سَأَبه يَسْأَبُه سَأْباً: خَنَقَه؛ وقيل: سَأْبه خَنَقَه حتى قَتَلَه. وفي حديث المَبْعَثِ: فأَخذ جبريلُ بحَلْقِي، فسأَبَني حتى أَجْهَشْتُ بالبكاءِ؛ أَراد خَنَقَني؛ يقال سأَبْتُه وسَأَتُّه إذا خَنَقْتَهُ.
قال ابن الأَثير: السَّأْبُ: العَصْر في الحَلْق، كالخَنْق؛ وسَئِبْتُ من الشراب.
وسَأَبَ من الشراب يَسْأَبُ سَأْياً، وسَئِبَ سَأَباً: كلاهما رَويَ.
والسَّأْبُ: زِقُّ الخَمْر، وقيل: هو العظيم منها؛ وقيل: هو الزِّقُّ أَيّاً كان؛ وقيل: هو وعاءٌ من أَدمٍ، يُوضع فيه الزِّقُّ، والجمع سُؤُوبٌ؛ وقوله:
إِذا ذُقْتَ فاها، قلتَ: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ، |
|
أُريدَ به قَيْلٌ، فغُودِرَ في سـاب |
إِنما هو في سَأْبٍ، فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً، لإِقامة الرَّدْف.
والمِسْأَبُ: الزِّقُّ، كالسَّأْب؛ قال ساعدة بن جؤية الهذلي:
معه سِقاءٌ، لا يُفَرِّطُ حَـمْـلَـه، |
|
صُفْنٌ، وأَخراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ |
صُفْنٌ بدلٌ، وأَخراصٌ معطوف على سِقاء؛ وقيل: هو سِقاءُ العسل. قال شمر: المِسْأَب أَيضاً وِعاءٌ يُجْعَل فيه العسلُ. وفي الصحاح: المِسْأَبُ سِقاءُ العسل؛ وقول أَبي ذؤيب، يصف مُشْتار العَسَل:
تأَبطَ خافةً، فيها مِسـابٌ، |
|
فأَصْبَحَ يَقْتَري مَسَداً بشِيقِ |
أَراد مِسْأَباً، بالهمز، فخفف الهمزة على قولهم فيما حكاه صاحب الكتاب: المراةُ والكَماة؛ وأَراد شِيقاً بمَسَدٍ، فقَلب. والشِّيقُ: الجَبَل. وسأَبْتُ السِّقاءَ: وسَّعْتُه.
وإِنه لَسُؤْبانُ مالٍ أَي حَسَنُ الرِّعْية والحِفْظ له والقيام عليه؛ هكذا حكاه ابن جني، قال: وهو فُعْلانٌ، من السَّأْبِ الذي هو الزِّقُّ، لأَن الزِّقَّ إِنما وضع لحِفْظِ ما فيه.
سَأَتَه يَسْأَتُه سأْتاً: خَنَقه بشدَّة، وقيل: إذا خَنَقه حتى يقتله.
الفراء: السَّأَتانِ جانبا الحُلْقوم، حيث يقع فيهما اصبعا الخانق، والواحد سأَتٌ، بالفتح والهمز.
