باب السين والباء

سبأ

سَبَأَ الخَمْرَ يَسْبَؤُها سَبْأً وسِباءً ومَسْبَأً واستَبَأَها: شَراها. وفي الصحاح: اشتراها لِيشْرَبَها. قال ابراهيم بن هَرْمةَ:

خَوْدٌ تُعاطِيكَ، بعد رَقْدَتِها،

 

إذا يُلاقِي العُيونَ مَهْدَؤُها

كأْساً بِفِيها صَهْباء، مُعْرَقة،

 

يَغْلُو بأَيدي التِّجارِ مَسْبَؤُها

مُعْرَقةٌ أَي قليلةُ المِزاجِ أَي أَنها من جَوْدَتِها يغلُو اشتِراؤُها. واسْتَبَأَها: مِثله. ولا يقال ذلك إلاَّ في الخَمرِ خاصة. قال مالك بن أَبي كعب:

بَعَثْتُ الى حانُوتِها، فاسْتَـبَـأْتُـهـا

 

بغيرِ مِكاسٍ في السِّوام، ولا غَصْبِ

والاسم السِّباءُ، على فِعالٍ بكسر الفاء. ومنه سميت الخمر سَبِيئةً.
قال حَسَّانُ بن ثابِتٍ رضي اللّه تعالى عنه:

كأَنَّ سَبِيئةً من بَيْتِ رأس،

 

يكونُ مِزاجَها عسلٌ وماءُ

وخبر كأَنَّ في البيت الثاني وهو:

على أَنْيابها، أَو طَعْمُ غَضٍّ

 

مِنَ التُّفَّاحِ، هَصَّرَه اجْتِناءُ

وهذا البيت في الصحاح:

كأَنَّ سَبِيئةً في بيت رأْسٍ

قال ابن بري: وصوابه مِن بَيْتِ رأْسٍ، وهو موضع بالشام.
والسَّبَّاءُ: بَيَّاعُها. قال خالد بن عبد اللّه لعُمر بن يوسف الثَّقفي: يا ابن السَّبَّاءِ، حكى ذلك أَبو حنيفة. وهي السِّباءُ والسَّبِيئةُ، ويسمى الخَمَّار سَبَّاءً. ابن الأَنباري: حكى الكسائي: السَّبَأُ الخَمْرُ، واللَّظَأُ: الشيءُ الثَّقيل اللظأ حكاهما مهموزين مقصورين. قال: ولم يحكهما غيره. قال: والمعروف في الخَمْرِ السِّباءُ، بكسر السين والمدّ، وإذا اشتريت الخمر لتحملها إلى بلد آخر قلت: سَبَيْتُها، بلا همز. وفي حديث عمر رضي اللّه عنه: أَنه دَعا بالجِفانِ فسَبَأَ الشَّرابَ فيها.
قال أبو موسى: المعنى في هذا الحديث، فيما قيل: جَمَعَها وخَبَأَها.
وسَبَأَتْه السِّياطُ والنارُ سَبْأً: لَذَعَتْه، وقيل غَيَّرتْه ولَوَّحَتْه، وكذلك الشمسُ والسَّيْرُ والحُمَّى كلهن يَسْبَأُ الإنسانَ أَي يُغَيِّره. وسَبَأْتُ الرجلَ سَبْأً جَلَدْتُه. وسَبَأَ جِلْدَه سَبْأً: أَحْرَقَه، وقيل سلَخَه.
وانْسَبَأَ هو وسَبَأْتُه بالنار سَبْأً إذا أَحْرَقْته بها.
وانْسَبَأَ الجِلْد: انْسَلَخَ. وانْسَبَأً جلْدُه إذا تَقَشَّر. وقال:

وقد نَصَلَ الأَظفارُ وانْسَبَأَ الجِلْدُ

وإنك لتريدُ سبْأَةً أَي تُرِيد سَفَراً بعيدا يُغَيِّرُك. التهذيب: السُّبْأَةُ: السَّفر البعيد، سمي سُبْأَةً لأَن الإنسان إذا طال سَفَرُه سَبَأَتْه الشمسُ ولَوَّحَتْه، وإذا كان السفر قريباً قيل: تريد سَرْبةً. والمَسْبَأُ: الطريقُ في الجبل.
وسَبَأَ على يَمِينٍ كاذبة يَسْبَأُ سَبْأً: حَلَف، وقيل: سبَأَ على يَمِينٍ يَسْبَأُ سَبْأً مَرَّ عليها كاذباً غير مُكْتَرِثٍ بها.
وأَسْبَأَ لأَمر اللّه: أَخْبَتَ. وأَسْبَأَ على الشيءِ: خَبَتَ له قَلْبُه. وسَبَأُ: اسم رجل يَجْمع عامَّةَ قَبائل اليَمن، يُصْرَفُ على إرادة الحَيِّ ويُتْرَك صرْفُه على إرادة القَبِيلة. وفي التنزيل: لقَدْ كانَ لِسَبَإٍ في مَساكِنِهم وكان أَبو عمرو يقرأُ لِسَبَأَ. قال:

مَنْ سَبَأَ الحاضِرِينَ مَأْرِبَ، إذْ

 

يَبْنُونَ، مِنْ دُونِ سَيْلِها، العَرِما

وقال:

أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلدانُ مِنْ سَبَإٍ،

 

كأَنهم، تَحتَ دَفَّيْها، دَحـارِيجُ

وهو سَبَأُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ، يُصرف ولا يُصرف، ويمدُّ ولا يمدّ. وقيل: اسم بلدة كانت تَسْكُنها بِلْقِيسُ. وقوله تعالى: وجِئْتُك مِن سَبَإٍ بنَبَإٍ يقين. القُرَّاءُ على إجْراءِ سَبَإٍ، وإن لم يُجْروه كان صواباً. قال: ولم يُجْرِه أَبو عمرو بن العَلاءِ. وقال الزجاج: سَبَأٌ هي مدينة تُعرَف بمَأرِب مِن صَنْعاءَ على مَسِيرةِ ثلاثِ ليالٍ، ومن لم يَصْرِفْ فلأَنه اسم مدينة، ومن صرفه فلأَنه اسم البلد، فيكون مذكراً سمي به مذكر. وفي الحديث ذكر سَبَأ قال: هو اسم مدينة بلقيس باليمن. وقالوا: تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبا وأَيادِي سَبا، فبنوه. وليس بتخفيف عن سَبَإٍ لأَن صورة تحقيقه ليست على ذلك، وإنما هو بدل وذلك لكثرته في كلامهم، قال:

مِنْ صادِرٍ، أَو وارِدٍ أَيْدِي سَبَا

وقال كثير:

أَيادِي سَبَا، يا عَزَّ، ما كُنْتُ بَعْدَكُمْ،فَلَمْ يَحْلَ للعَيْنَيْنِ، بَعْدَكِ، مَنْزِلُ

وضَرَبَتِ العَرَبُ بِهِم المَثَلَ في الفُرْقة لأَنه لمَّا أَذْهَبَ اللّه عنهم جَنْتَهم وغَرَّقَ مكانَهُم تَبَدَّدُوا في البلاد. التهذيب: وقولهم ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَا أَي مُتَفَرِّقين، شُبِّهُوا بأَهلِ سبَأ لمَّا مزَّقهم اللّه في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ، فأَخذ كلُّ طائفةٍ منهم طريقاً على حِدةٍ. واليَدُ: الطَّرِيق، يقال: أَخَذَ القَومُ يَدَ بَحْرٍ. فقيل للقوم، إذا تَفَرَّقوا في جهاتٍ مختلفة: ذَهَبوا أَيدي سَبَا أَي فَرَّقَتْهم طُرُقُهم التي سَلَكُوها كما تَفَرَّقَ أَهل سَبأ في مذاهبَ شَتَّى. والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأَنه كثر في كلامهم، فاسْتَثْقَلوا فيه الهمزة، وإن كان أَصله مهموزاً. وقيل: سَبَأٌ اسم رجل ولَدَ عشرة بَنِينَ، فسميت القَرْية باسم أَبِيهم.
والسَّبائِيَّةُ والسَّبَئِيَّةُ من الغُلاةِ ويُنْسَبُون إلى عبد اللّه ابن سَبَإٍ.

سبب

السَّبُّ: القَطْعُ. سَبَّه سَبّاً: قَطَعه؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيُّ:

فما كان ذَنْبُ بَني مـالِـكٍ،

 

بأَنْ سُبَّ منهم غُلامٌ، فَسَـبْ

عَراقِيبَ كُومٍ، طِوالِ الذُّرَى،

 

تَخِرُّ بَوائِكُهـا لـلـرُّكَـبْ

بأَبْيضَ ذِي شُطَـبٍ بـاتِـرٍ،

 

يَقُطُّ العِظَامَ، ويَبْري العَصَبْ

البَوائِكُ: جمع بائكة، وهي السَّمِينةُ. يريدُ مُعاقَرةَ أَبي الفَرَزْدق غالِب بن صَعْصعة لسُحَيْم بن وَثِيلٍ الرِّياحِيّ، لما تَعاقَرا بصَوْأَر، فعَقَرَ سُحَيْم خمساً، ثم بدا له وعَقرَ غالبٌ مائة. التهذيب: أَراد بقوله سُبَّ أَي عُيِّر بالبُخْلِ، فسَبَّ عَراقيبَ إِبله أَنَفةً مما عُيِّر به، كالسيف يسمى سَبَّابَ العَراقيب لأَنه يَقْطَعُها.
التهذيب: وسَبْسَبَ إذا قَطَع رَحِمه.
والتَّسابُّ: التَّقاطُعُ.
والسَّبُّ: الشَّتْم، وهو مصدر سَبَّه يَسُبُّه سَبّاً: شَتَمَه؛ وأَصله من ذلك.
وسَبَّبه: أَكثر سَبَّه؛ قال:

إِلاّ كَمُعْرِضٍ المُحَسَّرِ بَكْرَهُ،

 

عَمْداً، يُسَبِّبُني على الظُّلْـمِ

أَراد إِلا مُعْرِضاً، فزاد الكاف، وهذا من الاستثناءِ المنقطع عن الأَوَّل؛ ومعناه: لكن مُعْرِضاً.
وفي الحديث: سِبابُ المُسْلِم فُسوقٌ، وقِتاله كُفرٌ. السَّبُّ: الشَّتْم، قيل: هذا محمول على من سَبَّ أَو قاتَلَ مسلماً، من غير تأْويل؛ وقيل: إِنما قال ذلك على جهة التغليظ، لا أَنه يُخْرِجُه إِلى الفِسْقِ والكفر.
وفي حديث أَبي هريرة: لا تَمْشِيَنَّ أَمام أَبيك، ولا تجْلِسْ قَبْله، ولا تَدْعُه باسمه، ولا تَسْتَسِبَّ له، أَي لا تُعَرِّضْه للسَّبِّ، وتَجُرَّه إِليه، بأَن تَسُبَّ أَبا غَيْرك، فيَسُبَّ أَباك مُجازاةً لك. قال ابن الأَثير: وقد جاءَ مفسراً في الحديث الآخر: انَّ من أَكبر الكبائر أَن يَسُبَّ الرجلُ والديه؛ قيل: وكيف يَسُبُّ والديه؟ قال: يَسُبُّ أَبا الرجلِ، فيسُبُّ أَباه، ويَسُبُّ أُمه، فيَسُبُّ أُمه. وفي الحديث: لا تَسُبُّوا الإِبلَ فإِن فيها رُقُوءَ الدَّم.
والسَّبَّابةُ: الإِصْبَعُ التي بين الإبهام والوُسْطى، صفةٌ غالبة، وهي المُسَبِّحَةُ عند المُصَلِّين.
والسُّبَّة: العارُ؛ ويقال: صار هذا الأَمر سُبَّةً عليهم، بالضم، أَي عاراً يُسبُّ به.
ويقال: بينهم أُسْبوبة يَتَسابُّونَ بها أَي شيء يَتشاتَمُونَ به.
والتَّسابُّ: التَّشاتُم. وتَسابُّوا: تَشاتَمُوا.
وسابَّه مُسابَّةً وسِباباً: شاتَمه.
والسَّبِيبُ والسَّبُّ: الذي يُسابُّكَ. وفي الصحاح: وسِبُّكَ الذي يُسابُّكَ؛ قال عبد الرحمن بن حسان، يهجو مِسْكِيناً الدَّارِميَّ:

لا تَسُبَّنَّنِي، فَلسْتَ بِـسِـبِّـي،

 

إِنَّ سِبِّي، من الرِّجالِ، الكَرِيمُ

ورجل سِبٌّ: كثيرُ السِّبابِ.
ورجلٌ مِسَبٌّ، بكسر الميم: كثيرُ السِّبابِ. ورجل سُبَّة أَي يَسُبُّه الناسُ؛ وسُبَبَة أَي يَسُبُّ الناسَ. وإِبِلٌ مُسَبَّبَة أَي خِيارٌ؛ لأَنه يقال لها عندَ الإِعْجابِ بها: قاتلَها اللّه، وقول الشَّمَّاخ، يَصِفُ حُمُر الوَحْشِ وسِمَنَها وجَوْدَتَها:

مُسَبَّبَة، قُبّ البُطُونِ، كـأَنـهـا

 

رُماحٌ، نَحاها وجْهَة الريحِ راكزُ

يقولُ: من نَظَر إِليها سَبَّها، وقال لها: قاتَلها اللّهُ ما أَجودَها، والسِّبُّ: السِّتْرُ. والسِّبُّ: الخمارُ. والسِّبُّ: العِمامة.
والسِّبُّ: شُقَّة كَتَّانٍ رقِيقة. والسَّبِيبَةُ مِثلُه، والجمع السُّبُوبُ، والسَّبائِبُ. قال الزَّفَيانُ السَّعْدِي، يَصِفُ قَفْراً قَطَعَه في الهاجرة، وقد نَسَجَ السَّرابُ به سَبائِبَ يُنيرُها، ويُسَدِّيها، ويُجيدُ صَفْقَها:

يُنيرُ، أَو يُسْدي به الخَدَرْنَقُ

 

سَبائِباً، يُجِيدُها، ويصْفِـقُ

والسِّبُّ: الثَّوْبُ الرَّقِيقُ، وجَمْعُه أَيضاً سُبُوبٌ. قال أَبو عمرو: السُّبُوبُ الثِّيابُ الرِّقاقُ، واحدُها سِبٌّ، وهي السَّبائِبُ، واحدُها سَبيبَة؛ وأَنشد:

ونَسَجَتْ لوامِعُ الحَرُورِ

 

سَبائِباً، كَسَرَقِ الحَريرِ

وقال شمر: السَّبائِب متاعُ كَتَّانٍ، يُجاءُ بها من ناحية النيلِ، وهي مشهورة بالكَرْخِ عند التُّجّار، ومنها ما يُعْملُ بِمصْر، وطولها ثمانٌ في سِتٍّ.
والسَّبِيبَة: الثوبُ الرقِيقُ.
وفي الحديث: ليس في السُّبوبِ زَكاةٌ، وهي الثِّيابُ الرِّقاقُ، الواحِدُ سِبٌّ، بالكسرِ، يعني إذا كانت لغير التجارةِ؛ وقيل: إِنما هي السُّيُوبُ، بالياءِ، وهي الرِّكازُ لأَن الركاز يَجِبُ فيه الخُمس، لا الزكاةُ.
وفي حديث صِلَة بن أَشْيَمَ: فإِذا سِبٌّ فيه دَوْخَلَّةُ رُطَبٍ أَي ثوبٌ رَقِيقٌ. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: أَنه سُئِلَ عن سَبائِبَ يُسْلَفُ فيها. السَّبائِبُ: جمع سَبِيبَةٍ وهي شُقَّة من الثِّيابِ أَيَّ نوعٍ كان؛ وقيل: هي منَ الكتَّانِ؛ وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: فعَمَدَتْ إِلى سَبِيبةٍ من هذه السَّبائبِ، فَحَشَتْها صوفاً، ثم أَتتني بها. وفي الحديث: دَخَلْتُ على خالد، وعليه سَبِيبة؛ وقول المخبل السعدي:

أَلم تَعْلَمِي، يا أُمَّ عَمْرَةَ، أَنـنـي

 

تخَاطأَني رَيْبُ الزَّمانِ لأَكْبَـرا

وأَشْهَدُ من عَوْفٍ حُلُولاً كثـيرةً،

 

يحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا

قال ابن بري: صواب إِنشاده: وأَشْهَدَ بنَصْبِ الدالِ. والحُلولُ: الأَحْياءُ المجتمعةُ، وهو جمع حالٍّ، مثلُ شاهِدٍ وشُهودٍ. ومعنى يَحُجُّون: يَطْلُبونَ الاختلافَ إِليه، ليَنْظُروه؛ وقيل: يعني عمامَتَه؛ وقيل: اسْتَه، وكان مَقروفاً فيما زَعَم قُطْرُبٌ. والمُزَعْفَر: المُلَوَّن بالزَّعْفَران؛ وكانت سادةُ العرب تَصْبُغُ عَمائمَها بالزَّعْفَرانِ. والسَّبَّةُ: الاسْتُ. وسَأَلَ النُّعمانُ بنُ المُنْذِرِ رجُلاً طَعَنَ رجُلاً، فقال: كيف صَنَعْتَ؟ فقال طَعَنْتُه في الكَبَّةِ طَعْنةً في السَّبَّة، فأَنْفَذْتُها من اللَّبَّة. فقلت لأَبي حاتمٍ: كيف طَعَنَه في السَّبَّة وهو فارس؟ فَضَحِكَ وقال: انْهَزَم فاتَّبَعه، فلما رَهِقَه أَكبَّ ليَأْخُذَ بمَعْرَفَةِ فَرَسِه، فَطَعَنَه في سَبَّتِه.
وسَبَّه يَسُبُّه سَبّاً: طَعَنَه في سَبَّتِه. وأَورد الجوهري هنا بَيْتَ ذِي الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:

بأَنْ سُبَّ مِنْهُم غُلامٌ فَسَبْ

ثم قال ما هذا نصه: يعني مُعاقَرَة غالِبٍ وسُحَيْمٍ، فقوله سُبّ: شُتِمَ، وسَبَّ: عَقَرَ. قال ابن بري: هذا البيت فسره الجوهري على غير ما قَدَّم فيه من المعنى، فيكون شاهداً على سَبَّ بمعنى عَقَر، لا بمعنى طَعَنه في السَّبَّة وهو الصحيح، لأَنه يُفَسَّر بقوله في البَيْتِ الثاني:

عَراقِيبَ كُومٍ طوالِ الذُّرَى

ومما يدل على أَنه عَقْرٌ، نَصْبُه لِعَراقيبَ، وقد تقدَّمَ ذلك مُستَوْفىً في صدْر هذه الترجمة.
وقالت بعض نساءِ العرَب لأَبِيها، وكان مَجْرُوحاً: أَبَتَ، أَقَتَلُوكَ؟ قال: نعم، إِي بُنَيَّة، وسبُّوني، أَي طَعَنُوه في سَبَّتِه. الأَزهري: السَّبُّ الطِّبِّيجاتُ، عن ابن الأَعرابي. قال الأَزهري: جعل السَّبَّ جمعَ السَّبَّة، وهي الدُّبرُ. ومَضَتْ سَبَّة وسَنْبَة من الدَّهْر أَي مُلاوَةٌ؛ نونُ سَنْبةٍ بَدَلٌ مِنْ باءِ سَبَّة، كإِجّاصٍ وإِنجاصٍ، لأَنه ليس في الكلام س ن ب. الكسائي: عِشْنا بها سَبَّة وسَنْبَة، كقولك: بُرهةً وحِقْبَةً. وقال ابن شميل: الدهرُ سَبّاتٌ أَي أَحوالٌ، حالٌ كذا، وحالٌ كذا. يقال: أَصابَتْنَا سَبَّة من بَرْدٍ في الشِّتاءِ، وسَبَّةٌ مِنْ صَحْوٍ، وسَبَّةٌ من حَرٍّ، وسَبَّةٌ من رَوْحٍ إذا دامَ ذلك أَياماً.
والسِّبُّ والسَّبِيبةُ: الشُّقَّةُ، وخَصَّ بعضُهم به الشُّقَّة البَيْضاء؛ وقولُ عَلْقَمَة بنِ عَبدَة:

كأَنَّ إِبريقَهُم ظَبيٌ على شَرَفٍ،

 

مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتَّانِ، مَـلْـثُـومُ

إِنما أَراد بِسَبائِب فحَذف، وليس مُفَدَّمٌ من نَعْت الظَّبْي، لأَنَّ الظَّبيَ لا يُفَدَّم؛ إِنما هو في موضع خَبرِ المُبتَدَإِ، كأَنه قال: هو مُفَدَّمٌ بسَبا الكَتّانِ.
والسَّبَبُ: كلُّ شيءٍ يُتَوَصَّلُ به إِلى غيره؛ وفي نُسخةٍ: كلُّ شيءٍ يُتَوَسَّل به إِلى شيءٍ غيرِه، وقد تَسَبَّبَ إِليه، والجمعُ أَسْبابٌ؛ وكلُّ شيءٍ يُتَوصّلُ به إِلى الشيءِ، فهو سَبَبٌ. وجَعَلْتُ فُلاناً لي سَبَباً إِلى فُلانٍ في حاجَتي وَوَدَجاً أَي وُصْلة وذَريعَة.
قال الأَزهري: وتَسَبُّبُ مالِ الفَيءِ أُخِذَ من هذا، لأَنَّ المُسَبَّبَ عليه المالُ، جُعِلَ سَبَباً لوُصول المال إِلى مَن وَجَبَ له من أَهل الفَيءِ.
وقوله تعالى: وتَقَطَّعَتْ بهمُ الأَسْبابُ، قال ابن عباس: المودّةُ.
وقال مجاهدٌ: تواصُلُهم في الدنيا. وقال أَبو زيد: الأَسبابُ المنازلُ، وقيل المودّةُ؛ قال الشاعر:

وتقَطَّعَتْ أَسبابُها ورِمامُها

فيه الوجهان مَعاً. المودة، والمنازِلُ. واللّه، عز وجل، مُسَبِّبُ الأَسْبابِ، ومنه التَّسْبِيبُ.
والسَّبَبُ: اعْتِلاقُ قَرابة. وأَسبابُ السماء: مَراقِيها؛ قال زهير:

ومَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلْقَها،

 

ولو رَامَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّم

والواحدُ سَبَبٌ؛ وقيل: أَسبابُ السماءِ نواحيها؛ قال الأَعشى:

لئن كنتَ في جُبٍّ ثمانينَ قامةً،

 

ورُقِّيتَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّـمِ

لَيَسْتَدْرِجَنْكَ الأَمرُ حتى تَهُرَّه،

 

وتَعْلَمَ أَني لستُ عنكَ بمُحْرِمِ

والمُحْرِمُ: الذي لا يَسْتَبيح الدِّماءَ. وتَهُرّه: تَكْرَهه.
وقوله عز وجل: لَعَلِّي أَبْلُغ الأَسبابَ أَسبابَ السموات؛ قال: هي أَبوابُها. وارْتَقَى في الأَسبابِ إذا كان فاضِل الدين.
والسِّبُّ: الحَبْلُ، في لغة هُذَيْلٍ؛ وقيل: السِّبُّ الوَتِد؛ وقول أَبي ذُؤَيْب يصف مُشْتارَ العَسَل:

تَدَلَّى عليها، بين سِـبٍّ وخَـيْطةٍ،

 

بجَرْداءَ مثلِ الوَكْفِ، يَكْبُو غُرابُها

قيل: السِّبُّ الحَبْل، وقيل الوَتِدُ، وسيأتي في الخَيْطة مثلُ هذا الاختلاف، وإِنما يصف مُشْتارَ العَسَل؛ أَراد: أَنه تَدَلَّى من رأْسِ جبلٍ على خلِيَّةِ عَسَلٍ ليَشْتارَها بحَبْلٍ شدَّه في وَتِدٍ أَثْبَته في رأْس الجبَل، وهو الخَيْطة، وجَمْع السِّبِّ أَسبابٌ.
والسَّبَبُ: الحَبْلُ كالسِّبِّ، والجمع كالجمع، والسُّبوبُ: الحِبال؛ قال ساعدة:

صَبَّ اللهيف لها السُّبوبَ بطَغْيةٍ،

 

