ذكر كلمات خطب بهن سليمان بن عبد الملك

قل: اتَّخِذُوا كتابَ اللَّه إماماً، وارضَوْا به حَكَماً، واجعلوه قائداً؛ فإنه ناسخٌ لما قبل، ولم ينسخْه كتابٌ بعده، قال: وكان أولَ كلام بارع سمعوه منه: الكلامُ فيما يَعنيك خيرٌ من السكوت عما يضرُّك، والسُّكوتُ عمَّا لا يَعنِيك خيرٌ من الكلام فيما يضرُّك، خَلاَّد بن يزيدَ الأرقط قال: سمعت من يخبرنا عن الشَّعبي قال: ما سمعتُ متكلماً على منبرٍ قَطُّ تكلَّم فأحسَنَ إلاَّ تمنّيت أن يسكُت خوفاً منْ أن يُسيء، إلا زيَاداً؛ فإنّه كان كُلَّما أكثَر كان أجودَ كلاماً، وكان نَوفل بن مُساحِق، إذا دخل على امرأته صمْت، وإذا خرج من عندها تكلَّم، فرأتْهُ يوماً كذلك فقالت: أمَّا عِندي فتُطْرِق، وأمّا عِند الناس فتَنطق، قال: لأني أدِقُّ عن جليلكِ، وتَجلّين عن دَقيقي، قال أبو الحسن: قاد عَيّاشُ بنُ الزِّبرقان بن بدر، إلى عبدالملك بن مروان خمسةً وعشرين فرساً، فلمَّا جلَسَ لينظُر إليها نسبَ كُلَّ فرسٍ منها إلى جميع آبائه وأمَّهاته، وحلف على كلِّ فرسٍ بيمين غيرِ اليَمِين التي حلف بها على الفرس الآخَر، فقال عبدُ الملك بن مروان: عَجَبي من اختلاف أيمانه أشدُّ مِن عجبي من معرفته بأنساب الخيل، وقال: كان للزبرقان بن بدر ثلاثة أسماء: القَمر، والزِّبرقان، والحصين، وكانت له ثلاثُ كُنىً: أبو شَذْرة، وأبو عَيَّاش، وأبو العبَّاس، وكان عيَّاشٌ ابنُه خطيباً مارداً، شديد العارضة شديد الشكيمة، وجيهاً؛ وله يقول جرير:

أعَيّاشُ قد ذاقَ القُيُونُ مـرارتـي

 

وأوقدتُ ناري فادْنُ دونَكَ فاصْطَلِ

فقال عيّاش: إني إذاً لَمَقْرُور، قالوا: فغلّب عليه،