السأْد: المشي؛ قال رؤبة: من نضْوِ أَورامٍ تَمَشَّتْ سأْدا والإِسْآد: سير الليل كله لا تعريس فيه، والتأْويب: سير النهار لا تعريج فيه؛ وقيل: الإِسْآد أَن تسير الإِبل بالليل مع النهار؛ وقول ساعدة بن جؤية الهذلي يصف سحاباً:
سادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيعِ ثمانياً، |
|
يَلْوي بِعَيْقاتِ البحارِ ويَجْنَبُ |
قيل: هو من الإِسْآد الذي هو سير الليل كله؛ قال ابن سيده: وهذا لا يجوز إِلا أَن يكون على قلب موضع العين إِلى موضع اللام كأَنه سائد أَي ذو إِسآد، كما قالوا تامر ولابن أَي ذو تمر وذو لبن، ثم قلب فقال سادئ فبالغ، ثم أَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً فقال سادي، ثم أَعل كما أُعل قاض ورام؛ قال: وإِنما قلنا في سادٍ هنا إِنه على النسب لا على الفعل لأَنَّا لا نعرف سأَد البتة، وإِنما المعروف أَسأَد، وقيل: ساد هنا مهمل فإِذا كان ذلك فليس بمقلوب عن شيءٍ، وهو مذكور في موضعه. قال: وقد جاء الساءد إِلا أَني لم أَرَ فعلاً؛ قال الشماخ:
حَرْفٌ صَمُوتُ السُّرَى، إِلاَّ تَلَفُّتَها |
|
بالليل في سأَدٍ منهـا وإِطْـراق |
وأَسْأَد السَّيْرَ: أَدْأَبه؛ أَنشد اللحياني:
لم تَلْقَ خَيْلٌ قبلها ما قد لَقَت |
|
من غِبِّ هاجرة وسير مُسْأَدِ |
أَراد: لقِيَتْ وهي لغة طيّء. الجوهري: الإِسآد الإِغْذاذُ في السير وأَكثر ما يستعمل ذلك في سير الليل؛ وقال لبيد:
يُسْئِدُ السيرَ عليهـا راكـبٌ، |
|
رابِطُ الجأْش على كل وَجَلْ |
الأَحمر: المُسْأَدُ من الزِّقاقِ أَصغر من الحَمِيت؛ وقال شمر: الذي سمعناه المُسْأَبُ، بالباء، الزِّقُّ العظيم. الجوهري: والمِسأَد نِحْيُ السمن أَو العسل يهمز ولا يهمز فيقال مِساد، فإِذا همز فهو مِفْعَل، وإِذا لم يهمز فهو فِعالٌ.
أَبو عمرو: السَّأْدُ، بالهمز، انتِقاضُ الجُرْحِ؛ يقال: سَئِدَ جُرْحُه يَسْأَدُ سَأَداً، فهو سَئيدٌ؛ وأَنشد:
فَبِتُّ من ذاك ساهراً أَرِقاً، |
|
أَلقَى لِقاءَ اللاقي من السَّأَدِ |
ويعتريه سُؤَادٌ: وهو داء يأْخذ الناس والإِبل والغنم على الماء الملح، وقد سُئِدَ، فهو مسؤود.
ويقال للمرأَة: إِن فيها لَسُؤْدة أَي بقية من شباب وقوة.
وسَأَده سَأْداً وسَأَداً: خنقه.
السُّؤْرُ بَقِيَّة الشيء، وجمعه أَسآرٌ، وسُؤْرُ الفأْرَةِ وغيرها؛ وقوله أَنشده يعقوب في المقلوب:
إِنَّا لَنَضْرِبُ جَعْفَراً بِسُيوفِنـا، |
|
ضَرْبَ الغَريبَةِ تَرْكَبُ الآسارا |
أَراد الأَسآر فقلب، ونظيره الآبارُ والآرامُ في جمع بِئْر ورِئْم.
