار رُفاتاً.
وفي التنزيل العزيز: أَئِذا كنَّا عِظاماً ورُفاتاً؛ أَي دُقاقاً. وفي حديث ابن الزبير، لما أَراد هَدْمَ الكعبة، وبناءَها بالوَرْسِ، قيل له: إِن الوَرْسَ يَتَفَتَّتُ ويَصير رُفاتاً. والرُّفاتُ: كل ما دُقَّ فكُسِرَ.
ويقال: رَفَتَ عِظامَ الجَزور رَفْتاً إذا كِسَرها ليَطْبُخَها، ويَسْتَخْرِجَ إِهالَتَها. ابن الأَعرابي: الرُّفَتُ التِّينُ. ويقال في مَثَلٍ: أَنا أَغْنى عَنْكَ من التُّفَهِ عن الرُّفَتِ؛ والتُّفَهُ: عَناقُ الأَرض، وهو ذُو ناب لا يَرْزَأَ التِّبْنَ والكَلأَ؛ والتُّفَه يُكتب بالهاء، والرُّفتُ بالتاء.
الرَّفَثُ: الجماعُ وغيره مما يكون بين الرجل وامرأَته، يعني التقبيل والمُغازلة ونحوهما، مما يكون في حالة الجماع، وأَصله قول الفُحْش. والرَّفَثُ أَيضاً: الفُحْشُ من القول، وكلام النساءِ في الجماع؛ تقول منه: رَفَثَ الرجل وأَرْفَثَ؛ قال العجاج:
ورُبَّ أَسرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ |
|
عن اللَّغَا، ورَفَثِ التَكَلُّم |
وقد رَفَثَ بها ومَعها. وقوله عز وجل: أُحِلَّ لكم، ليلةَ الصيام، الرَّفَثُ إِلى نسائكم؛ فإِنه عدَّاه بإِلى، لأَنه في معنة الإِفْضاءِ، فلما كُنْتَ تُعَدِّي أَفْضَيْتُ بإِلى كقولك: أَفْضَيتُ إِلى المرأَة، جئتَ بإِلى مع الرَّفَثِ، إِيذاناً وإِشعاراً أَنه بمعناه.
ورَفَثَ في كلامه يَرْفُثُ رَفْثاً، ورَفِثَ رَفَثاً، ورَفُثَ، بالضم عن اللحياني، وأَرْفَثَ، كلُّه: أَفْحَشَ؛ وقيل: أَفْحَشَ في شأْنِ النساءِ. وقولُه تعالى: فلا رَفَثَ، ولا فُسوقَ، ولا جِدالَ في الحج؛ يجوز أَن يكونَ الإِفْحاشَ؛ وقال الزجاج: أَي لا جِماعَ، ولا كَلِمة من أَسباب الجماع، وأَنشد:
عن اللَّغا، ورَفَثِ التكلُّمِ |
وقال ثعلب: هو أَن لا يأْخُذَ ما عليه من القَشَفِ، مثل تقليم الأَظفار، ونَتْفِ الإِبطِ، وحَلْق العانة، وما أَشبهه، فإِن أَخذ ذلك كله فليس هنالك رَفَثٌ. والرَّفَثُ: التعريض بالنكاح. وقال غيره: الرَّفَثُ كلمة جامعة لكل ما يريده الرجلُ من المرأَة؛ وروي عن ابن عباس أَنه كان مُحْرِماً، فأَخَذَ بذَنَبِ ناقة من الرِّكابِ، وهو يقول:
وهُنَّ يَمْشِينَ بنا هَمـيسـا، |
|
إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسا |
فقيل له: يا أَبا العباس، أَتقول الرَّفَثَ وأَنت مُحْرِمٌ؟ وفي رواية: أَثَرْفُثُ وأَنتَ مُحْرم؟ فقال: إِنما الرَّفَثُ ما رُوجِعَ به النساءُ. فرأَى ابنُ عباس الرَّفَثَ الذي نَهى اللهُ عنه ما خُوطِبَتْ به المرأَة؛ فأَما أَنْ يَرْفُثَ في كلامه، ولا تَسْمَع امرأَةٌ رَفَثَه، فغير داخلٍ في قوله: فلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ.
الليث: الرَّفُوجُ أَصلُ كَرَبِ النخل. قال الأَزهري: ولا أَدري أعربي أم دخيل؟
الأَزهري خاصة: قال أَبو حاتم: من قرون البقر الأَرْفَحُ، وهو الذي يذهب قرناه قِبَلَ أُذنيه في تباعد ما بينهما، قال: والأَرْفى الذي تأْتي أُذناه على قرنيه.
ابن الأَثير: وفي الحديث: كان إذا رَفَّحَ إِنساناً قال: بارك الله عليك؛ أَراد رَفَّأَ، أَي دعا له بالرِّفاء، فأَبدل الهمزة حاء، وبعضهم يقول: رَقَّحَ، بالقاف. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، لمَّا تزوّج أُم كلثوم بنت علي، رضي الله عنهما، قال: رَفِّحُوني؛ أَي قولوا لي ما يقال للمتزوّج؛ ذكره ابن الأَثير في ترجمة رفح، بالفاء.
الرِّفْد، بالكسر: العطاء والصلة. والرَّفْد، بالفتح: المصدر.
رَفَدَه يَرْفِدُه رَفْداً: أَعطاه، ورَفَدَه وأَرْفَده: أَعانه، والاسم منهما الرِّفْد. وترافدوا: أَعان بعضهم بعضاً. والمَرْفَدُ والمُرْفَدُ: المعونة؛ وفي الحواشي لابن برّي قال دُكين:
خير امرئ قد جاء مِن مَعَدِّه |
|
مِن قَبْلِهِ، أَو رافِدٍ من بعدِه |
ْ الرافد: هو الذي يلي المَلِك ويقوم مقامه إذا غاب.
والرِّفادة: شيء كانت قُرَيش تترافد به في الجاهلية، فيُخْرج كل إِنسان مالاً بقدر طاقته فيجمعون من ذلك مالاً عظيماً أَيام الموسم، فيشترون به للحاج الجُزر والطعام والزبيب للنبيذ، فلا يزالون يُطْعِمون الناس حتى تنقضي أَيام موسم الحج؛ وكانت الرِّفادَة والسِّقاية لبني هاشم، والسِّدانة واللِّواء لبني عبد الدار، وكان أَوّلَ من قام بالرِّفادة هاشمُ بن عبد مناف وسمي هاشماً لهَشْمِه الثريد.
وفي الحديث: من اقتراب الساعة أَن يكون الفيءُ رِفْداً أَي صلة وعطية؛ يريد أَن الخراج والفَيء الذي يحْصُل، وهو لجماعة المسلمين أَهلِ الفَيء، يصير صلات وعطايا، ويُخَص به قوم دون قوم على قدر الهوى لا بالاستحقاق ولا يوضع مواضعه. والرِّفْدُ: الصلة؛ يقال: رَفَدْتُه رَفْداً، والاسم الرِّفْد. والإِرْفاد: الإِعطاء والإِعانة. والمرافَدة: المُعاونة.
والتَّرافد: التعاون. والاستِرفاد: الاستعانة. والارتفاد: الكسب.
والتَّرفيدُ: التَّسويدُ. يقال: رُفِّدَ فلان أَي سُوِّدَ وعظم. ورَفَّد القومُ فلاناً: سَوَّدوه ومَلَّكوه أَمرهم.
والرِّفادة: دِعامة السرج والرحل وغيرهما، وقد رَفَده وعليه يَرْفِده رَفْداً. وكلُّ ما أَمسك شيئاً: فقد رَفده. أَبو زيد: رَفَدتُ على البعير أَرْفِدُ رَفْداً إذا جعلت له رِفادة؛ قال الأَزهري: هي مثل رفادة السرج. والرَّوافِدُ خشب السقف؛ وأَنشد الأَحمر:
رَوافِدُه أَكرَمُ الرافِداتِ، |
|
بَخٍ لكَ بَخٍّ لِبَحْرٍ خِضَم، |
وارتَفَد المالَ: اكتسبه؛ قال الطرماح:
عَجَباً ما عَجِبْتُ من واهِبِ الما |
|
لِ، يُباهي بـه ويَرْتَـفِـدُه، |
ويُضِيعُ الذي قد آوْجَبَـه الـلَّ |
|
هُ عليه، فلـيس يَعْـتَـمِـدُه |
والرَّفْد والرِّفْد والمِرْفَد والمَرْفِدُ: العُسُّ الضخم؛ وقيل: القدح العظيم الضخم. والعُسُّ: القَدَح الضخم يروي الثلاثة والأَربعة والعِدَّة، وهو أَكبر من الغُمَر، والرَّفْدُ أَكبر منه، وعمَّ بعضهم به القدَح أَي قَدْرٍ كان. والرَّفودُ من الإِبل: التي تملَو ه في حلبة واحدة؛ وقيل: هي الدائمة على مِحْلَبها؛ عن ابن الأَعرابي. وقال مرة: هي التي تُتابِعُ الحَلَب.
وناقة رَفُود: تَمْلأُ مِرْفَدها؛ وفي حديث حفر زمزم:
أَلم نَسْقِ الحَجِيجَ، ونَنْ |
|
حَرِ المِذْلاقَةَ الرُّفُدَا |
الرُّفُدُ، بالضم: جمع رَفُود وهي التي تملأُ الرَّفْد في حلبة واحدة.
الصحاح: والمِرْفَدُ الرَّفْد وهو القدح الضخم الذي يقرى فيه الضيف. وجاء في الحديث: نعم المِنْحة اللِّقْحَةُ تَرُوحُ بِرِفْدٍ وتَغْدُو بِرِفْدٍ، قال ابن المبارك: الرِّفْد القَدح تُحتلَب الناقة في قدح، قال: وليس من المعونة؛ وقال شمر: قال المُؤَرِّجُ هو الرِّفد للإِناء الذي يحتلب فيه؛ وقال الأَصمعي: الرَّفد، بالفتح؛ وقال شمر: رَفْد ورِفْد القدح؛ قال: والكسر أَعرب. ابن الأَعرابي: الرَّفْد أَكبر من العُسِّ. ويقال: ناقة رَفُود تَدُوم على إِنائها في شتائها لأَنها تُجالِحُ الشجر. وقال الكسائي: الرَّفْد والمِرْفَد الذي تُحْلَبُ فيه. وقال الليث: الرَّفد المعونة بالعطاء وسقْي اللبن والقَوْل وكلِّ شيءٍ. وفي حديث الزكاة: أَعْطَى زكاةَ ماله طَيِّبَةً بها نفسُه رافِدَةً عليه؛ الرَّافدة، فاعلة؛ من الرِّفْد وهو الإِعانة. يقال: رَفَدْته أَي أَعَنْتُه؛ معناه إِن تُعِينَه نَفْسُه على أَدائها؛ ومنه حديث عُبادة: أَلا ترون أَن لا أَقُوم إِلاَّ رِفْداً أَي إِلا أَن أُعان على القيام؛ ويروى رَفْداً، بفتح الراء، وهو المصدر.
وفي حديث ابن عباس: والذين عاقدت أَيمانُكم من النصرة والرِّفادة أَي الإِعانة. وفي حديث وَفْد مَذْحِج: حَيّ حُشَّد رُفَّد، جمع حاشد ورافد.
والرَّفْد: النصيب. وقال أَبو عبيدة في قوله تعالى: بِئْسَ الرِّفْدُ المرفود؛ قال: مجازُه مجازُ العون المجاز، يقال: رَفَدْتُه عند الأَمير أَي أَعنته، قال: وهو مكسور الأَول فإِذا فتحتَ أَوَّله فهو الرَّفد. وقال الزجاج: كل شيء جعلته عوناً لشيء أَو استمددت به شيئاً فقد رَفَدْته.
يقال: عَمَدْت الحائط وأَسْنَدْته ورَفَدْته بمعنى واحد. وقال الليث: رفدت فلاناً مَرْفَداً: قال: ومن هذا أُخذت رِفادَة السرج من تحته حتى يرتفع.
والرِّفْدَة: العُصبة من الناس؛ قال الراعي:
مُسَأْل يَبْتَغِي الأَقْـوامُ نـائلَـه، |
|
من كل قَوْم قَطين، حَوْلَه، رِفَدُ |
والمِرْفَد: العُظَّامةُ تَتَعَظَّم بها المرأَة الرَّسْحاء.
والرِّفادة: خرقة يُرْفَدُ بها الجُرْح وغيره.
والتَّرْفِيدُ: العجيزة: اسم كالتَّمْتِين والتَّنْبيت؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تقول خَوْدٌ سَلِسٌ عُقُودُها، |
ذاتُ وِشاحٍ حَسَنٌ تَرْفِيدُها: |
مَتى تَرانا قائِمٌ عَمُودُها؟ |
أَي نقيم فلا نظعن، وإِذا قاموا قامت عمد أَخبيتهم، فكأَنّ هذه الخَوْد ملت الرحلة لنعمتها فسأَلت: متى تكون الإِقامة والخفض؟ والترفيد: نحو من الهَمْلَجة؛ وقال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي:
وإِن غُضَّ من غَرْبِها رَفَّدَتْ |
|
وشيجاً، وأَلْوَتْ بِجَلْسٍ طُوالْ |
أَراد بالجَلس أَصل ذنبها.
والمرافيد: الشاءُ لا ينقطع لبنها صيفاً ولا شتاء.
والرَّافدَان: دجلة والفرات؛ قال الفرزدق يعاتب يزيد بن عبد الملك في تقديم أَبي المثنى عمر بن هبيرة الفزاري على العراق ويهجوه:
بَعَثْتَ إِلى العراقِ وراافِدَيْه |
|
فَزَاريّاً، أَحَذَّ يَدِ القَمِـيص |
أَراد أَنه خفيف، نسبه إِلى الخيانة.
وبنو أَرْفِدَة الذي في الحديث: جنس من الحبش يرقصون. وفي الحديث أَنه قال للحبشة: دونكم يا بني أَرْفِدَة؛ قال ابن الأَثير. هو لقب لهم؛ وقيل: هو اسم أَبيهم الأَقدم يعرفون به، وفاؤه مكسورة وقد تفتح.
ورُفَيدة: أَبو حيّ من العرب يقال لهم الرفيدات، كما يقال لآل هُبَيْرة الهُبَيْرات. رقد: الرُّقاد: النَّوْم. والرَّقْدَة: النومة. وفي التهذيب عن الليث: الرُّقود النوم بالليل، والرُّقادُ: النوم بالنهار؛ قال الأَزهري: الرُّقاد والرُّقُود يكون بالليل والنهار عند العرب؛ ومنه قوله تعالى: قالوا يا ويلنا من بعثنا من مَرْقدِنا؛ هذا قول الكفار إذا بعثوا يوم القيامة وانقطع الكلام عند قوله من مرقدنا، ثم قالت لهم الملائكة: هذا ما وعَد الرحمنُ، ويجوز أَن يكون هذا من صفة المَرْقَد، وتقول الملائكة: حق ما وعَد الرحمن؛ ويحتمل أَن يكون المَرْقَد مصدراً، ويحتمل أَن يكون موضعاً وهو القبر، والنوم أَخو الموت.
ورَقَدَ يَرْقُدُ رَقْداً ورُقُوداً ورُقاداً: نام. وقوم رُقُود أَي رُقَّد. والمَرْقَد، بالفتح: المضجع. وأَرْقَدَهُ: أَنامه. والرَّقُود والمِرْقِدَّى: الدائم الرُّقاد؛ أَنشد ثعلب:
ولقد رَقَيْتَ كِلابَ أَهلِكَ بالرُّقَى، |
|
حتى تَرَكْتَ عَقُورَهُنَّ رَقُـودا |
ورجل مِرْقِدَّى مثل مِرْعِزَّى أَي يَرْقَدُّ في أُموره.
والمُرْقِدُ: شيء يُشرب فينوِّم مَن شربه ويُرْقِدُه.
والرَّقْدَة: هَمْدة ما بين الدنيا والآخرة. ورَقَدَ الحَرُّ: سكن.
والرَّقْدَة: أَن يصيبك الحرّ بعد أَيام ريح وانكسار من الوَهَج.
ورَقَدَ الثوبُ رَقْداً ورُقاداً: أَخلق. وحكى الفارسي عن ثعلب: رَقَدَتِ السوقُ كَسَدت، وهو كقولهم في هذا المعنى نامت. وأَرْقَد بالمكان: أَقام به. ابن الأَعرابي: أَرْقَدَ الرجل بأَرض كذا إِرْقاداً إذا أَقام بها. والارقِدادُ والارْمِدادُ: السير، وكذلك الإِغْذاذُ. ابن سيده: الارقداد سرعة السير؛ تقول منه: ارْقَدَّ ارْقِداداً أَي أَسرع؛ وقيل: الارقداد عدو الناقِزِ كأَنه نَفَرَ من شيء فهو يَرْقَدُّ. يقال: أَتيتك مُرْقَدّاً؛ وقيل: هو أَن يذهب على وجهه؛ قال العجاج يصف ثوراً:
فظلَّ يَرْقَدُّ من النَّشـاط، |
|
كالبَرْبَريّ لَجَّ في انخِراط |
وقول ذي الرمة يصف ظليماً:
يَرْقَدُّ في ظِلِّ عَرَّاصٍ، ويَتْبَعُه |
|
حَفِيفُ نافجَة، عُثْنُونها حَصِب |
يرقدّ: يسرع في عدوه؛ قال ابن سيده: وروي عن الأَصمعي المُرْقِدُ مخفف، قال: ولا أَدري كيف هو.
والراقُودُ: دَنٌّ طويل الأَسفل كهيئة الإِرْدَبَّة يُسَيَّع داخله بالقار، والجمع الرواقيد معرَّب، وقال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً. وفي حديث عائشة: لا يشرب في راقود ولا جرَّة؛ الراقُود: إِناءُ خزف مستطيل مقيَّر، والنهي عنه كالنهي عن الشرب في الحناتم والجرار المقيرة.
ورُقاد والرُّقاد: اسم رجل؛ قال:
أَلا قُلْ للأَمير: جُزِيتَ خيراً، |
|
أَجِرْنا من عُبَيدةَ والـرُّقـادِ |
ورَقْد: موضع، وقيل: واد في بلاد قيس، وقيل: جبل وراء إِمَّرَةَ في بلاد بني أَسد؛ قال ابن مقبل:
وأَظْهَرَ في عِلانِ رَقْدٍ، وسَـيْلُـه |
|
عَلاجِيمُ، لا ضَحْلٌ ولا مُتَضَحْضِحُ |
وقيل: هو جبل تنحت منه الأَرْحِية؛ قال ذو الرمة يصف كِرْكِرَة البعير ومَنْسِمَه:
تَفُضُّ الحَصَى عن مُجْمِرات وَقِيعِه، |
|
كَأَرْحاءِ رَقْدٍ، زَلَّمَتْها المَـنـاقِـرُ |
قال ابن بري: إِنما وصف ذو الرمة مناسم الإِبل لا كركرة البعير كما ذكر الجوهري. وتَفُضُّ: تفرّق أَي تفرق الحصى عن مناسمها. والمجمرات: المجتمعات الشديدات. وزَلَّمَتها المناقر: أَخَذت من حافاتها. والرُّقادُ: بطن من جَعْدة؛ قال:
مُحافَظَةً على حَسَبي، وأَرْعَى |
|
مَساعِي آلِ ورْدٍ والـرُّقـاد |
قال الليث: قرأْت في بعض الكتب شعراً لا أَدري ما صحته، وهو:
وبَلْدَة للـدَّاء فـيهـا غـامِـزُ |
|
ميت بها العِرْقُ الصَّحيحُ الرافِزُ |
قال: هكذا كان مُقَيِّّداً وفسره: رَفَزَ العِرْقُ إذا ضَرَبَ. وإِن عرقه لَرَفَّاز أَي نَبَّاضٌ. قال الأَزهري: ولا أَعرف الرَّفَّازَ بمعنى النَّبَّاضِ، ولعله راقِزٌ، بالقاف، قال: وينبغي أَن يبحث عنه.
الرَّفْسَة: الصَّدْمَة بالرِّجْلِ في الصدر. ورَفَسَه يَرْفُسُه رَفْساً: ضربه في صدره برجله، وقيل: رَفَسَه برجله من غير أَن يخص به الصدر. ودابة رَفُوسٌ إذا كان من شأْنها ذلك، والاسم الرِّفاسُ والرَّفِيسُ والرُّفُوسُ، ورَفَسَ اللحمَ وغيره من الطعام رَفْساً: دَقَّه، وقيل: كل دَقٍّ رَفْسٌ، وأَصله في الطعام. والمِرْفَسُ: الذي يُدَقُّ به اللحمُ.
رفَشَه رَفْشاً: أَكَله أَكلاً شديداً؛ قال رؤبة:
دقّاً كدَقِّ الوَضَمِ المَرْفُـوشِ |
|
أَو كاحْتلاق النُّورةِ الجَمُوشِ |
ومنه وقع فلان في الرَّفْش والقَفْش؛ الرَّفْشُ: الأَكلُ والشربُ في النِّعْمة والأَمْن، والقَفْش: النكاح. ويقال: أَرْفَشَ فلان إذا وقع في الأَهْيغَين: الأَكلِ والنكاح. والرَّفْش: الدَّقّ والهَرْسُ. يقال للذي يُجِيد أَكلَ الطعام: إِنه ليَرْفُش الطعامَ رَفْشاً ويَهْرُشُه هَرْشاً.ورَفَّشَ فلان لِحْيتَه تَرْفِيشاً إذا سرّحَها فكأَنها رَفْشٌ، وهو المجْرفُ. ويقال للذي يُهِيلُ بمِجْرَفِه الطعامَ إِلى يَدِ الكيّال: رفّاشٌ. ورفَش البُرَّ يَرْفُشُه رفْشاً: جَرَفه. والرَّفْشُ والرُّفْشُ والمِرْفَشةُ: ما رُفِشَ به. ويقال للمِجْرَف: الرَّفْش. ومِجْراف السفينة يقال له: الرَّفْش. الليث: الرَّفْش والرُّفْش لغتان سواديّة، وهي المِجْرفة يُرْفَش بها البُرُّ رَفْشاً، قال: وبعضهم يُسَمّيها المِرْفَشةَ. ورجل أَرْفَشُ الأُذنين: عَريضُهما على التشبيه بالمِرْفَشة. وفي حديث سلمان الفارسي: أَنه كان أَرْفَشَ الأُذنين أَي عريضَهما. قال شمر: الأَرْفَش العريض الأُذن من الناس وغيرهم، وقد رَفِشَ يرْفَشُ رفَشاً، شبّه بالرفْش وهي المِجْرفة من الخشب التي يُجرف بها الطعامُ. ويقال للرجل يَشْرُف بعد خُموله أَو يَعزُّ بعد الذلّ: من الرَّفْشِ إِلى العرشِ أَي قعدَ على العرش بعد ضرْبه بالرَّفْش كنّاساً أَو ملاَّحاً. وفي التهذيب: أَي جلس على سرير المُلْك بعدما كان يعمل بالرَّفْشِ، قال: وهذا من أَمثال العراق.
الرُّفْصةُ: مقلوب عن الفُرْصة التي هي النَّوْبة. وترافَصُوا على الماء مثل تَفَارَصوا. الأُموي: هي الفُرْصةُ والرُّفْصةُ النَّوْبةُ تكون بين القوم يَتَناوَبُونها على الماء؛ قال الطرماح:
كأَوْبِ يدَيْ ذي الرُّفْصةِ المُتَمَتِّحِ |
الصحاح: الرُّفْصةُ الماءَ يكون بين القوم، وهو قَلْبُ الفُرْصةِ.،هم يَترافَصُون الماءَ أَي يَتَناوَبُونه. وارْتَفَصَ السعْرُ ارتِفاصاً، فهو مُرْتَفِصٌ إذا غلا وارتفع، ولا تقل ارْتَقَص. قال الأَزهري: كأَنه مأْخوذ من الرُّفْصةِ وهي النَّوْبة. وقد ارْتَفَصَ السُّوقُ بالغلاء، وقد رُوِي ارْتَعَص، بالعين، وقد تقدم.
الرَّفْضُ: تركُكَ الشيءَ. تقول: رَفَضَني فَرَفَضْتُه، رَفَضْتُ الشيءَ أَرْفُضُه وأَرفِضُه رَفْضاً ورَفَضاً: تركتُه وفَرَّقْتُه.
الجوهري: الرَّفْضُ الترك، وقد رَفَضَه يَرْفُضُه ويَرْفِضُه. والرَّفَضُ: الشيء المُتَفَرِّقُ، والجمع أَرفاضٌ.
وارْفَضَّ الدَّمْعُ ارْفِضاضاً وتَرَفَّض: سالَ وتفَرَّق وتتابَعَ سَيَلانُه وقَطَرانُه. وارْفَضَّ دَمْعُه ارْفِضاضاً إذا انهلَّ متفرِّقاً.
وارْفِضاضُ الدمْع ترشُّشُه، وكل متفرِّق ذهب مُرْفَضٌّ؛ قال: القطامي:
أَخُوكَ الذي لا تَمْلِكُ الحِسَّ نفسُه، |
|
وتَرْفَضُّ عِنْدَ المُحْفِظاتِ الكَتائِفُ |
يقول: هو الذي إذا رآكَ مظلوماً رَقّ لك وذهب حِقْده. وفي حديث البُراق: أَنه استصعب على النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، ثم ارْفَضَّ عرَقاً وأَقَرَّ أَي جرَى عرَقُه وسالَ ثم سكَنَ وانْقاد وترك الاسْتِصعاب؛ ومنه حديث الحْوض: حتى يَرْفَضّ عليهم أَي يَسِيل. وفي حديث مُرَّةَ بن شراحِيلَ: عوتب في ترك الجمعة فذكر أن به جرحاً ربما ارْفَضّ في إِزاره أَي سال فيه قَيْحُه وتفَرَّق. وارْفَضَّ الوَجَعُ: زالَ.
والرِّفاضُ: الطُّرُق المتفرِّقةُ أَخادِيدُها؛ قال رؤبة:
بالعِيسِ فوْقَ الشَّرَكِ الرِّفاض |
هي أَخاديدُ الجادَّةِ المتفرِّقةُ. ويقال لشَرَكِ الطريقِ إذا تفرّقت: رِفاضٌ، وهذا البيت أَورده الجوهري: كالعِيسِ؛ قال ابن بري: صوابه بالعيس لأَن قبله:
يَقْطَعُ أَجْوازَ الفلا انْقِضاضِي |
والشَّرَكُ: جمع شَرَكةٍ وهي الطرائقُ التي في الطريق. والرِّفاضُ: المُرْفَضّةُ المتفرّقة يميناً وشمالاً. قال: والرِّفاضُ أَيضاً جمع رَفْضٍ القَطِيعُ من الظِّباء المتفرِّق. وفي حديث عمر: أَن امرأَة كانت تَزْفِنُ والصِّبْيانُ حولَها إِذ طلع عمر، رضي اللّه عنه، فارْفَضَّ الناسُ عنها أَي تفَرّقُوا.
وتَرَفَّضَ الشيءُ إذا تكسّر. ورَفَضْت الشيء أَرْفُضُه وأَرْفِضُه رَفْضاً، فهو مرفوضٌ ورَفِيضٌ: كسرته. ورَفَضُ الشيء: ما تحطّم منه وتفرّق، وجمع الرَّفَض أَرْفاض؛ قال طفيل يصف سَحاباً:
له هَـيْدَبٌ دانٍ كـأَنَّ فُـرُوجَـــه، |
|
فُوَيْقَ الحَصى والأَرضِ، أَرْفاضُ حَنْتَمِ |
ورُفاضُه: كرَفَضِه، شبّه قِطع السحاب السُّود الدانية من الأَرض لامتلائها بِكِسَر الحنتم المُسْوَدّ والمُخْضَرّ؛ وأَنشد ابن بري للعجاج:
يُسْقى السَّعِيطَ في رُفاضِ الصَّنْدَلِ |
والسَّعِيطُ: دُهْن البانِ، ويقال: دُهْنُ الزَّنْبَقِ.
ورُمْحٌ رَفِيضٌ إذا تَقَصَّد وتكسَّر؛ وأَنشد:
ووالى ثلاثاً واثْنَتَيْنِ وأَرْبَـعـاً، |
|
وَغادَرَ أُخْرى في قَناةِ رَفِيضِ |
ورُفُوضُ الناسِ: فِرَقُهم؛ قال:
من أَسَدٍ أَوْ مِنْ رُفُوضِ الناس |
ورُفُوضُ الأَرضِ: المَواضِع التي لا تُمْلَك، وقيل: هي أَرض بين أَرْضَيْنِ حَيَّتَيْنِ فهي متروكة يتَحامَوْنَها. ورُفُوضُ الأَرض: ما ترك بعد أَن كان حِمىً. وفي أَرض كذا رُفُوضٌ من كلإٍ أَي مُتَفَرِّقٌ بَعيدٌ بعضه من بعض. والرَّفّاضةُ: الذين يَرْعَوْنَ رُفُوضَ الأَرض. ومَرافِضُ الأَرضِ: مساقِطُها من نواحي الجبال ونحوها، واحدها مَرْفَضٌ، والمَرْفَضُ من مَجاري المياه وقَرارَتِها؛ قال:
ساقَ إِليْها ماءَ كلِّ مَرْفَضِ |
|
مُنْتِجُ أَبْكارِ الغَمامِ المُخَّضِ |
وقال أَبو حنيفة: مَرافِضُ الوادي مَفاجِرُه حيثُ يَرْفَضُّ إِليه السَّيْلُ؛ وأَنشد لابن الرقاع:
ظَلَّتْ بِحَزْمِ سُبَيْعٍ أَو بِـمَـرْفَـضِـه |
|
ذي الشّيح، حيثُ تَلاقى التَّلْعُ فانسَحَل |
ورَفَضُ الشيء: جانبُه، ويجمع أَرْفاضاً؛ قال بشار:
وكأَنَّ رَفْـضَ حَـدِيثِـهـا |
|
قِطَعُ الرّياضِ، كُسينَ زَهْرا |
والرّوافِضُ: جنود تركوا قائدهم وانصرفوا فكل طائفة منهم رافِضةٌ، والنسبة إِليهم رافِضِيٌّ. والرَّوافِضُ: قوم من الشِّيعة، سموا بذلك لأَنهم تركوا زيد بن علي؛ قال الأَصمعي: كانوا بايعوه ثم قالوا له: ابْرأْ من الشيخين نقاتل معك، فأَبى وقال: كانا وَزِيرَيْ جَدِّي فلا أَبْرأُ منهما، فرَفَضُوه وارْفَضُّوا عنه فسُمُّوا رافِضَةً، وقالوا الرَّوافِضَ ولم يقولوا الرُّفَّاضَ لأَنهم عَنُوا الجماعات.
والرَّفْضُ: أَن يَطْرُدَ الرجل غنمه وإِبله إِلى حيث يَهْوى، فإِذا بَلَغَتْ لَها عنها وتركها. ورَفَضْتُها أَرْفِضُها وأَرْفُضُها رَفْضاً: تركْتُها تَبَدَّدُ في مَراعِيها تَرْعى حيث شاءَتْ ولا يَثْنيها عن وَجْهٍ تريده، وهي إِبل رافِضةٌ وإِبل رَفَضٌ وأَرْفاضٌ. الفراء: أَرْفَضَ القوم إِبلهم إذا أَرسلوها بلا رِعاء.
وقد رَفَضَتِ الإِبل إذا تفرقت، ورَفَضَت هي تَرْفِضُ رَفْضاً أَي تَرْعى وحدها والراعي يبصرها قريباً منها أَو بعيداً لا تتعبه ولا يجمعها؛ وقال الراجز:
سَقْياً بِحَيْثُ يُهْمَلُ المُعَـرَّضُ، |
|
وحَيْثُ يَرْعى ورَعِي ويَرْفِضُ |
ويروى: وأَرْفِضُ. قال ابن بري: المُعَرَّضُ نَعَمٌ وسْمُه العِراضُ وهو خطّ في الفخذين عَرْضاً. والوَرَعُ: الصغير الضعيف الذي لا غَناءَ عنده.
يقال: إِنما مال فلان أَوْراعٌ أَي صِغارٌ. والرَّفَضُ: النَّعَمُ المُتَبَدِّدُ، والجمع أَرْفاضٌ.
ورجل قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ: يَتَمَسَّكُ بالشيء ثم لا يَلْبَثُ أَن يَدَعَه. ويقال: راع قُبَضةٌ رُفَضَةٌ للذي يَقْبِضُها ويسوقها ويجمعها، فإِذا صارت إِلى الموضع الذي تحبه وتهواه رفضها وتركها ترعى كيف شاءَتْ، فهي إِبل رَفَضٌ. قال: الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً يقول: القوم رَفَضٌ في بيوتهم أَي تفرّقوا في بيوتهم، والناس أَرْفاضٌ في السفَر أَي متفرّقون، وهي إِبلٌ رافِضةٌ ورَفْضٌ أَيضاً؛ وقال مِلْحةُ ابن واصل، وقيل: هو لِمِلْحةَ الجَرْمي، يصف سحاباً.
يُباري الرِّياحَ الحَضْرَمِيّاتِ مُزْنُه |
|
بِمُنْهَمِر الأوْراقِ ذي قَزَعٍ رَفْضِ |
قال: ورفَضٌ أَيضاً بالتحريك، والجمع أَرْفاض. ونَعام رَفَضٌ أَي فِرَقٌ؛ قال ذو الرمة:
بها رَفَضٌ من كلِّ خَرْجاءَ صَعْلةٍ، |
|
وأَخْرَجَ يَمْشِي مِثْلَ مَشْي المُخَبَّلِ |
وقوله أَنشده الباهلي:
إِذا ما الحِجازِيّاتُ أَعْلَقْنَ طَنَّبَـتْ |
|
بِمَيْثاء، لا يأْلُوكَ رافِضُها صخْرا |
أَعْلَقْنَ أَي عَلَّقْن أَمْتعَتَهُنَّ على الشجر لأَنهن في بلاد شجر.
طَنَّبَتْ هذه المرأَة أَي مَدَّتْ أَطنابها وضرَبَتْ خيمتها.
بِمَيْثاءَ: بِمَسِيلٍ سَهْل لين. لا يأْلوك: لا يستطيعك. والرافضُ: الرامي؛ يقول: من أَراد أَن يرمي بها لم يجد حجراً يَرْمي به، يريد أَنها في أَرض دَمِثةٍ لَيّنة.
والرَّفْضُ والرَّفَضُ من الماء واللَبن: الشيء القليل يبقى في القِرْبة أَو المَزادةِ وهو مثل الجُرْعةِ، ورواه ابن السكيت رَفْضٌ، بسكون الفاء، ويقال: في القِرْبة رَفَضَ من ماء أَي قليل، والجمع أَرْفاضٌ؛ عن اللحياني. وقد رَفَّضْتُ في القِرْبة تَرْفيضاً أَي أَبْقَيْتُ فيها رَفْضاً من ماء. والرَّفْضُ: دون المَلْءِ بِقَلِيل؛ عن ابن الأَعرابي:
فلمَّا مَضَتْ فَوْقَ اليَدَيْنِ، وحَنَّفَتْإِلى المَلْءِ، وامْتَدَّتْ بِرَفْضٍ غُضُونُها |
والرَّفْضُ: القُوت، مأْخوذ من الرَّفْضِ الذي هو القليل من الماء واللبن. ويقال: رَفَضَ النخلُ وذلك إذا انتَشَرَ عِذْقُه وسقَطَ قِيقاؤُه.