تُنْبي العُقابَ، كما يُلَطُّ المِجْنَـبُ

وقوله عز وجل: مَن كان يظُنُّ أَن لنْ يَنْصُرَه اللّه في الدنيا والآخرة فلْيَمدُدْ بسببٍ إِلى السماءِ. معناه: من كان يَظُنّ أَن لن يَنْصُرَ اللّهُ، سبحانه، محمداً، صلى اللّه عليه وسلم، حتى يُظْهِرَه على الدين كلِّه، فلْيَمُتْ غَيظاً، وهو معنى قوله تعالى: فلْيَمدُدْ بسَبَب إِلى السماءِ؛ والسَّبَبُ: الحَبْل. والسماءُ: السَّقْف؛ أَي فلْيَمْدُدْ حَبْلاً في سَقفِهِ، ثم ليَقْطَعْ، أَي ليَمُدَّ الحَبْل حتى ينْقَطِع، فيَموتَ مختَنِقاً. وقال أَبو عبيدة: السَّببُ كلُّ حَبْل حَدَرْتَه من فوق. وقال خالدُ بنُ جَنَبَة: السَّبَب من الحِبال القويُّ الطويلُ.
قال: ولا يُدعى الحبلُ سَبباً حتى يُصْعَد به، ويُنْحَدَرَ به. وفي الحديث: كلُّ سببٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلاّ سَبَبي ونَسَبي؛ النَّسَبُ بالولادةِ، والسَّبَبُ بالزواج، وهو من السَّبَبِ، وهو الحَبْل الذي يُتَوَصَّل به إِلى الماءِ، ثم اسْتُعِير لكلّ ما يُتوصَّل به إِلى شيءٍ؛ كقوله تعالى: وتقَطَّعَتْ بهِمُ الأَسبابُ، أَي الوُصَل والمَوَدَّاتُ. وفي حديث عُقْبَة، رضي اللّه عنه: وإِن كان رزْقُه في الأَسباب، أَي في طُرُقِ السماءِ وأَبوابها. وفي حديث عَوْفِ بن مالك، رضي اللّه عنه: أَنه رأَى في المنامِ كأَنَّ سَبباً دُلِّيَ من السماءِ، أَي حَبْلاً. وقيل: لا يُسَمَّى الحبلُ سبباً حتى يكونَ طَرَفُه مُعَلَّقاً بالسَّقْفِ أَو نحوِه. والسببُ، من مُقَطَّعات الشِّعْرِ: حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ وحرفٌ ساكنٌ، وهو على ضَرْبَيْن: سَبَبانِ مَقرونانِ، وسَببانِ مَفْروقان؛ فالمقْرونانِ ما توالَتْ فيه ثلاثُ حَرَكاتٍ بعدَها ساكِنٌ، نحو مُتَفَا من مُتَفاعِلُنْ، وعَلَتُنْ من مُفاعَلَتُن، فحركة التَّاءِ من مُتَفا، قد قَرَنَت السَّبَبَين، وكذلك حركةُ اللامِ من عَلَتُنْ، قد قَرَنَتِ السَّبَبَيْنِ أَيضاً؛ والمَفْرُوقان هما اللذانِ يقومُ كلُّ واحدٍ منهما بنفسِه أَي يكونُ حرفٌ متحركٌ وحرفٌ ساكنٌ، ويَتْلُوه حرفٌ متحرك، نحو مُسْتَفْ، من مُسْتَفْعِلُنْ؛ ونحو عِيلُنْ، مِن مَفاعِيلُنْ، وهذه الأَسبابُ هي التي يَقَع فيها الزِّحافُ على ما قد أَحْكَمَته صِناعةُ العَروض، وذلك لأَن الجُزْءَ غيرُ مُعْتَمِدٍ عليها؛ وقوله:

جَبَّتْ نِساءُ العالَمِينَ بِالسَّبَبْ

يجوز أَن يكونَ الحَبْلَ، وأَن يكونَ الخَيْطَ؛ قال ابنُ دُرَيْدٍ: هذه امرأَةٌ قَدَّرَتْ عَجِيزَتَها بخَيْطٍ، وهو السبب، ثم أَلْقَتْه إِلى النساءِ لِيَفْعَلْنَ كما فَعَلَتْ، فَغَلَبَتْهُنّ. وقَطَعَ اللّه به السببَ أَي الحَياة.
والسَّبِيبُ من الفَرَس: شَعَر الذَّنَبِ، والعُرْفِ، والنَّاصِيَةِ؛ وفي الصحاح: السبِيبُ شَعَر الناصِيةِ، والعُرْفِ، والذَّنَبِ؛ ولم يَذْكُر الفَرَس. وقال الرياشِيُّ: هو شَعْرُ الذَّنَب، وقال أَبو عبيدة: هو شَعَر الناصِية؛ وأَنشد:

بِوافي السَّبِيبِ، طَوِيلِ الذَّنَبْ

والسَّبِيبُ والسَّبِيبَةُ: الخُصْلة من الشَّعَر. وفي حديثِ استسْقاءِ عُمَرَ، رضي اللّه عنه: رأَيتُ العباسَ، رضي اللّه عنه، وقد طالَ عُمَرَ، وعَيْناه تَنْضَمَّان، وسَبائِبُهُ تَجُولُ على صَدْرِه؛ يعني ذَوائِبَهُ، واحدُها سَبِيبٌ. قال ابن الأَثير: وفي كتاب الهَرَوِيّ، على اختلافِ نسخه: وقد طالَ عُمْرُه، وإِنما هو طال عُمَرَ، أَي كان أَطْوَلَ منه لأَنَّ عُمَرَ لمَّا استَسْقَى أَخَذَ العباس إِليه، وقال: اللهم إِنَّا نَتَوسَّل إِليك بعَمِّ نَبِيِّكَ، وكان إِلى جانِبِه، فرآهُ الراوي وقد طالَه أَي كان أَطولَ منه.
والسَّبِيبة: العِضاهُ، تَكْثُرُ في المكانِ.

سبت

السِّبْتُ، بالكسر: كلُّ جلدٍ مدبوغ، وقيل: هو المَدْبُوغ بالقَرَظِ خاصَّةً؛ وخَصَّ بعضُهم به جُلودَ البَقر، مدبوغة كانت أَم غيرَ مدبوغة. ونِعالٌ سِبْتِيَّة: لا شعر عليها. الجوهري: السِّبْتُ، بالكسر، جلود البقر المدبوغةُ بالقَرَظ، تُحْذَى منه النِّعالُ السِّبْتِيَّة. وخرَج الحجاجُ يَتَوَذَّفُ في سِبْتِيَّتَيْنِ له. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسنلم، رأَى رجلاً يمشي بين القبور في نَعْلَيْه، فقال: يا صاحب السِّبْتَيْنِ، اخْلَعْ سِبْتَيْكَ. قال الأَصمعي: السِّبْتُ الجِلْدُ المدبوغُ، قال: فإِن كان عليه شعر، أَو صوف، أَو وَبَرٌ، فهو مُصْحَبٌ.
وقال أَبو عمرو: النعال السِّبْتِيَّة هي المدبوغة بالقَرَط. قال الأَزهري: وحديث النبي، صلى الله عليه وسلم، يَدُلّ على أَن السِّبْتَ ما لا شعر عليه. وفي الحديث: أَن عُبَيْدَ بن جُرَيْج قال لابن عمر: رأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، فقال: رأَيتُ النبي، صلى الله عليه وسلم، يَلْبَسُ النِّعال التي ليس عليها شعر، ويتوضأُ فيها، فأَنا أُحِبُّ أَن أَلْبَسَها؛ قال: إِنما اعترض عليه، لأَنها نعال أَهل النعْمة والسَّعَةِ. قال الأَزهري: كأَنها سُمِّيَتْ سِبْتِيَّةً، لأَنَّ شعرها قد سُبِتَ عنها أَي حُلِقَ وأُزِيلَ بعِلاج من الدباغ، معلوم عند دَبَّاغِيها. ابن الأَعرابي: سميت النعال المدبوغة سِبْتِيَّة، لأَنها انْسَبَتَت بالدباغ أَي لانَتْ. وفي تسمية النعل المُتَّخَذَة من السِّبْت سِبْتاً اتساعٌ، مثل قولهم: فلان يَلْبَسُ الصوفَ والقُطْنَ والإِبْرَيْسَمَ أَي الثياب المُتَّخَذَة منها. ويروى: السِّبْتِيَّتَيْنِ، على النَّسب، وإِنما أَمره بالخَلْع احْتراماً للمقابر، لأَنه يمشي بينها؛ وقيل: كان بها قَذَر، أَو لاخْتياله في مَشْيِه.
والسَّبْتُ والسُّباتُ: الدَّهْرُ.
وابْنا سُباتٍ: الليل والنهار؛ قال ابن أَحمر:

فكُنَّا وهم كابْنَيْ سُباتٍ تَفَرَّقا

 

سِوىً، ثم كانا مُنْجِداً وتِهامِيَا

قال ابن بري: ذكر أَبو جعفر محمد بن حبيب أَن ابْنَيْ سُباتٍ رجلانِ، رأَى أَحدُهما صاحبَه في المنام، ثم انْتَبَه، وأَحدُهما بنَجْدٍ والآخر بِتهامة. وقال غيره: ابنا سُبات أَخوانِ، مضى أَحدُهما إِلى مَشْرِقِ الشمسِ لِيَنْظُرَ من أَين تَطْلُعُ، والآخر إِلى مَغْرِبِ الشمسِ لينظر أَين تَغْرُبُ. والسَّبْتُ: بُرْهةٌ من الدهر؛ قال لبيد:

وغَنِيتُ سَبْتاً قبلَ مَجْرَى داحِسٍ،

 

لو كان، للنَّفْسِ اللَّجُوجِ، خُلودُ

وأَقَمْتُ سَبْتاً، وسَبْتَةً، وسَنْبَتاً، وسَنْبَتَةً أَي بُرْهةً.
والسَّبْتُ: الراحةُ.
وسَبَتَ يَسْبُتُ سَبْتاً: اسْتَراحَ وسَكَنَ. والسُّباتُ: نوم خَفِيّ، كالغَشْيَةِ. وقال ثعلب: السُّباتُ ابتداءُ النوم في الرأْس حتى يبلغ إِلى القلب. ورجل مَسْبُوتٌ، من السُّباتِ، وقد سُبِتَ، على ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

وتَرَكَتْ راعِيَها مَسْبوتا،

 

قد هَمَّ، لما نام، أَنْ يموتا

التهذيب: والسَّبْتُ السُّباتُ؛ وأَنشد الأَصمعي:

يُصْبِحُ مَخْمُوراً، ويُمْسِي سَبْتا

أَي مَسْبُوتاً. والمُسْبِتُ: الذي لا يَتَحَرَّكُ، وقد أَسْبَتَ.
ويقال: سُبِتَ المريضُ، فهو مَسْبُوت.
وأَسْبَتَ الحَيَّةُ إِسْباتاً إذا أَطْرَقَ لا يَتَحَرَّكُ، وقال:

أَصَمُّ أَعْمَى، لا يُجِيب الرُّقَى،

 

من طُولِ إِطْرَاقٍ وإِسْبـاتِ

والمَسْبُوتُ: المَيِّتُ والمَغْشِيُّ عليه، وكذلك العليل إذا كان مُلْقىً كالنائم يُغَمِّضُ عينيه في أَكثر أَحواله، مَسْبُوتٌ. وفي حديث عمرو بن مسعود، قال لمعاوية: ما تَسْأَلُ عن شيخ نومُه سُباتٌ، وليلُه هُباتٌ؟ السُّباتُ: نوم المريضِ والشيخِ المُسِنِّ، وهو النَّومةُ الخَفيفة، وأَصْلُه من السَّبْتِ، الراحةِ والسُّكونِ، أَو من القَطْع وتَرْكِ الأَعْمال.
والسُّباتُ: النَّومُ، وأَصْلُه الراحةُ، تقول منه: سَبَتَ يَسْبُتُ، هذه بالضم وحدها. ابن الأَعرابي في قوله عز وجل: وجَعَلْنا نومَكم سُباتاً أَي قِطَعاً؛ والسَّبْتُ: القَطْع، فكأَنه إذا نام، فقد انقطع عن الناس. وقال الزجاج: السُّباتُ أَن ينقطع عن الحركة، والروحُ في بدنه، أَي جعلنا نومكم راحة لكم. والسَّبْتُ: من أَيام الأُسبوع، وإِنما سمي السابعُ من أَيام الأُسبوع سَبْتاً، لأَن الله تعالى ابتدأَ الخلق فيه، وقطع فيه بعضَ خَلْق الأَرض؛ ويقال: أَمر فيه بنو إِسرائيل بقطع الأَعمال وتركها؛ وفي المحكم: وإِنما سمي سَبْتاً، لأَن ابتداء الخلق كان من يوم الأَحد إِلى يوم الجمعة، ولم يكن في السَّبْتِ شيء من الخلق، قالوا: فأَصبحتْ يومَ السَّبْتِ مُنْسَبِتَةً أَي قد تَمَّتْ، وانْقَطَع العملُ فيها؛ وقيل: سمي بذلك لأَن اليهود كانوا يَنْقَطِعون فيه عن العمل والتصرف، والجمع أَسبُتٌ وسُبُوتٌ.
وقد سَبَتُوا يَسْبِتُون ويَسْبُتون، وأَسْبَتُوا: دخَلُوا في السَّبْتِ. والإِسْباتُ: الدخولُ في السَّبْتِ. والسَّبْتُ: قيامُ اليهود بأَمر سُنَّتِها. قال تعالى: ويوم لا يَسْبِتُون لا تأْتيهم. وقوله تعالى: وجعَلْنا الليلَ لباساً، والنَّوْمَ سُباتاً؛ قال: قَطْعاً لأَعْمالكم. قال: وأَخطأَ من قال: سُمِّيَ السَبْتَ، لأَن الله أَمر بني إِسرائيل فيه بالاستراحة؛ وخَلَق هو، عز وجل، السموات والأَرضَ في ستة أَيام، آخرها يوم الجمعة، ثم استراح وانقطع العمل، فسمي السابعُ يوم السبت. قال: وهذا خطأٌ لأَنه لا يُعلم في كلام العرب سَبَتَ، بمعنى اسْتَراح، وإِنما معنى سَبَتَ: قَطَعَ، ولا يوصف الله، تعالى وتَقَدَّس، بالاستراحة، لأَنه لا يَتْعَبُ، والراحة لا تكون إِلا بعد تَعَبٍ وشَغَلٍ، وكلاهما زائل عن الله تعالى، قال: واتفق أَهل العلم على أَن الله تعالى ابتدأَ الخلق يوم السَّبْت، ولم يَخْلُقْ يومَ الجمعة سماء ولا أَرضاً. قال الأَزهري: والدليل على صحة ما قال، ما روي عن عبد الله بن عمر، قال: خلق الله التُّربةً يومَ السَّبْت، وخلق الحجارة يوم الأَحد، وخلق السحاب يوم الاثنين، وخَلَق الكُرومَ يوم الثلاثاء، وخلق الملائكة يوم الأَربعاء، وخلق الدواب يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة فيما بين العصر وغروب الشمس. وفي الحديث: فما رأَينا الشمسَ سَبْتاً؛ قيل: أَراد أُسبوعاً من السَّبْت إِلى السَّبْت، فأَطلق عليه اسم اليوم، كما يقال: عشرون خريفاً، ويرادُ عشرون سنة؛ وقيل: أَراد بالسَّبْتِ مُدَّةً من الأَزمان، قليلة كانت أَو كثيرة.
وحكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: لا تَكُ سَبْتِيّاً أَي ممن يصوم السَّبْتَ وحده.
وسَبَتَ عِلاوَتَه: ضَرَبَ عُنُقَه.
والسَّبْتُ: السير السريع؛ وأَنشد لحميد بن ثور:

ومَطْوِيَّةِ الأَقْرَابِ، أَما نَهارُها

 

فسَبْتٌ، وأَما ليلُها فـزَمِـيلُ

وسَبَتَت الناقةُ تَسْبِتُ سَبْتاً، وهي سَبُوتٌ. والسَّبْت: سَيْر فوق العَنَقِ؛ وقيل: هو ضَرْبٌ من السَّيْر، وفي نسخة: سير الإِبل؛ قال رؤْبة:

يَمْشِي بها ذو المِرَّةِ السَّبُوتُ،

 

وهْوَ من الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ

والسَّبْتُ أَيضاً: السَّبْقُ في العَدْوِ. وفرس سَبْتٌ إذا كان جواداً، كثير العَدْو.
والسَّبْت: الحَلْقُ، وفي الصحاح: حلق الرأْس. وسَبَتَ رأْسَهُ وشعرَه يسْبُتُه سَبْتاً، وسَلَتَه، وسَبَدَه: حَلَقَه؛ قال: وسَبَدَه إذا أَعْفَاه، وهو من الأَضدادِ. وسَبَتَ الشيءَ سَبْتاً وسَبَّتَه: قَطَعَه، وخَصَّ به اللحياني الأَعناقَ. وسَبَتَت اللُّقْمةُ حَلْقي وسَبَتَّتْه: قَطَعَتْه،والتخفيف أَكثر.
والسَّبْتاء من الأَرض: كالصَّحْراء، وقيل: أَرض سَبْتاء، لا شجر فيها.
أَبو زيد: السَّبْتاء الصحراء، والجمع سَباتي وسباتى. وأَرضٌ سَبْتاء: مُستَوِية. وانْسَبَتَتِ الرُّطَبة: جَرَى فيها كلها الإِرْطابُ.
وانْسَبَتَ الرُّطَبُ: عَمَّه كلَّه الإِرْطابُ. ورُطَبٌ مُنسبِتٌ عَمَّه الإِرْطابُ. وانْسَبَتَتِ الرُّطَبَةُ أَي لانَتْ. ورُطَبةٌ مُنْسَبِتَةٌ أَي لَيِّنة؛ وقال عنترة:

بَطَلٌ كأَنَّ ثِبابَه في سَـرْحَةٍ،

 

يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ، ليس بتَوأَمِ

مدحه بأَربع خصال كرام: إِحداها أَنه جعله بطلاً أَي شجاعاً، الثانية أَنه جعله طويلاً، شبهه بالسَّرْحة، الثالثة أَنه جعله شريفاً، للُبْسه نِعالَ السِّبْتِ، الرابعة أَنه جعله تامَّ الخَلْق نامياً، لأَن التَّوْأَم يكون أَنْقَصَ خَلْقاً وقوَّة وعَقْلاً وخُلُقاً. والسَّبْتُ: إِرسال الشعر عن العَقْصِ. والسُّبْتُ والسَّبْتُ: نَبات شِبْه الخِطْمِيِّ، الأَخيرة عن كراع؛ أَنشد قُطْرُبٌ:

وأَرْضٍ يَحارُ بها المُدْلِجُـونْ،

 

تَرَى السُّبْتَ فيها كرُكنِ الكَثِيبْ

وقال أَبو حنيفة: السِّبِتُ نبت، معرَّب من شِبِتٍّ؛ قال: وزعم بعض الرواة أَنه السَّنُّوتُ.
والسَّبَنْتَى والسَّبَنْدَى: الجَرِيء المُقْدِم مِن كل شيء، والياء للإِلحاق لا للتأْنيث، أَلا ترى أَن الهاء تلحقه والتنوين، ويقال: سَبَنْتاة وسَبَنْداة؟ قال ابن أَحمر يصف رجلاً:

كأَنَّ الليلَ لا يَغْسُو عليه،

 

إِذا زَجَرَ السَّبَنْتَاةَ الأَمُونَا

يعني الناقة. والسَّبَنْتَى: النَّمِرُ، ويُشْبِهُ أَن يكونَ سمي به لجُرْأَتِه؛ وقيل: السَّبَنْتَى الأَسَدُ، والأُنثى بالهاء؛ قال الشماخ يرثي عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

جَزَى اللهُ خيراً من إِمامٍ، وباركَـتْ

 

يَدُ الله في ذاكَ الأَدِيمِ الـمُـمَـزَّقِ

وما كنتُ أَخْشَى أَن تكونَ وفَـاتُـه

 

بكَفَّيْ سَبَنْتَى، أَزْرَقِ العَيْنِ، مُطْرِقِ

قال ابن بري: البيت لمُزَرِّدٍ، أَخي الشَّماخ. يقول: ما كنتُ أَخْشَى أَن يقتله أَبو لؤلؤة، وأَن يَجْتَرِئ على قتله. والأَزْرَقُ: العَدُوُّ، وهو أَيضاً الذي يكون أَزْرَقَ العين، وذلك يكون في العَجَم. والمُطْرِقُ: المُسْتَرْخي العين.
وقيل: السَّبَنْتَاة اللَّبُؤَةُ الجَريئة؛ وقيل: الناقة الجَريئة الصدر، وليس هذا الأَخير بقوي، وجمعها سَبانتُ، ومن العرب من يجمعها سَباتَى؛ ويقال للمرأَة السَّلِيطة: سَبَنْتَاة؛ ويقال: هي سَبَنْتَاةٌ في جِلْدِ حَبَنْداة.

سبتل

سُبْتُلٌ: ضرب من حَبَّة البَقْل.

سبج

السُّبْجَةُ والسَّبِيجَةُ: دِرْعٌ عَرْضُ بَدَنِه عظمةُ الدِّرَاعِ، ولهُ كُمٌّ صغير نحو الشِّبْرِ، تلبسه رَبَّاتُ البيوت؛ وقيل: هي بُرْدَة من صوف فيها سواد وبياض؛ وقيل: السُّبْجَةُ والسَّبِيجَةُ ثوب له جَيْبٌ ولا كمّين له؛ زاد التهذيب: يلبسه الطَّيَّانونَ؛ وقيل: هي مِدْرَعَة كُمُّها من غيرها، وقيل: هي غِلالَة تبتذلها المرأَة في بيتها كالبَقِير، والجمع سَبائِجُ وسِباجٌ. والسُّبْجَةُ والسَّبِيجَةُ: كساء أَسود.
والسَّبِيجَةُ: القميص، فارسي معرَّب؛ ابن السكيت: السَّبِيجُ والسَّبِيجة البَقِيرُ، وأَصلها بالفارسية شَبيّ، وهو القميص. وفي حديث قَيْلة: أَنها حملت بنت أَخيها وعليها سُبَيِّجٌ من صوف؛ أَرادت تصغير السَّبيج كَرغِيف ورُغَيِّف، وهو معرّب.
وتَسَبَّجَ بها: لبسها؛ قال العجاج:

كالحَبَشِيِّ الْتَفَّ أَو تَسَبَّجَا

الليث: تَسَبَّجَ الإِنسانُ بكساء تسَبُّجاً. وسُبْجَةُ القميص: لِبْنَتُه وتَخَارِيصُه؛ قال حُميد بن ثور:

إِنَّ سُلَيْمَى واضِحٌ لَبَّاتُـهـا،

 

لَيِّنَةُ الأَبْدَانِ، من تَحْتِ السُّبَجْ

والسِّباجُ: ثياب من جلود، واحدتها سُبْجَةٌ، وهي بالحاء أَعلى.
والسَّبَجُ: خَرَزٌ أَسودُ، دَخِيلٌ مُعَرَّبٌ، وأَصله سَبَهْ.
والسَّبَابِجَةُ: قوم ذوو جَلَدٍ من السِّنْدِ والهند، يكونون مع رئيس السفينة البحرية يُبَذْرِقُونها، واحدهم سَبِيجيّ، ودخلت في جمعه الهاء للعجمة والنَّسَب، كماقالنوا: البَرابِرةُ، وربما قالوا: السَّابِجَ؛ قال هميان:

لوْ لَقِيَ الفِيلُ بِأَرْضٍ سابِجَا،

 

لَدَقَّ منه العُنْقَ والدَّوَارِجا

وإِنما أَراد هِمْيانُ: سابَجَا، فكسر لتسوية الدخيل، لأَن دخيل هذه القصيدة كلها مكسور. ابن السكيت: السَّبابِجَةُ قوم من السِّنْدِ يُسْتَأْجَرون لِيُقاتِلوا، فيكونون كالمُبَذْرِقَةِ، فظن هميان أَن كل شيء من ناحية السند سَبِيج، فجعل نفسه سَبِيجاً. الجوهري: السَّبابِجَةَ قوم من السند كانوا بالبصرة جَلاوِزَةً وحُرّاس السجن، والهاء للعجمة والنسب؛ قال يزيد ابن المفرّغ الحميري:

وطَمَاطِيمَ مِنْ سَبَابِيجَ خُزْرٍ،

 

يُلْبِسوني مَعَ الصَّباحِ القُيُودا

سبح

السَّبْحُ والسِّباحة: العَوْمُ. سَبَحَ بالنهر وفيه يَسْبَحُ سَبْحاً وسِباحةً، ورجل سابِحٌ وسَبُوح من قوم سُبَحاء، وسَبَّاحٌ من قوم سَبَّاحين؛ وأَما ابن الأَعرابي فجعل السُّبَحاء جَمْعَ سابح؛ وبه فسر قول الشاعر:

وماءٍ يَغْرَقُ السُّبَحاءُ فيه

 

سَفِينتُه المُواشِكةُ الخَبُوبُ

قال: السُّبَحاءُ جمع سابِحٍ. ويعني بالماء هنا السَّرابَ.
والمُواشِكةُ: الجادَّةُ في سيرها. والخَبُوب، من الخَبَب في السير؛ جعل الناقة مثل السفينة حين جعل السَّرابَ كالماء. وأَسْبَح الرجلَ في الماء: عَوَّمَه؛ قال أُمية:

والمُسْبِحُ الخُشْبَ، فوقَ الماءِ سَخَّرَها

 

في اليَمِّ جَرْيَتُها، كـأَنـهـا عُـوَمُ

وسَبْحُ الفَرَسِ: جَرْيُه. وفرس سَبُوحٌ وسابِحٌ: يَسْبَحُ بيديه في سيره. والسَّوابِحُ: الخيل لأَنها تَسْبَح، وهي صفة غالبة.
وفي حديث المقداد: أَنه كان يوم بدرٍ على فرس يقال له سَبْحَة؛ قال ابن الأَثير: هو من قولهم فرس سابِحٌ إذا كان حسنَ مَدِّ اليدين في الجَرْي؛ وقوله أَنشده ثعلب:

لقد كانَ فيها للأَمانةِ موضِعٌ

 

وللعَيْنِ مُلْتَذٌّ، وللكَفِّ مَسْبَحُ

فسره فقال: معناه إذا لمسَتها الكف وجدت فيها جميع ما تريد.
والنجوم تَسْبَحُ في الفَلَكِ سَبْحاً إذا جرت في دَورَانها.
والسَّبْحُ: الفَراغُ. وقوله تعالى: إِنَّ لك في النهار سَبْحاً طويلاً؛ إِنما يعني به فراغاً طويلاً وتَصَرُّفاً؛ وقال الليث: معناه فراغاً للنوم؛ وقال أَبو عبيدة: مُنْقَلَباً طويلاً؛ وقال المُؤَرِّجُ: هو الفَراغ والجَيئَة والذهاب؛ قال أَبو الدُّقَيْش: ويكون السَّبْحُ أَيضاً فراغاً بالليل؛ وقال الفراء: يقول لك في النهار ما تقضي حوائجك؛ قال أَبو إِسحق: من قرأَ سَبْخاً فمعناه قريب من السَّبْح، وقال ابن الأَعرابي: من قرأَ سَبْحاً فمعناه اضطراباً ومعاشاً، ومن قرأَ سَبْخاً أَراد راحة وتخفيفاً للأَبدان. قال ابنُ الفَرَج: سمعت أَبا الجَهْم الجَعْفَرِيِّ يقول: سَبَحْتُ في الأَرض وسَبَخْتُ فيها إذا تباعدت فيها؛ ومنه قوله تعالى: وكلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُون أَي يَجْرُونَ، ولم يقل تَسْبَحُ لأَنه وصفها بفعل من يعقل؛ وكذلك قوله: والسَّابحاتِ سَبْحاً؛ هي النجوم تَسْبَحُ في الفَلَكِ أَي تذهب فيها بَسْطاً كما يَسْبَحُ السابحُ في الماء سَبْحاً؛ وكذلك السابح من الخيل يمدّ يديه في الجري سَبْحاً؛ وقال الأَعشى:

