بشار بن عبد الحميد، عن أبي ريحانة قال: وفد هِلال بن وكيع، والأحنف ابن قيس، وزَيد بن جَبَلة على عمر رحمه اللَّه، فقال هلالُ بن وكيع: يا أمير المؤمنين، إنّا لُبابُ مَن خَلفْنَا من قومنا، وغُرَّةُ مَن وراءَنا من أهل مصرِنا، وإنّك إنْ تصرفْنا بالزيادة في أعطياتنا، والفرائضِ لعيالاتنا، يزدْ ذلك الشَّريفَ منا تأميلاً، وتكُنْ لذوي الأحساب أباً وَصُولاً، فإنّا إن نكن مع ما نَمُتُّ به من فضائلك، ونُدلي به مِنْ أسبابك، كالجُدِّ الذي لا يُحَلُّ ولا يُرحَل، نرجِعْ بآنُفٍ مَصلومة وجُدودٍ عائرة، فمِحْنا وأهاليَنا بسَجْلٍ من سِجالك المُتْرَعة، وقام زيدُ بن جبلة فقال: يا أمير المؤمنين، سَوِّدِ الشّريفَ وأَكرِم الحسيب، وازرَعْ عندنا من أياديك ما نسدُّ به الخَصاصَة، ونَطرُد به الفاقة، فإنّا بِقُفّ من الأرض، يابسِ الأكناف مقشعِرِّ الذِّروة، لا شجَرَ فيه ولا زَرْع، وإنّا من العرب اليومَ إذْ أتيناك بمرأى ومَسمَع، وقام الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ مفاتِح الخير بيد اللَّه، والحرصَ قائد الحِرمان، فاتّق اللَّه فيما لا يُغني عنك يَوم القيامة قيلاً ولا قالا، واجعل بينك وبين رعيّتك من العدل والإنصافِ، سبباً يكفيك وِفادةَ الوفود، واستماحةَ المُمتاح؛ فإنّ كلَّ امرئٍ إنّما يجمع في وعائه، إلا الأقلَّ ممَّن عسى أن تقتحمه الأعيُن، وتخونَهم الألسن، فلا يُوفَد إليك يا أمير المؤمنين،