وَأَسْأَرَ منه شيئاً: أَبْقَى. وفي الحديث: إذا شَرِبْتُم فَأَسْئِرُوا؛ أَي أَبْقَوا شيئاً من الشراب في قَعْرِ الإِناء، والنَّعْت منه سَأْآرٌ على غير قياس لأَن قياسه مُسْئِرٌ؛ الجوهري: ونظيره أَجْبَرَه فهو جَبَّارٌ. وفي حديث الفَضْلِ بن عباس: لا أُوثِرُ بِسُؤْرِكَ أَحَداً أَي لا أَتْرُكُه لأَحَدٍ غَيْري؛ ومنه الحديث: فما أَسأَروا منه شيئاً، ويستعمل في الطعام والشراب وغيرهما. ورجل سَأْآر: يُسْئِرُ في الإِناء من الشراب، وهو أَحَدُ ما جاء من أَفْعَل على فَعَّال؛ وروى بعضهم بيت الأَخطل:
وشارِبٍ مُرْبِحٍ بالكأْسِ نادَمَني |
|
لا بالحَصورِ ولا فيها بِسأْآرِ |
بوَزْن سَعّار، بالهمز. معناه أَنه لا يُسْئِرُ في الإِناء سُؤْراً بل يَشْتَفُّه كله، والرواية المشهورة: بِسوَّار أَي بِمُعَرْبِدٍ وَثَّابٍ، من سار إذا وَثَبَ وَثْبَ المُعَرْبِدِ على من يُشارِبه؛ الجوهري:وإِنما أَدخل الباء في الخبر لأَنه ذَهَبَ بلا مَذْهَبَ ليس لِمُضَارَعَتِه له في النفي. قال الأَزهري: ويجوز أَن يكون سَأْآر من سَأَرْتُ ومِنْ أَسْأَرْتُ كأَنه رُدَّ في الأَصل، كما قالوا دَرَّاك مِنْ أَدْرَكْتُ وجَبَّار من أَجْبَرْتُ؛ قال ذو الرمة:
صَدَرْنَ بما أَسْأَرْتُ مِنْ ماءٍ مُقْفِـرٍ |
|
صَرىً لَيْس مِنْ أَعْطانِه، غَيْرَ حائِل |
يعني قَطاً وردت بقية ما أَسأَره في الحوض فشربت منه. الليث: يقال أَسأَر فلان من طعامه وشرابه سُؤْراً وذلك إذا أَبقى بقيَّة؛ قال: وبَقِيَّة كل شيء سُؤْرُه. ويقال للمرأَة التي قد جاوزت عُنْفُوان شبابها وفيها بقية: إِنَّ فيها لَسُؤْرةً؛ ومنه قول حميد ابن ثور:
إِزاءَ مَعـاشٍ مـا يُحَـلُّ إِزارُهـا |
|
من الكَيْسِ، فيها سُؤْرَةٌ، وهي قاعدُ |
أَراد بقوله وهي قاعد قُعودها عن الحيض لأَنها أَسَنَّتْ. وتَسَأَّر النبيذَ: شَرِبَ سُؤْرَه وبقاياه؛ عن اللحياني: وأَسْأَر مِنْ حِسابِه:أَفْضَلَ. وفيه سُؤْرَة أَي بقية شباب؛ وقد روي بيت الهلالي:
إِزاءَ مَعاشٍ لا يَزَالُ نِطاقُـهـا |
|
شَديداً، وفيها سُؤْرَةٌ، وهي قاعِد |
التهذيب: وأَما قوله: وسائِرُ الناسِ هَمَج فإِن أَهل اللغة اتفقوا على أَن معنى سائر في أَمْثال هذا الموضع بمعنى الباقي، من قولك:أَسْأَرْتُ سُؤْراً وسُؤْرَة إذا أَفْضَلْتَها وأَبقيتها. والسَّائِرُ: الباقي، وكأَنه من سَأَرَ يَسْأَرُ فَهُوَ سائِر. قال ابن الأَعرابي فيما رَوَى عنه أَبو العباس: يقال سَأَر وأَسْأَرَ إذا أَفْضَلَ، فهو سائِر؛ جعل سَأَرَ وأَسْأَرَ واقعين ثم قال وهو سائر. قال: قال فلا أَدري أَراد بالسَّائِرِ المُسْئِر. وفي الحديث: فَضْلُ عائشة على النساء كفَضْلِ الثَّريد على سائر الطعام؛ أَي باقيه؛ والسائر، مهموز: الباقي؛ قال ابن الأَثير:والناس يستعملونه في معنى الجميع وليس بصحيح؛ وتكررت هذه اللفظة في الحديث وكله بمعنى باقي الشيء، والباقي: الفاضِلُ.
ومن همز السُّؤْرَة من سُوَرِ القرآن جعلها بمعنى بقيَّة من القرآن وقطْعَة. والسُّؤْرَةُ من المال: جَيِّدُهُ، وجمعه سُؤَر. والسورةُ من القرآن: يجوز أَن تكون من سُؤْرة المال، تُرِكَ هَمْزُه لما كثر في الكلام.