كم فيهمُ من شَطْبَةٍ خَيْفَقٍ

 

وسابِحٍ ذي مَيْعَةٍ ضامِرِ،

وقال الأَزهري في قوله عز وجل: والسابِحاتِ سَبْحاً فالسَّابِقاتِ سَبْقاً؛ قيل: السابحاتُ السُّفُنُ، والسابقاتُ الخيلُ، وقيل: إِنها أَرواح المؤمنين تخرج بسهولة؛ وقيل: الملائكة تَسْبَحُ بين السماء والأَرض.
وسَبَحَ اليَرْبُوعُ في الأَرض إذا حفر فيها، وسَبَحَ في الكلام إذا أَكثر فيه. والتَّسبيح: التنزيه. وسبحان الله: معناه تنزيهاً لله من الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه الله تعالى عن كل ما لا ينبغي له أَن يوصف، قال: ونَصْبُه أَنه في موضع فعل على معنى تسبيحاً له، تقول: سَبَّحْتُ الله تسبيحاً له أَي نزهته تنزيهاً، قال: وكذلك روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ وقال الزجاج في قوله تعالى: سُبْحانَ الذي أَسْرَى بعبده ليلاً؛ قال: منصوب على المصدر؛ المعنى أُسبِّح الله تسبيحاً. قال: وسبحان في اللغة تنزيه الله، عز وجل، عن السوء؛ قال ابن شميل: رأَيت في المنام كأَنَّ إِنساناً فسر لي سبحان الله، فقال: أَما ترى الفرس يَسْبَحُ في سرعته؟ وقال: سبحان الله السرعةُ إِليه والخِفَّةُ في طاعته، وجِماعُ معناه بُعْدُه، تبارك وتعالى، عن أَن يكون له مِثْلٌ أَو شريك أَو ندٌّ أَو ضدّ؛ قال سيبويه: زعم أَبو الخطاب أَن سبحان الله كقولك براءَةَ الله أَي أُبَرِّئ اللهَ من السوء براءةً؛ وقيل: قوله سبحانك أَي أُنزهك يا رب من كل سوء وأُبرئك. وروى الأَزهري بإِسناده أَن ابن الكَوَّا سأَل عليّاً، رضوان الله تعالى عليه، عن سبحان الله، فقال: كلمة رضيها الله لنفسه فأَوصى بها. والعرب تقول: سُبْحانَ مِن كذا إذا تعجبت منه؛ وزعم أَن قول الأَعشى في معنى البراءة أَيضاً:

أَقولُ لمَّا جاءني فَـخْـرُه

 

سبحانَ مِن عَلْقَمَةَ الفاخِرِ،

أَي براءةً منه؛ وكذلك تسبيحه: تبعيده؛ وبهذا استدل على أَن سبحان معرفة إِذ لو كان نكرة لانصرف. ومعنى هذا البيت أيضاً: العجب منه إِذ يَفْخَرُ، قال: وإِنما لم ينوّن لأَنه معرفة وفيه شبه التأْنيث؛ وقال ابن بري: إِنما امتنع صرفه للتعريف وزيادة الأَلف والنون، وتعريفه كونه اسماً علماً للبراءة، كما أَن نَزالِ اسم علم للنزول، وشَتَّانَ اسم علم للتفرّق؛ قال: وقد جاء في الشعر سبحان منوّنة نكرة؛ قال أُمية:

سُبْحانَه ثم سُبْحاناً يَعُودُ لـه

 

وقَبْلَنا سَبَّح الجُودِيُّ والجُمُدُ

وقال ابن جني: سبحان اسم علم لمعنى البراءة والتنزيه بمنزلة عُثْمانَ وعِمْرانَ، اجتمع في سبحان التعريف والأَلف والنون، وكلاهما علة تمنع من الصرف.
وسَبَّح الرجلُ: قال سبحان الله؛ وفي التنزيل: كلٌّ قد عَلِمَ صلاتَه وتسبيحَه؛ قال رؤبة:

سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِن تَأَلُّهِ

وسَبَحَ: لغة، حكى ثعلب سَبَّح تسبيحاً وسُبْحاناً، وعندي أَن سُبْحاناً ليس بمصدر سَبَّح، إِنما هو مصدر سَبَح، إِنما هو مصدر سَبَح. وفي التهذيب: سَبَّحْتُ الله تسبيحاً وسُبْحاناً بمعنى واحد، فالمصدر تسبيح، والاسم سُبْحان يقوم مقام المصدر. وأَما قوله تعالى: تُسَبِّح له السمواتُ السبعُ والأَرضُ ومَن فيهن وإِنْ من شيء إِلاَّ يُسَبِّحُ بحمده ولكن لا تَفْقَهُونَ تسبيحَهم؛ قال أَبو إِسحق: قيل إِن كل ما خلق الله يُسَبِّحُ بحمده، وإِن صَريرَ السَّقْف وصَريرَ الباب من التسبيح، فيكون على هذا الخطابُ للمشركين وحدهم: ولكن لا تفقهون تسبيحهم؛ وجائز أَن يكون تسبيح هذه الأَشياء بما الله به أَعلم لا نَفْقَه منه إِلا ما عُلِّمْناه، قال: وقال قوم وإِنْ من شيء إِلا يسبح بحمده أَي ما من دابة إلا وفيه دليل أَن الله، عز وجل، خالقه وأَن خالقه حكيم مُبَرَّأٌ من الأَسْواء ولكنكم، أَيها الكفار، لا تفقهون أَثر الصَّنْعة في هذه المخلوقات؛ قال أَبو إِسحق: وليس هذا بشيء لأَن الذين خوطبوا بهذا كانوا مقرّين أَن الله خالقُهم وخالقُ السماء والأَرض ومن فيهن، فكيف يجهلون الخِلْقَة وهم عارفون بها؟ قال الأَزهري: ومما يدلك على أَن تسبيح هذه المخلوقات تسبيح تَعَبَّدَتْ به قولُ الله عز وجل للجبال: يا جبالُ أَوِّبي معه والطيرَ؛ ومعنى أَوِّبي سَبِّحي مع داود النهارَ كلَّه إِلى الليل؛ ولا يجوز أَن يكون معنى أَمر الله عز وجل للجبال بالتأْويب إِلا تَعَبُّداً لها؛ وكذلك قوله تعالى: أَلم ترَ أَن الله يسجد له من في السموات ومن في الأَرض والشمسُ والقمرُ والنجومُ والجبالُ والشجرُ والدوابُّ وكثير من الناس، فسجود هذه المخلوقات عبادة منها لخالقها لا نَفْقَهُها عنها كما لا نفقه تسبيحها؛ وكذلك قوله: وإِن من الحجارة لما يَتَفَجَّر منه الأَنهارُ وإِنَّ منها لما يَشَّقَّقُ فيَخْرج منه الماءُ وإِنَّ منها لما يهبِطُ من خشية الله؛ وقد عَلِم اللهُ هُبوطَها من خشيته ولم يعرّفنا ذلك فنحن نؤمن بما أُعلمنا ولا نَدَّعِي بما لا نُكَلَّف بأَفهامنا من عِلْمِ فِعْلِها كيفيةً نَحُدُّها.
ومن صفات الله عز وجل: السُّبُّوحُ القُدُّوسُ؛ قال أَبو إِسحق: السُّبُّوح الذي يُنَزَّه عن كل سُوء، والقُدُّوسُ: المُبارَك، وقيل: الطاهر؛ وقال ابن سيده: سُبُّوحٌ قُدُّوس من صفة الله عز وجل، لأَنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّسُ، ويقال: سَببوحٌ قَدُّوسٌ؛ قال اللحياني: المجتمع عليه فيها الضم، قال: فإِن فتحته فجائز؛ هذه حكايته ولا أَدري ما هي. قال سيبويه: إِنما قولهم سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رب الملائكة والروح؛ فليس بمنزلة سُبْحان لأَن سُبُّوحاً قُدُّوساً صفة، كأَنك قلت ذكرت سُبُّوحاً قُدُّوساً فنصبته على إِضمار الفعل المتروك إِظهاره، كأَنه خطر على باله أَنه ذَكَره ذاكِرٌ، فقال سُبُّوحاً أَي ذَكرت سبوحاً، أَو ذَكَره هو في نفسه فأَضمر مثل ذلك، فأَما رَفْعُه فعلى إِضمار المبتدإِ وتَرْكُ إِظهارِ ما يَرْفع كترك إظهار ما يَنْصِب؛ قال أَبو إِسحق: وليس في كلام العرب بناءٌ على فُعُّول، بضم أَوّله، غير هذين الاسمين الجليلين وحرف آخر وهوقولهم للذِّرِّيحِ، وهي دُوَيْبَّةٌ: ذُرُّوحٌ، زادها ابن سيده فقال: وفُرُّوجٌ، قال: وقد يفتحان كما يفتح سُبُّوح وقُدُّوسٌ، روى ذلك كراع. وقال ثعلب: كل اسم على فَعُّول فهو مفتوح الأَول إِلاَّ السُّبُّوح وقُدُّوسٌ، روى ذلك كراع. وقال ثعلب: كل اسم على فَعُّول فهو مفتوح الأَول إِلاَّ السُّبُّوحَ والقُدُّوسَ، فإِن الضم فيهما أَكثر؛ وقال سيبويه: ليس في الكلام فُعُّول بواحدة، هذا قول الجوهري؛ قال الأَزهري: وسائر الأَسماء تجيء على فَعُّول مثل سَفُّود وقَفُّور وقَبُّور وما أَشبههما، والفتح فيهما أَقْيَسُ، والضم أَكثر استعمالاً، وهما من أَبنية المبالغة والمراد بهما التنزيه. وسُبُحاتُ وجهِ الله، بضم السين والباء: أَنوارُه وجلالُه وعظمته. وقال جبريل، عليه السلام: إِن لله دون العرش سبعين حجاباً لو دنونا من أَحدها لأَحرقتنا سُبُحاتُ وجه ربنا؛ رواه صاحب العين، قال ابن شميل: سُبُحاتُ وجهه نُورُ وجهه. وفي حديث آخر: حجابُه النورُ والنارُ، لو كشفه لأَحْرقت سُبُحاتُ وجهه كلَّ شيء أَدركه بصَرُه؛ سُبُحاتُ وجه الله: جلالُه وعظمته، وهي في الأَصل جمع سُبْحة؛ وقيل: أَضواء وجهه؛ وقيل: سُبْحاتُ الوجه محاسنُه لأَنك إذا رأَيت الحَسَنَ الوجهِ قلت: سبحان الله، وقيل: معناه تنزيهٌ له أَي سبحان وجهه؛ وقيل: سُبْحاتُ وجهه كلام معترض بين الفعل والمفعول أَي لو كشفها لأَحرقت كل شيء أَدركه بصره، فكأَنه قال: لأَحرقتُ سُبُحاتُ الله كل شيء أَبصره، كما تقول: لو دخل المَلِكُ البلدَ لقتل، والعِياذُ بالله، كلَّ من فيه؛ قال: وأَقرب من هذا كله أَن المعنى: لو انكشف من أَنوار الله التي تحجب العباد عنه شيء لأَهلك كلَّ من وقع عليه ذلك النورُ، كما خَرَّ موسى، على نبينا وعليه السلام، صَعِقاً وتَقَطَّعَ الجبلُ دَكّاً، لمَّا تجلى الله سبحانه وتعالى؛ ويقال: السُّبُحاتُ مواضع السجود. والسُّبْحَةُ: الخَرَزاتُ التي يَعُدُّ المُسَبَّحُ بها تسبيحه، وهي كلمة مولَّدة.
وقد يكون التسبيح بمعنى الصلاة والذِّكر، تقول: قَّضَيْتُ سُبْحَتي.
وروي أَن عمر، رضي الله عنه، جَلَدَ رجلين سَبَّحا بعد العصر أَي صَلَّيا؛ قال الأَعشى:

وسَبِّحْ على حين العَشِيَّاتِ والضُّحَى

 

ولا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللهَ فاعْـبُـدا

يعني الصلاة بالصَّباح والمَساء، وعليه فسر قوله: فسُبْحانَ الله حين تُمْسون وحين تُصْبحون؛ يأْمرهم بالصلاة في هذين الوَقتين؛ وقال الفراء: حين تمسون المغرب والعشاء، وحين تصبحون صلاة الفجر، وعشيّاً العصر، وحين تظهرون الأُولى. وقوله: وسَبِّحْ بالعَشِيِّ والإِبْكارِ أَي وصَلِّ. وقوله عز وجل: فلولا أَنه كان من المُسَبِّحين؛ أَراد من المصلين قبل ذلك، وقيل: إِنما ذلك لأَنه قال في بطن الحوت: لا إِله إِلاَّ أَنت سبحانك إِني كنت من الظالمين. وقوله: يُسَبِّحُونَ الليلَ والنهارَ لا يَفْتُرونَ؛ يقال: إِن مَجْرَى التسبيح فيهم كمَجرى النَّفَسِ منا لا يَشْغَلُنا عن النَّفَسِ شيء. وقوله: أَلم أَقُلْ لكم لولا تُسَبِّحون أَي تستثنون، وفي الاستثناء تعظيمُ الله والإِقرارُ بأَنه لا يشاء أَحدٌ إِلاَّ أَن يشاء الله، فوضع تنزيه الله موضع الاستثناء.
والسُّبْحةُ: الدعاء وصلاةُ التطوع والنافلةُ؛ يقال: فرغ فلانٌ من سُبْحَته أَي من صلاته النافلة، سمِّيت الصلاة تسبيحاً لأَن التسبيح تعظيم الله وتنزيهه من كلِّ سوء؛ قال ابن الأَثير: وإِنما خُصت النافلة بالسُّبْحة، وإِن شاركتها الفريضة في معنى التسبيح، لأَن التسبيحات في الفرائض نوافلُ، فقيل لصلاة النافلة سُبْحة لأَنها نافلة كالتسبيحات والأَذكار في أَنها غير واجبة؛ وقد تكرر ذكر السُّبْحة في الحديث كثيراً فمنها: اجعلوا صلاتكم معهم سُبْحَةً أَي نافلة، ومنها: كنا إذا نزلنا منزلاً لا نُسَبِّحُ حتى نَحُلَّ الرِّحال؛ أَراد صلاة الضحى، بمعنى أَنهم كانوا مع اهتمامهم بالصلاة لا يباشرونها حتى يَحُطُّوا الرحال ويُريحوا الجمالَ رفقاً بها وإِحساناً. والسُّبْحَة: التطوُّع من الذِّكر والصلاة؛ قال ابن الأَثير: وقد يطلق التسبيح على غيره من أَنواع الذكر مجازاً كالتحميد والتمجيد وغيرهما. وسُبْحَةُ الله: جلالُه.
وقيل في قوله تعالى: إِن لك في النهار سَبْحاً طويلاً أَي فراغاً للنوم، وقد يكون السَّبْحُ بالليل. والسَّبْحُ أَيضاً: النوم نفسه.
وقال ابن عرفة الملقب بنفطويه في قوله تعالى: فَسَبِّحْ باسم ربك العظيم أَي سبحه بأَسمائه ونزهه عن التسمية بغير ما سمَّى به نفسه، قال: ومن سمى الله تعالى بغير ما سمى به نفسه، فهو مُلْحِدٌ في أَسمائه، وكلُّ من دعاه بأَسمائه فَمُسَبِّح له بها إِذ كانت أَسماؤُه مدائح له وأَوصافاً؛ قال الله تعالى: ولله الأَسماء الحُسْنى فادْعُوه بها، وهي صفاته التي وصف بها نفسه، وكل من دعا الله بأَسمائه فقد أَطاعه ومدحه ولَحِقَه ثوابُه. وروي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ما أَحدٌ أَغْيَرَ من الله ولذلك حَرَّمَ الفواحشَ، وليس أَحدٌ أَحبَّ إِليه المَدْحُ من الله تعالى. والسَّبْحُ أَيضاً: السكون. والسَّبْحُ: التقَلُّبُ والانتشار في الأَرض والتَّصَرُّفُ في المعاش، فكأَنه ضِدٌّ.
وفي حديث الوضوء: فأَدخل اصْبُعَيْه السَّبَّاحَتَيْنِ في أُذنيه؛ السَّبَّاحةُ والمُسَبِّحةُ: الإِصبع التي تلي الإِبهام، سميت بذلك لأَنها يشار بها عند التسبيح. والسَّبْحَةُ، بفتح السين: ثوب من جُلُود، وجمعها سِباحٌ؛ قال مالك بن خالد الهذلي:

وسَبَّاحٌ ومَنَّاحٌ ومُـعْـطٍ

 

إِذا عادَ المَسارِحُ كالسِّباحِ

وصحَّف أَبو عبيدة هذه الكلمة فرواها بالجيم؛ قال ابن بري: لم يذكر، يعني الجوهري، السَّبْحَة، بالفتح، وهي الثياب من الجلود، وهي التي وقع فيها التصحيف، فقال أَبو عبيدة: هي السُّبْجة، بالجيم وضم السين، وغلط في ذلك، وإِنما السُّبْجَة كساء أَسود، واستشهد أَبو عبيدة على صحة قوله بقول مالك الهذلي:

إِذا عاد المسارح كالسباج

فصحَّف البيت أَيضاً، قال: وهذا البيت من قصيدة حائية مدح بها زهيرَ بنَ الأَغَرِّ اللحياني، وأَوَّلها:

فَتىً ما ابنُ الأَغَرِّ، إذا شَتَوْنـا

 

وحُبَّ الزَّادُ في شَهْرَيْ قِماحِ

والمسارح: المواضع التي تسرح إِليها الإِبل، فشبهها لمَّا أَجدبت بالجلود المُلْسِ في عدم النبات، وقد ذكر ابن سيده في ترجمة سبج، بالجيم، ما صورته: والسِّباحُ ثياب من جلود، واحدتها سُبْجَة، وهي بالحاء أَعلى، على أَنه أَيضاً قد قال في هذه الترجمة: إِن أَبا عبيدة صحَّف هذه الكلمة ورواها بالجيم كما ذكرناه آنفاً، ومن العجب وقوعه في ذلك مع حكايته عن أَبي عبيدة أَنه وقع فيه، اللهم إِلا أَن يكون وجد ثقلاً فيه، وكان يتعين عليه أَنه لو وجد نقلاً فيه أَن يذكره أَيضاً في هذه الترجمة عند تخطئته لأَبي عبيدة ونسبته إِلى التصحيف ليسلم هو أَيضاً من التهمة والانتقاد.
أَبو عمرو: كساءٌ مُسبَّح، بالباء، قوي شديد، قال: والمُسَبَّحُ، بالباء أَيضاً، المُعَرَّضُ، وقال شمر: السِّباحُ، بالحاء، قُمُصٌ للصبيان من جلود؛ وأَنشد:

كأَنَّ زوائِدَ المُهُراتِ عنـهـا

 

جَواري الهِنْدِ، مُرْخِيةَ السِّباحِ

قال: وأَما السُّبْحَة، بضم السين والجيم، فكساء أَسود.
والسُّبْحَة: القطعة من القطن.
وسَبُوحةُ، بفتح السين مخففة: البلدُ الحرامُ، ويقال: وادٍ بعرفات؛ وقال يصف نُوقَ الحجيج: خَوارِجُ من نَعْمانَ، أَو من سَبُوحةٍ إِلى البيتِ، أَو يَخْرُجْنَ من نَجْدِ كَبْكَبِ

سبحل

سَبْحَلَ الرجلُ إذا قال سُبْحان الله. ابن سيده: وادٍ وسِقَاءٌ سَحْبَلٌ وسَبَحْلَلٌ واسع. والسَّحْبَلُ والسَّبَحْلَلُ: العظيم المُسِنُّ من الضَّباب. والسِّبَحْل، على وزن الهِجَفِّ: الضَّخْم من الضَّبّ والبعير والسِّقَاء والجارية؛ قال ابن بري: شاهد السِّبَحْل الضَّبِّ قول الشاعر:

سِبَحْلٌ له تَرْكانِ كانا فَـضِـيلةً

 

على كلِّ حافٍ في البلادِ وناعِلِ

قال: وشاهد السِّبَحْل البعيرِ قولُ ذي الرُّمَّة:

سِبَحْلاً أَبا شَرْخَيْن أَحْيَا بَنَاتِـه

 

مَقَالِيتُها، وهي اللُّبَاب الحَبائش

وفي الحديث: خَيْرُ الإِبِل السِّبَحْلُ أَي الضخم، والأُنثى سِبَحْلة مثل رِبَحْلة. ويقال: سِقَاءٌ سِبَحْلٌ وسَبَحْلَلٌ؛ عن ابن السكيت.
والسِّبَحْلة: العظيمة من الإِبل، وهي الغَرِيزة أَيضاً العظيمة. وجَمَلٌ سِبَحْلٌ رِبَحْلٌ: عظيم. أَبو عبيد: السِّبحَلُ والسَّحْبَل والهِبَلُّ الفَحْل، والسِّبَحْلة من النساء الطويلة العظيمة، ومنه قول بعض نساء الأَعراب تَصِف ابنتها:

سِبَحْلَةٌ رِبَحْـلَـه

 

تَنْمِي نَبَاتَ النَّخْلَه

الليث: سِبَحْلٌ رِبَحْلٌ إذا وُصِف بالتَّرَارة والنَّعْمة؛ وقيل لابنة الخُسِّ: أَيُّ الإِبل خيرٌ؟ فقالت: السِّبَحْل الرِّبَحْلُ، الراحِلَةُ الفَحْلُ. وحكى اللحياني أَيضاً: إِنَّه لَسِبَحْل رِبَحْلٌ أَي عظيم، قال: وهو على الاتساع، ولم يُفَسِّر ما عنى به من الأَنواع. وزِقٌّ سِبَحْل: طويل عظيم، وكذلك الرّجل. وضَرْعٌ سِبَحْلٌ: عظيم؛ وقول العجاج:

بِسَبْحَل الدَّفَّيْنِ عَيْسَجُور

قال ابن جني: أَراد بسِبَحْل، فأَسكن الباء وحَرَّك الحاء وغَيَّر حركة السين. الليث: السَّبَحْلَلُ هو الشِّبْل إذا أَدْرَكَ الصيد.

سبخ

التَّسْبِيخُ: التخفيف، وفي الدعاء: سَبَّخَ اللهُ عنك الشِّدّة.
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن سارقاً سرق من بيت عائشة، رضي الله عنها، شيئاً فدعت عليه فقال لها النبي، صلى الله عليه وسلم: لا تُسَبِّخِي عنه بدعائك عليه؛ أَي لا تُخَفِّفي عنه إِثمه الذي استحقه بالسرقة بدعائك عليه؛ يريد أَن السارق إذا دعا عليه المسروق منه خفف ذلك عنه؛ قال الشاعر:

فَسَبِّخْ عليك الهَمَّ، واعلم بأَنه

 

إِذا قَدَّرَ الرحمنُ شيئاً فكائِنُ

وهذا كما قال في الحديث الآخر: من دعا على من ظلمه فقد انتصر؛ وكذلك كل من خُفِّفَ عنه شيء فقد سُبِّخَ عنه. ويقال: اللهم سَبِّخْ عني الحُمَّى أَي خَفِّفْها وسُلَّها، ولهذا قيل لِقطَعِ القُطْن إذا نَدِفَ: سَبائخ؛ ومنه قول الأَخطل يذكر الكلاب:

فأَرْسَلُوهُـنَّ بُـذْرِينَ الـتـرابَ،

 

كما يُذْرِي سبَائخَ قُطنٍ نَدْفُ أَوْتارِ

ويقال: سَبِّخْ عنا الأَذَى يعني اكْشِفْه وخففه.
والتسبيح أَيضاً: التسكين والسكونُ جميعاً. قال بعض العرب: الحمد لله على نوم الليل وتسبيح العروق؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

لما رَمَوْا بي والنَّقانِيقُ تَكِشْ،

في قَعْرِ خَرْقاءَ لها جَوْبٌ عَطِشْ،

سَبَّخْتُ والماءُ بِعطْفَيْها يَنِش

ابن الأَعرابي: سمعت أَعرابيّاً يقول: الحمد لله على تسبيح العروق وإِساغة الريق، بمعنى سكون العروق من ضَربَانِ أَلم فيها. والسَّبْخُ والتَّسْبِيخُ: النوم الشديد؛ وقيل: هو رُقادُ كل ساعة. وسَبَّخْتُ أَي نمت. وفي التنزيل: إِن لك في النهار سَبْخاً طويلاً، قرأَ بها يحيى بن يَعْمُرَ وقيل: معناه فَراغاً طويلاً. الفراء: هو من تَسْبيخ القطن وهو توسعته وتنفيشه. يقال: سَبِّخِي قُطْنك أَي نَفِّشِيه ووَسِّعيه. ابن الأَعرابي: من قرأَ سَبْحاً، فمعناه اضطراباً ومعَاشاً، ومن قرأَ سَبْخاً أَراد راحة وتخفيفاً للأَبدان والنوم. أَبو عمرو: السَّبْخُ النوم والفراع. الزجاج: السَّبْحُ والسَّبْخ قريبان من السَّواء.
وتَسَبَّخَ الحَرُّ والغَضبُ وسَبَخَ: سكن وفتر، وفي حديث علي، رضي الله عنه: أَمْهِلْنا يُسَبَّخْ عنا الحَرُّ أَي يَخِفُّ. والسَّبِيخة: القُطْنة؛ وقيل: هي القطعة من القطن تُعَرَّضُ ليوضع فيها دواء وتُوضَعَ فوق جُرْحٍ؛ وقيل: هي القطن المنفوش المَنْدُوفُ وجمعها سَبائخ وسَبِيخٌ؛ وأَنشد:

سَبَائخُ من بُرْسٍ وطُوطٍ وبَيْلَمٍ،

 

وقُنْفُعَةٌ فيها أَلِيلُ وَحِيحِـهـا

البُرْسُ: القطنُ. والطُّوطُ: قطنُ البَرْدِيّ. والبَيْلَمُ: قطن القصب.
والقُنْفُعَة: القُنْفُذة. والوحيح: ضرب من الوَحْوَحة.
والسبيخ من القطن: ما يُسَبَّخُ بعد النَّدْفِ أَي يلف لتغزله المرأَة، والقِطْعة منه سَبِيخة، وكذلك من الصوف والوبر. وقطن سَبِيخٌ ومُسَبَّخٌ: مُفَدَّك، مُفَدَّك وهو ما يلف لتغزله المرأَة بعد النَّدْفِ.
والسَّبْخُ: شِبْه الاستلال. والسَّبْخُ: سَلُّ الصوف والقطن؛ وأَنشد في ترجمة سخت:

ولو سَبَخْتَ الوَبَرَ العَمُيتا،

وبِعْتَهم طَحِينَكَ السِّخْتِيتا،

إذا رَجَوْنا لك أَن تَلُوتـا

تقول: سَبِيخةٌ من قطن وعَمِيتةٌ من صوف وفَلِيلة من شعر. ويقال لريش الطائر الذي يَسْقُط: سَبِيخٌ لأَنه يَنْسَلُّ فيسقط عنه. وسبائخ الريش وسَبِيخه: ما تناثر منه وهو المُسَبَّخُ.
 والسَّبَخَةُ: أَرض ذات ملح ونَزٍّ، وجمعها سِباخٌ؛ وقد سَبِخَتْ سَبَخاً فهي سَبِخةٌ وأَسْبَخَتْ. وتقول: انتهينا إِلى سَبَخة يعني الموضع، والنعت أَرض سَبِخة. والسَّبَخةُ: الأَرض المالحة. والسَّبَخُ: المكان يَسْبَخُ فَيُنْبِتُ المِلْحَ وتَسُوخُ فيه الأَقدام؛ وقد سَبِخَ سَبَخاً، وأَرض سَبِخة: ذات سِباخ. وفي الحديث أَنه قال لأَنس وذكر البصرة: إِن مررت بها ودخلتها فإِياك وسِباخَها، هو جمع سَبَخَة وهي الأَرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تُنْبِتُ إِلاَّ بعضَ الشجر. والسَّبَخَة: ما يعلو الماءَ من طُحْلُب ونحوه؛ ويقال: قد علت هذا الماء سَبَخَةٌ شديدة كأَنه الطُّحْلُب من طول الترك.
وحَفَروا فأَسْبَخُوا: بلغوا السَّباخَ؛ تقول: حَفَر بئراً فأَسْبَخَ إذا اننهى إِلى سَبَخة.

