باب من البله الذي يعتري من قبل العبادة وترك التعرض للتجارب،

وهو كما قال أبو وائل: أسمعكم تقولون: الدّانق والقيراط، فأيُّهما أكثر؟، قالوا: وكان عامرُ بن عبد اللَّه بن الزُّبيرُ، في المسجد، وكان قد أخذ عطاءَه فقام إلى منزله ونَسِيَهُ، فلمّا صار في منزله وذكرَهُ بعث رسولاً ليأتيه به، فقيل له: وأين تجد ذلك المال؟ فقال: سبحان اللَّه، أوَ يأخذ أحدٌ ما ليس له، أبو الحسن قال: قال سَعيد بنُ عبدِ الرحمن الزُّبيريُ، قال: سُرِقتْ نعلُ عامر ابن عبد اللَّه الزُّبيري فلم يتّخِذْ نعلاً حتَّى مات، وقال: أكره أن أتَّخِذ نعلاً فلعلَّ رجلاً يسرقُها فيأثَم، وقالوا: إنّ الخلفاء والأئمَّة أفضلُ من الرعيّة، وعامَّة الحكّام أفضلُ من المحكوم عليهم ولهم؛ لأنَّهم أفقه في الدِّين وأقْومُ بالحقوق، وأرَدُُّ على المسلمين، وعِلْمهم بهذا أفضلُ من عبادة العُبَّاد؛ لأنّ نفعَ ذلك لا يعدو قِمَمَ رؤوسهم، ونفع هؤلاء يَخُصُّ ويُعمّ، والعِبادةُ لا تُدَلِّه ولا تورثُ البَلَهَ إلاّ لمَنْ آثَرَ الوحدة، وتَرَك معاملةَ النَّاس، ومُجالَسَة أهلِ المعرفة، فمن هنالك صاروا بُلْهاً، حتَّى صار لا يجيءُ مِنْ أَعْبَدِهم حاكمٌ ولا إمام، وما أحسَنَ ما قال أيُّوبُ السَّخْتيانيُّ، حيث يقول: في أصحابي مَن أرجو دعوتَه ولا أقبل شهادته، فإذا لم يُجَزْ في الشَّهادة كانَ من أن يكون حاكماً أبعد، وقال الشاعر:

وعاجزُ الرَّأي مِضياعٌ لفُرصته

 

حتّى إذا فات أمرٌ عاتب القَدَرَا

ومِن غير هذا الباب قولُه:

إذا ما الشَّيخُ عُوتب زاد شَرّاً

 

ويُعتِب بعد صَبْوته الولـيدُُ

وقال عليُّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه: مِن أفضل العبادة الصَّمتُ وانتظار الفَرَج، وقال الشاعر:

إذا تضايَقَ أمرٌ فانتظِر فرجـاً

 

فأضيقُ الأمر أدناهُ من الفَرَجِ

وقال الفرزدق:

أنِّي وسَعداً كالحُـوار وأمّـه

 

إذا وطِئَتْهُ لم يَضِرْهُ اعتمادُها

وقال أعرابيٌّ:

تُبصِّرُني بالعَيش عِرسي كأنما

 

تُبصِّرني الأمرَ الذي أنا جاهلُه

يعيش الفتى بالفقر يوماً وبالغِنى

 

وكُلٌّ كأنْ لم يَلْقَ حين يزايلُـه

وقال آخر:

شهدتُ وبيتِ اللَّه أنَّكَ بارد ال

 

ثَّنايا، لذيذٌ لَثْمُها حين تلـثَـمُ

وقال آخر:

اللَّه يعلمُ يا مـغـيرةُ أنَّـنـي

 

قد دُسْتُها دَوْسَ الْحِصان الهَيْكلِ

وأخذتها أخْذَ المقصِّبِ شـاتَـه

 

عَجْلانَ يَشْوِيها لـقـومٍ نُـزَّلِ

وقال آخر:

شَهِدْتُ وبيتِ اللَّه أنّكَ بارد الثنا

 

يا وأن الكَشْحَ منك لـطـيفُ

وأنَّك مشبوحُ الذِّراعين خلجـمٌ

 

وأنّك إذ تخلو بهنَّ عـنـيفُُ

وقال آخر:

فهلاَّ من وَزَانٍ أو حُـصـينٍ

 