أَبو عمرو: السَّأْساءُ: زَجْرُ الحِمار. وقال الليث: السَّأْسَأَةُ من قولك سَأْسَأْتُ بالحِمار إذا زَجَرْتَه ليَمْضِيَ، قلت: سأْسأْ.
غيره: سَأْسَأَ: زَجَرَ الحمار ليَحْتَبِسَ أَو يَشْرَبَ. وقد سَأْسَأْتُ به. وقيل: سَأْسَأْتُ بالحمار إذا دَعَوْتَه ليَشرَب، وقلت له: سأْسأْ.
وفي المثل: قَرِّبِ الحِمارَ من الرَّدْهةِ ولا تقل له سَأْ. الرَّدْهةُ: نُقْرةٌ في صَخْرة يَستَنْقِعُ فيها الماءُ.
وعن زيد بن كُثْوةَ أَنه قال: من أَمثال العرب إذا جَعَلْتَ الحِمارَ إلى جَنْبِ الرّدْهة فلا تقل له سَأْ. قال: يقال عند الاسْتمْكانِ من الحاجةِ آخِذاً أَو تاركاً، وأَنشد في صفة امرأة:
لم تَدْرِ ما سَأْ للحَمِيرِ، ولَـم |
|
تَضْرِبْ بكَفِّ مُخابِطِ السَّلَمِ |
يقال: سَأْ للحِمارِ، عند الشرب، يُبْتارُ به رِيُّه، فإن رَوِيَ انطَلَق، وإلاَّ لم يَبرَح. قال: ومعنى قوله سَأْ أَي اشربْ، فإِني أَرِيدُ أن أَذْهَبَ بك. قال أَبو منصور: والأَصل في سَأْز جر وتَحْرِيكٌ للمُضِيِّ كأَنه يُحرِّكُه لِيَشْرَبَ إن كانت له حاجة في الماء مَخافةَ أَن يُصْدِره وبه بَقيَّةُ الظَّمَإِ.
السَّأْسَمُ: شجرة يقال لها الشِّيزُ؛ قال أَبو حاتم: هو السَّاسَمُ، غير مهموز، وسنذكره.
سَئِفَتْ يدُه تَسْأَفُ سَأَفاً، فهي سَئِفةٌ، وسأَفَتْ سَأْفاً: تشَقَّق ما حَوْل أَظْفاره وتشَعَّثَ، وقال يعقوب: هو تَشَقُّقٌ في أَنْفُس الأَظفار، وسَئِفَتْ شَفَتُه: تَقَشَّرَت. وسَئِفَ لِيف النخلة وانْسَأَفَ: تشَعَّثَ وانقشر. ابن الأَعرابي: سَئِفتْ أَصابعه وسَعِفَتْ بمعنى واحد. الليث: سَئِفُ اللِّيفِ، وهو ما كان ملتزقاً بأُصول السَّعَفِ من خلال الليف، وهو أَرْدؤُه وأَخْشنه لأَنه يُسْأَفُ من جوانب السعف فيصير كأَنه ليف، وليس به، ولُيِّنت همزته. أَبو عبيدة: السَّأَفُ على تقدير السعَف شعر الذَّنَب والهُلْب، والسائفةُ ما اسْتَرَقَّ من الرمل، وجمعها السَّوائف. وفي حديث المَبْعَثِ: فإذا المَلَكُ الذي جاءني بِحراء فَسُئِفْتُ منه أَي فَزِعْت؛ قال: هكذا جاء في بعض الروايات.