سبخت

سُبُّخْتٌ: لقب أَبي عبيدة؛ أَنشد ثعلب:

فَخُذْ مِن سَلْح كَيْسانٍ،

 

ومِنْ أَظْفَارِ سُبُّخْتِ

سبد

السَّبَدُ: ما يطلع من رؤوس النبات قبل أَن ينتشر، والجمع أَسباد؛ قال الطرماح:

أَو كأَسبادِ النَّصِـيَّةِ، لـم

 

تَجْتَدِلْ في حاجر مُسْتَنامْ

وقد سَبَّدَ النباتُ. يقال: بأَرض بني فلان أَسبادٌ أَي بقايا من نبت، واحدها سَبَدٌ؛ وقال لبيد:

سَبَداً من التَّنُّومِ يَخْبِطُه النَّدَى،

 

ونَوادراً من حَنْظلٍ خُطْبَانِ

وقال غيره: أَسبَدَ النَّصِيُّ إِسباداً، وتسبد تسبداً إذا نبت منه شيء حديث فيما قَدُمَ منه، وأَنشد بيت الطرماح وفسره فقال: قال أَبو سعيد: إِسباد النَّصِيَّةِ سَنَمَتها وتسميها العرب الفوران لأَنها تفور؛ قال أَبو عمرو: أَسبادُ النَّصِيِّ رؤُوسه أَوّل ما يَطلع، جمع سَبَدٍ؛ قال الطرماح يصف قِدحاً فائزاً:

مُجَرَّبٌ بالرِّهانِ مُسـتَـلِـبٌ،

 

خَصْلُ الجَوارِي، طرائفٌ سَبَدُه

ْ أَراد أَنه مُسْتَطْرَف فَوْزه وكسبه. والسُّبَدُ: الشُّؤْم؛ حكاه الليث عن أَبي الدُّقيش في قوله:

امرُؤُ القيس بن أَرْوَى مولياً،

 

إِن رآني لأَبُوأَنْ بِـسُـبَـد

قلت: بحراً، قلت: قولاً كاذباً،

 

إِنما يمنعنـي سـيفـي ويَد

ْ والسَّبَدُ: الوَبَر، وقيل: الشعر. والعرب تقول: ما له سَبَدٌ ولا لَبَدٌ أَي ما له ذو وبر ولا صوف متلبد، يكنى بهما عن الإِبل والغنم؛ وقيل يكنى به عن المعز والضأْن؛ وقيل: يكنى به عن الإِبل والمعز، فالوبر للإِبل والشعر للمعز؛ وقال الأَصمعي: ما له سَبَدٌ ولا لَبَدٌ أَي ما له قليل ولا كثير؛ وقال غير الأَصمعي: السبد من الشعر واللبد من الصوف، وبهذا الحديث سمي المال سبَداً. والسَّبُّود: الشعر. وسَبَّدَ شعره: استأْصله حتى أَلزقه بالجلد وأَعفاه جميعاً، فهو ضد؛ وقوله:

بأَنَّا وقعنا من وليدٍ ورَهْطهِ

 

خِلافَهمُ، في أُمِّ فَأْرٍ مُسَبَّدِ

عنى بأُم فأْر الداهية، ويقال لها: أُم أَدراص. والدِّرْصُ يقع على ابن الكلبة والذِّئبة والهرة والجُرَذ واليَرْبُوع فلم يستقم له الوزن؛ وهذا كقوله:

عَرَق السِّقاء على القَعودِ اللاغِبِ

أَراد عَرَقَ القِرْبَة فلم يستقم له. وقوله مُسَبَّد إِفراط في القول وغلوّ، كقول الآخر:

ونحن كشفنا من معاويةَ الـتـي

 

هي الأُمُّ، تغشى كلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِق

عنى الدماغ لأَن الدماغ يقال لها فرخ، وجعله منقنقاً على الغلوِّ.
والتسبيد: أَن ينبت الشعر بعد أَيام. وقيل: سَبَّدَ الشعرُ إذا نبت بعد الحلق فبدا سواده. والتسبيد: التشعيث. والتسبيد: طلوع الزَّغَب؛ قال الراعي:

لَظَلَّ قُطاميٌّ وتحتَ لَـبـانِـه

 

نَواهِضُ رُبْدٌ، ذاتُ ريشٍ مُسَبَّدِ

وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه ذكر الخوارج فقال: التسبيد فيهم فاشٍ. قال أَبو عبيد: سأَلت أَبا عبيدة عن التسبيد فقال: هو ترك التدهن وغسل الرأْس؛ وقال غيره: هو الحلق واستئصال الشعر؛ وقال أَبو عبيد؛ وقد يكون الأَمران جميعاً. وفي حديث آخر: سيماهم التحليق والتسبيد. وسَبَّدَ الفرخُ إذا بدا ريشه وشوّك؛ وقال النابغة الذبياني في قصر الشعر:

مُنْهَرِتُ الشِّدْقِ لم تَنْبُتْ قـوادِمُـه

 

في حاجب العين، من تسْبيدِه، زَبَبُ

يصف فرخ قطاة حَمَّمَ وعنى بتسبيده طلوع زغبه.
والمنهرت: الواسع الشدق. وقوادمه: أَوائل ريش جناحه. والزبب: كثرة الزغب؛ قال: وقد روي في الحديث ما يثبت قول أَبي عبيدة؛ روي عن ابن عباس أَنه قدم مكة مُسَبِّداً رأْسه فأَتى الحجر فقبله؛ قال أَبو عبيد: فالتسبيد ههنا ترك التدهن والغسل، وبعضهم يقول التسميد، بالميم، ومعناهما واحد؛ وقال غيره: سَبَّدَ شعرُه وسَمَّدَ إذا نبت بعد الحلق حتى يظهر. وقال أَبو تراب: سمعت سليمان بن المغيرة يقول: سَبَّدَ الرجل شعره إذا سَرَّحَه وبله وتركه، قال: لا يُسَبِّدُ ولكنَّه يُسَبِّدُ وقال أَبو عبيد: سَبَّدَ شعرَه وسَمَّدَه إذا استأْصله حتى أَلحقه بالجلد.
قال: وسَبَّدَ شعرَه إذا حلقه ثم نبت منه الشيء اليسير. وقال أَبو عمرو: سَبَدَ شعرَه وسَبَّده وأَسْبَدَه وسَبَتَه وأَسبَتَه وسَبَّتَه إذا حلقه.
والسُّبَدُ: طائر إذا قَطَرَ على ظهره قطرةٌ من ماء جَرى؛ وقيل: هو طائر لين الريش إذا قطر الماء على ظهره جرى من فوقه للينه؛ قال الراجز:

أَكُلَّ يوم عرشُها مَقِيلي،

حتى ترى المِئْزَرَ ذا الفُضولِ،

مِثلَ جناح السُّبَدِ الغسيلِ

والعرب تسمي الفرس به إذا عرق؛ وقيل: السُّبَدُ طائر مثل العُقاب؛ وقيل: هو ذكر العقبان، وإِياه عنى ساعدة بقوله:

كأَنَّ شُؤُونَه لَبَّـاتُ بُـدْنٍ،

 

غَدَاةَ الوَبْلِ، أَو سُبَدٌ غَسِيلُ

وجمعه سِبْدانٌ؛ وحكى أَبو منجوف عن الأَصمعي قال: السُّبَدُ هو الخُطَّاف البَرِّيُّ، وقال أَبو نصر: هو مثل الخطاف إذا أَصابه الماء جرى عنه سريعاً، يعني الماء؛ وقال طفيل الغنوي:

تقريبُه المَرَطَى والجَوزُ مُعْتَدِلٌ،

 

كأَنه سُبَدٌ بالماءِ مـغـسـولُ

المرطى: ضرب من العدو. والجوز: الوسط.
والسُّبَدُ: ثوب يُسَدُّ به الحوضُ المَرْكُوُّ لئلا يتكدر الماء يفرش فيه وتسقى الإِبل عليه وإِياه عنى طفيل؛ وقول الراجز يقوي ما قال الأَصمعي:

حتى ترى المئزر ذا الفضول،

 

مثل جناح السُّبَدِ المغـسـول

والسُّبَدَةُ: العانة والسِّبَدَةُ: الداهية.
وإِنه لَسِبْدُ أَسباد أَي داه في اللصوصية.
والسَّبَنْدَى والسِّبِنْدَى والسَّبَنْتى: النمر، وقيل الأَسد؛ وأَنشد يعقوب:

قَرْمٌ جَوادٌ من بني الجُلُنْـدى،

 

يمشي إِلى الأَقران كالسَّبَنْدَى

وقيل: السبندى الجريء من كل شيء، هذلية؛ قال الزَّفَيَان:

لمَّا رأَيتُ الظُّعْنَ شالتْ تُحْدَى،

 

أَتبعْتُهُنَّ أَرْحَـبِـيّاً مَـعْـدَا

أَعيَسَ جَوّابَ الضُّحَى سَبَنْدَى،

 

يَدَّرِعُ اللـيلَ إذا مـا اسْـوَدَّا

وقيل: هو الجريء من كل شيء على كل شيء، وقيل: هي اللَّبْوَةُ الجريئة، وقيل: هي الناقة الجريئة الصدر وكذلك الجمل؛ قال:

على سَبَنْدَى طالما اعْتَلى به

الأَزهري في الرباعي: السَّبَنْدى الجريء، وفي لغة هذيل: الطويل، وكل جريء سَبَنْدى وسَبَنْتى. وقال أَبو الهيثم: السَّبَنْتاةُ النَّمِرُ ويوصف بها السبع؛ وقول المُعَذَّلِ بن عبد الله:

من السُّحِّ جَوَّالاً كـأَنَّ غُـلامَـه

 

يُصَرِّفُ سِبْداً، في العِيانِ، عَمَرَّدا

ويروى سِيداً. قوله من السح يريد من الخيل التي تسح الجري أَي تصب.
والعمرَّد: الطويل، وظن بعضهم أَن هذا البيت لجرير وليس له، وبيت جرير هو قوله:

على سابِحٍ نَهْدٍ يُشَبَّهُ بالضُّحَـى،

 

إِذا عاد فيه الركضُ سِيداً عَمرَّدا

سبدل

السَّبَنْدَلُ: طائر يكون بالهند يدخل في النار فلا يَحْترق رِيشُه؛ عن كراع.

سبذ

قال الأَزهري في ترتيبه: أُهملت السين مع الطاء والدال والثاء إِلى آخر حروفها فلم يستعمل من جميع وجوهها شيء في مُصاص كلام العرب؛ فأَما قولهم هذا قضاء سَذوم، بالذال، فإِنه أَعجمي؛ وكذلك البُسَّذُ لهذا الجوهر ليس بعربي؛ وكذلك السَّبَذَة فارسي. ابن الأَثير: في حديث ابن عباس: جاء رجل من الأَسْبَذِيِّينَ إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال: هم قوم المجوس لهم ذكر في حديث الجزية؛ قيل: كانوا مسلحة لحصن المُشَقّرِ من أَرض البحرين، الواحد أَسْبَذِيٌّ والجمع الأَسابِذَةُ.

سبر

السَّبْرُ: التَّجْرِبَةُ. وسَبَر الشيءَ سَبْراً: حَزَره وخَبَرهُ. واسْبُرْ لي ما عنده أَي اعْلَمْه. والسَّبْر: اسْتِخْراجُ كُنْهِ الأَمر. والسَّبْر: مَصْدَرُ سَبَرَ الجُرْحَ يَسْبُرُه ويَسْبِرُه سَبْراً نَظَر مِقْدارَه وقاسَه لِيَعْرِفَ غَوْرَه، ومَسْبُرَتُهُ: نِهايَتُه.
وفي حديث الغار: قال له أَبو بكر: لا تَدْخُلْه حتى أَسْبُرَه قَبْلَك أَي أَخْتَبِرَه وأَغْتَبِرَه وأَنظرَ هل فيه أَحد أَو شيء يؤذي.
والمِسْبارُ والسِّبارُ: ما سُبِرَ به وقُدَّرَ به غَوْرُ الجراحات؛ قال يَصِفُ جُرْحَها:

تَرُدُّ السِّبارَ على السَّابِرِ

التهذيب: والسِّبارُ فَتِيلة تُجْعَلُ في الجُرْح؛ وأَنشد:

تَرُدُّ على السَابرِيِّ السِّبارا

وكل أَمرٍ رُزْتَه، فَقَدْ سَبَرْتَه وأَسْبَرْتَه. يقال: حَمِدْتُ مَسْبَرَه ومَخْبَره. والسِّبْرُ والسَّبْرُ: الأَصلُ واللَّوْنُ والهَيْئَةُ والمَنْظَرُ. قال أَبو زياد الكلابي: وقفت على رجل من أَهل البادية بعد مُنْصَرَفِي من العراق فقال: أَمَّا اللسانُ فَبَدَوِيُّ، وأَما السِّبْرُ فَحَضَرِيُّ؛ قال: السِّبْر، بالكسر، الزِّيُّ والهيئةُ. قال: وقالت بَدَوِيَّةٌ أَعْجَبَنا سِبْر فلان أَي حُسْنُ حاله وخِصْبُه في بَدَنه، وقالت: رأَيته سَيِّءَ السِّبْر إذا كان شاحِباً مَضْرُوراً في بدنه، فَجَعَلَتِ السَّبْرَ بمعنيين. ويقال: إِنه لَحَسَنُ السِّبْرِ إذا كان حَسَنَ السَّحْناءِ والهيئةِ؛ والسَّحْناءُ: اللَّوْنُ. وفي الحديث: يَخْرج رجل من النار وقد ذَهَبَ حِبْرُه وسِبْرُه؛ أَي هَيْئَتُه. والسِّبْرُ: حُسْنُ الهيئةِ والجمَالُ وفلانٌ حَسَنُ الحِبْرِ والسِّبْر إذا كان جَمِيلاً حَسَنَ الهيئة؛ قال الشاعر:

أَنَا ابنُ أَبِي البَراءِ، وكُلُّ قَوْمٍ

 

لَهُمْ مِنْ سِبْر والِدِهِمْ رِداء

وسِبْرِي أَنَّنِي حُـرٌّ نَـقِـيٌّ

 

واَّنِّي لا يُزايِلُنِي الـحَـياءُ

والمَسْبُورُ: الحَسَنُ السِّبْر. وفي حديث الزبير أَنه قيل له: مُرْ بَنِيكَ حتى يَتَزَوَّجُوا في الغرائب فقد غَلَبَ عليهم سِبْرُ أَبي بكرٍ ونُحُولُهُ؛ قال ابن الأَعرابي: السِّبْرُ ههنا الشَّبَهُ. قال: وكان أَبو بكر دَقِيقِ المَحاسِنِ نَحِيفَ البدنِ فأَمَرَهُم الرَّجُلُ أَن يُزَوِّجَهم الغرائبَ ليجتمعَ لهم حُسْنُ أَبي بكر وشِدَّةُ غيره. ويقال: عرفته بِسِبْر أَبيه أَي بِهَيئته وشَبَهِهِ؛ وقال الشاعر:

أَنَا ابنُ المَضْرَحِيِّ أَبي شُلَـيْل،

 

وهَلْ يَخْفَى على الناسِ النَّهارُ؟

عَلَيْنا سِبْرُه، ولِـكُـلِّ فَـحْـلٍ

 

على أَولادِهِ مـنـه نِـجَـارُ

والسِّبْر أَيضاً: ماء الوجه، وجمعها أَسْبَارٌ. والسِّبْرُ والسَّبْرُ:حُسْنُ الوجه. والسِّبْرُ: ما اسْتُدِلَّ به على عِتْقِ الدابَّةِ أَو هُجْنتها. أَبو زيد: السِّبْرُ ما عَرَفْتَ به لُؤْمَ الدابة أَو كَرَمَها أَو لَوْنَها من قبل أَبيها. والسِّبْر أَيضاً: مَعْرِفَتُك الدابة بِخصْبٍ أَو بِجَدْبٍ. والسَّبَراتُ: جمع سَبْرَة، وهي الغَداةُ البارِدَة، بسكون الباء، وقيل: هي ما بين السحَرِ إِلى الصباح، وقيل: ما بين غُدْوَة إِلى طلوع الشمس. وفي الحديث: فِيمَ يَخْتَصِمُ الملأُ الأَعْلَى يا محمد؟ فَسَكَتَ ثم وضع الربُّ تعالى يده بين كَتِفَيْهِ فأَلْهَمَه إِلى أن قال: في المُضِيِّ إِلى الجُمعات وإِسْباغِ الوُضُوءِ في السَّبَرات؛ وقال الحطيئة:

عِظامُ مَقِيلِ الهَامِ غُلْبٌ رِقابُها،

 

يُباكِرْنَ حَدَّ الماءِ في السَّبَراتِ

يعني شِدَّةَ بَرْدِ الشتاء والسَّنَة. وفي حديث زواج فاطمة، عليها السلام: فدخل عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في غَداةٍ سَبْرَة؛ وسَبْرَةُ بنُ العَوَّالِ مُشْتَقّ منه.
والسَّبْرُ: من أَسماء الأَسَد؛ وقال المُؤَرِّجُ في قول الفرزدق:

بِجَنْبَيْ خِلالٍ يَدْقَعُ الضَّيْمَ مِنْهُمُخَوادِرُ في الأَخْياسِ، ما بَيْنَها سِبْرُ

قال: معناه ما بينها عَداوة. قال: والسِّبْر العَدَاوَة، قال: وهذا غريب. وفي الحديث: لا بأْس أَن يُصَلِّيَ الرجلُ وفي كُمِّه سَبُّورَةٌ؛ قيل: هي الأَلواح من السَّاجِ يُكْتَبُ فيها التذاكِيرُ، وجماعة من أَصحاب الحديث يَرْوُنَها سَتُّورة، قال: وهو خطأٌ.
والسُّبْرَة: طائر تصغيره سُبَيْرَةٌ، وفي المحكم: السُّبَرُ طائر دون الصَّقْرِ؛ وأَنشد الليث:

حتى تَعاوَرَهُ العِقْبانُ والسُّبَرُ

والسَّابِرِيُّ من الثيابِ: الرِّقاقُ؛ قال ذو الرمة:

فَجَاءَتْ بِنَسْجِ العَنْكَبُوبِ كأَنَّـه،

 

على عَصَوَيْها، سابِرِيٌّ مُشَبْرَقُ

وكُلُّ رَقيقٍ: سابِرِيٌّ. وعَرْضٌ سابِرِيٌّ: رقيق، ليس بمُحَقَّق. وفي المثل: عَرْضٌ سابِريٌّ؛ يقوله من يُعْرَضُ عليه الشيءُ عَرْضاً لا يُبالَغُ فيه لأَن السابِرِيّ من أَجْود الثيابِ يُرْغَبُ فيه بأَدْنى عَرْض؛ قال الشاعر:

بمنزلة لا يَشْتَكِي السِّلَّ أَهْلُها،

 

وعَيْشٍ كَمِثْلِ السابِرِيِّ رَقِيقِ

وفي حديث حبيب بن أَبي ثابت: رأَيْت على ابن عباس ثوباً سابِرِيّاً أَسْتَشِفُّ ما وراءه. كلُّ رقيق عندهم: سابِرِيٌّ، والأَصل فيه الدُّروع السابِرِيَّةُ منسوبة إِلى سابُورَ. والسابِريُّ: ضربٌ من التمر؛ يقال:أَجْوَدُ تَمْرِ الكوفة النِّرْسِيانُ والسابِرِيُّ. والسُّبْرُورُ: الفقير كالسُّبْروتِ؛ حكاه أَبو علي، وأَنشد:

تُطْعِمُ المُعْتَفِينَ ممَّا لَـدَيْهـا

 

مِنْ جَناها، والعائِلَ السُّبْرُورا

قال ابن سيده: فإِذا صح هذا فتاء سُبْرُوتٍ زائدة وسابورُ: موضع، أَعجمي مُعَرَّب؛ وقوله:

ليس بِجَسْرِ سابُورٍ أَنِيسٌ،

 

يُؤَرِّقُه أَنِينُك، يا مَعِـينُ

يجوز أَن يكون اسم رجل وأَن يكون اسم بلد. والسَّبَارى: أَرضٌ؛ قال لبيد:

دَرَى بالسِّبارَى حَبَّةً إِثْرَ مَيَّةٍ،

 

مُسَطَّعَةَ الأَعْناقِ بُلْقَ القَوادِمِ

سبرت

السُّبْرُوتُ: الشيء القليل. مالٌ سُبْرُوتٌ: قليل. والسُّبْرُتُ، والسُّبْرُوتُ، والسِّبْرِيتُ، والسِّبْراتُ: المحتاج المُقِلُّ؛ وقيل: الذي لا شيء له. وهو السِّبْرِيتةُ، والأُنثى سِبْرِيتة أَيضاً.
والسُّبْرُوتُ أَيضاً: المُفْلِسُ؛ وقال أَبو زيد: رجل سُبْرُوتٌ وسِبْرِيتٌ، وامرأَةٌ سُبْرُوتَةٌ وسِبْريتةٌ إذا كانا فقيرين، مِن رجال ونساء سَبارِيتَ، وهم المساكين والمحتاجون. الأَصمعي: السُّبْرُوتُ الفقير.
والسُّبْرُوت: الشيء التافه القَليلُ. والسُّبْروت: الغلام الأَمْرد. والسُّبْرُوتُ: الأَرض الصَّفْصَف؛ وفي الصحاح: الأَرضُ القَفْر. والسُّبْرُوتُ: القاع لا نَبات فيه؛ وأَرْضٌ سِبْراتٌ، وسِبْريتٌ، وسُبْرُوتٌ: لا نبات بها؛ وقيل: لا شيء فيها، والجمع سَباريتُ وسَبارٍ؛ الأَخيرة نادرة عن اللحياني.
وحكى اللحياني عن الأَصمعي: أَرض بني فلان سُبرُوتٌ وسِبْريتٌ، لا شيء فيها. وحكى: أَرضٌ سَباريتُ، كأَنه جَعَلَ كلَّ جُزء منها سُبْرُوتاً، أَو سِبْرِيتاً. أَبو عبيد: السَّباريتُ الفَلَواتُ التي لا شيء بها؛ الأَصمعي: السَّباريتُ الأَرض التي لا يَنْبُتُ فيها شيء، ومنها سمي الرجل المُعْدِم سُبْرُوتاً؛ قال الشاعر:

يا ابْنَةَ شَيْخٍ ما لَه سُبْرُوتُ

والسُّبْرُوت: الطويلُ.

سبرج

سَبْرَجَ فلانٌ عَلَيَّ الأَمْرَ إذا عمَّاه.

سبرد

سَبْردَ شعرَه إذا حلقه، والناقةُ إذا أَلقت ولدها لا شعر عليه، فهو المُسَبْرَدُ.