في أَسْماءالله تعالى الرافِعُ: هو الذي يَرْفَعُ المؤْمن بالإِسعاد وأَولياءَه بالتقْرِيب. والرَّفْعُ: ضدّ الوَضْع، رَفَعْته فارْتَفَع فهو نَقيض الخَفْض في كل شيء، رَفَعه يَرْفَعُه رَفْعاً ورَفُع هو رَفاعة وارْتَفَع. والمِرْفَع: ما رُفِع به. وقوله تعالى في صفة القيامة: خافِضةٍ رافِعة؛ قال الزجاج: المعنى أَنها تَخْفِض أَهل المعاصي وتَرْفَع أَهل الطاعة. وفي الحديث: إِنّ اللهَ تعالى يَرفع العَدْلَ ويَخْفِضُه؛ قال الأَزهري: معناه أَنه يرفع القِسط وهو العَدل فيُعْلِيه على الجَوْرِ وأَهله، ومرة يخْفِضه فيُظهر أَهلَ الجور على أَهل العدل ابْتلاءً لخلقه، وهذا في الدنيا والعاقبةُ للمتقين.
ويقال: ارْتَفَعَ الشيءُ ارْتِفاعاً بنفسه إذا عَلا. وفي النوادر: يقال ارتفع الشيءَ بيده ورَفَعَه. قال الأَزهري: المعروف في كلام العرب رَفَعْت الشيءَ فارتفع، ولم أَسمع ارتفع واقعاً بمعنى رَفَع إِلاَّ ما قرأْته في نوادر الأعراب.
والرُّفاعة، بالضم، ثوب تَرْفَع به المرأَة الرَّسْحاء عَجِيزتَها تُعظِّمها به، والجمع الرفائعُ؛ قال الراعي:
عِراضُ القَطا لا يَتَّخِذْن الرَّفائعا |
والرفاع: حبل يُشدُّ في القيد يأْخذه المُقَيَّد بيده يَرْفَعُه إِليه.
ورُفاعةُ المُقيد: خيط يرفع به قيدَه إِليه. والرَّافِعُ من الإِبل: التي رَفَعت اللِّبَأَ في ضَرْعِها؛ قال الأَزهري: يقال للتي رَفَعَت لبنَها فلم تَدِرَّ رافِعٌ، بالراء، فأَما الدَّافِعُ فهي التي دَفَعت اللبأَ في ضرعها. والرَّفْع تَقرِيبك الشيء من الشيء. وفي التنزيل: وفُرُشٍ مَرْفوعة؛ أَي مُقَرَّبةٍ لهم، ومن ذلك رَفَعْتُه إِلى السلطان، ومصدره الرُّفعان، بالضم؛ وقال الفراء: وفرش مرفوعة أَي بعضها فوق بعض. ويقال: نساء مَرْفُوعات أَي مُكَرَّمات من قولك إِن الله يَرْفَع من يَشاء ويَخْفِضُ.ورفَعَ السَّرابُ الشخص يَرْفَعُه رَفْعاً: زَهاه. ورُفِعَ لي الشيء: أَبصرته من بُعْد؛ وقوله:
ما كان أَبْصَرَنِي بِغِرَّاتِ الصِّبا |
|
فاليَوْمَ قَد رُفِعَتْ ليَ الأَشْباحُ |
قيل: بُوعِدت لأَني أَرى القريب بعيداً، ويروى: قد شُفِعت ليَ الأَشْباح أَي أَرى الشخص اثنين لضَعْف بصري، وهو الأَصح، لأَنه يقول بعد هذا:
ومَشَى بِجَنْبِ الشخْصِ شَخْصٌ مِثْلُه |
|
والأَرضُ نائِيةُ الشخُوصِ بَـراحُ |
ورافَعْتُ فلاناً إِلى الحاكم وتَرافَعْنا إِليه ورفَعه إِلى الحَكَمِ رَفْعاً ورُفْعاناً ورِفْعاناً: قرّبه منه وقَدَّمه إِليه ليُحاكِمَه، ورَفَعْتُ قِصَّتي: قَدَّمْتُها؛ قال الشاعر:
وهم رَفَعُوا لِلطَّعْن أَبْناء مَذْحِجٍ |
أَي قدَّمُوهم للحرب؛ وقول النابغة الذبياني:
ورَفَعَته إِلى السِّجْفَيْنِ فالنَّضَدِ |
أَي بَلَغَتْ بالحَفْر وقَدَّمَتْه إِلى موضع السِّجْفَيْنِ، وهما سِتْرا رُواقِ البيت، وهو من قولك ارْتَفَع الشيء أَي تقدَّم، وليس هو من الارْتِفاعِ الذي هو بمعنى العُلُوّ، والسيرُ المَرْفُوعُ: دون الحُضْر وفوق المَوْضُوعِ يكون للخيل والإِبل، يقال: ارْفَعْ من دابَّتك؛ هذا كلام العرب. قال ابن السكيت: إذا ارتفع البعير عن الهَمْلَجة فذلك السير المَرْفُوعُ، والرَّوافِعُ إذا رفَعُوا في مَسيرهم. قال سيبويه: المَرْفُوعُ والمَوْضُوعُ من المصادر التي جاءت على مَفْعول كأَنه له ما يَرْفَعُه وله ما يَضَعُه. ورفَع البعيرُ في السير يَرْفَع، فهو رافعٌ أَي بالَغَ وسارَ ذلك السيرَ، ورفَعَه ورفَع منه: ساره، كذلك، يَتعدّى ولا يتعدّى؛ وكذلك رَفَّعْتُه تَرْفِيعاً. ومَرْفُوعها: خلاف مَوْضُوعِها، ويقال: دابة له مَرْفُوع ودابة ليس له مَرْفُوع، وهو مصدر مثل المَجْلُود والمَعْقُول: قال طرفة:
مَوْضُوعُها زَوْلٌ، ومَرْفُوعها |
|
كَمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وسْطَ رِيح |
قال ابن بري: صواب إِنشاده:
مرفوعها زول، وموضوعها |
|
كَمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وسْطَ رِيح |
والمرفوعُ: أَرفع السير، والمَوضُوع دونه، أَي أَرْفَعُ سيرها عَجَب لا يُدْرك وصْفُه وتشبيهُه، وأَمّا موضوعها وهو دون مرفوعها، فيدرك تشبيهه وهو كمرّ الريح المُصوِّتة، ويروى: كمرّ غَيْثٍ. وفي الحديث: فَرَفَعْتُ ناقتي أَي كلّفْتها المَرْفُوع من السير، وهو فوق الموضوع ودون العَدْو.
وفي الحديث: فرَفَعْنا مَطِيَّنا ورَفَع رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، مَطِيَّتَه وصَفِيَّةُ خَلْفَه. والحمار يُرَفِّع في عَدْوه تَرْفِيعاً، ورفَّع الحِمار: عَدا عَدْواً بعضُه أَرْفع من بعض. وكلُّ ما قدَّمْتَه، فقد رَفَّعْته. قال الأَزهري: وكذلك لو أَخذت شيئاً فرَفَعْتَ الأَوّل، فالأَوّل رفَّعْته ترفيعاً.
والرِّفْعة: نقيض الذِّلّة. والرِّفْعة: خلاف الضّعة، رَفُع يَرْفُع رَفاعة، فهو رَفيع إذا شَرُف، والأُنثى بالهاء. قال سيبويه: لا يقال رَفُع ولكن ارْتَفَع، وقوله تعالى: في بيوت أَذِنَ الله أَن تُرْفَع؛ قال الزجاج: قال الحسن تأْويل أَن تُرفع أَنْ تُعَظَّم؛ قال: وقيل معناه أَن تُبْنَى، كذا جاء في التفسير. الأَصمعي: رَفَع القومُ، فهُم رافِعُون إذا أَصْعَدُوا في البلاد؛ قال الراعي:
دَعاهُنَّ داعٍ للخَرِيفِ، ولم تَكُنْ |
|
لَهُنَّ بِلاداً، فانْتَجَعْنَ روافِعـا |
أَي مُصْعِداتٍ؛ يريد لم تكن تلك البلادُ التي دعَتْهن لهُنّ بِلاداً.
والرَّفِيعةُ: ما رُفِعَ به على الرَّجل، ورَفَعَ فلان على العامل رَفِيعة: وهو ما يَرْفَعُه من قَضِيَّة ويُبَلِّغها. وفي الحديث: كلُّ رافِعةٍ رَفَعتْ عَلَيْنا من البَلاغِ فقد حَرَّمْتُها أَن تُعْضَد أَو تُخْبَط إِلاَّ لعُصْفُورِ قَتَبٍ أَو مَسْنَدِ مَحالةٍ، أَي كلُّ نفْس أَو جماعة مُبلِّغة تُبَلِّغ وتُذِيعُ عنا ما نقوله فَلْتُبَلّغْ ولتَحْك أَنّي قد حَرَّمْت المدينة أَن يُقْطَع شجرها أَو يُخْبَط ورَقُها، وروي: من البُلاَّغِ، بالتشديد، بمعنى المُبَلِّغين كالحُدّاثِ بمعنى المُحدِّثِين؛ والرَّفْع هنا من رَفَع فلان على العامل إذا أَذاع خبره وحكى عنه. ويقال: هذه أَيامُ رَفاعٍ ورِفاعٍ، قال الكسائي: سمعت الجَرامَ والجِرامَ وأَخَواتها إِلا الرِّفاع فإِني لم أَسمعها مكسورة، وحكى الأَزهري عن ابن السكيت قال: يقال جاء زَمَنُ الرَّفاعِ والرِّفاعِ إذا رُفِعَ الزَّرْعُ، والرَّفاعُ والرِّفاعُ: اكْتِنازُ الزَّرعِ ورَفْعُه بعد الحَصاد. ورَفَع الزَّرعَ يَرْفَعُه رَفْعاً ورَفاعة ورَفاعاً: نقله من الموضع الذي يَحْصِدُهُ فيه إِلى البَيْدر؛ عن اللحياني: وبَرْقٌ رافع: ساطعٌ؛ قال الأَحوص:
أَصاحِ! أَلم تَحْزُنْك رِيحٌ مَرِيضةٌ |
|
وبَرْقٌ تَلالا بالعَقِيقَيْنِ رافِـعُ؟ |
ورجل رَفِيعُ الصوتِ أَي شريف؛ قال أَبو بكر محمد بن السَّرِيّ: ولم يقولوا منه رَفُع؛ قال ابن بري: هو قول سيبويه، وقالوا رَفِيع ولم نَسمعهم قالوا رَفُع. وقال غيره: رَفُعَ رِفْعة أَي ارْتَفَعَ قَدْرُه. ورَفاعةُ الصوت ورُفاعتُه، بالضم والفتح: جَهارَتُه. ورَجل رَفِيعُ الصوت: جَهِيرُه. وقد رَفُع الرجل: صار رَفِيع الصوتِ. وأَمّا الذي ورد في حديث الاعتكاف: كان إذا دخل العَشْرُ أَيْقظَ أَهلَه ورَفَع المِئْزَر، وهو تشميره عن الإِسبال، فكناية عن الاجْتهاد في العِبادة؛ وقيل: كُنِي به عن اعْتِزال النساء. وفي حديث ابن سلام: ما هلَكت أُمّة حتى يُرْفَع القُرآنُ على السلطان أَي يتَأَوَّلونه ويَرَوْن الخروج به عليه.
والرَّفْعُ في الإِعراب: كالضمّ في البِناء وهو من أَوضاع النحويين، والرَّفعُ في العربية: خلاف الجر والنصب، والمُبْتَدأُ مُرافِع للخبر لأَنَّ كل واحد منهما يَرْفَع صاحبه.
ورِفاعةُ، بالكسر: اسم رجل. وبنو رِفاعةَ: قبيلة. وبنو رُفَيْع: بطن.
ورافِع: اسم.
الرَّفْغُ والرُّفْغُ: أُصُولُ الفَخِذيْنِ من باطن وهما ما اكْتَنَفَا أَعالي جانِبَي العانةِ عند مُلْتَقَى أَعالي بَواطِنِ الفخذين وأَعلى البطن، وهما أَيْضاً أُصول الإبْطَيْنِ، وقيل: الرُّفْغ من باطن الفَخذِ عند الأُرْبِيَّةِ، والجمع أَرْفُغٌ وأَرْفاغٌ ورِفاغٌ؛ قال الشاعر:
د زَوَّجُوني جَيْأَلاً، فيها حَدَبْ |
|
قِيقةَ الأَرْفاغِ ضَخْماءَ الرُّكَبْ |
وناقةٌ رَفْغاءُ: واسِعةُ الرُّفْغِ. وناقة رفِغةٌ: قَرِحةُ الرفْغَيْنِ. والرَّفْغاءُ من النساء: الدَّقِيقةُ الفَخِذيْن المُعِيقةُ الرّفْغَيْنِ الصغيرة المَتاعِ. وقال ابن الأَعرابي: المَرافِغُ أُصول اليدين والفخذين لا واحد لها من لفظها. والأَرْفاغُ: المَغابنُ من الآباط وأُصولِ الفخذين والحوالِبِ وغيرها من مَطاوِي الأَعْضاء وما يجتمع فيه الوَسَخُ والعَرَقُ.
والمَرْفُوغةُ: التي التَزَقَ خِتانُها صغيرة فلا يصل إِليها الرِّجال. والرُّفْغُ: وسَخُ الظفُر، وقيل: الوسخ الذي بين الأُنْملة والظُّفْرِ، وقيل: الرُّفْغ كل موضع يجتمع فيه الوسخ كالإبْط والعُكْنةِ ونحوهما. وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، صلَّى فأَوْهَم في صلاتِه فقيل له: يا رسولَ الله كأَنك قد أَوْهَمْتَ، قال: وكيف لا أُوهِمُ ورُفْغُ أَحدِكم بين ظُفُرِه وأُنْمُلَتِه؟ قال الأَصمعي: جمْع الرُّفْغ أَرْفاغٌ وهي الآباطُ والمَغابِنُ من الجسد يكون ذلك في الإبلِ والناسِ؛ قال أَبو عبيد: ومعناه في هذا الحديث ما بين الأُنثيين وأُصول الفخذين وهي المَغابِنُ، ومما يُبَيِّنُ ذلك حديث عمر: إذا التقى الرُّفْغانِ فقد وجَبَ الغُسْلُ، يريد إذا التقى ذلك من الرجلِ والمرأَةِ ولا يكون هذا إلاَّ بعد التقاء الخِتانَيْنِ، قال: ومعنى الحديث الأَوَّل أَنَّ أَحدهم يحك ذلك المَوْضِعَ من جسده فيَعْلَقُ دَرَنه ووسَخُه بأَصابعه فيبقى بين الظفر والأُنملة، وإِنما أَنْكَرَ من هذا طُولَ الأَظفار وتركَ قَصِّها حتى تطولَ، وأَراد بالرُّفْغ ههنا وسَخَ الظفر كأَنه قال ووسَخُ رُفْغ أَحدِكم، والمعنى أَنكم لا تُقَلِّمُونَ أَظْفاركم ثم تحكون أَرْفاغَكم فيَعْلَقُ بها ما فيها من الوَسخ، والله أَعلم؛ قلت: وقوله في تفسير الحديث لا يكون التقاء الرُّفْغَيْنِ من الرجل والمرأَة إلاَّ بعد التقاء الخِتانَيْن فيه نظر لأَنه قد يمكن أَن يلتقي الرفغان ولا يلتقي الخِتانان، ولكنه أَراد الغالب من هذه الحالة، والله أَعلم. والرُّفْغان:أَصْلا الفخذين. وفي الحديث: عشر من السنة كذا وكذا ونَتْفُ الرُّفْغَيْن أَي الإِبْطين، وجعل الفراء الرفغين الإِبطين في قوله في الحديث: عشر من السنة منها تقليم الأَظْفار ونَتْفُ الرُّفْغَيْنِ؛ وهو في حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: ونَتْفُ الإِبْطِ، وهو مروي عن أَبي هريرة أَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: خمس من الفِطْرةِ: الاسْتِحْدادُ والخِتانُ وقَصُّ الشارِب ونتفُ الإِبْطِ وتَقْلِيمُ الأَظفارِ. ابن شميل: والرُّفْغُ من المرأَة ما حولَ فرجها.وقال أَعرابي: تَرَفَّغَ الرجلُ المرأَةَ إذا قعد بين فخذيها لِيَطأَها، وفي موضع آخر: رَفَغَ الرجلُ المرأَةَ إذا قعد بين فخذيها. ويقال: تَرَفَّغَ فلان فوق البعير إذا خشي أَن يَرْمِيَ به فلَفَّ رجْلَيه عند ثِيلِ البعير. والرَّفْغُ: تِبْنُ الذُّرةِ؛ قال الشاعر:
دُونكِ بوغاءَ تُرابَ الرَّفْغِ |
والرَّفْغُ: أَسفلُ الفلاةِ وأَسفلُ الوادِي. والرَّفْغُ أَيضاً: المكان الجَدْبُ الرَّقِيقُ المُقارِبُ. والرَّفْغُ: الأَرضُ الكثيرةُ التُّراب. وجاءَ فلان بمال كرَفْغِ التراب في كثرته. وتراب رَفْغٌ وطعامٌ رَفْغٌ: لَيِّن. قال بعضهم: أَصل الرَّفْغِ اللِّينُ والسُّهولةُ. والرَّفْغُ: الناحيةُ؛ عن الأَخفش؛ وقول أَبي ذؤَيب:
أَتى قَرْيةً كانَتْ كثيراً طَعامُهـا |
|
كرَفْغِ التُّرابِ، كلُّ شيءٍ يَميرُها |
يُفَسَّر بجميع ذلك أَو بعامَّتِه. ابن الأَعرابي: يقال هو في رَفْغٍ من قومه وفي رَفْغٍ من القريةِ إذا كان في ناحيةٍ منها وليس في وسَط قومه.
والرَّفْغُ: السِّقاءُ الرَّقِيقُ المُقارِبُ. والرَّفْغُ أَلأَيامُ موْضِعٍ في الوادِي وشَرُّه تُراباً. وأَرْفاغُ الناسِ: أَلائمهُم وسُفَّالُهم، الواحد رَفْغٌ. وقال أَبو حنيفة: أَرْفاغ الوادِي جَوانِبُه.
والرَّفْغ: الأَرضُ السَّهْلة، وجمعها رِفاغٌ. والرَّفْغُ والرَّفاغةُ والرَّفاغِيةُ: سَعةُ العَيْشِ والخِصْبُ والسَّعةُ. وعيشٌ أَرْفَغ ورافِغٌ ورفِيغٌ: خصيبٌ واسِعٌ طيِّب. ورَفُغَ عيشُه، بالضم، رَفاغةً: اتَّسَعَ.
وتَرَفَّغَ الرجلُ: تَوَسَّعَ. لفي وإنه رَفاغةٍ ورَفاغِيةٍ من العيش مثل ثمانية؛ وأَنشد:
تحتَ دُجُنَّاتِ الأَرْفَغِ |
والرُّفَغْنِيةُ والرُّفَهْنِيةُ: سعة العيش. وفي حديث عليّ: أَرْفَغَ لكم المَعاشَ أَي أَوْسَعَ، وفي حديثه: النَّعَم الرَّوافِغُ، جمع رافِغةٍ. والأَرْفَغُ: موضِعٌ.
الأَزهري في الرباعي: البُلَهْنِيَة والرُّفَهنِيَة سَعَةُ العَيش وكثرة الرُّفَغنِية.
رَفَّ لونُه يَرِفُّ، بالكسر، رَفّاً ورَفيفاً: بَرَقَ وتَلأْلأَ، وكذلك رَفَّتْ أَسنانه. وفي الحديث: أَن النابغة الجَعْديَّ لما أَنشد سيدنا رسولَ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم:
ولا خَيْرَ في حِلْمٍ، إذا لم تكن له |
|
بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوَه أَن يُكَـدَّرا |
ولا خَيْرَ في جَهْلٍ، إذا لم يكن له |
|
حَلِيمٌ، إذا ما أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرا |
فقال له رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: لا يَفْضُضِ اللّه فاك، قال: فبَقِيَتْ أَسْنانُه ترِفُّ حتى مات، وفي النهاية: وكأَنَّ فاه البَرَدُ، تَرِفُّ أَسنانُه أَي تَبْرُق أَسنانُه، من رَفَّ البرقُ يَرِفُّ إذا تلأْلأَ. والرَّفَّةُ: البَرْقةُ. ومنه الحديث الآخر: تَرفُّ غُروبُه، هي الأَسنان. ورفَّ يَرِفُّ: بَرِحَ وتَخَيَّلَ؛ قال:
وأُمُّ عَمّارٍ على القِرْد تَرِفْ |
ورَفَّ النباتُ يَرِفُّ رَفيفاً إذا اهتز وتَنَعَّمَ؛ قال أَبو حنيفة: هو أَن يَتَلأْلأَ ويُشْرِقَ ماؤه.
وثوب رَفِيفٌ وشجر رَفيفٌ إذا تَنَدَّى.
والرَّفَّةُ: الاخْتِلاجةُ. وفي حديث ابن زِمْلٍ: لم تَرَ عَيْني مِثلَه قَطُّ يَرِفُّ رَفِيفاً يَقْطُرُ نداه. يقال للشيء إذا كثر ماؤه من النَّعْمةِ والغَضاضةِ حتى يكاد يَهْتَزُّ: رَفَّ يَرِفُّ رَفيفاً. وفي حديث معاوية، رضي اللّه عنه، قالت له امرأَة: أُعِيذُك باللّه أَن تنزل وادياً فَتَدَعَ أَوَّلَه يَرِفُّ وآخِرَه يَقِفُّ. ورَفَّت عينُه تَرُفُّ وتَرِفُّ رَفّاً: اخْتَلَجَتْ، وكذلك سائر الأَعْضاء؛ قال أَنشد أَبو العلاء:
لم أَدْرِ إلا الظَّنَّ ظَنَّ الغائِبِ |
|
أَبِكِ أَم بالغَيْبِ رَفُّ حاجِبي |
وكذلك البَرْقُ إذا لَمَعَ. ورَفُّ البَرْقِ: ومِيضُه. ورَفَّتْ عليه النِّعْمة: ضَفَتْ. ورَفَّ الشيءَ يَرُفُّه رَفّاً ورَفِيفاً: مَصَّه، وقيل أَكلَه. والرَّفَّةُ: المَصّةُ. والرَّفُّ: المَّصُّ والتَّرَشُّفُ، وقد رَفَفْتُ أَرُفُّ، بالضم؛ وأَنشد ابن بري:
واللّهِ لولا رَهْبَتي أَباكِ |
إذا لَزَفَّتْ شَفَتايَ فاكِ |
رَفَّ الغَزالِ ورَقَ الأَراكِ |
ومنه حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، وقد سُئِلَ عن القُبْلةِ للصائم فقال: إني لأَرُفُّ شَفَتَيْها وأَنا صائم؛ قال أَبو عبيد: وهو من شُرْب الرِّيق وتَرَشُّفه، وقيل: هو الرَّفُّ نَفْسُه وقوله أَرُفُّ شَفَتَيْها أَي أَمَصُّ وأَتَرَشَّفُ. وفي حديث عَبيدة السَّلْماني: قال له ابن سِيرينَ: ما يُوجِبُ الجَنابةَ؟ قال: الرَّفُ والاسْتِمْلاقُ يعني المَصَّ والجِماعَ لأَنه من مقدماته. وقال أَبو عبيدة في قوله أَرُفُّ: الرَّفُّ هو مثل المَصِّ والرَّشْفِ ونحوه، يقال منه: رَفَفْتُ أَرُفُّ رَفّاً، وأَما رَفَّ يَرِفُّ، بالكسر، فهو من غير هذا، رَفَّ يَرِفُّ إذا بَرَقَ لونُه وتلأْلأَ؛ قال الأَعشى يذكر ثَغْرَ امْرأَةٍ:
ومَهاً تَرِفُّ غُـرُوبُـه |
|
تَسْقي المُتَيَّمَ ذا الحراره |
قال ابن بري: ومثله لبِشرٍ:
يَرِفُّ كأَنه وهْناً مُدامُ |
والرَّفَّةُ: الأَكْلَةُ المُحْكَمةُ. قال أَبو حنيفة: رَفَّتِ الإبِلُ تَرُفُّ وتَرِفُّ رَفّاً أَكلَتْ، ورَفَّ المرأَةَ يَرُفُّها قَبَّلَها بأَطراف شَفَتَيْه. وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: زَوْجي إنْ أَكلَ رَفَّ؛ ابن الأَثير: وهو الإكْثارُ من الأَكل.
والرَّفْرَفةُ: تحريكُ الطائر جَناحَيهِ وهو في الهواء فلا يَبْرحُ مكانه. ابن سيده: رَفَّ الطائر ورَفْرَف حَرَّك جناحَيْه في الهواء.
والرَّفْرافُ: الظَّلِيمُ يُرَفْرِفُ بجناحيه ثم يَعْدو. والرَّفْرافُ: الجناح منه ومن الطائر. ورَفْرَف الطائر إذا حرَّك جناحيه حول الشيء يريد أَن يقع عليه. والرَّفرافُ: طائر وهو خاطِفُ ظِلِّه؛ عن أَبي سلمة، قال: وربما سموا الظَّليمَ بذلك لأَنه يُرفْرِفُ بِجناحَيْه ثم يَعْدُو. وفي الحديث: رَفْرَفَتِ الرحمةُ فوق رأْسه. يقال: رَفْرَفَ الطائر بجناحيه إذا بسطهما عند السقوط على شيء يحوم عليه ليقع عليه. وفي حديث أُمّ السائب: أَنه مرَّ بها وهي تُرَفرِف من الحُمّى، قال: ما لَكِ تُرفرِفِين؟ أَي تَرْتَعِدُ، ويروى بالزاي، وسنذكره. والرَّفْرَفُ: كِسْرُ الخِباء ونحوه وجوانبُ الدِّرْعِ وما تَدَلَّى منها، الواحدة رَفْرَفَة، وهو أَيضاً خِرْقَةٌ تُخاط في أَسْفل السُّرادِق والفُسْطاط ونحوه، وكذلك الرَّفُّ رَفُّ البيت، وجمعه رُفُوفٌ. ورَفَّ البيتَ: عَمِلَ له رَفّاً. وفي الحديث: أَن امرأَة قالت لزوجها أَحِجَّني، قال: ما عندي شيء، قالت: بِعْ تَمر رَفِّكَ؛ الرَّفُّ، بالفتح خشب يرفع عن الأَرض إلى جَنْب الجِدارِ يُوقَى به ما يُوضَع عليه، وجمعه رُفُوفٌ ورِفافٌ. وفي حديث كعب بن الأَشرف: إنَّ رِفافي تَقَصَّفُ تمراً من عجوة يغيب فيها الضِّرسُ. والرَّفُّ: شبه الطاقِ، والجمع رُفُوفٌ. قال ابن بري: قال ابن حمزةَ الرَّفُّ له عشرة معانٍ ذكر منها رَفَّ يَرُفُّ، بالضم، إذا مَصَّ، وكذلك البعير يَرُفُّ البقلَ إذا أَكله ولم يملأْ به فاه، وكذلك هو يَرُفُّ له أَي يَكْسِب. ورفَّ يَرِفُّ، بالكسر، إذا بَرَقَ لونه. ابن سيده: ورَفِيفُ الفُسْطاط سَقْفُه. وفي الحديث: قال أَتيت عثمان وهو نازل بالأَبطح فإذا فُسْطاطٌ مضروب وإذا سيفٌ مُعَلَّقٌ على رَفِيف الفسطاط؛ الفسطاط الخَيْمة؛ قال شمر: ورَفِيفُه سَقْفُه، وقيل: هو ما تدَلَّى منه. وفي حديث وفاة سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يرويه أَنس قال: فَرَفَعَ الرَّفرَفَ فرأَينا وجْهَه كأَنه ورقة تَخَشْخِشُ؛ قال ابن الأَعرابي: الرَّفْرَفُ ههنا طَرَفُ الفُسْطاط، قال: والرَّفْرَفُ في حديث المِعراج البِساطُ. ابن الأَثير: الرَّفْرَفُ البِساطُ أَو السِّتر، وقوله: فَرَفَعَ الرَّفْرَفَ أَراد شيئاً كان يَحْجُبُ بينهم وبينه. وكلُّ ما فَضَلَ من شيء وثُنِيَ وعُطِفَ، فهو رَفْرَفٌ. قال: والرَّفْرَفُ في غير هذا الرَّفُّ يُجْعَل عليه طَرائفُ البيت. وذكر ابن الأَثير عن ابن مسعود في قوله تعالى: لقد رأَى من آيات ربه الكبرى، قال: رأَى رَفْرَفاً أَخضر سَدَّ الأُفق أَي بِساطاً، وقيل فِراشاً، قال: ومنهم من يجعل الرَّفْرَف جمعاً، واحده رَفْرَفَةٌ، وجمع الرفْرفِ رَفارِفُ، وقيل: الرفرف في الأَصل ما كان من الديباج وغيره رَقيقاً حَسَن الصنْعة، ثم اتُّسِع به. والرَّفْرَفُ: الرَّوْشَنُ.
والرَّفِيفُ: الروشن. ورَفْرَفُ الدِّرْعِ: زَرَدٌ يشد بالبيضة يطرحه الرجل عى ظهره. غيره: ورَفْرَفُ الدِّرْعِ ما فضلَ من ذَيْلِها، ورَفْرَفُ الأَيكةِ ما تَهَدَّلَ من غُصونها؛ وقال المُعَطَّلُ الهُذَليُّ يصف الأَسد:
له أَيْكَةٌ لا يَأْمَنُ الناسُ غَـيْبَـهـا |
|
حَمَى رَفْرَفاً منها سِباطاً وخِرْوَعا |
قال الأَصمعي: حمى رَفْرَفاً، قال: الرَّفْرَفُ شجر مُسْترْسِلٌ ينبت باليمن.
ورَفَّ الثوبُ رَفَفاً: رَقَّ، وليس بثبت. ابن بري: رَفَّ الثوبُ رَفَفاً، فهو رَفِيفٌ، وأَصله فَعِلَ، والرَّفرَفُ: الرَّقِيقُ من الدِّيباج، والرَّفرَفُ: ثياب خُضْرٌ يُتَّخذ منها للمجالس، وفي المحكم: تُبْسَطُ، واحدته رَفْرَفَةٌ. وفي التنزيل العزيز: متكئين على رَفرَفٍ خُضْر، وقرئ: على رَفارِفَ. وقال الفراء في قوله متكئين على رفرف خضر قال: ذكروا أَنها رِياضُ الجنة، وقال بعضهم الفُرُشُ والبُسُطُ، وجمعه رفارِفُ، وقد قرئ بهما: متكئين على رَفارِف خُضْرٍ. والرَّفرَفُ: الشجر الناعم المسترسل؛ وأَنشد بيت الهذلي يصف الأَسد:
حَمَى رَفْرَفاً منها سِباطاً وخِرْوَعا |
والرَّفيفُ والوَرِيفُ لغتان، يقال للنبات الذي يهْتزُّ خُضْرَةً وتَلأْلُؤاً: قد رَفَّ يَرِفُّ رَفيفاً؛ وقول الأَعْشى: بالشام ذات الرَّفِيف؛ قال: أَراد البساتين التي تَرِفُّ من نَضارتها واهتزازها، وقيل: ذاتُ الرَّفِيف سُفُنٌ كان يُعْبَر عليها، وهو أَن تُشَدَّ سَفِينتانِ أَو ثلاث للملِك، قال: وكلُّ مُستَرِقٍّ من الرمل رَفٌّ. والرَّفْرَفُ: ضَرْب من سَمَكِ البحر. والرَّفرفُ: البَظْرُ؛ عن اللحياني. ورَفرف على القوم: تَحَدَّب. والرُّفَةُ: التِّبْنُ وحُطامُه. ورَفُّه: عَلَفَه رُفَّة. والرُّفافُ: ما انْتُحِتَ من التبن ويَبِيس السَّمر؛ عن ابن الأَعرابي. ورَفَّ الرجلَ يَرُفُّه رَفّاً: أَحْسَنَ إليه وأَسْدَى إليه يداً. وفي المثل: من حَفَّنا أَو رَفّنا فَلْيَتَّرِكْ، وفي الصحاح: فَليَقْتصد، أَراد المدْح والإطْراء. يقال: فلان يَرُفُّنا أَي يَحُوطُنا ويَعْطِفُ علينا، وما له حافٌّ ولا رافٌّ. وفلان يَحُفُّنا ويَرُفُّنا أَي يُعْطِينا ويَميرُنا، وفي التهذيب: أَي يُؤوِينا ويُطْعِمُنا، وأَما أَبو عبيد فجعله إتباعاً، والأَوّل أَعْرَف. الأَصمعي: هو يَحِفُّ ويَرِفُّ أَي هو يقوم له ويَقْعُد ويَنْصَح ويُشْفِقُ؛ أَراد بيَحِفُّ تسمع له حفيفاً. ورجل يَرِفُّ إذا كان...... كالاهْتِزاز من النَّضارةِ؛ قال ثعلب: يقال رَفَّ يَرُفُّ إذا أَكل، ورَفَّ يَرِفُّ إذا بَرَقَ، ووَرَفَ يَرِفُ إذا اتَّسَعَ.
وقال الفراء: هذا رفٌّ من الناس. والرَّفُّ: المِيرةُ. والرَّفُّ: القطعة العظيمة من الإبل، وعمَّ اللحياني به الغنم فقال: الرَّفُّ القطِيعُ من الغنم لم يخص معَزاً من ضأْن ولا ضأْناً من مَعَز. والرَّفُّ: الجماعة من الضأْن؛ يقال: هذا رَفّ من الضأْن أَي جماعة منها. والرفُّ: حَظِيرةُ الشاء.
وفي الحديث: بعد الرِّفِّ والوَقِيرِ؛ الرَّفُّ، بالكسر: الإبل العظيمة، والوَقِيرُ: الغنمُ الكثيرةُ، أَي بعدَ الغِنى واليَسار.
ودارةُ رَفْرَفٍ: موضع.