سَأَلَ يَسْأَلُ سُؤَالاً وسَآلَةً ومَسْأَلةً وتَسْآلاً وسَأَلَةً قال أَبو ذؤيب:
أَساءَلْتَ رَسْمَ الدَّار، أَم لم تُـسـائِل |
|
عن السَّكْنِ، أَم عن عَهْده بالأَوائِل؟ |
وسَأَلْتُ أَسْأَل وسَلْتُ أَسَلُ، والرَّجُلانِ يَتَساءَلانِ ويَتَسايَلانِ، وجمع المَسْأَلة مَسائِلُ بالهمز، فإِذا حذفوا الهمزة قالوا مَسَلَةٌ. وتَساءلوا: سَأَل بعضُهم بعضاً. وفي التنزيل العزيز: واتَّقُوا الله الذي تَسَّاءَلون به والأَرحام، وقرئ: تَساءَلُون به، فمن قرأَ تَسَّاءَلون فالأَصل تَتَساءَلون قلبت التاء سيناً لقرب هذه من هذه ثم أُذغمت فيها، قال: ومن قرأَ تَسَاءَلون فأَصله أَيضاً تَتَساءَلون حذفت التاء الثانية كراهية للإِعادة، ومعناه تَطْلُبون حقوقَكم به. وقوله تعالى: كان على ربك وَعْداً مَسْؤولاً؛ أَراد قولَ الملائكة: رَبَّنا وأَدْخِلْهُم جَنَّات عَدْنٍ التي وعَدْتَهم؛ وقال ثعلب: معناه وَعْداً مسؤولاً إِنْجازُه، يقولون ربنا قد وعَدْتَنا فأَنْجِزْ لنا وعدَك. وقوله عز وجل: وقَدَّر فيها أَقواتَها في أَربعة أَيام سَواءً للسائلين؛ قال الزجاج: إِنما قال سَواءً للسائلين لأَن كُلاًّ يطلب القُوتَ ويَسْأَله، وقد يجوز أَن يكون للسائلين لمن سَأَل في كم خُلِقَت السمواتُ والأَرضُ، فقيل خلقت الأَرض في أَربعة أَيام سواءً لا زيادة ولا نقصان، جواباً لمن سَأَل.
وقوله عز وجل: وسوف تُسأَلون؛ معناه سوف تُسأَلون عن شكر ما خلقه الله لكم من الشرف والذكر، وهما يَتَساءلان. قال: فأَما ما حكاه أَبو علي عن أَبي زيد من قولهم اللهم أَعْطنا سَأَلاتِنا، فإِنما ذلك على وَضْع المصدر موضَع الاسم، ولذلك جُمِع، وقد يخفف على البدل فيقولون سَال يَسال، وهما يَتَساوَلانِ، وقرأَ نافع وابن عمر سال، غير مَهموز، سائلٌ، وقيل: معناه بغير همز: سال والدٍ بعذاب واقع، وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو والكوفيون: سَأَل سائلٌ، مهموز على معنى دَعا داعٍ. الجوهري: سَأَلَ سائِلٌ بعذاب واقع؛ أَي عن عذاب واقع. قال الأَخفش: يقال خَرَجْنا نَسْأَل عن فلان وبفلان، وقد يخفف فيقال سالَ يَسال؛ قال الشاعر:
ومُرْهَقٍ، سالَ إِمْتاعاً بأُصْـدتِـه |
|
لم يَسْتَعِنْ وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ |
والأَمر منه سَلْ بحركة الحرف الثاني من المستقبل، ومن الأَول اسْأَل؛ قال ابن سيده: والعرب قاطبة تحذف الهمز منه في الأَمر، فإِذا وصلوا بالفاء أَو الواو هَمَزوا كقولك فاسْأَلْ واسْأَلْ؛ قال: وحكى الفارسي أَن أَبا عثمان سَمع من يقول إِسَلْ، يريد اسْأَلْ، فيحذف الهمزة ويُلقى حركتها على ما قبلها، ثم يأْتي بأَلف الوصل لأَن هذه السين وإِن كانت متحرّكة فهي في نية السكون، وهذا كقول بعض العرب الاحْمَر فيخفف الهمزة بأَن يحذفها ويلقي حركتها على اللام قبلها؛ فأَما قول بلال بن جرير:
إِذا ضِفْتَهُم أَو سايَلْتَـهُـمْ |
|
وجَدْتَ بهم عِلَّةً حاضِرَه |
فإِن أَحمد بن يحيى لم يَعْرِفْه، فلما فَهِم قال: هذا جَمْعٌ بين اللغتين، فالهمزة في هذا هي الأَصل، وهي التي في قولك سأَلْت زيداً، والياء هي العوض والفرع، وهي التي في قولك سايَلْت زيداً، فقد تراه كيف جمع بينهما في قوله سايَلْتَهم قال: فوزنه على هذا فَعايَلْتَهم، قال: وهذا مثال لا يُعْرَف له في اللغة نظير. وقوله عز وجل: وَقِفُوهم إِنهم مسؤولون؛ قال الزجاج: سُؤَالُهم سُؤَالُ توبيخ وتقرير لإِيجاب الحجة عليهم لأَن الله جل ثناؤه عالم بأَعمالهم. وقوله: فيومئذ لا يُسْأَل عن ذنبه إِنس ولا جانٌّ؛ أَي لا يُسْأَل ليُعْلم ذلك منه لأَن الله قد علم أَعمالهم. والسُّول: ما سأَلَتْه. وفي التنزيل العزيز: قال قد أُوتِيتَ سُؤْلَك يا موسى؛ أَي أُعْطِيت أُمْنِيَّتك التي سَأَلْتها، قرئ بالهمز وغير الهمز.
وأَسْأَلْته سُولَتَه ومَسْأَلته أَي قَضَيت حاجته؛ والسُّولة: كالسُّول؛ عن ابن جني، وأَصل السُّول الهمز عند العرب، اسْتَثْقَلوا ضَغْطَة الهمزة فيه فتكلموا به على تخفيف الهمزة، وسنذكره في سول، وسَأَلْته الشيءَ وسَأَلْته عن الشيء سُؤالاً ومَسْأَلة؛ قال ابن بري: سَأَلته الشيءَ بمعنى اسْتَعْطَيته إِياه، قال الله تعالى: ولا يَسْأَلْكم أَمْوالكم. وسأَلْته عن الشيء: استخبرته، قال: ومن لم يهمز جعله مثل خاف، يقول: سِلْته أَسْالُه فهو مَسُولٌ مثلِ خِفْتُه أَخافه فهو مَخُوف، قال: وأَصله الواو بدليل قولهم في هذ اللغة هما يَتَساولان. وفي الحديث: أَعْظَمُ المسلمين في المسلمين جُرْماً من سَأَلَ عن أَمر لم يُحَرَّم فحُرِّم على الناس من أَجل مَسْأَلته؛ قال ابن الأَثير: السؤال في كتاب الله والحديث نوعان: أَحدهما ما كان على وجه التبيين والتعلم مما تَمَسُّ الحاجة إِليه فهو مباح أَو مندوب أَو مأْمور به، والآخر ما كان على طريق التكلف والتعنُّت فهو مكروه ومَنْهِيٌّ عنه، فكل ما كان من هذا الوجه ووقع السكوت عن جوابه فإِنما هو رَدْعٌ وزَجْرٌ للسائل، وإِن وقع الجواب عنه فهو عقوبة وتغليظ. وفي الحديث: كَرِه المسائلَ وعابَها؛ أَراد المسائل الدقيقة التي لا يُحتاج إِليها.
وفي حديث المُلاعَنة: لما سأَله عاصم عن أَمر من يجد مع أَهله رَجُلاً فأَظْهَر النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، الكراهة في ذلك إِيثاراً لستر العورة وكراهة لهَتْك الحُرْمة. وفي الحديث: أَنه نهى عن كثرة السُّؤال؛ قيل: هو من هذا، وقيل: هو سُؤال الناس أَموالهم من غير حاجة.