سبسب

السَّباسِبُ والسَّبْسَبُ: شجرٌ يُتَّخَذُ منه السهامُ؛ قالَ يَصِفُ قانِصاً:

ظَلّ يُصادِيها، دُوَيْنَ المَشْرَبِ،

لاطٍ بصَفْراءَ، كَتُومِ المَذْهَبِ،

وكلِّ جَشْءٍ من فُروعِ السَّبْسَبِ

أَرادَ لاطِئاً، فأَبدَل من الهمزِ ياءً، وجَعَلَها من بابِ قاضٍ، للضَّرورة. وقول رؤبة:

راحتْ، وراحَ كعصَا السَّبْسابِ

يحتمل أَن يكون السَّبْسابُ فيه لغةً في السَّبْسَبِ، ويحتمل أَن يكون أَراد السَّبْسَب، فزاد الأَلف للقافية، كما قال الآخر:

أَعوذ باللّهِ من العَقْرابِ،

 

الشائِلاتِ عُقَدَ الأَذْنابِ

قال: الشائِلاتِ، فوصَفَ به العَقْرَبَ، وهو واحدٌ لأَنه على الجنْسِ. وسَبْسَبَ بَوْلَه: أَرْسَلَه.
والسَّبْسَبُ: المَفازَة. وفي حديث قُسٍّ: فبَيْنا أَنا أَجُولُ سَبْسَبَها؛ السَّبْسَبُ: القَفْرُ والمَفازة. قال ابنُ الأَثير: ويُرْوَى بَسْبَسَها، قال: وهُما بمعنىً. والسَّبْسَبُ: الأَرضُ المُسْتَوِية البعيدة. ابن شميل: السَّبْسَب الأَرض القَفْرُ البعيدة، مُسْتَوِيَةً وغيرَ مستويةٍ، وغَليظة وغيرَ غليظةٍ، لا ماءَ بها ولا أَنِيسَ. أَبو عبيد: السَّباسِبُ والبَسابِسُ القِفارُ، واحِدُها سَبْسَبٌ وبَسْبَسٌ، ومنه قيل للأَباطيل: التُّرَّهات البَسابِسُ. وحكى اللحياني: بلدٌ سَبْسَبٌ وبَلَد سَباسِبُ، كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منهُ سَبْسَباً، ثم جَمَعُوه على هذا. وقال أَبو خَيْرة: السَّبْسَبُ الأَرْضُ الجَدْبة.
أَبو عمرو: سَبْسَبَ إذا سار سَيْراً ليِّناً.
وسَبْسَبَ إذا قَطَعَ رَحِمَه، وسَبْسَبَ إذا شَتَم شَتْماً قبيحاً.
والسَّباسِبُ: أَيامُ السَّعانينِ، أَنْبأَ بذلك أَبو العَلاءِ.
وفي الحديث: إِن اللّه تعالى أَبْدَلَكُمْ بيومِ السَّباسِب، يومَ العيدِ. يومُ السَّباسِبِ: عيدٌ للنصارَى، ويسمُّونَه يومَ السَّعانِينِ؛ وأَما قول النابغة:

رِقاقُ النِّعالِ، طَيِّبٌ حُجُزاتُهُمْ،

 

يُحَيّونَ بالرَّيْحان، يومَ السَّباسِبِ

فإِنما يَعْني عِيداً لَهم.
والسَّيْسَبانُ والسَّيْسَبَى، الأَخيرة عن ثعلب: شجرٌ. وقال أَبو حنيفة: السَّيْسَبانُ شجرٌ يَنْبُتُ من حَبَّة ويَطولُ ولا يَبْقَى على الشتاءِ، له ورقٌ نحو ورق الدِّفْلَى، حَسَنٌ، والناسُ يَزْرَعُونَه في البَساتِينِ، يريدون حُسْنَه، وله ثمرٌ نحو خَرائط السِّمْسِم إِلاَّ أَنها أَدَقّ. وذكره سيبويه في الأَبْنِيَة، وأَنشد أَبو حنيفة يصفُ أَنه إذا جَفَّتْ خَرائِطُ ثَمَرِه خَشْخَشَ كالعِشْرِق؛ قال:

كأَنَّ صَوْتَ رَأْلِها، إذا جَفَـلْ،

 

ضَرْبُ الرِّياحِ سَيْسباناً قد ذَبَلْ

قال: وحكى الفراء فيه سَيْسَبَى، يذكَّر ويؤَنث، ويؤتى به من بلاد الهند، وربما قالوا: السَّيْسَبُ؛ وقال:

طَلْق وعِتْق مثلُ عُودِ السَّبْسَبِ

وأَما أَحمد بن يحيى فقال في قول الراجز:

وقد أُناغي الرَّشَأَ المُرَبَّـبـا،

 

خَوْداً ضِنَاكاً، لا تَمُدُّ العُقَبـا

يَهْتَزُّ مَتْناها، إذا ما اضْطَرَبَا،

 

كهَزِّ نَشْوانٍ قَضِيبَ السَّيْسَبَى

إِنما أَراد السَّيْسَبانَ، فحَذف للضرورة.

سبط

السَّبْطُ والسَّبَطُ والسَّبِطُ: نقيض الجَعْد، والجمع سِباطٌ؛ قال سيبويه: هو الأَكثر فيما كان على فَعْلٍ صِفةً، وقد سَبُطَ سُبُوطاً وسُبُوطةً وسَباطةً وسَبْطاً؛ الأَخيرة عن سيبويه. والسَّبْطُ: الشعر الذي لا جُعُودة فيه. وشعر سَبْطٌ وسَبِطٌ: مُسْتَرْسِلٌ غير جَعْدٍ. ورجل سبْطُ الشعر وسَبِطُه وقد سَبِطَ شعرُه، بالكسر، يَسْبَطُ سَبَطاً. وفي الحديث في صفة شعره: ليس بالسَّبْطِ ولا بالجَعْدِ القَطِطِ؛ السَّبْطُ من الشعر: المُنْبَسِطُ المُسْتَرْسِلُ، والقَطِطُ: الشدِيدُ الجُعُودةِ، أَي كان شعره وسَطاً بينهما. ورجل سَبِطُ الجسمِ وسَبْطُه: طَويلُ الأَلواحِ مُسْتَوِيها بَيّنُ السَّباطةِ، مثل فَخِذٍ وفَخْذ، من قوم سِباطٍ إذا كان حَسَنَ القَدِّ والاستواء؛ قال الشاعر:

فَجاءت به سَبْطَ العِظامِ كأَنَّما

 

عِمامَتُه، بَيْنَ الرِّجالِ، لِواء

ورجل سَبْطٌ بالمَعْروف: سَهْلٌ، وقد سَبُطَ سَباطةً وسَبِطَ سَبَطاً، ولغة أَهل الحجاز: رجل سَبِطُ الشعرِ وامرأَة سَبِطةٌ. ورجل سَبْطُ اليَدَيْن بَيّنُ السُّبُوطة: سَخِيٌّ سَمْحُ الكفين؛ قال حسان:

رُبَّ خالٍ لِيَ، لَوْ أَبْصَرْتَـهُ،

 

سَبِطِ الكَفَّيْنِ في اليَوْم الخَصِرْ

شمر: مطَر سَبْطٌ وسَبِطٌ أَي مُتدارِكٌ سَحٌّ، وسَباطَتُه سَعَتُه وكثرته؛ قال القطامِيُّ:

صَاقَتْ تَعَمَّجُ أَعْرافُ السُّيُولِ به

 

من باكِرٍ سَبِطٍ، أَو رائحٍ يَبِـل

أَراد بالسبط المطَر الواسِع الكثير. ورجل سَبِطٌ بيِّن السَّباطةِ: طويل؛ قال:

أَرْسَلَ فيها سَبِطاً لم يَخْطَلِ

أَي هو في خِلْقته التي خلقه اللّه تعالى فيها لم يزد طولاً. وامرأَة سَبْطةُ الخلقِ وسَبِطةٌ: رَخْصةٌ ليِّنَةٌ. ويقال للرجل الطويلِ الأَصابعِ: إِنه لسَبْطُ الأَصابع. وفي صفته، صلّى اللّه عليه وسلّم: سَبْط القَصَبِ؛ السبْطُ والسِبطُ، بسكون الباء وكسرها: الممتدُّ الذي ليس فيه تَعَقُّدٌ ولا نُتوء، والقَصَبُ يريد بها ساعِدَيه وساقَيْه. وفي حديث المُلاعَنةِ: إِن جاءت به سَبطاً فهو لزوجها أَي ممتدّ الأَعضاء تامَّ الخلْقِ.والسُّباطةُ: ما سقَط من الشعر إذا سُرِّحَ، والسُّباطةُ: الكُناسةُ.
وفي الحديث: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَتى سُباطةَ قومٍ فبالَ فيها قائماً ثم توضأَ ومسَح على خُفَّيْه؛ السُّباطةُ والكُناسةُ: الموضع الذي يُرْمى فيه الترابُ والأَوْساخُ وما يُكْنَسُ من المنازل، وقيل: هي الكُناسةُ نفسها وإِضافَتُها إِلى القوم إِضافةُ تَخْصِيصٍ لا مِلْكٍ لأَنها كانت مَواتاً مُباحة، وأَما قوله قائماً فقيل: لأَنه لم يجد موضعاً للقعود لأَنَّ الظاهر من السُّباطة أَن لا يكون موضعُها مُسْتوياً، وقيل: لمرض منعه عن القعود، وقد جاء في بعض الروايات: لِعِلَّةٍ بمَأُبِضَيْهِ، وقيل: فعَله للتَّداوِي من وجع الصُّلْبِ لأَنهم كانوا يتَداوَوْنَ بذلك، وفيه أَن مُدافَعةَ البَوْلِ مكروهة لأَنه بالَ قائماً في السُّباطة ولم يؤخِّرْه.
والسَّبَطُ، بالتحريك: نَبْتٌ، الواحدة سَبَطةٌ. قال أَبو عبيد: السبَطُ النَّصِيُّ ما دام رَطْباً، فإِذا يَبِسَ فهو الحَلِيُّ؛ ومنه قول ذي الرمة يصف رملاً:

بَيْنَ النهارِ وبين الليْلِ مِن عَقِدٍ،

 

على جَوانِبه الأَسْباطُ والهَدَبُ

وقال فيه العجّاج:

أَجْرَدُ يَنْفِي عُذَرَ الأَسْباطِ

ابن سيده: السبَطُ الرَّطْبُ من الحَلِيِّ وهو من نباتِ الرمل. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد السبَطُ من الشجر وهو سَلِبٌ طُوالٌ في السماء دُقاقُ العِيدان تأْكله الإِبل والغنم، وليس له زهرة ولا شَوك، وله ورق دِقاق على قَدْرِ الكُرَّاثِ؛ قال: وأَخبرني أَعرابي من عَنَزة أَن السبَطَ نباتُه نباتُ الدُّخْنِ الكِبار دون الذُّرةِ، وله حبّ كحبّ البِزْرِ لا يخرج من أَكِمَّتِه إِلا بالدَّقِّ، والناس يستخرجونه ويأْكلونه خَبْزاً وطَبْخاً. واحدته سبَطةٌ، وجمع السبَطِ أَسْباطٌ. وأَرض مَسْبَطةٌ من السَّبَطِ: كثيرة السبَطِ. الليث: السبَطُ نبات كالثِّيل إِلا أَنه يطول وينبت في الرِّمال، الواحدة سبَطةٌ.
قال أَبو العباس: سأَلت ابن الأَعرابي ما معنى السِّبْط في كلام العرب؟ قال: السِّبْطُ والسّبْطانُ والأَسْباطُ خاصّة الأَولاد والمُصاصُ منهم، وقيل: السِّبْطُ واحد الأَسْباط وهو وَلد الوَلدِ. ابن سيده: السِّبْطُ ولد الابن والابنة. وفي الحديث: الحسَنُ والحُسَينُ سِبْطا رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم ورضي عنهما، ومعناه أَي طائفتانِ وقِطْعتان منه، وقيل: الأَسباط خاصة الأَولاد، وقيل: أَولاد الأَولاد، وقيل: أَولاد البنات، وفي الحديث أَيضاً: الحسينُ سِبْطٌ من الأَسْباط أَي أُمَّةٌ من الأُمم في الخير، فهو واقع على الأُمَّة والأُمَّةُ واقعة عليه. ومنه حديث الضِّبابِ: إِنَّ اللّه غَضِبَ على سِبْطٍ من بني إِسرائيل فمسخهم دَوابَّ.
والسِّبْطُ من اليهود: كالقبيلة من العرب، وهم الذين يرجعون إِلى أَب واحد، سمي سِبْطاً ليُفْرَق بين ولد إِسمعيل وولد إِسحق، وجمعه أَسْباط. وقوله عزّ وجلّ: وقطَّعناهم اثْنَتَيْ عَشْرةَ أَسْباطاً؛ أُمماً ليس أَسباطاً بتمييز لأَن المميز إِنما يكون واحداً لكنه بدل من قوله اثنتي عشرة كأَنه قال: جعلناهم أَسْباطاً. والأَسْباطُ من بني إِسرائيل: كالقبائل من العرب. وقال الأَخفش في قوله اثنتي عشرة أَسباطاً، قال: أَنَّث لأَنه أَراد اثنتي عشرة فِرْقةً ثم أَخبر أَن الفِرَقَ أَسْباطٌ ولم يجعل العدد واقعاً على الأَسباط؛ قال أَبو العباس: هذا غلط لا يخرج العدد على غير الثاني ولكن الفِرَقُ قبل اثنتي عشرة حتى تكون اثنتي عشرة مؤنثة على ما فيها كأَنه قال: وقطَّعناهم فِرَقاً اثنتي عشرة فيصح التأْنيث لما تقدم. وقال قطرب: واحد الأَسباط سِبْطٌ. يقال: هذا سِبْط، وهذه سبط، وهؤلاء سِبْط جمع، وهي الفِرْقة. وقال الفراء: لو قال اثْنَيْ عشَر سِبْطاً لتذكير السبط كان جائزاً، وقال ابن السكيت: السبط ذَكَرٌ ولكن النية، واللّه أَعلم، ذهبت إِلى الأُمم. وقال الزجاج: المعنى وقطَّعناهم اثنتي عشْرةَ فِرْقة أَسباطاً، فأَسباطاً من نعت فرقة كأَنه قال: وجعلناهم أَسباطاً، فيكون أَسباطاً بدلاً من اثنتي عشرة، قال: وهو الوجه. وقال الجوهري: ليس أَسباطاً بتفسير ولكنه بدل من اثنتي عشرة لأَن التفسير لا يكون إِلا واحداً منكوراً كقولك اثني عشر درهماً، ولا يجوز دراهم، وقوله أُمماً من نعت أَسْباطٍ، وقال الزجاج: قال بعضهم السِّبْطُ القَرْنُ الذي يجيء بعد قرن، قالوا: والصحيح أَن الأَسْباط في ولد إِسحق بن إِبراهيم بمنزلة القبائل في ولد إِسمعيل، عليهم السلام، فولَد كلِّ ولدٍ من ولدِ إِمعيل قبيلةٌ، وولد كلِّ ولد من ولَدِ إِسحق سِبْطٌ، وإِنما سمي هؤلاء بالأَسباط وهؤلاء بالقبائل ليُفْصَلَ بين ولد إِسمعيل وولد إِسحق، عليهما السلام. قال: ومعنى إِمعيل في القبيلة معنى الجماعة، يقال لكل جماعة من أَب واحد قبيلة، وأَما الأَسباط فمشتق من السبَطِ، والسبَطُ ضرْب من الشجر ترعاه الإِبل، ويقال: الشجرةُ لها قبائل، فكذلك الأَسْباطُ من السبَط، كأَنه جُعل إِسحقُ بمنزلة شجرة، وجعل إِسمعيل بمنزلة شجرة أُخرى، وكذلك يفعل النسابون في النسب يجعلون الوالد بمنزلة الشجرة، والأَولادَ بمنزلة أَغْصانها، فتقول: طُوبى لفَرْعِ فلانٍ، وفلانٌ من شجرة مباركة. فهذا، واللّه أَعلم، معنى الأَسْباط والسِّبْطِ؛ قال ابن سيده: وأَما قوله:

كأَنه سِبْطٌ من الأَسْباطِ

فإِنه ظن السبْطَ الرجل فغَلِط.
وسَبَّطَتِ الناقةُ وهي مُسَبِّطٌ: أَلْقَتْ ولدَها لغير تمام.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: كانت تَضْرِب اليَتيم يكون في حَجْرِها حتى يُسْبِطَ أَي يَمتدّ على وجه الأَرض ساقطاً. يقال: أَسْبَطَ على الأَرض إذا وقع عليها ممتدّاً من ضرب أَو مرَض. وأَسْبَطَ الرجلُ إِسْباطاً إذا انْبَسَطَ على وجه الأَرض وامتدّ من الضرب. واسْبَطَرَّ أَي امتدّ، منه؛ ومنه حديث شُرَيْحٍ: فإِن هي دَرَّتْ واسْبَطَرَّت؛ يريد امتدَّتْ للإِرْضاع؛ وقال الشاعر:

ولُيِّنَتْ من لَذّةِ الخِـلاطِ،

 

قد أَسْبَطَتْ، وأَيُّما إِسْباطِ

يعني امرأَة أُتِيَتْ، فلما ذاقَتِ العُسَيْلةَ مَدَّتْ نفْسَها على الأَرض، وقولهم: ما لي أَراك مُسْبِطاً أَي مُدَلِّياً رأْسَك كالمُهْتَمّ مُسْتَرْخِيَ البدَنِ. أَبو زيد: يقال للناقة إذا أَلقَتْ ولدَها قُبَيْلَ أَن يَسْتَبينَ خَلْقُه: قد سَبَّطَتْ وأَجْهَضَتْ ورَجَعَتْ رِجاعاً.
وقال الأَصمعي: سبَّطتِ الناقةُ بولدها وسبَّغَت، بالغين المعجمة، إذا أَلقته وقد نبَت وبَرُه قبل التَّمام. والتَّسْبِيطُ في الناقة: كالرِّجاعِ. وسبَّطتِ النعجةُ إذا أَسْقطت. وأَسْبَط الرجلُ: وقع فلم يقدر على التحرُّك من الضعْف، وكذلك من شُرب الدَّواء أَو غيره؛ عن أَبي زيد.
وأَسْبَطَ بالأَرض: لَزِقَ بها؛ عن ابن جَبلة. وأَسْبَط الرجلُ أَيضاً: سكَت مِن فَرَقٍ.
والسَّبَطانةُ: قَناةٌ جَوْفاء مَضْروب بالعَقَبِ يُرْمى بها الطيرُ، وقيل: يرمى فيها بِسهام صِغار يُنْفَخُ فيها نَفْخاً فلا تكاد تُخْطِئ. والسَّاباطُ: سَقيفةٌ بين حائطين، وفي المحكم: بين دارين، وزاد غيره: من تحتها طريق نافذ، والجمع سَوابِيطُ وساباطاتٌ. وقولهم في المثل: أَفْرَغُ من حَجَّامِ ساباطٍ؛ قال الأَصمعي: هو ساباطُ كسْرى بالمدائنِ وبالعجمية بَلاس آبادْ، وبَلاس اسم رجل؛ ومنه قول الأَعشى:

فأَصْبَحَ لم يَمْنَعْـه كَـيْدٌ وحِـيلةٌ

 

بِساباطَ حتى ماتَ وهو مُحَرْزَق

يذكر النعمان بن المنذر وكان أَبْرَويز حبَسه بساباط ثم أَلقاه تحت أَرْجُل الفِيَلةِ. وساباطُ: موضع؛ قال الأَعشى:

هُنالِكَ ما أَغْنَتْه عِـزَّةُ مُـلْـكِـه

 

بِساباطَ، حتى ماتَ وهو مُحَرْزَق

وسَباطِ: من أَسماء الحمَّى، مبنيّ على الكسر؛ قال المتنخل الهذلي:

أَجَزْتُ بفِتْيةٍ بِيضٍ كِرامٍ،

 

كأَنَّهُمُ تَمَلُّهُـمُ سَـبـاطِ

وسُباط: اسم شهر بالرومية، وهو الشهر الذي بين الشتاء والربيع، وفي التهذيب: وهو في فصل الشتاء، وفيه يكون تمام اليوم الذي تَدُور كسُوره في السنين، فإِذا تَمَّ ذلك اليومُ في ذلك الشهر سمّى أَهلُ الشام تلك السنةَ عامَ الكَبِيسِ، وهم يَتَيَمَّنُونَ به إذا وُلد فيه مولود او قَدِم قادِمٌ من سَفَرٍ.
والسِّبْطُ الرِّبْعِيُّ: نخلة تُدرك آخر القَيْظِ.
وسابِطٌ وسُبَيْطٌ: اسْمانِ. وسابُوطٌ: دابّةٌ من دواب البحر.
ويقال: سبَط فلان على ذلك الأَمْرِ يميناً وسَمَط عليه، بالباء والميم، أَي حلَف عليه. ونعْجة مَبْسُوطةٌ إذا كانت مَسْمُوطةً مَحْلوقة.

سبطر

السِّبَطْرَى: الانبساطُ في المشي. والضِّبَطْرُ والسِّبَطْرُ: من نَعْتِ الأَسد بالمَضاءَةِ والشِّدَّةِ. والسِّبَطْرُ: الماضي. والسِّبَطْرَى: مِشْيَةُ التبَخْتُر؛ قال العجاج:

يمشي السِّبَطْرَى مِشْيَةَ التبَخْتُر

رواه شمر مشية التَّجَيْبُرِ أَي التجَبُّر. والسِّبَطْرَى: مِشْيَةٌ فيها تَبَخْتُر. واسْبَطَرَّ: أَسرَعَ وامتَدَّ. والسَّبَطْرُ: السَّبْطُ الممتَدُّ. قال سيبويه: جَمَلٌ سِبَطْر وجمال سِبَطْراتٌ سريعة، ولا تُكَسَّر. واسْبَطَرَّتْ في سَيْرِها: أَسرَعَتْ وامتدّتْ. وحاكمت امرأَةٌ صاحِبَتَها إِلى شريح في هرّة بيدها فقال: أَدْنُوها من المُدَّعِيَةِ فإِنْ هي قَرَّتْ وَدَرَّتْ واسْطَرَّتْ فهي لها، وإن فَرَّتْ وازْبأَرَّتْ فليست لها؛ معنى اسْبَطَرَّتْ امتدّت واستقامت لها، قال ابن الأَثير: أَي امتدّت للإِرضاع ومالت إِليه. واسْبَطَرَّتْ الذبيحة إذا امتدّت للموت بعد الذبح. وكل ممتدٍّ: مُسْبَطِرٌّ. وفي حديث عطاء: سئل عن رجل أَخذ من الذبيحة شيئاً قبل أَن تَسْبَطِرّ فقال: ما أَخَذْتَ منها فهي سُنَّة أَي قبل اين تمتَدَّ بعد الذبح. والسِّبَطْرة:المرأَة الجسيمة. شمر: السِّبَطْر من الرجال السَّبْطُ الطويل. وقال الليث: السِّبَطْر الماضي؛ وأَنشد:

كَمِشْيَةِ خادِرٍ ليْثٍ سِبَطْر

الجوهري: اسْبَطَرَّ اضْطَجَع وامتدَّ. وأَسَد سِبَطْر، مثال هِزَبْر، أَي يَمتدُّ عند الوثْبَة. الجوهري: وجِمال سِبَطْراتٌ طِوال على وجه الإِرض، والتاء ليست للتأْنيث، وإِنما هي كقولهم حمامات ورجالات في جمع المذكر؛ قال ابن بري: التاء في سِبَطْراتٍ للتأْنيث لأَن سِبَطْراتٍ من صفة الجِمال، والجِمالُ مؤنثة تأْنيث الجماعة بدليل قولهم: الجمال سارتْ ورَعَتْ وأَكلت وشربت؛ قال: وقول الجوهري إِنما هي كحَمَّاماتٍ ورِجالاتٍ وهَم في خلطه رِجالاتٍ بحَمَّامات لأَن رجالاً جماعة مؤنثة، بدليل قولك:الرجال خرجت وسارت، وأَما حمَّامات فهي جمع حمَّام، والحمَّام مذكر وكان قياسه أَن لا يجمع بالأَلف والتاء قال: قال سيبويه وإِنما قالوا حمَّامات وإِصطبلات وسُرادِقات وسِجِلاَّت فجمعوها بالأَلف والتاء، وهي مذكرة، لأَنهم لم يكسروها؛ يريد أَن الأَلف والتاء في هذه الأَسماء المذَكَّرة جعلوهما عِوَضاً من جمع التكسير، ولو كانت مما يكسر لم تجمع بالأَلف والتاء وشَعَرٌ سِبَطْرٌ: سَبْطٌ. والسَّبَيْطَرُ والسُّباطِرُ: الطويل.
والسَّبَيْطَرُ، مثل العَمَيْثَلِ: طائر طويل العنق جدّاً تراه أَبداً في الماء الضَّحْضاحِ، يُكنى أَبا العَيْزارِ. الفراء: اسْبَطَرَّتْ له البلاد استقامت، قال: اسْبَطَرَّت لَيْلَتُها مستقيمة.