الرِّفْق: ضد العنْف. رَفَق بالأَمر وله وعليه يَرْفُق رِفْقاً ورَفُقَ يَرْفُقُ ورَفِقَ: لطَفَ. ورفَقَ بالرجل وأَرْفَقه بمعنى. وكذلك تَرفَّق به. ويقال: أَرْفقْته أَي نَفَعْته، وأَوْلاه رافِقةً أَي رِفْقاً، وهو به رَفِيق لَطِيف، وهذا الأَمر بكَ رفيق ورافِقٌ، وفي نسخة: ورافِقٌ عليك. الليث: الرِّفق لِين الجانب ولَطافةُ الفعل، وصاحبه رَفِيق وقد رَفَقَ يَرفُقُ، وإِذا أَمرت قلت: رِفْقاً، ومعناه ارفُق رِفقاً. ابن الأَعرابي: رَفقَ انْتَظر، ورَفُق إذا كان رفيقاً بالعمل. قال شمر: ويقال رَفَق به ورَفُقَ به وهو رافِقٌ به ورَفِيق به. أَبو زيد: رَفق الله بك ورفَق عليك رِفْقاً ومَرْفِقاً وأَرفقَك الله إِرْفاقاً. وفي حديث المُزارعة:نهانا عن أَمرٍ كان بنا رافقاً أَي ذا رِفْق؛ والرِّفْقُ: لين الجانب خِلاف العنف. وفي الحديث: ما كان الرِّفْق في شيء إِلاَّ زانَه أَي اللّطفُ، وفي الحديث: في إِرْفاقِ ضَعِيفِهم وسَدّه خَلَّتهم أَي إِيصال الرِّفْق إِليهم؛ والحديثِ الآخر: أَنت رَفِيق واللهُ الطَّبِيبِ أَي أَنت تَرفُق بالمريض وتُلَطِّفُه والله الذي يُبْرئه ويُعافِيه. ويقال للمُتَطَبِّب: مُترفِّق ورَفِيق، وكره أَن يقال طبيب في خبر ورد عن النبي، صلى الله عليه وسلم. والرِّفْقُ والمِرْفَقُ والمَرْفِقُ والمَرفَقُ: ما اسْتُعِينَ به، وقد تَرَفَّقَ به وارْتفَق. وفي التنزيل: ويُهَيِّئ لكم من أَمركم مِرْفَقاً؛ مَن قرأَه مِرْفَقاً جعله مثل مقْطَع، ومن قرأَه مَرْفِقاً جعله اسماً مثل مسجد، ويجوز مَرْفَقاً أَي رِفْقاً مثل مَطْلَع ولم يُقرأْ به؛ التهذيب: كسر الحسنُ والأَعمش الميم من مِرْفَق، ونصبَها أَهل المدينة وعاصم، فكأَن الذين فتحوا الميم وكسروا الفاء أَرادوا أَن يَفْرقُوا بين المَرفِق من الأَمر وبين المِرْفَق من الإِنسان، قال: وأَكثر العرب على كسر الميم من الأَمر ومن مِرفَق الإِنسان؛ قال: والعرب أَيضاً تفتح الميم من مَرفِق الإِنسان، لغتان في هذا وفي هذا. وقال الأَخفش في قوله تعالى ويهيِّئ لكم من أَمركم مِرْفَقاً: وهو ما ارتفَقْت به، ويقال مَرفِق؛ وقال يونس: الذي اختاره المَرْفِقُ في الأَمر، والمِرْفَقُ في اليد، والمِرْفَقُ المُغْتَسَلُ. ومَرافِقُ الدار: مَصابُّ الماء ونحوُها. التهذيب:والمِرْفَقُ من مَرافِق الدار من المغتسل والكنيف ونحوه. وفي حديث أَبي أَيُّوب:وجدْنا مَرافِقَهم قد اسْتُقْبِل بها القِبْلةُ، يريد الكُنُفَ والحُشُوشَ، واحدها مِرْفَق، بالكسر. الجوهري: والمِرْفَق والمَرْفِقُ مَوْصِلُ الذراع في العَضُد، وكذلك المِرفَق والمَرفِقُ من الأَمر وهو ما ارتفقْت وانْتفعْت به. ابن سيده: المِرفَق والمَرفِق من الإِنسان والدابة أَعلى الذِّراع وأَسفلُ العَضُد. والمِرفَقةُ، بالكسر، والمِرْفَقُ: المُتَّكأُ والمِخَدَّةُ. وقد تَرفَّق عليه وارْتَفَقَ: تَوَكَّأَ، وقد تَمَرْفَقَ إذا أَخذَ مِرْفَقةً. وبات فلان مُرتَفِقاً أَي مُتَّكِئاً على مِرفَق يده؛ وأَنشد ابن بري لأَعشى باهِلةَ:
فبِتُّ مُرْتَفِقاً، والعينُ سـاهِـرةٌ، |
|
كأَنَّ نَوْمي عليَّ، اللَّيلَ، مَحْجُورُ |
وقال عز وجل: نِعْمَ الثوابُ وحَسُنَت مُرْتَفَقاً؛ قال الفراء: أُنِّثَ الفعل على معنى الجنة، ولو ذُكِّرَ كان صواباً؛ ابن السكيت: مرتفَقاً أَي مُتَّكأً. يقال: قد ارْتفَق إذا اتَّكأَ على مِرْفَقةٍ. وقال الليث: المِرفق مكسور من كل شيء من المُتَّكَأِ ومن اليد ومن الأَمر. وفي الحديث: أَيُّكم ابنُ عبد المطلب؟ قالوا: هو الأَبيضُ المُرتفِق أَي المتكِئ على المِرفَقة، وهي كالوِسادة، وأَصله من المِرْفَق كأَنه اسْتعملَ مِرفقه واتَّكأَ عليه؛ ومنه حديث ابن ذي يَزَنَ:
اشْرَبْ هَنيئاً عليكَ التاج مُرْتَفِقا |
وقيل: المِرْفَقُ من الإِنسان والدابة، والمَرْفِقُ الأَمر الرَّفيقُ، ففُرِقَ بينهما بذلك.
والرَّفَقُ: انْفِتالُ المِرْفَقِ عن الجنب، وقد رَفِقَ وهو أَرْفَقُ، وناقة رَفْقاء؛ قال أَبو منصور: الذي حفظته بهذا المعنى ناقة دَفْقاء وجمل أَدْفَقُ إذا انْفَتَق مِرفَقُه عن جنبه، وقد تقدم ذكره. وبعير مَرْفوقٌ: يشتكي مِرفَقه. وناقة رَفقاء: اشْتَدَّ إِحليل خِلْفها فحلَبت دماً، ورَفِقةٌ: وَرِمَ ضَرْعُها، وهو نحو الرَّفْقاء؛ وقيل: الرَّفِقةُ التي تُوضع التَّوْدِيةُ على إِحليلها فيَقْرَح؛ قال زيد بن كُثْوَةَ: إذا انْسَدَّت أَحالِيل الناقة قيل: بها رَفَقٌ، وناقة رَفِقة؛ قال: وهو حرف غريب. الليث: المِرْفاقُ من الإِبل إذا صُرَّت أَوْجَعها الصِّرار، فإِذا حُلِبت خرج منها دم، وهي الرَّفِقةُ: وناقة رَفِقة أَيضاً: مُذْعِنة.والرِّفاق: حبل يشد من الوَظِيف إِلى العضد، وقيل: هو حبل يشد في عنق البعير إِلى رُسْغه؛ قال بشر بن أَبي خازم:
فإِنَّكَ والـشَّـكـاةَ مِـن آلِ لأْمٍ، |
|
كذاتِ الضِّغْنِ تَمْشي في الرِّفاقِ |
والجمعُ رُفُقٌ. وذاتُ الضغن: ناقة تَنْزِعُ إِلى وَطَنِها، يعني أَنَّ ذات الضغن ليست بمُستقيمة المشي لما في قلبها من النِّزاع إلى هَواها، وكذلك أَنا لست بمستقيم لآل لأْم لأَن في قلبي عليهم أَشياء؛ ومثله قول الآخر:
وأَقْبَلَ يَزْحَفُ زَحْفَ الكَسِير، |
|
كأَنَّ، على عَضُدَيْهِ، رِفاقـا |
ورَفَقها يرفُقها رَفْقاً: شدَّ عليها الرِّفاق، وذلك إذا خِيف أَن تنزِع إِلى وطَنِها فَشَدَّها. الأَصمعي: الرِّفاقُ أَن يُخْشَى على الناقة أَن تَنزع إِلى وطنها فيُشدَّ عضُدُها شدّاً شديداً لتُخْبَل عن أَن تُسْرِعَ، وذلك الحبل هو الرِّفاق؛ وقد يكون الرِّفاق أَيضاً أَن تَظلَع من إِحدى يديها فيَخْشون أَن تُبْطِرَ اليدُ الصحيحةُ السقيمةَ ذَرْعَها فيَصيرَ الظَّلَعُ كَسْراً، فيُحزَّ عضُد اليد الصحيحةِ لكي تَضْعُفَ فيكون سَدْوُهما واحداً. وجمل مِرْفاق إذا كان مِرْفَقُه يُصيب جنبه.
ورافَق الرجلَ: صاحَبَه. ورَفِيقُك: الذي يُرافِقُك، وقيل: هو الصاحب في السفر خاصّة، الواحد والجمع في ذلك سواء مثل الصَّدِيق. قال الله تعالى:وحَسُن أُولئكَ رَفِيقاً؛ وقد يجمع على رُفَقاء، وقيل: إذا عَدا الرَّجلان بلا عمل فهما رَفِيقانِ، فإِن عَمِلا على بَعِيرَيْهما فهما زَمِيلانِ. وتَرافَق القوم وارْتفَقُوا: صاروا رُفَقاء. والرُّفاقةُ والرُّفْقةُ والرِّفْقة واحد: الجماعة المُترافِقون في السفر؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الرِّفْقةَ جمع رَفِيق، والرُّفْقة اسم للجمع، والجمع رِفَقٌ ورُفَقٌ ورِفاقٌ. ابن بري: الرِّفاقُ جمع رُفْقةٍ كعُلْبةٍ وعِلابٍ؛ قال ذو الرمة:
قِياماً يَنْظُرُونَ إِلـى بِـلالٍ، |
|
رِفاقَ الحَجِّ أَبْصَرَتِ الهِلالا |
قالوا في تفسير الرِّفاق: جمع رُفْقة، ويجمع رُفَق أَيضاً، ومَن قال رِفْقة قال رِفَقٌ ورِفاقٌ، وقيس تقول: رِفْقة، وتميم: رُفْقة. ورِفاقٌ أَيضاً: جمع رَفِيق ككريم وكِرام. والرِّفاقُ أَيضاً: مصدر رافَقْتُه. الليث:الرّفقة يُسمون رفقة ما داموا منضمين في مجلس واحد ومَسير واحد، فإِذا تفرَّقوا ذهب عنهم اسم الرّفْقة؛ والرّفْقة: القوم يَنْهَضُونَ في سَفَر يسيرون معاً وينزلون معاً ولا يَفْترِقون، وأَكثرُ ما يُسمَّوْن رفقة إذا نهضوا مُيّاراً، وهما رَفِيقانِ وهم رُفقاء. ورَفِيقُك: الذي يُرافِقُك في السفر تَجْمَعُك وإِيّاه رفقة واحدة، والواحد رَفِيق والجمع أَيضاً رَفِيق، تقول: رافَقْته وتَرافَقْنا في السفر. والرَّفِيق: المُرافِقُ، والجمع الرُّفقاء فإِذا تفرَّقوا ذهب اسم الرفقة ولا يذهب اسم الرفيق. وقال أَبو إِسحاق في معنى قوله: وحسُن أُولئك رفيقاً، قال: يعني النبيين، صلوات الله عليهم أَجمعين، لأنه قال: ومَن يُطِع الله والرسول فأُولئك، يعني المُطِيعين مع الذين أَنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشُّهداء والصالحين، وحسُن أُولئك رفيقاً، يعني الأَنبياء ومَن معهم، قال:ورفيقاً منصوب على التمييز ينوب عن رُفقاء؛ وقال الفراء: لا يجوز أَن ينوب الواحد عن الجمع إِلا أَن يكون من أَسماء الفاعلين، لا يجوز حسُن أُولئك رجلاً، وأَجازه الزجاج وقال: هو مذهب سيبويه. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه خُيِّرَ عند موته بين البَقاء في الدنيا والتوسِعة عليه فيها وبين ما عند الله فقال: بل مع الرفيقِ الأَعلى، وذلك أَنه خُيِّر بين البقاء في الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله، وكأَنه أَراد قوله عز وجل: وحَسُنَ أُولئك رفيقاً، ولما كان الرفيق مشتقّاً من فعل وجاز أَن ينوب عن المصدر وُضع مَوْضع الجميع. وقال شمر في حديث عائشة: فوجدت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَثْقُل في حِجْري، قالت: فذهبت أَنظر في وجهه فإِذا بصرهُ قد شَخَص وهو يقول: بل الرفِيقَ الأَعْلى من الجنة، وقُبِضَ؛ قال أَبو عَدْنانَ: قوله في الدعاء اللهم أَلْحِقْني بالرَّفيق الأَعلى، سمعت أَبا الفَهْدِ الباهِليّ يقول: إِنه تبارك وتعالى رَفِيقٌ وَفِيقٌ، فكأَن معناه أَلحقني بالرَّفيق أَي بالله، يقال: اللهُ رَفيق بعباده، من الرِّفْق والرأْفة، فهو فَعِيل بمعنى فاعل؛ قال أَبو منصور: والعلماء على أَن معناه أَلحقني بجماعة الأَنبياء الذين يسكنون أَعلى عِلِّيِّين، وهو اسم جاء على فَعِيل، ومعناه الجَماعة كالصَّدِيق والخَليط يقع على الواحد والجمع، والله عز وجل أَعلم بما أَراد؛ قال: ولا أَعرف الرفيق في صفات الله تعالى. وروى الأَزهري من طريق آخر عن عائشة قالت: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا ثَقُل إِنسان من أَهله مسَحَه بيده اليمنى ثم يقول: أَذْهِبِ الباسَ ربَّ الناسِ، واشْفِ أَنتَ الشافي، لا شِفاء إِلا شِفاؤُك، شِفاءٌ لا يُغادِرُ سَقَماً؛ قالت عائشة: فلما ثقل أَخذت بيده اليمنى، فجعلت أَمْسَحُه وأَقولهن، فانتزع يده مني وقال: اللهم اغفر لي واجعلني من الرَّفيق؛ وقوله من الرَّفيق يدل على أَن المراد بالرفيق جماعة الأَنبياء. والرفيقُ: ضدُّ الأَخْرَق. ورَفِيقةُ الرجل: امرأَته؛ هذه عن اللحياني؛ قال: وقال أَبو زياد في حديثه سأَلني رَفيقي؛ أَراد زوجتي، قال: ورَفيقُ المرأَة زوجها؛ قال شمر: سمعت ابن الأَعرابي يُنشد بيت عبيد:
من بَين مُرْتَفِقٍ منها ومُنْصاحِ |
وفسر المُنْصاحَ الفائضَ الجاري على وجه الأرض.والمُرْتَفِقُ: المُمْتلِئ الواقف الثابت الدائم، كَرَبَ أَن يَمتلئ أَو امْتلأَ، ورواه أَبو عبيدة وقال: المنصاح المُنْشَقُّ.
والرَّفَقُ: الماءُ القصير الرِّشاء. وماءٌ رَفَقٌ: قصير الرشاء.ومَرْتَعٌ رَفِيق: لبس بكثير. ومَرْتَعٌ رَفَقٌ: سهل المَطْلَبِ. ويقال: طلبْتُ حاجة فوجدتها رَفَق البُغْيةِ إذا كانت سَهْلة. وفي ماله رَفَقٌ أَي قِلَّةٌ، والمعروف عند أَبي عبيد رَقَقٌ، بقافين.
والرَّافِقةُ: موضع أَو بلد. وفي حديث طَهْفةَ في رواية: ما لم تُضْمِرُوا الرِّفاق، وفُسِّرَ بالنِّفاق. ومَرْفَقٌ اسم رجل من بني بكر بن وائل قتلته بنو فَقْعَسٍ؛ قال المَرّارُ الفَقعسِيُّ:
وغادَرَ مَرْفَقاً، والخَيْلُ تَـرْدي |
|
بسَيْلِ العِرْضِ، مُسْتَلَباً صَرِيعا |
الليث: الرَّفْل جَرُّ الذيل ورَكْضُه بالرِّجْل؛ وأَنشد:
يَرْفُلْن في سَرَق الحَرِير وقَزَّه |
|
يَسْحَبْن مـن هُـدَّابـه أَذْيالا |
رَفَل يَرْفُل رَفْلاً ورَفِل، بالكسر، رَفَلاً: خَرُق باللباس وكُلِّ عمل، فهو رَفِلٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
في الرَّكْب وَشْواشٌ وفي الحَيِّ رَفِل |
وكذلك أَرْفَل في ثيابه. ورجُل أَرْفَلُ ورَفِلٌ: أَخْرَق باللباس وغيره، والأُنثى رَفْلاء. وامرأَة رافلة ورَفِلة: تَجُرُّ ذيلها إذا مشت وتَمِيس في ذلك، وقيل: امرأَة رَفِلة تتَرَفَّل في مِشْيتها خُرْقاً، فإِن لم تحسن المشي في ثيابها قيل رَفْلاء. ابن سيده: امرأَة رَفِلة ورِفِلة قبيحة، وكذلك الرجل. ورَفَل يَرْفُل رَفْلاً ورَفَلاناً وأَرْفَل: جرّ ذيله وتبختر، وقيل: خَطَر بيده. وأَرْفَلَ الرجلُ ثيابَه إذا أَرخاها. وإِزار مُرْفَلٌ: مُرْخىً. ورَفَل في ثيابه يرْفُل إذا أَطالها وجرّها متبختراً، فهو رافل. والرَّفِل: الأَحمق. ورجل تَرْفِيلٌ: يَرْفُلُ في مشيه؛ عن السيرافي. وأَرْفَل ثوبه: أَرسله. وشَمَّر رِفْله أَي ذيله. وامرأَة رَفِلة: تَجُرُّ ذيلها جَرّاً حسناً، ورَفْلاء: لا تُحْسِن المشي في الثياب، فهي تَجُرُّ ذيلها، ومِرْفالٌ: كثير الرَّفَلان. وامرأَة مِرْفالٌ: كثيرة الرُّفول في ثوبها، ولو قيل: امرأَة رَفِلة تُطَوِّل ذيلها وتَرْفُل فيه، كان حسناً. وفي الحديث: إِن الرافلة في غير أَهلها كالظُّلْمة يوم القيامة؛ هي التي تَرْفُل في ثوبها أَي تتبختر. والرِّفْل: الذيل. ورَفَّل إِزاره إذا أَسبله وتبختر فيه؛ ومنه حديث أَبي جهل: يَرْفُل في الناس، ويروى يَزُول، بالزاي والواو، أَي يُكثر الحركة ولا يستقرّ.
والتَّرْفيل في عروض الكامل: زيادة سبب في قافيته. ابن سيده: الترفيل في مُرَبَّع الكامل أَن يزاد تُنْ على مُتَفاعلن فيجيء مُتَفاعِلاتُنْ وهو المُرَفَّل؛ وبيته قوله:
ولقد سَبَـقْـتَـهُـمُ إِلـيْ |
|
يَ فلِمْ نَزَعْتَ، وأَنت آخر؟ |
فقوله تَ وَأَنت آخر متفاعلاتن؛ قال: وإِنما سُمِّي مُرَفَّلاً لأَنه وُسِّع فصار بمنزلة الثقوب الذي يُرْفَل فيه.
وشَعرٌ رَفالٌ: طويل؛ قال الشاعر
بفاحِمٍ مُنْسدِلٍ رَفال |
قال: وأَما قول الشاعر:
ترفل المَرافلا |
فمعناه تمشي كل ضرب من الرَّفْل. وفرس رِفَلُّ: طويل الذنب، وكذلك البعير والوَعِل؛ قال الجعدي:
فَعَرَفْنـا هِـزَّةً تـأْخُـذُه |
|
فَقَرَنَّاه برَضْراضٍ رِفَـل |
أَيِّدِ الكاهلِ جَـلْـدٍ بـازلٍ |
|
أَخْلَف البازل عاماً أَو بَزَل |
ورِفَنٌّ لغة، وقيل نونها بدل من لام رِفَلّ؛ قال ابن مَيَّادة:
يَتْبَعْنَ سَدْوَ سَبِط جَعْدٍ رِفَل، |
كأَن حيث تلتقي منه المُحُل، |
من جانبيه، وعِلان ووَعِل |
وقال: الرَّفَلُّ والرِّفَنُّ من الخيل جميعاً الكثير اللحم. وبعير رِفَلٌّ: واسع الجلد، وقد يكون الطويل الذنب يوصف به على الوجهين؛ وأَنشد لرؤبة:
جَعْدُ الدَّرانِيك، رِفَلُّ الأَجلاد |
|
كأَنه مُخْتَضِبٌ في أَجسـاد |
وثوبٌ رِفَلُّ مثل هِجَفٍّ: واسعٌ. ومعيشة رِفَلَّة: واسعة. والتَّرفيل: التسويد والتعظيم. ورَفَّلْت الرجلَ إذا عَظَّمته ومَلَّكْته؛ قال ذو الرمة:
إِذا نحن رَفَّلْنا امْرَأً ساد قـومَـه |
|
وإِن لم يكن، من قبل ذلك، يُذْكَر |
وفي حديث وائل بن حجر: يَسْعى ويَترفَّل على الأَقوال أَي يَتَسَوَّد ويَتَرأْس استعارة من ترفيل الثوب وهو إِسباغه وإِسباله؛ قال شمر: الترفُّل التسوّد، والترفيل التسويد. ورُفِّل فلان إذا سُوّد على قومه، وقيل: رَفَّلت الرجل ذَلَّلته ومَلَكْته. وترفيل الرَّكِيَّة: إِجْمامها.
ورَفَّلْتُ الركيَّة: أَجْممتها. ورَفَلُ الرَّكِيَّةِ: مَكْلتُها. ورِفال التيس: شيء يوضع بين يدي قَضِيبه لئلا يَسْفِد. وناقة مُرَفَّلة: تُصَرُّ بخِرْقة ثم تُرْسَل على أَخْلافها فتُغَطَّى بها.
ومرافل: سَوِيقُ يَنْبُوتِ عُمان. ورَوْفَل: اسم.
التهذيب: ابن الأعرابي الرَّفَمُ النعيم التام.
فرس رِفَنٌّ، كرِفَلٍّ: طويل الذنب، بتشديد النون. وبعير رِفَنٌّ: سابغ الذنب ذَيَّالُه؛ قال النابغة الجَعْدي:
وهم دَلَفُوا بِهُجْرٍ في خَـمـيسٍ |
|
رَحِيبِ السِّربِ، أَرْعَن مُرْجَحِنّ |
بكلِّ مُجَرِّبٍ كاللـيثِ يَسْـمُـو |
|
إلـى أَوصـالِ ذَيَّالٍ رِفَــنّ |
أَراد رِفَلاًّ، فَحوَّل اللام نوناً. ابن الأَعرابي: الرَّفْنُ النَّبض. والرَّافِنَة: المتبخترة في بَطَرٍ. الأَصمعي: المُرْفَئِنُّ الذي نفر ثم سكن؛ وأَنشد:
ضَرْباً وِلاءً غيرَ مُرْثَعِنِّ |
|
حتى تَرِنِّي، ثم تَرْفَئِنِّي |
وارْفأَنَّ الرجلُ، على وزن اطْمَأَنَّ، أَي نفر ثم سكن. يقال: ارفَأَنَّ غَضَبِي؛ وأَنشد ابن بري للعجاج:
حتى ارْفَأَنَّ الناسُ بعد المَجْوَلِ. |
المَجْوَلُ، مَفْعَل: من الجَوَلان. وفي الحديث: أَنَّ رجلاً شكا إليه التَّعَزُّبَ فقال: عَفِّ شعرَك، ففعل فارْقَأَنَّ أَي سكن ما كان به.
يقال: ارْفَأَنَّ عن الأَمر وارْفَهَنَّ. قال ابن الأَثير: ذكره الهروي في رفأَ على أَن النون زائدة، وذكره الجوهري في حرف النون على أَنها أَصلية، وقال ابن بري: حَقُّ رُفَهْنِية أَن تذكر في فصل رفه في باب الهاء، لأَنَّ الأَلف والنون زائدتان، وهي ملحقة بخُبَعْثِنَة، قال: وليس لرفهن هنا وجه وذكرها في فصل رفه، وقال: هي ملحقة بالخماسي.
الرَّفاهَةُ والرَّفَاهِيَة والرُّفَهْنِية: رَغَدُ الخِصْبِ ولينُ العيش، وكذلك الرَّفاغِيَةُ والرُّفَغْنِيَةُ والرَّفاغَةُ. رَفُه عيشُه، فهو رَفِيهٌ ورافِهٌ وأَرْفَهَهم اللهُ ورَفَّهَهُم، ورَفَهْنا نَرْفَه رَفْهاً ورِفْهاً ورُفُوهاً. والرِّفْهُ، بالكسر: أَقْصَرُ الوِرْدِ وأَسْرَعُه، وهو أَن تشرب الإبلُ الماء كل يوم، وقيل: هو أَن تَرِدَ كلما أَرادت. رَفَهَت الإبلُ، بالفتح، تَرْفَهُ رفْهاً ورُفُوهاً وأَرْفَهها؛ قال غَيْلانُ الرَّبَعِيُّ:
ثُمَّتَ فاظَ مُرْفَهاً في إِدْناءْ، |
|
مُدَاخَلاً في طِوَلٍ وإغْماءْ |
ورَفَّهَها ورَفَّهَ عنها: كذلك. وأَرْفَهَ القومُ: رَفَهَتْ ماشيتُهم؛ واستعار لبيد الرِّفْهَ في نَخْلٍ نابتةٍ على الماء فقال:
يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غَيْرَ صادِيَةٍ، |
|
فكُلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِـرُ |
وأَرْفَه المالُ: أَقام قريباً من الماء في الحَوْض واضِعاً فيه.
والإرْفاه: الادِّهانُ والتَّرْجِيلُ كُلَّ يوم. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن الإرْفاه؛ هو كثرة التَّدَهُّن والتنعم، وقيل: التَّوَسُّع في المَطْعم والمَشْرَب، وهو من الرِّفْه وِرْدِ الإبلِ، وذلك أَنها إذا وَرَدَتْ كُلَّ يوم متى شاءتْ قيل وَرَدَتْ رِفْهاً؛ قاله الأَصمعي. ويقال: قد أَرْفَه القومُ إذا فَعَلَت إبلُهم ذلك، فهم مُرْفِهُون، فشبه كثرة التدهن وإدامته به. والإرْفاهُ: التنعم والدَّعَةُ ومُظاهرةُ الطعام على الطعام واللباس على اللباس، فكأَنه نهى عن التنعم والدَّعةِ ولِينِ العَيْشِ لأَنه من فعل العجم وأَرباب الدنيا، وأَمَر بالتَّقَشُّفِ وابْتذال النفس. وقال بعضهم: الإرْفاهُ التَّرَجُّلُ كُلَّ يوم. ابن الأَعرابي: وأَرْفَه الرجلُ دام على أَكل النعيم كل يوم وقد نُهِيَ عنه.
قال الأَزهري: كأَنه أَراد الإرْفاهَ الذي فسره أَبو عبيد أَنه كثرة التدهن. ويقال: بيني وبينَك ليلةٌ رافِهَةٌ وثلاثُ ليال رَوافِهُ إذا كان يُسار فيهنَّ سيراً لَيِّناً.ورجل رافِهٌ أَي وَادِعٌ. وهو في رَفاهَةٍ من العيش أَي سَعَة، ورَفاهِيةٍ، على فَعالِيَةٍ، ورُفَهْنِيةٍ، وهو ملحق بالخماسي بأَلف في آخره، وإنما صارت ياء لكسرة ما قبلها. ورَفَّهَ عن الرجل تَرْفيهاً: رَفَقَ به. ورَفَّهَ عنه: كان في ضِيقٍ فنَفَّسَ عنه.
ورَفِّهْ عن غريمك تَرْفيهاً أَي نَفِّسْ عنه. والرُّفَهُ: التِّبْنُ؛ عن كراع، والمعروف الرُّفَةُ. وفي المثل: أَغْنَى من التُّفَةِ عن الرُّفَةِ. يقال: الرُّفَةُ التِّبْنُ، والتُّفَةُ السبُعُ، وهو الذي يسمى عَناقَ الأَرض لأَنه لا يَقْتاتُ التِّبْنِ. قال ابن بري: الذي ذكره ابن حمزة الأَصفهاني في أَفعلَ من كذا أَغْنَى من التُّفَةِ عن الرُّفَةِ،بالتخفيف وبالتاء التي يوقف عليها بالهاء، قال: والأَصل رُفَهَةٌ وجمعها رُفاتٌ، وقد تقدم الكلام في ذلك في فصل تفه. قال الأَزهري: العرب تقول: إذا سَقَطتِ الطَّرْفَةُ قَلَّتْ في الأَرْضِ الرَّفَهَةُ؛ قال أَبو الهيثم: الرَّفَهَةُ الرَّحْمة. قال أَبو ليلى: يقال فُلانٌ رافِهٌ بفلان أَي راحِمٌ له. ويقال: أما تَرْفَهُ فلاناً؟ والطَّرْفة: عينا الأَسَدِ كوكبانِ الجَبهةُ أَمامَها وهي أَربعة كواكب.
وفي النوادر: أَرْفِهْ عِنْدِي واسْتَرْفِهْ ورَفِّهْ عندي ورَوِّحْ عندي؛ المعنى أَقِمْ واسْتَرِحْ واسْتَجِمَّ واسْتَنْفِهْ أَيضاً. وفي حديث عائشة: فلما رُفِّهَ عنه أَي أُزِيلَ وأُزِيحَ عنه الضِّيقُ والتعبُ؛ ومنه حديث جابر: أَراد أَن يُرَفِّه عنه أَي يُنَفِّس ويُخَفِّفَ. وفي حديث ابن مسعود: إن الرجلَ ليَتَكَلَّمُ بالكلمةِ في الرَّفاهِيةِ من سَخَطِ الله تُرْدِيه بُعْدَ ما بين السماء والأَرض الرَّفاهِيَةُ: السَّعَة والتنعم أَي أَنه ينطق بالكلمة على حُسْبانِ أَن سَخَطَ الله تعالى لايَلْحَقُه إنْ نَطَقَ بها، وأَنه في سَعةٍ من التكلم بها، وربما أوقعته في مَهْلَكةٍ مَدَى عِظَمِها عند الله تعالى ما بين السماء والأَرض. وأَصلُ الرَّفاهية: الخِصْبُ والسَّعَةُ في المَعاش. وفي حديث سَلْمانَ: وطَيْرُ السماءِ على أَرْفَهِ خَمَرِ الأَرض تَقَعُ؛ قال الخطابي: لستُ أَدري كيف رواه الأَصَمُّ، بفتح الأَلف أو ضمها، فإن كانت بالفتح فمعناه على أَخْصَبِ خَمَرِ الأَرضِ، وهو من الرِّفْهِ وتكون الهاء أَصلية، وإن كانت بالضم فمعناها الحَدُّ والعَلَم يُجْعَلُ فاصلاً بين أَرضين، وتكون التاء للتأْنيث مثلها في غُرْفَةٍ، والله أَعلم.
قال الأَزهري في الرباعي: البُلَهْنِيَةُ والرُّفَهنِيَةُ سعة العيش وكثرة الرُّفَغْنِية. يقال: هو في رُفَهنِية من العيش أَي في سعة ورَفَاغِية، وهو ملحق بالخماسي بأَلف في آخره، وإنما صارت ياء للكسرة قبلها.
الرَّقْوةُ: دِعْصٌ من رَمْلٍ. ابن سيده: الرَّقْوةُ والرَّقْوُ فُوَيْقَ الدِّعْصِ من الرمل، وأَكثرُ ما يكون إلى جوانب الأَودية؛ قال يصف ظبية وخِشْفها:
لهـا أُمُّ مُـوَقَّـفة وَكُـوبٌ، |
|
بحيثُ الرَّقْوُ، مَرْتَعُها البَرِيرُ |
أَراد لها أُمُّ مرتَعها البَريرُ، وكنى بالكُوب عن القلب وغيرهِ، والمُوَقَّفة: التي في ذِراعَيْها بياضٌ، والوَكُوبُ: التي واكَبَتْ ولدَها ولازَمَتْه؛ وقال آخر:
مِن البِيضِ مِبْهاجٌ، كأَنَّ ضَجِيعَـهـا |
|
يَبِيتُ إلى رَقْوٍ، من الرَّمْلِ، مُصْعب |
ابن الأَعرابي: الرَّقْوة القُمْزَة من التراب تَجْتَمِع على شَفِير الوادي، وجمعها الرُّقا.
ورَقِيَ إلى الشيءِ رُقِيّاً ورُقُوّاً وارْتَقى يَرْتَقي وتَرَقَّى:صَعِد، ورَقَّى غيرهَ؛ أَنشد سيبويه للأَعشى:
لئنْ كُنت في جُبٍّ ثمانين قامَةً، |
|
ورُقِّيت أَسْبابَ السماء بسُلَّـم |
ورَقِىَ فلانٌ في الجبل يَرْقَى رُقِيّاً إذا صَعَّدَ. ويقال: هذا جبَل لا مَرْقىً فيه ولا مُرْتَقىً. ويقال: ما زال فلانٌ يتَرقَّى به الأَمرُ حتى بَلَغ غايتَه. ورَقِيتُ في السُّلَّم رَقْياً ورُقِيّاً إذا صَعِدْتَ، وارتَقَيْت مثلُه؛ أَنشد ابن بري:
أَنتَ الذي كلَّفْتَني رَقْيَ الدَّرَجْ، |
|
على الكَلالِ والمَشِيبِ والعَرَجْ |
وفي التنزيل: لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ. وفي حديث اسْتِراقِ السَّمْعِ:ولكنَّهم يُرَقُّونَ فيه أَي يتَزَيَّدُون فيه. يقال: رَقَّى فلان على الباطل إذا تقَوَّلَ ما لم يكن وزاد فيه، وهو من الرُّقِيّ الصُّعُودِ والارتفاعِ، ورَقَّى شُدِّد للتعدية إلى المفعول، وحقيقة المعنى أنهم يرتفعون إلى الباطل ويدَّعون فوق ما يسمعون. وفي الحديث: كنتُ رَقَّاءً على الجبال أي صَعَّاداً عليها، وفعَّال للمبالغة. والمَرْقاة والمِرْقاة: الدرجة، واحدة من مَراقي الدرَج، ونظيره مَسْقاةٌ ومِسْقاة، ومَثْناةٌ ومِثْناة للحَبْل، ومَبْناةٌ ومِبْناة للعَيْبة أَو النِّطَع، بالفتج والكسر؛ قال الجوهري: من كسَرَها شبَّهها بالآلة التي يعمل بها، ومن فَتَح قال هذا موضع يفعل فيه، فجعَله بفتح الميم مخالفاً؛ عن يعقوب. وترقَّى في العِلْم أَي رَقِيَ فيه دَرَجة درجة.ورَقَّى عليه كلاماً تَرْقِيةً أَي رفَع.