ورجُلٌ سُؤَلةٌ: كثير السُّؤال. والفقير يسمى سائلاً، وجَمْعُ السائل الفقير سُؤّال. وفي الحديث: للسائِل حَقٌّ وإِن جاء على فَرَس؛ السائل: الطالب، معناه الأَمر بحُسْن الظن بالسائل إذا تَعَرَّض لك، وأَن لا تجيبه بالتكذيب والردِّ مع إِمكان الصدق أَي لا تُخَيِّب السائلَ وإِن رابَك مَنْظَرُه وجاء راكباً على فرس، فإِنه قد يكون له فرس ووراءه عائلة أَو دَيْن يجوز معه أَخذ الصَّدَقة، أَو يكون من الغُزاة أَو من الغارمين وله في الصدقة سَهْم.
سَئِمَ الشيءَ وسَئِمَ منه وسَئِمْتُ منه أَسْأَمُ سَأَماً وسَأْمَةً وسَآماً وسَآمةً: مَلَّ؛ ورجل سَؤُومٌ وقد أَسْأَمَهُ هو. وفي الحديث: إِن الله لا يَسْأَمُ حتى تَسْأَمُوا. قال ابن الأَثير: هذا مثل قوله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وهو الرواية المشهورة. والسآمةُ: المَلَلُ والضَّجَرُ. وفي حديث أُم زَرْعٍ: زَوْجي كَلَيْلِ تِهامة لا قُرٌّ ولا سَآمة أَي أَنه طَلْقٌ معتدِل في خُلُوِّه من أَنواع الأَذى والمكروه بالحر والبرد والضَّجَر أَي لا يَضْجَرُ مني فَيَمَلّ صحبتي. وفي حديث عائشة: أَن اليهود دخلوا على النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السَّأْمُ عليك، فقالت عائشة: عليكم السَّأْمُ والذَّأْمُ واللعنة، قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية مهموزاً من السَّأْم، ومعناه أَنكم تَسْأَمون دِينكم، والمشهور فيه ترك الهمز ويعنون به الموت، وهو مذكور في موضعه، والله أَعلم.
سَأَيْت الثوبَ والجلدَ أَسْآهُ سَأْياً: مَدَدْته فانشقَّ، وسَأَوْته كذلك.
والسَّأْيُ: داءٌ في طَرَف خِلْفِ الناقة. وسِئَةُ القوس وسُؤَتُها:طَرَفها المعطوف المُعَرْقَب. وأَسْأَيْت القوسَ: جَعَلْت لها سِئَة، وجمع سِئَةٍ سِئات؛ وأَنشد ابن بري:
قياسُ نَبْعٍ عاجَ مِن سِئَاتها |
وترك الهمز في سِئَةِ القوس أَعْلى، وهو الأَكثر. قال ابن خالويه: لم يهمزها إلا رؤبة بن العجاج.والسَّأْوُ: الوَطَن؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّنِي من هَوَى خَرْقاءَ مُطَّرَفٌ |
|
دَامِي الأَظَلِّ، بعيد السَّأْوِ مَهْيُوم |
والسَّأْوُ: الهِمَّة. يقال: فلان بَعيد السَّأوِ أَي بَعِيدُ الهِمَّةِ، وأَنشد أَيضاً بيت ذي الرمة. قال: وفسره فقال يَعني هَمَّه الذي تُنازِعُه نفسُه إليه، ويروى هذا البيت بالشين المعجمة من الشَّأْوِ، وهو الغاية؛ والسَّأْوُ بُعدُ الهَمِّ والنِّزاع، يقال: إنكَ لذُو سَأْوٍ بعيد أَي لَبَعيد الهَمِّ. والسَّأْوُ: النِّيَّة والطِّيَّة. وسَأَوْتُ بين القوم سَأواً أَي أَفْسَدت. وسآه الأَمْرُ: كَساءَه، مقلوب عن ساءَه؛ حكاه سيبويه؛ وأَنشد لكعب بن مالك:
لقد لَقِيَت قُرَيْظَة ما سَآها، |
|
وحَلَّ بدارِهـا ذُلٌّ ذَلـيل |
وأَكْرَهُ مسائِيَكَ، قال: وإنما جُمِعَت المَساءَة ثم قُلِبت فكأَنه جمع مَسْآة مثل مَسْعاة. ويقال: سَأَوته بمعنى سُؤْته.