سبع

السَّبْعُ والسبْعةُ من العدد: معروف، سَبْع نِسوة وسبْعة رجال، والسبعون معروف، وهو العِقْد الذي بين الستين والثمانين. وفي الحديث: أُوتِيتُ السبع المَثاني، وفي رواية: سبعاً من المثاني، قيل: هي الفاتحة لأَنها سبع آيات، وقيل: السُّوَرُ الطِّوالُ من البقرة إِلى التوبة على أَن تُحْسَبَ التوبةُ والأَنفالُ سورةً واحدة، ولهذا لم يفصل بينهما في المصحف بالبسملة، ومن في قوله من المثاني لتبيين الجنس، ويجوز أَن تكون للتبعيض أَي سبع آيات أَو سبع سور من جملة ما يثنى به على الله من الآيات.
وفي الحديث: إِنه لَيُغانُ على قلبي حتى أَستغفر الله في اليوم سبعين مرة، وقد تكرر ذكر السبعة والسبع والسبعين والسبعمائة في القرآن وفي الحديث والعرب تضعها موضع التضعيف والتكثير كقوله تعالى: كمثل حبة أَنبتت سبع سنابل، وكقوله تعالى: إِن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم، وكقوله: الحسنة بعشر أَمثالها إِلى سبعمائة.
والسُّبُوعُ والأُسْبُوعُ من الأَيام: تمام سبعة أَيام. قال الليث: الأَيام التي يدور عليها الزمان في كل سبعة منها جمعة تسمى الأُسْبُوع ويجمع أَسابِيعَ، ومن العرب من يقول سُبُوعٌ في الأَيام والطواف، بلا أَلف، مأْخوذة من عدد السَّبْع، والكلام الفصيح الأُسْبُوعُ. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال: للبِكر سَبْع وللثَّيِّب ثلاث يجب على الزوج أَن يَعْدِلَ بين نسائِه في القَسْمِ فيقيم عند كل واحدة مثل ما يقيم عند الأُخرى، فإِن تزوج عليهن بكراً أَقام عندها سبعة أَيام ولا يحسبها عليه نساؤه في القسم، وإِن تزوج ثيِّباً أَقام عندها ثلاثاً غير محسوبة في القسم.وقد سَبَّعَ الرجل عند امرأَته إذا أَقام عندها سبع ليال. ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لأُم سلمة حين تزوجها، وكانت ثيِّباً: إِن شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ ثم سَبَّعْتُ عند سائر نسائي، وإِن شِئْتِ ثَلَّثْتُ ثم درت لا أَحتسب بالثلاث عليك؛ اشتقوا فَعَّلَ من الواحد إِلى العشرة، فمعنى سَبَّعَ أَقام عندها سبعاً، وثَلَّثَ أَقام عندها ثلاثاً، وكذلك من الواحد إِلى العشرة في كل قول وفعل.
وفي حديث سلمة بن جُنادة: إذا كان يوم سُبُوعه، يريد يوم أُسْبوعه من العُرْس أَي بعد سبعة أَيام. وطُفْتُ بالبيت أُسْبُوعاً أَي سبع مرات وثلاثة أَسابيعَ. وفي الحديث: أَنه طاف بالبيت أُسبوعاً أَي سبع مرات؛ قال الليث: الأُسْبوعُ من الطواف ونحوه سبعة أَطواف، ويجمع على أُسْبوعاتٍ، ويقال: أَقمت عنده سُبْعَيْنِ أَي جُمْعَتَينِ وأُسْبوعَين. وسَبَعَ القومَ يَسْبَعُهم، بالفتح، سَبْعاً: صار سابعهم. واسْتَبَعُوا: صاروا سَبْعةً.
وهذا سَبِيعُ هذا أَي سابِعُه. وأَسْبَعَ الشيءَ وسَبَّعَه: صَيَّره سبعة. وقوله في الحديث: سَبَّعَتْ سُلَيم يوم الفتح أَي كمَلَت سبعمائة رجل؛ وقول أَبي ذؤيب:

لَنَعْتُ التي قامَتْ تُسَبِّعُ سُؤْرَها

 

وقالَتْ: حَرامٌ أَنْ يُرَحَّلَ جارها

يقول: إِنَّكَ واعتذارَك بأَنك لا تحبها بمنزلة امرأَة قَتَلَتْ قتيلاً وضَمَّتْ سِلاحَه وتحَرَّجَت من ترحيل جارها، وظلت تَغْسِلُ إِناءَها من سُؤر كلبها سَبْعَ مرّات. وقولهم: أَخذت منه مائة درهم وزناً وزن سبعة؛ المعنى فيه أَن كل عشرة منها تَزِنُ سبعة مَثاقِيلَ لأَنهم جعلوها عشرة دراهم، ولذلك نصب وزناً. وسُبعَ المولود: حُلِقَ رأْسُه وذُبِحَ عنه لسبعة أَيام. وأَسْبَعَتِ المرأَةُ، وهي مُسْبِعٌ، وسَبَّعَتْ: ولَدَتْ لسبعة أَشهر، والوَلدُ مُسْبَعٌ. وسَبَّعَ الله لك رزَقَك سبعة أَولاد، وهو على الدعاء. وسَبَّعَ الله لك أَيضاً: ضَعَّفَ لك ما صنعت سبعة أَضعاف؛ ومنه قول الأَعرابي لرجل أَعطاه درهماً: سَبَّعَ الله لك الأَجر؛ أَراد التضعيف. وفي نوادر الأَعراب: سَبَّعَ الله لفلان تَسْبِيعاً وتَبَّع له تَتْبيعاً أَي تابع له الشيء بعد الشيء، وهو دعوة تكون في الخير والشر، والعرب تضع التسبيع موضع التضعيف وإِن جاوز السبع، والأَصل قول الله عز وجل: كمثل حبة أَنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة. ثم قال النبي، صلى الله عليه وسلم: الحسنة بعشر إِلى سبعمائة. قال الأَزهري: وأَرى قول الله عز وجل لنبيه، صلى الله عليه وسلم: إِن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم، من باب التكثير والتضعيف لا من باب حصر العدد، ولم يرد الله عز وجل أَنه، عليه السلام، إِن زاد على السبعين غفر لهم، ولكن المعنى إِن استكثرت من الدعاء والاستغفار للمنافقين لم يغفر الله لهم. وسَبَّعَ فلان القرآن إذا وَظَّفَ عليه قراءته في سبع ليال. وسَبَّعَ الإِناءَ: غسله سبع مرات.
وسَبَّعَ الشيءَ تسْبيعاً: جعله سبعة، فإِذا أَردت أَن صيرته سبعين قلت: كملته سبعين. قال: ولا يجوز ما قاله بعض المولدين سَبَّعْتُه، ولا قولهم سَبْعَنْتُ دَراهِمي أَي كَمَّلْتُها سَبْعِين.
وقولهم: هو سُباعِيُّ البَدَن أَي تامُّ البدن. والسُّباعيُّ من الجمال: العظيم الطويل، قال: والرباعي مثله على طوله، وناقة سُباعِيَّةٌ ورُباعِيَّةٌ. وثوب سُباعيّ إذا كان طوله سبعَ أَذْرُع أَو سَبْعةَ أَشبار لأَن الشبر مذكر والذراع مؤنثة.
والمُسْبَعُ: الذي له سبعة آباءٍ في العُبُودة أَو في اللؤم، وقيل: المسبع الذي ينسب إِلى أَربع أُمهات كلهن أَمَة، وقال بعضهم: إِلى سبع أُمهات. وسَبَع الحبلَ يَسْبَعُه سَبْعاً: جعله على سبع قُوىً. وبَعِيرٌ مُسْبَعٌ إذا زادت في مُلَيْحائِه سَبْع مَحالات. والمُسَبَّعُ من العَرُوض: ما بنى على سبعة أَجزاء. والسِّبْعُ: الوِرْدُ لسِتِّ ليال وسبعة أَيام، وهو ظِمْءٌ من أَظْماء الإِبل، والإِبل سَوابِعُ والقوم مُسْبِعُون، وكذلك في سائر الأَظْماءِ؛ قال الأَزهري: وفي أَظْماء الإِبل السِّبْعُ، وذلك إذا أَقامت في مَراعِيها خمسة أَيام كَوامِلَ ووردت اليوم السادس ولا يحسَب يوم الصّدَر. وأَسْبَعَ الرجل: وَرَدَت إِبله سبْعاً.
والسَّبِيعُ: بمعنى السُّبُع كالثَّمين بمعنى الثُّمُن؛ وقال شمر: لم أَسمع سَبِيعاً لغير أَبي زيد. والسبع، بالضم: جزء من سبعة، والجمع أَسْباع. وسَبَعَ القومَ يَسْبَعُهم سَبْعاً: أَخذ سُبُعَ أَموالِهم؛ وأَما قول الفرزدق:

وكيفَ أَخافُ الناسَ، واللهُ قـابِـضٌ

 

على الناسِ والسَّبْعَيْنِ في راحةِ اليَدِ؟

فإِنه أَراد بالسَّبْعَينِ سبْعَ سمواتٍ وسبعَ أَرَضِين. والسَّبُعُ: يقع على ما له ناب من السِّباعِ ويَعْدُو على الناس والدوابّ فيفترسها مثل الأَسد والذِّئْب والنَّمِر والفَهْد وما أَشبهها؛ والثعلبُ، وإِن كان له ناب، فإِنه ليس بسبع لأَنه لا يعدو على صِغار المواشي ولا يُنَيِّبُ في شيء من الحيوان، وكذلك الضَّبُع لا تُعَدُّ من السباع العادِيةِ، ولذلك وردت السُّنة بإِباحة لحمها، وبأَنها تُجْزَى إذا أُصِيبت في الحرم أَو أَصابها المحرم، وأَما الوَعْوَعُ وهو ابن آوى فهو سبع خبيث ولحمه حرام لأَنه من جنس الذِّئابِ إِلاَّ أَنه أَصغر جِرْماً وأَضْعَفُ بدَناً؛ هذا قول الأَزهري، وقال غيره: السبع من البهائم العادية ما كان ذا مِخلب، والجمع أَسْبُعٌ وسِباعٌ. قال سيبويه: لم يكسَّر على غير سِباعٍ؛ وأَما قولهم في جمعه سُبُوعٌ فمشعر أَن السَّبْعَ لغة في السَّبُع، ليس بتخفيف كما ذهب إِليه أَهل اللغة لأَن التخفيف لا يوجب حكماً عند النحويين، على أَن تخفيفه لا يمتنع؛ وقد جاء كثيراً في أَشعارهم مثل قوله:

أَمِ السَّبْع فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكم؟

 

فهذا ورَبِّ الرّاقِصاتِ المُزَعْفَرُ

وأَنشد ثعلب:

لِسانُ الفَتى سَبْعٌ، عليه شَـذاتُـه

 

فإِنْ لم يَزَعْ مِن غَرْبِه، فهو آكِلُهْ

وفي الحديث: أَنه نهى عن أَكل كل ذي ناب من السباع؛ قال: هو ما يفترس الحيوان ويأْكله قهراً وقَسْراً كالأَسد والنَّمِر والذِّئب ونحوها. وفي ترجمة عقب: وسِباعُ الطير التي تَصِيدُ. والسَّبْعةُ: اللَّبُوءَةُ. ومن أَمثال العرب السائرة: أَخَذه أَخْذ سَبْعةٍ، إِنما أَصله سَبُعةٌ فخفف.
واللَّبُوءَةُ أَنْزَقُ من الأَسد، فلذلك لم يقولوا أَخْذَ سَبُعٍ، وقيل: هو رجل اسمه سبْعة بن عوف بن ثعلبة بن سلامانَ بن ثُعَل بن عمرو بن الغَوْث بن طيء بن أُدَد، وكان رجلاً شديداً، فعلى هذا لا يُجْرَى للمعرفة والتأْنيث، فأَخذه بعض ملوك العرب فَنَكَّلَ به وجاء المثل بالتخفيف لما يؤثرونه من الخفة. وأَسْبَعَ الرجلَ: أَطْعَمه السَّبُعَ، والمُسْبِعُ: الذي أَغارت السِّباعُ على غنمه فهو يَصِيحُ بالسِّباعِ والكِلابِ؛ قال:

قد أَسْبَعَ الرّاعي وضَوْضَا أَكْلُبُه

وأَسْبَعَ القومُ: وقَع السَّبُع في غنمهم. وسَبَعت الذّئابُ الغنَم: فَرَسَتْها فأَكلتها. وأَرض مَسْبَعةٌ: ذات سِباع؛ قال لبيد:

إِليك جاوَزْنا بلاداً مَسْبَعَهْ

ومَسْبَعةٌ: كثيرة السباع؛ قال سيبويه: باب مَسْبَعةٍ ومَذْأَبةٍ ونظيرِهما مما جاء على مَفْعَلةٍ لازماً له الهاء وليس في كل شيء يقال إِلا أَن تقيس شيئاً وتعلم مع ذلك أَن العرب لم تَكَلَّمْ به، وليس له نظير من بنات الأَربعة عندهم، وإِنما خصوا به بناتِ الثلاثة لخفتها مع أَنهم يستغنون بقولهم كثيرة الذئاب ونحوها. وقال ابن المظفر في قولهم لأَعْمَلَنّ بفلان عملَ سَبْعَةٍ: أَرادوا المبالغة وبلوغَ الغاية، وقال بعضهم: أَرادوا عمل سبعة رجال. وسُبِعَتِ الوَحْشِيَّةُ، فهي مَسْبُوعةٌ إذا أَكَل السبُعُ ولدها، والمَسْبُوعةُ: البقرة التي أَكَل السبعُ ولدَها. وفي الحديث: أَن ذئباً اختطف شاة من الغنم أَيام مَبْعَثِ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، فانتزعها الراعي منه، فقال الذئب: من لها يوم السبْع؟ قال ابن الأَعرابي: السبع، بسكون الباء، الموضعُ الذي يكونُ إِليه المَحْشَرُ يومَ القيامة، أَراد من لها يوم القيامة؛ وقيل: السبْعُ الذَّعْرُ، سَبَعْتُ فلاناً إذا ذَعَرْتَه، وسَبَعَ الذِّئْبُ الغنم إذا فرسها، أَي من لها يومَ الفَزَع؛ وقيل: هذا التأْويل يَفْسُد بقول الذئب في تمام الحديث: يومَ لا راعِيَ لها غيري، والذئب لا يكون لها راعياً يوم القيامة، وقيل: إِنه أَراد من لها عند الفتن حين يتركها الناس هملاً لا راعي لها نُهْبَة للذِّئاب والسِّباع، فجعل السبُع لها راعياً إِذ هو منفرد بها، ويكون حينئذ بضم الباء، وهذا إِنذار بما يكون من الشدائد والفتن التي يُهْمِلُ الناس فيها مواشيهم فتستمكن منها السباع بلا مانع. وروي عن أَبي عبيدة: يومُ السبْعِ عِيدٌ كان لهم في الجاهلية يشتغلون بعيدهم ولَهْوِهِم، وليس بالسبُع الذي يفترس الناس، وهذا الحرف أَملاه أَبو عامر العبدري الحافظ بضم الباء، وكان من العلم والإِتقان بمكان، وفي الحديث نهَى عن جُلودِ السِّباعِ؛ السباعُ: تَقَعُ على الأَسد والذئاب والنُّمُور، وكان مالك يكره الصلاة في جُلودِ السِّباعِ، وإِن دُبِغَتْ، ويمنع من بيعها، واحتج بالحديث جماعة وقالوا: إِن الدِّباغَ لا يؤثِّر فيما لا يؤكل لحمه، وذهب جماعة إِلى أَن النهي تناولها قبل الدباغ، فأَما إذا دُبِغَتْ فقد طهُرت؛ وأَما مذهب الشافعي فإِن الذَّبْحَ يطهر جُلود الحيوان المأْكول وغير المأْكول إِلا الكلب والخنزير وما تَوَلَّدَ منهما، والدِّباغُ يُطَهِّرُ كل جلد ميتة غيرهما؛ وفي الشعور والأَوبار خلاف هل تَطْهُر بالدباغ أَم لا، إِنما نهى عن جلود السباع مطلقاً أَو عن جلد النَّمِر خاصّاً لأَنه ورد في أَحاديث أَنه من شِعار أَهل السَّرَفِ والخُيَلاءِ.
وأَسبع عبده أَي أَهمله. والمُسْبَعُ: المُهْمَلُ الذي لم يُكَفَّ عن جُرْأَتِه فبقي عليها. وعبدٌ مُسْبَعٌ: مُهْمَلٌ جَريءٌ ترك حتى صار كالسبُع؛ قال أَبو ذؤيب يصف حمار الوحش:

صَخِبُ الشَّوارِبِ لا يَزالُ كأَنَّه

 

عَبدٌ، لآلِ أَبي رَبِيعةَ، مُسْبَـعُ

الشَّوارِبُ: مجارِي الحَلْق، والأَصل فيه مَجاري الماء، وأَراد أَنه كثير النُّهاقِ، هذه رواية الأَصمعي، وقال أَبو سعيد الضرير: مُسْبِع، بكسر الباء، وزعم أَن معناه أَنه وقع السباع في ماشيته، قال: فشبه الحمار وهو يَنْهَقُ بعبد قد صادفَ في غنمه سَبُعاً فهو يُهَجْهِجُ به ليزجره عنها، قال: وأَبو ربيعة في بني سعد بن بكر وفي غيرهم ولكن جيران أَبي ذؤيب بنو سعد بن بكر وهم أَصحاب غنم، وخص آل ربيعة لأَنهم أَسوأُ الناسِ مَلَكةً.
وفي حديث ابن عباس وسئل عن مسأَلة فقال: إِحْدى من سَبْع أَي اشتدّت فيها الفتيا وعَظُم أَمرها، يجوز أَن يكون شِبهها بإِحدى الليالي السبع التي أَرسل الله فيها العذاب على عاد فَضَرَبَها لها مثلاً في الشدة لإِشكالها، وقيل: أَراد سبع سِنِي يوسف الصدِّيق، عليه السلام، في الشدة. قال شمر: وخلق الله سبحانه وتعالى السموات سبعاً والأَرضين سبعاً والأَيام سبعاً. وأَسْبَعَ ابنه أَي دفعه إِلى الظُّؤُورةِ. المُسْبَع: الدَّعِيُّ.
والمُسْبَعُ: المَدْفُوعُ إِلى الظُّؤُورةِ؛ قال العجاج:

إِنَّ تَمِيماً لم يُراضَعْ مُسْبَعا

 

ولم تَلِدْه أُمُّهُ مُقَـنَّـعـا

وقال الأَزهري: ويقال أَيضاً المُسْبَعُ التابِعةُ، ويقال: الذي يُولَدُ لسبعة أَشهر فلم يُنْضِجْه الرَّحِمُ ولم تَتِمّ شُهورُه، وأَنشد بيت العجاج.
قال النضر: ويقال رُبَّ غلام رأَيتُه يُراضَعُ، قال: والمُراضَعةُ أَنْ يَرْضَعَ أُمَّه وفي بطنها ولد.
وسَبَعَه يَسْبَعُه سَبْعاً: طعن عليه وعابه وشتَمه ووقع فيه بالقول القبيح. وسَبَعَه أَيضاً: عَضَّه بسنه. والسِّباعُ: الفَخْرُ بكثرة الجِماع. وفي الحديث: أَنه نهَى عن السِّباعِ؛ قال ابن الأَعرابي: السِّباعُ الفَخار كأَنه نهى عن المُفاخَرة بالرَّفَثِ وكثرة الجماع والإِعْرابِ بما يُكَنّى به عنه من أَمر النساء، وقيل: هو أَن يَتَسابَّ الرجلان فيرمي كل واحد صاحبه بما يسوؤه من سَبَعَه أَي انتقصه وعابه، وقيل: السِّباعُ الجماع نفسُه. وفي الحديث: أَنه صَبَّ على رأْسه الماء من سِباعٍ كان منه في رمضان؛ هذه عن ثعلب عن ابن الأَعرابي.وبنو سَبِيعٍ: قبيلة. والسِّباعُ ووادي السِّباعِ: موضعان؛ أَنشد الأَخفش:

أَطْلال دارٍ بالسِّـبـاعِ فَـحَـمَّةِ

 

سأَلْتُ، فلمَّا اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ

وقال سُحَيْم بن وَثِيلٍ الرِّياحِي:

مَرَرْتُ على وادِي السِّباعِ، ولا أَرَى

 

كَوادِي السِّباعِ حينَ يُظْـلِـمُ، وادِيا

والسَّبُعانُ: موضع معروف في ديار قيس؛ قال ابن مقبل:

أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ

 

أَمَلَّ عليها بالبِلى المَلَوانِ

ولا يعرف في كلامهم اسم على فَعُلان غيره، والسُّبَيْعان: جبلان؛ قال الراعي:

كأَني بِصَحْراءِ السُّبَيْعَينِ لم أَكُنْ

 

بأَمْثالِ هِنْدٍ، قَبْلَ هِنْدٍ، مُفَجَّعـا

وسُبَيْعٌ وسِباعٌ: اسمان؛ وقول الراجز:

يا لَيْتَ أَنِّي وسُبَيْعاً في الغَنَـمْ

 

والجرْحُ مِني فَوْقَ حَرّار أَحَمّْ

هو اسم رجل مصغر. والسَّبِيعُ: بطن من هَمْدانَ رَهْطُ أَبي إِسحق السَّبِيعي. وفي الحديث ذكر السَّبِيعِ، هو بفتح السين وكسر الباء مَحِلّة من مَحالِّ الكوفة منسوبة إِلى القبيلة، وهم بني سَبِيعٍ من هَمْدانَ.
وأُمُّ الأَسْبُعِ: امرأَة. وسُبَيْعةُ بن غَزالٍ: رجل من العرب له حديث.
ووزْن سَبْعةٍ: لقب.

سبعر

ناقة ذاتُ سِبْعارَة، وسَبْعَرَتُها: حِدَّتُها ونشاطها إذا رَفَعَتْ رأْسها وخطرت بذنبها وتَدَافَعَتْ في سيرها؛ عن كراع. والسَّبْعَرة:النشاط.

سبعل

رجل سَبَعْلَلٌ: فارغ كَسَبَهْلَل؛ عن كراع.

سبغ

شيء سابغٌ أَي كامِلٌ وافٍ. وسَبَغَ الشيءُ يَسْبُغُ سُبُوغاً: طالَ إلى الأَرض واتَّسَعَ، وأَسْبَغَه هو وسَبَغَ الشعرُ سُبُوغاً وسَبَغَتِ الدِّرْعُ، وكلُّ شيءٍ طالَ إلى الأَرض، فهو سابِغٌ. وقد أَسْبَغَ فلان ثَوْبَه أَي أَوسَعَه. وسَبَغَتِ النِّعْمةُ تَسْبُغُ، بالضم، سُبُوغاً: اتسعت. وإِسْباغُ الوُضوءِ: المُبالَغة فيه وإتْمامُه. ونعمة سابِغةٌ، وأَسْبَغَ الله عليه النِّعْمةَ: أَكْمَلَها وأَتَمَّها ووسَّعَها. وإنهم لفي سَبْغةٍ من العَيْشِ أَي سَعةٍ. ودَلْوٌ سابِغةٌ: طويلة؛ قال:

دَلْوُكَ دَلْوٌ، يا دُلَيْحُ، سابِغـهْ

 

في كلِّ أَرْجاءِ القَلِيبِ والِغهْ

ومطرٌ سابغٌ، وسَبَغَ المطرُ: دَنا إلى الأَرض وامتدّ؛ قال:

يُسِيلُ الرُّبا، واهِي الكُلَى، عَرِصُ الذُّرىأَهِلَّةُ نَضّاخِ النَّدَى سابغِ القَطْرِ

وذنَبٌ سابِغٌ أَي وافٍ. وفي حديث المُلاعَنةِ: إن جاءت به سابِغَ الأَلْيَتَيْنِ أَي عظِيمهما من سُبُوغِ الثوب والنِّعْمةِ. والسابِغةُ: الدِّرْعُ الواسِعةُ. ورجل مُسْبِغٌ: عليه دِرعٌ سابِغةٌ. والدِّرْعُ السابِغةُ: التي تَجُرُّها في الأَرض أَو على كَعْبَيْكَ طُولاً وسَعةً؛ وأَنشد شمر لعبد الله بن الزبير الأَسدي:

وسابِغةٍ تَغْشَى البنانَ، كـأَنَّـهـا

 

أَضاةٌ بِضحْضاحٍ من الماء ظاهِرِ

وتَسْبِغةُ البَيْضةِ: ما تُوصَلُ به البَيْضةُ من حَلَقِ الدُّرُوعِ فَتَسْتُرُ العُنُقَ لأَن البيضةَ به تَسْبُغُ، ولوْلاه لكان بينها وبين جَيْبِ الدِّرْع خَلَلٌ وعوْرة. قال الأَصمعي: يقال بيضةٌ لها سابِغٌ؛ وقال النضر: تَسْبِغةُ البيض رُفُوفُها من الزَّرَدِ أَسفَل البيضة يَقِي بها الرجلُ عُنقه، ويقال لذلك المِغْفَر أَيضاً؛ وقال أَبو وَجْزةَ في التَّسْبِغةِ:

وتَسْبِغة يَغْشَى المَناكِبَ رَيْعُها

 

لِدوادَ كانَتْ، نَسْجُها لَمْ يُهَلْهَلِ

وفي حديث قَتْلِ أُبَيِّ بن خَلَفٍ: زَجَلَه بالحربة فتَقَعُ في تَرْقُوَتهِ تحت تَسْبِغةِ البيضة؛ التَّسْبِغةُ: شيء من حَلَق الدُّرُوع والزَّرَدِ يَعْلُقُ بالخُوذةِ دائراً معها ليسْتُر الرقبةَ وجَيْبَ الدِّرْع.
وفي حديث أَبي عبيدة، رضي الله عنه: إنَّ زَرَدَتَيْنِ من زَرَدِ التَّسْبِغةِ نَشِبَتا في خَدّ النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم أُحُد، وهي تَفْعِلة، مصدر سَبَّغَ من السُّبُوغ الشُّمُولِ؛ ومنه الحديث: كان اسم دِرْعِ النبي، صلى الله عليه وسلم، ذا السُّبُوغِ لِتَمامِها وسَعَتِها. وفي حديث شريح: أَسْبِغُوا لليتِيم في النفَقةِ أَي أَنفِقوا عليه تمام ما يحتاج إليه ووسّعوا عليه فيها. وفحْلٌ سابِغٌ أَي طويلُ الجُرْدانِ، وضدّه الكَمْشُ. وناقة سابِغةُ الضُّلُوع وعجِيزةٌ سابِغةٌ وأَلْيَةٌ سابِغةٌ.
والمُسَبَّغُ من الرَّمَل: ما زِيدَ على جزئه حرف نحو فاعِلاتانْ من قوله:

يا خَلِيلَيَّ ارْبَعا فاسْ

 

تَنْطِقا رَسْماً بِعُسْفانْ

فقوله: مَن بعُسْفانْ فاعِلاتانْ؛ قال أَبو إِسحق: معنى قولهم مُسَبَّغاً كأَنَّه جُعِلَ سابغاً، والفرق بين المُسَبَّغِ والمُذَيَّلِ أَن المُسَبَّغَ زيد على ما يُزاحَفُ مِثْلُه، وهو أَقلّ متحركات من المُذَيَّلِ، وهو زيادة على سبب، والمُذَيَّلُ على وَتِدٍ. قال أَبو إسحق: سُمِّي مُسبَّغاً لوُفُورِ سُبُوغِه لأَن فاعلاتن إذا تامّاً فهو سابغ، فإِذا زِدْتَ على السابغ فهو مَسَبَّغ كما أَنك تقول لذي الفَضْل فاضِلٌ، وتقول للذي يكثر فضله فَضّالٌ ومُفَضَّلٌ.
وسَبَّغَتِ الناقةُ تَسْبِيغاً، فهي مُسَبِّغٌ: أَلْقَتْ ولدها لغير تمام، وقيل: أَلقته وقد أَشْعَر، وإذا كان ذلك عادةً فهي مِسْباغٌ. قال ابن دريد: وليس بمعروف. وقال صاحب العين: التسْبِيغُ في جميع الحَوامل مثلُه في الناقة. والمُسَبَّغُ: الذي رمت به أُمُّه بعدما نُفِخَ فيه الرُّوح؛ عن كراع. التهذيب: وسبَّغَتِ الناقة تَسْبيغاً فهي مُسَبَّغ إذا كانت كلما نَبَت على ولدها في بطنها الوَبَرُ أَجْهَضَتْه، وكذلك من الحوامِلِ كلِّها. أَبو عمرو: سَبَّطَت الإِبلُ أَوْلادَها وسَبَّغَتْ إذا أَلقَتْها.