والرُّقيْة: العُوذة، معروفة؛ قال رؤْبة:
فما تَرَكا مِن عُوذَةٍ يَعْرِفانها، |
|
ولا رُقْيةٍ إلا بها رَقَـيانـي |
والجمع رُقىً. وتقول: اسْتَرْقَيْتُه فرَقاني رُقيْة، فهو راقٍ، وقد رَقَاه رَقْياً ورُقِيّاً. ورجلٌ رَقَّاءٌ: صاحبُ رُقىً. يقال: رَقَى الراقي رُقْيةً ورُقِيّاً إذا عَوَّذَ ونَفَثَ في عُوذَتِه، والمَرْقِيُّ يَسْتَرْقي، وهم الراقُونَ؛ قال النابغة:
تَناذَرَها الرَّاقُونَ مِن سُوءِ سَمِّها |
وقول الراجز:
لقد عَلِمْت، والأَجَلِّ الباقي، |
|
أَنْ لَنْ يَرُدَّ القَدَرَ الرواقي |
قال ابن سيده: كأَنه جمَع امرأَةً راقيةً أَو رجُلاً راقيةٌ، بالهاء للمبالغة. وفي الحديث: ما كنَّا نأْبُنُه برُقْية. قال ابن الأَثير:الرُّقْية العُوذة التي يُرْقى بها صاحبُ الآفةِ كالحُمَّى والصَّرَع وغير ذلك من الآفات، وقد جاء في بعض الأَحاديث جوازُها وفي بعضِها النَّهْيُ عنها، فمنَ الجواز قوله: اسْتَرْقُوا لهَا فإنَّ بها النَّظْرَة أَي اطْلُبوا لها من يَرْقِيها، ومن النهي عنها قوله: لا يَسْتَرْقُون ولا يَكْتَوُون، والأَحاديث في القسمين كثيرة، قال: ووجه الجمع بينها أَن الرُّقَى يُكره منها ما كان بغير اللسان العربي وبغير أَسماء الله تعالى وصفاتهِ وكلامه في كتُبه المنزلة، وأَن يعْتَقدَ أَن الرُّقْيا نافعة لا مَحالَة فيتَّكلَ عليها، وإياها أَراد بقوله: ما توَكَّلَ مَنِ اسْتَرْقَى، ولايُكره منها ما كان في خلاف ذلك كالتعوّذ بالقرآن وأسماء الله تعالى والرُّقَى المَرْوِيَّةِ، ولذلك قال للذي رَقَى بالقرآن وأَخَذَ عليه أَجْراً:مَن أَخَذ برُقْية باطِلٍ فقد أَخَذْت برُقْية حَقٍّ، وكقوله في حديثج ابر: أَنه، عليه السلام، قال اعْرِضُوها عليَّ فعرَضْناها فقال لا بأْس بها إنما هي مواثِيقُ، كأَنه خاف أَن يقع فيها شيء مما كانوا يتلفظون به ويعتقدونه من الشرك في الجاهلية وما كان بغير اللسان العربي مما لا يعرف له ترجمة ولا يمكن الوقوف عليه، فلا يجوز استعماله؛ وأَما قوله: لا رُقْيةَ إلا من عَيْنٍ أَو حُمَةٍ، فمعناه لا رُقْية أولى وأَنفعُ، وهذا كما قيل لا فَتىً إلا عليٌّ، وقد أَمَر، عليه الصلاة والسلام، غير واحد من أَصحابه بالرُّقْيةِ وسَمِعَ بجماعة يَرْقُونَ فلم يُنْكِرْ عليهم، قال:وأَما الحديث الآخر في صفة أَهل الجنة: الذي يدخلونها بغير حساب وهم الذين لا يَسْتَرقُونَ ولا يَكْتَوُون وعلى ربهم يتوكلون، فهذا من صفة الأَولياء المعرضين عن أَسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها، وتلك درجةُ الخَواصِّ لا يَبْلُغها غيرُهم، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه، فأَما العوامُّ فَمُرَخَّصٌ لهم في التداوي والمُعالجات، ومن صبر على البلاء وانتظر الفرجَ من الله بالدعاء كان من جملة الخواص والأَولياء، ومن لم يصبر رخص له في الرقية والعلاج والدواء، أَلا ترى أَن الصدّيق، رضي الله عنه، لما تصدق بجميع ماله لم ينكر عليه علماً منه بيقينه وصبره؟ ولما أَتاه الرجل بمثل بيضة الحمامة من الذهب وقال: لا أَملك غيره، ضربه به بحيث لو أَصابه عَقَره وقال فيه ما قال. وقولُهم: ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي امْشِ واصْعد بقدر ما تطيق ولا تَحْمِلْ على نفسك ما لا تطيقه، وقيل: ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي الْزَمْه وارْبَعْ عليه. ويقال للرجل:ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي أَصْلحْ أوَّلاً أمرَكَ، فيقول قد رَقِيتُ، بكسر القاف، رُقِيّاً. ومَرْقَيَا الأَنْفِ: حَرْفاه؛ عن ثعلب، كأَنه منه ظَنٌّ، والمعروف مَرَقَّا الأَنْفِ. أَبو عمرو: الرُّقَّى الشحْمة البيضاء النَّقِيَّة تكون في مَرْجِعِ الكَتِف، وعليها أُخْرى مثلُها يقال لها المَأْتاةُ.فكما يَراها الآكِلُ يأْخُذُها مُسابَقةً. قال: وفي المثل يَضْرِبُه النِّحْرير للخَوْعَمِ حَسِبْتَنِي الرُّقىَّ عليها المَأْتاة. قال الجوهري: والرُّقَيُّ موضع. ورُقَيَّة: اسم امرأَة. وعبدُ الله بنُ قيسِ الرُّقَيَّات إنما أُضيف قيسٌ إليهن لأَنه تزوج عدَّة نسوة وافق أَسماؤهن كُلِّهِنَّ رقيَّةَ فنُسب إليهن؛ قال الجوهري: هذا قول الأَصمعي، وقال غيره:إنه كانت له عدَّةُ جدّات أَسماؤهن كُلِّهنّ رُقَيَّة، ويقال: إنما أُضيف إليهنّ لأَنه كان يُشَبِّبُ بعدّة نساء يُسَمِّيْن رُقَيَّة.
في أَسماءِ اللّه تعالى: الرَّقِيبُ: وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ؛ فَعِيلٌ بمعنى فاعل.
وفي الحديث: ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم. وفي الحديث: ما مِن نَبيٍّ إِلاّ أُعْطِيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه. والرَّقيبُ: الحَفِيظُ.
ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً، بالكسر فيهما، ورُقُوباً، وترَقَّبَه، وارْتَقَبَه: انْتَظَرَه ورَصَدَه.
والتَّرَقُّبُ: الانتظار، وكذلك الارْتِقابُ. وقوله تعالى: ولم تَرْقُبْ قَوْلي؛ معناه لم تَنتَظِرْ قولي. والتَّرَقُّبُ: تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ.
ورَقِيبُ الجَيْشِ: طَلِيعَتُهم. ورَقِيبُ الرجُلِ: خَلَفُه من ولدِه أَو عشِيرتِه. والرَّقِيبُ: المُنْتَظِرُ. وارْتَقَبَ: أَشْرَفَ وعَلا.
والمَرْقَبُ والمَرْقَبةُ: الموضعُ المُشْرِفُ، يَرْتَفِعُ عليه الرَّقِيبُ، وما أَوْفَيْتَ عليه من عَلَمٍ أَو رابِيةٍ لتَنْظُر من بُعْدٍ. وارْتَقَبَ المكانُ: عَلا وأَشْرَف؛ قال:
بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه |
أَي أَشْرَفَتْ؛ الجِدُّ هنا: الجَدَدُ من الأَرض.
شمر: المَرْقَبة هي المَنْظَرةُ في رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ، وجَمْعه مَراقِبُ. وقال أَبو عمرو: المَراقِبُ: ما ارتَفَعَ من الأَرض؛ وأَنشد:
ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ، أَشْرَفْتُ رأْسَها، |
|
أُقَلِّبُ طَرْفي في فَضاءٍ عَريضِ |
ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه، وراقَبَه مُراقَبةً ورِقاباً: حَرَسَه، حكاه ابن الأَعرابي، وأَنشد:
يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الحُوتِ |
يَصِفُ رَفِيقاً له، يقول: يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصاً على الرَّحِيلِ كحِرْصِ الحُوتِ على الماءِ؛ ينظر النَّجْمَ حِرْصاً على طُلوعِه، حتى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ.
والرِّقْبةُ: التَّحَفُّظُ والفَرَقُ.
ورَقِيبُ القومِ: حارِسُهم، وهو الذي يُشْرِفُ على مَرْقَبةٍ ليَحْرُسَهم. والرَّقِيبُ: الحارِسُ الحافِظُ. والرَّقَّابةُ: الرجُل الوَغْدُ، الذي يَرْقُب للقوم رَحْلَهم، إذا غابُوا. والرَّقِيبُ: المُوَكَّل بالضَّريبِ. ورَقِيبُ القِداحِ: الأَمِينُ على الضَّريبِ؛ وقيل: هو أَمِينُ أَصحابِ المَيْسِرِ؛ قال كعب بن زهير:
لها خَلْفَ أَذْنابِهـا أَزْمَـلٌ، |
|
مكانَ الرَّقِيبِ من الياسِرِينا |
وقيل: هو الرجُلُ الذي يَقُومُ خَلْفَ الحُرْضَة في المَيْسِرِ، ومعناه كلِّه سواءٌ، والجمعُ رُقَباءُ. التهذيب، ويقال: الرَّقِيبُ اسمُ السَّهْمِ الثالِثِ من قِدَاحِ المَيْسِرِ؛ وأَنشد:
كَمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ للضُّ |
|
رَباءِ، أَيْديهِمْ نَواهِدْ |
قال اللحياني: وفيه ثلاثةُ فُروضٍ، وله غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن فَازَ، وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباءَ إِن لم يَفُزْ. وفي حديث حَفْرِ زَمْزَم: فغارَ سَهُمُ اللّهِ ذي الرَّقِيبِ؛ الرَّقِيبُ: الثالِثُ من سِهام الميسر. والرَّقِيبُ: النَّجْمُ الذي في المَشْرِق، يُراقِبُ الغارِبَ. ومنازِلُ القمرِ، كل واحدٍ منها رَقِيبٌ لِصاحِبِه، كُلَّما طَلَع منها واحِدٌ سقَطَ آخر، مثل الثُّرَيَّا، رَقِيبُها الإِكلِيلُ إذا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا. ورَقِيبُ النَّجْمِ: الذي يَغِيبُ بِطُلُوعِه، مثل الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكليلُ؛ وأَنشد الفراء:
أَحَقّاً، عبادَ اللّه، أَنْ لَسْتُ لاقِياًبُثَيْنَةَ، أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِيبُها؟ |
وقال المنذري: سمعت أَبا الهيثم يقول: الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ.
ويقال: إِنَّ رَقِيبَ الثُرَيَّا من الأَنْواءِ الإِكليلُ، لأَنه لا يَطْلُع أَبداً حتى تَغِيبَ؛ كما أَنَّ الغَفْرَ رَقِيبُ الشَّرَطَيْنِ، لا يَطْلُع الغَفْرُ حتى يَغِيبَ الشَّرَطانِ؛ وكما أَن الزُّبانيَيْن رَقِيبُ البُطَيْنِ، لا يَطْلُع أَحدُهما إلا بِسُقُوطِ صاحِبِه وغَيْبُوبَتِه، فلا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه؛ وكذلك الشَّوْلَةُ رَقِيبُ الهَقْعَةِ، والنَّعائِمُ رَقِيبُ الهَنْعَةِ، والبَلْدَة رَقِيبُ الذِّرَاعِ. وإِنما قيلَ للعَيُّوق: رَقِيبُ الثُّرَيَّا، تَشْبِيهاً برَقِيبِ المَيْسِرِ؛ ولذلك قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَد رابئِ الضُّ |
|
رَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ، لا يَتَـتَـلَّـع |
النَّجْمُ ههنا: الثُّرَيَّا، اسمٌ عَلَم غالِبٌ. والرَّقِيب: نَجْمٌ من نُجومِ المَطَرِ، يُراقبُ نجْماً آخَر.
وراقبَ اللّهَ تعالى في أَمرِهِ أَي خافَه.
وابنُ الرَّقِيبِ: فَرَسُ الزِّبْرقان بن بَدْرٍ، كأَنه كان يُراقِبُ الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه.
والرُّقْبى: أَن يُعْطِيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ داراً أَو أَرْضاً، فأَيهما ماتَ، رَجَعَ ذلك المالُ إِلى وَرَثَتِهِ؛ وهي من المُراقَبَة، سُمِّيَتْ بذلك لأَن كلَّ واحدٍ منهما يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه. وقيل: الرُّقْبَى: أَن تَجْعَلَ المَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه، فإِن ماتَ، سكَنه فلانٌ، فكلُّ واحدٍ منهما يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه.
وقد أَرْقَبه الرُّقْبَى، وقال اللحياني: أَرْقَبَه الدارَ: جَعَلَها لَه رُقْبَى، ولِعَقبِه بعده بمنزلةِ الوقفِ. وفي الصحاح: أَرْقَبْتُه داراً أَو أَرضاً إذا أَعطيتَه إِياها فكانت للباقي مِنْكُما؛ وقُلْت: إِن مُتُّ قَبْلَك، فهي لك، وإِن مُتَّ قَبْلِي، فهي لِي؛ والاسمُ الرُّقْبى: وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم، في العُمْرَى والرُّقْبَى: انها لمن أُعْمِرَها، ولمن أُرْقِبَها، ولوَرَثَتِهِما من بعدِهِما. قال أَبو عبيد: حدثني ابنُ عُلَيَّة، عن حجَّاج، أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عن الرُّقْبَى، فقال: هو أَن يقول الرجل للرجل، وقد وَهَبَ له داراً: إِنْ مُتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك. قال أَبو عبيد: وأَصلُ الرُّقْبَى من المُراقَبَة، كأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما، إِنما يَرْقُبُ موت صاحِبِه؛ أَلا ترى أَنه يقول: إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فهي لك؟ فهذا يُنْبِئك عن المُراقَبة. قال: والذي كانوا يُريدون من هذا أَن يكون الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل على صاحِبِه بالشيءِ، فَيَسْتَمْتِعَ به ما دامَ حَيّاً، فإِذا ماتَ الموهوبُ له، لم يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ منه شيءٌ، فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ، صلى اللّه عليه وسلّم، بنَقْضِ ذلك، أَنه مَنْ مَلَك شيئاً حَيَاتَه، فهُو لوَرَثَتِهِ من بَعْدِه. قال ابن الأَثير: وهي فُعْلى من المُراقَبَةِ. والفُقهاءُ فيها مُختَلِفون: منهم مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِيكاً، ومنهم مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة؛ قال: وجاء في هذا الباب آثارٌ كثيرةٌ، وهي أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً، واشترط فيها شرطاً أَنَّ الهِبَة جائزةٌ، وأَنَّ الشرط باطِلٌ.
ويقال: أَرْقَبْتُ فلاناً داراً، وأَعْمَرْتُه داراً إذا أَعْطَيْته إِيَّاها بهذا الشرط، فهو مُرْقَب، وأَنا مُرْقِبٌ.
ويقال: وَرِثَ فلانٌ مالاً عن رِقْبَةٍ أَي عن كلالةٍ، لم يَرِثْهُ عن آبائِه؛ وَوَرِثَ مَجْداً عن رِقْبَةٍ إذا لم يكن آباؤُهُ أَمْجاداً؛ قال الكميت:
كان السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً، |
|
تلك المَكارِمُ لم يُورَثْنَ عن رِقَبِ |
أَي وَرِثَها عن دُنىً فدُنىً من آبائِهِ، ولم يَرِثْهَا من وراءُ وراءُ. والمُراقَبَة، في عَرُوضِ المُضارِعِ والمُقْتَضَبِ، أَن يكون الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ؛ سمي بذلك لأَن آخرَ السَّببِ الذي في آخِرِ الجزءِ، وهو النُّونُ من مَفاعِيلُن، لا يثبت مع آخِر السَّببِ الذي قَبْلَه، وهو الياءُ في مَفاعِيلُن، وليست بمعاقَبَةٍ، لأَنَّ المُراقَبَة لا يَثْبُت فيها الجزآن المُتراقِبانِ، وإِنما هو من المُراقَبَة المُتَقَدّمة الذِّكْر، والمُعاقَبة يَجْتمعُ فيها المُتعاقِبانِ.
التهذيب، الليث: المُراقَبَة في آخِرِ الشِّعْرِ عند التَّجْزِئَة بين حَرْفَيْنِ، وهو أَن يَسْقُط أَحدهما، ويَثْبُتَ الآخَرُ، ولا يَسْقُطانِ مَعاً، ولا يَثْبُتان جَمِيعاً، وهو في مَفاعِيلُن التي للمُضارع لا يجوز أَن يتمَّ، إِنما هو مَفاعِيلُ أَو مَفاعِلُنْ.
والرَّقِيبُ: ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ، كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ؛ وفي التهذيب: ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ خَبيث، والجمعُ رُقُبٌ ورقِيباتٌ.
والرَّقِيب والرَّقُوبُ مِن النِّساءِ: التي تُراقِبُ بَعْلَها لِيَمُوت، فَتَرِثَه.
والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل: التي لا تَدْنُو إِلى الحوضِ من الزِّحامِ، وذلك لكَرَمِها، سُميت بذلك، لأَنها تَرقبُ الإِبِلَ، فإِذا فَرَغْنَ مِنْ شُرْبِهنّ، شَربَت هي. والرَّقُوبُ من الإِبل والنِّساءِ: التي لا يَبْقَى لها وَلَدٌ؛ قال عبيد:
لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ |
وقيل: هي التي ماتَ وَلَدُها، وكذلك الرجُل؛ قال الشاعر:
فلم يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمنـا، |
|
ولا كأَبِينا عاشَ، وهو رَقُوبُ |
وفي الحديث أَنه قال: ما تَعُدُّون الرَّقُوبَ فيكم؟ قالوا: الذي لا يَبْقى لَه ولَد؛ قال: بل الرَّقُوبُ الذي لم يُقَدِّم من وَلَدِهِ شيئاً.
قال أَبو عبيد: وكذلك معناه في كلامِهِم، إِنما هو عَلى فَقْدِ الأَوْلادِ؛ قال صخر الغيّ:
فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ، رَقُوبٍ |
|
بوَاحِدِها، إذا يَغْزُو، تُضِيفُ |
قال أَبو عبيد: فكان مَذْهَبُه عندهم على مَصائِب الدنيا، فجَعَلَها رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، على فَقْدِهِم في الآخرة؛ وليس هذا بخلافِ ذلك في المعنى، ولكنه تحويلُ الموضع إِلى غيرِه، نحو حديثه الآخر: إِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه؛ وليس هذا أَن يكونَ من سُلِبَ مالَه، ليس بمحْروبٍ. قال ابن الأَثير: الرَّقُوبُ في اللغة: الرجل والمرأَة إذا لم يَعِشْ لهما ولد، لأَنه يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفاً عليه، فنَقَلَه النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، إِلى الذي لم يُقَدِّم من الولد شيئاً أَي يموتُ قبله تعريفاً، لأَن الأَجرَ والثوابَ لمن قَدَّم شيئاً من الولد، وأَن الاعتِدادَ به أَعظم، والنَّفْعَ به أَكثر، وأَنَّ فقدَهم، وإِن كان في الدنيا عظيماً، فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ على الصبرِ، والتسليم للقضاءِ في الآخرة، أَعظم، وأَنَّ المسلم وَلَدُه في الحقيقة من قَدَّمه واحْتَسَبَه، ومن لم يُرزَق ذلك، فهو كالذي لا وَلدَ له؛ ولم يقله، صلى اللّه عليه وسلم، إِبطالاً لتفسيره اللغوي، إِنما هو كقولِه: إِنما المَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه، ليس على أَن من أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ.
والرَّقَبَةُ: العُنُقُ؛ وقيل: أَعلاها؛ وقيل: مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ، والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ، ورِقابٌ وأَرْقُبٌ، الأَخيرة على طَرْح الزائِدِ؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرِدْ بنا، في سَمَلٍ لم يَنْـضُـبِ |
|
منها، عِرَضناتٌ، عِظامُ الأَرْقُبِ |
وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ، فقال:
تَظَلُّ، على الثَّمْراءِ، منهـا جَـوارِسٌ، |
|
مَراضيعُ، صُهْبُ الريشِ، زُغْبٌ رِقابُها |
والرَّقَب: غِلَظُ الرَّقَبة، رَقِبَ رَقَباً.
وهو أَرْقَب: بَيْنَ الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة، ورَقَبانيٌّ أَيضاً على غير قياسٍ. والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ: الغليظُ الرَّقَبَة؛ قال سيبويه: هو من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب، والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ المَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ.
ويقال للأَمَةِ الرَّقَبانِيَّةِ: رَقْباءُ لا تُنْعَتُ به الحُرَّة. وقال ابن دريد: يقال رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضاً، ولا يقال للمرأَة رَقَبانِيَّة.
والمُرَقَّبُ: الجلدُ الذي سُلِخَ من قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه؛ قال سيبويه: وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة، لم تُضِفْ إِليه إِلاّ على القياسِ.
ورَقَبَه: طَرَحَ الحَبْلَ في رَقَبَتِه.
والرَّقَبةُ: المملوك. وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً. وفَكَّ رقَبةً: أَطْلَق أَسيراً، سُمِّيت الجملة باسمِ العُضْوِ لشرفِها. التهذيب: وقوله تعالى في آية الصدقات: والمُؤَلَّفةِ قلوبُهم وفي الرقابِ؛ قال أَهل التفسير في الرقابِ إِنهم المُكاتَبون، ولا يُبْتَدَأُ منه مملوك فيُعْتَقَ. وفي حديث قَسْم الصَّدَقاتِ: وفي الرِّقابِ، يريدُ المُكاتَبين من العبيد، يُعْطَوْنَ نَصِيباً من الزكاةِ، يَفُكون بهِ رِقابَهم، ويَدفعونه إِلى مَوالِيهم.
الليث يقال: أَعتق اللّهُ رَقَبَتَه، ولا يقال: أَعْتَقَ اللّه عُنُقَه. وفي الحديث: كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً. قال ابن الأَثير: وقد تكَرَّرَتِ الأَحاديث في ذكر الرَّقَبة، وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها، وهي في الأَصل العُنُق، فجُعِلَتْ كِنايةً عن جميع ذاتِ الإِنسانِ، تَسْمية للشيءِ ببعضِه، فإِذا قال: أَعْتِقْ رَقَبةً، فكأَنه قال: أَعْتِقْ عبداً أَو أَمَة؛ ومنه قولُهم: دَيْنُه في رَقَبَتِه. وفي حديث ابنِ سِيرين: لَنا رِقابُ الأَرضِ، أَي نَفْس الأَرضِ، يعني ما كان من أَرضِ الخَراجِ فهو للمسلمين، ليس لأَصحابهِ الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ، لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً. وفي حديث بِلالٍ: والرَّكائِب المُناخَة، لكَ رِقابُهُنَّ وما عليهِنَّ أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ. وفي حديث الخَيْلِ: ثم لمْ يَنْسَ حَقَّ اللّه في رِقابِها وظُهورِها؛ أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها، وبحَقِّ ظُهورِها الحَمْلَ عليها.
وذُو الرُّقَيْبة: أَحدُ شُعراءِ العرب، وهو لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ، لأَنه كان أَوْقَصَ، وهو الذي أَسَرَ حاجبَ بن زُرارة يَوْمَ جَبَلَة. والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ: لَقَبُ رجلٍ من فُرْسانِ العَرَب. وفي حديث عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذي الرَّقِيبة وهو، بفتح الراءِ وكسرِ القافِ، جَبَل بخَيْبَر.
التَّرْقِيح والتَّرَقُّحُ: إِصلاح المعيشة؛ قال الحرثُ بن حِلِّزَة:
يَتْرُكُ ما رَقَّحَ من عَيْشِه، |
|
يَعِيثُ فيه هَمَجٌ هامِـجُ |
وتَرَقَّح لعياله: كَسَبَ وطلب واحتال، هذه عن اللحياني. والتَّرَقُّح: الاكتساب. وتَرْقِيحُ المال: إِصلاحه والقيام عليه.
ويقال: فلان رَقاحِيُّ مال؛ والرَّقاحِيّ: التاجر القائم على ماله المصلح له؛ قال أَبو ذؤَيب يصف دُرَّةً:
بِكَفَّيْ رَقاحيٍّ يُريد نَماءَها، |
|
فيُبْرِزُها للبيع، فهي قَرِيحُ |
يعني: بارزة ظاهرة، والاسم الرَّقاحةُ.
ويقال: إِنه ليُرَقِّحُ معيشته أَي يصلحها. والرَّقاحةُ: الكَسْبُ والتجارة؛ ومنه قولهم في تلبية بعض أَهل الجاهلية: جئناك للنَّصاحة ولم نأْت للرَّقاحة. وفي حديث الغار: والثلاثة الذين أَوَوْا إِليه حتى كَثُرَتْ وارْتَقَحَتْ؛ أَي زادتْ، من الرَّقاحة الكَسْبِ والتجارة. وتَرْقِيحُ المال: إِصلاحُه والقيامُ عليه؛ وفي الحديث: كان إذا رَقَّح إِنساناً؛ يريد رَفَّأَ، وقد تقدم في الراء والفاء.
التهذيب: العرب تقول: رَقَزَ ورَقَصَ، وهو رَقَّاز ورَقَّاصٌ؛ وأَنشد:
وبلدة للـداء فـيهـا غـامـز |
|
ميت بها العرق الصحيح الراقز |
وقال: الراقز الضارب. يقال: ما يَرْقِزُ منه عرق أَي ما يضرب.
الحُرْقُوسُ: لغة في الحُرْقُوص وهو مذكور في باب الصاد.
الرَّقْش كالنقْش، والرَّقَشُ والرَّقَشةُ: لون فيه كدرة وسواد ونحوهما. جُنْدَب أَرْقَشُ وحَيَّة رقْشاء: فيها نقط سواد وبياض. وفي حديث أُم سلمة: قالت لعائشة، لو ذكَّرْتُكِ قولاً تَعْرِفينه نهشتني نَهْشَ الرَّقَشاء المُطْرِق: الرَقشاء الأَفعى، سميت بذلك لترقيش في ظَهرها وهي خطوط ونقط، وإِنما قالت المطرق لأَن الحية تقع على الذكر والأُنثى. التهذيب: الأَرْقَشُ لون فيه كدرة وسواد ونحوُهما كلون الأَفعى الرَّقشاء، وكلون الجُنْدَب الأَرْقَشِ الظهر ونحو ذلك كذلك، قال: وربما كانت الشِّقْشِقةُ رقْشاءَ؛ قال:
رقشاءُ تَنْتاحُ اللُّغامَ المُزْبِدا |
|
دَوَّمَ فيها رِزُّه وأَرْعَـدا |
وجَدْيٌ أَرْقَشُ الأُذنين أُ أَذْرَأُ. والرقْشاء من المعز: التي فيها نقط من سواد وبياض. والرقْشاء: شِقْشِقَةُ البعير.
الأَصمعي: رُقَيْش تصغير رَقَش وهو تنقيط الخطوط والكتاب. وقال أَبو حاتم: رُقَيش تصغير أَرْقَش مثل أَبْلَق وبُلَيق ويجوز أُرَيْقِش. ابن الأَعرابي: الرَّقْش الخطّ الحسنُ، ورَقَاشِ اسم امرأَة منه. والرَّقْشاءُ: دُوَيْبَّة تكون في العُشْب دُودةٌ منقوشة مَلِيحة شبيهة بالحُمْطُوطِ.
والرَّقْشُ والترْقِيشُ: الكتابةُ والتنقيط؛ ومُرَقِّشٌ: اسم شاعر، سمي بذلك لقوله:
الدارُ قَفْرُ والرُّسُوم كـمـا |
|
رَقَّشَ، في ظَهْر الأَدِيم، قَلَمْ |
وهما مُرَقِّشانِ: الأَكْبرُ والأَصْغر، فأَما الأَكبر فهو من بني سَدُوسٍ وهو الذي ذكرنا البيتَ عنه آنفاً؛ وقبله:
هل بالديار أَن تُجِيبَ صَمَمْ |
|
لو كان رَسْمٌ ناطقاً بِكِلَمْ؟ |
والمُرَقَّشُ الأَصْغر من بني سعد بن مالك؛ عن أَبي عبيدة. والترْقِيشُ: التسطير في الصحف. والترْقِيشُ: المُعاتبةُ والنَّمّ والقَتّ والتحريش وتَبْليغ النَّمِيمة. ورَقَّشَ كلامَه: زَوّرَه وزَخْرَفه، من ذلك؛ قال رؤبة:
عاذِلَ قد أُولِعْتِ بالترْقِيشِ |
|
إِليَّ سرّاً فاطْرُفي ومِيشِي |
وفي التهذيب: الترْقِيشُ التشْطِير في الضحك والمُعاتبةُ، وأَنشد رجز رؤبة، وقيل: الترْقِيشُ تَحْسين الكلام وتَزْويقُه. وتَرَفَّشَت المرأَةُ إذا تزيّنت؛ قال الجعدي:
فلا تحسَبي جَرْيَ الرِّهان ترقُّشاً |
|
ورَيْطاً، وإِعطاءَ الحَقِينِ مُجَلّلا |
ورَقاشِ: اسم امرأَة، بكسر الشين، في موضع الرفع والخفض والنصب؛ قال:
اسْقِ رَقاشِ إِنّها سَقَّايَه |
ورَقاشِ: حيٌّ من رَبيعةَ نُسِبوا إِلى أُمّهم يقال لهم بنو رَقاشِ، قال ابن دريد: وفي كلبٍ رَقاشٍ، قال: وأَحسَب أَن في كِنْدة بطْناً يقال لهم بنو رَقاشِ، قال: وأَهل الحجاز يَبْنون رَقاشِ على الكسر في كل حال، وكذلك كل اسم على فَعالِ بفتح الفاء معدول عن فاعلة لا يدخله الأَلف واللام ولا يُجْمع مثل حَذامِ وقَطامِ وغَلابِ، وأَهل نجد يُجْرونه مُجْرى ما لا ينصرف نحو عُمَرَ، يقولون هذه رَقاشُ بالرفع، وهو القياس لأَنه اسم علَم وليس فيه إِلا العدل والتأْنيث غير أَن الأَشعار جاءت على لغة أَهل الحجاز؛ قال لُجَيم بن صَعْب والد حَنيفة وعِجْل وحذامِ زوجُه:
إِذا قالت حَذامِ فصدِّقوها |
|
فإِن القولَ ما قالت حذامِ |
وقال امرؤ القيس:
قامت رَقاشِ، وأَصحابي على عَجَلٍ |
|
تُبْدي لك النحْرَ واللّبَّاتِ والـجِـيدا |
وقال النابغة:
أَتاركةً تَدَلُّلَهـا قَـطـامِ |
|
وضِنّاً بالتحية والكـلامِ |
فإِن كان الدلالَ فلا تُلِحِّي |
|
وإِن كان الودَاعَ فبالسلامِ |
يقول: أَتترك هذه المرأَةُ تدلُّلَها وضِنَّها بالكلام؟ ثم قال: فإِن كان هذا تدلّلاً منك فلا تُلِحِّي، وإِن كان سبباً للفراق والتوديع ودّعِينا بسلام نَسْتمتع به، قال: وقولُه أَتاركةً منصوبٌ نَصْبَ المصادر كقولك أَقائماً وقد قعد الناسُ؟ تقديره أَقِياماً وقد قعد الناسُ. وضِنّاً معطوفٌ على قوله تدلُّلَها، قال: إِلا أَن يكون في آخره راء مثل جَعارِ اسم للضبُع، وحَضارِ اسمٌ لكوكب، وسَفارِ اسم بئر، ووَبارِ اسم أَرض فيوافقون أَهلَ الحجاز في البناء على الكسر.
الرَّقْصُ والرَّقَصانُ: الخَبَبُ، وفي التهذيب: ضَرْبٌ من الخَبَب، وهو مصدر رَقَصَ يَرْقُص رَقْصاً؛ عن سيبويه، وأَرْقَصَه. ورجل مِرْقَصٌ: كثير الخبب؛ أَنشد ثعلب لغادية الدبيرية:
وزاغ بالسَّوْطِ عَلَنْدىً مِرْقَصا |
ورَقَصَ اللَّعَّابُ يَرْقُص رَقْصاً، فهو رقَّاصٌ. قال ابن بري: قال ابن دريد يقال رَقَصَ يَرْقُص رَقَصاً، وهو أَحد المصادر التي جاءت على فَعَلَ فَعَلاً نحو طَرَدَ طَرَداً وحَلَبَ حَلَباً؛ قال حسان:
بِزُجاجةٍ رَقَصَت بما في قَعْرِها، |
|
رَقَصَ القَلُوصِ بِراكبٍ مُسْتَعْجِلِ |
وقال مالك بن عمار الفُرَيْعِيّ:
وأَدْبَرُوا، ولَهُمْ من فَوْقِها رَقَصٌ، |
|
والموتُ يَخْطُرُ، والأَرْواحُ تَبْتَدِرُ |
وقال أَوس:
نَفْسي الفِداءُ لِمَنْ أَدّاكُمُ رَقَصـاً، |
|
تَدْمَى حَراقِفُكم في مَشْيِكم صَكَكُ |
وقال المساور:
وإِذا دَعا الداعِي عَلَيّ رَقَـصـتُـم |
|
رَقَصَ الخَنافِس من شِعابِ الأَخْرَم |
وقال الأَخطل:
وقَيْس عَيْلانَ حتى أَقْبَلُوا رَقَصاً، |
|
فبايَعُوك جِهاراً بَعدما كَفَـرُوا |
ورَقَصَ السَّرابُ والحَبابُ: اضطرب. والراكب يُرقِصُ بَعِيرَهُ: يُنَزِّيه ويَحْمِلُه على الخَبَبِ، وقد أَرْقَصَ بَعِيرَه. ولا يقال يَرْقُص إِلا لِلأعِب والإِبلِ، وما سوى ذلك فإِنه يقال: يَقْفِزُ ويَنْقُزُ، والعرب تقول: رَقَصَ البعيرُ يَرْقُصُ رَقَصاً، مُحرك القاف، إذا أَسرع في سيره؛ قال أَبو وجزة:
فما أَرَدْنا بها مِنْ خَـلَّةٍ بـدَلاً، |
|
ولا بها رَقَصَ الواشِين نَسْتَمِعُ |
أَراد: إِسراعهم في هَتِّ النَّمائم. ويقال للبعير إذا رَقَصَ في عَدْوِه: قد الْتَبَطَ وما أَشدَّ لَبْطَتَه. وأَرْقَصَت المرأَة صبِيَّها ورَقَّصَته: نَزَّتْه. وارْتَقَصَ السِّعْرُ: غلا؛ حكاها أَبو عبيد. ورَقَصَ الشرابُ: أَخَذَ في الغَلَيَانِ. التهذيب: والشرابُ يَرْقُصُ، والنبِيذُ إذا جاشَ رَقَصَ؛ قال حسان:
بِزُجاجةٍ رقَصَتْ بما في قَعْرِها، |
|
رَقَصَ القَلُوصِ براكبٍ مُسْتَعْجِل |
وقال لَبِيد في السراب:
فبِتِلْكَ إِذ رَقَصَ اللوامِعُ بالضُّحَى |
قال أَبو بكر: والرَّقَصُ في اللغة الارتفاع والانخفاض. وقد أَرْقَصَ القومُ في سَيْرِهم إذا كانوا يَرْتَفِعُون ويَنْخَفِضُون؛ قال الراعي:
وإِذا ترَقَّصَت المَفازةُ غادَرَت |
|
رَبِذاً يُبَغِّلُ خَلْفَها تَـبْـغِـيلا |
معنى تَرَقَّصَت ارتفعت وانخفضت وإِنما يرفعها ويخفضها السرابُ: والرَّبِذُ: السريعُ الخفيف، واللّه أَعلم.