حمَيتُمْ فَرْجَ حاصنةٍ كَعَـاب

وأُقسِمُ أنَّهُ قد حَـلّ مـنـهـا

 

محلَّ السَّيف من قَعْرِ القِرابِ

وقال آخر:

أتَرجُو أن تَسود ولن تُعـنَّـى

 

وكيف يسودُ ذُو الدَّعة البخيلُ

وقال الهذليّ:

وإنَّ سيادةَ الأقوامِ فاعلـمْ

 

لها صَعْدَاءُ مَطْلَعُها طويلُُ

وقال جريرُ بن الخَطَفي:

تريدينَ أنْ أرضى وأنـتِ بـخـيلةٌ

 

ومن ذا الذي يُرضي الأخلاّءَ بالبُخلِ

وقال إسحاقُ بنُ حسَّانَ بن قُوهِيّ:

ودونَ النَّدَى في كلّ قلبٍ ثنـيَّةٌ

 

لها مَصعدٌ حزْنٌ ومنحدَرٌ سهلُ

وَوَدَّ الفتى في كلِّ نَيلٍ يُنـيلُـه

 

إذا ما اتقضَى لو أنَّ نائلَه جَزْلُُ

وقال آخَر:

عزمتُ على إقامة ذي صَباحٍ

 

لأمرٍ ما يُسَوَّدُ مَـن يَسُـودُُ

وقال:

وتَعجبُ أنّ حاولتُ منك تنـصُّـفـاً

 

وأعجبُ منه ما تحاوِلُ مِن ظُلمـي

أبا حسنٍ يَكفيك ما فـيك شـاتـمـاً

 

لعِرضك من شَتْم الرِّجال ومن شتمي

وقال الآخَر:

كما قال الحمارُ لسِهـمِ رَامٍ

 

لقد جُمِّعتَ من شتَّى لأمر

أراك حديدةً في رأس قِدْحٍ

 

ومتنِ جُلالة مِن ريش نَسْرِ

وقال الآخر:

إذا ما مات مثلي ماتَ شيءٌ

 

يموت بموته بَشَرٌ كـثـيرُ

وأشعَرُ منه عَبْدة بن الطَّبيب، حيث يقول في قيس بن عاصم:

فما كان قيسٌ هُلْكُهُ هُلْكُ واحدٍ

 

ولكنَّه بنيانُ قـومٍ تَـهَـدَّمَـا

وقال امرؤ القيس في شبيه بهذا المعنى:

فلو أنَّها نفسٌ تَموتُ سَوِيَّةً

 

ولكنَّها نَفسٌ تُسَاقِطُ أنْفُسا

وقال الآخر:

وزهَّدَنِي في صالحِ العيش أنَّنـي

 

رأيتُ يدِي في صالح العَيش قَلَّتِ

وقال مَعْنُ بن أوس:

ولقد بدا لي أنَّ قلبَكَ ذاهـلٌ

 

عنِّي، وقلبي لو بدا لك أذْهَل

كلٌّ يجامِلُ وهو يُخفي بُغضَه

 

إنَّ الكريم على القِلَى يتجمَّلُُ

وقال ركَّاض:

نُرامي فنَرمِي نحن مِنهُنّ في الشَّوَى

 

ويَرمين لا يَعْدِلْنَ عن كبدٍ سهـمـا

إذا ما لبِسْنَ الحليَ والوشيَ أشرقَتْ

 

وجوهٌ ولَبَّاتٌ يُسلِّبْنَنَـا الـحِـلْـمـا

ولُثْنَ السُّبوبَ خِـمْـرَةً قُـرَشِـيّةً

 

زُبيريّة يُعْلَمْنَ في لَوثها عِـلْـمـا

وقال آخر:

أعلِّلُ نفسي بما لا يكـون

 

كما يَفعلُ المائق الأحمَقُُ

وقال آخر: مجزوء الكامل

تولَّتْ بهـجة الـدُّنـيا

 

فكلُّ جديدها خَـلَـقُ

وخانَ النَّاس كـلُّـهـمُ

 

فما أدري بمَـنْ أثِـقُ

رأيتُ معالمَ الـخـيرا

 

تِ سُدَّت دونَها الطّرُقُ

فلا حَـسَـبٌ ولا أَدَبٌ

 

ولا دينٌ ولا خُـلُـقُ

وقال أبو الأسود الدؤليُّ:

لنا جِيرةٌ سَدُّوا المجازةَ بـينـنـا

 

فإنْ ذكَّرُوكَ السَّدّ فالسَّدُّ أكـيَس

ومِن خير ما أَلصقْتَ بالدّار حائطٌ

 

تَزِلُّ به صُقْعُ الخطاطيف أَمْلَسُُ

وقال آخَر: من الرمل

عُقِمَتْ أمٌّ أتَـتْـنَـا بـكـمُ

 

ليس منكم رَجُلٌ غيرُ دَنِي

وإذا ما الناس عَدُّوا شرفـاً

 

كنتمُ من ذاك في بالٍ رَخِيُ

وقال آخر: مجزوء الرمل

قد بلوناكَ بحـمـدِ

 

اللَّه إن أغنَى البَلاءُ

فإذا كلُّ مو اعي

 

دِك والجحدُ سواءُُ

وقال آخر: مجزوء الكامل

ولقد هززتُكَ بالمـدي

 

حِ فكنتَ ذا نفسٍ لكيعهْ

أنت الرّقيع بن الرّقـيعِ

 

بنِ الرَّقيع بن الرَّقيعَهْ

وقال:

لكلِّ أُناسٍ سُلَّمٌ يُرتَـقـى بـه

 

وليس إلينا في السّلاليم مَطلعُ

وغايتُنا القُصوَى حِجازٌ لمن به

 

وكلُّ حجازٍ إن هبطناه بلقـعُ

ويَنفِر منّا كلُّ وحش وينتمـي

 

إلى وَحْشِنا وحْشُ البلادِ فيرتَعُُ

وقال آخر: مجزوء الرمل

لو جَرَتْ خيلٌ نُكوص

 

اً لجرتْ خيلُ ذُفافَه

هي لا خـيلُ رجـاءٍ

 

لا ولا خيلُ مَخافَـهُ

وقال الخُرَيميّ:

اخلَعْ ثيابَك مـن أبـي دُلَـف

 

واهرُبْ من الفجفاجة الصَّلِف

لا يُعْجِبنَّك مـن أبـي دُلَـفِ

 

وجهٌ يضيءُ كدُرَّةِ الصُّـدَفِ

إني وجدت أخـي أبـا دلَـفِ

 

عندَ الفَعال مُوَلَّدَ الـشّـرَفُ

وأنشد ابنُ الأعرابي: من الرمل

أهلكَتْني بفُـلانٍ ثِـقَـتـي

 

وظُنونٌ بفـلانٍ حَـسَـنَـهْ

ليس يَستوجِب شكراً رجـلٌ

 

نلتُ خيراً منه مِن بَعدِ سَنَهْ

كنتُ كالهادِي من الطَّير رأى

 

طمَعاً أدخله في مَسْجَـنَـهْ

زادني قربُ صديقي فـاقةً

 

أَورثَتْ من بعد فقر مَسْكَنَهْ

وأنشدنا:

إذا المرءُ أَولاك الهوانَ فأَوْلِـه

 

هواناً وإن كانتْ قريباً أواصِرُهُ

فإنْ أنتَ لم تقدِرْ على أن تُهينَه

 

فذَرْهُ إلى اليوم الذي أنت قادرُهْ

وقارِبْ إذا ما لم تكن بكَ قُدْرَةٌ

 

وصمِّم إذَا أيقنتَ أنَّك عاقـرُهُ

وقال بعضُ ظرفاء الأعراب:

وإذا خشيتَ من الفُؤاد لَـجَـاجةً

 

فاضربْ عليه بجُرْعةٍ من رائبِ

وهذا من شكل قوله:

ذكرتُكِ ذِكرةً فاصطدتُ ظبياً

 

وكنت إذا ذكرتُكِ لا أَخيبُ

وقال بعض المُحْدَثين: من السريع

ما أشْبَهَ الإمْرَةَ بالوصْلِ

 

وأشبَهَ الهِجْرانَ بالعَزْل

وقالت الخنساء:

لم تَرهُ جارة يمشي بساحتها

 

لرِيبةٍ حين يُخلي بيتَه الجارُ

مثلُ الرُّدينيّ لم تَدْنَس عمامتُه

 

كأنه تحت طيّ البُرْدِ إسوارُُ

وقال آخر:

ناديت هَيْذَان والأبوابُ مُغْلَقَةٌ

 

ومِثْلُ هيذانَ سَنَّى فتحةَ البابِ

كالهُنْدُوانيِّ لم تُفْلَل مَضاربُـه

 

وَجْهٌ جميلٌ وقلبٌ غير وجَّابِ

وقال آخر:

أرى كلَّ ريح سوف تسكن مَرَّةً

 

وكلَّ سماءٍ ذات دَرٍّ سَتُقْـلِـعُ

ولستُ بقَوَّالٍ إذا قام حـالـبٌ:

 

لك الويلُ لا تَجْهَدْ لعلّك تُرضِعُ

ولكن إذا جادت بما دُونَ حَلْبها

 

جَهِدْنا ولم نَمذُق بما نتَـوَسّـعُ

وقال آخر:

تَمَنَّى رجال أن أموت وغـايتـي

 

إلى أجلٍ لو تعلـمـونَ قَـريبِ

وما رغبتي في أرذَلِ العُمر بعدما

 

لبِست شبابي كلَّه ومَـشِـيبـي

وأصبحتُ في قَومٍ كأنْ لستُ مِنهم

 

وبادَ قُرُوني منهمُ وضُـرُوبـيُ

وأنشد:

رأيت النَّاسَ لمّا قلّ مالـي

 

وأكثرتُ الغَرامةَ ودَّعوني

فلمّا أن غنِيت وثاب وَفْري

 

إذا هُمْ لا أبالَكَ راجَعُونيُ

وقال الآخر:

وكنَّا نَسْتَطِبُّ إذا مرِضْـنـا

 

فصار سَقامُنا بيَدِ الطّبـيبِ

فكيف نُجيزُ غُصَّتَنا بشـيء

 

ونَحْنُ نَغَصُّ بالماء الشَّريبُ

وقال عديُّ بنُ زيد: من الرمل

لو بغير الماء حلـقـي شَـرِقٌ

 

كنتُ كالغَصَّان بالماء اعتصارِيُ

وقال التُّوتُ اليَمانيّ، ويروى التُّوب بالباء، والتُّوت هو الصَّواب، وهو المعروف بتُويِتٍ ، فكبره هناُ:

على أيِّ بابٍ أطلبُ الإذْنَ بعدما

 

حُجِبْتُ عن الباب الذي أنا حاجبُه

وقال الآخر:

لا تَضجرَنَّ ولا تَدْخُلْكَ مَعْجَـزَةٌ

 

فالنُّجحُ يَهلِكَ بين العجز والضَّجَرِ

وقال محمد بن يَسير:

إنَّ الأمورَ إذا اسْتدَّت مسالـكُـهـا

 

فالصَّبر يفتح منها كُلَّ ما ارتُتِجَـا

لا تَيْأَسَنَّ وإن طالـتْ مـطـالـبةٌ

 

إذا استعنْتَ بصبرٍ أن تَرى فَرجـا

أخلِقْ بذي الصبر أن يحظَى بحاجتِه

 

ومُدْمنِ القَرع للأبوابِ أن يَلـجَـا

لا يمنعنّك يأسٌ مـن مُـطـالَـبَةٍ

 

فَضَيِّق السُّبْل يوماً رُبَّما انْتُهِـجَـا

وقال بعضُ ظُرفاء الأعراب:

وإنَّ طعاماً ضمَّ كفيِّ وكفّـهـا

 

لعمرك عندي في الحياة مُبارَكُ

فمِن أجْلِها أستوعِبُ الزّاد كلَّـه

 

ومِن أجْلها تُهِوي يدي فتُدَارِكُ

وقال:

كأنِّيَ لمَّا مسنَّي السَّوط مُـقْـرَمٌ

 

من العُجْم صَعْبٌ أنْ يقاد نَفُـورُ

فكم قد رأينا من لـئيمٍ مـوطّـأ

 

صَبورٍ على مَسِّ السِّياط وَقُـورِ

وذي كَرَمٍ في القوم نَهْدِ مُـشـيَّع

 

جَزوعِ على مسِّ السياط ضَجُورِ

وقال أُحَيحة بن الجُلاَحِ:

استغْنِ عن كلِّ ذي قُرْبَى وذي رَحمٍ

 