سبغل

اسْبَغَلَّ الثوبُ اسْبِغْلالاً: ابْتَلَّ بالماء، وازْبَغَلَّ مثله، وكذلك اسْبغَلَّ الشعرُ بالدُّهْن. وشَعَرٌ مُسْبَغِلٌّ: مُسْتَرْسِلٌ؛ قال كثيِّر:

مَسَائِحُ فَوْدَيْ رأْسِه مُسْبَـغِـلَّةٌ،

 

جَرَى مِسْكُ دارِينَ الأَحَمُّ خِلالَها

والمُسْبَغِلَّةُ: الضافية. ودِرْعٌ مُسْبَغِلَّة: سابغة: وأَنشد:

ويَوْمـاً عـلـيه لأْمَةٌ تُـبَّـعِـيَّةٌ

 

من المُسْبَغِلاَّت الضَّوافي فُضُولُها

وقال اللحياني: أَتانا سَبَغْلَلاً أَي لا شيء معه ولا سلاح عليه، وهو كقولهم سَبَهْلَلاً. والسَّبَغْلَلُ: الفارغ؛ عن السيرافي.
ابن الأَعرابي: سَغْبَلَ طعامَه إذا رَوّاه دَسَماً. وسَغْبَلَ رأْسَه وسَغْسَغَه ورَوَّلَه إذا مَرَّغَه، وقال غيره: سَبْغَلَه فاسْبَغَلَّ، قُدِّمت الباء على الغين.

سبق

السَّبْق: القُدْمةُ في الجَرْي وفي كل شيء؛ تقول: له في كل أمر سُبْقةٌ وسابِقةٌ وسَبْقٌ، والجمع الأَسْباق والسَّوابِقُ. والسَّبْقُ:مصدر سَبَقَ. وقد سَبَقَه يَسْبُقُه ويَسْبِقُه سَبْقاً: تقدَّمه. وفي الحديث: أنا سابِقُ العرب، يعني إلى الإسلام، وصُهَيْبٌ سابقُ الرُّوم، وبِلالٌ سابقُ الحبَشة، وسلْمانُ سابقُ الفُرْس؛ وسابَقْتُه فسَبَقْتُه. واسْتَبَقْنا في العَدْوِ أي تَسابَقْنا. وقوله تعالى: ثم أوْرَثْنا الكتابَ الذين اصطَفَيْنا مِنْ عبادِنا فمنهم ظالم لِنَفْسِه ومنهم مُقْتصد ومنهم سابِقٌ بالخيرات بإذن الله؛ رُوِيَ فيه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: سابِقُنا سابِقٌ، ومقْتصِدُنا ناجٍ، وظالِمُنا مغفورٌ له، فدلَّك ذلك على أن المؤمنين مغفور لمقْتَصدهم وللظالم لنفسه منهم. ويقال: له سابِقةٌ في هذا الأَمر إذا سَبَق الناسَ إليه. وقوله تعالى: سَبْقاً؛ قال الزجاج: هي الخيل، وقيل السابقات أرواح المؤمنين تخرج بسهولة، وقيل: السابقات النجوم، وقيل: الملائكة تَسْبِق الشياطين بالوحي إلى الأَنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وفي التهذيب: تَسْبِق الجنَّ باستماع الوحي. ولا يَسْبِقونه بالقول: لا يقولون بغير علم حتى يُعَلِّمهم؛ وسابَقَه مُسابَقَةً وسِباقاً. وسِبْقك: الذي يُسابِقُك، وهم سِبْقي وأسْباقي. التهذيب: العرب تقول للذي يَسْبِقُ من الخيل سابِقٌ وسَبُوق، وإذا كان يُسْبَق فهو مُسَبَّق؛ قال الفرزدق:

من المُحْرِزينَ المَجْدَ يومَ رِهانِه،

 

سَبُوقٌ إلى الغاياتِ غير مُسَبَّق

وسَبَقَت الخيلُ وسابَقْتُ بينها إذا أرسلتها وعليها فُرْسانُها لتنظر أيّها يَسْبِق. والسُّبَّق من النخل: المبَكِّرة بالحمل. والسَّبْق والسابِقةُ: القُدْمة.
وأسْبَقَ القومُ إلى الأَمر وتَسابَقوا: بادروا. والسَّبَق، بالتحريك:الخطَرُ الذي بوضع بين أهل السِّباق، وفي التهذيب: الذي يوضع في النِّضال والرِّهان في الخيل، فمن سعبَق أخذه، والجمع أسباق. واسْتَبَق القومُ وتَسابَقخوا: تَخاطَرُوا. وتَسابَقُوا: تناضلوا. ويقال: سَبَّق إذا أخذ السَّبَق، وسَبَّقَ إذا أعطى السَّبَق، وهذا من الأضداد، وهو نادر، وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لا سبَق إلا في خُفٍّ أو نَصْل أو حافر، فالخفّ للإبل، والحافر للخيل، والنصال للرَّمْي. والسَّبَق، بفتح الباء: ما يجعل من المال رَهْناً على المُسابَقةِ، وبالسكون: مصدر سَبَقْت أسْبِق؛ المعنى لا يحل أخذ المال بالمُسابَقةِ إلا في هذه الثلاثة، وقد ألحق بها الفقهاء ما كان يمعناها وله تفصيل في كتب الفقه. وفي حديث آخر:مَنْ أدْخَلَ فَرَساً بين فَرَسَيْنِ فإن كان يْؤْمَنُ أن يُسْبَق فلا خير فيه، وإن كان لا يؤمَن أن يُسْبَعق فلا بأْس به. قال أبو عبيد: الأَصل أن يَسْبِقَ الرجلُ صاحبَه بشيء مسمى على أنه إن سَبَق فلا شيء له، وإن سَبَقه صاحبُه أخذ الرهن، فهذا هو الحلال لأن الرهن من أحدهما دون الآخر، فإن جعل كل واحد منهما لصاحبه رهناً أيّهما سَبَق أخذه فهو القِمارُ المنهي عنه، فإن أرادا تحليل ذلك جعلا معهما فَرَساً ثالثاً لرجل سواهما، وتكون فرسه كُفُؤاً لفرسَيْهما، ويسمى المُحَلِّلَ والدَّخِيلَ، فيضع الرجلان الأَوّلان رَهْنَيْنِ منهما ولا يضع الثالث شيئاً، ثم يُرْسِلون الأَفْراسَ الثلاثة، فإن سبق أحدُ الأَوّلين أخذ رَهْنَه ورَهْنَ صاحبه فكان طَيِّباً له، وإن سَبَقَ الدخيلُ أخذ الرَّهْنَيْنِ جميعاً، وإن سُبِق هو لم يغرم شيئاً، فهذا معنى الحديث. وفي الحديث: أنه أمَرَ بإجراء الخيل وسَبَّقَها ثلاثة أعْذُقٍ من ثلاث نخلات؛ سَبَّقَها: بمعنى أعطى السَّبَق، وقد يكون بمعنى أخذ، وهو من الأَضداد، ويكون مخففاً وهو المال المُعَيّن. وقوله تعالى: إنَّا ذهبنا نِسْتَبِق؛ قيل: معناه نتَناضَل، وقيل: هو نفتعل من السَّبْق. واسْتَبقا البابَ: يعني تَسابَقا إليه مثل قولك اقتتلا بمعنى تَقاتلا؛ ومنه قوله تعالى: فاسْتَبِقُوا الخيرات؛ أي بادِرُوا إليها؛ وقوله: فاسْتَبَقُوا الصراطَ؛ أي جاوَزُوه وتركوه حتى ضلّوا؛ وهم لها سَابِقون، أي إليها سابِقون كما قال تعالى: بأنَّ رَبَّكَ أوْحى لها، أي إليها. الأَزهري: جاء الاسْتباق في كتاب الله تعالى بثلاثة معان مختلفة:أحدها قوله عز وجل: إنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِق، قال المفسرون: معناه نَنْتَضل في الرمي، وقوله عز وجل: واسْتَبَقا البابَ؛ معناه ابْتَدَرا البابَ يجتهد كل واحد منهما أن يَسْبِقَ صاحبه، فإن سَبَقَها يوسفُ فتح البابَ وخرج ولم يُجِبْها إلى ما طلبته منه، وإن سَبَقَتْ زَلِيخا أغْلَقَت الباب دونه لتُراوِدَه عن نفسه، والمعنى الثالث في قوله تعالى: ولو نشاء لَطَمَسْنا على أعْيُنِهم فاسْتَبَقوا الصراطَ فأَنَّى يُبْصِرون؛ معناه فجازوا الصراط وخَلّفوه، وهذا الاسْتباق في هذه الآية من واحد والوجهان الأَولان من اثنين، لأن هذا بمعنى سَبَقُوا والأَوّلان بمعنى المُسابَقة. وقوله:اسْتَقِيموا فقد سَبَقْتُم سَبْقاً بَعيداً؛ يروى بفتح السين وضمها على ما لم يسم فاعله، والأَول أولى لقوله بعده: وإن أخَذْتم يميناً وشمالاً فقد ضلَلْتم. وفي حديث الخوارج: سَبَقَ الفَرْثَ والدَّمَ أي مرَّ سريعاً في الرمِيّة وخرج منها لم يَعْلَقْ منها بشيء من فَرْثِها ودَمِها لسرعته؛ شبَّه خروجَهم من الدِّين ولم يَعْلَقوا بشيء منه به. وسَبَقَ على قومِه: علاهم كَرَماً. وسِبَاقا البازي: قيْداه، وفي المحكم: والسِّبَاقانِ قَيْدانِ في رِجْل الجارح من الطير من سير أو غيره. وسَبَّقْت الطَّير إذا جعلت السِّبَاقَيْنِ في رجليه.

سبك

سَبَك الذهبَ والفضة ونحوه من الذائب يسبُكهُ ويسبِكُه سَبْكاً وسَبَّكه: ذَوَبه وأفرغه في قالبٍ. والسَّبِيكَةُ:القِطْعة المُذوَّبة منه، وقد انسبَكَ. الليث: السَّبْكُ تَسْبِيكُ السَّبيكَةِ من الذهب والفضة يُذابُ ويُفْرَغُ في مَسْبَكة من حديد كأَنها شِقُّ قَصَبَة، والجمع السَّبائِكُ. وفي حديث ابن عمر: لو شِئْتُ لمَلأْتُ الرِّحابَ صَلائق وسبَائك أي ما سُبِكَ من الدّقيق ونُخِلَ فأُخذ خالصه يعني الحُوَّارى، وكانوا يسمون الرُّقاقَ السَّبائك.

سبكر

المُسْبَكِرُّ: المُسْتَرْسِلُ، وقيل: المُعْتَدِلُ، وقيل: المُنْتَصِب أَي التامُّ البارز. أَبو زياد الكلابي: المُسْبَكِرُّ الشابُّ المُعْتَدِلُ التامُّ؛ وأَنشد لامرئ القيس:

إِلَى مِثْلِها يَرْنُو الحَلِيمُ صَبابَةًإِذا ما اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَبِ

الجوهري: اسْبَكَرَّتِ الجاريةُ اسْتَقَامَتْ واعْتَدَلَتْ. وشبابٌ مُسْبَكِرٌّ: معتدل تامّ رَخْصٌ. واسْبَكَرَّ الشباب: طال ومضى على وجهه؛ عن اللحياني. واسْبَكَرَّ النبت: طال وتَمَّ؛ قال:

تُرْسِلُ وَحْفاً فاحِماً اسْبِكْرارْ

وشَعَرٌ مُسْبَكِرٌّ أَي مسترسل؛ قال ذو الرمة:

وأَسْوَدَ كالأَساوِدِ مُسْبَكِـرّاً،

 

على المَتْنَيْنِ، مُنْسَدِلاً جُفالا

وكلُّ شيء امتدّ وطالَ، فهو مُسْبَكِرٌّ، مثل الشعَر وغيره. واسْبَكَرَّ الرجل: اضْطَجَعَ وامتدّ مثْل اسْبَطَرّ؛ وأَنشد:

إِذا الهِدانُ حارَ واسْبَكَرَّا،

 

وكان كالْعِدْل يُجَرُّ جَرَّا

واسْبَكَرَّ النهَرُ: جَرَى. وقال اللحياني: اسْبَكَرَّتْ عينه دَمَعَتْ؛ قال ابن سيده: وهذا غير معروف في اللغة.

سبل

السَّبيلُ: الطريقُ وما وَضَحَ منه، يُذَكَّر ويؤنث. وسَبِيلُ الله: طريق الهُدى الذي دعا إِليه. وفي التنزيل العزيز: وإِن يَرَوْا سَبيلَ الرُّشْد لا يَتَّخِذوه سَبيلاً وإِنْ يَرَوْا سَبيل الغَيِّ يتَّخذوه سَبيلاً، فذُكِّر؛ وفيه: قل هذه سَبيلي أَدْعُو إِلى الله على بصيرةٍ، فأُنِّث. وقوله تعالى: وعلى الله قَصْدُ السَّبِيل ومنها جائرٌ؛ فسره ثعلب فقال: على الله أَن يَقْصِدَ السَّبيلَ للمسلمين، ومنها جائر أَي ومن الطُّرُق جائرٌ على غير السَّبيل، فينبغي أَن يكون السَّبيل هنا اسم الجنس لا سَبيلاً واحداً بعينه، لأَنه قد قال ومنها جائرٌ أَي ومنها سَبيلٌ جائر. وفي حديث سَمُرة: فإِذا الأَرضُ عند أَسْبُله أَي طُرُقه، وهو جمع قِلَّة للسَّبلِ إذا أُنِّثَتْ، وإِذا ذُكِّرَت فجمعها أَسْبِلة. وقوله عز وجل: وأَنْفِقُوا في سَبيل الله، أَي في الجهاد؛ وكُلُّ ما أَمَرَ الله به من الخير فهو من سَبيل الله أَي من الطُّرُق إِلى الله، واستعمل السَّبيل في الجهاد أَكثر لأَنه السَّبيل الذي يقاتَل فيه على عَقْد الدين، وقوله في سَبيل الله أُريد به الذي يريد الغَزْو ولا يجد ما يُبَلِّغُه مَغْزاه، فيُعْطى من سَهْمه، وكُلُّ سَبِيل أُريد به الله عز وجل وهو بِرٌّ فهو داخل في سَبيل الله، وإِذا حَبَّس الرَّجلُ عُقْدةً له وسَبَّل ثَمَرَها أَو غَلَّتها فإِنه يُسلَك بما سَبَّل سَبيلُ الخَيْر يُعْطى منه ابن السَّبيل والفقيرُ والمجاهدُ وغيرهم.
وسَبَّل ضَيْعته: جَعَلها في سَبيل الله. وفي حديث وَقْف عُمَر: احْبِسْ أَصلها وسَبِّل ثَمَرَتَها أَي اجعلها وقفاً وأَبِحْ ثمرتها لمن وقَفْتها عليه. وسَبَّلت الشيء إذا أَبَحْته كأَنك جعلت إِليه طَرِيقاً مَطْروقة. قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكر سَبيل الله وابن السَّبيل، والسَّبيل في الأَصل الطريق، والتأْنيث فيها أَغلب. قال: وسبيل الله عامٌّ يقع على كل عمل خالص سُلك به طريق التقرُّب إِلى الله تعالى بأَداء الفرائض والنوافل وأَنواع التطوُّعات، وإِذا لا يَتَّخِذوه سَبيلاً وإِنْ يَرَوْا سَبيل الغَيِّ يتَّخذوه سَبيلاً، فذُكِّر؛ وفيه: قل هذه سَبيلي أَدْعُو إِلى الله على بصيرةٍ، فأُنِّث. وقوله تعالى: وعلى الله قَصْدُ السَّبِيل ومنها جائرٌ؛ فسره ثعلب فقال: على الله أَن يَقْصِدَ السَّبيلَ للمسلمين، ومنها جائر أَي ومن الطُّرُق جائرٌ على غير السَّبيل، فينبغي أَن يكون السَّبيل هنا اسم الجنس لا سَبيلاً واحداً بعينه، لأَنه قد قال ومنها جائرٌ أَي ومنها سَبيل جائر. وفي حديث سَمُرة: فإِذا الأَرضُ عند أَسْبُله أَي طُرُقُه، وهو جمع قِلَّة للسَّبيلِ إذا أُنِّثَتْ، وإِذا ذُكِّرَت فجمعها أَسْبِلة. وقوله عز وجل: وأَنْفِقُوا في سَبيل الله، أَي في الجهاد؛ وكُلُّ ما ايمَرَ الله به من الخير فهو من سَبيل الله أَي من الطُّرُق إِلى الله، واستعمال السَّبيل في الجهاد أَكثر لأَنه السَّبيل الذي يقاتَل فيه على عَقْد الدين، وقوله في سَبيل الله أُريد به الذي يريد الغَزْو ولا يجد ما يُبَلِّغُه مَغْزاه، فيُعْطى من سَهْمه، وكُلُّ سَبيل أُريد به الله عز وجل وهو بِرٌّ فهو داخل في سَبيل الله، وإِذا حَبَّس الرَّجلُ عُقْدةً له وسَبَّل ثَمَرَها أَو غَلَّتها فإِنه يُسْلَك بما سَبَّل سَبيلُ الخَيْر يُعْطى منه ابن السَّبيل والفقيرُ والمجاهدُ وغيرهم.
وسَبَّل ضَيْعته: جَعَلها في سبيل الله. وفي حديث وَقْف عُمَر: احْبِسْ أَصلها وسَبِّل ثَمَرَتَها أَي اجعلها وقفاً وأَبِحْ ثمرتها لمن وقَفْتها عليه. وسَبصلت الشيء إذا أَبَحَتْه كأَنك جعلت إِليه طَريقاً مَطْروقة.
قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكر سَبيل الله وابن السَّبيل، والسَّبيل في الأَصل الطريق، والتأْنيث فيها أَغلب. قال: وسبيل الله عامٌّ يقع على كل عمل خالص سُلك به طريق التقرُّب إِلى الله تعالى بأَداء الفرائض والنوافل وأَنواع التطوُّعات، وإِذا أُطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد حتى صار لكثْرة الاستعمال كأَنه مقصور عليه، وأَما ابن السَّبيل فهو المسافر الكثير السفر، سُمِّي ابْناً لها لمُلازَمته إِياها. وفي الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً من حَوالَيْها لأَعْطان الإِبل والغنم، وابن السَّبيل أَوْلى شارب منها أَي عابِرُ السَّبيل المجتازُ بالبئر أَو الماء أَحَقُّ به من المقيم عليه، يُمَكَّن من الوِرْد والشرب ثم يَدَعه للمقيم عليه. وقوله عز وجل: والغارِمِين وفي سَبيل الله وابن السَّبيل؛ قال ابن سيده: ابنُ السَّبيل ابنُ الطريق، وتأْويله الذي قُطِع عليه الطريقُ، والجمع سُبُلٌ. وسَبيلٌ سابلةٌ: مَسْلوكة. والسابِلَة: أَبناء السَّبيل المختلفون على الطُّرُقات في حوائجهم، والجمع السوابل؛ قال ابن بري: ابن السبيل الغريب الذي أَتى به الطريقُ؛ قال الراعي:

على أَكْوارِهِنَّ بَنُو سَبِيلٍ

 

قَلِيلٌ نَوْمُهُم إِلاّ غِرَارا

وقال آخر:  

ومَنْسوب إِلى مَنْ لم يَلِـدْه

 

كذاك اللهُ نَزَّل في الكتاب

وأَسْبَلَتِ الطريقُ: كَثُرت سابِلَتُها. وابن السَّبِيل: المسافرُ الذي انْقُطِع به وهو يريد الرجوع إِلى بلده ولا يَجِد ما يَتَبَلَّغ به فَلَه في الصَّدَقات نصيب. وقال الشافعي: سَهْمُ سَبيل الله في آيةِ الصدقات يُعْطَى منه من أَراد الغَزْو من أَهل الصدقة، فقيراً كان أَو غنيّاً؛ قال: وابن السَّبيل عندي ابن السَّبيل من أَهل الصدقة الاذي يريد البلد غير بلده لأَمر يلزمه، قال: ويُعْطَى الغازي الحَمُولة والسِّلاح والنَّفقة والكِسْوة، ويُعْطَى ابنُ السَّبِيل قدرَ ما يُبَلِّغه البلدَ الذي يريده في نَفَقته وحَمُولته. وأَسْبَلَ ابزاره. أَرخاه. وامرأَة مُسْبِلٌ: أَسْبَلَتْ ذيلها. وأَسْبَلَ الفرسُ ذَنِبَه: أَرسله. التهذيب: والفرس يُسْبِل ذَنَبه والمرأَة تُسْبِل ذيلها. يقال: أَسْبَل فلان ثيابه إذا طوّلها وأَرسلها إِلى الأَرض. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ثلاثة لا يُكَلِّمهم اللهُ يوم القيامة ولا يَنْظُر إِليهم ولا يُزَكِّيهم، قال: قلت ومَنْ هم خابُوا وخَسِرُوا؟ فأَعادها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثلاث مرات: المُسْبِلُ والمَنّانُ والمُنَفِّقُ سِلْعته بالحَلِف الكاذب؛ قال ابن الأَعرابي وغيره: المُسْبِل الذي يُطَوِّل ثوبه ويُرْسِله إِلى الأَرض إذا مَشَى وإِنما يفعل ذلك كِبْراً واخْتِيالاً.
وفي حديث المرأَة والمَزَادَتَينِ: سابِلَةٌ رِجْلَيْها بَيْنَ مَزَادَتَينِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، والصواب في اللغة مُسْبِلة أَي مُدَلِّيَة رجليها، والرواية سادِلَةٌ أَي مُرْسِلة. وفي حديث أَبي هريرة: من جَرَّ سَبَلَه من الخُيَلاء لم يَنْظُر الله إِليه يوم القيامة؛ السَّبَل، بالتحريك: الثياب المُسْبَلة كالرَّسَل والنَّشَر في المُرْسَلة والمَنْشورة. وقيل: إِنها أَغلظ ما يكون من الثياب تُتَّخَذ من مُشاقة الكَتَّان؛ ومنه حديث الحسن: دخلت على الحَجّاج وعليه ثِيابٌ سَبَلةٌ؛ الفراء في قوله تعالى: فَضَلُّوا فلا يستطيعون سَبيلاً؛ قال: لا يستطيعون في أَمرك حِيلة. وقوله تعالى: لَيْسَ علينا في الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ؛ كان أَهل الكتاب إذا بايعهم المسلمون قال بعضهم لبعض: ليس للأُمِّيِّين يعني العرب حُرْمَة أَهل ديننا وأَموالُهم تَحِلُّ لنا. وقوله تعالي: يا ليتني اتَّخَذْتُ مع الرسول سَبيلاً؛ أَي سَبَباً ووُصْلة؛ وأَنشد أَبو عبيدة لجرير:

أَفَبَعْدَ مَقْتَلِكُم خَلِـيلَ مُـحَـمَّـدٍ

 

تَرْجُو القُيونُ مع الرَّسُول سَبِيلا؟

أَي سَبَباً ووُصْلَةً.
والسَّبَلُ، بالتحريك: المَطَر، وقيل: المَطَرُ المُسْبِلُ. وقد أَسْبَلَت السماءُ، وأَسْبَلَ دَمْعَه، وأَسْبَلَ المطرُ والدمعُ إذا هَطَلا، والاسم السَّبَل، بالتحريك. وفي حديث رُقَيْقَةَ: فَجادَ بالماء جَوْنيٌّ له سَبَل أَي مطَرٌ جَوْدٌ هاطِلٌ. وقال أَبو زيد: أَسْبَلت السماءُ إِسْبالاً، والاسم السَّبَلُ، وهو المطر بين السحاب والأَرض حين يَخْرج من السحاب ولم يَصِلْ إِلى الأَرض. وفي حديث الاستسقاء: اسْقِنا غَيْثاً سابِلاً أَي هاطِلاً غَزِيراً. وأَسْبَلَت السحابةُ إذا أَرْخَتْ عثانِينَها إِلى الأَرض. ابن الأَعرابي: السُّبْلَة المَطْرَة الواسعة، ومثل السَّبَل العَثانِينُ، واحدها عُثْنُون.
والسَّبُولةُ والسُّبولةُ والسُّنْبُلة: الزَّرْعة المائلة. والسَّبَلُ: كالسُّنْبُل، وقيل: السَّبَل ما انْبَسَطَ من شَعاع السُّنْبُل، والجمع سُبُول، وقد سَنْبَلَتْ وأَسْبَلَتْ. الليث: السَّبولة هي سُنْبُلة الذُّرَة والأَرُزِّ ونحوه إذا مالت. وقد أَسْبَل الزَّرْعُ إذا سَنْبَل.
والسَّبَل: أَطراف السُّنْبُل، وقيل السَّبَل السُّنْبُل، وقد سَنْبَل الزَّرْعُ أَي خرج سُنْبُلة. وفي حديث مسروق: لا تُسْلِمْ في قَراحٍ حتى يُسْبِل أَي حتى يُسَنْبِل. والسَّبَل: السُّنْبُل، والنون زائدة؛ وقول محمد بن هلال البكري:

وخَيْلٍ كأَسْراب القَطَا قد وزَعْتُها

 

لها سَبَلٌ فيه المَنِيَّةُ تَـلْـمَـعُ

يعني به الرُّمْح. وسَبَلَةُ الرَّجُل: الدائرةُ التي في وسَط الشفة العُلْيا، وقيل: السَّبَلة ما على الشارب من الشعر، وقيل طَرَفه، وقيل هي مُجْتَمَع الشاربَين، وقيل هو ما على الذَّقَن إِلى طَرَف اللحية، وقيل هو مُقَدَّم اللِّحية خاصة، وقيل: هي اللحية كلها بأَسْرها؛ عن ثعلب. وحكى اللحياني: إِنه لَذُو سَبَلاتٍ، وهو من الواحد الذي فُرِّق فجُعل كل جزء منه سَبَلة، ثم جُمِع على هذا كما قالوا للبعير ذو عَثَانِين كأَنهم جعلوا كل جزء منه عُثْنُوناً، والجمع سِبَال. التهذيب: والسَّبَلة ما على الشَّفَة العُلْيا من الشعر يجمع الشاربَين وما بينهما، والمرأَة إذا كان لها هناك شعر قيل امرأَة سَبْلاءُ. الليث: يقال سَبَلٌ سابِلٌ كما يقال شِعْرٌ شاعِرٌ، اشتقوا له اسماً فاعلاً. وفي الحديث: أَنه كان وافِرَ السَّبَلة؛ قال أَبو منصور: يعني الشعرات التي تحت اللَّحْي الأَسفل، والسَّبَلة عند العرب مُقَدَّم اللحية وما أَسْبَل منها على الصدر؛ يقال للرجل إذا كان كذلك: رجل أَسْبَلُ ومُسَبَّل إذا كان طويل اللحية، وقد سُبِّل تَسْبيلاً كأَنه أُعْطِيَ سَبَلة طويلة. ويقال: جاء فلان وقد نَشَر سَبَلِته إذا جاءَ يَتَوَعَّد؛ قال الشَّمَّاخ:

وجاءت سُلَيْمٌ قَضُّها بقَضِيضِها

 

تُنَشِّرُ حَوْلي بالبَقِيع سَبالَهـا

ويقال للأَعداء: هم صُهْبُ السِّبال؛ وقال:

فظِلالُ السيوف شَيَّبْـنَ رأْسـي

 

واعْتِناقي في القوم صُهْبَ السِّبال

وقال أَبو زيد: السَّبَلة ما ظهر من مُقَدَّم اللحية بعد العارضَيْن، والعُثْنُون ما بَطَن. الجوهري: السَّبَلة الشارب، والجمع السِّبال؛ قال ذو الرمة:

وتَأْبَى السِّبالُ الصُّهْبُ والآنُفُ الحُمْرُ

وفي حديث ذي الثُّدَيَّة: عليه شُعَيْراتٌ مثل سَبَالة السِّنَّوْر.
وسَبَلَةُ البعير: نَحْرُه. وقيل: السَّبَلة ما سال من وَبَره في مَنْحره.
التهذيب: والسَّبَلة المَنْحَرُ من البعير وهي التَّريبة وفيه ثُغْرة النَّحْر. يقال: وَجَأَ بشَفْرَته في سَبَلَتها أَي في مَنْحَرها. وإِنَّ بَعِيرَك لَحَسنُ السَّبَلة؛ يريدون رِقَّة جِلْده. قال الأَزهري: وقد سمعت أَعرابيّاً يقول لَتَمَ، بالتاء، في سَبَلة بعيره إذا نَحَرَه فَطَعَن في نحره كأَنها شَعَراتٌ تكون في المَنْحَر. ورجل سَبَلانيٌّ ومُسْبِلٌ ومُسْبَلٌ ومُسَبِّلٌ وأَسْبَلُ: طويل السَّبَلة. وعَيْن سَبْلاء: طويلة الهُدْب.
ورِيحُ السَّبَل: داءٌ يُصِيب في العين. الجوهري: السَّبَل داءٌ في العين شِبْه غِشاوة كأَنها نَسْج العنكبوت بعروق حُمْر.
ومَلأَ الكأْس إِلى أَسبالِها أَي حروفها كقولك إِلى أَصْبارِها. ومَلأَ الإِناءَ إِلى سَبَلته أَي إِلى رأْسه. وأَسْبالُ الدَّلْوِ: شِفاهُها؛ قال باعث بن صُرَيم اليَشْكُري:

إِذ أَرْسَلُوني مائحاً بدِلائِهِمْ

 

فَمَلأْتُها عَلَقاً إِلى أَسْبالِها

يقول: بَعَثُوني طالباً لتِراتِهم فأَكْثَرْت من القَتْل، والعَلَقُ الدَّمُ.
والمُسْبِل: الذَّكَرُ. وخُصْية سَبِلةٌ: طويلة. والمُسْبِل: الخامس من قِداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: هو السادس وهو المُصْفَح أَيضاً، وفيه ستة فروض، وله غُنْم ستة أَنْصِباء إِن فاز، وعليه غُرْم ستة أَنْصباء إِن لم يَفُزْ، وجمعه المَسابل.
وبنو سَبَالة قبيلة.
وإِسْبِيلٌ: موضع، قيل هو اسم بلد؛ قال خَلَف الأَحمر:

لا أَرضَ إِلاَّ إِسْبِيل

 

وكلُّ أَرْضٍ تَضْلِيل

وقال النمر بن تولب:

بإِسْبِيلَ أَلْقَـتْ بـه أُمُّـه

 

على رأْس ذي حُبُكٍ أَيْهَما

والسُّبَيْلة: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

قَبَحَ الإِلهُ، ولا أُقَبِّح مُسْلِماً

 

أَهْلَ السُّبَيْلة من بَني حِمَّانا

وسَبْلَلٌ: موضع؛ قال صَخْر الغَيِّ:

وما انْ صَوْتُ نائحةٍ بلَيْلٍ

 

بسَبْلَل لا تَنامُ مع الهُجود

جَعَله اسماً للبُقْعة فَتَرك صَرْفه. ومُسْبِلٌ: من أَسماء ذي الحِجَّة عاديَّة. وسَبَل: اسم فرس قديمة. الجوهري: سَبَل اسم فرس نجيب في العرب؛ قال الأَصمعي: هي أُمُّ أَعْوَج وكانت لِغَنيٍّ، وأَعْوَجُ لبني آكل المُرَار، ثم صار لبني هِلال بن عامر؛ وقال: هو الجَوَادُ ابن الجَوَادِ ابنِ سَبَل قال ابن بري: الشعر لجَهْم بن شِبْل؛ قال أَبو زياد الكلابي: وهو من بني كعب بن بكر وكان شاعراً لم يُسْمَع في الجاهلية والإِسلام من بني بكر أَشعرُ منه؛ قال: وقد أَدركته يُرْعَد رأْسه وهو يقول:

أَنا الجَوَادُ ابنُ الجَوَاد ابنِ سَبَل

 

إِن دَيَّمُوا جادَ، وإِنْ جادُوا وَبَل

قال ابن بري: فثبت بهذا أَن سَبَل اسم رجل وليس باسم فرس كما ذكر الجوهري.

سبن

السَّبَنِيَّةُ: ضرْبٌ من الثياب تتخذ من مُشاقة الكتان أَغلظ ما يكون، وقيل: منسوبة إلى موضع بناحية المغرب يقال له سَبَنٌ، ومنهم من يهمزها فيقول السَّبَنِيئة؛ قال ابن سيده: وبالجملة فإِني لا أَحْسبها عربية.
وأَسْبَنَ إذا دام على السَّبَنِيَّات، وهي ضرب من الثياب. وفي حديث أَبي بُرْدة في تفسير الثياب القَسِّيَّة قال: فلما رأَيتُ السَّبَنيَّ عرفت أَنها هي. ابن الأَعرابي: الأَسْبَانُ المَقانِعُ الرِّقاقُ.

سبنج

التهذيب في الرباعي: روي أَن الحسن بن علي، عليهما السلام، كانت له سَبَنْجُونَةٌ من جُلود الثعالب كان إذا صلى لم يلبسها؛ قال شمر: سأَلت محمد بن بشار عنها، فقال: فروة من ثعالب، قال: وسأَلت أَبا حاتم فقال: كان يذهب إِلى لون الخُضْرَة آسْمانْ جُونْ ونحوه.

سبه

السَّبَهُ: ذهاب العقل من الهَرَم. ورجل مَسْبُوه ومُسَبَّهٌ وسَباهٍ: مُدَلَّهٌ ذاهبُ العقل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

ومُنْتَخَـبٍ كـأَنَّ هـالَة أُمّـه

 

سَباهِي الفُؤادِ ما يَعيش بمعْقُولِ

هالَةُ هنا: الشمسُ. ومُنْتَخَبٌ: حَذِرٌ كأَنه لذَكاء قلبه فَزِعٌ، ويروى: كأَنَّ هالَة أُمُّهُ أَي هو رافع رأْسه صُعُداً كأَنه يطلب الشمس، فكأَنها أُمه. ورجل مَسْبُوهُ الفُؤاد: مثل مُدَلَّه العَقْلِ، وهو المُسَبَّهُ أَيضاً؛ قال رؤبة:

قالتْ أُبَيْلى لي ولم أُسَبَّهِ:

 

ما السِّنُّ إلا غَفْلَةُ المُدَلَّهِ

أُبَيْلى: اسم امرأَة. قال المفضل: السُّباهُ سكنة تأْخذ الإنسانَ يذهب منها عقلُه، وهو مَسْبُوهٌ. وقال كراع: السُّباهُ، بضم السين، الذاهبُ العقل، وهو أَيضاً الذي كأَنه مجنون من نَشاطه. قال ابن سيده: والظاهر من هذا أَنه غلط، إنما السُّباهُ ذهاب العقل أَو نشاط الذي كأَنه مجنون.
اللحياني: رجل مِسَبَّهُ العقل ومُسَمَّهُ العقل أَي ذاهب العقل. ورجل سَباهِيُّ العَقْل إذا كان ضعيف العقل. ورجل سَبِهٌ وسَباهٌ وسَباهٍ وسباهِيَةٌ: متكبر.

سبهل

جاء سَبَهْلَلاً أَي بلا شيء، وقيل بلا سلاح ولا عصا. أَبو الهيثم: يقال للفارغ النَّشيط الفَرِح سَبَهْلَلٌ. ابن سيده: وكلُّ فارغٍ سَبَهْلَلٌ؛ عن السيرافي؛ وأَنشد الكسائي:

إِذا الجار لم يَعْلَمْ مُجِيراً يُجِيرُه

 

فصار حَرِيباً في الديار سَبَهْلَلا

قَطَعْنا له من عَفْوَة المالِ عِيشةً

 

فأَثْرَى، فلا يَبْغي سِوانا مُحَوَّلا

وقال ابن الأَعرابي: جاء سَبَهْلَلاً أَي غير محمود المجيء. وأَنت في الضَّلال بنِ الأَلال بن السَّبَهْلَل؛ يعني الباطل؛ ويقال: هو الضَّلال بنُ السَّبَهْلَل أَي الباطل. ويقال: جاء سَبَهْلَلاً لا شيء معه. ويقال: جاء سَبَهْلَلاً يعني الباطل. ويقال: جاء فلان سَبَهْلَلاً أَي ضالاًّ لا يدري أَيْن يَتَوَجَّه. ويقال: جاء سَبَهْلَلاً وسَبَغْلَلاً أَي فارغاً، يقال للفارغ النَّشِيط الفَرِح. وفي الحديث: لا يَجِيئَنَّ أَحدكم يوم القيامة سَبَهْلَلاً؛ وفُسِّر فارغاً ليس معه من عمل الآخرة شيء. ورويى عن عمر أَنه قال: إِني لأَكره أَن أَرى أَحَدَكم سَبَهْلَلاً لا في عَمَل دُنْيا ولا في عَمَل آخرة؛ قال ابن الأَثير: التنكير في دنيا وآخرة يَرْجِع إِلى المضاف إِليهما، وهو العَمَل كأَنه قال لا في عمل من أَعمال الدنيا ولا في عمل من أعمال الآخرة. قال الأَصمعي وأَبو عمرو: جاء الرجلُ يمشي سَبَهْلَلاً إذا جاء وذهب في غير شيء. الأَزهري عن أَبي زيد: رأَيت فلاناً يمشي سَبَهْلَلاً وهو المُخْتال في مِشْيته. يقال: مَشَى فلان السِّبَهْلى كما تقول السَّبَطْرَى، والسِّبَطْرى: الانبساط في المشي، والسِّبَهْلى: التبختُر.

سبي

السَّبْيُ والسِّباءُ: الأَسْر معروف. سَبَى العدوَّ وغيرَه سَبْياً وسِباءً إذا أَسَرَه، فهو سَبِيٌّ، وكذلك الأُنثى بغير هاءٍ من نِسْوة سَبايا. الجوهري: السَّبِيَّة المرأَةُ تُسْبى. ابن الأَعرابي: سَبَى غير مهموز إذا مَلَك، وسَبَى إذا تمَتَّع بجاريته شَبابَها كلَّه، وسَبَى إذا استَخْفَى، واسْتَباهُ كَسَباه.
والسَّبْيُ: المَسْبِيُّ، والجمع سُبِيٌّ؛ قال:

وأَفَأْنا السُّبِيَّ من كلِّ حَيٍّ،

 

وأَقَمْنا كَراكِراً وكُروشَا

والسِّباءُ والسَّبْيُ: الإسم. وتَسابَى القومُ إذا سَبَى بعضهم يبعضاً.يقال: هؤُلاء سَبْيٌ كثير، وقد سَبَيْتهم سَبْياً وسِباءً، وقد تكرر في الحديث ذكر السَّبْيِ والسَّبِيَّة والسَّبايا، فالسَّبْيُ: النَّهْبُ وأَخْذُ الناسِ عَبيداً وإماءً، والسَّبِيَّة: المرأَة المَنْهوبة، فعيلة بمعنى مفعولة. والعرب تقول: إنَّ الليلَ لَطويلٌ ولا أُسْبَ له ولا أُسْبِيَ له؛ الأَخيرة عن اللحياني، قال: ومعناه الدُّعاءُ أَي أَنه كالسَّبيِ له، وجُزِمَ على مذهب الدعاء، وقال اللحياني: لا أُسْبَ له لا أَكونُ سَبْياً لبَلائِه. وسَبَى الخَمْرَ يَسْبِيها سَبْياً وسِباءً واسْتَباها: حَمَلَها من بلد إلى بلد وجاءَ بها من أَرض إلى أَرض، فهي سَبِيَّة؛ قال أَبو ذؤَيب:

فما إنْ رَحيقٌ سَبَتْها التِّجـا

 

رُ مِنْ أَذْرِعاتٍ فَوادِي جَدَرْ

وأَما إذا اشْتَرَيْتَها لتَشْربَها فتقولُ: سَبَأْت بالهمز، وقد تقدم في الهمز؛ وأَما قول أَبي ذُؤَيب:

فما الرَّاحُ الشَّامِ جاءَت سَبِيَّة

وما أَشبهه، فإن لم تهمز كان المعنى فيه الجَلْبَ، وإن همزت كان المعنى فيه الشِّراءَ. وسَبَيْت قلْبَه واسْتَبَيْته: فَتَنْته، والجاريةُ تَسْبي قَلْبَ الفَتى وتَسْتَبِيهِ، والمرأَةُ تَسْبي قلبَ الرجلِ. وفي نوادر الأَعراب: تَسَبَّى فلان لفلان ففَعل به كذا يعني التَّحَبُّبَ والاستِمالةِ، والسَّبْيُ يقع على النساء خاصَّة، إمَّا لأَنَّهنَّ يَسْبِينَ الأَفْئدَةَ، وإمَّا لأَنَّهنَّ يُسْبَيْنَ فيُمْلَكْنَ ولا يقال ذلك للرجال.
ويقال: سبَى طيبه إذا طابَ مِلْكُه وحَلَّ. وسَباه الله يَسْبِيه سَبْياً: لَعَنَه وغَرَّبَه وأَبْعَدَه الله كما تقول لعنه اللهُ. ويقال: ما لَه سباهُ الله أَي غَرَّبه، وسَباهُ إذا لعنه؛ ومنه قول امرئ القيس:

فقالت: سَبَاكَ اللهُ إنَّكَ فاضِحي،

أَي أَبْعَدَك وغَرَّبك؛ ومنه قول الآخر:

يَفُضُّ الطِّلْحَ والشِّرْيانَ هَضّاً،

 

وعُودَ النَّبْعِ مُجْتَلَبـاً سَـبِـيَّا

ومنه السَّبْيُ لأَنه يُغَرَّب عن وَطَنِه، والمعنى متَقارِب لأَن اللَّعْن إبْعاد. شمر: يقال سَلَّط اللهُ عَلَيكَ من يَسْبِيكَ ويكون أَخَذَكَ الله. وجَاءَ السيلُ بعُودٍ سَبِيٍّ إذا احْتَمَلَه من بلد إلى بلد، وقيل: جاء به من مكانٍ غريب فكأَنه غَرِيب؛ قال أَبو ذؤيب يصف يراعاً:

سَبِيٌّ من يَرَاعَتِهِ نَفَـاه

 

أَتِيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ

ابن الأَعرابي: السَّبَاءُ العُودُ الذي تَحْمِلُه من بلد إلى بلد، قال:ومنه السِّبَا، يُمَدُّ ويُقْصر.
والسَّابِياءُ: الماءُ الكثيرُ الذي يخرج على رَأْسِ الوَلَدِ لأَن الشيءَ قد يُسَمَّى بما يكون مِنه. والسَّابِياءُ: ترابٌ رَقِيقٌ يُخْرِجُه اليَرْبُوع من جُحْرِه، يُشَبَّه بِسابِياء الناقَةِ لرِقَّتِه؛ وقال أَبو العباس المبرد: هو من جِحَرَتِهِ قال ابن سيده: وقد رُدّ ذلك عليه. وفي الحديث: تسعة أعْشِرَاءِ البَرَكة في التجارة وعشرٌ في السَّابِياءِ، والجمع السَّوابي؛ يريد بالحديث النّتاجَ في المواشي وكثْرَتَها. يقال: إن لِبَنِي فلان سَابِياءَ أَي مَوَاشِيَ كثيرةً، وهي في الأَصل الجلدة التي يَخْرُجُ فيها الولد، وقيل: هي المَشِيمة. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قال لِظَبْيانَ ما مَالُكَ؟ قال: عَطائي أَلْفان، قال: اتّخِذْ من هَذا الحَرْث والسَّابِيَاءَ قبلَ أَن تَلِيَكِ غِلْمَةٌ من قُرَيْشٍ لا تَعُدُّ العَطاءَ معَهُم مالاً؛ يريد الزِّراعة والنِّتاجَ. وقال الأَصمعي والأَحمر:السابياءُ هو الماءُ الذي يَخْرُج على رأس الولَدِ إذا وُلِد، وقيل:السَّابِياءُ المَشِيمة التي تَخْرُج مَعَ الولد، وقال هُشَيم: مَعَنَى السابياء في الحديث النّتاج. قال أَبو عبيد: الأَصل في السَّابِياء ما قال الأَصمعي، والمعنى يرجع إلى ما قال هُشَيْم. قال أَبو منصور: إنه قيل للنّتاج السَّابِياءُ لِمَا يخرُج منَ الماء عند النّتاج على رَأْس المولود.وقال الليث: إذا كثر نَسلُ الغَنَم سُمِّيَت السابِياءَ فيقعُ اسمُ السابياءِ على المال الكثير والعدد الكثير؛ وأَنشد:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ بَنِي السَّـابِـياء،

 

إذا قارَعُوا نَهْنَهُوا الجُهَّلا؟

وبنو فلان تروح عليهم سابياءُ من مَالِهِم. وقال أَبو زيد: يقال إنّه لَذُو سابِياءَ، وهي الإبلُ وكثرة المال والرجال. وقال في تفسير هذا البيت:إنه وصفهم بكثرة العدد.
والسَّبِيُّ: جِلْد الحَيّة الذي تَسْلُخُه؛ قال كثير:

يُجَرِّدُ سِرْبالاً عَلَيه، كأَنَّـه

 

سَبِيُّ هِلالٍ لم تُفَتّق بنَائِقُهْ

وفي رواية: لم تُقَطَّعْ شَرانِقُهْ، وأَراد بالشَّرانِقِ ما انْسَلَخَ من جِلْدِهِ.والإسْبَة والإسْباءَةُ:الطَّرِيقَةُ من الدَّمِ. والأَسابيُّ: الطُّرق من الدَّمِ. وأَسَابيُّ الدماء:طَرائِقُها؛ وأَنشد ابن بري:

فقامَ يَجُرُّ من عَجَلٍ، إلَيْنا

 

أَسابِيَّ النُّعاسِ مع الإزارِ

وقال سَلامة بن جَنْدَل يذكر الخيل:

والعادِياتِ أَسابِيُّ الدِّماءِ بها،

 

كأَنَّ أَعْناقَها أنْصابُ تَرْجيبِ

وفي رواية: أَسابِيُّ الدِّياتِ؛ قوله: أَنصاب يحتمل أَن يريد به جَمعَ النُّصُب الذي كانوا يعبدونه ويُرَجِّبُونَ له العَتائِرَ، ويحتمل أَن يريد به ما نُصِبَ من العُود والنَّخْلة الرُّجَبِيَّة، وقيل: واحدتُها أسْبِيَّة. والإسْباءَة أَيضاً: خيطٌ من الشَّعر مُمْتَدٌّ.وأَسابِيُّ الطريق: شَوْكُه.
قال ابن بري: والسابِياءُ أَيضاً بيتُ اليَرْبُوع فيما ذكره أَبو العباس المبرّد، قال: وهو مستعار من السابِياءِ الذي يخرُج فيه المولود، وهو جُلَيْدَة رقيقة لأَن اليربوع لا يُنْفِذُه بل يُبْقِي منه هَنَةً لا تَنْفُذ، قال: وهذا مما غَلَّط الناسُ فيه قَدِيماً أَبا العباس وعَلِمُوا من أَينَ أُتِيَ فيه، وهو أَنَّ الفَرّاء ذكر بعدَ جِحَرَة اليَرْبوع السابِياءَ في كتاب المقصور والممدود فظَنَّ أَن الفراء جَعَل السابياءَ منها ولم يُرِدْ ذلك؛ قال: وأَيضاً فليس السابياء الذي يخرُج فيه المولود وإنما ذلك الغِرْس، وأَما السابِياءُ فَرِجْرِجَة فيها ماء ولو كان فيها المولودُ لَغَرَّقَه الماءُ.
وسَبَى الماءَ: حَفَر حتى أَدركه؛ قال رؤبة:

حتى اسْتفاضَ الماءُ يَسْبِيه السابْ

وسَبَأُ: حيٌّ من اليَمَن، يُجْعَل اسماً للحَيِّ فيُصرفُ، واسماً للقَبيلة فلا يُصْرف. وقالوا للمُتَفَرِّقينَ: ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَأَ وأَيادِي سَبَأَ أَي مُتَفَرِّقينَ، وهما اسمان جُعِلا اسماً واحداً مثل مَعدي كرب، وهو مصروف لأَنه لا يقع إلا حالاً، أَضَفْتَ أَو لم تُضِفْ؛ قال ابن بري: وشاهد الإضافة قول ذي الرمة:

فيا لَكِ من دارٍ تَحَمَّلَ أَهْـلُـهـا

 

أيادِي سَبَا بَعْدِي، وطالَ اجْتِنابُها،

قال: وقوله، وهو مصروف لأَنه لا يقع إلاّ حالاً أَضفت أَو لم تضف، كلام متناقض، لأَنه إذا لم تُضِفْه فهو مركّب، وإذا كان مُرَكباً لم ينَوّن وكان مبنياً عند سيبويه مثل شَغَرَ بَغَرَ وبَيْتَ بَيْتَ من الأَسماء المركبة المبنية مثل خَمْسةَ عَشَر، وليس بمَنْزِلَة مَعْدِي كَرِبَ لأَن هذا الصنف من المركب المُعْرَب، فإن جعلته مثلَ مَعْدِي كَرِبَ وحَضْرَمَوْت فهو مُعْرَب إلا أَنه غير مصروف للتركيب والتعريف، قال: وقوله أَيضاً في إيجاب صرفه إنه حال ليس بصحيح لأَن الاسْمَين جميعاً في موضع الحال، وليس كون الاسم المركب إذا جعل حالاً مما يُوجِبُ له الصَّرْفَ.
الأَزهري: والسَّبِيَّة اسمُ رَمْلَةٍ بالدَّهناء. والسَّبِيَّة: دُرَّة يُخْرِجُها الغَوَّاص من البحر؛ وقال مزاحم:

بَدَتْ حُسَّراً لم تَحْتَجِبْ، أَو سَبِـيَّة

 

من البحر، بَزَّ القُفْلَ عنها مُفِيدُها