الرُّقْطةُ: سواد يشوبُه نُقَطُ بَياضٍ أَو بياضٌ يشوبُه نُقَطُ سوادٍ، وقد ارْقَطَّ ارْقِطاطاً وارْقاطَّ ارْقِيطاطاً، وهو أَرْقَطُ، والأُنثى رَقْطاء. والأَرْقَطُ من الغنم: مثل الأَبْغَثِ. ويقال: تَرَقَّطَ ثوبه تَرَقُّطاً إذا تَرَشَّشَ عليه مِداد أَو غيره فصار فيه نُقط.
ودجاجة رَقْطاء إذا كان فيها لُمَعٌ بِيضٌ وسُود. والسُّلَيْسِلَة الرَّقْطاء: دُوَيْبَّة تكون في الجَبابِينِ وهي أَخْبَثُ العِظاء، إذا دَبَّتْ على طعام سَمَّتْهُ.
وارْقاطَّ عُود العَرْفَجِ ارْقِيطاطاً إذا خرج ورقه ورأَيتَ في متفرّق عيدانه وكُعُوبِه مثل الأَظافير، وقيل: هو بعد التَّثْقِيبِ والقَمَلِ وقَبْلَ الإِدْباء والإِخْواصِ.
والأَرْقَطُ: النَّمِرُ للونه، صفة غالبة غلَبةَ الاسم. والرّقْطاء: من أَسماء الفتنة لتلوُّنها. وفي حديث حذيفة: ليَكُونَنّ فيكم أَيّتُها الأُمّةُ أَربع فِتَنٍ: الرّقْطاء والمُظْلِمةُ وفلانة وفلانة، يعني فتنة شَبَّهها بالحيّة الرقْطاء، وهو لون فيه سواد وبياض، والمظلمة التي تعمُّ والرقْطاء التي لا تعمّ. وفي حديث أَبي بكْرة وشهادَتِه على المغيرة: لو شئتُ أَن أَعُدَّ رقَطاً كان على فَخِذَيْها أَي فَخِذَيِ المرأَةِ التي رُمِيَ بها. وفي حديث صفة الحَزْوَرَةِ: أَغْفَرَ بَطْحاؤُها وارْقاطَّ عَوْسَجُها؛ ارْقاطّ من الرُّقطة البياض والسواد. يقال: ارْقَطَّ وارْقاطَّ مثل احْمَرَّ واحْمارّ. قال القتيبي: أَحسبه ارْقاطَّ عَرْفَجُها. يقال إذا مُطِرَ العَرْفَجُ فلانَ عُوده: قد ثقَّبَ عودُه، فإِذا اسْوَدَّ شيئاً قيل: قد قَمِلَ، فإِذا زاد قيل: قد ارْقاطَّ، فإِذا زاد قيل: قد أَدْبَى.
والرَّقْطاءُ الهِلالِيّةُ: التي كانت فيها قِصّة المغيرة لتلوُّن كان في جلدها. وحُمَيْد بن ثَوْرٍ الأَرْقَط: أَحد رُجّازِهم وشُعرائهم، سمي بذلك لآثار كانت في وجهه. والأُرَيْقِطُ: دليلُ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، واللّه أَعلم.
رقَع الثوبَ والأَديم بالرِّقاع يَرْقَعُه رَقْعاً ورقَّعَه: أَلحَمَ خَرْقه، وفيه مُتَرَقَّعٌ لمن يُصْلِحه أَي موضعُ تَرْقِيع كما قالوا فيه مُتَنَصَّح أَي موضع خِياطة. وفي الحديث: المؤمنُ واهٍ راقِعٌ فالسَّعِيدُ مَن هلَك على رَقْعِه، قوله واهٍ أَي يَهِي دِينُه بمعصيته ويَرْقَعُهُ بتوبته، من رَقَعْت الثوبَ إذا رَمَمْته. واسْتَرْقَع الثوبُ أَي حانَ له أَن يُرْقَعَ. وتَرْقِيعُ الثوب: أَن تُرَقِّعَه في مواضع. وكلّ ما سَدَدْت من خَلّة، فقد رَقَعْتَه ورَقَّعْته؛ قال عُمر بن أَبي رَبِيعةَ:
وكُنَّ، إذا أبْصَرْنَني أَو سَمِعْنَنـي |
|
خَرَجْن فَرَقَّعْنَ الكُوى بالمَحاجِرِ |
وأَراه على المثل. وقد تَجاوَزُوا به إِلى ما ليس بِعَيْن فقالوا: لا أَجِدُ فيكَ مَرْقَعاً للكلام. والعرب تقول: خَطِيب مِصْقَعٌ، وشاعِرٌ مِرْقَعٌ، وحادٍ قُراقِرٌ مِصْقع يَذْهَب في كل صُقْع من الكلام، ومِرْقع يصل الكلام فيَرْقَع بعضَه ببعض.
والرُّقْعةُ: ما رُقِع به: وجمعها رُقَعٌ ورِقاعٌ. والرُّقْعة: واحدة الرِّقاع التي تكتب. وفي الحديث: يَجِيء أَحدُكم يومَ القِيامة على رقَبته رِقاع تَخْفِق؛ أَراد بالرِّقاعِ ما عليه من الحُقوق المكتوبة في الرقاع، وخُفُوقُها حرَكَتُها. والرُّقْعة: الخِرْقة.
والأَرْقَعُ والرَّقِيعُ:اسمان للسماء الدُّنيا لأَنّ الكواكب رَقَعَتْها، سميت بذلك لأَنها مَرْقُوعة بالنجوم، والله أَعلم، وقيل: سميت بذلك لأَنها رُقِعت بالأَنوار التي فيها، وقيل: كل واحدة من السموات رَقِيع للأُخرى، والجمع أَرْقِعةٌ، والسموات السبع يقال إِنها سبعة أَرْقِعة، كلٌ سَماء منها رَقَعت التي تليها فكانت طَبَقاً لها كما تَرْقَع الثوبَ بالرُّقعة. وفي الحديث عن قول النبي، صلى الله عليه وسلم، لسعْد بن معاذ، رضي الله عنه، حين حكم في بني قُرَيْظةَ: لقدْ حَكَمْتَ بحكم الله من فَوقِ سَبعة أَرْقِعة، فجاء به على التذكير كأَنه ذَهب به إِلى معنى السقْف، وعنى سبع سموات، وكلُّ سماء يقال لها رَقِيع، وقيل: الرَّقِيع اسم سماء الدنيا فأَعْطَى كُلَّ سَماء اسْمَها. وفي الصحاح: والرَّقِيع سماء الدنيا وكذلك سائر السموات. والرَّقِيعُ: الأَحمق الذي يَتَمَزَّقُ عليه عَقْلُه، وقد رَقُع، بالضم، رَقاعةً، وهو الأَرْقَعُ والمَرْقَعانُ، والأُنثى مَرْقَعانة، ورَقْعاءُ، مولَّدة، وسمي رَقِيعاً لأَن عقله قد أَخْلَق فاسْتَرَمَّ واحتاج إِلى أَن يُرْقَع.
وأَرْقَع الرَّجلُ أَي جاء برَقاعةٍ وحُمْقٍ. ويقال: ما تحت الرَّقِيع أَرْقَعُ منه.
والرُّقْعة: قِطْعة من الأَرض تَلْتَزِق بأُخرى. والرُّقعة: شجرة عظيمة كالجَوْزة، لها ورق كورق القَرْع، ولها ثمر أَمثال التّين العُظام الأَبيض، وفيه أَيضاً حَبٌّ كحب التِّين، وهي طيّبة القِشْرة وهي حُلوة طيبة يأْكلها الناس والمَواشِي، وهي كثيرة الثمر تؤكل رَطْبة ولا تسمى ثمرتها تيناً، ولكن رُقَعاً إِلا أَن يقال تين الرُّقَع.
ويقال: قَرَّعني فلان بِلَوْمِه فما ارْتَقَعْت به أَي لم أَكْتَرِث به.
وما أَرْتَقِعُ بهذا الشيء وما أَرْتَقِعُ له أَي ما أَبالي به ولا أَكترث؛ قال:
ناشَدتُها بكتاب اللهِ حُرْمَتَنا |
|
ولم تَكُن بِكتابِ اللهِ تَرْتَقِعُ |
وما تَرْتَقِعُ مني برَقاع ولا بِمِرْقاعٍ أَي ما تُطِيعُني ولا تَقْبَل مما أَنصحك به شيئاً، لا يتكلم به إِلا في الجحد. ويقال: رَقَع الغَرضَ بسهمه إذا أَصابه، وكلُّ إِصابةٍ رَقْعٌ. وقال ابن الأَعرابي: رَقْعةُ السهم صوته في الرُّقْعة. ورقَعَه رَقْعاً قبيحاً أَي هَجاه وشَتَمه؛ يقال: لأَرْقَعَنَّه رَقْعاً رَصِيناً. وأَرى فيه مُتَرَقَّعاً أَي موضعاً للشتْمِ والهِجاء؛ قال الشاعر:
وما تَرَكَ الهاجونَ لي في أَدِيمكمْ |
|
مَصَحّاً، ولكِنِّي أَرى مُتَرَقَّـعـا |
وأَما قول الشاعر:
أَبى القَلْبُ إِلاَّ أُمّ عَمْروٍ وحُبّهـا |
|
عَجُوزاً، ومَن يُحْبِبْ عَجُوزاً يُفَنَّدِ |
كثَوْبِ اليماني قد تَقادَمَ عَـهْـدُه |
|
ورُقْعَتُه ما شِئْتَ في العينِ واليدِ |
فإِنما عنى به أَصلَه وجَوْهَره. وأَرْقَع الرجلُ أَي جاء برَقاعةٍ وحُمْق. ويقال: رَقَع ذَنَبَه بسَوْطه إذا ضربه به. ويقال: بهذا البعير رُقْعة من جَرَب ونُقْبة من حرب، وهو أَوّل الجرَب. وراقع الخمرَ: وهو قلب عاقَرَ.
والرَّقْعاء من النساء: الدَّقِيقةُ الساقَيْنِ، ابن السكيت، في الأَلفاظ: الرَّقْعاء والجَبّاء والسَّمَلَّقةُ: الزَّلاَّءُ من النساء، وهي التي لا عَجِيزةَ لها. وامرأَة ضَهْيَأَةٌ بوزن فَعْلة مهموزة: وهي التي لا تحيض؛ وأَنشد أَبو عمرو:
ضَهْيأَة أَو عاقِر جَماد |
ويقال للذي يزيد في الحديث: وهو تَنْبِيق وتَرْقِيع وتَوْصِيل، وهو صاحب رمية يزيد في الحديث. وفي حديث مُعاوية: كان يَلْقَم بيد ويَرْقَعُ بالأُخرى أَي يَبسُط إِحدى يديه لينتثر عليها ما يسقطُ من لُقَمه.
وجُوعٌ يَرْقوع ودَيْقُوع ويُرْقُوعٌ: شديد؛ عن السيرافي. وقال أَبو الغوث: جُوعٌ دَيْقُوع ولم يعرف يَرْقُوع.
والرُّقَيْعُ: اسم رجل من بني تميم. والرُّقَيْعِيُّ: ماء بين مكة والبصرة. وقَنْدةُ الرّقاعِ: ضَرْبٌ من التمر؛ عن أَبي حنيفة. وابن الرِّقاعِ العامِلِيّ: شاعر معروف؛ وقال الرّاعِي:
لو كُنْتَ مِن أَحَدٍ يُهْجَى هَجَوْتُكـمُ |
|
يا ابْنَ الرِّقاع، ولكن لسْتَ مِن أَحَدِ |
فأَجابه ابن الرِّقاع فقال:
حُدِّثْتُ أَنّ رُوَيْعِي الإِبْلِ يَشْتُمُنـي |
|
واللهُ يَصْرِفُ أَقْواماً عن الرَّشَدِ |
فإِنْكَ والشِّعْرَ ذُو تُزْجِي قَوافِـيَه |
|
كَمُبْتَغِي الصَّيْدِ في عِرِّيسةِ الأَسَدِ |
ابن الأَعرابي: الرُّقُوفُ الرُّفوف. وفي نوادر الأَعراب: رأَيته يُرْقَفُ من البردِ أَي يُرْعَدُ. أَبو مالك: أُّرْقِفَ إرْقافاً وقَفَّ قُفُوفاً، وهي القُشَعْريرة.
الرَّقِيقُ: نقيض الغَلِيظ والثَّخِينِ. والرِّقَّةُ: ضدُّ الغِلَظ؛ رَقَّ يَرِقُّ رِقَّة فهو رَقِيقٌ ورُقاقٌ وأَرَقَّه ورَقَّقه والأُنثى رَقيقةٌ ورُقاقةٌ؛ قال:
من ناقةٍ خَوَّارةٍ رَقِيقهْ، |
|
تَرْمِيهمُ ببَكَراتٍ رُوقَهْ |
معنى قوله رقيقة أنها لا تَغْزُر الناقةُ حتى تَهِنَ أَنقاؤها وتَضْعُف وتَرِقَّ، ويتسع مَجرى مُخِّها ويَطِيب لحمها ويكر مُخُّها؛ كل ذلك عن ابن الأَعرابي، والجمع رِقاق ورَقائق. وأَرَقَّ الشيءَ ورَقَّقه: جعله رقيقاً. واسْترقَّ الشيءُ: نقيض استغلظَ. ويقال: مال مُترقْرِقُ السِّمَن ومترقرق الهُزال ومُترقرق لأَن يَرْمِدَ أَي مُتَهيِّء له تراه قد دَنا من ذلك، الرَّمْدُ: الهَلاكُ؛ ومنه عامُ الرَّمادةِ، والرِّقُّ: الشيء الرَّقيقُ. ويقال للأَرض اللينة: رِقٌّ؛ عن الأَصمعي. ورَقَّ جِلد العِنب: لَطُفَ. وأَرَقَّ العنبُ: رَقَّ جلده وكثر ماؤُه، وخص أَبو حنيفة به العنب الأَبيض. ومُسْتَرَقُّ الشيء: ما رَقَّ منه. ورَقِيقُ الأَنف: مُسْتَرَقُّه حيث لانَ من جانبه؛ قال:
سالَ فقد سَدَّ رَقِيقَ المَنْخَرِ |
أَي سال مُخاطُه؛ وقال أَبو حَيَّة النُّمَيْري:
مُخْلِف بُزْلٍ مُعالاةٍ مُعرَّضةٍ، |
|
لم يُسْتَمَلْ ذو رَقِيقَيْها على وَلَدِ |
قوله مُعالاةٍ مُعرَّضةٍ: يقول ذهب طولاً وعَرْضاً؛ وقوله: لم يُسْتَمل ذو رقيقيْها على ولد فتَشُمَّه. ومَرَقَّا الأَنْفِ: كَرَقيقَيْه، ورواه ابن الأَعرابي مرة بالتخفيف، وهو خطأٌ لأَن هذا إِنما هو من الرِّقة كما بَيَّنَّا. الأَصمعي: رَقِيقا النُّخْرَتَينِ ناحِيتاهما؛ وأَنشد:
ساطٍ إذا ابْتَلَّ رَقِيقاهُ نَدى |
ندى: في موضع نصب.ومَراقُّ البطن: أَسفله وما حوله مما اسْتَرَقَّ منه، ولا واحد لها.
التهذيب: والمَراقُّ ما سَفَل من البطن عند الصِّفاق أَسفل من السُّرَّةِ. ومَراقُّ الإبِلِ: أَرْفاغُها. وفي حديث عائشة قالت: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا أَرادَ أَنْ يغْتسِلَ من الجنابةِ بَدأَ بيمينه فغَسلها، ثم غسل مَراقَّه بشِماله ويُفِيضُ عليها بيمينه، فإِذا أَنْقاها أَهْوى بيده إِلى الحائط فدَلَكَها ثم أَفاضَ عليها الماء؛ أَراد بمراقِّه ما سفل من بطنه ورُفْغَيْه ومَذاكيره والمواضع التي تَرِقُّ جلودها كنَى عن جميعها بالمَراقِّ، وهو جمع المَرَقِّ؛ قال الهروي: واحدها مَرَقٌّ، وقال الجوهري: لا واحد لها. وفي الحديث: أَنه اطَّلى حتى إذا بلغ المَراقّ وليَ هو ذلك بنفْسه. واستعمل أَبو حنيفة الرِّقَّة في الأَرض فقال: أَرض رَقيقة. وعيش رَقيق الحَواشي: ناعِم.
والرَّقَقُ: رِقَّة الطعام. وفي ماله رَقَقٌ ورقَّة أَي قِلَّةٌ، وقد أَرَقَّ؛ وذكره الفرَّاءُ بالنفي فقال: يقال ما في ماله رَقَقٌ أَي قلة.
والرَّقَقُ: الضَّعْفُ. ورجل فيه رَقَقٌ أَي ضَعف؛ ومنه قول الشاعر:
لم تَلْقَ في عَظْمِها وَهْناً ولا رَقَقا |
والرِّقَّةُ: مصدر الرقيق عامٌّ في كل شيء حتى يقال: فلان رَقيقُ الدِّين. وفي حديث: اسْتَوْصُوا بالمِعْزَى فإِنه مالٌ رَقيقٌ؛ قال القتيبي:يعني أَنه ليس له صبر الضأْن على الجَفاء وفساد العَطَن وشِدَّة البَرْد، وهم يضربون المثل فيقولون: أَصْرَدُ من عَنْز جَرْباء. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، رجل رَقيقٌ أَي ضعيف هَيِّن؛ ومنه الحديث: أَهلُ اليمن هم أَرَقُّ قلوباً أَي أَليَن وأَقبل للمَوْعِظة، والمراد بالرِّقَّة ضدّ القَسوة والشدَّة. وتَرَقَّقته الجارية: فَتَنتْه حتى رَقَّ أَي ضَعُف صبره؛ قال ابن هَرْمة:
دَعتْه عَنْوةً فَتَرَقَّقَـتْـه، |
|
فَرَقَّ، ولا خَلالةَ للرَّقِيقِ |
ابن الأَعرابي في قول الساجع حين قالت له المرأَة: أَين شَبابُكَ وجَلَدُكَ؟ فقال: مَن طال أَمَدُه، وكثر ولدُه، ورَقَّ عدَده، ذهب جَلَدُه؛ قوله رَقَّ عدده أَي سِنُوه التي يَعُدُّها ذهب أَكثرُها وبقي أَقلُّها، فكان ذلك الأَقل عنده رَقِيقاً. والرَّقَقُ: ضَعْفُ العِظام؛ وأَنشد:
حَلَّتْ نَوارُ بأَرْضِ لا يُبَلِّـغُـهـا، |
|
إِلا صَمُوتُ السُّرَى لا تَسأَم العَنَقا |
خَطَّارةٌ بعد غِبِّ الجَهْدِ نـاجِـيةٌ، |
|
لم تَلْقَ في عَظْمِها وَهْناً ولا رَقَقا |
وأَنشد ابن بري لأَبي الهيثم الثعلبي:
لها مسائحُ زورٌ في مَراكِضها |
|
لِينٌ، وليس بها وَهْنٌ ولا رَقَقُ |
ويقال: رقَّت عظامُ فلان إذا كَبِر وأَسَنَّ. وأَرَقَّ فلان إذا رَقَّتْ حالُه وقلَّ ماله. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه: كَبِرَتْ سِنِّي ورَقَّ عظمي أَي ضَعُفت. والرِّقَّةُ: الرحمة. ورقَقْت له أَرِقُّ:رحِمْتُه. ورَقَّ وجهُه: استحيا؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا تَرَكَتْ شُرْبَ الرَّثيئةِ هاجَرٌ |
|
وهَكَّ الخَلايا، لم تَرِقَّ عُيُونُها |
لم ترِقّ عيونها أَي لم تَستَحْيِ.والرَّقاق، بالفتح: الأَرض السَّهلةُ المُنبسِطة المُستوِية الليِّنةُ الترابِ تحت صلابة؛ قصره رؤبة بن العجاج في قوله:
كأَنَّها، وهْيَ تَهاوَى بـالـرَّقَـقْ |
|
من ذَرْوِها، شِبْراقُ شَدٍّ ذي عَمَقْ |
الأصمعي: الرَّقاقُ الأَرض اللينة من غير رمل، وأَنشد:
كأَنَّها بين الرَّقاقِ والخَمَرْ، |
|
إِذا تَبارَيْنَ، شَآبِيبُ مَطَرْ |
وقال الراجز:
ذارِي الرَّقاقِ واثِبُ الجراثِمِ |
أَي يَذْرُو في الرَّقاقِ ويثب في الجَراثِيمِ من الرمل؛ وأَنشد ابن بري لإِبراهيم بن عِمران الأَنصاري:
رَقاقُها ضَرِمٌ وجَريُها خَذِمٌ، |
|
ولَحْمها زِيَمٌ والبَطْنُ مَقْبُوبُ |
والرُّقاقُ، بالضم: الخبز المنبسط الرَّقِيقُ نقيض الغَلِيظ. يقال: خُبْز رُقاق ورَقِيق. تقول: عندي غلام يَخْبِز الغليظ والرقيق، فإِن قلت يخبز الجَرْدَقَ قلت: والرُّقاق، لأَنهما اسمان، والرُّقاقة الواحدة، وقيل:الرُّقاق المُرَقَّق. وفي الحديث أَنه ما أَكل مُرَقَّقاً قَطُّ؛ هو الأَرْغِفة الواسعة الرَّقِيقة. يقال: رَقِيق ورُقاق كطَويل وطُوال.
والرُّقُّ: الماءُ الرَّقيق في البحر أَو في الوادي لا غُزْرَ له.
والرَّقُّ: الصحيفة البيضاء؛ غيره: الرَّق، بالفتح: ما يُكتب فيه وهو جِلْد رَقِيق، ومنه قوله تعالى: في رَقٍّ مَنْشُور؛ أَي في صُحُفٍ. وقال الفراء: الرَّقُّ الصحائف التي تُخرج إِلى بني آدم يوم القيامة فآخِذٌ كتابَه بيمينه وآخذ كتابه بشماله، قال الأَزهري: وما قاله الفراء يدل على أَنَّ المكتوب يسمى رَقّاً أَيضاً، وقوله: وكِتابٍ مَسْطور؛ الكتاب ههنا ما أُثْبِت على بني آدم من أَعمالهم. والرَّقَّةُ: كلّ أَرض إِلى جَنب وادٍ ينبسط عليها الماء أَيَّام المَدِّ ثم يَنْحَسِرُ عنها الماء فتكون مَكْرُمةً للنبات، والجمع رِقاقٌ. أَبو حاتم: الرَّقَّة الأَرض التي نَضَب عنها الماء، والرَّقَّةُ البيضاء معروفة منه،. والرَّقَّةُ: اسم بلد.
والرَّقُّ: ضرب من دوابِّ الماء شِبه التِّمْساح. والرَّق: العظيم من السَّلاحِف، وجمعه رُقُوق. وفي الحديث: كان فقهاء المدينة يشترون الرَّقَّ فيأْكلونه؛ قال الحَربي: هو دُوَيْبة مائية لها أَربع قوائم وأَظفار وأَسنان تُظهرها وتُغيِّبها.
والرِّقُّ، بالكسر: المِلك والعُبودِيَّةُ. ورَقَّ: صار في رِقٍّ. وفي الحديث عن علي، عليه السلام، قال: يُحَطُّ عنه بقَدْر ما عَتَق ويَسْعَى فيما رَقَّ منه. وفي الحديث: يُودَى المُكاتَبُ بقَدْر ما رَقَّ منه دِيةَ العَبْدِ وبقدر ما أَدَّى دِيةَ الحُرِّ؛ ومعناه أَن المكاتَب إذا جني عليه جِنايةٌ وقد أَدَّى بعضَ كتابته فإِنَّ الجاني عليه يَدْفَع إِلى ورثته بقدر ما كان أَدَّى من كتابته دِيةَ حُرٍّ، ويدفع إلى مولاه بقدر ما بقي من كتابته دِيةَ عبدٍ كأَن كاتَب على أَلف وقِيمتُه مائة ثم قُتِل وقد أَدَّى خمسمائة فلورثته خمسة آلاف نصفُ دية حُرّ، ولسيده خمسون نصف قيمته، وهذا الحديث خَرّجه أَبو داود في السنن عن ابن عباس وهو مذهب النخعي، ويروى عن عليّ شيء منه، وأَجمع الفقهاء على أَنّ المُكاتَب عبد ما بَقِي عليه دِرْهم. وعَبْدٌ مَرْقُوق ومُرَقٌّ ورَقيقٌ، وجمع الرَّقيق أَرِقَّاء. وقال اللحياني: أَمةٌ رَقيق ورَقِيقة من إِماء رقائقَ فقط، وقيل: الرقيق اسم للجمع.
واسترقَّ المَمْلوكَ فرَقَّ: أَدخله في الرِّقِّ. واسْترقَّ مملوكَه وأَرَقَّه: وهو نقيض أَعْتقَه. والرَّقيقُ: المملوك، واحد وجمع، فَعِيل بمعنى مفعول وقد يُطلق على الجماعة كالرَّفيق، تقول منه رَقَّ العبدَ وأَرَقَّه واسْترقَّه. الليث: الرِّقُّ العُبودة، والرَّقيق العبد، ولا يؤخذ منه على بناء الاسم. وقد رَقَّ فلان أَي صار عبداً. أَبو العباس: سمي العبيد رَقِيقاً لأَنهم يَرِقُّون لمالكهم ويَذِلُّون ويَخْضَعون، وسميت السُّوق سوقاً لأَن الأَشياءَ تُساق إِليها، والسَّوْقُ: مصدر، والسُّوقُ: اسم.
وفي حديث عُمر: فلم يبق أَحد من المسلمين إِلا له فيها حَظٌّ وحَقٌّ إِلاّ بعضَ مَن تملكون مِن أَرِقّائكم أَي عبيدكم؛ قيل: أَراد به عبيداً مخصوصين، وذلك أَنّ عمر، رضي الله عنه، كان يُعطي ثلاثة مَماليك لبني غفار شهدوا بَدْراً لكل واحد منهم في كل سنة ثلاثة آلاف درهم، فأَراد بهذا الاستثناء هؤلاء الثلاثة، وقيل: أَراد جميع المماليك، وإِنما استثنى من جملة المسلمين بعضاً من كل، فكان ذلك منصرفاً إلى جنس المماليك، وقد يوضع البعض موضع الكل حتى قيل إِنه من الأَضداد. والرِّقُّ أَيضاً: الشيء الرَّقيق، ويقال للأَرض الليِّنةِ رِقٌّ؛ عن الأَصمعي. والرِّقُّ: ورَق الشجر؛ وروى بيت جُبَيها الأَشجعي:
نَفى الجَدْبُ عنه رِقَّه فهو كالِحُ |
والرِّقُّ: نبات له عُود وشَوْك وورَق أَبيض.
ورَقْرَقْت الثوب بالطِّيب: أَجْريته فيه؛ قال الأَعشى:
وتَـبْـرُدُ بَـرْدَ رِداء الـعَـرُو |
|
س بالصَّيْفِ رَقْرَقْتَ فيه العَبِيرا |
ورَقْرَقَ الثَّرِيدَ بالدَّسَم: آدَمَه به، وقيل: كثَّره. ورَقْراقُ السحاب: ما ذهَب منه وجاء. والرَّقراقُ: تَرْقْرُق السَّراب. وكل شيء له بَصيص وتلأْلُؤ، فهو رَقْراق؛ قال العجاج:
ونَسَجَتْ لَوامِعُ الحَرُورِ |
|
بِرَقْرقانِ آلِها المَسْجُورِ |
رَقْرقان: ما تَرَقْرَق من السراب أَي تحرَّك، والمَسْجُور ههنا: المُوقد من شدَّة الحَرّ. وفي الحديث: أَن الشمسَ تَطْلُع تَرَقْرَقُ. قال أَبو عبيد: يعني تَدُور تجيء وتذهب وهي كناية عن ظُهور حركتها عند طلوعها، فإِنها تُرى لها حركةٌ مُتَخَيَّلة بسبب قُربها من الأُفُق وأَبْخِرته المُعْتَرِضة بينها وبين الأَبصار، بخلاف ما إذا علَتْ وارتفعت. وسراب رَقْراقٌ ورَقرقانٌ: ذو بَصيصٍ. وتَرَقرَقَ: جرَى جَرْياً سَهلاً. وترَقْرق الشيءُ: تلأْلأ أَي جاء وذهبَ. ورقْرقْت الماء فترقْرقَ أَي جاء وذهب، وكذلك الدَّمعُ إذا دار في الحِملاق. وسيفٌ رُقارِقٌ: برّاق. وثوب رُقارِق:رَقيق. وجارية رَقْراقة: كأَنّ الماء يجري في وجهها. وجارية رَقْراقةُ البشَرة: برّاقة البياضِ. وترَقْرقَت عينه: دَمَعت، ورَقْرَقَها هو.
ورَقْراقُ الدمع: ما ترَقْرقَ منه؛ قال الشاعر:
فإِنْ لم تُصاحِبْها رَمَيْنا بأَعْـيُنٍ، |
|
سَريعٍ برَقْراقِ الدُّمُوعِ انْهِلالُها |
ورَقْرقَ الخمرَ: مَزَجَها. وتَرْقِيقُ الكلام: تحسينه. وفي المثل: عن صَبُوحٍ تُرَقِّقُ؛ يقول: تُرَقِّق كلامك وتُلطِّفه لتوجب الصَّبُوح، قاله رجل لضيف له غَبَقَه، فرقّق الضيفُ كلامَه ليُصْبِحه؛ وروي هذا المثل عن الشعبي أَنه قال لرجل سأَله عن رجل قبَّل أُمَّ امرأَته فقال: حَرُمت عليه امرأَته، أَعن صَبوح تُرَقِّق؟ قال أَبو عبيد: اتَّهمه بما هو أَفْحش من القُبلة، وهذا مثل للعرب يقال لمن يُظهر شيئاً وهو يريد غيره، كأَنه أَراد أَن يقول جامَع أُمَّ امرأَته فقال قَبَّل، وأَصله أَن رجلاً نزل بقوم فبات عندهم فجعل يُرقّق كلامه ويقول: إذا أَصبحت غداً فاصْطبحت فعلت كذا، يريد إِيجاب الصَّبُوح عليهم، فقال بعضهم: أَعن صَبُوح تُرقِّق أَي تُعرّض بالصَّبُوح، وحقيقته أَنّ الغَرض الذي يَقْصِده كأَنّ عليه ما يستُره فيريد أَن يجعله رَقِيقاً شَفّافاً يَنِمُّ على ما وَراءه، وكأَنَّ الشعبي اتَّهم السائل وتوهّم أَنه أَراد بالقُبلة ما يَتْبَعُها فغَلّظ عليه الأَمرَ. وفي الحديث وتجيء فِتْنةٌ فيُرَقّقُ بعضُها بَعْضاً أَي يُشَوِّق بتَحسينها وتَسْوِيلها. وترقَّقْتَ له إذا رَقَّ له قلبُك.
والرَّقاقُ: السَّيْر السَّهل؛ قال ذو الرمة:
باقٍ على الأَيْنِ يُعْطي، إِن رَفَقْتَ به، |
|
مَعْجاً رَقاقاً، وإِن تَخْرُقْ بـه يَخِـدِ |
أَبو عبيدة: فرس مُرِقٌّ إذا كان حافره خفيفاً وبه رَقَقٌ. وحِضْنا الرجل: رَقيقاه؛ وقال مُزاحِم:
أَصابَ رَقِيقَيْهِ بِـمَـهْـوٍ، كـأَنـه |
|
شُعاعةُ قَرْنِ الشمس مُلْتَهِبِ النَّصْلِ |
الرَّقْلة مثل الرَّعْلة: النخلةُ التي فاتت اليد وهي فوق الجَبَّارة؛ قال الأَصمعي: إذا فاتت النخلةُ يَد المتناوِل فهي جَبَّارة، فإِذا ارتفعت عن ذلك فهي الرَّقْلة، وجمعها رَقْلٌ ورِقالٌ؛ قال كثير:
حُزيَتْ لي بحَزْم فَيْدة تُحْدى |
|
كاليَهُودِيِّ من نَطاة الرِّقال |
أَراد كنخل اليهودي، ونَطاةُ خيبرُ. التهذيب: الرِّقال من نخيل نَطاة وهي عين بخيبر. قال ابن بري: ويقال رَقْلة ورَقْل؛ ومنه المثل: تَرى الفتْيان كالرَّقْل، وما يُدْريك بالدَّخْل. وفي حديث علي، عليه السلام: ولا تَقْطَعْ عليهم رَقْلة؛ الرَّقْلة: النخلة وجنسها الرَّقْل. وفي حديث جابر في غزوة خيبر: خرج رجل كأَنه الرَّقْل في يده حربة، وفي حديث أَبي حثمة: ليس الصَّقْر في رؤوس الرَّقْل الراسخات في الوَحْل؛ الصَّقْرُ: الدِّبسُ.والرَّاقول: حَبْل يُصْعَد به النخل في بعض اللغات وهو الحابُول والكَرُّ.
والإِرْقال: ضرب من الخَبَب. وروى أَبو عبيد عن أَصحابه: الإِرْقال والإِجْذام والإِجْماز سرعة سير الإِبل. وأَرْقَلَت الدابةُ والناقةُ إِرقالاً: أَسرعت. وأَرْقَل القومُ إِلى الحرب إِرْقالاً: أَسرعوا؛ قال النابغة:
إِذا اسْتُنْزِلوا عنهنَّ للطَّعْن، أَرْقَـلـوا |
|
إِلى الموت إِرْقالَ الجِمالِ المَصاعِب |
وفي حديث قُسٍّ ذكر الإِرْقال، وهو ضرب من العَدْو فوق الخَبَب.