إنَّ الغَنيّ مَن استغنى عن النـاسِ

والبَسْ عدوَّك في رِفقٍ وفـي دعَةٍ

 

لِباسَ ذي إربة للـدَّهْـر لـبَّـاسِ

ولا تَغُرَّنْك أضـغـانٌ مُـزَمَّـلَةٌ

 

قد يُضْرَبُ الدَّبرُ الدَّامي بأحْـلاسِ

وقال أُحيحةُ أيضاً:

استغْن أوْ مُتْ ولا يَغْرُرْك ذو نشَبٍ

 

مِن ابن عـمٍّ ولا عَـمٍّ ولا خـالِ

إنّي أُكِبُّ علَى الزَّوْراء أعمُرهـا

 

إنَّ الكريمَ على الإخوان ذو المالِ

يَلوُون ما عندهم من حَقِّ أقرَبهِـمْ

 

ومن عشيرتهم والمال بالـوالـي

وقال آخر:

سأُبغيكَ مالاً بـالـمـدينة إنَّـنـي

 

أرى عازبَ الأموال قلَّت فواضِلُهُ

وقال آخر:

ولا خيرَ في وصلٍ إذا لم يكن له

 

على طولِ مَرّ الحادثاتِ بقـاءُ

وقال العَبَّاس بن الأحنف:

لم يَصْفُ حُبٌّ لمعشوقَين لم يَذُقَا

 

وَصْلاً يُمِرُّ على من ذاقهُ العسل

وقال بعض سفهاء الأعراب:

لا خيرَ في الحُبِّ أبا السَّنَـوَّرِ

 

أو يلتقي أشْعَرُها وأَشعَـرِي

وأُطبِقَ الخُصيةَ فوق المَبْعَرِ

 

 

وقال آخر:

وحظَُّك زَورةٌ في كـلِّ عـامٍ

 

موافَقَةً على ظهر الطَّـرِيق

سلاماً خالياً مـن كـلِّ شـيءٍ

 

يعودُ به الصَّديقُ على الصَّديقِ

وقال عُطارِد بن قُرّان:

ولا يَلبَثُ الحبلُ الضَّعيف إذا التوى

 

وجاذَبَه الأعـداءُ أن يتـجـذَّمـا

وما يستوى السَّيفانِ: سيفٌ مؤنَّـثٌ

 

وسيفٌ إذا ما عَضَّ بالعَظْمِ صَمّمَا

وقال طُرَيح بن إسماعيلُ، في الوليد بن يزيدَ بن عبد الملك:

سعيتُ ابتغاءَ الشُّكر فيما صنعتَ بي

 

فقصَّرْت مَغْلُوباً وإنِّي لَـشـاكـرُ

لأنك تعطينـي الـجـزيل بُـدَاهةً

 

وأنت لمَا استكثرتُ من ذاك حاقِرُ

فأرجِعُ مغبوطاً وتَرْجِعُ بـالّـتـي

 

لها أوّلٌ في المكـرُمَـاتِ وآخِـرُ

وقد قلتُ شعراً فيك، لكن تقُـولُـه

 

مكارمُ مما تَبتـنِـي ومَـفَـاخِـرُ

قواصِرُ عنها لم تُحِطْ بصِفـاتـهـا

 

يُرادُ بها ضَرْبٌ من الشِّعر آخِـرُُ

وقال آخَرُ، مسلم بن الوليد:

لعلَّ له عُذراً وأنت تلُـومُ

 

وكم لائمٍ قد لامَ وهو مُليمُ

وأنشد أيضاً:

فكم مِن مُليمٍ لم يُصَبْ بـمَـلامَةٍ

 

ومتَّبَعٍ بالذنب لـيس لـه ذَنـبُ

وكم مِن محبٍّ صَدَّ مِن غير عِلّةٍ

 

وإن لم يكن في وصل خُلَّته عَتْبُ

كما قال الأحنف: رُبّ مَلُومٍ لا ذنبَ له، وقال ابنُ المقفَّع:

فلا تَلُمِ المرءَ في شانه

 

فرُبّ مَلُومٍ ولم يُذْنبِ

وقال سعيدُ بنُ عبد الرحمن بنِ حسَّانَ بن ثابت الأنصاريّ:

وإنّ امرأً يُمسي ويُصبحُ سالماً

 

من الناس إلاّ ما جَنَى لسَعيدُُ