وأَرْقَلَتِ الناقةُ تُرْقِل إِرقالاً فهي مُرْقِل ومِرْقالٌ؛ وفي قصيد كعب بن زهير: فيها على الأَيْن إِرْقالٌ وتَبْغِيل واستعاره أَبو حَيَّة النُّميري للرماح فقال:
أَما إِنه لو كان غيرك أَرقلت |
|
إِليه القنا بالرّاعِفات اللّهازِم |
يعني الأَسنَّة. وأَرْقَل المَفازة: قَطَعها؛ قال العجاج:
لاهُمَّ، ربَّ البيت والمُشَـرَّق |
|
والمُرْقِلاتِ كُلَّ سَهْبٍ سَمْلَق |
قال ابن سيده: وقد يكون قوله كُلَّ سَهْب منصوباً على الظرف. قال الأَزهري: قوله إِرْقالُ المفازة قَطْعُها خطأ، وليس بشيء، ومعنى قول العجاج: والمُرْقِلات كُلّ سَهْب ورَبّ المُرْقِلات، وهي الإِبل المسرعة، ونصب كل لأَنه جعله ظرفاً، أَراد ورب المُرْقِلات في كل سَهْب، وناقة مُرْقِل ومِرْقال: كثيرة الإِرْقال. ابن سيده: وناقة مِرْقال مُرْقِلة؛ قال طَرَفة:
وإِني لأُمْضِي الهَمَّ، عِندَ احتضاره |
|
بعَوْجاء مِرْقالٍ تروح وتغتـدي |
والمِرْقال: لقب هاشم بن عُتْبة الزهري لأَن عَلِيّاً، عليه السلام، دفع إِليه الراية يوم صِفِّين فكان يُرْقِل بها إِرْقالاً.
الرَّقْمُ والتَّرقيمُ: تَعْجيمُ الكتاب. ورَقَمَ الكتاب يَرْقُمُهُ رَقْماً: أَعجمه وبيَّنه. وكتاب مَرْقُوم أي قد بُيِّنتْ حروفه بعلاماتها من التنقيط. وقوله عز وجل: كتاب مَرْقُومٌ؛ كتاب مكتوب؛ وأنشد:
سأَرْقُم في الماء القَراحِ إليكُم، |
|
عل بُعْدِكُمْ، إن كان للماء راقِمُ |
أَي سأَكتب. وقولهم: هو يَرْقُمُ في الماء أي بلغ من حِذْقه بالأُمور أن يَرْقُمَ حيث لا يثبت الرَّقْمُ؛ وأما المؤمن فإن كتابه يجعل في عِلِّيِّينَ السماء السابعة، وأما الكافر فيجعل كتابه في أسفل الأرضين السابعة.والمِرْقَمُ: القَلَمُ. يقولون: طاح مِرْقَمُك أي أَخطأَ قلمك. الفراء: الرَّقِيمةُ المرأة العاقلة البَرْزَةُ الفَطِنَةُ. وهو يَرْقُمُ في الماء؛ يضرب مثلاً للفَطِنِ. والمُرَقِّمُ والمُرَقِّنُ: الكاتب؛ قال:
دار كَرَقْم الكاتب المُرَقّن |
والرَّقْمُ: الكتابة والختم. ويقال للرجل إذا أَسرف في غضبه ولم يقتصد: طَما مِرْقَمُكَ وجاش مرْقَمُكَ وغَلى وطَفَح وفاضَ وارتفع وقَذَفَ مِرْقَمُكَ. والمَرْقُومُ من الدواب: الذي في قوائمه خطوط كَيَّاتٍ. وثور مَرْقُوم القوائم: مُخَطَّطُها بسواد، وكذلك الحمار الوحشي. التهذيب: والمَرْقُومُ من الدواب الذي يكوى على أَوْظِفَتِهِ كَيّاتٍ صغاراً، فكل واحدة منها رَقْمَةٌ، وينعت بها الحمار الوحشي لسواد على قوائمه.
والرَّقْمتانِ: شبه ظُفْرَين في قوائم الدابة متقابلتين، وقيل: هو ما اكتنف جاعِرتي الحمار من كَيَّة النار. ويقال للنكتتين السوداوين على عَجُزِ الحمار: الرَّقْمتان، وهما الجاعرتان. ورَقْمتا الحمار والفرسِ:الأثَرانِ بباطن أَعضادهما. وفي الحديث: ما أَنتم في الأُمم إلا كالرَّقْمة في ذراع الدابة؛ الرَّقْمَةُ: الهَنَةُ الناتئة في ذراع الدابة من داخل، وهما رَقمتان في ذراعيها، وقيل: الرَّقْمتان اللتان في باطن ذراعي الفرس لا تُنْبِتان الشعر. ويقال للصَّناعِ الحاذقة بالخِرازة: هي تَرْقُمُ الماء وتَرْقُمُ في الماء، كأنها تخط فيه.
والرَّقْمُ: خَزّ مُوَشّى. يقال: خَزٌّ رَقْم كما يقال بُرْدٌ وَشْي.
والرَّقْمُ: ضرب من البُرود؛ قال أبو خراش:
تقول: ولولا أنت أُنْكَـحْـتُ سـيداً |
|
أزَفُّ إليه، أَو حُمِلْتُ علـى قَـرْمِ |
لَعَمْري، لقد مُلِّكْتِ أَمْرَك حِـقْـبةً |
|
زماناً، فهلا مِسْتِ في العَقْمِ والرَّقْمِ |
والرَّقْمُ: ضرب مخطط من الوَشْي، وقيل: من الخَزِّ. وفي الحديث: أَتى فاطمة، عليها السلام، فوجد على بابها ستْراً مُوَشّىً فقال: ما لنا والدنيا والرَّقْم؟ يريد النقش والوَشْيَ، والأصل فيه الكتابة. وفي حديث علي، عليه السلام، في صفة السماء: سَقْف سائر ورَقِيمٌ مائر؛ يريد به وَشْيَ السماء بالنجوم. ورَقَمَ الثوب يَرْقُمُه رَقْماً ورَقَّمهُ: خططه؛ قال حميد:
فَرُحْنَ، وقد زايَلنَ كل صَنِعَةٍ |
|
لهنّ، وباشَرنَ السَّديلَ المُرَقَّما |
والتاجر يَرْقُمُ ثوبه بسِمَته. ورَقْمُ الثوب: كتابه، وهو في الأصل مصدر؛ يقال: رَقَمْتُ الثوب ورَقَّمْتُه تَرْقِيماً مثله. وفي الحديث: كان يزيد في الرَّقْمِ أي ما يكتب على الثياب من أَثمانها لتقع المرابحة عليه أو يغترّ به المشتري، ثم استعمله المحدثون فيمن يكذب ويزيد في حديثه.
ابن شميل: الأَرْقَمُ حية بين الحيتين مُرَقَّم بحمرة وسواد وكُدْرَةٍ وبُغْثَةٍ. ابن سيده: الأَرْقَمُ من الحيّات الذي فيه سواد وبياض، والجمع أُراقِمُ، غلب غلبة الأَسماء فكُسِّرَ تكسيرها ولا يوصف به المؤنث، يقال للذكر أَرْقَم، ولا يقال حية رَقْماء، ولكن رَقْشاء. والرَّقَمُ والرُّقْمَةُ: لون الأَرْقَم. وقال رجل لعمر، رضي الله عنه: مثلي كمثل الأَرْقَمِ إن تقتله يَنْقَمْ وإن تتركه يَلْقمْ. وقال شمر: الأَرقَمُ من الحيات الذي يشبه الجانَّ في اتقاء الناس من قتله، وهو مع ذلك من أَضعف الحَيّات وأَقلها غضباً، لأَن الأَرْقَمَ والجانّ يتقى في قتلهما عقوبة الجن لمن قتلهما، وهو مثل قوله: إن يُقْتَل يَنْقَمْ أي يُثْأرْ به. وقال ابن حبيب: الأَرْقَمُ أَخبث الحيات وأَطلبها للناس، والأَرْقَمُ إذا جعلته نعتاً قلت أَرْقَشُ، وإنما الأرقَمُ اسمه. وفي حديث عمر: هو إذا كالأَرْقَمِ أي الحية التي على ظهرها رَقْمٌ أي نقش، وجمعها أَراقِمُ.
والأَراقِمُ: قوم من ربيعة، سُمُّوا الأَراقِمَ تشبيهاً لعيونهم بعيون الأَراقِمِ من الحيات. الجوهري: الأَراقِمُ حي من تَغْلب، وهم جُشَم؛ قال ابن بري: ومنه قول مُهَلْهِلٍ:
زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ فـي |
|
جَنْبٍ، وكان الحِباءُ من أدَم |
وجَنْبٌ: حيّ من اليمن. ابن سيده: والأَراقِمُ بنو بكر وجُشَم ومالك والحرث ومعاوية؛ عن ابن الأعرابي؛ قال غيره: إنما سُميت الأَراقِمُ بهذا الاسم لأن ناظراً نظر إليهم تحت الدِّثارِ وهم صِغار فقال: كأَنّ أَعينهم أَعين الأَراقِمِ، فَلَجَّ عليهم اللقبُ.
والرَّقِمُ، بكسر القاف: الداهية وما لا يُطاق له ولا يُقام به. يقال: وقع في الرقِمِ، والرَّقِمِ الرَّقْماء إذا وقع فيما لا يقوم به. الأصمعي: جاء فلان بالرَّقِمِ الرَّقْماء كقولهم بالداهية الدَّهْياء؛ وأنشد:
تَمَرَّسَ بي من حَيْنه وأنا الرَّقِمْ |
يريد الداهية. الجوهري: الرَّقِم، بكسر القاف، الداهية، وكذلك بنت الرَّقِم؛ قال الراجز:
أَرْسَلَها عَليقَة، وقد عَلِـمْ |
|
أن العَلِيقاتِ يلاقِينَ الرَّقِمْ |
وجاء بالرَّقِمِ والرَّقْمِ أي الكثير.
والرَّقِيمُ: الدَّواة؛ حكاه ابن دريد، قال: ولا أَدري ما صحته، وقال ثعلب: هو اللوح، وبه فسر قوله تعالى: أَم حسبت أَن أَصحاب الكهف والرَّقِيم، وقال الزجاج: قيل الرَّقِيمُ اسم الجبل الذي كان فيه الكهف، وقيل: اسم القرية التي كانوا فيها، والله أعلم. وقال الفراء: الرّقِيمُ لوحُ رَصاصٍ كتبت فيه أَسماؤهم وأَنسابهم وقصصهم ومِمَّ فَرُّوا؛ وسأَل ابن عباس كعباً عن الرَّقِيم فقال: هي القرية التي خرجوا منها، وقيل: الرَّقِيمُ الكتاب؛ وذكر عِكْرِمةُ عن ابن عباس أنه قال: ما أَدري ما الرَّقِيمُ، أَكتاب أم بنيان، يعني أَصحاب الكهف والرَّقيمِ. وحكى ابن بري قال: قال أبو القاسم الزجاجي في الرَّقيم خمسة أقوال: أحدهما عن ابن عباس أنه لوح كتب فيه أَسماؤهم، الثاني أنه الدَّواة بلغة الرُّوم؛ عن مجاهد، الثالث القرية؛ عن كعب، الرابع الوادي، الخامس الكتاب؛ عن الضحاك وقتادة وإلى هذا القول يذهب أَهل اللغة، وهو فَعِيلٌ في معنى مَفْعول. وفي الحديث: كان يسوي بين الصفوف حتى يَدَعَها مثل القِدْحِ أو الرَّقِيمِ، الرّقِيمُ: الكتاب، أي حتى لا ترى فيها عِوَجاً كما يُقَوِّم الكاتب سُطوره.
والتَّرْقِيمُ: من كلام أَهل ديوان الخراج.
والرَّقْمةُ: الروضة، والرّقْمتان: روضتان إحداهما قريب من البصرة، والأُخرى بنَجْدٍ. التهذيب: والرَّقْمتانِ روضتان بناحية الصَّمَّانِ؛ وإياهما أَراد زهير بقوله:
ودار لها بالرّقْمَتَيْنِ، كـأَنّـهـا |
|
مَراجيع وَشْمٍ في نَواشِر مِعْصَمِ |
ورَقْمةُ الوادي: مجتَمَعُ مائه فيه. والرَّقْمةُ: جانب الوادي، وقد يقال للرّوْضة. وفي الحديث: صَعِدَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رَقْمَةً من جبل؛ رَقمةُ الوادي: جانبه، وقيل: مجتمع مائه، وقال الفراء: رَقْمَةُ الوادي حيث الماء.
والمَرْقُومة: أَرض فيها نُبَذٌ من النبت.
والرَّقَمَةُ: نبات يقال إنه الخُبّازَى، وقيل: الرَّقَمَةُ من العُشب العظام تنبت متسطحة غَصَنَةً كباراً، وهي من أول العُشْب خروجاً تنبت في السهل، وأَول ما يخرج منها ترى فيه حُمرة كالعِهْن النافض، وهي قليلة ولا يكاد الما يأْكلها إلا من حاجة. وقال أبو حنيفة: الرَّقَمَةُ من أَحْرار البَقْل، ولم يصفها بأَكثر من هذا، قال: ولا بلغتني لها حِلْيةٌ.
التهذيب: الرَّقَمَةُ نبت معروف يشبه الكَرِشَ. ويوم الرَّقَمِ: يوم لغَطَفان على بني عامر؛ الجوهري: ويوم الرَّقَمِ من أيام العرب، عُقِرَ فيه قُرْزُلٌ فرس طُفَيْلِ بن مالك؛ قال ابن بري: ذكر الجوهري أنه فرس عامر بن الطُّفَيْلِ؛ قال: والصحيح أن قُرْزُلاً فرس طُفَيل بن مالك، شاهده قول الفرزذق:
مِنهنَّ إذ نَجَّى طُفَيْلَ بـن مـالـكٍ، |
|
على قُرْزُلٍ،رَجْلا رَكوضِ الهَزائِمِ |
وقوله أيضاً:
ونَجَّى طُفَيْلاً من عُلالَةِ قُرْزُلٍ |
|
قَوائمُ، نَجَّى لحمَهُ مُسْتَقِيمهـا |
والرَّقَمِيَّاتُ: سهام تنسب إلى موضع بالمدينة. ابن سيده: والرَّقَمُ موضع تعمل فيه النِّصالُ؛ قال لبيد:
فرَمَيْتُ القومَ رِشْقاً صائباً، |
|
ليس بالعُصْلِ ولا بالمُقْتَعِلّ |
رَقَمِيَّاتٌ عليها نـاهـضٌ، |
|
تُكلِحُ الأرْوَقُ منهم والأَيَلّ |
أي عليها ريشُ ناهضٍ، وقد تقدم الناهضُ. والرّقِيمُ والرُّقَيْمُ: موضعان. والرَّقيمُ: فرس حِزام بن وابصة.
الرِّقَانُ والرَّقُونُ والإِرْقانُ: الحِنَّاء، وقيل: الرَّقُون والرِّقَانُ الزعفران؛ قال الشاعر:
ومُسْمِعَة إذا ما شئتَ غَنَّتْ |
|
مُضَمَّخَة الترائِب بالرِّقَانِ. |
قال ابن خالويه: الرِّقانُ والرَّقُونُ الزعفران والحنَّاء. وفي الحديث: ثلاثة لا تَقْرَبُهم الملائكة، منهم المُتَرَقِّن بالزعفران أَي المتلطخ به. والرَّقْنُ والتَّرَقُّنُ والارْتِقانُ: التلطخ بهما. وقد رَقَّنَ رأْسه وأَرْقَنه إذا خضبه بالحناء. والرَّاقِنَة: المختضبة، وهي الحسنة اللون؛ قال الشاعر:
صَفْراءُ راقِنَةٌ كأَنَّ سُمُوطَهـا |
|
يَجْرِي بِهِنَّ، إذا سَلِسْنَ، جَدِيلُ |
ويقال: امرأَة راقنة أَي مختضبة بالحناء؛ قال أَبو حَبِيبٍ الشَّيْباني:
جاءَت مكَمْثِرَةً تَسْعَى ببَهْـكَـنةٍ |
|
صَفْراءَ راقِنةٍ كالشَّمْسِ عُطْبُولِ |
ورَقَنَتِ الجاريةُ ورَقَّنَتْ وتَرَقَّنَتْ إذا اختضبت بالحناء؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
غِياثُ، إن مُتُّ وعِشْتُ بعدِي، |
|
وأَشْرَفَتْ أُمُّكَ للـتَّـصَـدِّي، |
وارْتَقَنتْ بالزَّعْفرانِ الـوَرْدِي |
|
فاضْرِبْ، فِداكَ والدِي وجَدِّي، |
بين الرِّعاثِ ومَناطِ العِـقْـدِ، |
|
ضَرْبَةَ لا وانٍ ولا ابن عَبـدِ. |
وأَرْقَنَ الرجلُ لحيته، والتَّرْقينُ مثله. وتَرَقَّنَ بالطيب واسْتَرْقَنَ؛ عن اللحياني: كما تقول تَضَمَّخَ. ورَقَّنَ الكتاب: قارب بين سطوره، وقيل: رَقَّنَه نَقَّطَه وأَعجمه ليتبين. والمَرْقُون: مثل المَرْقُوم.
والتَّرْقِين في كتاب الحُسْبانات: تسويد الموضع لئلا يتوهم أَنه بُيِّضَ كيلا يقع فيه حساب. الليث: التَّرْقِين تَرْقِين الكتاب وهو تزيينه، وكذلك تزيين الثوب بالزعفران والورس؛ وأَنشد:
دار كَرَقْمِ الكاتب المُرَقِّنِ |
والمُرَقِّنُ: الكاتب، وقيل: المُرَقِّن الذي يُحَلِّق حَلَقاً بين السُّطور كتَرْقِين الخضاب. ورَقَّن الشيءَ: زينه. والرُّقُون: النُّقوش.
والرَّقِينُ، بفتح الراء ورفع النون: الدرهم، سمي بذلك للتَّرْقِين الذي فيه، يعنون الخَطَّ؛ عن كراع، قال: ومنه قولهم وِجْدَانُ الرَّقِين يغطي أَفْنَ الأَفِين. وأَما ابن دريد فقال: وِجْدانُ الرَّقِين يعني جمع رِقَةٍ، وهي الوَرِقُ.
الرَّكْوَةُ والرِّكْوة شِبْه تَوْرٍ من أَدمٍ، وفي الصحاح: الرِّكْوةُ التي للماء.
وفي حديث جابر: أُتِيَ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، بِرَكْوةٍ فيها ماءٌ؛ قال: الرَّكْوة إناءٌ صغير من جِلْدٍ يُشْرَب فيه الماءُ، والجمع رَكَوات، بالتحريك، ورِكاءٌ. والرَّكْوة أَيضاً: زَوْرَقٌ صغير.
والرَّكْوةُ: رقْعَة تحت العَواصِرِ، والعَواصِرُ حجارة ثلاثٌ بعضها فوق بعض. ورَكا الأَرضَ رَكْواً: حفرها. ورَكا رَكْواً: حَفَرَ حَوْضاً مُسْتَطيلاً.
والمَرْكُوُّ من الحِياضِ: الكبير، وقيل الصغير، وهو من الاحْتِفار. ابن الأَعرابي: رَكَوْتُ الحَوْضَ سوَّيته. أَبو عمرو: المَرْكُوُّ الحَوْض الكبير؛ قال أَبو منصور: والذي سمعته من العرب في المَرْكُوِّ أَنه الحُوَيْضُ الصغير يُسَوِّيه الرجل بيديه على رأْس البئر إذا أَعْوَزه إناءٌ يَسْقي فيه بَعيراً أَو بَعيريَن. يقال: ارْكُ مَركُوّاً تَسْقِي فيه بَعيرَك، وأَما الحوض الكبير فلا يسمى مَرْكُوّاً. الليث: الرَّكْوُ أَن تَحْفِرَ حَوْضاً مستطيلاً وهو المَرْكُوُّ. وفي حديث البرَاء: فأَتَيْنا على رَكِيٍّ ذَمَّةٍ؛ الرَّكِيُّ: جِنْسٌ للرَّكِيَّة وهي البئر، والذَّمَّة القليلة الماءِ. وفي حديث عليّ، كرم الله وجه: فإذا هو في رَكِيٍّ يَتَبَرَّد. الجوهري: والمَرْكُوُّ الحَوْضُ الكبير والجُرْمُوزُ الصغير؛ قال الراجز:
السَّجْلُ والنُّطْفَةُ والذَّنُوبُ، |
|
حتى تَرىَ مَرْكُوَّها يَثُوبُ |
يقول: اسْتَقَى تارَةً ذَنُوباً، وتارة نُطْفَةً حتى رجَعَ الحَوضُ مَلآنَ كما كان قَبْلَ أَن يُشْرَبَ.
والرَّكِيْة: البئرُ تُحْفَرُ، والجمع رَكِيٌّ ورَكايا؛ قال ابن سيده: وقضينا عليها بالواو لأَنه من رَكَوْت أَي حَفَرْت. ورَكا الأَمْرَ رَكْواً: أَصْلَحَه؛ قال سُوَيْد:
فَدَعْ عَنْكَ قَوْماً قد كَفَوْك شُؤُونَهُم، |
|
وشَأْنُكَ إنْ لا تَرْكُهُ مُتَـفـاقِـمُ |
معناه إن لا تُصْلِحْه. قال ابن الأَعرابي: رَكَوْتُ الشيءَ أَرْكُوهُ إذا شَدَدْتَه وأَصْلَحْته. ورَكا على الرجلُ رَكْواً وأَرْكَى: أَثْنَى عليه ثَناءً قبيحاً. ورَكَوْتُ عليها الحِمْلَ وأَرْكَيْتُه: ضاعَفْته عليه وأثْقَلْتُه به، ورَكَوْت عليه الأَمْرَ ورَكَّيْته. ويقال: أَرْكَى عليه كذا وكذا كأَنه رَكَّهُ في عُنقهِ أَي جَعَلَه. وأَرْكَيْت في الأَمْر: تأَخَّرْت. ابن الأَعرابي: رَكاه إذا أَخَّرَه. وفي الحديث: يَغْفِرُ اللهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ لكُلِّ مُسْلِم إلاَّ لِلْمُتَشاحِنَيْنِ فيقال ارْكُوهُما حتى يَصْطَلِحا؛ هكذا رُويَ بضم الأَلف. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: أَنه قال تُعْرَضُ أَعمالُ الناسِ في كلِّ جُمْعةٍ مَرَّتَين يومَ الاثَنيْنِ ويومَ الخَميس فيُغْفَر لكل عبدٍ مُؤْمن إلا عَبْداً كانتْ بينَه وبينَ أَخيهِ شَحْناءُ فيقال ارْكُوا هذَيْنِ حتى يَفِيئَا؛ قال الأَزهري: وهذا خَبَرٌ صحيح، قال: ومعنى قوله ارْكُوا هَذَيْنِ أَي أَخِّرُوا، قال: وفيه لغة أُخرى. روي عن الفراء أَنه قال أَرْكَيْت الدَّيْنَ أَي أَخَّرْته، وأَرْكَيْتُ عليَّ دَيْناً ورَكَوْتُه. وفي رواية في الحديث: اتْرُكُوا هَذَيْنِ، من التَّرْكِ. ويروى: ارْهَكُوا، بالهاءُ، أَي كَلَّفُوهُما وأَلْزِمُوهُما، من رَهَكْت الدابَّة إذا حمَلْت عليها في السَّيْر وأَجْهَدْتها. قال أَبو عمرو: يقال للغَريم اركني إلى كذا أَي أَخَّرْني. الأَصمعي: رَكَوْت عليّ الأَمرَ أَي وَرَّكْتَه.
ورَكَوْتُ على فلانٍ الذَّنْبَ أَي وَرَّكْتُه. ورَكَوْتُ بَقِيَّةَ يَوْمي أَي أَقَمْتُ. ابن الأَعرابي: أَرْكَيْتُ لِبَني فلان جُنْداً أي هَيَّأْتُه لهم. وأَرْكَيْتَ عليَّ ذَنْباً لم أَجْنهِ. وقولهم في المثل: صارَتِ القوْسُ رَكْوَةً؛ يُضْرَبُ في الإدْبارِ وانْقِلابِ الأُمور.
وأَرْكَيْتُ إلى فلان: مِلْتُ إليه واعْتَزَيْت. وأَرْكَيْت إليه: لَجَأْت.
وأَنا مُرْتَكٍ على كذا أَي مُعَوِّلٌ عليه، وما لي مُرتَكىً إلا عليكَ.
عليُّ بن حمزة: رَكَوْتُ إلى فلان اعتَزَيْتُ إليه ومِلْتُ إليه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إلى أَيِّما الحَيَّيْنِ تُرْكَوا، فإنَّكُمْثِفالُ الرَّحَى مَنْ تَحْتَها لا يَرِيمُها |
فسر تُرْكَوْا تُنْسَبوا وتُعْزَوْا؛ قال ابن سيده: وعندي أَنّ الرواية إنما هي تُرْكُوا أَو تَرْكُوا أَي تَنْتَسِبوا وتَعْتَزُوا.والرَّكاءُ: اسم موضع، وفي المُحْكم: وادٍ معروف؛ قال لبيد:
فدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ، كمـا |
|
دَعْدَعَ ساقي الأَعاجِمِ الغَرَبا |
قال: وفي بعض النسخ الموثوق بها من كتاب الجمهرة الرِّكاءِ، بالكسر، ويروى بفتح الراء وكسرها، والفتح أَصح، وهو موضع؛ وصفَ ماءَيْن التَقَيا من السَّيْل فمَلآ سُرَّة الرِّكاء كما ملأَ ساقي الأَعاجِم قَدَح الغَرَبِ خمراً. قال ابن بري: الرَّكاء، بالفتح، وادٍ بجانِب نَجْدٍ بينَ البَدِيِّ والكُلابِ، قال: ذكره ابن وَلاَّدٍ في باب المَمْدود والمَفْتوح أَوَّلُه.
غيره: ورِكاءٌ، ممدود، موضع؛ قال:
إذ بالرِّكاء مَجالِسٌ فُسُحُ |
قال ابن سيده: وقضيت على هذه الكلمات بالواو لأَنه ليس في الكلام ر ك ي، وقد ترى سعة باب رَكَوْت. ابن الأَعرابي: رَكاهُ إذا جاوَبَ رَوْكَه، وهو صوتُ الصَّدَى من الجَبل والحَمَّام. والرَّكِيُّ: الضَّعِيف مثلُ الرَّكِيكِ، وقيل: ياؤُه بدل من كاف الرَّكِيكِ، قال: فإذا كان ذلك فليس من هذا الباب. وهذا الأَمرُ أَرْكَى من هذا أَي أَهْوَنُ منه وأَضْعَف؛ قال القُطامي:
وغيرُ حَرْبيَ أَرْكَى مِن تَجَشمِها، |
|
إجَّانَةٌ مِن مُدامٍ شَدَّ ما احْتَدَمـا |
رَكِبَ الدابَّة يَرْكَبُ رُكُوباً: عَلا عليها، والاسم الرِّكْبة، بالكسر، والرَّكْبة مرَّةٌ واحدةٌ. وكلُّ ما عُلِيَ فقد رُكِبَ وارْتُكِبَ. والرِّكْبَةُ، بالكسر: ضَرْبٌ من الرُّكوبِ، يقال: هو حَسَنُ الرِّكْبَةِ.
ورَكِبَ فلانٌ فُلاناً بأَمْرٍ، وارْتَكَبَه، وكلُّ شيءٍ عَلا شيئاً: فقد رَكِبَه؛ ورَكِبَه الدَّيْنُ، ورَكِبَ الهَوْلَ واللَّيْلَ ونحوَهما مثلاً بذلك. ورَكِب منه أَمْراً قبيحاً، وارْتَكَبَه، وكذلك رَكِب الذَّنْبَ، وارْتَكَبَه، كلُّه على المَثَل.
وارْتِكابُ الذُّنوب: إِتْيانُها. وقال بعضُهم: الراكِبُ للبَعِير خاصة، والجمع رُكَّابٌ، ورُكْبانٌ، ورُكُوبٌ. ورجلٌ رَكُوبٌ ورَكَّابٌ، الأُولى عن ثَعْلَب: كثيرُ الرُّكوبِ، والأُنْثَى رَكَّابة.
قال ابن السكيت وغيره: تقول: مَرَّ بنا راكبٌ، إذا كان على بعيرٍ خاصَّة، فإِذا كان الراكبُ على حافِرِ فَرَسٍ أَو حِمارٍ أَو بَغْلٍ، قلت: مَرَّ بنا فارِسٌ على حِمارٍ، ومَرَّ بنا فارسٌ على بغلٍ؛ وقال عُمارة: لا أَقولُ لصاحِبِ الحِمارِ فارسٌ، ولكن أَقولُ حَمَّارٌ. قال ابن بري: قولُ ابنِ السّكيت: مَرَّ بنا راكبٌ، إذا كان على بَعيرٍ خاصَّة، إِنما يُريدُ إذا لم تُضِفْه، فإِن أَضَفْتَه، جاز أَن يكونَ للبعيرِ والحِمارِ والفرسِ والبغلِ، ونحو ذلك؛ فتقول: هذا راكِبُ جَمَلٍ، وراكبُ فَرَسٍ، وراكِبُ حِمارٍ، فإِن أَتَيْتَ بجَمْعٍ يَخْتَصُّ بالإِبِلِ، لم تُضِفْه، كقولك رَكْبٌ ورُكْبان، لا تَقُلْ: رَكْبُ إِبل، ولا رُكْبان إِبل، لأَن الرَّكْبَ والرُّكْبانَ لا يكون إِلا لِرُكَّابِ الإِبِلِ. غيره: وأَما الرُّكَّاب فيجوز إِضافتُه إِلى الخَيْلِ والإِبِلِ وغيرِهما، كقولك: هؤُلاءِ رُكَّابُ خَيْلٍ، ورُكَّابُ إِبِل، بخلافِ الرَّكْبِ والرُّكْبانِ. قال: وأَما قولُ عُمارَة: إِني لا أَقول لراكبِ الحِمارِ فارِسٌ؛ فهو الظاهر، لأَن الفارِسَ فاعلٌ مأْخوذٌ من الفَرَس، ومعناه صاحبُ فَرَسٍ، مثلُ قَوْلِهِم: لابِنٌ، وتامِرٌ، ودارِعٌ، وسائِفٌ، ورامِحٌ إذا كان صاحبَ هذه الأَشْياءِ؛ وعلى هذا قال العنبري:
فَلَيْتَ لِي بهم قَوْماً، إذا رَكِبُوا، |
|
شَنُّوا الإِغارَةَ: فُرْساناً ورُكْبانا |
فجَعَلَ الفُرْسانَ أَصحابَ الخَيْلِ، والرُّكْبانَ أَصحابَ الإِبِلِ، والرُّكْبانُ الجَماعة منهم.
قال: والرُّكْبُ رُكْبانُ الإِبِلِ، اسم للجمع؛ قال: وليس بتكسيرِ راكِبٍ. والرَّكْبُ: أَصحابُ الإِبِلِ في السَّفَر دُونَ الدَّوابِّ؛ وقال الأَخفش: هو جَمْعٌ وهُم العَشَرة فما فوقَهُم، وأُرى أَن الرَّكْبَ قد يكونُ للخَيْل والإِبِلِ. قال السُّلَيْكُ بنُ السُّلَكَة، وكان فرَسُه قد عَطِبَ أَوْ عُقِرَ:
وما يُدْرِيكَ ما فَـقْـرِي إِلَـيْه، |
|
إِذا ما الرَّكْبُ، في نَهْبٍ، أَغاروا |
وفي التنزيل العزيز: والرَّكْبُ أَسْفَلَ منكُم؛ فقد يجوز أَن يكونوا رَكْبَ خَيْلٍ، وأَن يكونوا رَكْبَ إِبِلٍ، وقد يجوزُ أَن يكونَ الجيشُ منهما جميعاً.
وفي الحديث: بَشِّرْ رَكِيبَ السُّعاةِ، بِقِطْعٍ من جهنم مِثْلِ قُورِ حِسْمَى. الرَّكِيبُ، بوزن القَتِيلِ: الراكِبُ، كالضَّريبِ والصريم للضارِبِ والصارِم. وفلانٌ رَكِيبُ فلانٍ: للذي يَرْكَبُ معه، وأَراد برَكِيبِ السُّعاةِ مَنْ يَرْكَبُ عُمَّال الزكاة بالرَّفْعِ عليهم، ويَسْتَخِينُهم، ويَكْتُبُ عليهم أَكثَر مما قبَضُوا، ويَنْسُب إِليهم الظُّلْمَ في الأَخْذِ. قال: ويجوزُ أَن يُرادَ مَنْ يَركَبُ منهم الناسَ بالظُّلْم والغَشْم، أَو مَنْ يَصْحَبُ عُمَّال الجَور، يعني أَن هذا الوَعِيدَ لمن صَحِبَهم، فما الظَّنُّ بالعُمَّالِ أَنفسِهم. وفي الحديث: سَيَأْتِيكُمْ رُكَيْبٌ مُبْغَضُون، فإِذا جاؤُوكُم فرَحِّبُوا بهم؛ يريدُ عُمَّال الزكاة، وجَعَلَهم مُبْغِضِينَ، لِما في نُفوسِ أَربابِ الأَموالِ من حُبِّها وكَراهَةِ فِراقِها. والرُّكَيْبُ: تصغيرُ رَكْبٍ؛ والرَّكْبُ: اسمٌ من أَسماءِ الجَمْعِ كنَفَرٍ ورَهْطٍ؛ قال: ولهذا صَغَّرَه على لفظِه؛ وقيل: هو جمعُ راكِبٍ، كصاحِبٍ، وصَحْبٍ؛ قال: ولو كان كذلك لقال في تصغيره: رُوَيْكِبُونَ، كما يقال: صُوَيْحِبُونَ.
قال: والرَّكْبُ في الأَصْلِ، هو راكبُ الإِبِل خاصَّة، ثم اتُّسِعَ، فأُطْلِقَ على كلِّ مَن رَكِبَ دابَّةً. وقولُ عليٍّ، رضي اللّه عنه: ما كان مَعَنا يومئذٍ فَرَسٌ إِلا فَرَسٌ عليه المِقْدادُ بنُ الأَسْوَدِ، يُصَحِّحُ أَن الرَّكْبَ ههنا رُكّابُ الإِبِلِ، والجمعُ أَرْكُبٌ ورُكوبٌ. والرَّكَبةُ، بالتحريك: أَقَلُّ من الرَّكْبِ.
والأُرْكُوبُ: أَكثرُ من الرَّكْبِ. قال أَنشده ابن جني:
أَعْلَقْت بالذِّئب حَبْلاً، ثم قلت لـه: |
|
إِلْحَقْ بأَهْلِكَ، واسْلَمْ أَيها الـذِّيبُ |
أَما تقولُ به شاةٌ فـيأْكُـلُـهـا، |
|
أَو أَن تَبِيعَهَا في بعضِ الأَراكِيب |
أَرادَ تَبِيعَها، فحَذف الأَلف تَشْبِيهاً لها بالياءِ والواو، لِما بينَهما وبينها من النِّسْبة، وهذا شاذٌّ.
والرِّكابُ: الإِبلُ التي يُسار عليها، واحِدَتُها راحِلَةٌ، ولا واحِدَ لها من لَفْظِها، وجمعها رُكُبٌ، بضم الكاف، مثل كُتُبٍ؛ وفي حديث النبيّ، صلى اللّه عليه وسلم: إذا سافرْتُم في الخِصْب فأَعْطُوا الرِّكابَ أَسِنَّتَها أَي أَمْكِنُوها من المَرْعَى؛ وأَورد الأَزهري هذا الحديث: فأَعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَها.
قال أَبو عبيد: الرُّكُبُ جمعُ الرِّكابِ، ثم يُجمَع الرِّكابُ رُكُباً؛ وقال ابن الأَعرابي: الرُّكُبُ لا يكونُ جمعَ رِكابٍ. وقال غيره: بعيرٌ رَكُوبٌ وجمعه رُكُب، ويُجْمع الرِّكابُ رَكائبَ. ابن الأَعرابي: راكِبٌ ورِكابٌ، وهو نادر. ابن الأَثير: الرُّكُبُ جمعُ رِكابٍ، وهي الرَّواحِلُ من الإِبِلِ؛ وقيل: جمعُ رَكُوبٍ، وهو ما يُركَبُ من كلِّ دابَّةٍ، فَعُولٌ بمعنى مَفْعولٍ.
قال: والرَّكُوبة أَخَصُّ منه.
وزَيْتٌ رِكابيٌّ أَي يُحمل على ظُهورِ الإِبِل من الشَّامِ.
والرِّكابُ للسَّرْجِ: كالغَرْزِ للرَّحْلِ، والجمع رُكُبٌ.
والمُرَكَّبُ: الذي يَسْتَعيرُ فَرَساً يَغْزُو عليه، فيكون نِصْفُ الغَنِيمَةِ له، ونِصْفُها للمُعِيرِ؛ وقال ابن الأَعرابي: هو الذي يُدْفَعُ إِليه فَرَسٌ لبعضِ ما يُصِيبُ من الغُنْمِ؛ ورَكَّبَهُ الفَرَسَ: دفعه إِليه على ذلك؛ وأَنشد:
لا يَرْكَبُ الخَيْلَ، إِلا أَن يُرَكَّبَها، |
|
ولو تَناتَجْنَ مِنْ حُمْرٍ، ومِنْ سُودِ |
وأَرْكَبْتُ الرَّجُلَ: جَعَلْتُ له ما يَرْكَبُه. وأَرْكَبَ المُهْرُ: حان أَن يُرْكَبَ، فهو مُرْكِبٌ. ودابَّةٌ مُرْكِبةٌ: بَلَغَتْ أَنْ يُغْزى عليها. ابن شميل، في كتابِ الإِبِل: الإِبِل التي تُخْرَجُ لِيُجاءَ عليها بالطَّعامِ تسمى رِكاباً، حِين تَخْرُج وبعدَما تَجِيءُ، وتُسَمَّى عِيراً على هاتينِ المَنزِلَتَيْن؛ والتي يُسافَرُ عليها إِلى مَكَّةَ أَيضاً رِكابٌ تُحْمَل عليها المَحامِلُ، والتي يُكْرُون ويَحْمِلُونَ عليها مَتاعَ التُّجَّارِ وطَعَامَهُم، كُلُّها رِكابٌ ولا تُسمّى عِيراً، وإِن كان عليها طعامٌ، إذا كانت مؤاجَرَةً بِكِراءٍ، وليس العِيرُ التي تَأْتي أَهلَها بالطَّعامِ، ولكنها رِكابٌ، والجماعةُ الرَّكائِبُ والرِّكاباتُ إذا كانت رِكابٌ لي، ورِكابٌ لك، ورِكابٌ لهذا، جِئنا في رِكاباتِنا، وهي رِكابٌ، وإِن كانت مَرْعِيَّة؛ تقول: تَرِدُ علينا اللَّيلَةَ رِكابُنا، وإِنما تسمى ركاباً إذا كان يُحَدِّثُ نَفْسَه بأَنْ يَبْعَثَ بها أَو يَنْحَدِرَ عليها، وإِن كانت لم تُرْكَبْ قَطُّ، هذه رِكابُ بَني فلانٍ.
وفي حديث حُذَيْفة: إِنما تَهْلِكُون إذا صِرْتُمْ تَمْشُون الرَّكَباتِ كأَنكم يَعاقِيبُ الحَجَلِ، لا تَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً، ولا تُنْكِرُونَ مُنْكَراً؛ معناه: أَنكم تَرْكَبُون رُؤُوسَكُمْ في الباطِلِ والفتن، يَتْبَعُ بَعْضُكم بعضاً بِلا رَوِيَّةٍ.
والرِّكابُ: الإِبِلُ التي تَحْمِلُ القومَ، وهي رِكابُ القوم إذا حَمَلَتْ أَوْ أُرِيدَ الحَمْلُ عليها، سُمِّيت رِكاباً، وهو اسمُ جَماعَةٍ. قال ابنُ الأَثير: الرَّكْبَة المَرَّة من الرُّكُوبِ، وجَمْعُها رَكَباتٌ، بالتَّحْريك، وهي مَنْصوبة بفِعْلٍ مُضْمَرٍ، هو خالٌ من فاعِلِ تَمْشُون؛ والرَّكَباتِ واقعٌ مَوقِعَ ذلك الفعلِ، مُسْتَغْنىً به عنه، والتقديرُ تَمْشُونَ تَرْكَبُون الرَّكَباتِ، مثلُ قولِهم أَرْسَلَها العِرَاكَ أَي أَرسَلَها تَعْتَرِكُ العِراكَ، والمعنى تَمْشُونَ رَاكِبِينَ رُؤُوسَكُمْ، هائمِينَ مُسْتَرْسِلينَ فيما لا يَنْبَغِي لَكُم، كأَنكم في تَسَرُّعِكُمْ إِليهِ ذُكُورُ الحَجَلِ في سُرْعَتِها وتَهافُتِها، حتى إِنها إذا رَأَت الأُنْثَى مَعَ الصائِد أَلْقَتْ أَنْفُسَها عَلَيْها، حتى تَسْقُط في يَدِه؛ قال ابن الأَثير: هكذا شَرَحَه الزمخشري. قال وقال القُتَيْبي: أَرادَ تَمْضُونَ على وُجُوهِكُمْ من غَيْر تَثَبُّتٍ.
والمَرْكَبُ: الدَّابة. تقول: هذا مَرْكَبي، والجَمْع المراكِبُ.
والمَرْكَبُ: المَصْدَرُ، تَقُول: رَكِبْتُ مَرْكَباً أَي رُكُوباً.
والمَرْكَبُ: الموْضِعُ.
وفي حديث السَّاعَة: لَوْ نَتَجَ رَجُلٌ مُهْراً، لم يُرْكِبْ حتى تَقُومَ السّاعة. يقال: أَرْكَبَ المُهْرَ يُرْكِبُ، فهو مُرْكِبٌ، بكَسْرِ الكاف، إذا حانَ له أَنْ يُرْكَبَ.
والمَرْكَبُ: واحِدُ مَراكِبِ البرِّ والبَحْرِ.
ورُكَّابُ السّفينةِ: الذين يَرْكَبُونَها، وكذلك رُكَّابُ الماءِ.
الليث: العرب تسمي مَن يَرْكَبُ السَّفينة، رُكَّابَ السَّفينةِ. وأَما الرُّكْبانُ، والأُرْكُوبُ، والرَّكْبُ: فراكِبُو الدوابِّ. يقال: مَرُّوا بنَا رُكُوباً؛ قال أَبو منصور: وقد جعل ابن أَحمر رُكَّابَ السفينة رُكْباناً؛ فقال:
يُهِلُّ، بالفَرْقَدِ، رُكْبانُهـا، |
|
كما يُهِلُّ الراكبُ المُعْتَمِرْ |
يعني قوماً رَكِبُوا سفينةً، فغُمَّتِ السماءُ ولم يَهْتَدُوا، فلما طَلَعَ الفَرْقَدُ كَبَّروا، لأَنهم اهْتَدَوْا للسَّمْتِ الذي يَؤُمُّونَه.
والرَّكُوبُ والرَّكوبة من الإِبِلِ: التي تُرْكَبُ؛ وقيل: الرَّكُوبُ كلُّ دابَّة تُركب.
والرَّكُوبة: اسم لجميع ما يُرْكَب، اسم للواحد والجميع؛ وقيل: الرَّكوبُ المَركوبُ؛ والرَّكوبة: المُعَيَّنة للرُّكوبِ؛ وقيل: هي التي تُلْزَمُ العَمَل من جميعِ الدوابِّ؛ يقال: ما لَه رَكُوبةٌ ولا حمولةٌ ولا حلوبةٌ أَي ما يَرْكَبُه ويَحْلُبُه ويَحْمِلُ عليه. وفي التنزيل العزيز: وَذَلَّلناها لهم فمنها رَكُوبُهم ومنها يأْكُلون؛ قال الفراء: اجتمع القُرَّاءُ على فتح الراءِ، لأَن المعنى فمنها يَرْكَبُون، ويُقَوِّي ذلك قولُ عائشة في قراءتها: فمنها رَكُوبَتُهم. قال الأَصمعي: الرَّكُوبةُ ما يَرْكَبون. وناقةٌ رَكُوبةٌ ورَكْبانةٌ ورَكْباةٌ أَي تُرْكَبُ. وفي الحديث: أَبْغِني ناقةً حَلْبانة رَكْبانةً أَي تَصْلُح للحَلْب والرُّكُوبِ، الأَلف والنون زائدتان للمُبالغة، ولتُعْطِيا معنى النَّسَب إِلى الحَلْب والرُّكُوبِ. وحكى أَبو زيدٍ: ناقةٌ رَكَبُوتٌ، وطريقٌ رَكوبٌ: مَرْكُوبٌ مُذَلَّل، والجمع رُكُبٌ، وعَوْدٌ رَكُوبٌ كذلك. وبعير رَكُوبٌ: به آثار الدَّبَر والقَتَب.
وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: فإِذا عُمَرُ قد رَكِبني أَي تَبعَني وجاءَ على أَثَري، لأَنَّ الراكبَ يَسير بسير المَرْكُوبِ؛ يقال: ركِبتُ أَثَره وطريقَه إذا تَبِعْتَه مُلْتَحِقاً به.
والرَّاكِبُ والراكِبةُ: فَسيلةٌ تكونُ في أَعلى النخلة متَدَلِّيةً لا تَبْلُغُ الأَرض. وفي الصحاح: الرَّاكِبُ ما يَنْبُتُ من الفَسِيلِ في جُذوعِ النخلِ، وليس له في الأَرضِ عِرْقٌ، وهي الراكوبةُ والراكوبُ، ولا يقال لها الركَّابةُ، إِنما الركَّابة المرأَة الكثيرةُ الركوب، على ما تقدّم، هذا قول بعض اللُّغَويِّين. وقال أَبو حنيفة: الرَّكَّابة الفَسِيلةُ، وقيل: شبْهُ فَسِيلةٍ تَخْرُجُ في أَعْلَى النَّخْلَةِ عند قِمَّتِها، ورُبَّما حَمَلَتْ مع أُمها، وإِذا قُلِعَت كان أَفضل للأُمِّ، فأَثْبَتَ ما نَفى غيرُه من الرَّكَّابة، وقال أَبو عبيد: سمعت الأَصمعي يقول: إذا كانتِ الفَسِيلة في الجِذْعِ ولم تكن مُسْتَأْرِضةً، فهي من خَسِيسِ النَّخْلِ، والعرب تُسَمِّيها الرَّاكِبَ؛ وقيل فيها الراكوبُ، وجَمْعُها الرَّواكِيبُ. والرِّياحُ رِكابُ السَّحابِ في قولِ أُمَيَّة:
تَرَدَّدُ، والرِّياحُ لها رِكابُ |
وَتَراكَبَ السَّحابُ وتَراكَم: صار بعضُه فَوْقَ بعض. وفي النوادِرِ: يقال رَكِيبٌ من نَخْلٍ، وهو ما غُرِسَ سَطْراً على جَدْوَلٍ، أَو غيرِ جَدْوَلٍ.
ورَكَّبَ الشيءَ: وَضَعَ بَعضَه على بعضٍ، وقد تَرَكَّبَ وتَراكَبَ.
والمُتراكِبُ من القافِيَةِ: كلُّ قافِيةٍ توالت فيها ثلاثة أَحْرُفٍ متحركةٍ بين ساكنَين، وهي مُفاعَلَتُن ومُفْتَعِلُن وفَعِلُنْ لأَنَّ في فَعِلُنْ نوناً ساكنةً، وآخر الحرف الذي قبل فَعِلُنْ نون ساكنة، وفَعِلْ إذا كان يَعْتَمِدُ على حَرْفٍ مُتَحَرِّك نحو فَعُولُ فَعِلْ، اللامُ الأَخيرة ساكنة، والواوُ في فَعُولُ ساكنة.
والرَّكِيبُ: يكون اسماً للمُرَكَّبِ في الشيءِ، كالفَصِّ يُرَكَّب في كِفَّةِ الخاتَمِ، لأَن المُفَعَّل والمُفْعَل كلٌّ يُرَدُّ إِلى فَعِيلٍ. وثَوْبٌ مُجَدَّدٌ جَديدٌ، ورجل مُطْلَق طَلِيقٌ، وشيءٌ حَسَنُ التَّرْكِيبِ. وتقولُ في تَركِيبِ الفَصِّ في الخاتَمِ، والنَّصْلِ في السَّهْم: رَكَّبْتُه فَترَكَّبَ، فهو مُرَكَّبٌ ورَكِيبٌ.
والمُرَكَّبُ أَيضاً: الأَصلُ والمَنْبِتُ؛ تقول فلانٌ كرِيمُ المُرَكَّبِ أَي كرِيمُ أَصلِ مَنْصِبِه في قَوْمِهِ.
ورُكْبانُ السُّنْبُل: سوابِقُه التي تَخْرُجُ من القُنْبُعِ في أَوَّلِه. يقال: قد خرجت في الحَبّ رُكْبانُ السُّنْبُل.
وروَاكِبُ الشَّحْمِ: طَرائِقُ بعضُها فوقَ بعضٍ، في مُقدّمِ السَّنامِ؛ فأَما التي في المُؤَخَّرِ فهي الرَّوادِفُ، واحِدَتُها رَاكِبةٌ ورادِفةٌ.
والرُّكْبَتانِ: مَوْصِلُ ما بينَ أَسافِلِ أَطْرافِ الفَخِذَيْنِ وأَعالي الساقَيْنِ؛ وقيل: الرُّكْبةُ موصِلُ الوظِيفِ والذِّراعِ، ورُكبةُ البعيرِ في يدِهِ. وقد يقال لذواتِ الأَربعِ كُلها من الدَّوابِّ: رُكَبٌ. ورُكْبَتا يَدَيِ البعير: المَفْصِلانِ اللَّذانِ يَليانِ البَطْنَ إذا بَرَكَ، وأَما المَفْصِلانِ الناتِئَانِ من خَلْفُ فهما العُرْقُوبانِ. وكُلُّ ذي أَربعٍ، رُكْبَتاه في يَدَيْهِ، وعُرْقُوباهُ في رِجْلَيه، والعُرْقُوبُ: مَوْصِلُ الوظِيفِ. وقيل: الرُّكْبةُ مَرْفِقُ الذِّراعِ من كلِّ شيءٍ.
وحكى اللحياني: بعيرٌ مُسْتَوْقِحُ الرُّكَبِ؛ كأَنه جعلَ كُلَّ جُزْءٍ منها رُكْبةً ثم جَمَع على هذا، والجمعُ في القِلَّة: رُكْباتٌ، ورُكَبات، ورُكُباتٌ، والكثير رُكَبٌ، وكذلك جَمْعُ كلِّ ما كان على فُعْلَةٍ، إِلا في بناتِ الياءِ فإِنهم لا يُحَرِّكونَ مَوْضِعَ العينِ منه بالضم، وكذلك في المُضاعَفة. والأَرْكَبُ: العظِيمُ الرُّكْبة، وقد رَكِبَ رَكَباً. وبعيرٌ أَرْكَبُ إذا كانت إِحدى رُكْبَتَيْهِ أَعظمَ من الأُخرى.
والرَّكَب: بياضٌ في الرُّكْبةِ.
ورُكِبَ الرجلُ: شَكَا رُكْبته.
ورَكَبَ الرجلُ يَرْكُبُه رَكْباً، مثالُ كَتَب يَكْتُبُ كَتْباً: ضَرَبَ رُكْبَته؛ وقيل: هو إذا ضَرَبَه برُكْبتِه؛ وقيل: هو إذا أَخذ بفَوْدَيْ شَعَرِه أَو بشعرِه، ثم ضَرَبَ جَبْهَتَه برُكْبتِه؛ وفي حديث المُغيرة مع الصديق، رضي اللّه عنهما، ثم رَكَبْتُ أَنفه برُكْبَتِي، هو من ذلك. وفي حديث ابن سيرين: أَما تَعْرِفُ الأَزدَ ورُكَبَها؟ اتَّقِ الأَزدَ، لا يأْخُذوكَ فيركُبُوكَ أَي يَضربُوك برُكَبِهِم، وكان هذا معروفاً في الأَزد.
وفي الحديث: أَن المُهَلَّب بن أَبي صُفْرَةَ دَعا بمُعاويةَ بن أَبي عَمْرو، فجَعَلَ يَرْكُبُه بِرِجْلِه، فقال: أَصلحَ اللّهُ الأَمِير، أَعْفِني من أُمّ كَيْسانَ، وهي كُنْيةُ الرُّكْبة، بلغة الأَزد.
ويقال للمصلِّي الذي أَثر السُّجودُ في جَبْهَتِه بين عَيْنَيْه: مثلُ رُكْبةِ العَنزِ؛ ويقال لكلِّ شَيْئَيْنِ يَسْتَوِيانِ ويَتكافآنِ: هُما كَرُكْبَتَي العنزِ، وذلك أَنهما يَقَعانِ معاً إِلى الأَرض منها إذا رَبَضَتْ.
والرَّكِيبُ: المَشارةُ؛ وقيل: الجَدولُ بين الدَّبْرَتَيْنِ؛ وقيل: هي ما بين الحائطينِ من الكَرْمِ والنَّخْل؛ وقيل: هي ما بين النَّهْرَين من الكرمِ، وهو الظَّهْرُ الذي بين النَّهْرَيْنِ؛ وقيل: هي المَزرعة.
التهذيب: وقد يقال للقَراحِ الذي يُزْرَعُ فيه: رَكِيبٌ؛ ومنه قول تأَبطَ شَرّاً:
فيَوْماً على أَهْلِ المَواشِي، وتارةً |
|
لأَهْلِ رَكِيبٍ ذي ثَمِيلٍ، وسُنْبُلِ |
الثَّمِيلُ: بَقِيَّةُ ماءٍ تَبْقَى بعد نُضُوبِ المياهِ؛ قال: وأَهل الرَّكِيبِ هُم الحُضَّار، والجمعُ رُكُبٌ.
والرَّكَبُ، بالتحريك: العانة؛ وقيل: مَنْبِتُها؛ وقيل: هو ما انحدرَ عن البطنِ، فكان تحتَ الثُّنَّةِ، وفوقَ الفَرْجِ، كلُّ ذلك مذكَّرٌ صرَّح به اللحياني؛ وقيل الرَّكَبانِ: أَصْلا الفَخِذَيْنِ، اللذانِ عليهما لحم الفرج من الرجُل والمرأَة؛ وقيل: الرَّكَبُ ظاهرُ الفَرْج؛ وقيل: هو الفَرْج نَفْسُه؛ قال:
غَمْزَكَ بالكَبْساءِ، ذاتِ الحُوقِ، |
|
بينَ سِماطَيْ رَكَبٍ مَحْلـوقِ |
والجمع أَرْكابٌ وأَراكِيبُ؛ أَنشد اللحياني:
يا لَيْتَ شِعري عَنْكِ، يا غَلابِ، |
|
تَحمِلُ مَعْها أَحْسَنَ الأَركـابِ |
أَصْفَرَ قد خُلِّقَ بـالـمَـلابِ، |
|
كجَبْهةِ التُّركيِّ في الجِلْبـابِ |
قال الخليل: هو للمرأَةِ خاصَّةً. وقال الفراءُ: هو للرجُلِ والمرأَة؛ وأَنشد الفراءُ:
لا يُقْنِعُ الجاريةَ الخِضـابُ، |
|
ولا الوِشَاحانِ، ولا الجِلْبابُ |
من دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الأَرْكابُ، |
|
ويَقْعُدَ الأَيْرُ لـه لُـعـابُ |
التهذيب: ولا يقال رَكَبٌ للرجُلِ؛ وقيل: يجوز أَن يقال رَكَبٌ للرجُلِ.
والرَّاكِبُ: رأْسُ الجَبلِ. والراكبُ: النخلُ الصِّغارُ تخرُج في أُصُولِ النخلِ الكِبارِ.
والرُّكْبةُ: أَصلُ الصِّلِّيانةِ إذا قُطِعَتْ ورَكُوبةٌ ورَكُوبٌ جَميعاً: ثَنِيَّةٌ معروفة صَعْبة سَلَكَها النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم؛ قال:
ولكنَّ كَرّاً، في رَكُوبةَ، أَعْسَرُ |
وقال علقمة:
فإِنَّ المُنَدَّى رِحْلةٌ فرَكُوبُ |
رِحْلةُ: هَضْبةٌ أَيضاً؛ ورواية سيبويه: رِحْلةٌ فرُكوبُ أَي أَن تُرْحَلَ ثم تُرْكَبَ. ورَكُوبة: ثَنِيَّةٌ بين مكة والمدينة، عند العَرْجِ، سَلَكَها النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، في مُهاجَرَتِه إِلى المدينة.
وفي حديث عمر: لَبَيْتٌ برُكْبَةَ أَحبُّ إِليَّ من عَشرةِ أَبياتٍ بالشامِ؛ رُكْبة: موضعٌ بالحِجازِ بينَ غَمْرَةَ وذاتِ عِرْقٍ. قال مالك بن أَنس: يريدُ لطُولِ الأَعْمارِ والبَقاءِ، ولشِدَّةِ الوَباءِ بالشام.
ومَرْكُوبٌ: موضعٌ؛ قالت جَنُوبُ، أُختُ عَمْروٍ ذي الكَلْبِ:
أَبْلِغْ بَني كاهِلٍ عَني مُغَلْـغَـلَةً، |
|
والقَوْمُ مِنْ دونِهِمْ سَعْيا فمَرْكُوبُ |
الرُّكْحُ، بالضم، من الجبل: الركن أَو الناحية المُشْرِفة على الهواء؛ وقيل: هو ما علا عن السَّفْح واتسع. ابن الأَعرابي: رُكْحُ كلِّ شيء جانبُه. والرُّكْحُ أَيضاً: الفِناءُ، وجمعه أَرْكاحٌ ورُكُوحٌ؛ قال أَبو كبير الهذلي:
ولقد تُقِيمُ، إذا الخُصُومُ تَنـافَـدُوا |
|
أَحْلامَهم، صَعَرَ الخَصِيمِ المُجْنِفِ |
حتى يَظَلَّ كأَنـه مُـتَـثَـبِّـتٌ، |
|
بِرُكُوحِ أَمْعَزَ ذي رُيُودٍ مُشْرِفِ |
قال: معناه يَظَلُّ من فَرَقِ أَن يتكلم فُيخْطِئ ويَزِلَّ كأَنه يمشي بِرُكْحِ جبلٍ، وهو جانبه وحرفه، فيخاف أَن يَزِلَّ ويَسْقُط.
ورُكْحة الدار ورُكْحُها: ساحتها؛ وتَرَكَّح فيها: تَوَسَّع.
ويقال: إِن لفلان ساحةً يَتَرَكَّحُ فيها أَي يتوسع. وفي النوادر: تَركَّحَ فلان في المعيشة إذا تصرف فيها. وتَرَكَّحَ بالمكان: تَلَبَّثَ.
ورَكَحَ الساقي على الدلو إذا اعتمد عليها نَزْعاً. والرَّكْحُ: الاعتمادُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
فَصادَفَتْ أَهْيَفَ مثلَ القِدْحِ، |
|
أَجْرَدَ بالدَّلْوِ شَديدَ الرَّكْـحِ |
والرُّكْحَة: البقيَّة من الثريد تبقى في الجَفْنَة. وجَفْنَةٌ مُرْتَكِحَة: مُكْتَنِزة بالثريد.
ورَكَح إِلى الشيء رُكُوحاً: رَكَنَ وأَنابَ؛ قال:
رَكَحْتُ إِليها بعدَما كنت مُجْـمِـعـاً |
|
على وا.... ها، وانْسَبْتُ بالليل فائزا |
وأَرْكَحَ إِليه: استند إِليه. وأَرْكَحْتُ إِليه: لجأْت إِليه؛ يقال: أَرْكَحْتُ ظهري إِليه أَي أَلجأْت ظهري إِليه.
والرُّكُوح إِلى الشيء: الركونُ إِليه.
وفي حديث عمر قال لعمرو بن العاص: ما أُحب أَن أَجعل لك عِلَّةً تَرْكَحُ إِليها أَي ترجع وتلجأُ إِليها؛ يقال: رَكَحْتُ إِليه وأَرْكَحْتُ وارْتَكَحْتُ؛ وأَرْكَحَ إِلى غِنىً، منه على المثل.
والمِرْكاحُ من الرِّحال والسُّروج: الذي يتأَخر فيكون مَرْكَبُ الرجلِ على آخِرَةِ الرَّحْل؛ قال:
كأَنَّ فاه، واللجامُ شاحِـي، |
|
شَرْجا غَبِيطٍ سَلِسٍ مِرْكاحِ |
الجوهري: سَرْجٌ مِركاحٌ إذا كان يتأَخر عن ظهر الفرس، وكذلك الرحل إذا تأَخر عن ظهر البعير.
ابن سيده: والرُّكْحُ أَبيات النصارى، ولست منها على ثقة.
والرَّكْحاءُ: الأَرض الغليظة المرتفعة.
وفي الحديث: لا شُفْعَة في فِناء ولا طريق ولا رُكْحٍ؛ قال أَبو عبيد: الرُّكْحُ، بالضم، ناحية البيت من ورائه كأَنه فضاء لا بناء فيه؛ قال القُطامِيُّ:
أَما تَرَى ما غَشِيَ الأَرْكاحا؟ |
|
لم يَدَعِ الثَّلْجُ لهم وَجـاحـا |
الأَركاح: الأَفنية. والوَجاح: السير، بفتح الواو وضمها وكسرها.
قال ابن بري: الرُّكْحُ جمع رُكْحةٍ مثل بُسْر وبُسْرَة، وليس الرُّكْحُ واحداً، والأَرْكاحُ جمع رُكْحٍ لا رُكْحةٍ؛ وفي الحديث: أَهلُ الرُّكْحِ أَحق برُكْحِهم؛ وقال ابن ميادة:
ومُضَبَّر عَرِد الزِّجاجِ، كأَنه |
|
إِرَمٌ لِعادَ، مُلَزَّزُ الأَرْكـاحِ |
أَراد بعَرِدِ الزِّجاج أَنيابه. وإِرَمٌ: قبر عليه حجارة. ومضبر: يعني رأْساً كأَنه قبر. والأَرْكاحُ: الأَساسُ والأَركان والنواحي؛ قال وروى بعضهم شعر القطامي:
أَلا تَرَى ما غَشِيَ الأَرْكاحا؟ |
قال: وهي بيوت الرُّهْبان؛ قال الأَزهري: ويقال لها الأُكَيْراحُ، قال: وما أُراها عربيَّة.
ركد القوم يَرْكُدون رُكوداً: هدأُوا وسكنوا؛ قال الطرماح:
لها، كُلَّما رِيعَتْ، صلاةٌ ورَكْـدَة |
|
بِمُصْدانَ، أَعْلى اثْنَيْ شمام البوائن |
ورَكَدَ الماءُ والريحُ والسفينةُ والحرُّ والشمسُ إذا قامَ قائمُ الظهيرة. وكل ثابت في مكان: فهو راكد. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه نهى أَن يُبالَ في الماء الراكد ثم يُتوضأَ منه؛ قال أَبو عبيد: الراكد هو الدائم الساكن الذي لا يجري. يقال: رَكَدَ الماءُ رُكُوداً إذا سكن؛ ومنه حديث الصلاة: في ركوعها وسجودها ورُكودها؛ هو السكون الذي يفصل بين حركاتها كالقيام والطمأْنينة بعد الركوع والقَعْدة بين السجدتين وفي التشهد؛ ومنه حديث سعد ابن أَبي وقاص: أَركُدُ بهم في الأُولَيَيْن وأَحْذِفُ في الأَخيرَتَيْن أَي أَسكن وأُطيل القيام في الركعتين الأُولَيين من الصلاة الرباعية، وأُخفِّف في الأَخيرتين. ورَكَدت الريح إذا سكنت فهي راكدة. وركَد الميزان إذا استوى؛ وأَنشد:
وقوّم الميزان حين يَرْكُد، |
|
هذا سميريٌّ، وهذا مولد |
قال: هما درهمان. ورَكَد العَصير من العنب: سَكَن غَلَيانه. وكل ما ثبت في شيء، فقد رَكَد. والرواكِدُ: الأَثافي، مشتق من ذلك لثباتها. ورَكَدت البكرة: ثبتت ودارت، وهو ضد؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كما رَكَدَتْ حَوَّاءُ، أُعْطِيَ حُكْمَه |
|
بها القَيْنُ من عُودٍ، تَعَلَّلَ جاذبه |
ثم فسره فقال: ركدت؛ وتكون بمعنى وقفت، يعني بَكْرة من عود. والقين:العامل.
والمَراكِدُ: المواضع التي يَرْكُدُ فيها الإِنسان وغيره. والمراكد: مَغامِض الأَرض؛ قال أُسامة بن حبيب الهذلي يصف حماراً طردته الخيل فَلَجأَ إِلى الجبال في شعابها وهو يرى السماء طرائق: أَرَتْهُ من الجَرْباء في كلِّ موطن طِباباً، فَمثْواهُ، النهارَ، المراكِدُ وجفنة رَكُود: ثقيلة مملوءة؛ وأَنشد:
المُطْعِمِينَ الجَفْنَةَ الرَّكُودا، |
|
ومَنعُوا الرَّيْعانَة الرَّفودا |
يعني بالرَّيْعانة الرَّفود: ناقة فَتِيَّة تُرِفدُ أَهلها بكثرة لبنها.
الرَّكْزُ: غَرْزُكَ شيئاً منتصباً كالرمح ونحوه تَرْكُزُه رَكْزاً في مَرْكَزِه، وقد رَكَزَه يَرْكُزُه ويَرْكِزُه رَكْزاً ورَكَّزَه: غَرَزَه في الأَرض؛ أَنشد ثعلب:
وأَشْطانُ الرِّماحِ مُرَكَّزاتٌ |
|
وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلُولُ |
والمَراكِزُ: منابت الأَسنان. ومَرْكَزُ الجُنْدِ: الموضع الذي أُمروا أَن يلزموه وأُمروا أَن لا يَبرَحُوه. ومَرْكَزُ الرجل: موضعُه. يقال: أَخَلَّ فلانٌ بِمَرْكَزِه.
وارْتَكَزْتُ على القوس إذا وضعت سِيَتَها بالأَرض ثم اعتمدت عليها.
ومَرْكَزُ الدائرة: وَسَطُها.
والمُرْتَكِزُ الساقِ من يلبس النبات: الذي طار عنه الورق.
والمُرْتَكِزُ من يابس الحشيش: أَن ترى ساقاً وقد تطاير عنها ورقها وأَغصانها.ورَكَزَ الحَرُّ السَّفا يَرْكُزه رَكْزاً: أَثبته في الأَرض؛ قال الأَخطل:
فلما تَلَوَّى في جَحافِلِه السَّفا |
|
وأَوْجَعَه مَرْكُوزُه وذَوابِلُهْ |
وما رأَيت له رِكْزَةَ عَقْلٍ أي ثَباتَ عقل. قال الفراء: سمعت بعض بني أَسد يقول: كلمت فلاناً فما رأَيت له رِكْزَةً؛ يريد ليس بثابت العقل.
والرِّكْزُ: الصوتُ الخفيُّ، وقيل: هو الصوت ليس بالشديد. قال وفي التنزيل العزيز: أَو تَسْمَعُ لهم رِكْزاً؛ قال الفراء: الرِّكْزُ الصوت، والرِّكْز: صوت الإِنسان تسمعه من بعيد نحو ركز الصائد إذا ناجَى كلابَهُ؛ وأَنشد:
وقد تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِـرٌ نَـدُسٌ |
|
بنَبْأَةِ الصَّوْتِ، ما في سَمْعِه كَذِب |
وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: فَرَّتْ من قَسْوَرَةٍ، قال: هو رِكْز الناس، قال: الرِّكْزُ الحِسُّ والصوت الخفي فجعل القَسْوَرَةَ نفسها رِكْزاً لأَن القسورة جماعة الرجال، وقيل: هو جماعة الرُّماة فسماهم باسم صوتهم، وأصلها من القَسْرِ، وهو القَهْرُ والغلبة، ومنه قيل للأَسد قَسْوَرَةٌ. والرِّكازُ: قِطَعُ ذهب وفضة تخرج من الأَرض أَو المعدن. وفي الحديث: وفي الرِّكازِ الخُمْسُ. وأَرْكَزَ المَعْدِنُ: وُجِدَ فيه الرِّكاز؛ عن ابن الأَعرابي. وأَرْكَزَ الرجلُ إذا وَجد رِكازاً. قال أَبو عبيد: اختلف أَهل الحجاز والعراق، فقال أَهل العراق: في الرِّكاز المعادنُ كلُّها فما استخرج منها من شيء فلمستخرجه أَربعة أَخماسه ولبيت المال الخمس، قالوا: وكذلك المالُ العادِيُّ يوجد مدفوناً هو مثل المعدن سواء، قالوا: وإِنما أَصل الركاز المعدنُ والمالُ العادِيُّ الذي قد ملكه الناس مُشَبَّه بالمعدن، وقال أَهل الحجاز: إِنما الركاز كنوز الجاهلية، وقيل: هو المال المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الإِسلام، فأَما المعادن فليست بركاز وإِنما فيها مثل ما في أَموال المسلمين من الركاز، إذا بلغ ما أَصاب مائتي درهم كان فيها خمسة دراهم وما زاد فبحساب ذلك، وكذلك الذهب إذا بلغ عشرين مثقالاً كان فيه نصف مثقال، وهذان القولان تحتملهما اللغة لأَن كلاًّ منهما مركوز في الأَرض أَي ثابت. يقال: رَكَزَهُ يَرْكُزُهُ رَكْزاً إذا دفنه، والحديث إِنما جاءَ على رأْي أَهل الحجاز، وهو الكنز الجاهلي، وإِنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أَخذه. وروى الأَزهري عن الشافعي أَنه قال: الذي لا أَشك فيه أَن الرِّكاز دَفِينُ الجاهلية، والذي أَنا واقف فيه الركاز في المعدن والتِّبْر المخلوق في الأَرض. وروي عن عمرو بن شعيب أَن عبداً وجد رِكْزَةً على عهد عمر، رضي الله عنه، فأَخذها منه عمر؛ قال ابن الأَعرابي: الرِّكازُ ما أخرج المعدنُ وقد أَرْكَزَ المعدنُ وأَنالَ،وقال غيره: أَرْكَزَصاحِبُ المعدن إذا كثر ما يخرج منه له من فضة وغيرها. والرِّكازُ: الاسم، وهي القِطَع العِظام مثل الجلاميد من الذهب والفضة تخرج من المعادن، وهذا يُعَضِّدُ تفسير أَهل العراق. قال: وقال الشافعي يقال للرجل إذا أَصاب في المعدن البَدْرَةَ المجتمعة: قد أَرْكَزَ.
وقال أَحمد بن خالد: الرِّكازُ جمع، والواحدة رِكْزَةٌ، كأَنه رُكِزَ في الأَرض رَكْزاً، وقد جاءَ في مسند أَحمد بن حنبل في بعض طرق هذا الحديث: وفي الرَّكائزِ الخُمْسُ، كأَنها جمع رَكِيزَة أَو رِكازَةٍ.
والرَّكِيزة والرِّكْزَةُ: القطعةُ من جواهر الأَرض المركوزةُ فيها.
والرِّكْزُ: الجل العاقل الحليم السخي. والرِّكْزَة: النخلة التي تُقْتلَعُ عن الجِذْعِ؛ عن أَبي حنيفة. قال شمر: والنخلة التي تنبت في جذع النخلة ثم تحوَّل إِلى مكان آخر هي الرِّكْزَة. وقال بعضهم: هذا رِكْزٌ حَسَنٌ وهذا وَدِيٌّ حَسَنٌ وهذا قَلْعٌ حسن. ويقال: رِكْزُ الوَدِيِّ والقَلْعِ.
ومَرْكُوزٌ: اسم موضع؛ قال الراعي:
بأَعْلامِ مَرْكُوزٍ فَعَنْزٍ فَـغُـرَّبٍ |
|
مَغانِيُّ أُمّ الوَرْدِ، إِذْ هي ما هيا |
الرِّكْسُ: الجماعة من الناس، وقيل: الكثير من الناس، والرِّكْسُ شبيه بالرَّجِيع. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أُتيَّ برَوْثٍ في الاستنجاء فقال: إِنه رِكْسٌ؛ قال أَبو عبيد: الرِّكْسُ شبيه المعنى بالرجيع. يقال: رَكَسْتُ الشيء وأَرْكَسْتُه إذا رَدَدْتَه ورَجَعْتَه، وفي رواية: إِنه رَكِيس، فعيل بمعنى مفعول؛ ومنه الحديث: اللهم أَركِسْهما في الفتنة رَكْساً؛ والرَّكْسُ: قلبُ الشيء على رأْسه أَو ردُّ أَوله على آخره؛ رَكَسَه يَرْكُسُه رَكْساً، فهو مَرْكوس ورَكِيسٌ، وأَرْكَسَه فارْتَكَس فيهما. وفي التنزيل: واللَّه أَرْكَسهم بما كسَبوا؛ قال الفراء: يقول رَدَّهم إِلى الكفر، قال: ورَكَسهم لغة. ويقال: رَكَسْتُ الشيء وأَرْكَسْتُه لغتان إذا رَدَدْتَه. والاْرتِكاسُ: الارتداد. وقال شمر:بلغني عن ابن الأَعرابي أَنه قال المَنْكُوس والمَرْكُوس المُدْبر عن حاله. والرَّكْسُ: ردُّ الشيء مقلوباً. وفي الحديث: الفِتَنُ تَرْتَكِسُ بين جراثيم العرب أَي تَزْدَحِمُ وتتردد. والرَّكِيسُ أَيضاً: الضعيف المُرْتَكِسُ؛ عن ابن الأَعرابي.وارْتَكَسَتِ الجارية إذا طلع ثَدْيُها، فإِذا اجتمع وضَخُمَ فقد نَهَدَ.والرَّاكِسُ: الهادي، وهو الثور الذي يكون في وَسَطِ البَيْدَرِ عند الدِّياسِ والبقر حوله تدور ويَرْتَكِسُ هو مكانه، والأُنثى راكسة. وإِذا وقع الإِنسان في أَمر ما نجا منه قيل: ارْتَكَسَ فيه. الصحاح: ارْتَكَسَ فلانٌ في أَمر كان قد نجا منه. والرَّكُوسِيَّةُ: قوم لهم دين بين النصارى والصابئين. وفي حديث عديّ بن حاتم: أَنه أَتى النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، فقال له النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: إِنك من أَهل دين يقال لهم الرَّكُوسِيَّة؛ وروي عن ابن الأَعرابي أَنه قال: هذا من نعت النصارى ولا يعرّب. والرِّكْسُ، بالكسر: الجِسْرُ؛ وراكِسٌ في شعر النابغة:
وعِيدُ أَبي قابُوسَ في غيرِ كُنْهه |
|
أَتاني، ودوني راكِسٌ فالضَّواجِعُ |
اسم واد. وقوله في غير كنهه أَي لم أَكن فعلت ما يوجب غضبه عليَّ فجاء وعيده في غير حقيقة أَي على غير ذنب أَذنبته. والضواجع: جمع ضاجعة، وهو مُنْحَنَى الوادي ومُنْعَطَفُه.
رَكَضَ الدابةَ يَرْكُضُها رَكْضاً: ضرَب جَنْبَيْها برجله.
ومِرْكَضةُ القَوْس: معروفة وهما مِرْكَضَتانِ؛ قال ابن بري: ومِرْكَضا القَوْس جانباها؛ وأَنشد لأَبي الهيثم التَّغْلَبِيّ:
لنا مَسائِحُ زُورٌ، في مَراكِضِها |
|
لِينٌ، وليس بها وهْيٌ ولا رَقَقُ |
ورَكَضَتِ الدابةُ نفسُها، وأَباها بعضُهم. وفلان يَرْكُضُ دابّتَه: وهو ضَرْبُه مَرْكَلَيْها برِجْليْه، فلما كثر هذا على أَلسنتِهِم استعملوه في الدوابِّ فقالوا: هي تَرْكُضُ، كأَنّ الرَّكْضَ منها. والمَرْكَضانِ: هما موضع عَقِبَي الفارس من مَعَدَّي الدابّة.
وقال أَبو عبيد: أَرْكَضَتِ الفَرسُ، فهي مُرْكِضةٌ ومُرْكِضٌ إذا اضطَرَبَ جَنِينُها في بطنها؛ وأَنشد:
ومُرْكِضةٌ صَرِيحيٌّ أَبُوها، |
|
يُهانُ له الغُلامةُ والغُلامُ |
ويروى ومِرْكَضةٌ، بكسر الميم، نَعَت الفرس أَنها رَكّاضةٌ تركُض الأَرض بقوائمها إذا عَدَت وأَحضَرَت. الأَصمعي: رُكِضَتِ الدابةُ، بغير أَلف، ولا يقال رَكَضَ هو، إِنما هو تحريكك إِياه، سار أَو لم يَسِرْ؛ وقال شمر: قد وجدنا في كلامهم رَكَضتِ الدابةُ في سيرها ورَكَضَ الطائرُ في طَيَرانه؛ قال الشاعر:
جَوانِح يَخْلِجْنَ خَلْجَ الظّبا ءِ |
|
يَرْكُضْنَ مِيلا ويَنْزِعْنَ مِيلا |
وقال رؤبة:
والنَّسْرُ قد يَرْكُضُ وهْو هافي |
أَي يضرب بجناحيه. والهافي: الذي يَهْفُو بين السماء والأَرض. ابن شميل: إِذا ركب الرجل البعير فضرب بعقبيه مَرْكَلَيْه فهو الرَّكْضُ والرَّكْلُ. وقد رَكَضَ الرجلُ إذا فَرَّ وعَدا. وقال الفراء في قوله تعالى: إذا هم منها يَرْكُضون لا تَرْكُضوا وارجِعُوا؛ قال: يَرْكُضون يَهْرُبون ويَنْهَزِمُون ويَفِرُّون، وقال الزجاج: يَهْرُبون من العذاب. قال أَبو منصور: ويقال رَكَضَ البعيرُ برجله كما يقال رَمَحَ ذو الحافِرِ برجله، وأَصل الرَّكْضِ الضرْبُ. ابن سيده: رَكَضَ البعير برجله ولا يقال رَمَح. الجوهري: ركضَه البعير إذا ضربَه برجله ولا يقال رَمَحه؛ عن يعقوب. وفي حديث ابن عمرو بن العاص: لَنَفْسُ المؤْمِن أَشدُّ ارْتِكاضاً على الذَّنْبِ من العُصْفور حين يُغْدَفُ أَي أَشدُّ اضطِراباً وحركةً على الخطيئة حِذارَ العذاب من العصفور إذا أُغْدِف عليه الشّبَكةُ فاضطَرَب تحتها.
ورَكَضَ الطائرُ يَرْكُضُ رَكْضاً: أَسرَعَ في طَيَرانِه؛ قال:
كأَنّ تَحْتِي بازِياً رَكّاضا |
فأَما قول سلامة بن جندل:
وَلَّى حَثِيثاً، وهذا الشَّيْبُ يَتْبَعُه، |
|
لو كانَ يُدرِكُه رَكْض اليعاقِيبِ |
فقد يجوز أَنْ يَعْني باليَعاقِيبِ ذكور القَبَج فيكون الرَّكْضُ من الطَّيران، ويجوز أَن يعني بها جِيادَ الخيل فيكون من المشي؛ قال الأَصمعي: لم يقل أَحد في هذا المعنى مثل هذا البيت. ورَكَضَ الأَرضَ والثوبَ: ضرَبَهما برجله. والرَّكْضُ: مشي الإِنسان برجليه معاً. والمرأَة تَرْكُضُ ذُيُولَها برجليها إذا مشت؛ قال النابغة:
والرَّاكِضاتِ ذُيُولَ الرَّيط، فَنَّقَها |
|
بَرْدُ الهَواجِرِ كالغِزْلانِ بالجَرِدِ |
الجوهري: الرَّكْضُ تحريك الرجل؛ ومنه قوله تعالى: ارْكُضْ برجلك هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَراب. ورَكَضْتُ الفَرَس برجلي إذا استحثثته لِيَعْدُوَ، ثم كثر حتى قيل رَكَضَ الفَرَسُ إذا عَدا وليس بالأَصل، والصواب رُكِضَ الفرَسُ، على ما لم يُسمَّ فاعله، فهو مركوضٌ. وراكَضْتَ فلاناً إذا أَعْدَى كل واحد منكما فَرَسَه. وتَراكَضُوا إِليه خَيْلَهم. وحكى سيبويه: أَتَيْتُه رَكْضاً، جاؤوا بالمصدر على غير فعل وليس في كل شيء، قيل: مثل هذا إِنما يحكى منه ما سُمِعَ.
وقَوْسٌ رَكُوضٌ ومُرْكِضةٌ أَي سريعةُ السهْم، وقيل: شديدة الدَّفْع والحَفْزِ للسّهم؛ عن أَبي حنيفة تَحْفِزُه حَفْزاً؛ قال كعب بن زهير:
شَرِقاتٍ بالسمِّ مِنْ صُلَّـبِـيٍّ، |
|
ورَكُوضاً من السِّراءِ طَحُورا |
ومُرْتَكضُ الماء: موضع مَجَمِّه. وفي حديث ابن عباس في دم المستحاضة: إِنما هو عِرْقٌ عانِدٌ أَو رَكْضةٌ من الشيطان؛ قال: الرَّكْضةُ الدَّفْعةُ والحركة؛ وقال زهير يصف صقراً انقضّ على قطاة:
يَرْكُضْنَ عند الزُّنابى، وهْيَ جاهِدةٌ، |
|
يكاد يَخْطَفُها طَوْراً وتَهْتَـلِـكـئ |
قال: رَكْضُها طَيَرانُها؛ وقال آخر:
ولَّى حَثِيثاً، وهذا الشَّيْبُ يَطْلُبُه، |
|
لو كانَ يُدْرِكُه رَكْضُ اليَعاقِيبِ |
جعل تصفيقها بجناحَيْها في طَيَرانها رَكْضاً لاضطرابها. قال ابن الأَثير: أَصل الرَّكْضِ الضرْبُ بالرجل والإِصابة بها كما تُرْكَضُ الدابةُ وتُصاب بالرجل، أَراد الإِضْرار بها والأَذى، المعنى أَن الشيطان قد وجد بذلك طريقاً إِلى التلبيس عليها في أَمر دينها وطُهْرها وصلاتها حتى أَنساها ذلك عادتها، وصار في التقدير كأَنه يَرْكُض بآلة من رَكَضاته. وفي حديث ابن عبد العزيز قال: إِنا لما دَفَنّا الوليد رَكَضَ في لحده أَي ضرب برجله الأَرض.
والتَّرْكَضَى والتِّرْكِضاءُ: ضَرْبٌ من المَشْي على شكل تلك المِشْيةِ، وقيل: مِشْية التَّرْكَضَى مِشْية فيها تَرَقُّلٌ وتَبَخْتُر، إذا فتحت التاء والكاف قَصَرْتَ، وإِذا كسرتهما مَدَدْتَ.
وارتَكَضَ الشيء: اضطَرَب؛ ومنه قول بعض الخطباء: انتقضت مِرَّتُه وارتَكَضَتْ جِرَّتُه. وارتكَضَ فلان في أَمره: اضطَرَب، وربما قالوا رَكَضَ الطائِرُ إذا حرك جناحيه في الطَّيَران؛ قال رؤبة:
أَرَّقَنِي طارقُ هَـمٍّ أَرَّقَـا، |
|
ورَكْضُ غِرْبانٍ غَدَوْنَ نُعَّقا |
وأَركَضَتِ الفرس: تحرّك ولدها في بطنها وعَظُم؛ وأَنشد ابن بري لأَوس بن غَلْفاءَ الهُجَيْمِي:
ومُرْكِضةٌ صرِيحيٌّ أَبُوها، |
|
نُهانُ لها الغُلامةُ والغُلامُ |
وفلان لا يَرْكُضُ المِحْجَنَ؛ عن ابن الأَعرابي، أَي لا يَمْتَعِضُ من شيء ولا يَدْفَعُ عن نفسه.
والمِرْكَضُ: مِحْراثُ النار ومِسْعَرُها؛ قال عامر ابن العَجْلانِ الهذلي:
تَرَمَّضَ من حَرّ نَـفّـاحةٍ، |
|
كما سُطِحَ الجَمْرُ بالمِرْكَضِ |
ورَكّاضٌ: اسم، واللّه أَعلم.
الرُّكوع: الخُضوع؛ عن ثعلب. رَكع يَرْكَع رَكْعاً ورُكُوعاً: طَأْطأَ رأْسَه. وكلُّ قَوْمة يتلوها الركوع والسجْدتان من الصلوات، فهِي رَكْعة؛ قال:
وأُفْلِتَ حاجِبٌ فَوْتَ العَوالـي |
|
على شَقّاء تَرْكَعُ في الظِّرابِ |
ويقال: رَكع المُصلّي ركعة وركعتين وثلاث رَكعات، وأَما الرُّكوع فهو أَن يَخْفِض المصلي رأْسه بعد القَوْمة التي فيها القِراءة حتى يطمئن ظهره راكعاً؛ قال لبيد:
أَدِبُّ كأَنِّي كُلَّما قُمْتُ راكِع |
فالرّاكِعُ: المنحني في قول لبيد. وكلُّ شيء يَنْكَبُّ لوجهه فَتَمسُّ ركبتُه الأَرضَ أَو لا تمسها بعد أَن يخفض رأْسه، فهو راكع. وفي حديث علي، كرم الله وجهه، قال: نَهاني أَن أَقرأَ وأَنا راكع أَو ساجد؛ قال الخطابي: لما كان الركوع والسجود، وهما غاية الذُّلِّ والخُضوع، مخصوصين بالذكر والتسبيح نهاه عن القراءة فيهما كأَنه كَرِه أَن يجمع بين كلام الله تعالى وكلام الناس في مَوْطِن واحد فيكونا على السَّواء في المَحَلِّ والمَوْقِع؛ وجمع الرّاكع رُكَّع ورُكُوع، وكانت العرب في الجاهلية تسمي الحَنِيف راكعاً إذا لم يَعْبُد الأَوثان وتقول: رَكَع إِلى الله؛ ومنه قول الشاعر:
إِلى رَبِّه رَبِّ البَرِيّةِ راكِع |
ويقال: ركَع الرجل إذا افْتَقَرَ بعد غِنىً وانْحَطَّت حالُه؛ وقال:
ولا تُهِينَ الفَقِيرَ، عَـلَّـكَ أَن |
|
تركَعَ يَوْماً، والدهْرُ قد رَفَعَهْ |
أَراد ولا تُهِينَن فجعل النون أَلفاً ساكنة فاستقبلها ساكن آخر فسقطت.
والرُّكوع: الانحناء، ومنه رُكوع الصلاة، وركَع الشيخُ: انحنى من الكِبَر، والرَّكْعةُ: الهُوِيُّ في الأَرض، يمانية. قال ابن بري: ويقال ركَع أَي كَبا وعَثَر؛ قال الشاعر:
وأُفلت حاجب فَوْتَ العَوالي |
وأَورد البيت.
قال شمر: تقول العرب ارْتَكَفَ الثلْجُ إذا وقع فثبت كقولك بالفارسية بِبَسْتْ.
الرَّكِيكُ والرُّكاكةُ والأَرَكّ من الرجال: الفَسْل الضعيف في عقله ورأْيه، وقيل: الرَّكِيكُ الضعيف فلم يقيد، وقيل: الذي لا يَغار ولا يَهابُه أهلُه، وكله من الضعف. وامرأَة رُكاكةً وركِيكة، وجمعها ركاك، وقد رَكّ يَرِكّ رَكاكةً. واسْتَرَكَّه: استضعفه. ورَكَّ عقلُه ورأيُه وارْتَكَّ: نقص وضعف.
والمُرْتَكّ: الذي تَراه بليغاً وحده، فإذا وقع في خصومة عَيِيَ، وقد ارْتَكّ. وسكران مُرْتَكّ إذا لم يبين كلامه. والرَّكْرَكةُ: الضعف في كل شيء. ورَكّ الشيءُ أَي رقّ وضعف؛ ومنه قولهم: اقطعْه من حيث رَكّ، والعامة تقول: من حيث رَقّ؛ وثوب رَكِيكُ النسج. ويقال: رَكّ الرجل المرأَة يرُكّها وبَكّها بَكّاً ودَكّها دَكّاً إذا جهدها في الجماع؛ قالت خِرْنقِ بنت عَبْعَبَة تهجو عبد عمرو بن بشر:
ألا ثكِلَتْكَ أُمُّكَ، عَبْدَ عَمْـروٍ، |
|
أَبا الخزياتِ، آخَيْتَ المُلوكا |
هُمُ رَكُّوكَ للورِكَـيْنِ رَكّـاً، |
|
ولو سَأَلوك أَعطيتَ البُرُوكا، |
أَبو زيد: رجل ركيك ورُكاكة إذا كان النساء يستضعفنهُ فلا يَهَبْنَه ولا يَغار عليهن، واسْتَرْكَكْتُه إذا استضعفته؛ قال القطامي يصف أَحوال الناس:
تَرَاهم يَغْمِزُون من اسْتَرَكّوا، |
|
ويَجْتَنبون مَنْ صَدَقّ المِصاعا |
وفي الحديث: أَنه لعن الرُّكاكةَ، وهو الدَّيّوث الذي لا يغَار على أَهله، سماه رُكاكةً على المبالغة في وصفه بالرَّكاكة وهو الضعف. وفي الحديث:إن الله يبغض السلطان الرُّكاكةَ أَي الضعيف. وورد: إنه يبغض الولاةَ الرَّكَكَة؛ هو جمع رَكِيكٍ مثل ضَعِيف وضَعَفة.
والرِّكُّ والرَّكُّ: المطر القليل، وفي التهذيب: مطر ضعيف، وقيل: هو فوق الرَّشِّ. وقال ابن الأعرابي: أَول المطر الرَّشّ ثم الطَّشّ ثم البَغْش ثم الرَّك، بالكسر، والجمع أَرْكاك ورِكاك؛ وجمعه الشاعر رَكائك فقال:
توَضِّحْنَ في قَرْنِ الغَزالةِ، بعدما |
|
تَرَشَّفْن ذَرَّاتِ اللذِّهاب الرَّكائِكِ |
والرَّكِيكةُ من المطر: كالرَّكّ. وقد أَرَكَّت السماء أَي جاءت بالركّ؛ ورَكَّكَت السحابة، وأَرض مُرَكٌّ عليها ورَكيكة. ابن الأعرابي. قيل لأعرابي ما مَطَرَة أرضِك؟ فقال: مركَّكَةٌ فيها ضروس وثَرْد يَذُرُّ بَقْلَه ولا يُقَرِّحُ، قال: والثَّرْدُ المطر الضعيف. الليث: الرَّكاكةُ مصدرالرَّكيكِ وهو الثقليل. اللحياني: أَرَكّت الأَرض تُرِكّ فهي مِرِكَّة وأُرِكَّتْ، على ما لم يسم فاعله، فهي مُرَكَّة إذا أَصابها الرِّكاكُ من الأمطار. ابن شميل: الرِّكّ المكان المضْعُوف الذي لم يمطر إلا قليلاً.
يقال: أَرض رِكّ لم يصبها مطر إلاضعيف. ومطر رِكّ: قليل ضعيف. وأَرض مُرَكَّكة ورَكِيكة: أَصابها رِكّ وما بها مرتع إلا قليل. قال شمر: وكل شيء قليل دقيق من ماء ونبت وعلم، فهو رَكيك. وفي الحديث: أَن المسلمين أَصابهم يوم حُنين رِكّ من مطر؛ هو، بالكسر والفتح، المطر الضعيف. ورجل رَكيك العلم: قليله. ورَكيك العقل: قليله؛ وقوله أنشده ابن الأَعرابي:
وقد جَعَل الرَّكُّ الضعيفُ يُسِيلني |
|
إِليك، ويُشْريكَ القليلُ فتَغْـلَـقُ |
ومعناه: أَنه إذا أَتاك عني شيء قليل غضبت، وأَنا كذلك، فمتى نتفق؟ ورَكَّ الأَمرَ يَرُكُّه رَكّاً: رد بعضه على بعض. ورَكَكْتُ الشيء بعضَه على بعضٍ إذا طرحته؛ ومنه قول رؤبة:
فنَجِّنا من حَبْس حاجاتٍ ورَكّْ، |
|
فالذُّخْرُ منها عندنا، والأَجْرُ لَكْ |
والرَّكْراكةُ: المرأَة الكبيرة العجز والفخذين. وقولهم في المثل: شحمةُ الرُّكَّى، على فُعْلى، وهو الذي يذوب سريعاً، يضرب لمن لا يُعِينُك في الحاجات. وسقاء مَرْكوك: قد عُولِج وأُصْلِح.
والرَّكَّاءُ: الصيحة التي تُجيبك من الجبل كأَنها تردّ عليك صوتك وتحاكي ما به نطقتَ. والرَّكّ: إلزامُك الإنسانَ الشيء، تقول: رَكَكْتُ الحق في عنقه، ورَكَّ هذا الأَمرَ في عنقه يَرُكُّه رَكّاً. ورَكَّ الأغلالَ في أَعناقهم: أَلزمها إياها. ورَكَّت الأَغلالُ في أعناقهم. ورَكَكْت الغُلَّ في عنقه أَرُكُّه رَكّاً إذا غللت يده إلى عنقه. ورَكَكْتُ الذَّنْب في عنقه إذا أَلزمته إياها. ورَكّ الشيءَ بيده، فهو مَرْكوك ورَكِيكٌ:غمزه ليعرف حجمه. ومر يَرْتَكُّ أَي يَرْتَجُّ، وزعم يعقوب أَنه بدل. ابن الأعرابي: ائتَزَرَ فلان إزْرَة عَكَّ وَكَّ، وهو أَن يسبل طرفي إزاره؛ وأَنشد:
إن زُرْتَه تجده عَكَّ وَكَّـا |
|
مِشْيَتُه في الدار هاكَ رَكّا |
قال: هاكَ رَكّ حكاية لتبختره؛ وفي رواية:
إزْرَته تجده عَكّ وَكّا |
قال: وكذا أَنشده الجوهري في ترجمة عكك؛ وهذا الرجز ذكره ابن بري في أَماليه:
إن زُرْتَهُ تجده عَكَّ بَكّا |
وروى فيه: إن زرته أَيضاً، وقال: العَكُّ الصلب والبَك دق العنق.
ورَكَكٌ: ماء؛ وزعم الأَصمعي أَنه رَكّ وأَن زهيراً لم تستقم له القافية بِرَكٍ فقال رَكَك حين قال:
ثم اسْتَمرُّوا وقالوا: إنَّ مَوْعِدَكُـم |
|
ماءٌ بشَرْقِيِّ سَلْمى، فَيْدُ أَو رَكَكُ |
فأَظهر التضعيف ضرورة. وقال مرة: سأَلت أَعرابيّاً عن رَكَكٍ من قوله فَيْدُ أَو رَكَكُ فقال: بلى قد كان هنالك ماء يقال له رَكّ. ابن الأعرابي.كَرْكَرَ إذا انهزم، ورَكْرَكَ إذا جبن، والله أَعلم.
الرَّكل: ضَرْبُك الفرسَ برِجْلِك ليَعْدُوَ. والرَّكْل: الضرب برجلْ واحدة، رَكَلَهُ يَرْكُله رَكْلاً. وقيل: هو الركض بالرِّجل، وتَرَاكَلَ القومُ. والمِركَل: الرِّجْل من الراكب. والمَرْكَل: الطريق.
والمَرْكَل من الدابة: حيث تُصيب برِجْلك. الجوهري: مَراكِلُ الدابة حيث يَرْكُلها الفارس برجله إذا حركه للرَّكْض، وهما مَرْكَلان؛ قال عنترة:
وحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْل الشَّوَى |
|
نَهْدٍ مراكِلُه، نَبِيلِ الـمـحْـزِم |
أَي أَنه واسع الجوف عظيم المراكل. والمَرْكَلانِ من الدابة: هما موضعا القُصْرَيَيْن من الجنبين، ولذلك يقال فَرَس نَهْدُ المَراكِل.
والتَّرَكُّل كما يَحْفِر الحافر بالمِسْحاة إذا تَرَكَّل عليها برِجْله. وأَرض مُرَكَّلة إذا كُدَّت بحوافر الدواب؛ ومنه قول امرئ القيس يصف الخيل:
مِسَحٌّ، إذا ما السابحاتُ على الوَنَى |
|
أَثرْنَ الغُبارَ بالكَدِيد الـمُـرَكَّـل |
وفي الحديث: فرَكَله برجله أَي رَفَسه. وفي حديث عبد الملك: أَنه كتب إِلى الحَجّاج: لأَرْكُلَنَّكَ رَكْلة. وتَرَكَّل الحافرُ برِجْله على المِسْحاة: تَوَرَّك عليها بها؛ قال الأَخطل يصف الخَمْر:
رَبَتْ ورَبَا في كَرْمها ابنُ مَدِينة |
|
يَظَلُّ على مِسْحاته يَتـرَكَّـل |
وتَرَكَّل الرجُلُ بِمِسْحاته إذا ضربها برِجْله لتدخل في الأَرض.
والرَّكْل: الكُرَّاث بلغة عبد القيس؛ قال:
أَلا حَبَّذا الأَحساءُ طِيبُ ترابها |
|
ورَكْلٌ بها غادٍ علينا ورائح، |
وبائعه رَكَّال. ومَرْكَلانُ: موضع.
الرَّكْمُ: جمعك شيئاً فوق شي حتى تَجْعله رُكاماً مركوماً كركام الرمل والسحاب ونحو ذلك من الشيء المُرْتكِم بعضه على بعض. رَكَمَ الشيء يَرْكُمُه إذا جَمَعه وأَلقى بعضه على بعض، وهو مَرْكُومٌ بعضُه على بعض.
وارْتَكَمَ الشيءُ وتَراكَمَ إذا اجتمع. الن سيده: الرَّكْمُ إلقاء بعض الشيء على بعض وتَنْضيده، رَكَمَه يَرْكُمُهُ رَكْماً فارْتَكَمَ وتَراكَمَ. وشيء رُكامٌ: بعضه على بعض. وفي التنزيل العزيز: ثم يجعله رُكاماً؛ يعني السحاب. ابن الأعرابي: الرَّكَمُ السحاب المُتَراكِمُ. الجوهري: الرُّكامُ الرمل المُتَراكم، وكذلك السحاب وما أَشبهه. وفي حديث الاستسقاء: حتى رأَيتُ رُكاماً؛ الرُّكامُ: ضَخْمٌ كأنه قد رُكِمَ بعضُه على بعض؛ أَنشد ثعلب:
وتَحْمِي به حَوْماً رُكاماً ونسوة، |
|
عليهن قَزٌّ نـاعـم وحَـريرُ |
والرُّكْمةُ: الطين والتراب المجموع. وفي الحديث: فجاء بعُودٍ وجاء ببعرة حتى رَكَموا فصار سواداً. ومُرْتَكَمُ الطريق، بفتح الكاف: جادَّتُهُ ومَحَجَّتُهُ.
رَكِنَ إلى الشيءِ ورَكَنَ يَرْكَنُ ويَركُنُ رَكْناً ورُكوناً فيهما ورَكانَةً ورَكانِيَةً أَي مال إليه وسكن. وقال بعضهم: رَكَنَ يَرْكَن، بفتح الكاف في الماضي والآتي، وهو نادر؛ قال الجوهري: وهو على الجمع بين اللغتين. قال كراع: رَكِنَ يَرْكُنُ، وهو نادر أَيضاً، ونظيره فَضِلَ يَفْضُل وحَضِرَ يَحْضُر ونَعِمَ يَنْعُم؛ وفي التنزيل العزيز: ولا تَرْكَنُوا إلى الذين ظلموا؛ قرئ بفتح الكاف من رَكِنَ يَرْكَنُ رُكوناً إذا مال إلى الشيء واطمأَنَّ إليه، ولغة أُخرى رَكَنَ يَرْكُنُ، وليست بفصيحة.
ورَكِنَ إلى الدنيا إذا مال إليها، وكان أَبو عمرو أَجاز رَكَنَ يَرْكَنُ، بفتح الكاف من الماضي والغابر، وهو خلاف ما عليه الأَبنية في السالم. ورَكِنَ في المنزل يَركَنُ ركْناً: ضَنَّ به فلم يفارقه. ورُكْن الشيء: جانبه الأَقوى. والرُّكْنُ: الناحية القوية وما تقوّى به من مَلِكٍ وجُنْدٍ وغيره، وبذلك فسر قوله عز وجل: فتَوَلَّى برُكْنِه، ودليل ذلك قوله تعالى: فأَخذناه وجنودَه؛ أَي أَخذناه ورُكْنَه الذي تولى به، والجمع أَرْكان وأَرْكُنٌ؛ أَنشد سيبويه لرؤبة:
وزَحْمُ رُكْنَيْكَ شدِيدَ الأَرْكُنِ. |
ورُكْنُ الإنسانِ: قوّته وشدّته، وكذلك رُكْنُ الجبل والقصر، وهو جانبه.
ورُكْنُ الرَّجُل: قومه وعَدَدُه ومادّته. وفي التنزيل العزيز: لو أَنَّ لي بكم قُوَّةً أَو آوِي إلى رُكْن شديد؛ قال ابن سيده: وأُراه على المثل. وقال أَبو الهيثم: الرُّكْنُ العشيرة؛ والرُّكْنُ: الأَمر العظيم في بيت النابغة:
لا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لا كِفاءَ له. |
وقيل في قوله تعالى: أَو آوِي إلى رُكْن شديد؛ إن الرُّكْن القُوَّة. ويقال للرجل الكثير العدد: إنه ليأْوي إلى رُكْن شديد. وفلان رُكْنٌ من أَركان قومه أَي شريف من أَشرافهم، وهو يأْوي إلى رُكْن شديد أَي عز ومَنَعة. وفي الحديث أَنه قال: رَحِمَ الله لُوطاً إن كان لَيأْوي إلى رُكْن شديد أَي إلى الله عز وجل الذي هو أشد الأَركان وأَقواها، وإنما ترحم عليه لسهوه حين ضاق صدره من قومه حتى قال: أَو آوي إلى ركن شديد، أَراد عز العشيرة الذين يستند إليهم كما يستند إلى الركن من الحائط. وجبل ركِينٌ: له أَركان عالية، وقيل: جَبَل رَكِينٌ شديد. وفي حديث الحساب: ويقال لأَرْكانه انْطقي أَي لجوارحه. وأَركانُ كل شيء: جَوانبه التي يستند إليها ويقوم بها. ورجل رَكِين: رَميز وَقُور رَزِينٌ بَيّنُ الرَّكانة، وهي الرَّكانة والرَّكانِيَةُ. ويقال للرجل إذا كان ساكناً وقوراً: إنه لرَكِينٌ، وقد رَكُنَ، بالضم، رَكانة. وناقة مُرَكَّنَةُ الضَّرْع، والمُرَكَّنُ من الضروع: العظيم كأَنه ذو الأَركان. وضرع مُرَكَّنٌ إذا انتفخ في موضعه حتى يَمْلأَ الأَرفاغ، وليس بحَدّ طويلٍ؛ قال طرفة:
وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرورُ |
وقال أَبو عمرو: مُرَكَّنَة مُجَمَّعَة. والمِرْكَن: شبه تَوْرٍ من أَدَمٍ يتخذ للماء أَو شبه لَقَن. والمِرْكَنُ، بالكسر: الإجَّانة التي تغسل فيها الثياب ونحوها. ومنه حديث حَمْنَةَ: أَنها كانت تجلس في مِرْكَن لأُختها زينب وهي مستحاضة، والميم زائدة، وهي التي تخض الآلات. والرَّكْنُ: الفَأْرُ ويُسَمَّى رُكَيْناً على لفظ التصغير. والأُرْكُون: العظيم من الدَّهاقين. والأُرْكون: رئيس القرية. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه دخل الشام فأَتاه أُرْكُونُ قَرْيةٍ فقال له: قد صنعتُ لك طعاماً؛ رواه محمد بن إسحق عن نافع عن أَسلم؛ أُرْكُون القرية: رئيسها ودِهْقانها الأَعظم، وهو أُفْعُول من الرُّكُون السكون إلى الشيء والميل إليه، لأَن أَهلها يَرْكَنُون إليه أَي يسكنون ويميلون. ورُكَيْنٌ ورُكَانٌ ورُكانَةُ: أَسماء. قال: ورُكانَة، بالضم، اسم رجل من أهل مكة، وهو الذي طَلَّق امرأَته البتة فحلفه النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه لم يرد الثلاثَ.
الرُّكاهةُ: النَّكْهَةُ الطَّيِّبة عند الكَهَّةِ؛ عن الهَجَرِيِّ؛ وأَنشد لكاهل:
حُلْوٌ فُكاهَتُه مِسْكٌ رُكـاهَـتُـه، |
|
في كَفِّهِ من رُقَى الشَّيْطانِ مِفْتاحُ |